سمير
06-10-2007, 11:24 AM
الحياة اللندنية
الرئيس العراقي يتحدث عن الحاضر وعلاقات المعارضة
السابقة بعواصم الجوار ومحطات في سيرته الشخصية (1) ...
طالباني: أسقط الأميركيون صدام وطالبونا بتشكيل حكومة ففشلنا
غسان شربل - الحياة
لم تغيّر الرئاسة أطباع جلال طالباني. لا يزال صديق الصحافة والصحافيين. لا مكان عنده للأ سئلة المحظورة. تسأله فيذهب بعيداً. يكشف أحياناً بعض ما يمكن أن يثير الغضب أو العتاب. لكن على الصحافي أن يتنبه إذ يحاوره. فهو لاعب بارع وقديم. خبير في حسن التخلص. يطالبك أحياناً بوقف آلة التسجيل ليروي لك نكتة من العيار الثقيل الذي يتعذر نشره.
يعرف جلال طالباني قصة الجغرافيا التي ألحقت بالأكراد ظلماً تتعذر مداواته. سلك طريق طهران وأقام فيها. وسلك طريق دمشق وأقام. هذا من دون أن ننسى بيروت والحقبة الفلسطينية في مسيرته. في العام 2001 ذهبت أحاور ورثة القائد الفلسطيني الدكتور وديع حداد. خاطف الطائرات الشهير. الرجل الذي أطلق كارلوس في العالم. وخلال تلك الحوارات ظهر اسم جلال طالباني ايضاً وهو ما سيؤكده في هذا الحوار.
كلما التقيت الرئيس العراقي الحالي أحاول التسلل إلى ذاكرته. وتقضي الأمانة الاعتراف بأنه لا يبخل بوقته على رغم كثرة انشغالاته والمصائب المتلاحقة التي تعصف ببلاده. سألته عما بقي لديه من طموحات غير استقرار العراق. قال إنه يحلم بالتقاعد لدى انتهاء ولايته الحالية للتفرغ لكتابة المذكرات. لا أعرف لماذا لا أتقبل ببساطة حديث الحكام في منطقتنا عن زهدهم بالموقع والأختام. قد أكون مخطئاً هذه المرة. فليسامحني الله.
ثمة سؤال كان يدور في ذهني وأنا أرى الجيش الأميركي يتخبط في المستنقع العراقي. هل حاولت واشنطن تشجيع العراقيين على تشكيل حكومة غداة إسقاط نظام صدام حسين أم أنها كانت تتطلع إلى إدارة أميركية مباشرة لعراق ما بعد صدام؟ وسيكشف الرئيس العراقي في رده على هذا السؤال ما يساعد على تفسير بعض الحاضر. لقد فشلت المعارضة في الاتفاق على حكومة وكانت الأسباب مذهبية.
لعب طالباني دوراً أساسياً في حض واشنطن وطهران على التحاور حول استقرار العراق. تعثرت محاولتان قام بهما ونجحت الثالثة التي كان شريكاً في الدفع باتجاهها. سألته عن احتمال قيام إدارة إيرانية للعراق أو بعضه. رد مؤكداً أن الشــيعة العراقيين لن يكونوا تابعــين لإيران ولافتاً إلى أن المــراجع الشيعية في العــراق تعارض «ــولاية الفقيه» وهي العامود الفقري للنظام القائم في طهران.
يوم كان نظام صدام قائماً كان طالباني يذهب إلى طهران ودمشق باحثاً عن الدعم السياسي والسلاح. سألته عن علاقته بآية الله الخميني والرئيس الراحل حافظ الأسد والعقيد معمر القذافي.
وهنا الحلقة الأولى:
} كان إسقاط صدام حسين حلماً يراود المعارضة، واليوم بعد هذه السنوات، هل تشعرون بالخيبة، وهل التغيير في العراق جاء أقل مما تشتهون؟
- لا، انا أشعر بالفرح، لأننا تخلصنا من أبشع ديكتاتورية في العالم، فالشعب العراقي كان يتعرض لحرب ابادة على يدي صدام حسين. والمقابر الجماعية التي تضم مئات الألوف من الأناس الأبرياء تشهد على ذلك. ثم إننا تخلصنا من الأجهزة القمعية لصدام حسين، مخابرات، وأمن، وأجهزة خاصة، كذلك تخلصنا من القوة العسكرية الصدامية التي لم تكن تحمل صفة الجيش العراقي في الحقيقة. والآن يمكننا ان نلاحظ ان الشعب العراقي اتيح له المجال، للمرة الأولى، لأن يتمتع بالحريات والحقوق الديموقراطية من خلال الانتخابات الحرة وانتخاب البرلمان وصحافة حرة وليكون لكل حزب حق اصدار صحيفة او اذاعة او تلفزيون. كما ان الاقتصاد تحرر من سيطرة الدولة وأصبح القطاع العام والخاص يعملان بشكل جيد. هنالك تطور كبير. في الحقيقة الجانب الوحيد المؤسف بعد التحرير هو الأمن. وجوانب الحياة الأخرى تشهد تقدماً هائلاً في العراق: الديموقراطية والحريات التي نتمتع بها الآن لا مثيل لها في المشرق ولا في العالم العربي، فأنت ترى مثلاً نائباً في البرلمان يتحدث ويطالب بالتغيير واسقاط النظام، ونائب آخر يطالب بتغيير الدستور، وآخر يطالب بتغيير الحكومة وهكذا. هذا النوع من الحرية لم يكن موجوداً أبداً، إذاً هناك آمال كثيرة تحققت للمعارضة العراقية، والشيء الوحيد الذي لم يتحقق هو الأمن والاستقرار. الثورات الكبيرة التي تؤدي الى انهيار النظام تعقبها حالات من الفوضى. لاحظ الثورة الايرانية كم سنة احتاجت حتى تحقق الأمن الداخلي الكامل في ايران. الى جانب ذلك نحن كما قلنا وقال الأميركيون ارتكبنا اخطاء. في الواقع لو تشكلت حكومة موقتة مباشرة بعد سقوط النظام، لكان الوضع تغير في العراق، ولو كان هناك مثلاً تعاون كامل بين قوى المعارضة التي تملك قوات شعبية وقوات التحالف لأمكن السيطرة على البلد ومنع «الفرهود» والسلب وآخره. طبعاً لم يتحقق حلم الأمن، ولكن الأحلام الاخرى كلها تحققت. و «فرهود» مصطلح عراقي، يعني ان كل واحد ينهب ما تصل اليه يده حتى الموظف في دائرته وهكذا.
} ما هي أبرز الأخطاء التي وقع فيها العراقيون، وتراها الآن من موقعك كرئيس جمهورية؟
- أكبر خطأ وقعنا فيه اننا تباطأنا في تشكيل الحكومة الموقتة. في بداية التحرير جاء غاي غارنر وخليل زاد الى كردستان وطلبا مني ومن الأخ الاستاذ مسعود بارزاني مرافقتهما الى بغداد لتشكيل حكومة عراقية موقتة، وذهبنا الى هناك. كانت المعارضة آنذاك مؤلفة من أطراف محدودة، هذه الأطراف لم تصدق الخبر. عقدنا لقاء مع غارنر وخليل زاد ومندوب من البنتاغون وقائد القوات البريطانية والأميركية. أمام الجميع كرر غارنر قوله: «أيها العراقيون شكلوا حكومة موقتة لتديروا البلد وأنتم المعارضة التي تعاملنا معها، تفضلوا وقوموا بتشكيل الحكومة من جانبكم».
