المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصة قطة ابن كلب ......سيماء المواطنة الكويتية على وجوه قططنا المترفة



زهير
05-03-2007, 11:46 PM
تكتبها : ليلى أحمد

E- mail
fonon@alraialaam.com


الاسبوع الماضي كان حافلاً... بالقطط!

أهلا بالربيع وفصل الخصوبة... ومواء القطط في الشوارع الخلفية... ومطاردة عنيفة لذكر القط لأنثاه... القطة!!...
تعرضت بسببها إلى أكثر من حادث... دهس!!... ليس بالضرورة أن اتحول إلى كومة لحم بعظام مكسورة تحت عجلة سيارة مجنونة السرعة، بل... تحرشت بي هذه القطط إلى درجة مضحكة...

عادة... يتجبر الإنسان على الكائنات الضعيفة، وضد كل من لا حول ولا قوة له، كما تفعل معنا حكوماتنا غير الرشيدة، ولكن أن يتجبر كائن ضعيف ويهزأ بي... ويحولني إلى ضحية، بسبب اغتياله لسلام روحي، فهذا هو عجب الكويت العجاب...
كنت أقود سيارتي، فإذا بقطة مخملية داكنة السواد ارتدت ثوب الليل، تتمخطر على آخر مزاج بالشارع.

انبهرت بلونها الفاحم، وثقتها الزائدة بالنفس، واحترمت دلعها الأنثوي ذات السلالة الشيرازية، ولا أدري كيف خمنت انها قطة وليس... قط ذكر!!... ربما لأن دلعها الزائد عن الحد، يظهر لي سلالة تعودت على تربية البيوت المنعمة بالترف، وربما... أظن... لا... أكيد ان خطواتها الراكزة، وانثناءات حركة جسدها اصابت قلبي بوداد الفهم لها... ربما تعاني من آلام المغص للدورة الحمراء... وربما... تكون «الأخت» حاملاً من قط ابن... حرام!!...

واحتراماً أميناً لحقوق الحيوان، وإيماني أنها قطة «بنت بيوت» فلابد انها كويتية، ولابد أن أساهم في «صيانة» حقوق... المواطنة!... فهذه الكويتية رفضت حكومتنا «الجبارة العيارة المكارة» منحها حقوق المواطنة، فلا تعترف بها ككائن حي، فحرمتها من حقوق السكن لأن ليس لها.. زوج ذكر «الله والذكور عاد».... وربما أحبت هذه القطة وافداً عربياً ثم تزوجت غير كويتي، فالعقوبة تشتد عليها وعلى أولادها، عقوبات حكومتنا أشد من قسوة أباليس النار...

إذن... فلا أملك إلا ان أدلع قطة... الهنا...
القطة ذات الشعر الغزير الناعم والفاحم كانت تتمايل في مشيتها «على آخر مزاج»... تركتها تتدلع وأنا أتابع حلاوة هذا الكائن الوديع، الذي يشبهنا كثيراً نحن النساء في طباعه الكثيرة... مثل التمسح والتودد للشريك حين الحاجة العاطفية، ثم بعد الارتواء تقود انقلاباً عليه، يحكمنا مزاجناً «الفتان» فتقلب عيشته كيفما تريد، ثم... نتحول إلى قطط شديدة الرقة والنعومة، فيقربنا منه لإحساسه اننا... أناث ضعيفات!!...

وأنا أقارن بين عواطف النساء وهذه القطة المندلقة التي وقفت احتراماً... لدلعها، فإذا بسيارة تخبطني من... الخلف!!... يا للهول... كيف غاب عني أن أؤمن خلفيتي بإضاءة أنوار السيارة الأربعة تبرق... تضيء وتطفئ حتى تفهم الكائنات السيارة التي خلفي ان هناك أمرا... جللا، فيتفادون الاصطدام بي!!...

تكة خبطة جعلت عيني تفران لمرآة السيارة الأمامية لأرى الخابط للمخبوط «حضرتنا»... فهل هو مراهق سرق سيارة ذويه، أو قد سمح له الوالد أطال الله بعمره ليمارس الولد أول سلطاته الذكورية بالشارع - دون أي تهذيب - أو ربما واحد مستهتر «رايح فيها ورا الشمس»... أو امرأة ضاقت بوقفتي ولم تتجاوزني يساراً، فقررت معاقبتي بطريقتها في ... ضربي!!...

تابعت القطة اللامبالية، فإذا بها تعبر الشارع، ثم تلتفت بنظرة غير مهتمة لصوت فرامل السيارة التي ضبطت حديد بحديد، ثم ذهبت «الأخت» القطة إلى مساحة عشب ربيعي أخضر طري، وأخذت تتمرغ... وتتقلب... وتتشقلب سعيدة بنفسها ربما... غيظاً بي!!... يالنكد الإناث...

