أمير الدهاء
05-16-2007, 09:24 PM
الجزائر- إسماعيل طلاي - الحياة
http://www.daralhayat.com/society/youth/05-2007/Item-20070513-865a935f-c0a8-10ed-01b2-ede833aa2560/crece_19.jpg_200_-1.jpg
لافتة في الضواحي: إذا كانت هذه هي الجمهورية... فلتذهب الى الجحيم!
أوشكت الانتخابات الفرنسية أن تتحول «شأناً وطنياً» في ذهن الجزائريين الذين نزل عليهم خبر فوز نيكولا ساركوزي كـ» الصاعقة»، وخصوصاً ملايين الشباب الذين رأوا أحلامهم بالهجرة تتبخر. وانتاب الخوف والسخط الآلاف من الشباب الجزائريين وذوي الأصول الجزائرية المقيمين بطرق غير شرعية، وحتى الحاصلين منهم على بطاقات إقامة، لا يرون أنفسهم في منأى من «نزوات» ساركوزي، على حد وصف بعضهم.
ووسط أجواء الترقب والحذر، وبصيص أمل بقي عالقاً حتى اللحظة الأخيرة في انتصار المرشحة اليسارية سيغولين روايال، نسي الجزائريون وقائع حملة انتخابية تشريعية في بلادهم، في 17 أيار (مايو) الجاري.
وكان لانتصار ساركوزي «وقع أليم على نفوس الجزائريين، بسبب مواقفه التي وجدوها عنصرية و «تعنته» في رفض اعتذار فرنسا عن جرائمها الاستعمارية.
وفي المقاهي، لا حديث للشباب إلا عن «ساركو» و «روايال»، أو «السيدة» كما يحلو لهم تسميتها.
محمد (28 سنة) صاحب محل لطلاء السيارات، عينة عن آلاف الشباب الذين فكروا كثيراً في الاستقرار في فرنسا. وعلى رغم أن والدته وشقيقاته يحملن الجنسية الفرنسية، ويقيم والده بطريقة شرعية في باريس حيث يملك مطعماً، سئم محمد الوقوف مرات عدة أمام مقر السفارة الفرنسية في الجزائر للحصول على التأشيرة، قبل أن يثور غضبه، ويقرر التخلي نهائياً عن فكرة الهجرة لمتابعة دراساته العليا.
وبعد فوز ساركوزي يقول محمد: «أعتقد أن فرص حصولي على التأشيرة متضاربة، لكني لست متحمساً لها كثيراً، وأعتقد أن مستقبل فرنسا سيمضي إلى الهاوية إن مضى ساركو في تعنته وطبق كل وعيده على المهاجرين». ويضيف: «رأينا عينة من غضب الشباب المهاجر، بل الشباب الفرنسي الرافض لسياسة ساركوزي التي قد تتسبب في إشعال فتيل الفتنة بين سكان الضواحي مجدداً».
وعلى عكس محمد، بدت شقيقته عزيزة المقيمة في فرنسا برفقة زوجها، أكثر قلقاً حتى يوم الحسم: «صليت لفوز روايال». وعن سرّ معارضتها لساركوزي، تقول: «لا أحد في مأمن من سياسة هذا الرجل، حتى الحاصلين على بطاقات إقامة يخافون عدم تمديد صلاحياتها. وكنت آمل في فوز روايال لتخفف الضغوط عن المسلمين، لا سيما في قضية منع الحجاب في المدارس».
وأنهى توفيق ( 29 سنة) المقيم في إحدى الضواحي الباريسية، دراسته الجامعية منذ خمسة أشهر، وهو الآن يسعى لتأمين إقامة دائمة، انتفض لسماعه عبارة تعزية بفوز «ساركو»، يقول بغضب: «لن يفعل شيئاً، كنا متأكدين من فوزه، لكننا كنا ننتظر نسبة الفوز فقط، وأعتقد أن الفرنسيين أول من سيثور على سياسته». ويضيفف: «إجراءات الرقابة موجودة سلفاً، ولن يتمكن ساركو من تفريغ فرنسا من المهاجرين».
أما يوسف المقيم في تولوز والعائد الى الجزائر لقضاء أيام العطلة، فله نظرة مختلفة، إذ يقول: «ساركوزي ليس مخطئاً بالضرورة، وحينما ترى شباباً لا يعملون ويتسببون في السرقة وأعمال الحرق، فإنهم يجلبون لنا المآسي، ومن حق الفرنسيين أن «ينظّفوا» بلدهم من أمثال هؤلاء، فلا أحد يقبل أن تعيش عالة عليه في بلده، لا تعمل شيئاً وتستفيد من أموال الضمان الاجتماعي».
ويتابع يوسف متسائلاً: «لم ترفض الدول المغاربية استقبال المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين وتطردهم؟».
