المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مخالفة الوهابية للقرآن والسنة



fadel
03-25-2007, 03:34 PM
تاليف : عمر عبد السلام

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه وأشرف بريته محمد المصطفى وعلى آله وصحبه الكرام


المقدمة:
سافرت في سن الشباب إلى مكة المكرمة لأداء فريضة حج بيت الله الحرام، وذلك في سنة 1395. وفي المدينة المنورة عند قبر الرسول صلى الله عليه وسلم لاحظت الإهانات التي كان الوهابيون يوجهونها للمسلمين، إذ كانوا يقذفون حجاج بيت الله وضيوف الرحمن بأقذع أنواع السباب والشتائم، وبشكل متواصل، لا ينقطع ولا يهدأ. فعندما كان زوار رسول الله صلى الله عليه وسلم يقتربون من ضريحه، ويقبلون شبابيك المرقد المقدس تعبيراً عن حبهم له، بينما كان الوهابيون يقولون لهم:«ابتعدوا أيها المشركون» لقد تألمت كثيراً وضاق صدري وأنا أشاهد تلك الإهانات الفظة الغليظة التي كانوا يوجهونها لزوار رسول الله. وعندما راجعت كتب التاريخ وجدت أنهم كانوا ـ في أول تسلطهم على المدينة ـ يرتكبون المجازر بحق زوار النبي صلى الله عليه وسلم وعلى أي حال: فأن زعماء الوهابية وواضعي أسسها ـ من أمثال ابن تيمية وأشباهه ـ هم الذين سنوا تلك العقائد، إلا أن محمد بن عبد الوهاب هو الذي أسس حزباً يرتكز على تلك المعتقدات، وأنشأ فرقة جديدة تعتبر جميع من سواها من المسلمين كفرة ومهدوري الدم.

وإنني هنا، أنشر نتائج دراستي في أعداد هذه النشرة، لأضعها بين يدي الجميع إن شاء الله.
غرة ذي الحجة سنة 1414 ه‍، عمر عبد السلام

1 التوحيد
التوحيد من أهم الأصول الاعتقادية في جميع الأديان السماوية، لا سيما الدين الإسلامي الحنيف، وقد جعل الله سبحانه وتعالى العمل على نشره وترسيخه مسؤولية الأنبياء الأساسية، ولذا أشبع القرآن والسنة هذا الموضوع توضيحاً وتبياناً، ولذا فإن على كل مسلم الرجوع إلى هذين المنبعين الصافيين للتعرف على أفكار التوحيد الأساسية.
إن قليلاً من التأمل في عقائد الوهابية وأفكارهم يوضح بجلاء بعدهم التام في اعتقاداتهم عن القرآن الكريم والسنة المطهرة. فهم لا يعتقدون بالله كما وصفته آيات القرآن الكريم المحكمات، بل هو باعتقادهم فوق العرش محدود، ومحاط يحتاج إلى المكان.

راجع «رسالة العقيدة الحموية» و «رسالة العقيدة الواسطية» (من كتاب مجموعة الرسائل الكبرى) و «الفتاوي الكبرى» و«منهاج السنة» تأليف ابن تيمية، وكذا «مختصر الصواعق المرسلة» لابن قيم.

