قمبيز
04-16-2007, 10:19 AM
قريب الوزير طلب نصف مليون دولار رشوة للموافقة على مشروع فتح خط جوي
صوفيا ـ محمد خلف
بعد اربع سنوات على سقوط بغداد التاريخي، تحول العراق الى اكبر تجمع لمافيا الفساد واصبح الحديث الاول في الاوساط الشعبية ليس الحرية والديموقراطية بل فضائح الفساد الحكومي التي جعلت الدولة جمهورية للموز، إذ ادرجت منظمة الشفافية الدولية العراق الى جانب هايتي وميانمار بين اكثر الدول فسادا في العالم.
وكانت هيئة النزاهة العامة اعلنت ان القيمة التقديرية لاموال »الهدر« والفساد الاداري وصلت خلال اربع سنوات الى 8 مليارات دولار. واكد رئيس الهيئة راضي الراضي لـ »الوطن« ان ثمة تحقيقاً يجري مع 180 موظفا من وزارة النفط في البصرة متهمين بقضايا فساد اداري ومالي، فيما اشارت الهيئة العراقية العليا للتدقيق في الحسابات التي اسست في عام 2004 الى فساد واسع النطاق في الوزارات العراقية، خصوصا وزارة الدفاع.
الشفافية الدولية
وتحقق هيئة النزاهة في نحو 2600 دعوى فساد تبلغ قيمتها نحو 80 مليار دولار منذ بداية الاطاحة بنظام صدام حسين حتى هذه اللحظة، تشمل وزراء في الحكومات المتعاقبة ووكلاء وزارة وضباط شرطة وجيش ومتنفذين في احزاب السلطة.
ولعل ما كانت حذرت منه منظمة »الشفافية الدولية« في مارس 2005 قد تحقق فعلا، واصبح العراق، اكبر فضيحة فساد في التاريخ.
ويمارس العديد من مسؤولي السلطة الحاكمة وهي تمثل الاسلام السياسي السني والشيعي وفي مستويات مختلفة، نهبا منظما للدولة والمال العام وللثروات الوطنية والممتلكات الحكومية.
سلطة الإهدار
مع اقدام سلطة الائتلاف الدولي على تبديد واهدار مليارات الدولارات في الاصول العراقية التي تم الاستيلاء عليها بعد سقوط البعث الحاكم، فلقد تبخر في فترة حكم بريمر 37 مليار دولار في عقود وهمية وتكاليف خيالية للتأمين والنقل والتنفيذ في مشاريع نفذتها على الورق شركات عالمية وفق ما ذكره في تقريره المفتش الامريكي الخاص حول اعمار العراق ستيوارت بوين في عام 2005.
وكشف تحقيق في كيفية انفاق عائدات النفط خلال الاشهر الـ 15 الاولى بعد الاجتياح الى انفاق 9 مليارات دولار من دون تدقيق مناسب.
وهذه المليارات هي من (صندوق تنمية العراق) الذي تشكل برعاية المنظمة الدولية استجابة لطلب من الادارة الامريكية.
وقال بوين في عام 2006 ان فساد الحكومة العراقية قد يبلغ 4 مليارات سنويا، أي اكثر من %10 من الموارد العامة.
وتواجه الهيئة العامة للنزاهة ضغوطا شديدة من جهات حزبية وحكومية لايقاف تحقيقاتها وتقود شخصيات سياسية متنفذة في الحكومة والبرلمان حملة منظمة تستهدف رئيسها الراضي تتهمه شخصيا بالفساد في محاولة لاسكات صوته وتخويفه لكي يكف عن نشر الغسيل القذر للساسة الديموقراطيين الجدد.
وكانت الهيئة اتهمت وزيرين سابقين للكهرباء والدفاع ايهم السامرائي وحازم الشعلان باختلاس اموال طائلة تقدر بملياري دولار.
ويروي رجل الاعمال العراقي محمد جواد (بعدما ذهبت الى وزارة النقل وبحوزتي اقتراحا لاقامة خط جوي من الدول الاسكندنافية الى العراق، تلقيت اتصالا هاتفيا من قريب للوزير يقول لي ان الصفقة لن تتم ما لم ادفع رشى بقيمة نصف مليون دولار. واشار جواد الى ان فريق وزير لم يحدده طالب مقاولين يسعون للفوز بمناقصة برفع قيمتها من 35 مليونا الى 70 مليون دولار، كي يحصلوا على 40 مليون دولار. واضاف: ان حوالي %10 من الاعمال خلال عهد صدام كانت فاسدة، اما الآن، فالنسبة ترتفع الى %95. كان لدينا صدام واحد، اما الآن فلدينا 25 صداما) ويقصد بذلك اعضاء مجلس الحكم الانتقالي المنحل.
حكايات مبكية مضحكة
وتتداول الاوساط الاعلامية العراقية »حكاية« مبلغ 1.4 مليار دولار كانت شحنته سلطة الائتلاف المؤقتة في صناديق الى اربيل بكردستان العراق في 23 يونيو 2004، أي قبل خمسة ايام فقط من اقدام الحاكم الامريكي السابق بول بريمر على اعادة السيادة للعراقيين، ومغادرة البلاد.