} من كان حاضراً من المعارضة؟
- الطرفان الكرديان وأحمد الجلبي واياد علاوي والدكتور عادل عبدالمهدي من «المجلس الأعلى للثورة الاسلامية»، في العراق، ولست متأكدا من حضور الدكتور إبراهيم الجعفري، هذه هي الأسماء التي انا متأكد منها. كلنا استبشرنا خيراً. طلبوا شيئاً واحداً منا هو أن نوسع دائرة المعارضة حتى تشمل قوى أخرى غير موجودة، وكي تكون الصيغة شاملة. لم نستطع نحن المعارضة تشكيل هذه الحكومة ومر شهر من دون أن نتوصل الى نتيجة، ما دفع الأميركيين الى ان يسلكوا طريقاً آخر.
} هذا كلام مهم جداً؟
- نعم.
} يعني أن الاميركيين لم يفرضوا صيغة جاهزة كمجلس الحكم؟
- كان هذا قبل مجلس الحكم بفترة طويلة، يمكن أنه لم يكن قد مضى شهران على سقوط صدام عندما أتوا بهذا الموضوع. كان ذلك في البداية عندما كانت بغداد هادئة وكنا نسكن في فنادق آنذاك وليس في مناطق خاصة. وكان هناك طلب من غارنر ومن خليل زاد للمعارضة لتشكيل حكومة. غاي غارنر كان المسؤول الأول عن العراقيين. وقد استبدل لاحقاً ببول بريمر. وخليل زاد كان السفير المفوض لدى المعارضة من قبل الرئيس جورج بوش. اعتقد ان الفشل من جانب المعارضة في تشكيل هذه الحكومة الموقتة، من أهم أسباب ما حصل لاحقاً في العراق. وهذا سر لك. وبعد ذلك حدث ما يلي: تبدل غارنر وأتى بريمر وقد أتى وكأنه نائب الملك في الهند.
} لماذا عجزت قوى المعارضة وقتها عن تشكيل الحكومة؟ هل لعدم نضجها؟
- لأسباب عدة وكثيرة، أولاً لم يكن هناك اتفاق على توسيع المجلس، واعتقد أن اسم من يتولى الرئاسة كان السبب، فبعض القوى كان يفكر أن رئيس الوزراء يجب ان يكون شيعياً والمقترح الأميركي لم يكن كذلك.
} هل اقترح الأميركيون اسماً معيناً؟
- اقترحوا جلال طالباني. خليل زاد كان معنا في لندن في المعارضة، والمعارضة في لندن طلبت ان أرأس انا جميع جلسات المعارضة. غارنر قال لي انت تستطيع ان توفق وتكون قاسماً مشتركاً بين الجميع. غارنر لم يكن يعرفني ولكن عندما لاحظ خلال فترة أكثر من اسبوع، قال لي انت تصلح لتكون أول رئيس عراقي، رئيس وزراء أو رئيس جمهورية، كان لديهم هذا الانطباع، واقترحوا هذه الشيء علي. وانا قلت له اذا كانت القوى العراقية توافق انا مستعد. وكان هناك عدد من الاخوان يطمحون ان يكونوا هم من المؤتمر الوطني العراقي وأيضاً من الطرف الآخر والاخ اياد علاوي كان ممكناً والاسلاميون يطمحون إلى ايصال شيعي، فلم يتم الاتفاق على هذا الوضع، كما لم يتم الاتفاق على القوى التي يجب ان تنضم إلى هيئة المعارضة التي كانت موجودة آنذاك.
} للدقة والأمانة، هل بإمكاننا أن نقول إن الاميركيين كانوا مع تشكيل حكومة عراقية موقتة؟
- في بداية سقوط نظام صدام حسين. وعندما فشلت هذه المحاولة بدلوا غارنر وبدلوا خليل زاد ايضاً، ورجع الاثنان الى واشنطن، وأتى بدلاً عنهما بريمر.
} بريمر هو «نائب الملك»؟
- نعم. وأتى بريمر بمجموعة من العراقيين الاختصاصين وأغلبهم من ذوي الجنسيات الاميركية، ونصبهم على وزارات ليحكم عن طريق هؤلاء هذه الوزارات. هذه المحاولة فشلت ايضاً ولم يتم الحكم كما يجب. وطبعاً صدر قرار مجلس الأمن السيئ الصيت الذي حول الوضع في العراق من تحرير الى احتلال. هذا القرار نحن في المعارضة رفضناه كاملاً. اذكر ان الدكتور أحمد الجلبي قال للسفير البريطاني إن الـ «مس بل» التي كانت تحتل العراق في العشرينات كانت أحسن منكم، لأن «مس بل» قبل 70 سنة كانت تميل الى تشكيل حكومة عراقية وانتم بعد 70 سنة ترفضون تشكيل حكومة عراقية موقتة. فجرى نوع من الانقطاع بين المعارضة وبين سلطات الاحتلال التي اصبحت رسمياً تتمتع وفق القانون الدولي بسلطات الاحتلال، وبالتالي بسلطات الحكم والتصرف بكل شيء في العراق.
} كيف كان أسلوب بريمر؟
- أسلوب نائب الملك.
} يعني غير قابل للمفاوضة؟
- غير قابل للتغيير، يفاوض ولكن يمشي على رأيه، كيفما كان ويتمسك برأيه. بعد ذلك طرحت فكرة مجلس الحكم.
} من طرحها؟
- بريمر طرحها، لكن بشكل غير مناسب. نحن رفضنا ايضاً من يعين مجلس الحكم. كان بريمر يريد تعيين مجلس الحكم بالمناصفة بيننا وبينهم، أي بين قوى المعارضة وبينهم، ونحن رفضنا. وقلنا إما نحن نعين أو لا نشترك. جرت مناقشات وبالنتيجة قررنا نحن العشرين مندوباً ان نعطيه حق تعيين ثلاثة بموافقتنا، والثلاثة كانوا أشخاصاً جيدين مثلاً الدكتور عدنان الباجه جي الشخصية الوطنية العراقية المعروفة. نحن قلنا اننا نرحب بتعيينه ايضاً، فتم تشكيل مجلس الحكم. داخل مجلس الحكم شكلنا لجنة رئاسية. هذه اللجنة سأقول لك أسرارها، تشكلت من سبعة أطراف، لم يكن فيها لا حزب «الدعوة» ولا «الحزب الاسلامي» العراقي. أنا والاستاذ مسعود بارزاني أصررنا وقلنا يجب ان يكون حزب «الدعوة» موجوداً وكذلك «الحزب الاسلامي العراقي». اذا لم يكن الطرفان عضوين في هيئة مجلس الرئاسة، فنحن لن نشترك. قبلوا بوجهة نظرنا، وقبل حزب «الدعوة» و «الحزب الاسلامي».