وأيد "ابن باز" ما في رسالة الحموية (راجع كتاب العقيدة الصحيحة ونواقض الإسلام لابن باز).
وقد اعترف ابن تيمية ـ المبدع الأول لفكرة الوهابية ـ في كتبه بهذه الاعتقادات المنحرفة، مستدلاً بآيات من القرآن المتشابهة وببعض الأحاديث الموضوعة، مغضياً نظره عن الآيات المحكمات والأحاديث الثابتة عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم.
فقد استند في إثبات اعتقاداته مثلاً إلى الحديث القائل: «إن الله ينزل في كل ليلة إلى الأرض، ثم يعود إلى عرشه أول الصباح» في حين إن أدنى نظرة تأمل منصفة بسيطة تقود إلى الاعتقاد بأن هذا الحديث موضوع، لأن الليل دائم الحلول على الأرض، فما من لحظة تمر حتى يكون نصف الكرة الأرضية غارقاً في الليل ونصفها الآخر مسفراً بالنهار، ولو أن الله ـ معاذ الله ـ كان قد نزل عن عرشه إلى الأرض، لما عاد إلى عرشه أبداً ما دامت الأرض موجودة وما دام ليلها مستمراً، وبالنتيجة إن الحديث يكذب نفسه، لأن نزول الله إلى الأرض يقتضي بقاء ه فيها ببقاء الليل وبقاء العرش خالياً من وجوده دائماً إلى يوم القيامة لدوام الليل في الأرض كذلك ولذا فإننا إذا سلمنا سند الحديث، فينبغي تأويله كما فعل مالك بن أنس . (راجع مجموعة الرسائل الكبرى لابن تيمية / رسالة الوصية الكبرى وكتاب الصواعق المرسلة لابن قيم / باب ثبوت الانتقال والحركة لله).
خلافاً لما قاله "ابن قيم" ـ في كتابه مختصر الصواعق المرسلة (الطبعة الأولى في بيروت سنة 1405) الصفحة 113 ـ حيث إنه غضب على الموحدين ممن قال إن الله ليس بجسم حين سماهم بالنفاة المعطلة بقوله:
ـ فانظر ماذا تحت تنزيه المعطلة النفاة بقولهم: «إن الله ليس بجسم ولا جوهر ولا مركب ولا تقوم به الأعراض ولا يوصف بالابعاض... ولا تحيط به الجهات ولا يقال في حقه أين وليس بمتحيز...» ثم كفّروا وضلّلوا من أثبتها واستحلوا منه ما لم يستحلوه من أعداء الله من اليهود والنصارى، فإلى الله الموعد، وإليه الملتجأ، وإليه التحاكم، وبين يديه التخاصم
ـ قال ابن تيمية في كتابه الموسوم بالفتاوي الكبرى المجلد الخامس ص 23 ـ 21 (طبع بيروت في دار المعرفة):
... أنه ليس في شئ من ذلك (يعني الآيات) نفي الجهة والتحيز عن الله، ولا وصفه بما يستلزم لزوماً بيناً نفي ذلك.
أقول وليت شعري كأنه لم يلحظ وصف الله نفسه في القرآن بقوله: ﴿فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾ البقرة 115 ـ ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ ق 16 ـ ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ﴾ الحديد 4 ـ ﴿وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً﴾ النساء 26 وآيات أخرى كثيرة، فلو كان جسماً يشغل حيزاً ذا جهة خاصة فولى الإنسان وجهه عنه لم يكن ثم وجه الله ولم يكن الله أقرب إليه من حبل الوريد، ولا معه في كل مكان، ولم يكن محيطا بكل شئ، بل كان ككل متحيز محاطا بمكان خاص، وسائر الأمكنة خالية منه كما صرح بذلك الدليل علي بن أبي طالب بقوله: ومن قال فيم فقد ضمنه، ومن قال علام (على العرش) فقد أخلا منه (تحت العرش).
«... والحمد لله الكائن قبل أن يكون كرسي أو عرش أو سماء أو أرض أو جان أو إنس...»
وقد عد الجزيري في كتابه «الفقه على المذاهب الأربعة» الاعتقادَ بتجسيم الله تعالى وما يستلزم الاعتقاد بالتجسيم مستوجباً للكفر، والمعتقدَ به كافراً ومشركاً ، (فالوهابيون مشركون عند المذاهب الأربعة).
والعجيب في أمر ابن تيمية أنه ينكر الحقائق الواضحة بشكل صريح ومباشر، فيقول:
«لم ينطق القرآن والسنة والإجماع بأن الله ليس بجسم ولم ينف التشبيه» .
الأمر الذي أثار حفيظة القضاة الحنفيين والمالكيين والشافعيين ضده فألقوه في السجن حتى مات. تأمل عزيزي القارئ نص ما ورد في حكم السلطان:
«... وكان الشقي ابن تيمية في هذه المدة قد بسط لسان قلمه ومد عنان كلمه ونص في كلامه على أمور ومنكرات، وأتى في ذلك بما أنكره أئمة الإسلام وانعقد على خلافه إجماع العلماء الأعلام وخالف في ذلك علماء عصره وفقهاء شامه ومصره وعلمنا أنه استخف قومه فأطاعوه حتى اتصل بنا أنهم صرحوا في حق الله بالتجسيم» .

2 فضائل الانبياء والاولياء
فضائل الأنبياء والأولياء في القرآن
لقد أنكر الوهابيون ما من الله تعالى به على خاصة أوليائه من العلم والفضائل والقدرات الخاصة، فهم يرفضون بشكل تام أي شكل من أشكال القدرة لأي أحد من الخلق، فلا عيسى يشفي المرضى بإذن الله، ولا من عنده علم من الكتاب يمكنه إحضار عرش بلقيس، ولا سليمان يمكنه فهم لسان النمل والطير والحديث معها، ولا مريم يمكنها الأخبار عما سيكون في رحمها، ولا الرسول الأكرم يمكنه الإخبار عن حوادث مستقبلية، والحال أن القرآن الكريم يزخر بالأمثلة الكثيرة على ما خص به الأنبياء والأولياء من خوارق العلوم والقدرات والفضائل. ونسوق أدناه أمثلة على ذلك:
يقول تعالى في ذكر داود وسليمان ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيد * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ * يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾ سبأ / 10 – 13.
﴿قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ * قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ...﴾ النمل/38 ـ 40 .
وقال تعالى: ﴿فَوَجَدَا عَبْداً مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً﴾ الكهف / 65.
وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً وَقَالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ * وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ * وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ﴾ النمل / 15ـ 17.

