جمال
04-27-2007, 11:25 PM
الرأي العام الكويتية
القاهرة - منى حمزة وأغاريد مصطفى
أنتجت إحدى شركات صناعة البرمجيات في مصر آلة الكترونية تعمل كإمام إلكتروني لأداء الصلاة بهدف مساعدة القائم بالصلاة على قراءة الآيات بصورة صحيحة وتلاوة منظمة، وهو ما أثار حفيظة المشايخ، وفي المقابل رحب به خبراء التكنولوجيا، حتى بات الأمر معركة، تابعتها «الراي» من خلال لقاءات مع المرحبين والرافضين، وما قالوه تابعوه في السطور التالية...
مصدر مسؤول بالشركة أكد أن الشركة تابعت عددا من المصلين الذين لا يحفظون القدر الكافي من الآيات التي تساعدهم على الصلاة ولا يجيدون ترتيلها، وايضا لا يستطيعون مواكبة الإمام في قراءة الآيات ما أوقعهم في حيرة شديدة لجهة القراءة حسب قدراتهم والخطأ فيها أم قطع الصلاة لعدم مواكبتهم للإمام.
كما أكد مبتكر جهاز «آيات» الدكتور محمد شريف لـ «الراي» أن الجهاز عبارة عن مشغل صوتي مدمج بالكامل في سماعات من دون أسلاك خارجية، وذلك لتسهيل استخدامه اثناء الصلاة وهو يعزل المصلي عن الأصوات المحيطة به ليمكنه من التركيز والخشوع التام، بل ويرشده أثناء أداء خطوات الصلاة حتى لا يخطئ في عدد الركعات.
فوائد عديدة
وأضاف شريف: «يقوم المصلي بضبطه قبل بدء الصلاة ثم يقرأ الجهاز إلكترونيا عددا من آيات القرآن في كل صلاة يتلوها المصلي بالتوازي، كما يستطيع المصلي تكرار الآيات نفسها في كل صلاة حتى يتمكن من حفظها دون مجهود وبهذا النمط يمكن حفظ الكثير من الآيات كما يمكن ختم القرآن كاملا خلال أداء الصلاة».
وقال شريف: «إن تعميم الفائدة بتعليم حديث العهد للإسلام أو الأطفال لتأدية الصلوات باستخدام جهاز إلكتروني يعطي صورة مشرفة للمسلمين في الخارج ويبعد عنهم صفة التخلف والرجعية والبعد عن جميع مظاهر المدنية الحديثة مشيرا إلى أننا بصدد انتاجه حاليا في مصر بعد أن تم انتاجه في دبي ما سيساهم في زيادة الصادرات المصرية من منتجات «السوفت وير» وهو أولا وأخيرا عمل ابتغينا به وجه الله».
وأكد الشريف أن هذا الجهاز لا يتعارض مع تعاليم ديننا السمح ولكنه قد يهدد بعض المنتجات المنافسة»، معدداً مزايا الجهاز في أنه يتيح الفرصة للمصلي للاستماع إلى أكبر عدد من الآيات خلال الصلوات الخمس يوميا، كما أنه يتيح الفرصة لختم القرآن مرة كل أربعة أشهر أو أقل حسب ما يتم برمجة الجهاز عليه ويقلل فرصة السهو في الصلاة إلى أقل حد ممكن خاصة بالنسبة لكبار السن.
لأن حسب ما قال كل تكبيرة تكون بصوت محدد يتعود عليه المستخدم بعد أيام قليلة كما أنه سيتيح لمسلمي العالم، وخصوصاً الموجودين في بلاد لا تتكلم العربية التعود على النطق الصحيح والقراءة الصحيحة والتعليم والتدريب على القراءة المستمرة المتكررة للقرآن وبالتالي حفظ ما تيسر منه.
مجرد مرشد
وأكد شريف أن الجهاز ليس بديلا للإمام بأي حال من الأحوال، بل هو مصمم لمن يصلي بمفرده، مشيرا إلى أن الجهاز سوف ينوه للمصلين بوجوب قراءة الفاتحة والتشهد بنفسه واتباع جميع الخطوات الشرعية في الصلاة.