} هذه هيئة رئاسة مجلس الحكم؟
- نعم، تكونت هيئة رئاسة المجلس بالتناوب. مجلس الحكم بدأ يمارس صلاحيات. في الحقيقة كثير من الصلاحيات أعطاها مجلس الأمن لمجلس الحكم، ونحن ايضاً مارسنا بمبادرات من عندنا. مثلاً انا ترأست وفداً وذهبت الى طهران والى تركيا لعقد اتفاقات وتفاهمات كثيرة، بينما كان علينا في ذاك الوقت تحديد ما يتعلق بالعلاقات الخارجية. جرت محادثات مطولة بيننا وبين سلطات الاحتلال حول استعادة السيادة وتم عقد اتفاق بيننا وبين بريمر لاستعادة السيادة في حزيران (يونيو) وكان هذا في بيته في بغداد. وتم الاتفاق ووقعناه على انه في نهاية حزيران استعادة السيادة وبعد ذلك اجراء انتخابات. وذهب القرار إلى مجلس الأمن والاقتراح انه خلال فترة تجري انتخابات بعدها بفترة يتم إعداد الدستور بعدها بفترة يجري انتخاب برلمان دائم ويأتي استفتاء وتأتي حكومة دائمة... الخ. كل هذه المراحل قطعناها، وقد تم حقيقة اجراء ثلاثة انتخابات في العراق، أول مرة انتخابات علنية حرة من دون قيد ولا شروط، فظهرت قوائم. في مرحلة الانتخابات الأولى كثير من الاخوة العرب السنّة قاطعوا الانتخابات و «هيئة علماء المسلمين» برئاسة الشيخ حارث الضاري دعت الى مقاطعة الانتخابات بحجة انه في ظل الاحتلال لا يمكن أن يشتركوا في الانتخابات، وان الانتخابات غير شرعية. ولكن جرت الانتخابات بحرية كاملة في الحقيقة في كل المناطق. والقوائم الثلاث التي برزت هي «قائمة الائتلاف العراقي الموحد» و «قائمة التحالف الكردستاني» و «القائمة العراقية». وبعد ذلك جرى انتخاب الحكومة وكذلك في مجلس الحكم ايضاً انتخبنا رئاسة الجمهورية. وأيضاً حصل خلاف بيننا وبين بريمر حول من يكون، نحن نريد الشيخ غازي الياور وهو كان يريد الدكتور عدنان الباجه جي، ولم نتفق. أصررنا نحن على الشيخ غازي. وشاعت في ذلك النكتة الكردية: انا كنت رئيس المجلس وكنت أصر على الشيخ غازي وهم يصرون على عدنان، نحن سنعلن باسم الأمم المتحدة الدكتور عدنان، وقلت لهم أنا سأعلن باسم العراق وباسم مجلس الحكم الشيخ غازي، فسألوني عن تبديل رأيي او كذا، فقلت لهم الكردي اذا قال لا فهو لا، وهذه الكلمة اصبحت مشهورة والشيخ غازي اصبح الرئيس في ما بعد.
} من كان يقول الرأي الآخر المضاد لرأيك؟
- بريمر، وأخونا الأخضر الابراهيمي ايضاً.
} ماذا فعل الإبراهيمي في العراق؟
- أولاً أريد ان اقول لك شيئاً، الأخضر صديقي وانا اعرفه منذ قديم الزمان ولذلك لا اريد ان اتكلم عنه. وكل ما استطيع ان اقوله عنه انه لم يقم بما كنا نتوقعه منه.
} من دون تفاصيل.
- نعم من دون تفاصيل.
} لنتحدث عن موضوع الدستور؟
- خلال وضع الدستور جرت نقاشات مطولة بين قوى خارج البرلمان، خصوصاً «الحزب الاسلامي». نحن الأطراف الممثلة في البرلمان، فاوضنا «الحزب الاسلامي العراقي» وغير «الحزب الاسلامي»، فاوضنا جماعة الدكتور عدنان الدليمي وجماعة صالح المطلك وخلف العليان من أجل الوصول الى نتائج مشتركة حول الدستور. لم نتوصل إلا إلى اتفاق مع «الحزب الاسلامي» والدكتور عدنان الدليمي على نقاط ان نصوّت على الدستور مع حق تعديل بعض المواد في ما بعد. طبعاً جرت بعض التعديلات على الدستور بناء على طلبي، لكن ليس كل التعديلات المطلوبة. أجلنا التعديلات الأخرى. «الحزب الاسلامي» أبدى شعوراً بالمسؤولية الوطنية الكبيرة في هذا الموقف، وكذلك الاخ الدكتور عدنان. وهؤلاء قالوا لي ان يكون لبلد دستور حتى لو كانت لدينا ملاحظات على هذا الدستور، أحسن من ان يكون هناك فراغ. وطرح الدستور للاستفتاء، وقلنا للذين يعارضون ارفضوا الدستور، لأن هناك مادة في طريقة الاستفتاء تقول إنه اذا رفضت ثلاث محافظات بأكثريتها الدستور، يعتبر معلقاً، يعني غير مقبول. لم تصوّت ثلاث محافظات ضده، فقبل. وبعد ذلك جرت انتخابات في هذه المرة العرب السنّة شاركوا بنشاط وحصلوا على 54 مقعداً.
بعد ذلك بدأت المناقشات بين الأطراف حول تشكيل الحكومة وحول طريقة الحكم وحول المساهمة، وتوترت العلاقة بين كتلة «التوافق» العراقية التي تمثل السنّة وبين «الائتلاف» العراقي الى درجة القطيعة. اتذكر ان الدكتور حسين الشهرستاني كان مخولاً من قبل الائتلاف للتفاوض مع التوافق كان يقول: «يا اخوان تعالوا واقعدوا معنا»، ويقولون: «لا، لا نقعد معكم إلا بشروط»، وانقطعت الصلة. وطبعاً قمت بدور ودعوتهم الى غداء في منزلي. على مائدة الغداء قلت يا اخوان ليكن هناك لقاء آخر سياسي وتم عقد لقاءات متواصلة في منزلي بشكل يومي تقريباً وتوصلنا بعد نقاشات طويلة الى مبدأي التوافق والمشاركة الحقيقية في الحكم، بحيث ان الحكم لا يجري كما يجري في أي بلد برلماني أي أن الأكثرية هي التي تقرر وهي التي تحكم إنما يجب ان يكون هناك في العراق حكم قائم على مبدأي التوافق والمشاركة الحقيقية في الحكم. توصلنا معاً الى برنامج سياسي للحكومة المقبلة والى اتفاق آخر بتشكيل لجنة هي الهيئة السياسية للمجلس السياسي للأمن الوطني، بحيث ان هذا المجلس يكون برئاسة رئيس الجمهورية والرئاسات الثلاث تجتمع به مع رؤساء الكتل البرلمانية بحيث يضم هذا المجلس كل القيادات العراقية، وهو الذي يشرف على الحكم، وهذا نوع من المشاركة والتوافق... الخ. وعلى أساسه تم اختيار رئيس المجلس النيابي من العرب السنّة ورئيس الوزراء من العرب الشيعة ورئيس الجمهورية من الاتحاد الكردستاني. في الحقيقة هناك فهم خاطئ في العالم، أنا أريد ان أصححه، هذه ليست مقررات الدستور ان يكون رئيس البرلمان عربياً سنياً ورئيس الجمهورية كردياً ورئيس الحكومة شيعياً، هذه عملية نتيجة التوافق والتفاهمات وجرت في ظروف غير طبيعية حتى يستقر الوضع في العراق وحتى يكون هناك هدوء وانذاك حسب القانون الذي يجري، قد يكون رئيس المجلس شيعياً.
