سلسبيل
05-22-2007, 04:58 PM
زعيم المعارضة البحرينية لـ«الشرق الأوسط»: لا يمكن إعطاء أداء البرلمان أكثر من صفر
سلمان الدوسري
الحديث مع الشيخ علي سلمان زعيم المعارضة البحرينية، ورئيس جمعية الوفاق الوطني الاسلامية، التي تشكل غالبية نواب المعارضة، لا يوازي الضجة التي تحدثها المعارضة في الحياة السياسية، فهو هادئ جدا لدرجة أنك لا تستمع لصوته أثناء الحديث، لكنه يرفع من حدة صوته كلما أراد إيصال رسالة معينة، سواء لخصومه في السلطة، أو حتى لمناصريه في الشارع، والذي يبدو أنه حريص على التعامل بحساسية مفرطة مع آرائهم.
الشيخ علي سلمان، الذي أبعد عن بلاده لسنوات وسجن قبل أن يعود ويتسلم زعامة المعارضة البحرينية ويقودها من داخل المشروع الاصلاحي لملك البحرين، خالف كل التوجهات الرسمية التي تخفف من وطأة حدوث فتنة طائفية بين السنة والشيعة، محذرا من أن النفس الطائفي موجود بقوة بين البحرينيين، مؤكدا ان هذا أمر جديد ولم يكن موجودا في السابق. ويلوح الشيخ سلمان بمقاطعة أخرى للمعارضة للانتخابات النيابية المقبلة في 2010، ولا يجد مناصا من وصم أداء البرلمان الحالي بـ«الفشل»، مبينا أن الناخبين أنفسهم لم يشاركوا أصلا في الانتخابات طالما لم يجدوا معالجة لقضاياهم في هذه الدورة من البرلمان البحريني، ويحمل الحكومة المسؤولية الكاملة في فشل البرلمان، باعتبار أن الحكومة هي من تملك الأدوات التي تنجح العمل البرلماني. ويستخف الشيخ علي سلمان بمن يتحدث عن تعاون شيعة البحرين مع إيران، ويقسم أنه منذ عمله في المعارضة في عام 1992 لم تتلق المعارضة دينارا واحدا من إيران، رافضا في الوقت نفسه أي تدخل إيراني في الشؤون الداخلية البحرينية.
* شاركتم في البرلمان بعد مقاطعة أربع سنوات.. الآن بعد خمسة أشهر تقريبا من عمر مشاركتكم.. هل ترى أنكم اتخذتم القرار الصحيح بالمشاركة؟
ـ لكل قرار ظروفه ومقاطعتنا في انتخابات 2002 كان لها هدفها في ذلك الوقت والذي نعتقد أننا حققناه، ولا يمكن لنا القول إن ذلك القرار خاطئ ونحن نتحدث عنه بمعطيات اليوم، والعمل السياسي لا يمكن وصم قراراته بالصح والخطأ، فهناك سلبيات وإيجابيات لكل قرار.
* ولكن ألا ترون أنكم تحدثون زوبعة في البرلمان أحيانا، من خلال مقاطعتكم للجلسة الافتتاحية وجلسة توزيع المناصب، وأخيرا انسحابكم من الجلسة الأخيرة ومن ثم مقاطعتكم للجلسات، قبل أن تعودوا من جديد، هل تريدون من خلال هذه الزوبعة، إذا صح التعبير، إيصال رسائل لاطراف رسمية وشعبية؟
ـ عندما تتحدث أنت عن زوبعة، أقول لك إننا نواجه في البرلمان ظروفا غير موضوعية تؤدي لهزة في الكثير من المواقف، ولولا هذه الظروف لكان العمل البرلماني أفضل مما يحدث الآن، لا أخفيك القول إننا نجد قسما من جماهيرنا وناخبينا ساخطين من نتائج البرلمان التي لم يلمسوا تأثيراتها على ارض الواقع، حيث نرى أنه لا توجد جدية في معالجة الملفات العالقة. ونحن وسيلتنا في العملية السياسية هي تحقيق عمل نيابي على قدر أدنى من الاستقلال عن السلطة التنفيذية، وهذا غير موجود للأسف في برلمان البحرين. والكل يلحظ أن هناك تداخلا شديدا في عمل السلطات في البحرين، وبينما نعمل بحثا عن المصلحة الوطنية، نرى آخرين همهم هو مصلحة القبيلة والطائفة والفئة. والبرلمان هو من المؤسسات القليلة المشتركة بين الطائفتين، ونرى أن هناك تقسيما طائفيا في توزيع المناصب داخل المجلس، فإذا دخل التقسيم الطائفي أيضا في البرلمان.