ولفت شريف الى أن مفتي مصر الدكتور علي جمعة أفتى بشرعية الجهاز مع مراعاة نقاط عدة وهي جعل القراءة بطريق المصحف المعلم، اذ يقرأ القارئ ثم يترك مساحة زمنية ليقرأ المصلي بعده واستخدام تسجيلات بقراءة مجيدين لفن التجويد والتلاوة وإضافة نص صوتي للتشهد والصلاة على النبي في موضعيهما من سياق الصلاة ووضع امكانية اختيار كم القرآن المسموح في بداية التشغيل بالصفحات أو الأرباع أو الأحزاب أو ما شابه ليناسب الصلوات التي يجب على المصلي تطويلها أو تقصيرها ووضع نص دعاء الاستفتاح بعد تكبيرة الإحرام ووضع أذكار وأدعية الركوع والسجود.
رفض شديد
وفي المقابل واجه «الإمام الالكتروني» رفضا شديدا من رجال الدين في مصر الذين اعتبروه اختراقا لحرمة الصلاة واستهتارا وتلاعبا، بعواطف المسلمين ومشاعرهم، ووصفوه بأنه اختراق إلكتروني يهدف للتجارة فقط، وأنه استخدام منحرف للتكنولوجيا يبعدها عن أهدافها الحقيقية.
عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر الدكتور منيع عبد الحليم محمود قال لـ «الراي»: «إن على المسلم إلزاما أن يحفظ عددا من آيات القرآن الكريم إن لم يحفظ الكتاب بأكمله لإعانته على الصلاة، وأيضا تتحقق له الطمأنينة النفسية وليتقبل الله صلاته وعباداته».
وأضاف: «حتى إن كان صاحب لغة أخرى فيجب أن يتعلم النطق بالحروف العربية ما يعينه على الصلاة وإلا يكون قد خالف ما اتفق عليه الرسول والصحابة».
وأشار محمود إلى أن اللجوء إلى تسجيل صوتي للإمام في الصلاة فيه إجحاف بصلة العبد بربه واستهانة مرفوضة للدين لأن الإمامة جزء مهم لصحة الصلاة، اذ يقول الرسول (صلى الله عليه وسلم) عن الإمام «إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا وإذا سجد فاسجدوا».
وأيضا عندما مرض رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لم يختر أي شخص ليصلى بالمسلمين بل قال لهم: «مروا أبا بكر فليصل بالناس».
وبالتالي تتضح مسؤولية الإمامة، وهي الاتباع وهو ما لا يتحقق من خلال المنتج الإلكتروني.
وأضاف: «هناك أيضا حكمة من جعل الإمام بشرا تتلخص في تحقيق التواصل بين الإمام والمصلي من خلال التفاعل وترسيخ مفهوم الاقتداء والسمع والطاعة وتوحيد الصف»، محذرا من أن اهمال كل هذا واتباع المسجل يساعد على إهمال تعلم كتاب الله وعدم قراءته وتدبر معانيه وفهم ألفاظه.
مؤامرة تكنولوجية
من جانبه، وصف أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر الدكتور عبد الغفار هلال تلك التكنولوجيا بأنها مؤامرة هدفها ابعاد الناس عن الدين لأن صلاة الجمعة لا تصح من دون خطبة، مؤكدا أن ذلك يخل بشرط من شروط صحة الصلاة وهو خطأ يجب رده. وقال هلال: «إن الرسول الكريم أرشدنا إلى ضرورة متابعة صلاة الجماعة وكشف لنا عن أهميتها وفائدتها من أنها تزيد على صلاة الرجل بنفسه، وصلاة الجماعة تكون خلف إمام نسمع منه آيات القرآن، وبعد الصلاة نسمع منه الإرشاد الصحيح في جميع أمور الدين».