قط ابن كلب
في المرة الثانية قط «ناشف» شكله العابث يدل على انه ابن... شوارع!!... مبهدل ونزق، وكنت مستعجلة لموعد عمل مهم، سيحين بعد ثلث ساعة وأوانه بعد... حين!!... خارجة من بيتي في صباح منعش... وأمامي الطريق إلى الفندق ربع ساعة وخمس دقائق احتسبهم لاحتمالات زحمة الطريق، أو مشاكسات حوادث مرورية غير متوقعة.

اقتربت من «الأخ» القط، وهو يتمشى بهدوء يشم هوا.. اقتربت أكثر، ولا معبرني، وضعت يدي على منبه السيارة، فالاكيد انه سيسمع، والغريب انه لم يفزع!!.. يه.. ماذا أفعل!!.. حسنا ربما هو قط أطرش، فأضأت لسيادته نور السيارة، فإن كان أصم، فالاكيد انه ليس.. أعمى وحتما سيبتعد...

نظر اليّ من شارع بيتي الهادئ، وأدار رأسه الصغير لطريقه ولا مشفق على حالي، واكمل بنفس وتيرة البطء والهدوء مسيرته في سكة سلامته. ثم فجأة.. تكوم.. ومدد عضلات جسده، ثم انكمش في وسط الشارع، يا ابني عيب، شوف لك استراحة بعيدة، أرجوك لا تعطلني... ولا اهتم لتوسلاتي الهامسة.
من أين أتى هذا القط بكل هذه الثقة والعناد واحتسابه هو ومن قبله، ان الطريق وراثة من أهل - لا يعرفونهم - وانجبوهم للشارع..

السيارات التي خلفي تصرخ بمنبهات الصوت لكي أتحرك صراخات مختلفة الاسماع تقشع الفضاء، وأنا لا أتحرك بانتظار مرور.. معاليه!!..

حال القط المغرور يشبه موكب رئاسي حكومي في أي بلد عربي، زعماؤنا محفوفون بعشرات سيارات الفخامة العسكرية، وبرجال مدججين لكافة أسلحة التصنت والمراقبة وأدوات القتل الفوري، فحين يقرر سيادة زعيم الأمة المرور في الشارع، فهو يغلق أنفاس الشوارع والناس، وتتعطل مصالحهم، لأجل مرورهم غير الكريم!..

وفهمي - اللي على قدي - لا يفهم، لماذا هؤلاء الرؤساء المدججون بالمواكب أمامهم وحولهم وخلفهم، ومحاطون بكل هذه الارتال العسكرية والمدنية لماذا يحكموننا طالما أنهم يخافون منا!.. هل كل هذه الاحتياطات الامنية المشددة حولهم، ترجع لعدم ثقتهم بصعود كراسي الحكم في وطننا العربي المنكود.. بهم!!..

ما علينا.. لنعود لقطنا ابن الكلب (هاهاها.. كيف خلطت عباس على درباس، وعبثت بجيناتهم ما أدري)..
أحد الراكبين في السيارة التي خلفي، هبط من سيارته، ليستكشف «سر» وقوفي الصامد في وجه... زمامير سياراتهم!!.. فوجد القط الدلوع «المتونس» بانبطاحه على الشارع.. التقطه دون مقاومة، وقذف به الى الرصيف..
غريب أمر القطط في كويتنا الجميلة، ما هذا البرود ازاء أحداث جمة تؤدي الى العجز أو.. الموت!..

لماذا يشبه مواطننا العربي بسلبيته حول ما يراه ويعيشه في حياته اليومية من ظلم وغبن، هذه القطط اللامبالية التي يصطفي عندها الموت بالحياة..
في بلاد العالم المتحضرة، حيث حقوق الحيوان مساوية لحقوق الانسان، لا نجد قططا أو كلابا بالشوارع.. القطط في حمالات خاصة بها تحضنها صاحبتها، والكلب توصله خيط جلدي غير مؤذ معلق برقبته وصاحبته وهي تتعامل مع القطط أو الكلاب بأمومة غريبة..

كلابنا وقططنا موطنها الشوارع، حتى انني فزعت مرة، حين خرجت من مكتبي بالجريدة ذات ظهيرة، وما ان اصبحت في موقف السيارات لم أصل بعد لسيارتي حتى شاهدت كلبا.. بطولي!.. ينظر اليّ بتحفز، ويمد لسانه لاهثا، وشكله سينقض عليّ، وربما اصبح جزءا مني طعاما شخصيا له..