ويكشف النائب الكردي وعضو مجلس الحكم السابق محمود عثمان ـ ان شحن هذا المبلغ الى اربيل هو محاولة من بريمر لاسكات القادة الاكراد، بعدما بدد المبلغ المتبقي وهو 2.6 مليار دولار كان »صندوق تنمية العراق« يدين بها لكردستان وهي %13 من عائدات برنامج النفط مقابل الغذاء حسب قوله.
ومع ان مكافحة الفساد تواجه مقاومة كبيرة من الساسة والاحزاب الحاكمة والمافيات المرتبطة بها، وهو ما يعكسه مقتل 15 قاضيا ممن حكموا في قضايا فساد أو ارهاب و12 من محققي هيئة النزاهة خلال عامي 2005 ـ 2006، الا ان الهيئة العامة للنزاهة نجحت وفق ما قاله الراضي في (احالة 1400 قضية فساد الى القضاء خلال العامين المذكورين، بينها 42 قضية تشمل مدراء عامين ووكلاء وزارات ووزراء.
وكان وزيران من حكومة علاوي قد احيلا في يونيو 2005 الى التحقيق في قضايا فساد وهما وزير النقل لؤي العرس ووزيرة العمل ليلى عبداللطيف، غير انه لم تتم محاكمتهما، فيما فر وزير الكهرباء ايهم السامرائي من السجن في المنطقة الخضراء في 17 ديسمبر الماضي بمساعدة حراس السجن الامريكيين، بعدما قضت المحكمة الجنائية العراقية في 12 اكتوبر الماضي بسجنه عامين اثر ادانته باهدار المال العام.
دموية الفساد
وقال راضي الراضي (ان الفساد ازداد واتسع بعد سقوط نظام صدام حسين) موضحا ان ثمانية وزراء من الحكومات المختلفة التي تعاقبت على العراق بعد اجتياحه احيلوا للقضاء بتهمة الفساد ولكن المحاكمات لم تتم حتى الآن لأن اكثرهم هرب الى خارج البلاد وبعضهم يتمتع الآن بحصانة برلمانية لم يتم رفعها عنه بعد، بينهم وزير الدفاع السابق حازم الشعلان المتهم باهدار 1.3 مليار دولار من المال العام مع 27 مسؤولا آخر من حكومة علاوي.
ربما سيحتاج العراقيون لسنوات طويلة قبل ان يعوا حجم كارثة الفساد في بلادهم في مرحلة ما بعد صدام حسين، لأنهم الآن »يسبحون« في دماء العنف الطائفي والارهاب التكفيري الذي في حقيقة الامر لا يقل دموية.
صوفيا ـ محمد خلف
بعد اربع سنوات على سقوط بغداد التاريخي، تحول العراق الى اكبر تجمع لمافيا الفساد واصبح الحديث الاول في الاوساط الشعبية ليس الحرية والديموقراطية بل فضائح الفساد الحكومي التي جعلت الدولة جمهورية للموز، إذ ادرجت منظمة الشفافية الدولية العراق الى جانب هايتي وميانمار بين اكثر الدول فسادا في العالم.
وكانت هيئة النزاهة العامة اعلنت ان القيمة التقديرية لاموال »الهدر« والفساد الاداري وصلت خلال اربع سنوات الى 8 مليارات دولار. واكد رئيس الهيئة راضي الراضي لـ »الوطن« ان ثمة تحقيقاً يجري مع 180 موظفا من وزارة النفط في البصرة متهمين بقضايا فساد اداري ومالي، فيما اشارت الهيئة العراقية العليا للتدقيق في الحسابات التي اسست في عام 2004 الى فساد واسع النطاق في الوزارات العراقية، خصوصا وزارة الدفاع.
الشفافية الدولية
وتحقق هيئة النزاهة في نحو 2600 دعوى فساد تبلغ قيمتها نحو 80 مليار دولار منذ بداية الاطاحة بنظام صدام حسين حتى هذه اللحظة، تشمل وزراء في الحكومات المتعاقبة ووكلاء وزارة وضباط شرطة وجيش ومتنفذين في احزاب السلطة.
ولعل ما كانت حذرت منه منظمة »الشفافية الدولية« في مارس 2005 قد تحقق فعلا، واصبح العراق، اكبر فضيحة فساد في التاريخ.
ويمارس العديد من مسؤولي السلطة الحاكمة وهي تمثل الاسلام السياسي السني والشيعي وفي مستويات مختلفة، نهبا منظما للدولة والمال العام وللثروات الوطنية والممتلكات الحكومية.
سلطة الإهدار
مع اقدام سلطة الائتلاف الدولي على تبديد واهدار مليارات الدولارات في الاصول العراقية التي تم الاستيلاء عليها بعد سقوط البعث الحاكم، فلقد تبخر في فترة حكم بريمر 37 مليار دولار في عقود وهمية وتكاليف خيالية للتأمين والنقل والتنفيذ في مشاريع نفذتها على الورق شركات عالمية وفق ما ذكره في تقريره المفتش الامريكي الخاص حول اعمار العراق ستيوارت بوين في عام 2005.