* أراك تتحدث عن الطائفية وكأنها سمة في البحرين؟
ـ للاسف أقول نعم.. فإن أسوأ أزمة تهدد البحرين هي الطائفية بين السنة والشيعة، بما يهدد أمنها واستقرارها، وهي حالة تشمل غالبية أصحاب القرار السياسي والشعبي، وبالطبع ليس الكل هم من أعنيهم هنا بأنهم طائفيون، ولكن الأغلبية يذهبون بهذا الاتجاه، وكما ذكرت لك هذا أسوأ ما يمكن أن تعاني منه البحرين، فكما أن الفقر يهدد، فإن الطائفية أيضا كذلك؟
* لكن الجانب الرسمي دائما ما يشير إلى أن البحرينيين سنتهم وشيعتهم، يتعايشون بسلام منذ عقود طويلة..وأنت تتحدث كأن الطائفية تفشت بالبحرين، هل أنت قلق من تأثير الطائفية على مستقبل البحرين؟
ـ دعني أتحدث بصراحة.. فالنفس الطائفي موجود في الجانب الرسمي على كل المستويات، وموجود بقوة عند أصحاب النفوذ، وأكاد أقول إن معظم الرسميين متأثرون في برامجهم بهذا النفس الطائفي، والذي يحكم البحرين في الملفات السياسية والاقتصادية، وأقول هذا الكلام وأنا أشعر بالأسف، لكنها الحقيقة، بل أزيد وبتعبير قاسي أن البعد الشعبي ليس بأبعد من البعد السياسي.
* أنت تتحدث وكأن المواطن البحريني أصبح يتعامل بعضه البعض بحسب طائفته.. هذا كلام خطير؟
ـ أنظر للصناديق الخيرية، السنية والشيعية، كيف يتم التعامل معها، لا يضع البحريني دينارا واحدا فيها، إلا بعد أن يتأكد أنها ستذهب لطائفته وليس للطائفة الأخرى، هذا لم يكن في البحرين سابقا، خذ لديك مثالا آخر، الانتخابات تجري لدينا بحسب طائفة المرشح، وليس برنامجه الانتخابي، حتى الكفاءات الوطنية لا يتم استقطابها بحسب مقدار هذه الكفاءة ولكن بحسب الطائفة التي تنتمي إليها. من يعمل استبيان بسيط بين البحرينيين سيجد أن النتيجة النهائية لا تذهب عن هذا التوجه الذي يقسم البحرينيين بحسب طائفتهم.
* أنت تقصد أن البحرين تقع تحت ضغط طائفي داخلي؟
ـ أستطيع القول إن البحرين تقع على خط الزلزال السياسي، متى ينفتح هذا الزلزال متى يقع؟ الله أعلم.. نحن هنا نخاف ونقلق من هذا الزلزال السياسي الذي تكمن خطورته من الطائفية.
* وهل تعتقد أن الوضع الإقليمي له دور في ما تتحدث عنه من تزايد النفس الطائفي في البحرين؟
ـ هذا مما زاد الطين بلة، فما يحدث في العراق لاشك أن له تأثيرات سلبية على الوضع في البحرين.
* وعلى من تحمل مسؤولية تأزم الوضع الطائفي في البحرين؟
ـ من الطبيعي أن تكون الدولة هي المسؤولة عن مثل هذا التأزم الطائفي، وللأسف فإن اللحمة الوطنية بين السنة والشيعة أصبحت ضعيفة جدا، وليس كما كانت سابقا.
