المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقابلة مع الدكتور انس الرشيد وزير الاعلام السابق



مجاهدون
04-25-2007, 07:27 AM
في أول حديث له بعد مرور عام على استقالته.. وزير الإعلام الأسبق أنس الرشيد: كان سهلا أن أبقى تحت الأضواء لكنني كنت سأخسر نفسي




25/04/2007


أجرى الحوار: إبراهيم المليفي


لهذه المقابلة قصة معي احتفظت بها لفترة طويلة وحان الوقت للحديث عنها، فهي أول مقابلة أجريها بعد عام كامل من الاتفاق عليها، فكانت هي بالفعل احد عناوين الإخلاص الشخصي والمهني لوزير الإعلام الأسبق الدكتور أنس الرشيد الذي أبر بعهده لي ول 'القبس'، ونحن نقدر له هذا الالتزام والخلق الرفيع، واذكر حينما أراد البوح بمشاعره بمناسبة مرور العام الأول على وفاة أمير الكويت الشيخ جابر الاحمد في لقاء مع 'كونا' اتصل بي موضحا بأن اتفاقنا ساري المفعول.
دخل بعاصفة من التصفيق، وخرج بعاصفة مضاعفة من التصفيق، ربما كان هذا هو الوصف المناسب للحالة السياسية التي رافقت أنس الرشيد في رحلته القصيرة مع وزارة الإعلام التي دخلها من باب التكنوقراط، وخرج منها من باب رجل السياسة، هل تذكرون تعليق أحمد السعدون عن الوزراء الذين يلتصقون بكراسيهم فور جلوسهم عليها؟ لقد قال بعد استقالة الرشيد بيوم واحد في ندوة حاشدة 'لا اعرف ما يحدث لهم - يقصد الوزراء - لا أدري هل وضعوا القار لهم على مقاعدهم؟.. أما أنس فيبدو أنه وضع مانعا أسفله فكان ذلك سببا يسر عليه النهوض بسرعة'.
عن ذلك يؤكد الرشيد 'لم أندم على الاستقالة، وثق بأنني لن أندم أبدا عليها فأنا استقلت احتراما لقسمي واحتراما للشعب الكويتي، وأنا شاورت بعض الاخوة قبل قبولي الوزارة، لكنني لم استشر أحدا وقت الاستقالة لأنه قرار لا رجعة فيه'.
ومن هنا، كان موضوع الاستقالة وما رافقها من حملة نبيها خمس، ثم حل المجلس وإجراء الانتخابات هي النقطة التي توقف عندها خبر انس الرشيد، ومن هنا سنبدأ لقاءنا ونغوص معه بقدر المتاح في تفاصيل ما حصل، وما قد ضاع وسط ضجة الانتخابات وزعيق المرشحين، ونسير في ذلك حتى نصل إلى خبر اليوم وخبر ضيفنا معه.
التزامك الصمت لفترة طويلة بعد خروجك المدوي من الحكومة، ناهيك عن القضايا الملحة الكبرى التي مرت بها الكويت جعل أسئلة اللقاء مع شخصية بوزنك تتزاحم بالذهن فمن أين نبدأ؟
- دعني بداية أرحب بك وأنا حاضر لأي سؤال.
السؤال الذي سمعت اجابته من الكثيرين إلا صاحب العلاقة وهو أنت.. لماذا قدمت استقالتك؟
- استقلت بسبب طريقة تعاطي الحكومة مع ملف الدوائر الانتخابية وهي صفحة وطويت الآن، وكلي أمل أن تكون هناك دروس مستفادة مما حصل بين المجلس والحكومة لكي نرقى بالعلاقة بين السلطتين.
هل لي ببعض التفاصيل؟
- كنت قد تقدمت إلى مجلس الوزراء في اكتوبر 2005 باقتراح تشكيل لجنة حكومية لدراسة توزيع الدوائر الانتخابية، وقد لاقى اقتراحي قبول سمو رئيس مجلس الوزراء آنذاك الشيخ صباح الاحمد، حفظه الله، وعليه تم تشكيل لجنة برئاسة الشيخ نواف الاحمد وبعضوية عدد من الوزراء، وكنت أحدهم، وأعضاء خارجيين مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة. وقامت اللجنة بوضع تقرير يتضمن تقسيم الكويت إلى خمس دوائر، ولكنني وجدت أن هناك مماطلة في تبني تقرير اللجنة، إلى أن جاء قرار تعديل الدستور فكانت القشة التي قصمت ظهر البعير، وكانت هي نهاية الأمر بالنسبة لي لأنني تيقنت من عدم وجود جدية في تعديل الدوائر الانتخابية.
هل ترى أنك تركت الحكومة وهي تواجه أزمة؟