وأضاف: «الكثيرون شغلتهم حياتهم وابتعدوا عن المساجد وعندما عادوا إليها لم يتعرفوا على أهم تعاليم دينهم، وهو ما سهل السيطرة عليهم بسهولة وإدخال أفكار هدامة في حياتهم تؤدي إلى انهيار القيم الدينية».
وحذر هلال من أن إجازة استخدام القارئ الإلكتروني لتعلم القراءة الصحيحة سيؤدي للسماح للمصلين بترك المساجد والصلاة في منازلهم خلف الراديو والتليفزيون وكذلك النساء ويمكن للزوج وقتها أن يذهب للمسجد ويسجل الصلاة وتصلي وراءه زوجته في المنزل.
ورأى هلال هذا هو التهريج بعينه والذي لا يقبله الدين، وهدف هذا الإمام الإلكتروني هو تخريب الدين وإبعاد الناس عن بيوت الله والصلاة والمداومة على حفظ كتاب الله.
وأشار هلال إلى أن إلزام المصلي بتشغيل وغلق الجهاز أثناء الصلاة سيؤدي إلى كثرة الحركة بها وانشغال المصلي عن الخشوع في الصلاة وخروجه عن القواعد الصحيحة وهو ما يبطل الصلاة.
تهريج مرفوض
بدوره، وصف الأستاذ بكلية دار العلوم في جامعة القاهرة والداعية الدكتور عبد الصبور شاهين هذه الابتكارات بأنها مؤثر قوي على بعدنا عن الدين ومعرفتنا بأدق تعاليمه وآدابه وواجباته، معتبرا أن الإمام الإلكتروني يفقد الصلاة لأبسط القواعد التي يجب اتباعها أثناء الصلاة وهي الالتزام بآداب الحركة، وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «ليس للمرء من صلاته إلا ما عقل منها».
وأكد شاهين أن هذا يعد تهريجا مرفوضا ضد الإسلام وانصرافا عن حفظ كتاب الله، مشددا على مسؤولية المسلمين عن تعليم أطفال هذا الجيل ليكونوا نواة حسنة يقتدى بها، فالله عز وجل يسألنا عن اتمام رسالتنا، واتباع أوامره ونواهيه وتعاليم أبنائنا كتابه.
وأكد الأمين العام للجنة الدعوة بجمعية انصار السنة الشيخ عنتر بكر أن الحداثة لا تدخل في كل شيء، لأن استخدامها في الأمور الدينية يقتصر فقط على المراجعة والحفظ، ولكن ليس في الصلاة فهي تستخدم في أمور كثيرة ايجابية ولها ايضا سلبيات والإمام الإلكتروني من ضمن سلبيات الحداثة.
ونبه بكر على أن هناك شروطا للإمامة أهمها أن يكون الإمام شخصا عاقلا مسلما كما قال النبي (صلى الله عليه وسلم): «ليليني أعقلكم وأحكمكم وقال يصلي بالناس أحفظهم وأعلمهم وأفقههم». هل يتوافر كل هذا في جماد لا يشعر ولا يخشع؟
وقال بكر: «أين الفقه والحكمة والعقل في هذا الامام الإلكتروني، فهو جهاز لا يتوافر فيه أي شرط من الشروط الخاصة بالإمامة، فالإمامة لها شروط وموانع وتحذيرات ونواقص وهذه الأمور كلها لا تنطبق على الإمام الإلكتروني.
وتساءل بكر: «ماذا لو وقع الجهاز أو انقطعت الكهرباء أو تعطل الجهاز لأي سبب من الأسباب ماذا سيفعل المأموم؟».
قواعد معروفة
وردا على أن هذا الجهاز يسعى الى مساعدة القائم بالصلاة على قراءة الآيات بصورة صحيحة قال بكر إن الامام إذا أخطأ وهذا أمر وارد فهناك خلفه من يصحح له ولا عيب في ذلك. وحتى لو أن الإمام نزل دم من أنفه وأحدث وخرج من الصلاة يأتي من خلفه ليصلي مكانه وبذلك ينتهي الأمر ونحن نصلي هكذا منذ آلاف الأعوام فما الجديد، بل على العكس الآن ازداد عدد الحافظين للقرآن وأصبح المحفظون في كل مكان وبالتالي لا توجد مشكلة أصلا تجعلنا في حاجة لهذا الإمام الإلكتروني.