* إذن أنت تحمل سلطة الدولة مسؤولية النفس الطائفي، وتبرأ القيادات والجمعيات السياسية من هذه التهمة؟
ـ الزلزال عندما يحدث لا يفرق بين مواطن وآخر، ونحن هنا لسنا في وقت اللوم، ولكن هناك خطرا قد يأخذ بالظالم والمظلوم، وليس مهما هنا أن نحمل الخطأ من، بقدر ما نستطيع أن نعالج أزمة نحن نعايشها يوميا، وأقول دعونا نزيد من السلم الأمني للخروج من هذه الدائرة، نحن في خطر حقيقي يتهددنا جميعا.
* لننقل إلى موضوع التوتر الأمني في الخليج، بسبب الملف النووي الايراني، ما يتبع ذلك من اتهامات لإيران بالتدخل في الشؤون الداخلية لدول الخليج، والاتهامات تحاصركم ايضا، هل هناك تدخلات إيرانية في البحرين عن طريق شيعتها؟
ـ أمارس العمل السياسي في المعارضة منذ عام 1992 حتى الآن، كعنصر قيادي في هذا الوسط، وأقول على كتاب الله أنه من ذلك الوقت حتى الآن لم نتلق دينارا واحدا من إيران، وإذا كانت إيران قد دعمت حزب الله بالمال والسلاح، فليس لهم في البحرين موطئ قدم وليس لهم تأثير على الموقف الشيعي. نحن في البحرين شديدو الوضوح، إيران دولة جارة ومسلمة، لكنها دولة ونحن دولة، ونحن مستقلون في قراراتنا ولا نسمح لأي كان بالتدخل في شؤوننا الداخلية. وأقول لمن يوجه الاتهامات للناس بأن مسألة توجيه الاتهامات سهلة، لكن هل هناك طيلة السنين الماضية أي دليل على هذه الاتهامات؟ أبدا إنها مجرد أقاويل وأباطيل أيضا لا تستند إلى حقائق.
* هل أنت راض عن أداء البرلمان البحريني ككل؟
ـ من خلال دور الانعقاد الأول الذي يشارف على الانتهاء، استطيع القول إن التجربة شكلية وغير ناجحة إطلاقا، الجانب الرسمي يقول أعطوها وقتا أطول للنضج، ونحن نرد أننا لم نصدر أي تشريع حتى الآن، فالحكومة غير متجاوبة إطلاقا في إعطاء المجلس الحرية في إثبات ولو نسبة نجاح، وللاسف فإن أداء الكتل الأخرى قريب من توجهات الأداء الرسمي.
* أنت تتحدث عن عدم نجاح.. هلى تعني أن البرلمان فاشل، على الأقل في دوره الانعقادي الأول؟
ـ هو كذلك.. ولا يمكن أن أعطي الأداء التشريعي أكثر من صفر خلال الفترة الماضية.
* وعلى من تحمل مسؤولية الفشل هذا؟
ـ المسؤولية تقع على الحكومة ثم الحكومة ثم الحكومة، وأيضا الكتل النيابية التي لم تخرج بالأداء البرلماني إلى ما يجب أن يكون.
* إذا ما استمر الأداء البرلماني كما هو الآن، هل ستشاركون في انتخابات 2010 ، أم ستعودون للمقاطعة من جديد؟
ـ لنتذكر أن الانتخابات المقبلة لن تحمل نوابا للبرلمان بدون ناخبين، وأعني أن الناخبين أنفسهم لن يتجهوا للمشاركة وبالتالي سيكونون أقل حماسة ولا يوجد دافع لديهم لإيصال نواب للبرلمان لا يلبون رغباتهم.
* أنتم في الوفاق هل ستشاركون؟
ـ بالرغم من أني لا أعلم إذا ما كنت سأستمر على رأس القرار الوفاقي حتى ذلك الوقت، لكن إذا استمر الحال على ما هو عليه، لا أعتقد أن المشاركة ستكون ذات قيمة لنا.
