زوربا
05-12-2007, 03:46 PM
الإقتصادية السعودية
اندرو إنجلاند ـ فاينانشال تايمز
منذ اللحظة التي دخل فيها عبد الفتاح الرايدي وصديق له في مقهى للإنترنت في الدار البيضاء، بعد الساعة التاسعة مساءً بقليل، أصبح سلوكه يبعث على الشك. كان المساء دافئاً، لكن مع ذلك كان الرجلان يرتديان سترات. اشتكى الرايدي من الكمبيوتر الذي خصص له، ثم تحول إلى كمبيوتر آخر ودخل إلى موقع له علاقة بحرب العراق. وعندما قام صاحب المقهى بحجب الموقع، فقد أعصابه وضرب لوحة المفاتيح.
ثم حاول أن يدخل على "إم. إس. إن ماسنجر"، لكنه لم يتمكن من ذلك، ما زاد من غضبه. وبعد أن هدد صاحب المقهى باستدعاء الشرطة، صدر عن الرايدي تهديد تقشعر له الأبدان: "إذا لم تدعني أخرج، سترى شيئاً لم تره في حياتك على الإطلاق". ثم فجر نفسه، بينما قام صاحب المقهى بالاتصال بالسلطات المختصة.
الانفجار الذي وقع في 11 آذار (مارس) أشعل سلسلة من الأحداث تفاقمت في شكل عمليات اقتحام من جانب الشرطة، إضافة إلى تفجير خمسة أشخاص آخرين أنفسهم في الدار البيضاء، ما أحيا ذكريات هجمات انتحارية وقعت في أيار (مايو) 2003 وأدت إلى قتل العشرات.
هؤلاء الأشخاص الذين يفجرون أنفسهم نشأوا في سيدي مومن، وهو حي فقير في العاصمة التجارية للمغرب، حيث المنازل مسقوفة بالصفيح وتكتظ بالسكان إلى درجة خلقت مكاناً مليئا بالأزقة، بالكاد تتسع لمرور عربة مدفوعة باليد. الرايدي، الذي كان في العشرينات من عمره، وثلاثة آخرون فجروا أنفسهم في العاشر من نيسان (أبريل) نشأوا في هذا الوضع الفقير.
الفقر والمعدل المرتفع للبطالة ينظر إليهما غالباً على أنهما تربة خصبة لخلايا التطرف التي تبحث عن أفراد جدد تجندهم، وخلفية الرايدي توفر لمحة عن حياة الرجال الذين لفوا الأحزمة الناسفة حول أجسامهم.
ولد في عائلة فقيرة مع ستة إخوان، حسب ما ذكر أصدقاؤه. كان والده يعاقر الخمر، وأحياناً يضرب أبناءه وطلق والدتهم منذ عدة سنوات ماضية. ويقول أصدقاؤه إن الرايدي كان "عادياً" – شابا عاطلا عن العمل لم يكمل دراسته؛ يعاقر الخمر وأحياناً يدخن الحشيش.
كان متعطشاً للرذائل خصوصا بعد طلاق والده من والدته، لكنه غير أساليبه بعد تحذيرات الجيران له أن يبتعد من الطريق الذي سلكه والده. وتحول إلى الدين، كما فعلت أمه عقب طلاقها.
تفجيرات عام 2003 هزت المغرب. وفي رد فعل على ذلك، اعتقلت الشرطة المئات – والبعض يقول الآلاف - من الرجال، بمن فيهم الرايدي، الذي تم حبسه لمدة خمس سنوات لارتباطه بالمهاجمين. وكان يصلي في مسجد يستخدم من قبل بعض أولئك المرتبطين بهجمات عام 2003، وهم أصدقاؤه كما يقول.
ووفقا لأحد أصدقائه: "أول مرة تم اعتقاله فيها كان بريئاً". وتم الإفراج عنه في وقت مبكر وكان سلوكه جيدا في السجن، حسب أحد مسؤولي وزارة الداخلية. وعندما عاد إلى سيدي مومن أصبحت له لحية وأصبح يرتدي الجلباب. وتزوج ولم يكن يتحدث على الإطلاق عن تجربته في السجن.
وقبل نحو عام اختفى، وظهر مع تفجيرات 11 آذار (مارس) التي كانت صدمة لأصدقائه وجيرانه.
هناك القليلون يتحدثون بشكل علني وصريح عن هذه الأحداث. لكن بعض الشباب مستعدون لوصف الإحباط الذي يعيشونه في الأحياء الفقيرة. يقول مراد، أحد العاطلين عن العمل، وهو يدخن الحشيش: "لقد فجروا أنفسهم وماتوا بسرعة. أما نحن فنموت ببطء".
بعض الذين تم اعتقالهم بسبب التفجيرات كانوا يقولون للمحششين إن عليهم أن يصلّوا وأن يغيروا طريقة حياتهم، لكن هؤلاء قرروا التمسك بالحشيش، كما قالوا. ويضيفون أن وصمة العيش في هذا الحي عقب هجمات 2003 جعلت من الصعب الحصول على عمل.