} لا يوجد نص في الدستور على ذلك؟
- لا، ولا يوجد اتفاق ايضاً على ذلك، مثلاً في لبنان هناك اتفاق جنتلمان. نحن فقط في هذه المرحلة، حتى فيها النظرية تقول رئيس الجمهورية ينتخب بالأكثرية، ورئيس الوزراء ينتخب من الكتلة الأكثر عدداً مثلاً بعد أن تعطلت تشكيلة الحكومة، نحن هددنا بأننا نحن «الاتحاد الكردستاني» و «التوافق العراقي» و «الكتـــلة العـــراقية» سنـــشكل كتلة في البرلمان تضمن لنا الأكثرية وتعطينا حق اختيار رئيس الـــوزراء، بمعنى انه لا يوجد نص ولا هناك اتفاق جـــنتلمان ان يكون حتماً رئيس الجمهورية كردياً ورئيس الوزراء عربياً شيعياً ورئيــس البــرلمان عربياً سنياً هذا غير موجود. هذا يكون بالأكثرية في البرلمان، الغالبية ربما ترشح سنياً أو كردياً لرئاسة الوزراء.
تشكلت الحكومة بالتركيبة الحالية وبدأ التنفيذ، وأنا اقر ان مبدأ التوافق ومبدأ المشاركة الحقيقية لم يطبقا تماماً. نحن الآن بصدد ايجاد آلية تضمن تحقيق هذين المبدأين في الحكومة الحاضرة، وبذلنا جهود كثيرة حقيقية في ما وصلنا اليه، والسفير خليل زاد ساعدنا في ازالة العقبات وتسهيل الأمور وتحقيق ما تم تحقيقه في العراق وللتاريخ علي ان اقول هذه الحقيقة.
} هل كانت هناك عشية الحرب اتصالات أميركية - ايرانية كما حدث في افغانستان؟ في ايران قالوا لي صراحة انهم ساعدوا اميركا على إسقاط طالبان، ماذا عن العراق؟
- صحيح. أنا أعتقد ان الايرانيين ساعدوا على اسقاط صدام. الايرانيون كانوا يرحبون ويؤيدون اسقاط صدام على ايدي القوات الاميركية، أما إذا كانت هناك علاقات سرية واتفاقات وتنسيق بينهم أنا لا أعرف بذلك، ولكن أعرف من طبيعة علاقتنا مع ايران واتصالاتنا ان الايرانيين كانوا يفضلون ويرحبون بإسقاط صدام على أيدي قوات التحالف. وكانت عندهم قناعة وثبت انها قناعة صحيحة ان أميركا ستجري انتخابات والحكومة ستكون بأيدي الأكثرية في العراق ولذلك رحبوا بهم.
} هناك انطباع ان الايرانيين أظهروا انهم أكثر ذكاء من الأميركيين بكثير بسبب هذه النقطة، أي أن الأميركيين جاؤوا لإزالة نظام عدو لإيران والأكثرية في العراق أقرب الى ايران، هل لديك شعور الآن ان ايران أصبحت المستفيد الكبير مثلاً؟
- اعتقد ان الشعب العراقي هو المستفيد الكبير، وايران ايضاً مستفيدة، وايران لعبت لعبة ذكية. ايران لم تستطع اسقاط صدام حسين ولا زحزحته قيد شعرة من الحكم. نحن لم نستطع اسقاط صدام حسين والمعارضة العراقية لم تتمكن. الله أرسل لنا جورج بوش لإسقاط صدام حسين وترك العراق لمن يحكمه عن طريق الانتخابات. نحن عندنا أحد رجال الدين الكبار في كردستان العراق يقول استناداً الى الآية التي تقول «قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا». ان الله أدخل في قلب بوش ان يذهب لتحرير العراق من الديكتاتورية، فذهب محققاً هذه الإرادة. هذا ايضاً موجود عندنا. الايرانيون في افغانستان استفادوا وفي العراق استفادوا لأن نظام طالبان كان ضدهم والنظام العراقي كان ضدهم.
} يمكن الحديث عن دور عراقي في تشجيع أميركا على الحرب، وان المعارضة العراقية لعبت دوراً. هل المعارضة العراقية كانت مؤثرة في القرار الاميركي؟
- لا، بالعكس نحن كان لدينا خلاف مع القرار الاميركي. نحن عندما ذهبنا الى واشنطن اقترحنا ان نقوم نحن باسقاط نظام صدام حسين، هذا قبل السقوط بأشهر. كان اقتراحنا ان نقوم نحن قوات البيشمركة وقوات المجاهدين قوات بدر بالاتفاق مع المعارضة داخل الجيش العراقي بإسقاط النظام العراقي مع مساعدة أميركية في الجو أو في منع استخدام اسلحة الدمار الشامل ضدنا، ولكنهم لم يوافقوا على هذا الرأي.
} هذا بحث في واشنطن؟
- نعم في واشنطن، ثم كان عندنا رأي آخر ان نشترك معهم في فرض الأمن والاستقرار عندما يأتون الى العراق، لم يوافقوا بصورة عامة إلا في كردستان. وافقوا عندما رفضت تركيا السماح بمرور القوات الأميركية، ونحن رحبنا بهم. أنزلوا بعض القطعات المجوقلة وكانت قليلة غير كافية. قوات البيشمركة هي التي حررت مدينتي كركوك والموصل لكن تسلمها الأميركيون فوراً كي تكون تحت سيطرتهم.
} البيشمركة إذاً هي التي حررت كركوك والموصل؟
- نعم، ولكن سلمتا فوراً الى القوات الأميركية. هكذا كانت الآراء متباينة في البداية، ولكن عندما حدث ما حدث كان رأينا انه يجب ان نستفيد من الوضع الجديد وانه أثناء القتال بين قوات التحالف وقوات صدام نحن ايضاً تقدمنا، قوات بدر وقوات المجاهدين في الجنوب ونحن في الوسط وشمال العراق، تقدمنا لاحتلال أماكن والاستيلاء على اسلحة ودبابات ووسائل كثيرة.
} قبل الحرب هل جرى البحث في مصير صدام حسين؟
- لا، لم يتم البحث، نحن لم نبحث بمصير صدام حسين كقيادة وعراق. ولكن أنا سأقول لك، باستثنائي أنا لأنني لا أؤمن بالإعدامات كان الآخرون يرحبون ويطالبون بإعدام صدام حسين وحتى الناس. أنا مرة سئلت من قبل صحافي صديق وأجبت أنا لا أؤيد حكم الاعدام، فقامت القيامة علي في كردستان وسألوني كيف لا تؤيد حكم الاعدام، صدام عمل حلبجة وإبادة وقتل. أنا أريد أن أقول لك شيئاً بالحقيقة، في اليوم الذي اعتقل فيه صدام حسين كان هناك عيد في الشمال والجنوب، ربما في الوسط السني لم تكن الحماسة شديدة، لكن في الوسط الشيعي والكردي والتركماني كان الجو أشبه بالعيد.