الانقسام في مواقف الشباب الجزائريين المقيمين في باريس، يقابله انشطار مماثل لدى الشباب الجزائريين في الجزائر. ويبدو شباب المناطق الشمالية أكثر تحمساً واهتماماً بالانتخابات الفرنسية لانشغالهم بالهجرة، بخلاف شباب المناطق الداخلية الذين يستسلم الكثيرون منهم لظروفهم الاجتماعية، بينما يفضل آخرون «الوطن بهمومه على الغربة بذلها»، بحسب وصف بعضهم.
سمير ( 25 سنة) المهووس بكرة القدم الأوروبية، بقدر هوسه بحلم الهجرة، يقول: «تابعت الانتخابات الفرنسية باهتمام شديد، وخصوصاً المناظرة التلفزيونية». ويضيف الشاب العاطل من العمل منذ تخرجه في الجامعة قبل سنتين بلهجة حماسية: «كنت شغوفاً بمتابعة نصف نهائي رابطة الأبطال الأوروبية، لكنني لم أستطع مقاومة فضولي لتتبع وقائع المناظرة التلفزيونية، وكانت روايال رائعة حقاً وصادقة في انفعالها ضد ساركوزي الذي يتفنن في الكذب، والحق أنني حزنت كثيراً لخسارة السيدة روايال التي ملكت قلوب الكثير من الجزائريين، كما الفرنسيين».
«كابوس ساركوزي والهجرة» ليس حكرا على الشباب الذكور، على رأي منى (22 سنة) الطالبة في كلية الترجمة في جامعة الجزائر. وتقول منى: «يحلم كثير من الشباب بالهجرة لتحسين ظروفهم وتحقيق أحلامهم، وأنا سأنهي دراستي الجامعية هذا العام، ومنذ سنة وأنا أراسل المعاهد الفرنسية والجامعات للحصول على منحة للدراسة، وأخشى أن يقتل ساركوزي أحلامي نهائياً!».
ولدى لمياء رأي آخر: «إن العالم لا ينتهي عند حدود فرنسا». وتوضح الشابة إنها «ستغير وجهتها وتراسل معاهد بريطانية وإسبانية». وبعيداً من هموم التأشيرة أو «الفيزا» كما يسمونها في الجزائر، تبرز مخاوف وأسباب أخرى تجعل الجزائريين يهتمون بالانتخابات الفرنسية، ويحزنون لفوز ساركوزي، اذ تبرز قضية جرائم الاستعمار الفرنسي في صدارة تلك الأسباب التي جعلت الجزائريين «يحقدون» على الوافد الجديد على قصر الاليزيه.
http://www.daralhayat.com/society/youth/05-2007/Item-20070513-865a935f-c0a8-10ed-01b2-ede833aa2560/crece_19.jpg_200_-1.jpg
لافتة في الضواحي: إذا كانت هذه هي الجمهورية... فلتذهب الى الجحيم!
أوشكت الانتخابات الفرنسية أن تتحول «شأناً وطنياً» في ذهن الجزائريين الذين نزل عليهم خبر فوز نيكولا ساركوزي كـ» الصاعقة»، وخصوصاً ملايين الشباب الذين رأوا أحلامهم بالهجرة تتبخر. وانتاب الخوف والسخط الآلاف من الشباب الجزائريين وذوي الأصول الجزائرية المقيمين بطرق غير شرعية، وحتى الحاصلين منهم على بطاقات إقامة، لا يرون أنفسهم في منأى من «نزوات» ساركوزي، على حد وصف بعضهم.
ووسط أجواء الترقب والحذر، وبصيص أمل بقي عالقاً حتى اللحظة الأخيرة في انتصار المرشحة اليسارية سيغولين روايال، نسي الجزائريون وقائع حملة انتخابية تشريعية في بلادهم، في 17 أيار (مايو) الجاري.
وكان لانتصار ساركوزي «وقع أليم على نفوس الجزائريين، بسبب مواقفه التي وجدوها عنصرية و «تعنته» في رفض اعتذار فرنسا عن جرائمها الاستعمارية.
وفي المقاهي، لا حديث للشباب إلا عن «ساركو» و «روايال»، أو «السيدة» كما يحلو لهم تسميتها.
محمد (28 سنة) صاحب محل لطلاء السيارات، عينة عن آلاف الشباب الذين فكروا كثيراً في الاستقرار في فرنسا. وعلى رغم أن والدته وشقيقاته يحملن الجنسية الفرنسية، ويقيم والده بطريقة شرعية في باريس حيث يملك مطعماً، سئم محمد الوقوف مرات عدة أمام مقر السفارة الفرنسية في الجزائر للحصول على التأشيرة، قبل أن يثور غضبه، ويقرر التخلي نهائياً عن فكرة الهجرة لمتابعة دراساته العليا.