* من المعروف أن لديكم ملفات أساسية كنتم قد وعدتم ناخبيكم بطرحها في البرلمان.. مثل التعديلات الدستورية والدوائر الانتخابية والتجنيس وغيرها، ما هي خططكم في طرح هذه الملفات عبر البرلمان؟
ـ بصراحة نحن في مرحلتنا الحالية نبحث عن الهدوء ولا نريد إحراج الحكومة في هذه الملفات، ولا أخفيك القول إن هناك توجهات حكومية وأيضا من الكتل النيابية الأخرى، بأن هذه الملفات تحمل قضايا معقدة وحساسة وأن هذا الوقت ليس وقت طرحها، ونحن بالوقت الذي نقدر هذه الرؤية ونحترمها، لكن أيضا الشارع يضغط علينا في اتجاه طرحها، بل أن عنصر الضغط يتعالى، لكننا عموما سنطرحها في الوقت المناسب، فنحن لابد أننا سنستجيب للشارع في أي وقت، وأعتقد أن ذلك سيكون قريبا.
* شارع المعارضة في البحرين غير واضح المعالم.. فأحيانا يبدو أنكم في الوفاق من يسيطر عليه.. وأحيانا أخرى يتضح أن المتشددين في المعارضة هم القائد الحقيقي له.. من يقود الشارع في البحرين؟
ـ القائد الحقيقي لشارع المعارضة في البحرين من يتبنى القضايا التي تمس المواطنين، أن من تصفهم بالمتشددين، وأتحفظ على تسميتكم وأعتقد أنهم يمارسون العمل السياسي من دون أن يستخدموا العنف، هم يمارسون طريقتهم في المعارضة من خارج البرلمان، ونحن نمارس عملنا في داخل البرلمان، وسنرى بعد أربع سنوات من المشاركة، من هو الذي يساهم في حل قضايا المواطنين، من يعمل من داخل البرلمان أم من خارجه.
* لكن هناك من يجزم بأن المعارضة تستخدم تكتيكات العمل السياسي، فالوفاق تعمل من الداخل وحركة حق تعمل من خارج البرلمان، وأنتم بذلك تهددون الحكومة بعدم قدرتها على ضبط الشارع إلا من خلال الوفاق؟
ـ أقول إن التكتيك له حدود، وعندما يعتدى على رموزنا الدينية، فليس هذا تكتيكا، وعندما أشتم شخصيا وبشكل يومي في المنتديات السياسية من المعارضين لتوجهاتنا بالعمل والمشاركة البرلمانية، فهذا ايضا ليس تكتيكا، وعندما يخل بثوابتنا الوطنية، فكل هذا ليس تكتيكا، فهل يمكن القول إن ما يحدث من قتال داخلي بين الفلسطينيين هو تكتيك ضد المحتل؟
* كيف تصف علاقتكم مع السلطة الرسمية في البحرين؟
ـ أستطيع أن أصفها بأنها علاقة ليست قادرة على الاستقبال والارسال، فما نرسله لا نعلم إذا كان يصل ورسائلهم لا تصلنا أيضا، ويمكن القول إن العلاقة فاقدة للثقة بين الطرفين، أو على أقل تقدير علاقة ليس في أحسن الأحوال.
* ومن المسؤول عن هذا الجمود في العلاقة بين الطرفين؟
ـ بالطبع السلطة تتحمل 90 في المائة من المسؤولية، لأنها ببساطة تملك الأدوات التي تستطيع تعزيز الثقة مع الطرف الآخر.
* هل من رسائل حسن نية من قبلكم ارسلت للطرف الرسمي؟
ـ ارسلنا 1000 رسالة، من ضمنها إنهاء المقاطعة والمشاركة في الانتخابات الماضية، لكننا لم نتلق أية رسالة إيجابية.
* لم تنجحوا في استجواب الشيخ أحمد عطية الله وزير شؤون مجلس الوزراء.. وهناك من يرى أنكم بحثتم عن تسييس الاستجواب منذ البداية، ما رأيكم؟
ـ ليس خطأنا عملية التسييس التي تتحدث عنها، طالما أن لدينا هدفا سياسيا، ولكن الهدف الحقيقي كان في تفعيل الدور الرقابي للمجلس، ولدينا الأدلة التي تثبت ذلك، وكل ما طلبناه هو التحقيق في هذه الأدلة، ومن ثم الاعلان ما إذا كان الوزير بريئا منها أم لا، والاستجواب أداة برلمانية يجب علينا استخدامها عندما نرى ضرورة ذلك.