ورأى بكر أن انتشار مثل هذه الاشياء شيء مستغرب فلنغلق المساجد وتسير على نهج الأذان الواحد ويصلي المصلون خلف جهاز يسمى الإمام الإلكتروني، مؤكدا على أن هذه الأمور كلها بعيدة عن الدين.
وتساءل: ماذا بعد هذه الاختراعات الغربية هل سيكون هناك إمام عالمي وأذان عالمي.
انحراف تكنولوجي
ووصف وكيل كلية الشريعة والقانون الدكتور مصباح حماد الجهاز بأنه انحراف للأهداف التكنولوجية، وذلك لأنه مخالف لشروط الإمامة ولذلك فالصلاة بهذا الجهاز باطلة.
وقال: «إن هذا الجهاز بدعة سيئة غرضها الكسب المادي وافساد صلاة المسلمين وادخال الشكوك عليهم كما أن الإمام يجب أن يكون واعيا، وبالتالي فإن هناك حكمة من أن يكون بشرا وهذا لتحقيق التواصل بين الامام والمصلين من خلال التفاعل وترسيخ مفهوم الاقتداء والسمع والطاعة».
ودعت عميدة كلية الدراسات الاسلامية سابقا الدكتورة آمنة نصير إلى ضرورة قيام دار الإفتاء بوضع الضوابط لكل ما هو غير مألوف ولا يتفق مع صحيح الدين.
وأشار عضو مجمع البحوث الاسلامية الدكتور عبدالمعطي بيومي، إلى أن مثل هذه الأجهزة الإلكترونية لا تجوز في الصلاة باعتبارها مخالفة صارخة لقواعد الفقه الاسلامي.
القاهرة - منى حمزة وأغاريد مصطفى
أنتجت إحدى شركات صناعة البرمجيات في مصر آلة الكترونية تعمل كإمام إلكتروني لأداء الصلاة بهدف مساعدة القائم بالصلاة على قراءة الآيات بصورة صحيحة وتلاوة منظمة، وهو ما أثار حفيظة المشايخ، وفي المقابل رحب به خبراء التكنولوجيا، حتى بات الأمر معركة، تابعتها «الراي» من خلال لقاءات مع المرحبين والرافضين، وما قالوه تابعوه في السطور التالية...
مصدر مسؤول بالشركة أكد أن الشركة تابعت عددا من المصلين الذين لا يحفظون القدر الكافي من الآيات التي تساعدهم على الصلاة ولا يجيدون ترتيلها، وايضا لا يستطيعون مواكبة الإمام في قراءة الآيات ما أوقعهم في حيرة شديدة لجهة القراءة حسب قدراتهم والخطأ فيها أم قطع الصلاة لعدم مواكبتهم للإمام.
كما أكد مبتكر جهاز «آيات» الدكتور محمد شريف لـ «الراي» أن الجهاز عبارة عن مشغل صوتي مدمج بالكامل في سماعات من دون أسلاك خارجية، وذلك لتسهيل استخدامه اثناء الصلاة وهو يعزل المصلي عن الأصوات المحيطة به ليمكنه من التركيز والخشوع التام، بل ويرشده أثناء أداء خطوات الصلاة حتى لا يخطئ في عدد الركعات.
فوائد عديدة
وأضاف شريف: «يقوم المصلي بضبطه قبل بدء الصلاة ثم يقرأ الجهاز إلكترونيا عددا من آيات القرآن في كل صلاة يتلوها المصلي بالتوازي، كما يستطيع المصلي تكرار الآيات نفسها في كل صلاة حتى يتمكن من حفظها دون مجهود وبهذا النمط يمكن حفظ الكثير من الآيات كما يمكن ختم القرآن كاملا خلال أداء الصلاة».
