المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نعم... وأما الزبد فيذهب جفاء ........علي يوسف المتروك



فاطمي
04-29-2007, 07:40 PM
كتب:علي يوسف المتروك


نشر الدكتور صلاح خليفة الجري مقالا بجريدة »الوطن« الغراء بتاريخ 23 ابريل الجاري، بعنوان واما الزبد فيذهب جفاء، معلقا ومنتقدا على ما جاء في مقالي بنفس العنوان، وقدانتقد الدكتور الجري تعرضي لبعض الاشخاص والتشكيك بنواياهم، وطالب ان نعذر بعضنا بعضا وان يكون التسامح سيد الموقف، وهذا كلام جميل ونصائح اعتز بها، خصوصا حينما تأتي من شخص ينتمي الى عائلة كريمة، وكان ابوه رحمه الله من اعز اصدقائي، كما تربطني بكثير من افراد هذه الاسرة علاقة صداقة واحترام متبادل، ولكن لم يوضح الدكتور في مقاله لمن انتصر، فهل لمن اراد ان يقايض سنة ايران بشيعة الكويت او من اراد ان يحتل شوارع الكويت بمائتي الف حزبي، ومن يتمعن في تلك المقالات يرى انني كنت مدافعا، ولست بادئا بالهجوم، وقد قيل قديما البادي اظلم، ولكن دعنا ان لا نتوقف طويلا عند هذا الموضوع بل نتعداه الى ما هو أهم وأشمل.

سيادة الدكتور:

دعني احملك على محمل حسن النية، رغم انك لم تفعل ذلك وأقول بأنك لا تعرف تلك المطالب التي توجهت بها الى سمو رئيس الوزراء والتي هي بالاساس لا تشكل ادنى اهمية لديك، وانا وانت كما قال الشاعر:


ذوقي أميمة ما أذوق
فما المعزي كالثكول

وبناء عليه دعني اشرح لك هذه المطالب بالتفصيل الموجز واطلب منك ان تحكم ضميرك لتقول بعد ان تقرأها ان كانت مطالب حقة، ام انها غير ذلك، فهناك مثل كويتي يقول: »ضع رأسك بين رجليك واشهد على والديك«.

ـ1 المساجد

هل تعرف يا دكتور ان منطقة الرميثية تتألف من ثلاث عشرة قطعة، وان اكثر من نصف الساكنين في المنطقة هم من المواطنين الشعية، وفي كل قطعة مسجد للاخوة السنة، بينما لا يوجد في الثلاث عشرة قطعة الا مسجد واحد للمواطنين الشيعة، فوزارة الاوقاف لا تقوم ببناء مساجد للمواطنين الشيعة، ولا تسمح لهم ببناء مساجدهم على حسابهم الخاص، والسؤال الذي اوجهه الى وزارة الاوقاف فهل هي وزارة خاصة بالسنة دون الشيعة، ام وزارة لكل المواطنين؟ واذا كانت ميزانيتها من المال العام فهل المواطنون شركاء بهذا المال ام هو قصر على فئة دون اخرى؟ انني اذ اضرب مثالا بمنطقة الرميثية فلا يعني ذلك ان مشكلة المساجد تنحصر في هذه المنطقة، وانما هي مشكلة عامة قائمة في كل مناطق الكويت على السواء.

ـ2 كلية الشريعة

عندما تقرأ هذا العنوان تظن ان هذه الكلية تدرس جميع المذاهب الاسلامية، كالمذاهب الاربعة، والمذهب الامامي، والاسماعيلي، والزيدي، والاباضي، ولكنها مع الاسف ينحصر تدريسها على المذاهب الاربعة، فأين يذهب المواطن الشيعي ليدرس الفقه الجعفري، ومن دون ان يكون هناك دارسون للمذهب، فمن اين نأتي بقضاة وائمة مساجد، ورجال دين فان لجأ الناس الى الخارج لتدريس ابنائهم المذهب الجعفري عاد المبعوثون مؤدلجين بأمور سياسية، لا تمت للمذهب بصلة، ولم يؤدوا الغرض الذي بعثوا من اجله، وهكذا تصبح الناس محصورة بين المنع الداخلي، والاستقطاب الخارجي، وفي هذه الحالة قل لي بربك ماذا نعمل؟ فقد طالب المواطنون الشيعة بانشاء معهد ديني لتدريس المذهب الجعفري، اضافة الى بقية المذاهب الاسلامية، فيما يسمى بالفقة المقارن، لاهتمام المذهب الجعفري بمقارنة الاحكام الفقهية بالمذاهب الاخرى، حيث لا يتم ترجيح حكم الا بالمقارنة بمختلف الاراء الفقهية بين المذاهب، ولكن ذلك تعذر لامتناع الدولة عن اعطاء الترخيص لإقامة ذلك المعهد.