الرئيس العراقي يتحدث عن الحاضر وعلاقات المعارضة
السابقة بعواصم الجوار ومحطات في سيرته الشخصية (1) ...
طالباني: أسقط الأميركيون صدام وطالبونا بتشكيل حكومة ففشلنا
غسان شربل - الحياة
لم تغيّر الرئاسة أطباع جلال طالباني. لا يزال صديق الصحافة والصحافيين. لا مكان عنده للأ سئلة المحظورة. تسأله فيذهب بعيداً. يكشف أحياناً بعض ما يمكن أن يثير الغضب أو العتاب. لكن على الصحافي أن يتنبه إذ يحاوره. فهو لاعب بارع وقديم. خبير في حسن التخلص. يطالبك أحياناً بوقف آلة التسجيل ليروي لك نكتة من العيار الثقيل الذي يتعذر نشره.
يعرف جلال طالباني قصة الجغرافيا التي ألحقت بالأكراد ظلماً تتعذر مداواته. سلك طريق طهران وأقام فيها. وسلك طريق دمشق وأقام. هذا من دون أن ننسى بيروت والحقبة الفلسطينية في مسيرته. في العام 2001 ذهبت أحاور ورثة القائد الفلسطيني الدكتور وديع حداد. خاطف الطائرات الشهير. الرجل الذي أطلق كارلوس في العالم. وخلال تلك الحوارات ظهر اسم جلال طالباني ايضاً وهو ما سيؤكده في هذا الحوار.
كلما التقيت الرئيس العراقي الحالي أحاول التسلل إلى ذاكرته. وتقضي الأمانة الاعتراف بأنه لا يبخل بوقته على رغم كثرة انشغالاته والمصائب المتلاحقة التي تعصف ببلاده. سألته عما بقي لديه من طموحات غير استقرار العراق. قال إنه يحلم بالتقاعد لدى انتهاء ولايته الحالية للتفرغ لكتابة المذكرات. لا أعرف لماذا لا أتقبل ببساطة حديث الحكام في منطقتنا عن زهدهم بالموقع والأختام. قد أكون مخطئاً هذه المرة. فليسامحني الله.
ثمة سؤال كان يدور في ذهني وأنا أرى الجيش الأميركي يتخبط في المستنقع العراقي. هل حاولت واشنطن تشجيع العراقيين على تشكيل حكومة غداة إسقاط نظام صدام حسين أم أنها كانت تتطلع إلى إدارة أميركية مباشرة لعراق ما بعد صدام؟ وسيكشف الرئيس العراقي في رده على هذا السؤال ما يساعد على تفسير بعض الحاضر. لقد فشلت المعارضة في الاتفاق على حكومة وكانت الأسباب مذهبية.
لعب طالباني دوراً أساسياً في حض واشنطن وطهران على التحاور حول استقرار العراق. تعثرت محاولتان قام بهما ونجحت الثالثة التي كان شريكاً في الدفع باتجاهها. سألته عن احتمال قيام إدارة إيرانية للعراق أو بعضه. رد مؤكداً أن الشــيعة العراقيين لن يكونوا تابعــين لإيران ولافتاً إلى أن المــراجع الشيعية في العــراق تعارض «ــولاية الفقيه» وهي العامود الفقري للنظام القائم في طهران.
يوم كان نظام صدام قائماً كان طالباني يذهب إلى طهران ودمشق باحثاً عن الدعم السياسي والسلاح. سألته عن علاقته بآية الله الخميني والرئيس الراحل حافظ الأسد والعقيد معمر القذافي.
وهنا الحلقة الأولى:
} كان إسقاط صدام حسين حلماً يراود المعارضة، واليوم بعد هذه السنوات، هل تشعرون بالخيبة، وهل التغيير في العراق جاء أقل مما تشتهون؟
- لا، انا أشعر بالفرح، لأننا تخلصنا من أبشع ديكتاتورية في العالم، فالشعب العراقي كان يتعرض لحرب ابادة على يدي صدام حسين. والمقابر الجماعية التي تضم مئات الألوف من الأناس الأبرياء تشهد على ذلك. ثم إننا تخلصنا من الأجهزة القمعية لصدام حسين، مخابرات، وأمن، وأجهزة خاصة، كذلك تخلصنا من القوة العسكرية الصدامية التي لم تكن تحمل صفة الجيش العراقي في الحقيقة. والآن يمكننا ان نلاحظ ان الشعب العراقي اتيح له المجال، للمرة الأولى، لأن يتمتع بالحريات والحقوق الديموقراطية من خلال الانتخابات الحرة وانتخاب البرلمان وصحافة حرة وليكون لكل حزب حق اصدار صحيفة او اذاعة او تلفزيون. كما ان الاقتصاد تحرر من سيطرة الدولة وأصبح القطاع العام والخاص يعملان بشكل جيد. هنالك تطور كبير. في الحقيقة الجانب الوحيد المؤسف بعد التحرير هو الأمن. وجوانب الحياة الأخرى تشهد تقدماً هائلاً في العراق: الديموقراطية والحريات التي نتمتع بها الآن لا مثيل لها في المشرق ولا في العالم العربي، فأنت ترى مثلاً نائباً في البرلمان يتحدث ويطالب بالتغيير واسقاط النظام، ونائب آخر يطالب بتغيير الدستور، وآخر يطالب بتغيير الحكومة وهكذا. هذا النوع من الحرية لم يكن موجوداً أبداً، إذاً هناك آمال كثيرة تحققت للمعارضة العراقية، والشيء الوحيد الذي لم يتحقق هو الأمن والاستقرار. الثورات الكبيرة التي تؤدي الى انهيار النظام تعقبها حالات من الفوضى. لاحظ الثورة الايرانية كم سنة احتاجت حتى تحقق الأمن الداخلي الكامل في ايران. الى جانب ذلك نحن كما قلنا وقال الأميركيون ارتكبنا اخطاء. في الواقع لو تشكلت حكومة موقتة مباشرة بعد سقوط النظام، لكان الوضع تغير في العراق، ولو كان هناك مثلاً تعاون كامل بين قوى المعارضة التي تملك قوات شعبية وقوات التحالف لأمكن السيطرة على البلد ومنع «الفرهود» والسلب وآخره. طبعاً لم يتحقق حلم الأمن، ولكن الأحلام الاخرى كلها تحققت. و «فرهود» مصطلح عراقي، يعني ان كل واحد ينهب ما تصل اليه يده حتى الموظف في دائرته وهكذا.
} ما هي أبرز الأخطاء التي وقع فيها العراقيون، وتراها الآن من موقعك كرئيس جمهورية؟
- أكبر خطأ وقعنا فيه اننا تباطأنا في تشكيل الحكومة الموقتة. في بداية التحرير جاء غاي غارنر وخليل زاد الى كردستان وطلبا مني ومن الأخ الاستاذ مسعود بارزاني مرافقتهما الى بغداد لتشكيل حكومة عراقية موقتة، وذهبنا الى هناك. كانت المعارضة آنذاك مؤلفة من أطراف محدودة، هذه الأطراف لم تصدق الخبر. عقدنا لقاء مع غارنر وخليل زاد ومندوب من البنتاغون وقائد القوات البريطانية والأميركية. أمام الجميع كرر غارنر قوله: «أيها العراقيون شكلوا حكومة موقتة لتديروا البلد وأنتم المعارضة التي تعاملنا معها، تفضلوا وقوموا بتشكيل الحكومة من جانبكم».