وقال شريف: «إن تعميم الفائدة بتعليم حديث العهد للإسلام أو الأطفال لتأدية الصلوات باستخدام جهاز إلكتروني يعطي صورة مشرفة للمسلمين في الخارج ويبعد عنهم صفة التخلف والرجعية والبعد عن جميع مظاهر المدنية الحديثة مشيرا إلى أننا بصدد انتاجه حاليا في مصر بعد أن تم انتاجه في دبي ما سيساهم في زيادة الصادرات المصرية من منتجات «السوفت وير» وهو أولا وأخيرا عمل ابتغينا به وجه الله».
وأكد الشريف أن هذا الجهاز لا يتعارض مع تعاليم ديننا السمح ولكنه قد يهدد بعض المنتجات المنافسة»، معدداً مزايا الجهاز في أنه يتيح الفرصة للمصلي للاستماع إلى أكبر عدد من الآيات خلال الصلوات الخمس يوميا، كما أنه يتيح الفرصة لختم القرآن مرة كل أربعة أشهر أو أقل حسب ما يتم برمجة الجهاز عليه ويقلل فرصة السهو في الصلاة إلى أقل حد ممكن خاصة بالنسبة لكبار السن.
لأن حسب ما قال كل تكبيرة تكون بصوت محدد يتعود عليه المستخدم بعد أيام قليلة كما أنه سيتيح لمسلمي العالم، وخصوصاً الموجودين في بلاد لا تتكلم العربية التعود على النطق الصحيح والقراءة الصحيحة والتعليم والتدريب على القراءة المستمرة المتكررة للقرآن وبالتالي حفظ ما تيسر منه.
مجرد مرشد
وأكد شريف أن الجهاز ليس بديلا للإمام بأي حال من الأحوال، بل هو مصمم لمن يصلي بمفرده، مشيرا إلى أن الجهاز سوف ينوه للمصلين بوجوب قراءة الفاتحة والتشهد بنفسه واتباع جميع الخطوات الشرعية في الصلاة.
ولفت شريف الى أن مفتي مصر الدكتور علي جمعة أفتى بشرعية الجهاز مع مراعاة نقاط عدة وهي جعل القراءة بطريق المصحف المعلم، اذ يقرأ القارئ ثم يترك مساحة زمنية ليقرأ المصلي بعده واستخدام تسجيلات بقراءة مجيدين لفن التجويد والتلاوة وإضافة نص صوتي للتشهد والصلاة على النبي في موضعيهما من سياق الصلاة ووضع امكانية اختيار كم القرآن المسموح في بداية التشغيل بالصفحات أو الأرباع أو الأحزاب أو ما شابه ليناسب الصلوات التي يجب على المصلي تطويلها أو تقصيرها ووضع نص دعاء الاستفتاح بعد تكبيرة الإحرام ووضع أذكار وأدعية الركوع والسجود.
رفض شديد
وفي المقابل واجه «الإمام الالكتروني» رفضا شديدا من رجال الدين في مصر الذين اعتبروه اختراقا لحرمة الصلاة واستهتارا وتلاعبا، بعواطف المسلمين ومشاعرهم، ووصفوه بأنه اختراق إلكتروني يهدف للتجارة فقط، وأنه استخدام منحرف للتكنولوجيا يبعدها عن أهدافها الحقيقية.
عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر الدكتور منيع عبد الحليم محمود قال لـ «الراي»: «إن على المسلم إلزاما أن يحفظ عددا من آيات القرآن الكريم إن لم يحفظ الكتاب بأكمله لإعانته على الصلاة، وأيضا تتحقق له الطمأنينة النفسية وليتقبل الله صلاته وعباداته».
وأضاف: «حتى إن كان صاحب لغة أخرى فيجب أن يتعلم النطق بالحروف العربية ما يعينه على الصلاة وإلا يكون قد خالف ما اتفق عليه الرسول والصحابة».
