جمال
05-11-2007, 12:19 AM
الشيخ محمد رفعت خاف أن تكون التلاوة في الإذاعة ذنبا فاستفتى الأزهر.. ومات وفي خزانته اسطوانات بيتهوفن وموتسارت وفاغنر
القاهرة: نشوى الحوفي
http://www.aawsat.com/2007/05/10/images/daily.418538.jpg
يمتلك صوته القدرة على التحليق بك في الفضاء الرحب، يصحبك بين فنون التلاوة والتجويد والترتيل وحلاوة الصوت فلا يملك قلبك عند الاستماع له سوى الخشوع لتلك القراءة التي تستحوذ على حواسك. وعلى الرغم من تسجيلاته التي تركها بعد وفاته منذ ما يزيد عن النصف قرن إلا ان صوته كقارئ للقرآن ما زال يطرب سامعيه الى الحد الذي قدمت فيه رسائل للماجستير والدكتوراه في معهد الموسيقى العربية التي كان على صلة جيدة بها وبنجومها وعلى رأسهم الموسيقار محمد عبد الوهاب وكوكب الشرق أم كلثوم.
ليس هذا فقط، فقد كان محبا للموسيقى الكلاسيكية حتى أنه وبعد وفاته لم يجد أبناؤه في خزانته الخاصة أموالا، بل وجدوا أسطوانات لبيتهوفن وموتسارت وشوبرت وفاغنر. هو الشيخ محمد رفعت قيثارة السماء الذي طالما رتل القرآن كأبدع ما يكون والذي تمر يوم الاحد المقبل الموافق 13 مايو ذكرى ميلاده الخامسة والعشرين بعد المائة. وهو ما دفع بوزارة الثقافة المصرية الى تنظيم احتفالية ضخمة في تلك المناسبة تنعقد وقائعها في قصر السلطان الغوري القريب من جامع الازهر.
ولد الشيخ محمد رفعت في حي المغربلين بالقاهرة في العام 1882. وبعد سنوات قليلة من ولادته أصيب بمرض في عينيه تسبب في ضعف بصره الذي فقده تماما بعد ذلك في مطلع الثلاثينات. في الخامسة من عمره ألحقه والده بكتاب «بشتك» الذي تعلم فيه القرآن الذي أتم حفظه قبل إتمامه السنوات العشر. وتقول السيدة هناء حسين رفعت، حفيدة الشيخ، التي التقتها «الشرق الاوسط»: «كان شيخه الذي تولى تحفيظه القرآن يحبه كثيرا، فقد كان يمتلك وجها بشوشاً بالاضافة الى إتقانه الحفظ والتلاوة بصوت شجي، فعلمه التجويد وأعطاه شهادة إجادة حفظ القرآن وتجويده قبل بلوغه السادسة عشرة من عمره وكتب فيها:
«أنه وبعد أن قرأ علينا الشيخ محمد رفعت القرآن الكريم تلاوة وترتيلا ومجودا ومجزءا فقد منحته الاعتراف بأهليته لترتيل القرآن وتجويده». بعدها بدأ الشيخ محمد رفعت طريقه كقارئ للقرآن الكريم في مسجد الشيخ فاضل القريب من الكتاب الذي درس به بالقرب من حي السيدة زينب. وهو المسجد الذي ظل يقرأ فيه حتى وافته المنية. وعندما ذاع صيته بدأ في تلاوة القرآن في السهرات والأفراح والمآتم. الطريف، وكما تقول حفيدته السيدة هناء، أنه كان محبا للطرب العربي الاصيل وكان على صلة جيدة بنجوم الطرب في عصره من أمثال الشيخ أبو العلا محمد وعبده الحامولي ومحمد عثمان حيث تأثر بهم واستقى منهم المقامات التي كان يتلون بها القرآن.
كما ربطته علاقة قوية بعدد من كبار المقرئين في عصره، من أمثال الشيخ البربري والمناخلي، الذين إستفاد منهم وتعلم منهم الكثير بشكل صقل موهبته. واذا كان الشيخ محمد رفعت قد استفاد من علاقته بمطربي وقراء جيله، فإن الصدفة لعبت دورا كبيراً في ذيوع صيته.
