المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حكومةالشيوخ! .......محمد عبدالقادر الجاسم



فاطمي
03-29-2007, 11:39 PM
محمد عبدالقادر الجاسم


من حق رئيس الوزراء أن يختار فريقه الوزاري بتأن وروية، لكن من حقنا نحن أيضا، مقابل كل هذا الوقت الذي استهلكه الرئيس في تشكيل حكومته، أن نتوقع حكومة فريدة من نوعها في تاريخ الكويت السياسي، خاصة أنه تم تصنيف رئيس الوزراء بالشيخ الإصلاحي. فإن جاءت التشكيلة الحكومية مخيبة للآمال، وهذا هو مع الأسف المتوقع حتى لحظة كتابة هذا المقال، فإن من حقنا أيضا كشعب أن نبحث لنا "عن صرفة" بأحوالنا.

فمن غير المعقول أن يستمر تخبط الدولة ونكتفي نحن بالفرجة أو الانتقاد. إن هذه الحكومة هي حكومة الفرصة الأخيرة للشيوخ لإثبات قدرتهم على تولي رئاسة الوزراء، وفي حال إخفاق الشيخ ناصر المحمد في الحكومة الجديدة فلا مناص من تجربة الحكومة الشعبية، أي لا بد من إبعاد الشيوخ عن المناصب الوزارية و"تجليسهم" على مقاعد المتفرجين!

وقد يسأل سائل وما ذنب الشيوخ إن كان الإخفاق نصيب أحدهم؟ أقول إن البلاد كانت ولم تزل حتى اليوم تحت السيطرة الفعلية للشيوخ مهما كبر دور القوى السياسية ومهما بلغت شراسة مجلس الأمة. وبقاء منصب رئاسة الوزراء بيدهم هو تعزيز متواصل لهذه السيطرة. نعم أنا على يقين أن تجربتنا مع الوزارة الشعبية لن تقل في الفشل عن تجربتنا مع الشيوخ، إلا أن الرهان على الفشل المجهول أفضل من الرهان على الفشل المعلوم، فالأول محتمل والثاني محتوم. كما أن تجريد الشيوخ من رئاسة الوزراء قد يقود إلى إدراكهم مقدار الأخطاء التي ارتكبوها ليس في حق الكويت فقط بل في حق حكمهم أيضا.

إن الحكومة الجديدة لن تقود البلاد إلى التمنية ولن تحقق الإصلاح المنشود، ذلك أنه من الواضح أن هدف رئيس الوزراء هو تشكيل حكومة يمكنها البقاء أطول مدة دون أن يتعرض أحد أعضائها إلى استجواب يدفع رئيسها إلى الاستقالة. فهو يعلم أن هذه الوزارة هي الأخيرة بالنسبة له، ومن ثم نراه يجتهد في اختيار العناصر التي قد توفر لوزارته الاستمرارية بغض النظر عن الكفاءة والإنتاجية. إن هدف كهذا، على فرض تحققه، هدف خاص لا تستفيد منه الدولة بقدر استفادة رئيس الوزراء شخصيا من خلال البقاء في منصب رئاسة الوزارة أطول فترة ممكنة. وحين تتم "هندسة" الحكومة على أساس الحيلولة دون دخول الكتل السياسية في اتفاق فيما بينها ضد الحكومة، فلا عجب إن جاءت الحكومة بلا أهداف وبلا برامج وبلا رؤية.

في العاشر من يوليو العام الماضي كتبت مقالا وصفت فيه الحكومة السابقة بأنها "أقرب إلى "المخلط"، وأنه لا معنى سياسي فيها على الإطلاق، ولا توحي بأنها حكومة ذات برنامج جاد في تحقيق التنمية أو الإصلاح، وهي أيضا، ككل الحكومات السابقة، "حكومة مؤقتة". أما الحكومة الجديدة فهي في تصوري لن تخرج عن طبق سلطة كويتي فيه "بقل ورويد وثوم" إلى جانب "الريحان وجبنة البارماسان"، وهي أيضا حكومة لا تدرك الفرق بين الإصلاح والتنمية ولا بين "التكيك" والإستراتيجية!

إن أغلب الحكومات التي شكلت في الكويت هي مع الأسف مثل فريق من الهواة، أو طبقة من الموظفين. فلا ثقافة لديهم ولا بعد نظر ولا رؤية إستراتيجية، وغاية ما يجيدونه هو "التوجيب" وأدوار العلاقات العامة.

أعود فأقول لرئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد: لقد استهلكت يا بوصباح كل الوقت المتاح لك لتشكيل الحكومة وأنت تبحث عن خمس أشخاص أو ستة فقط، فلا تلومنا حين نصاب بالإحباط إن جاءت اختياراتك مفيدة لك لكنها مضرة للبلد، فقد كانت الحكومات السابقة تشكل على نفس الأسس، أي لمصلحة رئيس الوزراء، ومن المؤكد أنك تدرك ما تسببت به تلك الحكومات! إن مهمتك الأساسية هي إصلاح ما خربته الحكومات السابقة فهل تتحقق مصلحة الكويت هذه المرة على الأقل أم "ماكو فايدة"؟

إن مسؤوليتك عظيمة يا بوصباح، فكفاءة حكم أسرة الصباح أصبح على المحك بعد أن تم استنزاف كل شيء، فهل تدركها يا بوصباح؟
نأمل ذلك.



23/3/2007