سلمان الدوسري
الحديث مع الشيخ علي سلمان زعيم المعارضة البحرينية، ورئيس جمعية الوفاق الوطني الاسلامية، التي تشكل غالبية نواب المعارضة، لا يوازي الضجة التي تحدثها المعارضة في الحياة السياسية، فهو هادئ جدا لدرجة أنك لا تستمع لصوته أثناء الحديث، لكنه يرفع من حدة صوته كلما أراد إيصال رسالة معينة، سواء لخصومه في السلطة، أو حتى لمناصريه في الشارع، والذي يبدو أنه حريص على التعامل بحساسية مفرطة مع آرائهم.
الشيخ علي سلمان، الذي أبعد عن بلاده لسنوات وسجن قبل أن يعود ويتسلم زعامة المعارضة البحرينية ويقودها من داخل المشروع الاصلاحي لملك البحرين، خالف كل التوجهات الرسمية التي تخفف من وطأة حدوث فتنة طائفية بين السنة والشيعة، محذرا من أن النفس الطائفي موجود بقوة بين البحرينيين، مؤكدا ان هذا أمر جديد ولم يكن موجودا في السابق. ويلوح الشيخ سلمان بمقاطعة أخرى للمعارضة للانتخابات النيابية المقبلة في 2010، ولا يجد مناصا من وصم أداء البرلمان الحالي بـ«الفشل»، مبينا أن الناخبين أنفسهم لم يشاركوا أصلا في الانتخابات طالما لم يجدوا معالجة لقضاياهم في هذه الدورة من البرلمان البحريني، ويحمل الحكومة المسؤولية الكاملة في فشل البرلمان، باعتبار أن الحكومة هي من تملك الأدوات التي تنجح العمل البرلماني. ويستخف الشيخ علي سلمان بمن يتحدث عن تعاون شيعة البحرين مع إيران، ويقسم أنه منذ عمله في المعارضة في عام 1992 لم تتلق المعارضة دينارا واحدا من إيران، رافضا في الوقت نفسه أي تدخل إيراني في الشؤون الداخلية البحرينية.
* شاركتم في البرلمان بعد مقاطعة أربع سنوات.. الآن بعد خمسة أشهر تقريبا من عمر مشاركتكم.. هل ترى أنكم اتخذتم القرار الصحيح بالمشاركة؟
ـ لكل قرار ظروفه ومقاطعتنا في انتخابات 2002 كان لها هدفها في ذلك الوقت والذي نعتقد أننا حققناه، ولا يمكن لنا القول إن ذلك القرار خاطئ ونحن نتحدث عنه بمعطيات اليوم، والعمل السياسي لا يمكن وصم قراراته بالصح والخطأ، فهناك سلبيات وإيجابيات لكل قرار.
* ولكن ألا ترون أنكم تحدثون زوبعة في البرلمان أحيانا، من خلال مقاطعتكم للجلسة الافتتاحية وجلسة توزيع المناصب، وأخيرا انسحابكم من الجلسة الأخيرة ومن ثم مقاطعتكم للجلسات، قبل أن تعودوا من جديد، هل تريدون من خلال هذه الزوبعة، إذا صح التعبير، إيصال رسائل لاطراف رسمية وشعبية؟
ـ عندما تتحدث أنت عن زوبعة، أقول لك إننا نواجه في البرلمان ظروفا غير موضوعية تؤدي لهزة في الكثير من المواقف، ولولا هذه الظروف لكان العمل البرلماني أفضل مما يحدث الآن، لا أخفيك القول إننا نجد قسما من جماهيرنا وناخبينا ساخطين من نتائج البرلمان التي لم يلمسوا تأثيراتها على ارض الواقع، حيث نرى أنه لا توجد جدية في معالجة الملفات العالقة. ونحن وسيلتنا في العملية السياسية هي تحقيق عمل نيابي على قدر أدنى من الاستقلال عن السلطة التنفيذية، وهذا غير موجود للأسف في برلمان البحرين. والكل يلحظ أن هناك تداخلا شديدا في عمل السلطات في البحرين، وبينما نعمل بحثا عن المصلحة الوطنية، نرى آخرين همهم هو مصلحة القبيلة والطائفة والفئة. والبرلمان هو من المؤسسات القليلة المشتركة بين الطائفتين، ونرى أن هناك تقسيما طائفيا في توزيع المناصب داخل المجلس، فإذا دخل التقسيم الطائفي أيضا في البرلمان.