- أبدا.. فأنا لم استعجل بالاستقالة، بل استنفدت كل الوسائل الديموقراطية الممكنة في الدفاع عن التقرير وشرحه لإخواني الوزراء، بل انني اجتمعت إلى الكثير منهم على انفراد في محاولة لإقناعهم، ولا تنس ان موضوع الدوائر لم يكن جديدا على الساحة السياسية، بل بدأ الناس في الخروج إلى الشارع، والمفترض فينا كحكومة أن نمتلك القرار ونبادر ونقود الدولة، وكان لزاما علينا أن نجاهد لكسب ثقة الشعب، ولكنني حين وجدت البعض يمارس المماطلة والتسويف كان لابد من اتخاذ هذا الموقف، وقلت لرئيس الحكومة إن استقالتي يجب أن تكون جرس انذار للحكومة لأن ردة فعل الشارع ستكون قاسية، وبالفعل كنت أشد الناس تأثرا، وانا ارى زملائي الوزراء يتعرضون لما تعرضوا له في جلسة 15 مايو، ولك أن تتخيل مقدار الثقة التي كنا سنحصل عليها كحكومة لو تبنينا تقرير الدوائر بدلا من المماطلة، ولكن الحمد لله بأننا تجاوزنا هذه الازمة الآن.
ما طبيعة النقاش بين الوزراء اثناء مناقشة الدوائر؟
- اسمح لي بالامتناع عن الحديث عن مداولات مجلس الوزراء لأنها سرية. لكنني أؤكد لك أن ادارة سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد مكنتنا من مناقشة التفاصيل، وكنا نجلس لساعات في نقاش علمي.
ترددت أنباء عن مشادة بينك وبين الشيخ أحمد الفهد أثناء نقاش الدوائر؟
- هذا غير صحيح، كنت اختلف مع الشيخ أحمد الفهد في بعض التفاصيل، وكنا نتناقش بكل شفافية وحرية، ولكنه بالنهاية زميلي ويتمتع بروح رياضية وشخصية مهذبة.
لم يعدل الدستور والدوائر الخمس أقرت، كما كنت تطالب به فهل شعرت بالندم على تقديم استقالتك خاصة انك بدأت بتنفيذ مشروعك لتفكيك وزارة الاعلام؟
- لم أندم على الاستقالة وثق بأنني لن أندم أبدا عليها، فأنا استقلت احتراما لقسمي واحتراما للشعب الكويتي، وأنا شاورت بعض الاخوة قبل قبولي الوزارة ولكنني لم استشر أحدا وقت الاستقالة لأنه قرار لا رجعة فيه، وهذا لا يعني التقليل من شأن زملائي الوزراء الذين احترمهم ولكن كل شخص يتصرف حسب قناعته وهذا هو المفروض.
تردد اسمك ضمن الاسماء المرشحة لدخول الوزراة الجديدة، فهل كان ذلك من قبيل أمنيات المحبين أم كان حقيقة وأمرا واقعا بالفعل؟ وهل كنت ستقبل بالعودة للحكومة من جديد؟
- تم التحدث معي أثناء تشكيل الحكومة وهذا أمر يشرفني، ولكن الامر توقف عند حد معين، وأنا مؤمن بأن المنصب تكليف وليس تشريفا وكنت اقول لطلابي دائما ان خدمة الكويت شرف حتى ولو كنا نعمل في تنظيف الشوارع فخدمة الوطن لا تقتصر على كرسي الوزارة ومجلس الأمة.
التصنيفات السياسية في الكويت توزع بالمجان ودون جهد او تاريخ، فأين ترى نفسك بين هؤلاء: ليبرالي.. اسلامي.. محافظ؟
- مع احترامي لجميع الكتل والتيارات فانني أجد نفسي قريبا من الاغلبية الصامتة من أهل الكويت.. من أولئك العاملين بشرف من دون أي تفرقة طبقية أو طائفية أو مناطقية.. فالكويت جميلة بهؤلاء الذين يرفعون شعار 'الكويت تجمعنا'، وهو شعاري في الحياة.
لقد وضعت مشروع تفكيك وزارة الاعلام نصب عينيك، وكنت تردد أن هذا المشروع ضمن خطة الدولة، ولكن ما حصل بعد رحيلك هو العكس ومجلس الوزراء الذي أقر التفكيك هو نفسه من عاد واستحسن الابقاء على الوضع القائم.. فما تعليقك على هذا التناقض؟
- هذا السؤال يجب أن يوجه لمجلس الوزراء وليس لي.
هل مازلت تطالب بدور أكبر للشباب في مراكز اتخاذ القرار؟