حدث ذلك في العام 1934 عندما كان يقرأ في أحد المآتم وكان من بين الحاضرين فيه الامير محمد علي الذي أعجب بصوته الى أقصى درجة. في الوقت نفسه كانت الاذاعة المصرية الرسمية تستعد لبدء بثها الرسمي في 31 مايو، فأرسل الامير محمد علي الى الشيخ محمد رفعت يطلب منه أن يفتتح البث التجريبي للإذاعة المصرية بتلاوة القرآن الكريم. وتتوقف السيدة هناء عند تلك المناسبة فتقول عنها: «تردد جدي الشيخ رفعت في الموافقة خوفا من أن تكون قراءة القرآن في الاذاعة ذنباً وكان يخشي ارتكاب الآثام.
فلجأ الى علماء الازهر يسألهم الفتوى في هذا الشأن فأخبروه بجوازه. وهو ما كان، حيث تم افتتاح الارسال الرسمي للإذاعة بصوته. وقد قرر المسؤولون بث ساعة من انتاج الاذاعة المصرية الى العالم في تلك الفترة التي لم تكن فيها الفضائيات معروفة. ووقع اختيارهم على الشيخ محمد رفعت والسيدة أم كلثوم والموسيقار عبد الوهاب. وقد استمع مواطن كندي الى صوت جدي ولم يكن يعرف شيئا عن الاسلام فجاء الى مصر وسأل عنه وذهب اليه وأعلن إسلامه مؤكدا له أن في صوته خشوعا ملأ قلبه.
لم يكن المواطن الكندي هو فقط من تأثر بصوت قيثارة السماء الشيخ محمد رفعت، ولكن غيره كثرُ، ومنهم مهراجا هندي استمع اليه في الاذاعة المصرية وأثناء وجوده في مصر في نهاية الثلاثينات أرسل إليه يعرض عليه السفر معه الى الهند وقضاء شهر رمضان هناك وقراءة القرآن بصوته في مساجد الهند المختلفة نظير مائة جنيه في اليوم الواحد. في الوقت الذي كان الشيخ محمد رفعت يحصل من الاذاعة المصرية على 100 جنيه طوال شهر رمضان نظير قراءة القرآن لمدة 45 دقيقة في كل يوم. وقد توسط في هذا الاتفاق الموسيقار عبد الوهاب وحاول إقناع الشيخ محمد رفعت بالسفر إلا أن قارئ القرآن رفض العرض لاسباب عدة أهمها أنه كان زاهدا في المال ولم يكن يحب المتاجرة بالقرآن، كما كان يقول. كما أنه لم يكن يحب فراق مصر ومفارقة أصحابه الذين كانوا ينتمون الى مجالات عدة، حيث كان يلتقيهم في صالون ثقافي كان ينظمه في بيته ويحضره رامي والسنباطي والشيخ زكريا احمد وكامل الشناوي وبديع خيري ونجيب الريحاني والسيدة ام كلثوم والعديد من رموز الادب والفن في مصر. وتتذكر السيدة هناء سيرة جدها فتقول:
«كان جدي قد قام ببناء منزل مكون من ثلاثة طوابق جعل الطابق الارضي منها تكية للفقراء وعابري السبيل يجدون فيها الطعام والشراب على مدار اليوم. بينما خصص الطابق الثاني للقاء صحبته، وخصص الطابق الثالث لأسرته التي كانت تتكون من زوجته وأبنائه الاربعة محمد وأحمد وحسين ونادية. وكان جدي الذي فقد بصره تماماً في الكبر يحضر عمي الكبير محمد ويطلب منه قراءة كل ما يجد في عالم الكتب. وفي الدقائق الاولى من تلك القراءة كان جدي يصحح لعمي أسلوب نطق الكلمات، وقواعد الصرف ثم سرعان ما يستغرق في معاني الكلمات والافكار الواردة في الكتاب فيسرح في بحر من الصمت الى الحد الذي كانت تتساقط فيه الدموع من عينيه».
وفي العام 1943 بدأت رحلة الشيخ محمد رفعت مع المرض الذي لم يكتشف الاطباء وقتها سره أو طبيعته. حيث كانت تنتابه نوبات طويلة من الفواق «الزغطة»، كان من الممكن أن تستمر معه لمدة ثلاث أو أربع ساعات. ولم تفلح محاولات الاطباء في وقف تلك النوبات رغم العلاج الذي كان يتلقاه.
