مجاهدون
07-06-2004, 10:37 AM
عبد الرحمن الراشد
ليس في العنوان إسقاط على قضية الاستعانة بالقوات الأجنبية التي كانت مثار الحديث السياسي والديني يوم مواجهة القوات العراقية الضاربة الغازية للكويت، وإن كانت هناك متشابهات. القصة ان السلطات البريطانية تدرس، حسب رواية صحيفة «صنداي تايمز»، فكرة الاستعانة بدعاة اسلاميين معتدلين مثل عمرو خالد لمواجهة التطرف المتنامي بين أبناء الجالية المسلمة في بريطانيا والذي صار وباء يدق له ناقوس الخطر.
لذا، ووفق رواية الصحيفة، ستتم الاستعانة بعدد ممن يصنفون دعاة معتدلين للوصول الى شباب بريطانيا المسلم، من بينهم الداعية المصري المعروف عمرو خالد. ستكون مواجهة مهمة بين مدرسة أبو حمزة ومدرسة عمرو خالد، بين داعية يبدو كقرصان مخيف وصاحب طروحات عسكرية وبين داعية حليق بربطة عنق يروج للتأمل والتسامح. ورغم وجاهة الفكرة إلا انني لا أتصور انها ستحقق نجاحا سريعا، في بلد نرى النيران فيه تشتعل. لن ينجح المعتدلون في الحد من التطرف القائم. ستظل كتائب أبو حمزة وأبو قتادة وأبو مصعب ورفاقهم تحقق تقدما بين أبناء المسلمين الآسيويين والأفارقة والعرب بحكم جاذبية رسائلها العدوانية. وكذلك بفعل الشحن الاعلامي الاسلامي المعادي للمؤسسة البريطانية.
فكرة جيدة في مفهومها، حيث يفترض ألا تكتفي السلطات بالتجسس على نشاط الجماعات الأصولية ومحاولة تفكيك شفراتها، فالقضية صارت اكبر من ان تحاصر أمنيا وأخطر من ان تهمل فكريا. فلندن اصبحت فعلا اكبر ساحة اصولية سياسية في العالم، يجتمع في غرفها المظلمة اصحاب دعوات التغيير والمواجهة والتدمير، التي نجحت في اختراق النسيج المحلي وأنجبت بريطانيين مسلمين شاركوا في عمليات ارهابية، وبلغت خلاياها مسلمين في مدن بريطانية خارج حزام لندن، ولم يعد هناك شك، بعد ضبط العناصر الأخيرة، في تنامي الشبكة الارهابية فكرا وعملا.
ومع أنني اعتقد ان داعية معتدلا كعمرو خالد سيجد اسلوبه ومظهره جاذبية كبيرة بين الشباب، والعلة في ذلك ان جمهوره أساسا شباب ليسوا متطرفين، بل معتدلين، وبالتالي سينقلهم من الاعتدال المحايد الى الاعتدال المتدين، ولا اعتقد ان هذه مسألة تهم الحكومة البريطانية.
الدعاة المتطرفون لن تفيد معهم الا ملاحقتهم ان ثبت عليهم التحريض على ارتكاب جرائم ومواجهتهم اعلاميا. وتتحمل السلطات البريطانية مسؤولية كبيرة في السماح لرموزهم بالعمل بحرية ومنح المتطرفين المنخرطين في نشاطات سياسية بالعمل على أراضيها. فأمن العالم، لا أمن بريطانيا وحده، صار مهددا كما نرى من جاكارتا الى كاليفورنيا من قبل هؤلاء الذين يملكون مَلكَةَ الاقناع وتنظيم التجنيد وشبكة التمويل. صارت هناك قناعة عريضة في العالم الاسلامي بان السلطات البريطانية منخرطة في مؤامرة باستضافتها هؤلاء الأصوليين الاجانب والسكوت عن اعمالهم، رغم وجود الكثير من المعلومات عن تورطهم، غير مدركين طبيعة النظام القانوني هنا وتعقيداته.