قلت لقلبي موجهة خطابي للكلب ابن الكلب: يا ابن خالي تعال نتفاهم.. بلاش تخوفني بعيونك اللامعة الدامعة.. سألته..

هل أنت جائع.. يمكننا ان نذهب سويا الى أقرب مطعم للفاست فود، أطلب لك أكبر همبرغر ولعدد كبير، مقابل ان تتخلى عن طمعك في.. لحمي..
لسانه الطويل يتدلى أكثر، وجسده الواقف في محله من نظرة تحد - الى ما أدري من - ينتفض..

يا معود عن الغشمرة (غشمرة يعني مزاح) تعال نتمشى للمطعم القريب، وبعد اطعامك سآخذك لأخذ حمام «ما صار» حتى تستعيد لونك الطبيعي.. صدقني يا ابن الكلب.
أنا حنونة، ويمكنني مساعدتك، بس... لا تأكلني!!...
اثنان من الزملاء واحد من جريدتنا والثاني من تلفزيون الراي شاهدوا النظرات المتبادلة بيني وبين... الكلب!!... أحسا بأن قدميّ المزروعتين بالارض مزروعة... بالرعب، فما قصرا... ما ان كشوه... حتى اوقف تحرشه بي وذهب بسلاسه بعيدا عني... كثر خيركم، أولاد الحلال...

لنعود لقططنا

لماذا تعيش قططنا في حالة من بلادة الترف!...
كنت أنقل لابنتي - في أميركا - على الهاتف ما أتعرض له من دلع قطط الشوارع، فعلقت «قطتي المترفة»... تعودت أي قطة بالعالم على ان يتم احترام مرورها بالشارع، ولم تتخيل انك مجرمة، بحيث تسمحين لعابر طريق مجرم - مثلك - ليلتقطها ويقذفها بعيدا على الرصيف!!... من أصيبت بأي كسر فمن سيعالجها عند الدكتور البيطري... عودي إليها وخذيها الى الطبيب الاخصائي...

استغربت منطق ابنتي نينار لكن ايماني «القاتل» بحقها في التعبير منحها مساحتها الحرة للفضفضة!!...
قلت لها مازحة: ربما كان هذا القط موظفا بالحكومة يستهل صباحه بكسل لذيذ، يقود سيارته بهدوء شديد، ويذهب لعمله وهو نصف مغمض، ثم يأتيهم مراجع صاحب مصلحة لانجاز عمله، فإن تكرم الموظف نظر إليه بعبوس، هذا بعد ان انتظره بصبر وذل طويلين، حتى «ينجز» قراءة صحيفته، وشرب الشاي، والتحدث بالهاتف وتعالي ضحكاته، أو يرسل رسالة sms لأحدهم، وننتظر معه رد... تن تن... الجواب، ثم يلقيك بوجه ولا جهامة وجه أبو جهل قبل اسلامه، عابس مكفهر يكرهك بحياتك...

صورة موازية

الصورة الموازية لهذه القطط الدلوعة المترفة في الشوارع، هو أكلها الكثير من صناديق القمامة «الثرية» حتى نست توازن الحاجة الطبيعية من الجوع، فتلخبط كيمياء جسدها، فامتلأت بالشحوم والدهون، ولا حركة طبعا، وبالتالي لا بركة في... كسل تختختها!!...

ميزانية دول

كم واحد منا (من الجنسين) يدفع أموالا طائلة لملء ثلاجة بيته.
كم واحد فينا لا يدل الا طريق المطاعم لالتهام وجباته اليومية خصوصا الصباح والمساء.
كم واحد فينا يدفع أموالا رهيبة للاشتراك في الجم والاندية الرياضية، ثم يكسل ولا يذهب لممارسة الرياضة...
كم واحد فينا الطعام الصحي والرياضة المتوازنة هو العمود الفقري ليومياته...

طرائف النساء

من حكاياتنا النسائية الطريفة في تجمعاتنا الحميمة يسرد الجمع الناعم أحدث صرعات الموضة والماكياج، وعلاجات البشرة، وأبدع جراحي التجميل في العالم.
حين تمتد موائد الطعام، تذهب النساء في غيبوبة «هذا حلو»... «ذاك يجنن لا يطوفك» ويلتهمن أطنانا من الطعام حتى تختنق أنفاسهن من قلة «شفط» الاوكسجين من شدة التخمة...

وبعد انتهاء المعارك الطعامية، يبدأن في سرد معلوماتهن الجديدة والقيمة عن أحدث طرائق... الرجيم!!...
حقا من قال - وصح لسانه - ان سيماء وصفات المواطنة لدينا تظهر على وجوه... قططنا!