وبعد فوز ساركوزي يقول محمد: «أعتقد أن فرص حصولي على التأشيرة متضاربة، لكني لست متحمساً لها كثيراً، وأعتقد أن مستقبل فرنسا سيمضي إلى الهاوية إن مضى ساركو في تعنته وطبق كل وعيده على المهاجرين». ويضيف: «رأينا عينة من غضب الشباب المهاجر، بل الشباب الفرنسي الرافض لسياسة ساركوزي التي قد تتسبب في إشعال فتيل الفتنة بين سكان الضواحي مجدداً».
وعلى عكس محمد، بدت شقيقته عزيزة المقيمة في فرنسا برفقة زوجها، أكثر قلقاً حتى يوم الحسم: «صليت لفوز روايال». وعن سرّ معارضتها لساركوزي، تقول: «لا أحد في مأمن من سياسة هذا الرجل، حتى الحاصلين على بطاقات إقامة يخافون عدم تمديد صلاحياتها. وكنت آمل في فوز روايال لتخفف الضغوط عن المسلمين، لا سيما في قضية منع الحجاب في المدارس».
وأنهى توفيق ( 29 سنة) المقيم في إحدى الضواحي الباريسية، دراسته الجامعية منذ خمسة أشهر، وهو الآن يسعى لتأمين إقامة دائمة، انتفض لسماعه عبارة تعزية بفوز «ساركو»، يقول بغضب: «لن يفعل شيئاً، كنا متأكدين من فوزه، لكننا كنا ننتظر نسبة الفوز فقط، وأعتقد أن الفرنسيين أول من سيثور على سياسته». ويضيفف: «إجراءات الرقابة موجودة سلفاً، ولن يتمكن ساركو من تفريغ فرنسا من المهاجرين».
أما يوسف المقيم في تولوز والعائد الى الجزائر لقضاء أيام العطلة، فله نظرة مختلفة، إذ يقول: «ساركوزي ليس مخطئاً بالضرورة، وحينما ترى شباباً لا يعملون ويتسببون في السرقة وأعمال الحرق، فإنهم يجلبون لنا المآسي، ومن حق الفرنسيين أن «ينظّفوا» بلدهم من أمثال هؤلاء، فلا أحد يقبل أن تعيش عالة عليه في بلده، لا تعمل شيئاً وتستفيد من أموال الضمان الاجتماعي».
ويتابع يوسف متسائلاً: «لم ترفض الدول المغاربية استقبال المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين وتطردهم؟».
الانقسام في مواقف الشباب الجزائريين المقيمين في باريس، يقابله انشطار مماثل لدى الشباب الجزائريين في الجزائر. ويبدو شباب المناطق الشمالية أكثر تحمساً واهتماماً بالانتخابات الفرنسية لانشغالهم بالهجرة، بخلاف شباب المناطق الداخلية الذين يستسلم الكثيرون منهم لظروفهم الاجتماعية، بينما يفضل آخرون «الوطن بهمومه على الغربة بذلها»، بحسب وصف بعضهم.
سمير ( 25 سنة) المهووس بكرة القدم الأوروبية، بقدر هوسه بحلم الهجرة، يقول: «تابعت الانتخابات الفرنسية باهتمام شديد، وخصوصاً المناظرة التلفزيونية». ويضيف الشاب العاطل من العمل منذ تخرجه في الجامعة قبل سنتين بلهجة حماسية: «كنت شغوفاً بمتابعة نصف نهائي رابطة الأبطال الأوروبية، لكنني لم أستطع مقاومة فضولي لتتبع وقائع المناظرة التلفزيونية، وكانت روايال رائعة حقاً وصادقة في انفعالها ضد ساركوزي الذي يتفنن في الكذب، والحق أنني حزنت كثيراً لخسارة السيدة روايال التي ملكت قلوب الكثير من الجزائريين، كما الفرنسيين».
«كابوس ساركوزي والهجرة» ليس حكرا على الشباب الذكور، على رأي منى (22 سنة) الطالبة في كلية الترجمة في جامعة الجزائر. وتقول منى: «يحلم كثير من الشباب بالهجرة لتحسين ظروفهم وتحقيق أحلامهم، وأنا سأنهي دراستي الجامعية هذا العام، ومنذ سنة وأنا أراسل المعاهد الفرنسية والجامعات للحصول على منحة للدراسة، وأخشى أن يقتل ساركوزي أحلامي نهائياً!».
ولدى لمياء رأي آخر: «إن العالم لا ينتهي عند حدود فرنسا». وتوضح الشابة إنها «ستغير وجهتها وتراسل معاهد بريطانية وإسبانية». وبعيداً من هموم التأشيرة أو «الفيزا» كما يسمونها في الجزائر، تبرز مخاوف وأسباب أخرى تجعل الجزائريين يهتمون بالانتخابات الفرنسية، ويحزنون لفوز ساركوزي، اذ تبرز قضية جرائم الاستعمار الفرنسي في صدارة تلك الأسباب التي جعلت الجزائريين «يحقدون» على الوافد الجديد على قصر الاليزيه.