سمير
05-27-2007, 04:10 PM
الحياة اللندنية
عبدالله اسكندر
حاول نصرالله، في مداخلته التلفزيونية ليل اول من امس، ان يُعين حقائق تتعلق بالوضع اللبناني. وان يحدد عناوين للأزمات المتراكمة. وأطلق تحذيرات جدية ينبغي أخذها في الاعتبار.
من الحقائق معنى التعايش بين العدد الكبير من الطوائف في لبنان، وعدم قدرة اي طرف في السيطرة على الآخرين منفردا. والمؤسسة الوحيدة التي ما تزال خارج الانقسام في البلد، اي مؤسسة الجيش التي يرتبط مصير البلد بها.
ومن الازمات الاستئثار بالسلطة والعجز الحكومي عن القيام بالواجبات التي ينتظرها اي مواطن من السلطة. ورفض الفريق الحاكم لأي مشاركة له في القرار الخارجي او الداخلي.
ومن التحذيرات ان مصير البلد على المحك، خصوصا لجهة المس بالجيش او بالمخيمات الفلسطينية، بما يفتح ازمة تستعيد كل الذكريات الاليمة والجروح الغائرة التي لم تندمل بعد للحرب الاهلية.
وعاد نصرالله الى الماضي ليؤكد ان كل ما قام به «حزب الله»، في عمله المقاوم وفي عمله السياسي، لم تكن تحركه اي مطامع او من اجل الحصول على مكاسب. لقد كان كل هذا العمل بفعل واجب وليس منة. وفي الحالين، لم يدخل المعترك إلا لأن المصير في خطر.
مناسبة كل هذا الكلام هي ذكرى تحرير الجنوب العام 2000، وايضا الازمة المندلعة في مخيم نهر البارد بفعل مواجهة الجيش لـ «فتح الاسلام». واعلن نصرالله انه لا يريد ان يتخذ موقفا من تنظيم «ابو هريرة»، لأنه لا يملك المعلومات والتفاصيل عن هذه الجماعة. رغم تأكيده الخطر الكبير الذي يهدد كل لبنان والمصير من جراء هذه المواجهة. وبرر بعدم توافر المعلومات عدم اتخاذ موقف من مجموعة مسلحين سطوا على مصارف ويشتبه بإقدامهم على اعمال ارهابية، واقدموا على اعتداء موصوف على الجيش. لكن هذا الشح في المعلومات في قضية تمس مصير الوطن لم يمنعه من التلميح الى ان الفريق الحاكم افتعل المشكلة. وعندما تضمن هذا التلميح تهمة الخضوع لاميركا بحجة الحرب على الارهاب. فقلة المعلومات عن قتلة «ابو هريرة» وظيفتها منع الوصول الى الاستخلاص السياسي الحقيقي. ووفرتها عن مخطط الحرب الاميركية تبرير «وطني» لعدم الوصول الى الاستخلاص.
اما التحذير من حرب لبنانية - فلسطينية بفعل مواجهة الجيش لمسلحي «فتح الاسلام»، فلم يُسمع مثله لا من القيادات الرسمية اللبنانية ولا من القيادات الفلسطينية. إذ حرص الجميع على الفصل التام بين اللاجئين كقضية قائمة بذاتها تحتاج معالجات معينة، وبين مجموعة المسلحين القادمين الى مخيم نهر البارد الذي بات، كما مواقع اخرى في لبنان، ملاذا آمنا، اعلن نصرالله في خطب كثيرة دفاعه عنها. الى حد اعتبار السلاح في هذه الملاذات مثل سلاح المقاومة. وهو السلاح نفسه الذي استهدف الجيش. وهي الملاذات ذاتها التي تؤوي المتهمين بالارهاب.
اما المس بالجيش الذي حذر منه نصرالله، فلا بد من ملاحظة قتل 33 منه في هجمات فجائية وخارج اي قتال. فاذا لم يكن هذا مساً، وجب توضيح عدد القتلى الذي يُعتبر تجاوزه خطاً أحمر... وحتى لو وضعنا الهدف السياسي للقتلة جانباً، فأي هيبة للمؤسسة العسكرية بعد الذي تعرضت له، وكيف يمكنها ان تقوم لاحقا بواجب أمني؟ هذا اذا لم نتحدث عن حال الإنهاك للاجهزة الامنية التي فرضها موقف نصرالله من اجل إسقاط الحكومة التي يريد ان يشارك فيها.
لم تسقط هذه الحكومة، رغم تعطيل كل مؤسسات الدولة، بفعل الثقل السياسي والضغوط الامنية لنصرالله وحزبه. وعاندت الغالبية الحاكمة كل الضغوط من اجل الحفاظ على هامش قرار، خصوصا في شأن المحكمة الدولية وكيفية إعادة بناء العلاقة مع سورية. وهما القضيتان - المنعطف في موقف «حزب الله» من الحكومة.
وعندما لمح نصرالله الى مسؤولية حكومية، او على الاقل لفريق من الاكثرية، بتعريض الجيش في البارد والمغامرة بحرب مخيمات جديدة (للمناسبة كان الطرف الآخر ضد الفلسطينيين في حروب المخيمات القديمة، في البقاع وطرابلس وبيروت وحتى في تل الزعتر، الحلفاء الحاليين لنصرالله)، خدمة لرغبة بوش في قتال «القاعدة» في لبنان، يمكن الافتراض ايضا ان المواجهة الحالية هي المبرر الجديد للمطالبة بحكومة إنقاذ «بمشاركة حقيقية»، اي نسخة معدلة الاسم لحكومة الثلث المعطل الشهيرة، لكن هذه المرة تحت وطأة التهديد بالمصير المجهول!