} من كان حاضراً من المعارضة؟
- الطرفان الكرديان وأحمد الجلبي واياد علاوي والدكتور عادل عبدالمهدي من «المجلس الأعلى للثورة الاسلامية»، في العراق، ولست متأكدا من حضور الدكتور إبراهيم الجعفري، هذه هي الأسماء التي انا متأكد منها. كلنا استبشرنا خيراً. طلبوا شيئاً واحداً منا هو أن نوسع دائرة المعارضة حتى تشمل قوى أخرى غير موجودة، وكي تكون الصيغة شاملة. لم نستطع نحن المعارضة تشكيل هذه الحكومة ومر شهر من دون أن نتوصل الى نتيجة، ما دفع الأميركيين الى ان يسلكوا طريقاً آخر.
} هذا كلام مهم جداً؟
- نعم.
} يعني أن الاميركيين لم يفرضوا صيغة جاهزة كمجلس الحكم؟
- كان هذا قبل مجلس الحكم بفترة طويلة، يمكن أنه لم يكن قد مضى شهران على سقوط صدام عندما أتوا بهذا الموضوع. كان ذلك في البداية عندما كانت بغداد هادئة وكنا نسكن في فنادق آنذاك وليس في مناطق خاصة. وكان هناك طلب من غارنر ومن خليل زاد للمعارضة لتشكيل حكومة. غاي غارنر كان المسؤول الأول عن العراقيين. وقد استبدل لاحقاً ببول بريمر. وخليل زاد كان السفير المفوض لدى المعارضة من قبل الرئيس جورج بوش. اعتقد ان الفشل من جانب المعارضة في تشكيل هذه الحكومة الموقتة، من أهم أسباب ما حصل لاحقاً في العراق. وهذا سر لك. وبعد ذلك حدث ما يلي: تبدل غارنر وأتى بريمر وقد أتى وكأنه نائب الملك في الهند.
} لماذا عجزت قوى المعارضة وقتها عن تشكيل الحكومة؟ هل لعدم نضجها؟
- لأسباب عدة وكثيرة، أولاً لم يكن هناك اتفاق على توسيع المجلس، واعتقد أن اسم من يتولى الرئاسة كان السبب، فبعض القوى كان يفكر أن رئيس الوزراء يجب ان يكون شيعياً والمقترح الأميركي لم يكن كذلك.
} هل اقترح الأميركيون اسماً معيناً؟
- اقترحوا جلال طالباني. خليل زاد كان معنا في لندن في المعارضة، والمعارضة في لندن طلبت ان أرأس انا جميع جلسات المعارضة. غارنر قال لي انت تستطيع ان توفق وتكون قاسماً مشتركاً بين الجميع. غارنر لم يكن يعرفني ولكن عندما لاحظ خلال فترة أكثر من اسبوع، قال لي انت تصلح لتكون أول رئيس عراقي، رئيس وزراء أو رئيس جمهورية، كان لديهم هذا الانطباع، واقترحوا هذه الشيء علي. وانا قلت له اذا كانت القوى العراقية توافق انا مستعد. وكان هناك عدد من الاخوان يطمحون ان يكونوا هم من المؤتمر الوطني العراقي وأيضاً من الطرف الآخر والاخ اياد علاوي كان ممكناً والاسلاميون يطمحون إلى ايصال شيعي، فلم يتم الاتفاق على هذا الوضع، كما لم يتم الاتفاق على القوى التي يجب ان تنضم إلى هيئة المعارضة التي كانت موجودة آنذاك.
} للدقة والأمانة، هل بإمكاننا أن نقول إن الاميركيين كانوا مع تشكيل حكومة عراقية موقتة؟
- في بداية سقوط نظام صدام حسين. وعندما فشلت هذه المحاولة بدلوا غارنر وبدلوا خليل زاد ايضاً، ورجع الاثنان الى واشنطن، وأتى بدلاً عنهما بريمر.
} بريمر هو «نائب الملك»؟
- نعم. وأتى بريمر بمجموعة من العراقيين الاختصاصين وأغلبهم من ذوي الجنسيات الاميركية، ونصبهم على وزارات ليحكم عن طريق هؤلاء هذه الوزارات. هذه المحاولة فشلت ايضاً ولم يتم الحكم كما يجب. وطبعاً صدر قرار مجلس الأمن السيئ الصيت الذي حول الوضع في العراق من تحرير الى احتلال. هذا القرار نحن في المعارضة رفضناه كاملاً. اذكر ان الدكتور أحمد الجلبي قال للسفير البريطاني إن الـ «مس بل» التي كانت تحتل العراق في العشرينات كانت أحسن منكم، لأن «مس بل» قبل 70 سنة كانت تميل الى تشكيل حكومة عراقية وانتم بعد 70 سنة ترفضون تشكيل حكومة عراقية موقتة. فجرى نوع من الانقطاع بين المعارضة وبين سلطات الاحتلال التي اصبحت رسمياً تتمتع وفق القانون الدولي بسلطات الاحتلال، وبالتالي بسلطات الحكم والتصرف بكل شيء في العراق.
} كيف كان أسلوب بريمر؟
- أسلوب نائب الملك.
} يعني غير قابل للمفاوضة؟
- غير قابل للتغيير، يفاوض ولكن يمشي على رأيه، كيفما كان ويتمسك برأيه. بعد ذلك طرحت فكرة مجلس الحكم.
} من طرحها؟
- بريمر طرحها، لكن بشكل غير مناسب. نحن رفضنا ايضاً من يعين مجلس الحكم. كان بريمر يريد تعيين مجلس الحكم بالمناصفة بيننا وبينهم، أي بين قوى المعارضة وبينهم، ونحن رفضنا. وقلنا إما نحن نعين أو لا نشترك. جرت مناقشات وبالنتيجة قررنا نحن العشرين مندوباً ان نعطيه حق تعيين ثلاثة بموافقتنا، والثلاثة كانوا أشخاصاً جيدين مثلاً الدكتور عدنان الباجه جي الشخصية الوطنية العراقية المعروفة. نحن قلنا اننا نرحب بتعيينه ايضاً، فتم تشكيل مجلس الحكم. داخل مجلس الحكم شكلنا لجنة رئاسية. هذه اللجنة سأقول لك أسرارها، تشكلت من سبعة أطراف، لم يكن فيها لا حزب «الدعوة» ولا «الحزب الاسلامي» العراقي. أنا والاستاذ مسعود بارزاني أصررنا وقلنا يجب ان يكون حزب «الدعوة» موجوداً وكذلك «الحزب الاسلامي العراقي». اذا لم يكن الطرفان عضوين في هيئة مجلس الرئاسة، فنحن لن نشترك. قبلوا بوجهة نظرنا، وقبل حزب «الدعوة» و «الحزب الاسلامي».