وقد شخص الاطباء بعد وفاته بسنوات حالته بأنها كانت سرطانا في الحنجرة. لكنه أصر رغم ذلك على مواصلة رحلته في قراءة القرآن وكان يذهب الى الاذاعة مرتين في الاسبوع وظل كذلك حتى عام 1948 وهو العام الذي اشتد عليه المرض الذي كان يهاجمه على فترات متقطعة طوال اليوم أغلب ساعات يومه بدون انقطاع وحدث أنها هاجمته مرة أثناء تلاوته للقرآن في الإذاعة فامتنع عن الذهاب لتسجيل القرآن بعدها لخوفه من ضياع منزلته لدى القراء، واكتفى بتلاوة القرآن في مسجد فاضل. وبرر ذلك بأنه يستطيع الذهاب الى المسجد كلما كان قادراً لقربه من منزله». وتقول السيدة هناء:
«كان جدي عزيز النفس وكان يخشى على صورته التي كونها على مدار عمره حتى أنه حدث عام 1949 أن نشرت مجلة «المصور» خبرا مصحوباً بصورة عن مرض الشيخ محمد رفعت وكان الهزال باديا عليه. فأعلن الأستاذ أحمد الصاوي عن فتح اكتتاب عام لجمع التبرعات لعلاج الشيخ. حيث انهالت على المجلة من كل أنحاء مصر مبالغ طائلة قدرت وقتها بنحو 50 ألف جنيه. الا أن الشيخ محمد رفعت رفض تسلم المبلغ مؤكدأً أنه ليس بحاجة له وأن أصحاب هذه المبالغ أولى بها منه.
وهو ما دفع الاستاذ الصاوي الى الكتابة في «الاهرام» عن موقف الشيخ رفعت النبيل وسمو ذاته». أما الشيء الذي لا تنساه السيدة هناء فهو حرص اثنين من رموز المجتمع القبطي آنذاك هما الكاتب بديع خيري، والفنان نجيب الريحاني، على زيارة الشيخ في أيامه الأخيرة بعد أن احتجب عن الذهاب إلى الإذاعة وكانت جلساتهم تسودها القفشات والضحكات في محاولة للتسرية عنه. ويرحل الشيخ محمد رفعت في العام 1950 تاركا وراءه تراثاً هائلاً من الترتيل القرآني الذي ما زال يجمع أحباءه.
القاهرة: نشوى الحوفي
http://www.aawsat.com/2007/05/10/images/daily.418538.jpg
يمتلك صوته القدرة على التحليق بك في الفضاء الرحب، يصحبك بين فنون التلاوة والتجويد والترتيل وحلاوة الصوت فلا يملك قلبك عند الاستماع له سوى الخشوع لتلك القراءة التي تستحوذ على حواسك. وعلى الرغم من تسجيلاته التي تركها بعد وفاته منذ ما يزيد عن النصف قرن إلا ان صوته كقارئ للقرآن ما زال يطرب سامعيه الى الحد الذي قدمت فيه رسائل للماجستير والدكتوراه في معهد الموسيقى العربية التي كان على صلة جيدة بها وبنجومها وعلى رأسهم الموسيقار محمد عبد الوهاب وكوكب الشرق أم كلثوم.
ليس هذا فقط، فقد كان محبا للموسيقى الكلاسيكية حتى أنه وبعد وفاته لم يجد أبناؤه في خزانته الخاصة أموالا، بل وجدوا أسطوانات لبيتهوفن وموتسارت وشوبرت وفاغنر. هو الشيخ محمد رفعت قيثارة السماء الذي طالما رتل القرآن كأبدع ما يكون والذي تمر يوم الاحد المقبل الموافق 13 مايو ذكرى ميلاده الخامسة والعشرين بعد المائة. وهو ما دفع بوزارة الثقافة المصرية الى تنظيم احتفالية ضخمة في تلك المناسبة تنعقد وقائعها في قصر السلطان الغوري القريب من جامع الازهر.