* أراك تتحدث عن الطائفية وكأنها سمة في البحرين؟
ـ للاسف أقول نعم.. فإن أسوأ أزمة تهدد البحرين هي الطائفية بين السنة والشيعة، بما يهدد أمنها واستقرارها، وهي حالة تشمل غالبية أصحاب القرار السياسي والشعبي، وبالطبع ليس الكل هم من أعنيهم هنا بأنهم طائفيون، ولكن الأغلبية يذهبون بهذا الاتجاه، وكما ذكرت لك هذا أسوأ ما يمكن أن تعاني منه البحرين، فكما أن الفقر يهدد، فإن الطائفية أيضا كذلك؟
* لكن الجانب الرسمي دائما ما يشير إلى أن البحرينيين سنتهم وشيعتهم، يتعايشون بسلام منذ عقود طويلة..وأنت تتحدث كأن الطائفية تفشت بالبحرين، هل أنت قلق من تأثير الطائفية على مستقبل البحرين؟
ـ دعني أتحدث بصراحة.. فالنفس الطائفي موجود في الجانب الرسمي على كل المستويات، وموجود بقوة عند أصحاب النفوذ، وأكاد أقول إن معظم الرسميين متأثرون في برامجهم بهذا النفس الطائفي، والذي يحكم البحرين في الملفات السياسية والاقتصادية، وأقول هذا الكلام وأنا أشعر بالأسف، لكنها الحقيقة، بل أزيد وبتعبير قاسي أن البعد الشعبي ليس بأبعد من البعد السياسي.
* أنت تتحدث وكأن المواطن البحريني أصبح يتعامل بعضه البعض بحسب طائفته.. هذا كلام خطير؟
ـ أنظر للصناديق الخيرية، السنية والشيعية، كيف يتم التعامل معها، لا يضع البحريني دينارا واحدا فيها، إلا بعد أن يتأكد أنها ستذهب لطائفته وليس للطائفة الأخرى، هذا لم يكن في البحرين سابقا، خذ لديك مثالا آخر، الانتخابات تجري لدينا بحسب طائفة المرشح، وليس برنامجه الانتخابي، حتى الكفاءات الوطنية لا يتم استقطابها بحسب مقدار هذه الكفاءة ولكن بحسب الطائفة التي تنتمي إليها. من يعمل استبيان بسيط بين البحرينيين سيجد أن النتيجة النهائية لا تذهب عن هذا التوجه الذي يقسم البحرينيين بحسب طائفتهم.
* أنت تقصد أن البحرين تقع تحت ضغط طائفي داخلي؟
ـ أستطيع القول إن البحرين تقع على خط الزلزال السياسي، متى ينفتح هذا الزلزال متى يقع؟ الله أعلم.. نحن هنا نخاف ونقلق من هذا الزلزال السياسي الذي تكمن خطورته من الطائفية.
* وهل تعتقد أن الوضع الإقليمي له دور في ما تتحدث عنه من تزايد النفس الطائفي في البحرين؟
ـ هذا مما زاد الطين بلة، فما يحدث في العراق لاشك أن له تأثيرات سلبية على الوضع في البحرين.
* وعلى من تحمل مسؤولية تأزم الوضع الطائفي في البحرين؟
ـ من الطبيعي أن تكون الدولة هي المسؤولة عن مثل هذا التأزم الطائفي، وللأسف فإن اللحمة الوطنية بين السنة والشيعة أصبحت ضعيفة جدا، وليس كما كانت سابقا.