- أنا مؤمن إيمانا كليا بشباب الكويت، وأتمنى على الدولة أن تأخذ بيدهم وتتيح لهم المجال لخدمة الكويت، واقول للشباب 'قواكم الله' وارجو منهم الابتعاد عن التشاؤم خصوصا بعض المصابين بالاحباط من صراع المجلس والحكومة، كما يجب علينا التمسك بالدستور وبالمؤسسة البرلمانية حتى وان كان لنا ملاحظات عليها، واعتقد أن افضل طريقة لمعالجة سلبيات الديموقراطية هي بمزيد من الديموقراطية. كما يجب علينا أن نتعلم على الاختلاف بالرأي دون تجريح أو تسفيه فالوطن يتسع للجميع، وأنا ضد الغاء الاخر ومع النقد البناء ولكنني ضد التجريح بالمسؤولين لأنهم 'منا وفينا'، ويجب ان نبحث عن مصلحة الوطن أينما وجدت، فلا يوجد حكومي ومعارضة، فالله سبحانه منحنا القدرة على التمييز ويجب علينا أن نميز ما هو خير لبلدنا ونتبناه. وأؤكد لك أن الشباب الكويتي على قدر كبير من المسؤولية، واستطاع قيادة الشارع في قضية الدوائر من خلال اتباعه وسائل سلمية وديموقراطية في التعبير عن نفسه فأنا فخور بهم لأنهم أحيوا فينا الامل بمستقبل مشرق.
دائما نلاحظ اهتمامك بالطلبة؟
- الطلبة هم أبناء الكويت، وهم أملها لذا يجب علينا أن نتعامل معهم بمسؤولية ونقدرهم لكي نخلق جيلا قادرا على المشاركة واتخاذ القرار، وطول عمري أعاملهم كإخواني الصغار واحترامي للصغير هو من احترامي للكبير، ولا بد أن نزرع لكي نحصد.
ما هي أبرز المحطات التي ستتذكرها من تجربتك الوزارية؟
- قضيت سنة واحدة ولكنها كانت مليئة بالتحديات والأحداث، وأبرزها وفاة أمير البلاد الشيخ جابر الاحمد رحمه الله، والمشاركة في اقرار حق المرأة في الترشيح والانتخاب وتمرير قانون المطبوعات، وأعتقد بانني استفدت كثيرا من التجربة لأن المشاركة بالسلطة تعطيك فرصة لرؤية الكثير من الامور بمنظارين بدلا من منظار واحد.
وما هي أسوأ لحظة واجهتها؟
- بالتأكيد كانت لحظة وفاة الشيخ جابر الاحمد، رحمه الله، لأن وفاته تركت أثرا كبيرا في نفوسنا جميعا، وكان، رحمه الله، يتميز بخصال حميدة، ويكفي أنه كان قدوة لنا جميعا في الالتزام وخدمة الوطن بصمت .. والأهم من هذا كله صفة التواضع التي كان يتمتع بها سموه، رحمه الله، وادعو الله جلت قدرته أن يتغمده بواسع رحمته وأن يبارك في أبنائه الذين نعتز بهم ونقدرهم.
على الصعيد الداخلي، ما القضايا التي تزعجك؟
- اكثر ما يزعجني التصنيفات التي نسمعها أحيانا عن مناطق داخلية وخارجية وحضر وبدو وسنة وشيعة.. الخ، وأنا أتساءل هل تختلف المشكلة الاسكانية للشاب في الفحيحيل عن الشاب في الدعية؟ والمؤلم أن من يطرح القضايا بهذه الصورة هم بعض السياسيين الذين من المفترض أن يكونوا هم النخبة. لذا اتمنى من الشباب توجيه رسالة قوية لكل من يحاول شق الصف، فالكويت للجميع وصدق الشاعر حين قال:
النار تولع بالدقاق من الحطب
واليا استوت تاتي على العرج الكبير
ومن القضايا التي تؤلمني غياب التفاؤل وكثر 'التحلطم'، وأنا دائما أردد انه من السهولة أن يكون الانسان معارضا في الكويت لأن الفساد استشرى و'المقاضيب' كثيرة، ولكن أصعب شيء هو أن تتصدى لمسؤولية العمل التنفيذي، وأؤكد لك أن الاصلاح ومحاربة الفساد هما خيارنا الوحيد، ويجب أن نطبق هذا الشعار على أرض الواقع، وأقول للمفسدين: لن نسلمكم الكويت.
كيف تقيم تجربتك الوزارية؟
- التقييم متروك للناس، لكني حرصت على أن أكون وزيرا بقلب نائب، ونائبا بعقل وزير.
هل تفتقد الاضواء؟
- المسألة مسألة قناعة فكل شيء زائل ولا يبقى للانسان سوى سمعته وكان من السهل البقاء في دائرة الضوء ولكنني كنت سأخسر نفسي، ولو فعلت لما استطعت النظر في عيون مئات الطلاب والطالبات ممن تشرفت بالاشراف على تعليمهم من على مدرجات الجامعة.
ما الذي ينقص الكويت كي تتقدم للأحسن؟
- يجب علينا إشاعة التفاؤل.. فنحن نمتلك كل مقومات النجاح بإذن الله، فلدينا الاموال والافكار، وأهم من هذا كله لدينا شعب وفي يستحق حياة أفضل ويجب علينا التفاني في خدمته، وسر النجاح في نظري يكمن في الحكومة، فإن حاولت الحكومة ارضاء الجميع فستخسر الجميع.