لكن المسؤولين والمحللين يقولون إن الفقر وحده لا يمثل سبباً في تحويل الرجال إلى أشخاص انتحاريين يفجرون أنفسهم. محمد ضارف، الخبير في الجماعات الإسلامية، يقول إن أيدلوجيتهم المتطرفة انتشرت من خلال جماعات إقليمية، بمساعدة عوامل دولية مثل حرب العراق.
وأضاف أن الأحياء الفقيرة مثل سيدي مؤمن تميل إلى أن تصبح أكثر ورعاً، والأمن هناك لم يكن قوياً، ما سمح للناس أن يذهبوا إلى حيث يريدون دون أن يلفتوا الأنظار إليهم. وقال: "ما يحدث هو أن يكون لديك نوع من خلية مراقبة. إنهم موجودون في الحي ويشاهدون المرشحين المحتملين". وأَضاف: "عندما يجدون أحداً، ينتهي دور خلية المراقبة ويبدأ دور خلية أخرى للتأثير على أيدلوجيته".
وكما لو أنهم يريدون أن يثبتوا أن الأحياء الفقيرة ليست هي السبب الوحيد للانضمام إلى هذه الجماعات، قام اثنان أخوان من حي يقع في وسط الدار البيضاء بتفجير نفسيهما خارج القنصلية الأمريكية في 14 نيسان (أبريل).
وكلا الرجلين، محمد وعمر مها، لديهما عمل ويعشان هما وأختهما مع والدهما وزوجته في شقة تقع فوق صالون تجميل للسيدات. الابن الأكبر، محمد، وصفه أحد الجيران بأنه شخص انطوائي وورع. وعمر كان شابا يحب الآخرين ويحب كرة القدم، ويشجع "يوفنتوس" وفريق "الرجاء" المغربي.
عابد مها، والدهما، كان يدخن سيجارة، بينما يحاول أن يجد تفسيراً لما حدث. وعندما سمع أن هناك رجلين فجرا نفسيهما قال إنه التفت إلى نادل في مقهى وقال له: "الله لا يرحم من فعل ذلك".
وفي وقت لاحق عرف أن ابنيه هما اللذان فعلا ذلك. ويقول إنه ليس لديه أصدقاء كثيرون ولا يسهر لوقت متأخر. وقال: "أي شخص يمكن أن يكون ضحية لما حدث، حتى أنت. إنه نوع من الشرك الذي يمكن أن يصطاد أي شخص".
اندرو إنجلاند ـ فاينانشال تايمز
منذ اللحظة التي دخل فيها عبد الفتاح الرايدي وصديق له في مقهى للإنترنت في الدار البيضاء، بعد الساعة التاسعة مساءً بقليل، أصبح سلوكه يبعث على الشك. كان المساء دافئاً، لكن مع ذلك كان الرجلان يرتديان سترات. اشتكى الرايدي من الكمبيوتر الذي خصص له، ثم تحول إلى كمبيوتر آخر ودخل إلى موقع له علاقة بحرب العراق. وعندما قام صاحب المقهى بحجب الموقع، فقد أعصابه وضرب لوحة المفاتيح.
ثم حاول أن يدخل على "إم. إس. إن ماسنجر"، لكنه لم يتمكن من ذلك، ما زاد من غضبه. وبعد أن هدد صاحب المقهى باستدعاء الشرطة، صدر عن الرايدي تهديد تقشعر له الأبدان: "إذا لم تدعني أخرج، سترى شيئاً لم تره في حياتك على الإطلاق". ثم فجر نفسه، بينما قام صاحب المقهى بالاتصال بالسلطات المختصة.
الانفجار الذي وقع في 11 آذار (مارس) أشعل سلسلة من الأحداث تفاقمت في شكل عمليات اقتحام من جانب الشرطة، إضافة إلى تفجير خمسة أشخاص آخرين أنفسهم في الدار البيضاء، ما أحيا ذكريات هجمات انتحارية وقعت في أيار (مايو) 2003 وأدت إلى قتل العشرات.
هؤلاء الأشخاص الذين يفجرون أنفسهم نشأوا في سيدي مومن، وهو حي فقير في العاصمة التجارية للمغرب، حيث المنازل مسقوفة بالصفيح وتكتظ بالسكان إلى درجة خلقت مكاناً مليئا بالأزقة، بالكاد تتسع لمرور عربة مدفوعة باليد. الرايدي، الذي كان في العشرينات من عمره، وثلاثة آخرون فجروا أنفسهم في العاشر من نيسان (أبريل) نشأوا في هذا الوضع الفقير.
الفقر والمعدل المرتفع للبطالة ينظر إليهما غالباً على أنهما تربة خصبة لخلايا التطرف التي تبحث عن أفراد جدد تجندهم، وخلفية الرايدي توفر لمحة عن حياة الرجال الذين لفوا الأحزمة الناسفة حول أجسامهم.