ولد الشيخ محمد رفعت في حي المغربلين بالقاهرة في العام 1882. وبعد سنوات قليلة من ولادته أصيب بمرض في عينيه تسبب في ضعف بصره الذي فقده تماما بعد ذلك في مطلع الثلاثينات. في الخامسة من عمره ألحقه والده بكتاب «بشتك» الذي تعلم فيه القرآن الذي أتم حفظه قبل إتمامه السنوات العشر. وتقول السيدة هناء حسين رفعت، حفيدة الشيخ، التي التقتها «الشرق الاوسط»: «كان شيخه الذي تولى تحفيظه القرآن يحبه كثيرا، فقد كان يمتلك وجها بشوشاً بالاضافة الى إتقانه الحفظ والتلاوة بصوت شجي، فعلمه التجويد وأعطاه شهادة إجادة حفظ القرآن وتجويده قبل بلوغه السادسة عشرة من عمره وكتب فيها:
«أنه وبعد أن قرأ علينا الشيخ محمد رفعت القرآن الكريم تلاوة وترتيلا ومجودا ومجزءا فقد منحته الاعتراف بأهليته لترتيل القرآن وتجويده». بعدها بدأ الشيخ محمد رفعت طريقه كقارئ للقرآن الكريم في مسجد الشيخ فاضل القريب من الكتاب الذي درس به بالقرب من حي السيدة زينب. وهو المسجد الذي ظل يقرأ فيه حتى وافته المنية. وعندما ذاع صيته بدأ في تلاوة القرآن في السهرات والأفراح والمآتم. الطريف، وكما تقول حفيدته السيدة هناء، أنه كان محبا للطرب العربي الاصيل وكان على صلة جيدة بنجوم الطرب في عصره من أمثال الشيخ أبو العلا محمد وعبده الحامولي ومحمد عثمان حيث تأثر بهم واستقى منهم المقامات التي كان يتلون بها القرآن.
كما ربطته علاقة قوية بعدد من كبار المقرئين في عصره، من أمثال الشيخ البربري والمناخلي، الذين إستفاد منهم وتعلم منهم الكثير بشكل صقل موهبته. واذا كان الشيخ محمد رفعت قد استفاد من علاقته بمطربي وقراء جيله، فإن الصدفة لعبت دورا كبيراً في ذيوع صيته.
حدث ذلك في العام 1934 عندما كان يقرأ في أحد المآتم وكان من بين الحاضرين فيه الامير محمد علي الذي أعجب بصوته الى أقصى درجة. في الوقت نفسه كانت الاذاعة المصرية الرسمية تستعد لبدء بثها الرسمي في 31 مايو، فأرسل الامير محمد علي الى الشيخ محمد رفعت يطلب منه أن يفتتح البث التجريبي للإذاعة المصرية بتلاوة القرآن الكريم. وتتوقف السيدة هناء عند تلك المناسبة فتقول عنها: «تردد جدي الشيخ رفعت في الموافقة خوفا من أن تكون قراءة القرآن في الاذاعة ذنباً وكان يخشي ارتكاب الآثام.
فلجأ الى علماء الازهر يسألهم الفتوى في هذا الشأن فأخبروه بجوازه. وهو ما كان، حيث تم افتتاح الارسال الرسمي للإذاعة بصوته. وقد قرر المسؤولون بث ساعة من انتاج الاذاعة المصرية الى العالم في تلك الفترة التي لم تكن فيها الفضائيات معروفة. ووقع اختيارهم على الشيخ محمد رفعت والسيدة أم كلثوم والموسيقار عبد الوهاب. وقد استمع مواطن كندي الى صوت جدي ولم يكن يعرف شيئا عن الاسلام فجاء الى مصر وسأل عنه وذهب اليه وأعلن إسلامه مؤكدا له أن في صوته خشوعا ملأ قلبه.