ـ3 محكمة الاحوال الشخصية

الكويتيون جميعا على اختلاف فئاتهم يعتزون ويفتخرون بالقضاء الكويتي النزيه، وهم يتقاضون في الامور التجارية، والمدنية، والجنائية امام تلك المحاكم، ولا يسأل انسان كما تفضلت عن مذهبه امام هذه المحاكم، ولكن الامور تختلف في محاكم الاحوال الشخصية، فهناك اختلاف بين المذهب الذي تعتمده الدولة فيما يخص الاحوال الشخصية، وبين المذهب الجعفري، وهناك قاعدة تسمى قاعدة الالزام، ومعناها »الزموهم بما الزموا به انفسهم«، وهذا الاختلاف يخص المواريث، والزواج، والطلاق، والحضانة وغير ذلك من الامور، وهذه الخصوصية معترف بها منذ نشأة الكويت في ايامها الاولى، والغريب ان محكمة الاحوال الشخصية الجعفرية قد انشئت بقرار وزاري، وليس بمرسوم، وبامكان وزير العدل ان يلغي وجود هذه المحكمة حين يشاء، وبينما يترتب على وجود هذه المحكمة امور كثيرة، تمس حياة الفرد ويترتب على احكامها قضايا كثيرة، كصحة الانساب وغيرها، والمشكلة التي يواجهها المواطنون الشيعة باستئناف وتمييز الاحكام التي تصدرها المحكمة الابتدائية، لعدم وجود محكمة استئناف او تمييز جعفريتين بالشكل المناسب، فان قامت الدولة بالعناية بهذا المرفق القضائي الحساس فهل في هذا ما يضير احدا او يقوض كيان المجتمع؟

سيادة الدكتور:

جميل منك ان تقول في الفقرة الثانية من مقالك، وانا نقله كما ورد في المقال »اذا كنا نسلم بوجود دستور ومؤسسات فمعنى ذلك اننا نسلم بان الحقوق مكفولة للجميع، واننا نسلم بوجود القوانين التي تحميها، وبوجود المحاكم التي تقضي بموجبها، تلك المحاكم التي تستقبل كل من يلجأ اليها بغية المطالبة بحقوقه، دون السؤال عن عقيدته او مذهبه وسواء كان مواطنا او اجنبيا مقيما على ارضنا« ثم تسترسل في الفقرة الثالثة من المقال فتقول »لا نجد اي مبرر على الاطلاق لـ(شخصنة) اي مشكلات او قضايا خصوصا تلك المتعلقة بالوطن، فجميع المواطنين بنظر الدساتير والشرائع سواسية في ممارسة الحقوق، وفي تحمل الاعباء والمسؤوليات« ولكن فاتك يا سيادة الدكتور ان النظام القانوني الكويتي يحظر على القضاء قبول الدعاوى المتعلقة بالابعاد، ومسائل الجنسية الكويتية، وتراخيص دور العبادة بحيث لو رفعت بشأن هذه المسائل دعاوى قضائية من الافراد فانه يقضى بعدم القبول فيها، وهذه امور واردة في المحكمة الادارية، فما هو العمل؟

سيادة الدكتور:

لا اتفق معك في ان اثارة هذه المطالب الدستورية تؤدي إلى تصدع الوحدة الوطنية واثارة الفتنة الطائفية، ويؤسفني ان اواجه بمثل هذه الاتهامات وانا من تغنى بهذا الوطن نثرا وشعرا وذاب فيه حبا ووجدا، وقد خاصمت في حبه القريب قبل البعيد، فالمطالبة بالحقوق ظاهرة انسانية في المجتمعات المتحضرة، خصوصا ان كانت هذه الحقوق قد نص عليها الدستور، ولا تتنافى مع فطرة الانسان نحو الخير والصلاح، ليشعر الجميع انهم مواطنون اسوياء يقفون من الوطن على مسافة واحدة.

سيادة الدكتور:

قد تسأل لماذا لا يقوم نواب الشيعة بالمطالبة بهذه الحقوق بدلا من ان تأخذ طريقها الى الصحافة بمقال هنا او مناشدة هناك، والجواب ان سكوت نواب الشيعة مع الاسف هو ثمن وجودهم بالمجلس، وتلك قضية ذات ابعاد محلية وخارجية يطول الحديث عنها ويكثر العثار فيها، فهي كعش الدبابير، والحديث فيها يطول ويتشعب، وتحتاج إلى أكثر من مقال.

سيادة الدكتور:

انني اشد على ايدي نوابنا الافاضل في غضبتهم المضرية دفاعا عن المساس بالدستور والديموقراطية، ولكن الدستور والديموقراطية ليسا عملية انتقائية، بحيث يدافعون ويطالبون عما يوافق ويتفق مع مصالحهم، فهل نجد من بين النواب بعد أن يقرأ هذا المقال ليقف ويقول بكل شجاعة إن كان ما قاله علي المتروك صحيحا، فيجب على الدولة ان تقوم باصلاح ذلك الخلل الدستوري بحق فئة من المواطنين ولكن ذلك النائب ان وجد فنادر ندرة الكبريت الأحمر.

سيادة الدكتور:

يخطئ من يظن أنني أنطلق بهذه المطالبات من منطلق طائفي، لأنني مواطن شيعي، فذلك غير صحيح على الاطلاق، ويعلم الله الذي بيده مصائر العباد بان منطلقي الحقيقي هو الغيرة على هذا الوطن، ليكون وطناً عادلاً جميلا يفتح قلبه وصدره لكل مواطنيه، ويضم أبناءه على اختلاف فئاتهم ومشاربهم ومذاهبهم تحت جناحيه...

والله الموفق للصواب....


تاريخ النشر: الاحد 29/4/2007