المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شيكاغو تربيون: مشايخ الخليج تغازل الإرهابيين سراً وترشوهم



زوربا
04-01-2007, 04:09 PM
الملف برس

تتوقـَّع صحيفة "شيكاغو تربيون" أنّ حرب العراق الطاحنة إذا ما انتهت بنهاية بوش -طبقاً لحسابات الشعب الأميركي- فإنّ ما أسمتها "الحرب الأكبر" التي يقودها -حسب زعمها- "الإرهابيون الإسلاميون المتطرّفون" ستقوى وتضطرد. وترى الصحيفة في عددها الأخير أنّ "الجهاديين" سيبقون يتوجّهون وبتزايد إلى "المثلث السني" بعد انسحاب القوات الأميركية من العراق سنة 2008. واتهمت الصحيفة دول الخليج التي أطلقت عليها "مشايخ النفط غير الشرعية" بممارسة مغازلات سرية مع الإرهابيين العالميين، وبدفع الرشاوى لهم، داعية ً الى إزالة أمراء هذه المشايخ، وتبني حكومات ديمقراطية بديلة فيها. ورأت الصحيفة أنّ تهديدات الإرهاب لن تنتهي بمجرّد مغادرة بوش للبيت الأبيض، وتوقف تمويلات حرب العراق.




وقالت الصحيفة الأميركية في مقال تحليلي إستراتيجي كتبه المؤرخ البروفيسور "فيكتور ديفس هانسون" الزميل الأقدم في معهد "هوفر" التابع لجامعة "ستانفورد": إنّ ثمة تهمة تتردّد تقول إنّ الأميركيين هم الذين جلبوا الإرهابيين الى العراق. وذلك بالطبع صحيح جداً، بمعنى إن الحرب دائما تخرج العدو الى ساحات القتال. ولكنّ ذلك مظهر خادع أيضاً –يقول البرفيسور هانسون- لإنه يهمل بعض الحقائق. فلماذا رأينا عناصر مثل "ابو مصعب الزرقاوي" القائد السابق لتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، و"ابو نضال" و"ابو عباس" الفلسطينيين المعروفين في الثمانينات و"عبد الرحمن ياسين" الذي اشترك في هجمات مركز التجارة العالمي سنة 1993) موجودة في عراق صدام حسين عندما دخلته القوات الاميركية، أو كان لها وجود فيه.



وعلاوة على ذلك –كما يعتقد المؤرخ البرفيسور هانسون- فإن الحرب الكريهة في العراق لم تخلق الإسلاميين المتطرفين ولا هي التي أوجدت مدارسهم في أنحاء الشرق الأوسط. وقال إنّ هؤلاء الإرهابيين هم الذين يغسلون أدمغة الشباب ليحوّلونهم الى التطرّف، ويضغطون على حكومات المنطقة الملكية والحكومات الثيوقراطية والحكومات الأوتوقراطية الاستبدادية، كي تزوّدهم باموال التدريب والتسليح. كل هذا التطرف مستمر منذ عقود. ولقد عاش العالم بأسره -خلال ربع قرن- تحوّلات الإرهاب التي قادت الى 11 سبتمبر-أيلول 2001.



ويرى كاتبُ التحليل السياسي في صحيفة "شيكاغو تربيون" أنّ الاضطرابات والاغتيالات وتهديدات الموت ليست لها علاقة بالعراق. فأكثر إرهابيي القاعدة -كما يعتقد- يـُدرَّبون ويـُجهـَّزون بالأسلحة في الأراضي البرية الباكستانية وبالتحديد في منطقة "وزيرستان" ليساعدوا طالبان في استرداد أفغانستان وينشروا "الجهاد" في أنحاء العالم.



وقال: إنّ هؤلاء القتلة لا يـُلقون بالاً الى حقيقة أن الجهود الأميركية في أفغانستان متعددة الأطراف بشكل واسع. ولا يعيرون اهتماماً إلى أنّ الحضور الأميركي هناك مُقرٌّ من قبل "الناتو" منظمة حلف شمال الأطلسي، أوتشارك فيه الأمم المتحدة، أو أنه يجيء فقط ردا على هجمات 11 سبتمبر-أيلول.





وإن هؤلاء "الإسلاميين المتطرفين" بتعبير "هانسون" يزدادون قوة، ليس لإنّ القوات الأميركية أبعدت عينيها عن أفغانستان لتشنّ حربها في العراق، لكنْ لإنّ الرجل القوي في الباكستان الجنرال "برويز مشرف" لا يستطيع، أو أنّه سوف لا يستطيع أنْ يفعل أي شيء لقواعد القاعدة في بعض من أراضي بلده. ولا حتى بوش يستطيع ذلك، وقال –ساخراً من الديمقراطيين- ولا حتى زعيمة مجلس النواب "نانسي بيلوسي" التي تعرف تماماً ماهية هذه الدكتاتورية العسكرية النووية في الباكستان، التي لا يمكن التنبؤ بأفعالها.