alrashed@asharqalawsat.com
ليس في العنوان إسقاط على قضية الاستعانة بالقوات الأجنبية التي كانت مثار الحديث السياسي والديني يوم مواجهة القوات العراقية الضاربة الغازية للكويت، وإن كانت هناك متشابهات. القصة ان السلطات البريطانية تدرس، حسب رواية صحيفة «صنداي تايمز»، فكرة الاستعانة بدعاة اسلاميين معتدلين مثل عمرو خالد لمواجهة التطرف المتنامي بين أبناء الجالية المسلمة في بريطانيا والذي صار وباء يدق له ناقوس الخطر.
لذا، ووفق رواية الصحيفة، ستتم الاستعانة بعدد ممن يصنفون دعاة معتدلين للوصول الى شباب بريطانيا المسلم، من بينهم الداعية المصري المعروف عمرو خالد. ستكون مواجهة مهمة بين مدرسة أبو حمزة ومدرسة عمرو خالد، بين داعية يبدو كقرصان مخيف وصاحب طروحات عسكرية وبين داعية حليق بربطة عنق يروج للتأمل والتسامح. ورغم وجاهة الفكرة إلا انني لا أتصور انها ستحقق نجاحا سريعا، في بلد نرى النيران فيه تشتعل. لن ينجح المعتدلون في الحد من التطرف القائم. ستظل كتائب أبو حمزة وأبو قتادة وأبو مصعب ورفاقهم تحقق تقدما بين أبناء المسلمين الآسيويين والأفارقة والعرب بحكم جاذبية رسائلها العدوانية. وكذلك بفعل الشحن الاعلامي الاسلامي المعادي للمؤسسة البريطانية.
فكرة جيدة في مفهومها، حيث يفترض ألا تكتفي السلطات بالتجسس على نشاط الجماعات الأصولية ومحاولة تفكيك شفراتها، فالقضية صارت اكبر من ان تحاصر أمنيا وأخطر من ان تهمل فكريا. فلندن اصبحت فعلا اكبر ساحة اصولية سياسية في العالم، يجتمع في غرفها المظلمة اصحاب دعوات التغيير والمواجهة والتدمير، التي نجحت في اختراق النسيج المحلي وأنجبت بريطانيين مسلمين شاركوا في عمليات ارهابية، وبلغت خلاياها مسلمين في مدن بريطانية خارج حزام لندن، ولم يعد هناك شك، بعد ضبط العناصر الأخيرة، في تنامي الشبكة الارهابية فكرا وعملا.
ومع أنني اعتقد ان داعية معتدلا كعمرو خالد سيجد اسلوبه ومظهره جاذبية كبيرة بين الشباب، والعلة في ذلك ان جمهوره أساسا شباب ليسوا متطرفين، بل معتدلين، وبالتالي سينقلهم من الاعتدال المحايد الى الاعتدال المتدين، ولا اعتقد ان هذه مسألة تهم الحكومة البريطانية.
الدعاة المتطرفون لن تفيد معهم الا ملاحقتهم ان ثبت عليهم التحريض على ارتكاب جرائم ومواجهتهم اعلاميا. وتتحمل السلطات البريطانية مسؤولية كبيرة في السماح لرموزهم بالعمل بحرية ومنح المتطرفين المنخرطين في نشاطات سياسية بالعمل على أراضيها. فأمن العالم، لا أمن بريطانيا وحده، صار مهددا كما نرى من جاكارتا الى كاليفورنيا من قبل هؤلاء الذين يملكون مَلكَةَ الاقناع وتنظيم التجنيد وشبكة التمويل. صارت هناك قناعة عريضة في العالم الاسلامي بان السلطات البريطانية منخرطة في مؤامرة باستضافتها هؤلاء الأصوليين الاجانب والسكوت عن اعمالهم، رغم وجود الكثير من المعلومات عن تورطهم، غير مدركين طبيعة النظام القانوني هنا وتعقيداته.
alrashed@asharqalawsat.com