وكشف تحقيق في كيفية انفاق عائدات النفط خلال الاشهر الـ 15 الاولى بعد الاجتياح الى انفاق 9 مليارات دولار من دون تدقيق مناسب.
وهذه المليارات هي من (صندوق تنمية العراق) الذي تشكل برعاية المنظمة الدولية استجابة لطلب من الادارة الامريكية.
وقال بوين في عام 2006 ان فساد الحكومة العراقية قد يبلغ 4 مليارات سنويا، أي اكثر من %10 من الموارد العامة.
وتواجه الهيئة العامة للنزاهة ضغوطا شديدة من جهات حزبية وحكومية لايقاف تحقيقاتها وتقود شخصيات سياسية متنفذة في الحكومة والبرلمان حملة منظمة تستهدف رئيسها الراضي تتهمه شخصيا بالفساد في محاولة لاسكات صوته وتخويفه لكي يكف عن نشر الغسيل القذر للساسة الديموقراطيين الجدد.
وكانت الهيئة اتهمت وزيرين سابقين للكهرباء والدفاع ايهم السامرائي وحازم الشعلان باختلاس اموال طائلة تقدر بملياري دولار.
ويروي رجل الاعمال العراقي محمد جواد (بعدما ذهبت الى وزارة النقل وبحوزتي اقتراحا لاقامة خط جوي من الدول الاسكندنافية الى العراق، تلقيت اتصالا هاتفيا من قريب للوزير يقول لي ان الصفقة لن تتم ما لم ادفع رشى بقيمة نصف مليون دولار. واشار جواد الى ان فريق وزير لم يحدده طالب مقاولين يسعون للفوز بمناقصة برفع قيمتها من 35 مليونا الى 70 مليون دولار، كي يحصلوا على 40 مليون دولار. واضاف: ان حوالي %10 من الاعمال خلال عهد صدام كانت فاسدة، اما الآن، فالنسبة ترتفع الى %95. كان لدينا صدام واحد، اما الآن فلدينا 25 صداما) ويقصد بذلك اعضاء مجلس الحكم الانتقالي المنحل.
حكايات مبكية مضحكة
وتتداول الاوساط الاعلامية العراقية »حكاية« مبلغ 1.4 مليار دولار كانت شحنته سلطة الائتلاف المؤقتة في صناديق الى اربيل بكردستان العراق في 23 يونيو 2004، أي قبل خمسة ايام فقط من اقدام الحاكم الامريكي السابق بول بريمر على اعادة السيادة للعراقيين، ومغادرة البلاد.
ويكشف النائب الكردي وعضو مجلس الحكم السابق محمود عثمان ـ ان شحن هذا المبلغ الى اربيل هو محاولة من بريمر لاسكات القادة الاكراد، بعدما بدد المبلغ المتبقي وهو 2.6 مليار دولار كان »صندوق تنمية العراق« يدين بها لكردستان وهي %13 من عائدات برنامج النفط مقابل الغذاء حسب قوله.
ومع ان مكافحة الفساد تواجه مقاومة كبيرة من الساسة والاحزاب الحاكمة والمافيات المرتبطة بها، وهو ما يعكسه مقتل 15 قاضيا ممن حكموا في قضايا فساد أو ارهاب و12 من محققي هيئة النزاهة خلال عامي 2005 ـ 2006، الا ان الهيئة العامة للنزاهة نجحت وفق ما قاله الراضي في (احالة 1400 قضية فساد الى القضاء خلال العامين المذكورين، بينها 42 قضية تشمل مدراء عامين ووكلاء وزارات ووزراء.
وكان وزيران من حكومة علاوي قد احيلا في يونيو 2005 الى التحقيق في قضايا فساد وهما وزير النقل لؤي العرس ووزيرة العمل ليلى عبداللطيف، غير انه لم تتم محاكمتهما، فيما فر وزير الكهرباء ايهم السامرائي من السجن في المنطقة الخضراء في 17 ديسمبر الماضي بمساعدة حراس السجن الامريكيين، بعدما قضت المحكمة الجنائية العراقية في 12 اكتوبر الماضي بسجنه عامين اثر ادانته باهدار المال العام.
دموية الفساد
وقال راضي الراضي (ان الفساد ازداد واتسع بعد سقوط نظام صدام حسين) موضحا ان ثمانية وزراء من الحكومات المختلفة التي تعاقبت على العراق بعد اجتياحه احيلوا للقضاء بتهمة الفساد ولكن المحاكمات لم تتم حتى الآن لأن اكثرهم هرب الى خارج البلاد وبعضهم يتمتع الآن بحصانة برلمانية لم يتم رفعها عنه بعد، بينهم وزير الدفاع السابق حازم الشعلان المتهم باهدار 1.3 مليار دولار من المال العام مع 27 مسؤولا آخر من حكومة علاوي.
ربما سيحتاج العراقيون لسنوات طويلة قبل ان يعوا حجم كارثة الفساد في بلادهم في مرحلة ما بعد صدام حسين، لأنهم الآن »يسبحون« في دماء العنف الطائفي والارهاب التكفيري الذي في حقيقة الامر لا يقل دموية.