} هذه هيئة رئاسة مجلس الحكم؟
- نعم، تكونت هيئة رئاسة المجلس بالتناوب. مجلس الحكم بدأ يمارس صلاحيات. في الحقيقة كثير من الصلاحيات أعطاها مجلس الأمن لمجلس الحكم، ونحن ايضاً مارسنا بمبادرات من عندنا. مثلاً انا ترأست وفداً وذهبت الى طهران والى تركيا لعقد اتفاقات وتفاهمات كثيرة، بينما كان علينا في ذاك الوقت تحديد ما يتعلق بالعلاقات الخارجية. جرت محادثات مطولة بيننا وبين سلطات الاحتلال حول استعادة السيادة وتم عقد اتفاق بيننا وبين بريمر لاستعادة السيادة في حزيران (يونيو) وكان هذا في بيته في بغداد. وتم الاتفاق ووقعناه على انه في نهاية حزيران استعادة السيادة وبعد ذلك اجراء انتخابات. وذهب القرار إلى مجلس الأمن والاقتراح انه خلال فترة تجري انتخابات بعدها بفترة يتم إعداد الدستور بعدها بفترة يجري انتخاب برلمان دائم ويأتي استفتاء وتأتي حكومة دائمة... الخ. كل هذه المراحل قطعناها، وقد تم حقيقة اجراء ثلاثة انتخابات في العراق، أول مرة انتخابات علنية حرة من دون قيد ولا شروط، فظهرت قوائم. في مرحلة الانتخابات الأولى كثير من الاخوة العرب السنّة قاطعوا الانتخابات و «هيئة علماء المسلمين» برئاسة الشيخ حارث الضاري دعت الى مقاطعة الانتخابات بحجة انه في ظل الاحتلال لا يمكن أن يشتركوا في الانتخابات، وان الانتخابات غير شرعية. ولكن جرت الانتخابات بحرية كاملة في الحقيقة في كل المناطق. والقوائم الثلاث التي برزت هي «قائمة الائتلاف العراقي الموحد» و «قائمة التحالف الكردستاني» و «القائمة العراقية». وبعد ذلك جرى انتخاب الحكومة وكذلك في مجلس الحكم ايضاً انتخبنا رئاسة الجمهورية. وأيضاً حصل خلاف بيننا وبين بريمر حول من يكون، نحن نريد الشيخ غازي الياور وهو كان يريد الدكتور عدنان الباجه جي، ولم نتفق. أصررنا نحن على الشيخ غازي. وشاعت في ذلك النكتة الكردية: انا كنت رئيس المجلس وكنت أصر على الشيخ غازي وهم يصرون على عدنان، نحن سنعلن باسم الأمم المتحدة الدكتور عدنان، وقلت لهم أنا سأعلن باسم العراق وباسم مجلس الحكم الشيخ غازي، فسألوني عن تبديل رأيي او كذا، فقلت لهم الكردي اذا قال لا فهو لا، وهذه الكلمة اصبحت مشهورة والشيخ غازي اصبح الرئيس في ما بعد.
} من كان يقول الرأي الآخر المضاد لرأيك؟
- بريمر، وأخونا الأخضر الابراهيمي ايضاً.
} ماذا فعل الإبراهيمي في العراق؟
- أولاً أريد ان اقول لك شيئاً، الأخضر صديقي وانا اعرفه منذ قديم الزمان ولذلك لا اريد ان اتكلم عنه. وكل ما استطيع ان اقوله عنه انه لم يقم بما كنا نتوقعه منه.
} من دون تفاصيل.
- نعم من دون تفاصيل.
} لنتحدث عن موضوع الدستور؟
- خلال وضع الدستور جرت نقاشات مطولة بين قوى خارج البرلمان، خصوصاً «الحزب الاسلامي». نحن الأطراف الممثلة في البرلمان، فاوضنا «الحزب الاسلامي العراقي» وغير «الحزب الاسلامي»، فاوضنا جماعة الدكتور عدنان الدليمي وجماعة صالح المطلك وخلف العليان من أجل الوصول الى نتائج مشتركة حول الدستور. لم نتوصل إلا إلى اتفاق مع «الحزب الاسلامي» والدكتور عدنان الدليمي على نقاط ان نصوّت على الدستور مع حق تعديل بعض المواد في ما بعد. طبعاً جرت بعض التعديلات على الدستور بناء على طلبي، لكن ليس كل التعديلات المطلوبة. أجلنا التعديلات الأخرى. «الحزب الاسلامي» أبدى شعوراً بالمسؤولية الوطنية الكبيرة في هذا الموقف، وكذلك الاخ الدكتور عدنان. وهؤلاء قالوا لي ان يكون لبلد دستور حتى لو كانت لدينا ملاحظات على هذا الدستور، أحسن من ان يكون هناك فراغ. وطرح الدستور للاستفتاء، وقلنا للذين يعارضون ارفضوا الدستور، لأن هناك مادة في طريقة الاستفتاء تقول إنه اذا رفضت ثلاث محافظات بأكثريتها الدستور، يعتبر معلقاً، يعني غير مقبول. لم تصوّت ثلاث محافظات ضده، فقبل. وبعد ذلك جرت انتخابات في هذه المرة العرب السنّة شاركوا بنشاط وحصلوا على 54 مقعداً.
بعد ذلك بدأت المناقشات بين الأطراف حول تشكيل الحكومة وحول طريقة الحكم وحول المساهمة، وتوترت العلاقة بين كتلة «التوافق» العراقية التي تمثل السنّة وبين «الائتلاف» العراقي الى درجة القطيعة. اتذكر ان الدكتور حسين الشهرستاني كان مخولاً من قبل الائتلاف للتفاوض مع التوافق كان يقول: «يا اخوان تعالوا واقعدوا معنا»، ويقولون: «لا، لا نقعد معكم إلا بشروط»، وانقطعت الصلة. وطبعاً قمت بدور ودعوتهم الى غداء في منزلي. على مائدة الغداء قلت يا اخوان ليكن هناك لقاء آخر سياسي وتم عقد لقاءات متواصلة في منزلي بشكل يومي تقريباً وتوصلنا بعد نقاشات طويلة الى مبدأي التوافق والمشاركة الحقيقية في الحكم، بحيث ان الحكم لا يجري كما يجري في أي بلد برلماني أي أن الأكثرية هي التي تقرر وهي التي تحكم إنما يجب ان يكون هناك في العراق حكم قائم على مبدأي التوافق والمشاركة الحقيقية في الحكم. توصلنا معاً الى برنامج سياسي للحكومة المقبلة والى اتفاق آخر بتشكيل لجنة هي الهيئة السياسية للمجلس السياسي للأمن الوطني، بحيث ان هذا المجلس يكون برئاسة رئيس الجمهورية والرئاسات الثلاث تجتمع به مع رؤساء الكتل البرلمانية بحيث يضم هذا المجلس كل القيادات العراقية، وهو الذي يشرف على الحكم، وهذا نوع من المشاركة والتوافق... الخ. وعلى أساسه تم اختيار رئيس المجلس النيابي من العرب السنّة ورئيس الوزراء من العرب الشيعة ورئيس الجمهورية من الاتحاد الكردستاني. في الحقيقة هناك فهم خاطئ في العالم، أنا أريد ان أصححه، هذه ليست مقررات الدستور ان يكون رئيس البرلمان عربياً سنياً ورئيس الجمهورية كردياً ورئيس الحكومة شيعياً، هذه عملية نتيجة التوافق والتفاهمات وجرت في ظروف غير طبيعية حتى يستقر الوضع في العراق وحتى يكون هناك هدوء وانذاك حسب القانون الذي يجري، قد يكون رئيس المجلس شيعياً.
