د. ماجدة حمود: فتح المندل يكشف الجرائم ويصور أحوال الموتى

[لمياء]

وسيلة معروفة منذ القدم استخدموها لمعرفة الخبايا والأسرار


القاهرة-»السياسة«



أوراق »التاروت«, "قراءة الكف", "فتح الكوتشينة", "حيل ضرب الرمل والودع", الاعتقاد في "الخضَّة" والظلام, "الاستبشار بالطالع".. استكشاف الجرائم, السرقات, وأحوال الموتى عبر "فتح المندل".. إنها وسائل كانت, ولا تزال تمارس تأثيرها الخطير علينا, ونستخدمها لملاعبة الغيب, لكن هل فكر أحدنا يوماً: ما هي حقيقة هذه المعتقدات, وتاريخها, وأبرز طرق استخدامها?

تعتقد مجتمعاتنا العربية اعتقاداً راسخاً بقراءة الخط, والاستبشار بالطالع وتباشير النجوم, وبأن الأبراج تحدد حياة الناس, وأحوالهم من سعادة, وشقاء وغنى وفقر, وفي السماء اثنا عشر قسماً, لكل قسم برج, وأسماء الإثني عشر برجاً هي "الدلو", وعلاقته بشهر يناير, و"الحوت" بفبراير, و"الحمل" بمارس و"الثور" بإبريل, و"الجوزاء" بمايو, و"السرطان" بيونيو, و"الأسد" بيوليو, و"السنبلة" أو"العذراء" بأغسطس, و"الميزان" بسبتمبر, و"العقرب" بأكتوبر, و"القوس" بنوفمبر, و"الجدي" بديسمبر, وتتم قراءة الطالع بطريقة "الغيب لكشف الغيب", وطريقة استخدامها بأن يغمض الطالب عينيه, ويضع إصبعه على إحدى خانات منطقة البروج, وهي صورة مقسمة إلى خانات ثم يفتح عينيه, ويتبع الخط الذي فيه النمرة المذكورة متجهاً من اليمين إلى اليسار حتى يصل إلى العمود الذي فيه البرج الذي وضع يده عليه فيجد عدداً يدل على الصفحة الموجود فيها جواب السؤال المطلوب, ويشيع لدى الناس اعتقاد سائد بأن العالم المادي لا يمكن أن توجد فيه الأشياء بطريقة الصدفة بل بتأثير النجوم, فلا يقابل قاهري اسكتلندياً صديقاً مثلاً بطريق المصادفة, ولكن يعتقدون أن ذلك بتأثير الطوالع, وتحقيقاً لغاية خصصتها يد الطبيعة, وكذلك جميع الكوارث التي تمر بنا, ولتأثير الطالع, والنجوم في حياة الأشخاص أسس كثيرة تدعمه, فالشمس مثلاً هي مصدر الحرارة على الأرض, والأرض بتقلباتها تؤثر على عواطفنا, ومشاعرنا ووجداننا, وللقمر تأثير عظيم على الأرض, وعلى ساكنيها, ومفعوله ظاهر في المد والجذر, فمتى كان القمر هو الكوكب الرئيسي في الطالع أثَّر في الإنسان وخاصة في جهازه العصبي, وقوة تخيله فيجعل من بعض الناس أدباء, وفلاسفة وفنانين, ويجعل من الآخرين أشخاصاً ذوي عاهات قد ترقى إلى الجنون أحياناً, وإذا كان هو المهيمن على زلازل الأرض, والعواطف, والبراكين فإن له عظيم الأثر على الأرض في حدوث الحروب, والنوازل الطبيعية, والمصائب الاجتماعية; أما تاريخ الأبراج فيشير إلى أن كل من وُلد في برج معين يقابل في حياته حوادث خاصة لا يقابلها مواليد الأبراج الأخرى, ونظراً لاعتقادنا الراسخ بقدرة الأبراج على التأثير في حياتنا, ورصد أحداثها, وكشف مستقبلها اشتهر عرَّافوا الطوالع, وأصبحوا يعلنون عن أنفسهم, وقدراتهم في كل مكان, بل والأغرب من ذلك أن علم "قراءة الكف", واستكشاف جميع ملامح الشخصية عبر قراءة خطوطه الرفيعة, والتي تكون دقيقة أو غليظة في أحيان أخرى أصبح يؤكد أنه يحمل في جعبته الأسرار العصرية الخطيرة, والتي تُمَكن قارئه من التعرف على المدمن وأي أنواع المخدرات أو المسكرات هي تلك التي يُقبل عليها بل واكتشاف أصحاب الفحولة الزائدة من خلال خطوط كفوفهم, وهؤلاء المندفعين بشكل ثوري دائماً لارتكاب الجرائم, بل وأصحاب المواهب الروحانية, وأكثر من ذلك بكثير من أسرارك الداخلية يمكن لقارئ الكف أن يحددها, ويرصدها لك بسهولة, لكن ماذا عن تاريخ خطوط الكف, وأبرز أسراره?