* إذن أنت تحمل سلطة الدولة مسؤولية النفس الطائفي، وتبرأ القيادات والجمعيات السياسية من هذه التهمة؟
ـ الزلزال عندما يحدث لا يفرق بين مواطن وآخر، ونحن هنا لسنا في وقت اللوم، ولكن هناك خطرا قد يأخذ بالظالم والمظلوم، وليس مهما هنا أن نحمل الخطأ من، بقدر ما نستطيع أن نعالج أزمة نحن نعايشها يوميا، وأقول دعونا نزيد من السلم الأمني للخروج من هذه الدائرة، نحن في خطر حقيقي يتهددنا جميعا.
* لننقل إلى موضوع التوتر الأمني في الخليج، بسبب الملف النووي الايراني، ما يتبع ذلك من اتهامات لإيران بالتدخل في الشؤون الداخلية لدول الخليج، والاتهامات تحاصركم ايضا، هل هناك تدخلات إيرانية في البحرين عن طريق شيعتها؟
ـ أمارس العمل السياسي في المعارضة منذ عام 1992 حتى الآن، كعنصر قيادي في هذا الوسط، وأقول على كتاب الله أنه من ذلك الوقت حتى الآن لم نتلق دينارا واحدا من إيران، وإذا كانت إيران قد دعمت حزب الله بالمال والسلاح، فليس لهم في البحرين موطئ قدم وليس لهم تأثير على الموقف الشيعي. نحن في البحرين شديدو الوضوح، إيران دولة جارة ومسلمة، لكنها دولة ونحن دولة، ونحن مستقلون في قراراتنا ولا نسمح لأي كان بالتدخل في شؤوننا الداخلية. وأقول لمن يوجه الاتهامات للناس بأن مسألة توجيه الاتهامات سهلة، لكن هل هناك طيلة السنين الماضية أي دليل على هذه الاتهامات؟ أبدا إنها مجرد أقاويل وأباطيل أيضا لا تستند إلى حقائق.
* هل أنت راض عن أداء البرلمان البحريني ككل؟
ـ من خلال دور الانعقاد الأول الذي يشارف على الانتهاء، استطيع القول إن التجربة شكلية وغير ناجحة إطلاقا، الجانب الرسمي يقول أعطوها وقتا أطول للنضج، ونحن نرد أننا لم نصدر أي تشريع حتى الآن، فالحكومة غير متجاوبة إطلاقا في إعطاء المجلس الحرية في إثبات ولو نسبة نجاح، وللاسف فإن أداء الكتل الأخرى قريب من توجهات الأداء الرسمي.
* أنت تتحدث عن عدم نجاح.. هلى تعني أن البرلمان فاشل، على الأقل في دوره الانعقادي الأول؟
ـ هو كذلك.. ولا يمكن أن أعطي الأداء التشريعي أكثر من صفر خلال الفترة الماضية.
* وعلى من تحمل مسؤولية الفشل هذا؟
ـ المسؤولية تقع على الحكومة ثم الحكومة ثم الحكومة، وأيضا الكتل النيابية التي لم تخرج بالأداء البرلماني إلى ما يجب أن يكون.
* إذا ما استمر الأداء البرلماني كما هو الآن، هل ستشاركون في انتخابات 2010 ، أم ستعودون للمقاطعة من جديد؟
ـ لنتذكر أن الانتخابات المقبلة لن تحمل نوابا للبرلمان بدون ناخبين، وأعني أن الناخبين أنفسهم لن يتجهوا للمشاركة وبالتالي سيكونون أقل حماسة ولا يوجد دافع لديهم لإيصال نواب للبرلمان لا يلبون رغباتهم.
* أنتم في الوفاق هل ستشاركون؟
ـ بالرغم من أني لا أعلم إذا ما كنت سأستمر على رأس القرار الوفاقي حتى ذلك الوقت، لكن إذا استمر الحال على ما هو عليه، لا أعتقد أن المشاركة ستكون ذات قيمة لنا.