وأشار محمود إلى أن اللجوء إلى تسجيل صوتي للإمام في الصلاة فيه إجحاف بصلة العبد بربه واستهانة مرفوضة للدين لأن الإمامة جزء مهم لصحة الصلاة، اذ يقول الرسول (صلى الله عليه وسلم) عن الإمام «إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا وإذا سجد فاسجدوا».
وأيضا عندما مرض رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لم يختر أي شخص ليصلى بالمسلمين بل قال لهم: «مروا أبا بكر فليصل بالناس».
وبالتالي تتضح مسؤولية الإمامة، وهي الاتباع وهو ما لا يتحقق من خلال المنتج الإلكتروني.
وأضاف: «هناك أيضا حكمة من جعل الإمام بشرا تتلخص في تحقيق التواصل بين الإمام والمصلي من خلال التفاعل وترسيخ مفهوم الاقتداء والسمع والطاعة وتوحيد الصف»، محذرا من أن اهمال كل هذا واتباع المسجل يساعد على إهمال تعلم كتاب الله وعدم قراءته وتدبر معانيه وفهم ألفاظه.
مؤامرة تكنولوجية
من جانبه، وصف أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر الدكتور عبد الغفار هلال تلك التكنولوجيا بأنها مؤامرة هدفها ابعاد الناس عن الدين لأن صلاة الجمعة لا تصح من دون خطبة، مؤكدا أن ذلك يخل بشرط من شروط صحة الصلاة وهو خطأ يجب رده. وقال هلال: «إن الرسول الكريم أرشدنا إلى ضرورة متابعة صلاة الجماعة وكشف لنا عن أهميتها وفائدتها من أنها تزيد على صلاة الرجل بنفسه، وصلاة الجماعة تكون خلف إمام نسمع منه آيات القرآن، وبعد الصلاة نسمع منه الإرشاد الصحيح في جميع أمور الدين».
وأضاف: «الكثيرون شغلتهم حياتهم وابتعدوا عن المساجد وعندما عادوا إليها لم يتعرفوا على أهم تعاليم دينهم، وهو ما سهل السيطرة عليهم بسهولة وإدخال أفكار هدامة في حياتهم تؤدي إلى انهيار القيم الدينية».
وحذر هلال من أن إجازة استخدام القارئ الإلكتروني لتعلم القراءة الصحيحة سيؤدي للسماح للمصلين بترك المساجد والصلاة في منازلهم خلف الراديو والتليفزيون وكذلك النساء ويمكن للزوج وقتها أن يذهب للمسجد ويسجل الصلاة وتصلي وراءه زوجته في المنزل.
ورأى هلال هذا هو التهريج بعينه والذي لا يقبله الدين، وهدف هذا الإمام الإلكتروني هو تخريب الدين وإبعاد الناس عن بيوت الله والصلاة والمداومة على حفظ كتاب الله.
وأشار هلال إلى أن إلزام المصلي بتشغيل وغلق الجهاز أثناء الصلاة سيؤدي إلى كثرة الحركة بها وانشغال المصلي عن الخشوع في الصلاة وخروجه عن القواعد الصحيحة وهو ما يبطل الصلاة.
تهريج مرفوض
بدوره، وصف الأستاذ بكلية دار العلوم في جامعة القاهرة والداعية الدكتور عبد الصبور شاهين هذه الابتكارات بأنها مؤثر قوي على بعدنا عن الدين ومعرفتنا بأدق تعاليمه وآدابه وواجباته، معتبرا أن الإمام الإلكتروني يفقد الصلاة لأبسط القواعد التي يجب اتباعها أثناء الصلاة وهي الالتزام بآداب الحركة، وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «ليس للمرء من صلاته إلا ما عقل منها».
وأكد شاهين أن هذا يعد تهريجا مرفوضا ضد الإسلام وانصرافا عن حفظ كتاب الله، مشددا على مسؤولية المسلمين عن تعليم أطفال هذا الجيل ليكونوا نواة حسنة يقتدى بها، فالله عز وجل يسألنا عن اتمام رسالتنا، واتباع أوامره ونواهيه وتعاليم أبنائنا كتابه.