عبدالله اسكندر
حاول نصرالله، في مداخلته التلفزيونية ليل اول من امس، ان يُعين حقائق تتعلق بالوضع اللبناني. وان يحدد عناوين للأزمات المتراكمة. وأطلق تحذيرات جدية ينبغي أخذها في الاعتبار.
من الحقائق معنى التعايش بين العدد الكبير من الطوائف في لبنان، وعدم قدرة اي طرف في السيطرة على الآخرين منفردا. والمؤسسة الوحيدة التي ما تزال خارج الانقسام في البلد، اي مؤسسة الجيش التي يرتبط مصير البلد بها.
ومن الازمات الاستئثار بالسلطة والعجز الحكومي عن القيام بالواجبات التي ينتظرها اي مواطن من السلطة. ورفض الفريق الحاكم لأي مشاركة له في القرار الخارجي او الداخلي.
ومن التحذيرات ان مصير البلد على المحك، خصوصا لجهة المس بالجيش او بالمخيمات الفلسطينية، بما يفتح ازمة تستعيد كل الذكريات الاليمة والجروح الغائرة التي لم تندمل بعد للحرب الاهلية.
وعاد نصرالله الى الماضي ليؤكد ان كل ما قام به «حزب الله»، في عمله المقاوم وفي عمله السياسي، لم تكن تحركه اي مطامع او من اجل الحصول على مكاسب. لقد كان كل هذا العمل بفعل واجب وليس منة. وفي الحالين، لم يدخل المعترك إلا لأن المصير في خطر.
مناسبة كل هذا الكلام هي ذكرى تحرير الجنوب العام 2000، وايضا الازمة المندلعة في مخيم نهر البارد بفعل مواجهة الجيش لـ «فتح الاسلام». واعلن نصرالله انه لا يريد ان يتخذ موقفا من تنظيم «ابو هريرة»، لأنه لا يملك المعلومات والتفاصيل عن هذه الجماعة. رغم تأكيده الخطر الكبير الذي يهدد كل لبنان والمصير من جراء هذه المواجهة. وبرر بعدم توافر المعلومات عدم اتخاذ موقف من مجموعة مسلحين سطوا على مصارف ويشتبه بإقدامهم على اعمال ارهابية، واقدموا على اعتداء موصوف على الجيش. لكن هذا الشح في المعلومات في قضية تمس مصير الوطن لم يمنعه من التلميح الى ان الفريق الحاكم افتعل المشكلة. وعندما تضمن هذا التلميح تهمة الخضوع لاميركا بحجة الحرب على الارهاب. فقلة المعلومات عن قتلة «ابو هريرة» وظيفتها منع الوصول الى الاستخلاص السياسي الحقيقي. ووفرتها عن مخطط الحرب الاميركية تبرير «وطني» لعدم الوصول الى الاستخلاص.
اما التحذير من حرب لبنانية - فلسطينية بفعل مواجهة الجيش لمسلحي «فتح الاسلام»، فلم يُسمع مثله لا من القيادات الرسمية اللبنانية ولا من القيادات الفلسطينية. إذ حرص الجميع على الفصل التام بين اللاجئين كقضية قائمة بذاتها تحتاج معالجات معينة، وبين مجموعة المسلحين القادمين الى مخيم نهر البارد الذي بات، كما مواقع اخرى في لبنان، ملاذا آمنا، اعلن نصرالله في خطب كثيرة دفاعه عنها. الى حد اعتبار السلاح في هذه الملاذات مثل سلاح المقاومة. وهو السلاح نفسه الذي استهدف الجيش. وهي الملاذات ذاتها التي تؤوي المتهمين بالارهاب.
اما المس بالجيش الذي حذر منه نصرالله، فلا بد من ملاحظة قتل 33 منه في هجمات فجائية وخارج اي قتال. فاذا لم يكن هذا مساً، وجب توضيح عدد القتلى الذي يُعتبر تجاوزه خطاً أحمر... وحتى لو وضعنا الهدف السياسي للقتلة جانباً، فأي هيبة للمؤسسة العسكرية بعد الذي تعرضت له، وكيف يمكنها ان تقوم لاحقا بواجب أمني؟ هذا اذا لم نتحدث عن حال الإنهاك للاجهزة الامنية التي فرضها موقف نصرالله من اجل إسقاط الحكومة التي يريد ان يشارك فيها.
لم تسقط هذه الحكومة، رغم تعطيل كل مؤسسات الدولة، بفعل الثقل السياسي والضغوط الامنية لنصرالله وحزبه. وعاندت الغالبية الحاكمة كل الضغوط من اجل الحفاظ على هامش قرار، خصوصا في شأن المحكمة الدولية وكيفية إعادة بناء العلاقة مع سورية. وهما القضيتان - المنعطف في موقف «حزب الله» من الحكومة.
وعندما لمح نصرالله الى مسؤولية حكومية، او على الاقل لفريق من الاكثرية، بتعريض الجيش في البارد والمغامرة بحرب مخيمات جديدة (للمناسبة كان الطرف الآخر ضد الفلسطينيين في حروب المخيمات القديمة، في البقاع وطرابلس وبيروت وحتى في تل الزعتر، الحلفاء الحاليين لنصرالله)، خدمة لرغبة بوش في قتال «القاعدة» في لبنان، يمكن الافتراض ايضا ان المواجهة الحالية هي المبرر الجديد للمطالبة بحكومة إنقاذ «بمشاركة حقيقية»، اي نسخة معدلة الاسم لحكومة الثلث المعطل الشهيرة، لكن هذه المرة تحت وطأة التهديد بالمصير المجهول!