ماذا تمثل لك الأسماء التالية؟
الشيخ ناصر المحمد
أنا على اتصال دائم بسمو رئيس مجلس الوزراء ولدي ثقة مطلقة به وبتوجهاته الإصلاحية، ولا أبخل عليه بالرأي حين يطلبه مني، وهو أب كريم وذو شخصية راقية بكل المقاييس، ومتفائل به إلى أبعد الحدود.
محمد الرشيد
والدي هو تاج رأسي، وهو يمثل جيل الآباء الذين بنوا الدولة، وصدقني يجب أن نرفع رؤوسنا دائما حين الحديث عن الآباء والأجداد، فبالرغم من حياة الفقر التي عاشوها لكنهم ضربوا أمثلة في الأمانة والصدق والكفاح الشريف من أجل لقمة العيش، وكنت أحرص حينما استقبل ضيوفا أجانب على اصطحابهم لزيارة الوالد والاستماع لقصص الغوص والسفر البحري، وكنت أردد دائما أن كل شهادات العلم التي حصلت عليها لا تساوي شعرة من مقدار افتخاري بوالدي 'الغيص' وجيل الآباء والأجداد المكافحين الذين ندعو لهم بطول العمر وحسن العمل.
أحمد السعدون
بو عبد العزيز صديق وفي للوالد ونحن بدورنا أوفياء له، وهو رمز وطني كبير، وله مواقف لن تنسى في الدفاع عن المكتسبات الدستورية للشعب الكويتي ومحاربة الفساد.
مرزوق الغانم
صديق عمر وسيكون له شأن كبير بإذن الله.