وأكد الأمين العام للجنة الدعوة بجمعية انصار السنة الشيخ عنتر بكر أن الحداثة لا تدخل في كل شيء، لأن استخدامها في الأمور الدينية يقتصر فقط على المراجعة والحفظ، ولكن ليس في الصلاة فهي تستخدم في أمور كثيرة ايجابية ولها ايضا سلبيات والإمام الإلكتروني من ضمن سلبيات الحداثة.
ونبه بكر على أن هناك شروطا للإمامة أهمها أن يكون الإمام شخصا عاقلا مسلما كما قال النبي (صلى الله عليه وسلم): «ليليني أعقلكم وأحكمكم وقال يصلي بالناس أحفظهم وأعلمهم وأفقههم». هل يتوافر كل هذا في جماد لا يشعر ولا يخشع؟
وقال بكر: «أين الفقه والحكمة والعقل في هذا الامام الإلكتروني، فهو جهاز لا يتوافر فيه أي شرط من الشروط الخاصة بالإمامة، فالإمامة لها شروط وموانع وتحذيرات ونواقص وهذه الأمور كلها لا تنطبق على الإمام الإلكتروني.
وتساءل بكر: «ماذا لو وقع الجهاز أو انقطعت الكهرباء أو تعطل الجهاز لأي سبب من الأسباب ماذا سيفعل المأموم؟».
قواعد معروفة
وردا على أن هذا الجهاز يسعى الى مساعدة القائم بالصلاة على قراءة الآيات بصورة صحيحة قال بكر إن الامام إذا أخطأ وهذا أمر وارد فهناك خلفه من يصحح له ولا عيب في ذلك. وحتى لو أن الإمام نزل دم من أنفه وأحدث وخرج من الصلاة يأتي من خلفه ليصلي مكانه وبذلك ينتهي الأمر ونحن نصلي هكذا منذ آلاف الأعوام فما الجديد، بل على العكس الآن ازداد عدد الحافظين للقرآن وأصبح المحفظون في كل مكان وبالتالي لا توجد مشكلة أصلا تجعلنا في حاجة لهذا الإمام الإلكتروني.
ورأى بكر أن انتشار مثل هذه الاشياء شيء مستغرب فلنغلق المساجد وتسير على نهج الأذان الواحد ويصلي المصلون خلف جهاز يسمى الإمام الإلكتروني، مؤكدا على أن هذه الأمور كلها بعيدة عن الدين.
وتساءل: ماذا بعد هذه الاختراعات الغربية هل سيكون هناك إمام عالمي وأذان عالمي.
انحراف تكنولوجي
ووصف وكيل كلية الشريعة والقانون الدكتور مصباح حماد الجهاز بأنه انحراف للأهداف التكنولوجية، وذلك لأنه مخالف لشروط الإمامة ولذلك فالصلاة بهذا الجهاز باطلة.
وقال: «إن هذا الجهاز بدعة سيئة غرضها الكسب المادي وافساد صلاة المسلمين وادخال الشكوك عليهم كما أن الإمام يجب أن يكون واعيا، وبالتالي فإن هناك حكمة من أن يكون بشرا وهذا لتحقيق التواصل بين الامام والمصلين من خلال التفاعل وترسيخ مفهوم الاقتداء والسمع والطاعة».
ودعت عميدة كلية الدراسات الاسلامية سابقا الدكتورة آمنة نصير إلى ضرورة قيام دار الإفتاء بوضع الضوابط لكل ما هو غير مألوف ولا يتفق مع صحيح الدين.
وأشار عضو مجمع البحوث الاسلامية الدكتور عبدالمعطي بيومي، إلى أن مثل هذه الأجهزة الإلكترونية لا تجوز في الصلاة باعتبارها مخالفة صارخة لقواعد الفقه الاسلامي.