المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حي القصبة والجزائر على مفترق الطرق



أمير الدهاء
06-02-2007, 08:52 AM
عمر عبد الرازق

بي بي سي - الجزائر




يختزل حي القصبة بالجزائر العاصمة في أزقته الضيقة صعودا وهبوطا، صورة مصغرة لتاريخ وواقع الجزائر.

فيوم كان كفاح الجزائر ضد الاستعمار الفرنسي يلهب خيال الشعراء والثوريين، كانت القصبة معقل الثوار أمثال جميلة بو حيرد وحسيبة بن بوعلي و ياسف سعدي وشكلت ملحمة لمقاومة الفرنسيين.

وحين عرفت الجزائر ما سمي لاحقا "بعشرية العنف"، وهي التسمية الرسمية لموجة الصراع بين السلطة والإسلاميين والتي أدت لسقوط ما يقرب من 100ألف قتيل، كانت القصبة مأوى للإسلاميين من أنصار جبهة الإنقاذ الإسلامية (الفيس)، وجماعات مسلحة أخرى، وفي أزقتها الضيقة أريقت دماء كثيرة.

وحين تعافت الجزائر من موجة العنف وبدأت في تحول سياسي بطيء، تحولت القصبة من "ذاكرة الجزائر" إلى مكان "سيء السمعة" ، كما قالت لي صحفية جزائرية، لا يأمن المرء السير فيه دون الخوف من السرقة أو تحرش عنيف.

والآن، تقف القصبة في مفترق طرق، تماما كما الجزائر.. تلمس في أزقتها إهمالا ولامبالاة، وتسمع في أحاديث سكانها غضبا مكتوما، ينبأ بهوة تتسع بين الحكومة والشعب.

واقع وتاريخ

تختلف روايتان حول تاريخ القصبة، الأولى تقول إنها بنيت على أيدي المسلمين والعرب الفارين من الأندلس بعد سقوطها، والثانية تقول إن الأتراك هم من بنوها بعدما تمكنوا من إنهاء سيطرة الاسبان على تلك المنطقة من الشمال الأفريقي وظلوا فيها لمدة ثلاثمائة عام.

حرية بو حيرد ، رئيسة "جمعية الجزائر للحفاظ على تراث القصبة"تميل إلى الراوية الأولى مؤكدة أن المعمار التركي يختلف تماما عن التراث المعماري في القصبة، وإن الأتراك برعوا في بناء المنشآت العامة كالمساجد والمارستانات والمدارس بينما منازل القصبة تعتمد النمط الأندلسي.


حرية بوحريد رئيسة "جمعية الجزائر للحفاظ على تراث القصبة"

القصبة بالنسبة لحرية، التي جددت بيت عائلتها في الحي، "ذاكرة الشعب الجزائري، كانت مكانا لاندلاع الثورة وإذا تحطمت فقد تحطمت ذاكرة الجزائر".

لكن ما حدث، حسبما تقول حرية، وهي ابنة عم جميلة بو حيرد التي روى قصتها المخرج المصري يوسف شاهين في فيلم سينمائي يحمل اسمها، ان (الناس) وبعد انتصار الثورة، هجروا الحي العريق وتوجهوا إلى الأحياء الأوروبية "وكأنهم يعطون ظهورهم للثقافة العربية والإسلامية، وكأنها لم تضع الحجر الرئيسي للثورة".

وقد صنفت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونيسكو" الحي كمنطقة تاريخية في عام 1992 لكن شيئا لم يحدث للحفاظ على تراث القصبة حتى الآن.

فتزايد الضغط الإسكاني على المباني العتيقة، أدى إلى تراجع عدد المنازل التي يضمها الحي من 1200 مسكن إلى ثمانمئة أو أقل في حالة عمرانية متهالكة.

بل أن هناك حسبما تقول حرية بو حيرد، من يعمد إلى تخريب المنزل الأثري الذي يقطن فيه في القصبة للحصول على منزل مدعوم من الدولة.

المساجد والكتاتيب والمتاجر التاريخية هنا، تخفي وراءها نمط حياة للمهمشين فقط، فملاك البنايات لا يعيشون فيها، ومن يقطنون الحي هم النازحون من الريف أو من تعذر عليهم العثور على مسكن في ظل أزمة إسكان خانقة.

تدلف من باب جديد صاعدا الهضبة التي تقع عليها القصبة ليفجئك مشهد البحر المتوسط بزرقته الصافية، بعدها تمر في أزقة تملأها الأسواق المكتظة ومقاهي الشاي ودكاكين الحرفيين، التي يبدو أن الزمن قد تجاوزها، نازلا على مدرجات تقربك إلى البحر وإلى عتمة الأزقة التي تكاد تلامس بعضها.