} لا يوجد نص في الدستور على ذلك؟
- لا، ولا يوجد اتفاق ايضاً على ذلك، مثلاً في لبنان هناك اتفاق جنتلمان. نحن فقط في هذه المرحلة، حتى فيها النظرية تقول رئيس الجمهورية ينتخب بالأكثرية، ورئيس الوزراء ينتخب من الكتلة الأكثر عدداً مثلاً بعد أن تعطلت تشكيلة الحكومة، نحن هددنا بأننا نحن «الاتحاد الكردستاني» و «التوافق العراقي» و «الكتـــلة العـــراقية» سنـــشكل كتلة في البرلمان تضمن لنا الأكثرية وتعطينا حق اختيار رئيس الـــوزراء، بمعنى انه لا يوجد نص ولا هناك اتفاق جـــنتلمان ان يكون حتماً رئيس الجمهورية كردياً ورئيس الوزراء عربياً شيعياً ورئيــس البــرلمان عربياً سنياً هذا غير موجود. هذا يكون بالأكثرية في البرلمان، الغالبية ربما ترشح سنياً أو كردياً لرئاسة الوزراء.
تشكلت الحكومة بالتركيبة الحالية وبدأ التنفيذ، وأنا اقر ان مبدأ التوافق ومبدأ المشاركة الحقيقية لم يطبقا تماماً. نحن الآن بصدد ايجاد آلية تضمن تحقيق هذين المبدأين في الحكومة الحاضرة، وبذلنا جهود كثيرة حقيقية في ما وصلنا اليه، والسفير خليل زاد ساعدنا في ازالة العقبات وتسهيل الأمور وتحقيق ما تم تحقيقه في العراق وللتاريخ علي ان اقول هذه الحقيقة.
} هل كانت هناك عشية الحرب اتصالات أميركية - ايرانية كما حدث في افغانستان؟ في ايران قالوا لي صراحة انهم ساعدوا اميركا على إسقاط طالبان، ماذا عن العراق؟
- صحيح. أنا أعتقد ان الايرانيين ساعدوا على اسقاط صدام. الايرانيون كانوا يرحبون ويؤيدون اسقاط صدام على ايدي القوات الاميركية، أما إذا كانت هناك علاقات سرية واتفاقات وتنسيق بينهم أنا لا أعرف بذلك، ولكن أعرف من طبيعة علاقتنا مع ايران واتصالاتنا ان الايرانيين كانوا يفضلون ويرحبون بإسقاط صدام على أيدي قوات التحالف. وكانت عندهم قناعة وثبت انها قناعة صحيحة ان أميركا ستجري انتخابات والحكومة ستكون بأيدي الأكثرية في العراق ولذلك رحبوا بهم.
} هناك انطباع ان الايرانيين أظهروا انهم أكثر ذكاء من الأميركيين بكثير بسبب هذه النقطة، أي أن الأميركيين جاؤوا لإزالة نظام عدو لإيران والأكثرية في العراق أقرب الى ايران، هل لديك شعور الآن ان ايران أصبحت المستفيد الكبير مثلاً؟
- اعتقد ان الشعب العراقي هو المستفيد الكبير، وايران ايضاً مستفيدة، وايران لعبت لعبة ذكية. ايران لم تستطع اسقاط صدام حسين ولا زحزحته قيد شعرة من الحكم. نحن لم نستطع اسقاط صدام حسين والمعارضة العراقية لم تتمكن. الله أرسل لنا جورج بوش لإسقاط صدام حسين وترك العراق لمن يحكمه عن طريق الانتخابات. نحن عندنا أحد رجال الدين الكبار في كردستان العراق يقول استناداً الى الآية التي تقول «قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا». ان الله أدخل في قلب بوش ان يذهب لتحرير العراق من الديكتاتورية، فذهب محققاً هذه الإرادة. هذا ايضاً موجود عندنا. الايرانيون في افغانستان استفادوا وفي العراق استفادوا لأن نظام طالبان كان ضدهم والنظام العراقي كان ضدهم.
} يمكن الحديث عن دور عراقي في تشجيع أميركا على الحرب، وان المعارضة العراقية لعبت دوراً. هل المعارضة العراقية كانت مؤثرة في القرار الاميركي؟
- لا، بالعكس نحن كان لدينا خلاف مع القرار الاميركي. نحن عندما ذهبنا الى واشنطن اقترحنا ان نقوم نحن باسقاط نظام صدام حسين، هذا قبل السقوط بأشهر. كان اقتراحنا ان نقوم نحن قوات البيشمركة وقوات المجاهدين قوات بدر بالاتفاق مع المعارضة داخل الجيش العراقي بإسقاط النظام العراقي مع مساعدة أميركية في الجو أو في منع استخدام اسلحة الدمار الشامل ضدنا، ولكنهم لم يوافقوا على هذا الرأي.
} هذا بحث في واشنطن؟
- نعم في واشنطن، ثم كان عندنا رأي آخر ان نشترك معهم في فرض الأمن والاستقرار عندما يأتون الى العراق، لم يوافقوا بصورة عامة إلا في كردستان. وافقوا عندما رفضت تركيا السماح بمرور القوات الأميركية، ونحن رحبنا بهم. أنزلوا بعض القطعات المجوقلة وكانت قليلة غير كافية. قوات البيشمركة هي التي حررت مدينتي كركوك والموصل لكن تسلمها الأميركيون فوراً كي تكون تحت سيطرتهم.
} البيشمركة إذاً هي التي حررت كركوك والموصل؟
- نعم، ولكن سلمتا فوراً الى القوات الأميركية. هكذا كانت الآراء متباينة في البداية، ولكن عندما حدث ما حدث كان رأينا انه يجب ان نستفيد من الوضع الجديد وانه أثناء القتال بين قوات التحالف وقوات صدام نحن ايضاً تقدمنا، قوات بدر وقوات المجاهدين في الجنوب ونحن في الوسط وشمال العراق، تقدمنا لاحتلال أماكن والاستيلاء على اسلحة ودبابات ووسائل كثيرة.
} قبل الحرب هل جرى البحث في مصير صدام حسين؟
- لا، لم يتم البحث، نحن لم نبحث بمصير صدام حسين كقيادة وعراق. ولكن أنا سأقول لك، باستثنائي أنا لأنني لا أؤمن بالإعدامات كان الآخرون يرحبون ويطالبون بإعدام صدام حسين وحتى الناس. أنا مرة سئلت من قبل صحافي صديق وأجبت أنا لا أؤيد حكم الاعدام، فقامت القيامة علي في كردستان وسألوني كيف لا تؤيد حكم الاعدام، صدام عمل حلبجة وإبادة وقتل. أنا أريد أن أقول لك شيئاً بالحقيقة، في اليوم الذي اعتقل فيه صدام حسين كان هناك عيد في الشمال والجنوب، ربما في الوسط السني لم تكن الحماسة شديدة، لكن في الوسط الشيعي والكردي والتركماني كان الجو أشبه بالعيد.