* من المعروف أن لديكم ملفات أساسية كنتم قد وعدتم ناخبيكم بطرحها في البرلمان.. مثل التعديلات الدستورية والدوائر الانتخابية والتجنيس وغيرها، ما هي خططكم في طرح هذه الملفات عبر البرلمان؟
ـ بصراحة نحن في مرحلتنا الحالية نبحث عن الهدوء ولا نريد إحراج الحكومة في هذه الملفات، ولا أخفيك القول إن هناك توجهات حكومية وأيضا من الكتل النيابية الأخرى، بأن هذه الملفات تحمل قضايا معقدة وحساسة وأن هذا الوقت ليس وقت طرحها، ونحن بالوقت الذي نقدر هذه الرؤية ونحترمها، لكن أيضا الشارع يضغط علينا في اتجاه طرحها، بل أن عنصر الضغط يتعالى، لكننا عموما سنطرحها في الوقت المناسب، فنحن لابد أننا سنستجيب للشارع في أي وقت، وأعتقد أن ذلك سيكون قريبا.
* شارع المعارضة في البحرين غير واضح المعالم.. فأحيانا يبدو أنكم في الوفاق من يسيطر عليه.. وأحيانا أخرى يتضح أن المتشددين في المعارضة هم القائد الحقيقي له.. من يقود الشارع في البحرين؟
ـ القائد الحقيقي لشارع المعارضة في البحرين من يتبنى القضايا التي تمس المواطنين، أن من تصفهم بالمتشددين، وأتحفظ على تسميتكم وأعتقد أنهم يمارسون العمل السياسي من دون أن يستخدموا العنف، هم يمارسون طريقتهم في المعارضة من خارج البرلمان، ونحن نمارس عملنا في داخل البرلمان، وسنرى بعد أربع سنوات من المشاركة، من هو الذي يساهم في حل قضايا المواطنين، من يعمل من داخل البرلمان أم من خارجه.
* لكن هناك من يجزم بأن المعارضة تستخدم تكتيكات العمل السياسي، فالوفاق تعمل من الداخل وحركة حق تعمل من خارج البرلمان، وأنتم بذلك تهددون الحكومة بعدم قدرتها على ضبط الشارع إلا من خلال الوفاق؟
ـ أقول إن التكتيك له حدود، وعندما يعتدى على رموزنا الدينية، فليس هذا تكتيكا، وعندما أشتم شخصيا وبشكل يومي في المنتديات السياسية من المعارضين لتوجهاتنا بالعمل والمشاركة البرلمانية، فهذا ايضا ليس تكتيكا، وعندما يخل بثوابتنا الوطنية، فكل هذا ليس تكتيكا، فهل يمكن القول إن ما يحدث من قتال داخلي بين الفلسطينيين هو تكتيك ضد المحتل؟
* كيف تصف علاقتكم مع السلطة الرسمية في البحرين؟
ـ أستطيع أن أصفها بأنها علاقة ليست قادرة على الاستقبال والارسال، فما نرسله لا نعلم إذا كان يصل ورسائلهم لا تصلنا أيضا، ويمكن القول إن العلاقة فاقدة للثقة بين الطرفين، أو على أقل تقدير علاقة ليس في أحسن الأحوال.
* ومن المسؤول عن هذا الجمود في العلاقة بين الطرفين؟
ـ بالطبع السلطة تتحمل 90 في المائة من المسؤولية، لأنها ببساطة تملك الأدوات التي تستطيع تعزيز الثقة مع الطرف الآخر.
* هل من رسائل حسن نية من قبلكم ارسلت للطرف الرسمي؟
ـ ارسلنا 1000 رسالة، من ضمنها إنهاء المقاطعة والمشاركة في الانتخابات الماضية، لكننا لم نتلق أية رسالة إيجابية.
* لم تنجحوا في استجواب الشيخ أحمد عطية الله وزير شؤون مجلس الوزراء.. وهناك من يرى أنكم بحثتم عن تسييس الاستجواب منذ البداية، ما رأيكم؟
ـ ليس خطأنا عملية التسييس التي تتحدث عنها، طالما أن لدينا هدفا سياسيا، ولكن الهدف الحقيقي كان في تفعيل الدور الرقابي للمجلس، ولدينا الأدلة التي تثبت ذلك، وكل ما طلبناه هو التحقيق في هذه الأدلة، ومن ثم الاعلان ما إذا كان الوزير بريئا منها أم لا، والاستجواب أداة برلمانية يجب علينا استخدامها عندما نرى ضرورة ذلك.