لم يكن المواطن الكندي هو فقط من تأثر بصوت قيثارة السماء الشيخ محمد رفعت، ولكن غيره كثرُ، ومنهم مهراجا هندي استمع اليه في الاذاعة المصرية وأثناء وجوده في مصر في نهاية الثلاثينات أرسل إليه يعرض عليه السفر معه الى الهند وقضاء شهر رمضان هناك وقراءة القرآن بصوته في مساجد الهند المختلفة نظير مائة جنيه في اليوم الواحد. في الوقت الذي كان الشيخ محمد رفعت يحصل من الاذاعة المصرية على 100 جنيه طوال شهر رمضان نظير قراءة القرآن لمدة 45 دقيقة في كل يوم. وقد توسط في هذا الاتفاق الموسيقار عبد الوهاب وحاول إقناع الشيخ محمد رفعت بالسفر إلا أن قارئ القرآن رفض العرض لاسباب عدة أهمها أنه كان زاهدا في المال ولم يكن يحب المتاجرة بالقرآن، كما كان يقول. كما أنه لم يكن يحب فراق مصر ومفارقة أصحابه الذين كانوا ينتمون الى مجالات عدة، حيث كان يلتقيهم في صالون ثقافي كان ينظمه في بيته ويحضره رامي والسنباطي والشيخ زكريا احمد وكامل الشناوي وبديع خيري ونجيب الريحاني والسيدة ام كلثوم والعديد من رموز الادب والفن في مصر. وتتذكر السيدة هناء سيرة جدها فتقول:
«كان جدي قد قام ببناء منزل مكون من ثلاثة طوابق جعل الطابق الارضي منها تكية للفقراء وعابري السبيل يجدون فيها الطعام والشراب على مدار اليوم. بينما خصص الطابق الثاني للقاء صحبته، وخصص الطابق الثالث لأسرته التي كانت تتكون من زوجته وأبنائه الاربعة محمد وأحمد وحسين ونادية. وكان جدي الذي فقد بصره تماماً في الكبر يحضر عمي الكبير محمد ويطلب منه قراءة كل ما يجد في عالم الكتب. وفي الدقائق الاولى من تلك القراءة كان جدي يصحح لعمي أسلوب نطق الكلمات، وقواعد الصرف ثم سرعان ما يستغرق في معاني الكلمات والافكار الواردة في الكتاب فيسرح في بحر من الصمت الى الحد الذي كانت تتساقط فيه الدموع من عينيه».
وفي العام 1943 بدأت رحلة الشيخ محمد رفعت مع المرض الذي لم يكتشف الاطباء وقتها سره أو طبيعته. حيث كانت تنتابه نوبات طويلة من الفواق «الزغطة»، كان من الممكن أن تستمر معه لمدة ثلاث أو أربع ساعات. ولم تفلح محاولات الاطباء في وقف تلك النوبات رغم العلاج الذي كان يتلقاه.
وقد شخص الاطباء بعد وفاته بسنوات حالته بأنها كانت سرطانا في الحنجرة. لكنه أصر رغم ذلك على مواصلة رحلته في قراءة القرآن وكان يذهب الى الاذاعة مرتين في الاسبوع وظل كذلك حتى عام 1948 وهو العام الذي اشتد عليه المرض الذي كان يهاجمه على فترات متقطعة طوال اليوم أغلب ساعات يومه بدون انقطاع وحدث أنها هاجمته مرة أثناء تلاوته للقرآن في الإذاعة فامتنع عن الذهاب لتسجيل القرآن بعدها لخوفه من ضياع منزلته لدى القراء، واكتفى بتلاوة القرآن في مسجد فاضل. وبرر ذلك بأنه يستطيع الذهاب الى المسجد كلما كان قادراً لقربه من منزله». وتقول السيدة هناء:
«كان جدي عزيز النفس وكان يخشى على صورته التي كونها على مدار عمره حتى أنه حدث عام 1949 أن نشرت مجلة «المصور» خبرا مصحوباً بصورة عن مرض الشيخ محمد رفعت وكان الهزال باديا عليه. فأعلن الأستاذ أحمد الصاوي عن فتح اكتتاب عام لجمع التبرعات لعلاج الشيخ. حيث انهالت على المجلة من كل أنحاء مصر مبالغ طائلة قدرت وقتها بنحو 50 ألف جنيه. الا أن الشيخ محمد رفعت رفض تسلم المبلغ مؤكدأً أنه ليس بحاجة له وأن أصحاب هذه المبالغ أولى بها منه.
وهو ما دفع الاستاذ الصاوي الى الكتابة في «الاهرام» عن موقف الشيخ رفعت النبيل وسمو ذاته». أما الشيء الذي لا تنساه السيدة هناء فهو حرص اثنين من رموز المجتمع القبطي آنذاك هما الكاتب بديع خيري، والفنان نجيب الريحاني، على زيارة الشيخ في أيامه الأخيرة بعد أن احتجب عن الذهاب إلى الإذاعة وكانت جلساتهم تسودها القفشات والضحكات في محاولة للتسرية عنه. ويرحل الشيخ محمد رفعت في العام 1950 تاركا وراءه تراثاً هائلاً من الترتيل القرآني الذي ما زال يجمع أحباءه.