خطوط
د."ماجدة حمود" تشير إلى أبرز هذه الخطوط, وهو ذلك الخط السليم وأحياناً المكسور الذي يصل من قاعدة الإصبع السبابة إلى قاعدة الإصبع الخنصر, وهو يختص بالجانب الفكري من "العشق", والشخص الذي في يده هذه العلامة يعتبر شهوانياً فكرياً, وليس بالضرورة جسدياً, وإذا وجدت هذه العلامة في كف غليظة قصيرة الأصابع فإن صاحبها شهوني بالدرجة الأولى وخصوصاً فيما يخص "شهوة الجسد" لدرجة أن شهوانيته تلك قد تدفعه نحو إتيان جريمة جنسية, وقد تكون شاذة أيضاً; أما إذا تواجد شكل نصف الدائرة على الإصبع الوسطى لليد اليمنى لأحد الأشخاص كتلك الموجدة في رحم الأنثى, فإن هذا دليل على أن هذا الشخص انفعالي, لن تجُرَّ أعماله نفعاً لأنها غالباً ما تكون بغير دراسةٍ أو تأنٍ, وقد رصد الإغريق ثلاثة خطوط لكن يندر وجودها في أغلب الكفوف, وهي تتواجد عند نهاية الكف وبداية الذراع وهي متوازية تماماً, وأسموها "أساور الصحة والثروة والسعادة" أما إذا تواجد خط منحنٍ يقترب من هذه الأساور الثلاث يتخذ شكل الارتفاع ثم الانخفاض, فإن هذا دليل على أن صاحب هذه الكف من العسير عليه إنجاب الأطفال, وقد كان الكاهن الإغريقي القديم مصيباً في فكره لأن الشخص - سواء كان رجلاً أو امرأة - الذي في يده هذه العلامة يكون ذا ضعف داخلي, وخصوصاً في المسائل الجنسية, حيث أن خطوط الكف لا توضح أن الأحداث المسجلة عليها كانت في الماضي أو الحاضر فهي تخلق مع الإنسان, وهناك بعض الخطوط هي التي يغيرها الإنسان بإرادته القوية, والالتجاء إلى الله والدعاء, والعمل, وهذا في كل الأديان; أما إذا وجد خط على هيئة نصف دائرة يبدأ بجوار حافة الكف, وأسفل الإصبع الصغير "البنصر" فإن جميع الدلائل تشير إلى أنه شخص حساس الشعور جداً, وذو إلهام, وقدرة خارقة على رؤية الأشياء, والحوادث غير المنظورة, وتكون أحلامه واضحة, وهي ليست أحلاماً بل رؤى واضحة لا تحتاج إلى تفسير, وغالباً ما يتواجد هذا الخط بأيدي السيدات اكثر منه في ايدي الرجال, وهي من أحسن أنواع الخطوط باليد, ويعطيها الله لمن يشاء, فهو شخص ملهم بطبعه يمكنه أن يحل أية مشكلة, ويتنبأ بأغلب الأموات على أن تكون تنبؤاته صحيحة, وصاحب هذا الخط المتفرد إذا أدمن أي نوع من الكحوليات أو المسكرات فإنه بذلك يبدد "خط الإلهام" لديه حيث أنه سيظل يختفي رويداً رويداً حتى ينتهي, وثابت أن أغلب آلهة الإغريق القدامى كانوا يتمتعون بهذا الخط في كفوفهم, ويعتبرونه الخط الذي "يزين الكف", وتشير علامة "X " أسفل الإصبع السبابة عند نهاية الكف أن صاحبها يمتلك موهبة طبيعية في دراسة العلوم الروحانية, وأنه ميَّال إليها, وإذا استطاع أن يُكرس لها جُلَّ اهتمامه فسيصبح من المرموقين في هذا النوع من العلوم, ويعود السبب في هذا الميل إلى الروحانيات إلى تل المشتري الواقع في المنطقة المتواجدة في نهاية الإصبع "السبابة", وهذه العلاقة تعد نادرة أيضاً.

المندل يصور أحوال الموتى
أما الكشف عن الأمور الغيبية باستخدام "المندل" فإنه معروف منذ القدم, ويشير تاريخه إلى أنه للكشف عن الخبايا باستخدام "فتح المندل" يتم إغلاق المصحف ويوضع في أحد أطرافه مفتاح, ويعصب ب¯"دوبارة", وتكتب أسماء المشكوك فيهم, وتُوضع على أطراف إناء كبير, وتحرك "الدوبارة" الملفوفة في جانب المصحف على جوانب الصينية إلى أن تستقر عند اسم من هذه الأسماء للتعرف على ماهية السارق أو الفاعل, واستخدام "المندل" بهذه الطريقة هو تقرير ظالم لحدود بعيدة, حيث أن هناك طريقة أخرى يتم من خلالها "فتح المندل" باستخدام الكف للكشف عن الأشياء المسروقة, والمختبئة عن العين, أو لتتبع الطرق التي اتخذها القتيل أثناء قتله, وهي طريقة ثابتة, وأكد الكثيرون فاعليتها بنجاح, وأيضاً يمكن للمندل باستخدام الكف السحري الكشف عن أحوال الموتى الغائبين, ويغلب على هذه الطريقة إحضار طفل في سن السابعة أو الثامنة, ويتم اختياره بواسطة رسم كفه حيث يعتقد الناس بأنه إذا كان رسم الكف يُقرأ 71 أو 17 كان الأطفال أقرب إلى إنجاح "المندل", ويتم رسم المربعات السحرية في يد الطفل اليمنى, ويُصب الحبر في وسطها ثم تُصَب نقاط من الزيت مع إطلاق البخور في "مجمرة" بها "لبان" و"كسبرة" و"بخور" حتى يمتلئ المكان بالدخان, ويظل الساحر يتمتم بعبارات غير مفهومة أثناء استجواب الطفل فيما يراه من أشياء تحدث تجاه الشيء أو الشخص المسؤول عنه, ولا يزال بالطفل حتى يقول: "رأيت", ويسأل عن كل شيء يتوقعه السائلون حول الشيء أو المكان أو الشخص المراد تقفي أثره, وقد يحدد "فاتح المندل" للطفل الرائي بعض الأوامر التي يجب أن يلقيها الطفل على الشيء المرئي لتتم الرؤية بشكل بيِّن, إلى أن يتم التعرف على الأثر باستخدام نوع من الإيحاء.