أفضل وزير وأفضل نائب
من أفضل وزير تعاملت معه؟
- هو د. محمد صباح السالم لأنه رجل دولة بكل المقاييس.
من النائب الذي خسره المجلس؟
- بالتأكيد وليد الجري.. رجل وطني احترمه جدا.

لن أزاحم أحدا في الانتخابات
لا تزال في مقتبل العمر وأصبحت وزيرا سابقا فهل تطمح لإكمال مسيرة والدك السياسية من خلال الترشح لمجلس الأمة، خاصة أن لك شعبية كبيرة بين الناس؟
- في رأيي أن كرسي المجلس النيابي هو عز ما بعده عز لأن ثقة الشعب الكويتي لا تقدر بثمن، وأنا أتشرف بانتسابي لوالدي الذي مثل الشعب الكويتي لمدة ثلاثين عاما وتخلى عن المنصب وهو في أوج عطائه ليتيح المجال للشباب، ولكني حاليا أرى أن لدينا ما يكفي من النواب والمرشحين ممن نتوسم فيهم خيرا ولا داعي لمزاحمتهم، وكما قلت لك بأن خدمة الكويت لا تقتصر على كرسي الوزارة ومجلس الأمة، فنحن جميعا نكمل بعضنا البعض.

بلبولة القوري ما تصب الشاي بس
هل ما زلت على موقفك المؤيد لقانون المطبوعات الجديد، خاصة أن بعض الأطراف التي باركت صدور القانون عادت للمطالبة بتعديله؟
- قصة قانون المطبوعات طويلة ولربما أترك تفاصيلها للمستقبل، ولكنني أؤكد لك أنني فخور بهذا الانجاز، وما حصل هو أنني طلبت اجتماعا مع اللجنة التعليمية في مجلس الأمة فور تعييني في الحكومة، وطلبت معرفة سبب التباين الحكومي النيابي، وتبين لي أن من سبقني من الوزراء بذلوا جهودا كبيرة في هذا المجال، وبقي خلاف مع المجلس على أمرين مهمين، فالمجلس يرى أن إغلاق الصحيفة يجب أن يكون من خلال القضاء لا الحكومة، وكذلك الأمر بالنسبة للتظلم من عدم منح الترخيص، حيث يجب أن يناط بالقضاء لضمان العدالة، ولكي لا تكون الحكومة هي الخصم والحكم في الوقت نفسه، وهذا ما عملت على تغييره حتى تحقق وصدر القانون. وإذا كان البعض سيجد مثالب في القانون مع التطبيق فمن الممكن التقدم بالتعديل، ولكنني ضد من يقول ان كسر احتكار التراخيص ليس انجازا بل هو انجاز بكل المقاييس، لأنه يضمن العدالة بين أفراد المجتمع، وهنا يحضرني قول المرحوم حمود الزيد الخالد حين كان مجلس الوزراء يناقش إغلاق الطليعة في ذلك الوقت حين عارض ذلك بقوله 'ان بلبولة القوري مو بس اتصب منها الشاي، بل هي متنفس أيضا ولولاها لانفجر القوري' وأظن أن فتح باب التراخيص يتيح المجال لجميع أفراد المجتمع بالتساوي للتعبير عن رأيهم تحت مظلة القانون. وعلى العموم عندما تعمل تجد هناك من ينتقد وهذا هو حق لهم، وأعطيك مثالا على ذلك فحين كنا نناقش قضية المبلغ المطلوب لتأسيس شركة لإصدار صحيفة استشرت النواب فاقترح البعض ثلاثة ملايين دينار في حين كان أقل مبلغ مقترح لرأس المال هو نصف مليون ومع هذا وضعت مائتين وخمسين ألف دينار لكي نوجه رسالة معنوية بان التعبير عن الرأي ليس لأصحاب رؤوس الأموال الكبيرة فقط مع أن إصدار صحيفة يومية يتطلب أضعاف هذا المبلغ، وبعد كل هذا أتى من ينتقد هذا المبلغ، لذا أؤكد لك ان إرضاء الناس غاية لا تدرك وكل ما عليك هو أن تقدم الأفضل حسب اجتهادك والباقي على الله.

حكمة صباح الأحمد
تتابع بالتأكيد أخبار الساحة المحلية ومن ضمنها قضايا الحل غير الدستوري وتعديل الدستور فمن المستفيد من هذا التصعيد؟
- هذا الأمر تم حسمه بحكمة سمو أمير البلاد الشيخ صباح الاحمد فهو تعامل مع ما يطرح بحكمته المعهودة وأكد تمسكنا جميعا بهذا العقد، وبدوري أتوجه لسموه بخالص الشكر والتقدير راجيا من الله أن يحفظه وسمو ولي العهد الشيخ نواف الاحمد لهذا الوطن ويسبغ عليهما ثوب الصحة والعافية.
كيف وجدت تعامل الشيخ صباح معك أثناء رئاسته للحكومة؟
- الشيخ صباح أعطانا الثقة والمرونة، ولم يكن رئيسا مركزيا على الاطلاق بل يعطي وزراءه مطلق الصلاحية ولكنه كان يحاسبنا، وأنا لم أجد منه سوى كل دعم .. وأكبر مثال على ذلك هو قانون المطبوعات وهو انجاز يسجل لسموه، ولا يفوتني أن أذكر هنا أن للشيخ صباح اهتمامات خارجية أيضا لأن ما يحدث اقليميا وعربيا ينعكس علينا في الكويت، وقد كنت فخورا جدا بالشيخ صباح حين اجتمعنا مع القيادة الاميركية في البيت الابيض، ووجدت قادة العالم يستمعون لنصائح الشيخ صباح، ويقدرون حكمته ونظرته لقضايانا في الشرق الاوسط.