ومن كل هذا يستنتج المؤرخ "هانسون" أنّ العراق هوفقط مسرح أخير، مع أنه مسرح مثير للجدال والخلاف بشكل مستمر في العالم كله. وأكد أن "الحرب الأكبر" لم تظهر نتيجة غزو العراق سنة 2003، بل هي نتيجة لثورة غاضبة في أوساط المسلمين المتطرفين في هذا العالم الحديث بكل مفاهيم عولمته. وهي أيضا نتيجة للأرباح الهائلة التي تـُجنى من شراء العالم لنفط الشرق الأوسط، ثم بسبب"الإرهاب الإسلامي" المنتشر في الكرة الأرضية من أفغانستان الى تايلاند.


وتساءل المؤرخ "هانسون" ساخراً: هل يعتقد البعض إنّ التطلع لفوز مرشح الرئاسة الأميركية بجائرة السلام في سنة 2008، هو الذي يدفع الولايات المتحدة للانسحاب من العراق قبل استقرار الديمقراطية فيه، وقبل تمكـّن القوات الأميركية من تحقيق استتباب الأمن الذي يحفظ الأرواح والممتلكات؟!. ويؤكد قائلاً: إنّ "الحرب الأكبر" ستستمر بعد أنْ تنسحب القوات الأميركية من العراق، وسرعان ما سنجد "الجهاديين" يتسابقون في التوجه الى المثلث السني. وكذا الحال بالنسبة لـ"أيمن الظواهري" الذي سيظل يبث تهديدات القاعدة من موقعه الآمن في باكستان النووية. أما مشايخ الخليج غير الشرعية والغنية بالنفط فسوف تستمر في "مغازلاتها السرية" وفي تقديم "الرشاوى" للإرهابيين "الموثوقين" كي يتركوها في حالها. وأخيراً لن ينفك الجهاديون عن محاولاتهم التسلل الى الولايات المتحدة ليقتلوا الأميركان.


إنّ نقاد الحرب الحالية – كما يقول هانسون- يمكن أنْ يبتكروا "ذرائع تكتيكية" تكون أكثر حكمة في تعليل قتال الأميركيين ضد القاعدة في أفغانستان والعراق وفي الباكستان أو غيرها. أوأنّ هذه الأموال التي تنفق على خط المجابهة العراقي الهجومي يمكن أن تـُستثمر في تقوية الأمن داخل الولايات المتحدة. وأكد "هانسون" قوله إنّ هذه التكلفة الانسانية هي ببساطة تكلفة عظيمة جدا وباهظة، وإذا لم نشأ دفع أثمانها –أرواحاً وأمولاً- يجب علينا كما تفعل مشايخ الخليج ان نقدم تنازلات دبلوماسية للإسلاميين المتطرفين بدلاً من مواجهتهم عسكرياً. وقال إنّ تلك البدائل الفعالة عـُرفتْ من قبل في حروب كثيرة، كالخلافات القديمة الشهيرة بشأن خط ماجينو الدفاعي الفرنسي في الثلاثينات أو كالقرار الأميركي لقهر ألمانيا أولاً ثم اليابان في الحرب العالمية الثانية.






وفي حالة البقاء في العراق، ففي الأقل –يرى كاتب التحليل الإستراتيجي في صحيفة شيكاغو تربيون- يجب أنْ تكون هناك خطة أميركية طويلة المدى تركز أولاً: على استمرار الهجمات لمواجهة "الإسلاميين الإرهابيين المتطرفين" –بحسب تعبيره- في أراضيهم وميادينهم، وتركز ثانياً على: محاولة تبنّي بديل ديمقراطي للأنظمة الدينية والاستبدادية الفردية. وقال إن مثل هذا الكلام قد يترك الأميركيين يشعرون أنه كلام يكلف ثمناً غالياً أو يقولون إنه كلام ساذج، لكنْ هذه هي "الإستراتيجية المباشرة" التي تستهدف العدو الباحث عن إرهاب الغرب ويخطط لإن يكون حولنا بعد سنة 2008.


وختم المؤرخ البرفيسور "هانسون" حديثه في مقاله الذي نشرته "شيكاغو تربيون" تحت عنوان "ما بعد العراق" قائلاً: اعتماداً على الطريقة التي سنترك بها العراق، فإن هذه الحرب العالمية ضد "الإرهاب الإسلامي المتطرف" إما ستنمو بقوة وبتسارع أو تتلاشى. إنها ستنتهي ولكنْ بشق الأنفس.