إن المواطن يرفض الحياة السياسية الراهنة فيلجأ إلى الدخول في علاقة بيزنس مع الدولة، بمعنى أنه يسعى نحو متطلباته ويترك السياسة لأصحابها
الكاتبة الجزائرية في صحيفة لاكوتيديان وهران غنية عكازي

الباعة في السوق معظمهم من المسلمين المتدينيين وقد رفضت غالبيتهم التحدث معنا، فقط (ب-ل) الذي ينصب خيمة مع ولديه لبيع الملابس والأحذية في السوق الرئيسي، وصف حال القصبة في لهجة أهالي العاصمة، معمما حديثه على الجزائر ككل. "ما فيه أي شيء، ما كاين والو، ني خدمة ني معيشة مليحة ني كلش، من اتنين وستين(عام الاستقلال) لهذ اليوم حتى حاجة ما تبدلت".

لكنه لا يعتبر هذا الوضع قاصرا على القصبة بسبب وضعها الاجتماعي " ثمانية واربعين ولاية في الجزائر، حد واحد..معيشة ناقصة، خدمة ناقصة سكنى ناقصة، كاين دو طبقات، طبقة عليا وطبقة أرضية".

أما الابنان، فيقولان إنهما لا يجدان عملا أو وظيفة سوى هذه التجارة الموسمية. في الأعياد يبيعون الملابس وفي رمضان يبيعون الخضروات وفي المولد النبوي يبيعون الحلوى "خدامين عند روحنا، نخدموش عند الدولة ولا حتى واحد".

ثقة مفقودة

هذه الأحاديث رغم بساطتها تعكس حالة ثقفة مفقودة بين الدولة والشعب في الجزائر، وهي التي تجلت بوضوح في نسبة الإقبال على الانتخابات التشريعية الأخيرة والتي لم تتجاوز 35% من الناخبين المسجلين كانت نسبة الخمس منها أصواتا باطلة.

فالمواطن الجزائري "الذي ندم على تأييد الفيس في انتخابات عام اثنين وتسعين التي ألغيت نتائجها، وكان يأمل في تغيير حقيقي " على حد قول الكاتبة الجزائرية في صحيفة لاكوتيديان وهران ،غنية عكازي ، فوجئ بأحزاب "تنضوي في نظام قد صنعه النظام" ولا توجد معارضة حقيقية.

وتقول عكازي إن المواطن " يرفض الحياة السياسية الراهنة فيلجأ إلى الدخول في علاقة بيزنس مع الدولة، بمعنى أنه يسعى نحو متطلباته ويترك السياسة لأصحابها".

المتنافسون الرئيسيون، في الانتخابات الجزائرية، والفائزون فيما بعد كانوا أحزابا ثلاثة تشكل فيما بينها تحالفا رئاسيا، أي أنها تتبنى الاجندة المعلنة لرئيس الدولة، دون برامج تميزها، معروفة على الأقل.

يتحدث العامة عن الفساد والبطالة وظاهرة "الحطيست" (إسناد الظهور إلى الجدران دون عمل أو أمل)، ويتحدث الشبان عن حلم الهجرة من بلد يعتبر خامس مصدر للعاز الطبيعي في العالم ويحتل المرتبة الثامنة عشرة في إنتاج البترول، فيما تبلغ نسبة البطالة ثلاثون في المئة أو يزيد(الأرقام الرسمية تتحدث عن 13%).

وتتحدث السلطات عن عشرية الإرهاب التي أضرت بكل شيء، وربما يكون هذا صحيحا جزئيا، فبصمات تلك السنوات واضحة للعيان، في الحضور الأمني، في الشوارع الجميلة الخالية بالجزائر العاصمة، وفي عزوف الناس عن حياة السهر أو الخروج رغم ما تتمتع به البلاد من طبيعة ساحرة.

لكن المؤشرات تقول إن الجزائر راكمت بفعل ارتفاع أسعار الغاز والنفط ما يصل إلى 70 مليار دولار من احتياطي العملة الصعبة.

والملاحظ أن الدولة الجزائرية، تقدم رجلا وتؤخر أخرى في مسيرتها إلى الإصلاح السياسي والاقتصادي، فتراجع العنف والإرهاب لم يقترن بإصلاح سياسي جدي، يجذب المواطنين إلى العملية السياسية. والوفرة النفطية لم تترافق بإصلاح اقتصادي يتعاطى مع المشكلات الحقيقية للقطاع الأكبر من السكان.

في المقابل يرد المسؤولون الجزائريون بأن الأمور تسير نحو الأفضل باضطراد وأن الدولة التي فرضت مظلتها الاجتماعية لعقود طويلة على مواطنيها يجب أن تفسح المجال في الوقت الراهن للخصخصة والاستثمارات لتقوم بدورها، وهو ما يعني ان التحولات الكبرى في الطريق.

الأمازيغي
06-02-2007, 12:40 PM
عمر عبد الرازق
بي بي سي - الجزائر
كانت القصبة معقل الثوار أمثال جميلة بو حيرد وحسيبة بن بوعلي و ياسف سعدي وشكلت ملحمة لمقاومة الفرنسيين.
.
ياسف السعدي خائن وقد سلم نفسه للجيش الفرنسي وتحديدا للجنرال ماسو لما حاصروه في بيت في القصبة وادلى بمعلومات افضت الى القضاء البقية الباقية من الثوار حسيبة بن بوعلي وعلي لابوانت وعمر الصغير ومن كانوا معهم.