ما أشيل بقلبي
ما سر علاقتك الطيبة بجميع الكتل السياسية؟
- أنا بطبعي إنسان واضح وأحب أن اترك مسافة واحدة بين جميع الإطراف، وما 'أشيل بقلبي' وأهم شيء هو أن ما أقوله خلف الأبواب المغلقة هو ما أقوله في العلن والعكس صحيح.

أول عمل
ما أول عمل قمت به بعد تعيينك وزيرا للإعلام؟
- أول ما قمت به هو أنني خرجت من لقاء الشيخ صباح الأحمد في دار سلوى وتوجهت إلى مكتبي في الجامعة، حيث اجتمعت إلى طلبتي واعتذرت منهم بسبب عدم تمكني من مواصلة الفصل الدارسي معهم.

نص الاستقالة التاريخية
سمو رئيس مجلس الوزراء الموقر/ الشيخ ناصر المحمد الأحمد حفظه الله
تحية طيبة وبعد،،
أود بداية أن أدعو الله جلت قدرته أن يديم علينا الأمن والأمان في ربوع وطننا الغالي في ظل حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح وسمو ولي عهده الأمين الشيخ نواف الأحمد الصباح، حفظهما الله، وأؤكد لكم أن ثقة حضرة صاحب السمو الأمير وولي عهده الأمين وثقتكم بي هي محل اعتزازي وتقديري، بل انه شرف ووسام اعتز به وافتخر.
سمو رئيس مجلس الوزراء الموقر..
لقد تشرفت في اكتوبر الماضي بتقديم اقتراح لمجلس الوزراء الموقر لتشكيل لجنة لوضع تصور حكومي واضح فيما يتعلق بإصلاح النظام الانتخابي، وقد تجاوب مجلس الوزراء مشكورا في حينه وقام بتشكيل لجنة وزارية تضم بعض الأخوة الأفاضل من المجلس الأعلى للتخطيط والمشهود لهم بالكفاءة. ولقد كان لتجاوب سمو رئيس مجلس الوزراء آنذاك دليل واضح على سعي سموه في سبيل المضي قدما في عملية الإصلاح السياسي، وكان لترؤس معالي النائب الأول لأعمال اللجنة دليل إضافي على سعي الحكومة لوضع تصور جديد من شأنه القضاء على سلبيات التجربة التي مررنا بها، وتساهم في غرس روح الولاء للوطن بعيدا عن أي تقسيمات أخرى.
ولقد قامت اللجنة مشكورة على مدى عدة اشهر بعملها على الوجه الأمثل، وكان أن قدمت تقريرا علميا محايدا بتقسيم الدوائر الانتخابية الى خمس، مع طرح بديل عشري سبق للحكومة ان قدمته لمجلس الامة في عام ،2004 وقد تبنت اللجنة الوزارية التقرير وقدمته الى مجلس الوزراء الموقر للبت فيه، لكن قرار مجلس الوزراء بإعادة التقرير للجنة للنظر في زيادة عدد أعضاء مجلس الأمة وربط إصلاح النظام الانتخابي بتعديل الدستور هو أمر يهدد عملية إصلاح النظام الانتخابي برمته، وما سيجرنا إليه ذلك من استمرار الممارسات السلبية التي تشوب العملية الانتخابية، ناهيك عن آثارها على وحدتنا الوطنية التي باتت مهددة من التصنيفات الطائفية والقبلية والمناطقية والطبقية وما شابه.
سمو رئيس مجلس الوزراء الموقر..
ومع تقديري واحترامي لمبدأ التضامن الوزاري الذي أحرص عليه وأقدره، لكن هذا الموقف الحكومي لا ينسجم مع قناعتي الشخصية، لذا أرجو التكرم بقبول استقالتي لعلي بذلك اكون قد أخلصت للوطن والأمير، مقدرا لسموك العطف الأبوي الذي لمسته منك، داعيا الله أن يحفظك ويرعاك.



ابنكم
د. أنس محمد أحمد الرشيد
2006/5/8