ولد في عائلة فقيرة مع ستة إخوان، حسب ما ذكر أصدقاؤه. كان والده يعاقر الخمر، وأحياناً يضرب أبناءه وطلق والدتهم منذ عدة سنوات ماضية. ويقول أصدقاؤه إن الرايدي كان "عادياً" – شابا عاطلا عن العمل لم يكمل دراسته؛ يعاقر الخمر وأحياناً يدخن الحشيش.
كان متعطشاً للرذائل خصوصا بعد طلاق والده من والدته، لكنه غير أساليبه بعد تحذيرات الجيران له أن يبتعد من الطريق الذي سلكه والده. وتحول إلى الدين، كما فعلت أمه عقب طلاقها.
تفجيرات عام 2003 هزت المغرب. وفي رد فعل على ذلك، اعتقلت الشرطة المئات – والبعض يقول الآلاف - من الرجال، بمن فيهم الرايدي، الذي تم حبسه لمدة خمس سنوات لارتباطه بالمهاجمين. وكان يصلي في مسجد يستخدم من قبل بعض أولئك المرتبطين بهجمات عام 2003، وهم أصدقاؤه كما يقول.
ووفقا لأحد أصدقائه: "أول مرة تم اعتقاله فيها كان بريئاً". وتم الإفراج عنه في وقت مبكر وكان سلوكه جيدا في السجن، حسب أحد مسؤولي وزارة الداخلية. وعندما عاد إلى سيدي مومن أصبحت له لحية وأصبح يرتدي الجلباب. وتزوج ولم يكن يتحدث على الإطلاق عن تجربته في السجن.
وقبل نحو عام اختفى، وظهر مع تفجيرات 11 آذار (مارس) التي كانت صدمة لأصدقائه وجيرانه.
هناك القليلون يتحدثون بشكل علني وصريح عن هذه الأحداث. لكن بعض الشباب مستعدون لوصف الإحباط الذي يعيشونه في الأحياء الفقيرة. يقول مراد، أحد العاطلين عن العمل، وهو يدخن الحشيش: "لقد فجروا أنفسهم وماتوا بسرعة. أما نحن فنموت ببطء".
بعض الذين تم اعتقالهم بسبب التفجيرات كانوا يقولون للمحششين إن عليهم أن يصلّوا وأن يغيروا طريقة حياتهم، لكن هؤلاء قرروا التمسك بالحشيش، كما قالوا. ويضيفون أن وصمة العيش في هذا الحي عقب هجمات 2003 جعلت من الصعب الحصول على عمل.
لكن المسؤولين والمحللين يقولون إن الفقر وحده لا يمثل سبباً في تحويل الرجال إلى أشخاص انتحاريين يفجرون أنفسهم. محمد ضارف، الخبير في الجماعات الإسلامية، يقول إن أيدلوجيتهم المتطرفة انتشرت من خلال جماعات إقليمية، بمساعدة عوامل دولية مثل حرب العراق.
وأضاف أن الأحياء الفقيرة مثل سيدي مؤمن تميل إلى أن تصبح أكثر ورعاً، والأمن هناك لم يكن قوياً، ما سمح للناس أن يذهبوا إلى حيث يريدون دون أن يلفتوا الأنظار إليهم. وقال: "ما يحدث هو أن يكون لديك نوع من خلية مراقبة. إنهم موجودون في الحي ويشاهدون المرشحين المحتملين". وأَضاف: "عندما يجدون أحداً، ينتهي دور خلية المراقبة ويبدأ دور خلية أخرى للتأثير على أيدلوجيته".
وكما لو أنهم يريدون أن يثبتوا أن الأحياء الفقيرة ليست هي السبب الوحيد للانضمام إلى هذه الجماعات، قام اثنان أخوان من حي يقع في وسط الدار البيضاء بتفجير نفسيهما خارج القنصلية الأمريكية في 14 نيسان (أبريل).
وكلا الرجلين، محمد وعمر مها، لديهما عمل ويعشان هما وأختهما مع والدهما وزوجته في شقة تقع فوق صالون تجميل للسيدات. الابن الأكبر، محمد، وصفه أحد الجيران بأنه شخص انطوائي وورع. وعمر كان شابا يحب الآخرين ويحب كرة القدم، ويشجع "يوفنتوس" وفريق "الرجاء" المغربي.
عابد مها، والدهما، كان يدخن سيجارة، بينما يحاول أن يجد تفسيراً لما حدث. وعندما سمع أن هناك رجلين فجرا نفسيهما قال إنه التفت إلى نادل في مقهى وقال له: "الله لا يرحم من فعل ذلك".
وفي وقت لاحق عرف أن ابنيه هما اللذان فعلا ذلك. ويقول إنه ليس لديه أصدقاء كثيرون ولا يسهر لوقت متأخر. وقال: "أي شخص يمكن أن يكون ضحية لما حدث، حتى أنت. إنه نوع من الشرك الذي يمكن أن يصطاد أي شخص".