تعليم الله الأنبياء والأولياء أنباء ما كان وما سيكون وما هو كائن مما يخفى على الأعين:
يقول تعالى: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً﴾ الجن / 26 – 27.
تأمل في قوله: إلا من ارتضى من رسول...
قال عيسى ابن مريم للناس: ﴿وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُم﴾ آل عمران / 49 ـ يعني أنبئكم بما سيكون من أكلكم وأنبئكم بما تخفون في بيوتكم (ولو في بطن الأرض).
وقال تعالى: ﴿إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ * وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ * قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ آل عمران / 45 – 47.
وهذه الآيات أكبر شاهد على اختصاص الأنبياء والأولياء بعلوم من عند الله لا نعلمها بل تختص بهم ومن فضائلهم، حتى بالنسبة إلى مريم التي لم تكن من الأنبياء ومع ذلك تكلمها الملائكة وتخبرها بحوادث لم يكن يعلمها إلا الله فتعلمها بإذن الله،
مثل أنه سيولد منها بلا زوج ولد صالح يكلم في المهد.
أما ما ورد في الأحاديث فهو متواتر بدرجة لا يمكن معها إحصاؤه في هذه الوريقات، ولكن نشير إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي بن أبي طالب كانا يحملان علما لدنيّاً كثيراً ويخبران عن أحداث تقع في آخر الزمان، كما في إخبار علي بن أبي طالب عن هجوم الترك والمغول والتتار على بلاد المسلمين، وقد ورد في نفس الرواية أن رجلاً كلبياً سأله «أتعلم الغيب يا علي؟» فقال: «ليس هو بعلم غيب وإنما هو تعلم من ذي علم... فعلم علمه الله نبيه فعلمنيه».
وقد تواترت الأحاديث التي تشير إلى إخبار الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم وعلي عن أحداث آخر الزمان في الكتب المعتبرة وبأسانيد صحيحة.
فقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم عما سيقع بعد وفاته من الحوادث، وعن المهدي في آخر الزمان، كما أخبر علي بن أبي طالب عن استيلاء بني أمية على الخلافة، ثم إبادتهم على أيدي بني العباس، وعن الكثير من الحوادث التي تلي انقراض بني العباس وإلى قيام المهدي.
فلو أراد الله أن يعلم رسوله أو وليه جميع أنباء ما كان وما هو كائن وما سيكون من حوادث الدنيا لفعل لإمكان ذلك لأن حوادث الدنيا محدودة يمكن أن يعلمها الله بشراً.

إنكار الوهابين الشفاعة والتوسل:
من العقائد الإسلامية الأخرى المسلم بها والتي يردها الوهابيون قضية «التوسل» يقول محمد بن عبد الوهاب:
«إذا قال لك بعض المشركين [يعني: المسلمين غير الوهابين] ﴿أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ أو استدل بالشفاعة أنها حق، أو أن الأنبياء لهم جاه عند الله، أو ذكر كلاماً للنبي يستدل به على شيء من باطله، (يعني الشفاعة و...) وأنت لا تفهم (أي لا تقدر على جوابه) فجاوبه بقولك: «إن الله ذكر في كتابه أن الذين في قلوبهم زيغ يتركون المحكم ويتبعون المتشابه».
راجع كشف الشبهات في التوحيد لمحمد بن عبد الوهاب طبع قاهرة الصفحة 6.
والملفت للنظر أن محمد بن عبد الوهاب وأمثاله هم الذين يستدلون بالمتشابهات دون «المحكمات كالآيات الصريحة السابقة في توسل الأمم بأنبيائهم، والروايات الصحيحة الصريحة في الاستشفاع» ـ وكتاب تفسير الفاتحة لمحمد بن عبد الوهاب طبع الرياض مكتبة الحرمين الطبعة الأولى 1407 ه‍.
وتاريخ المملكة السعودية لصلاح الدين المختار طبع بيروت في الجزء الثاني الصفحة 344 ما نصه:
أصدر العلماء (الوهابيون) بياناً منه: «من جعل بينه وبين الله وسائط فهذا كافر، يستتاب ثلاثاً وإلا قتل».
وورد في كتاب «العقيدة الصحيحة ونواقض الإسلام» لعبد العزيز بن عبد الله بن باز ما يلي:
«من سأل النبي وطلب منه الشفاعة فقد نقض إسلامه».
الشفاعة والتوسل بالأنبياء في القرآن والسنة:
إذن فطبقاً لعقائدهم فإن جميع أنبياء الله وأوليائه مشركون وكفار، لأن الأنبياء يقرون الاستشفاع والتوسل. فالقرآن الكريم والروايات الشريفة تعرضا لذكر العديد من فضائل الأنبياء والموارد التي توسل فيها الناس بالأنبياء والأولياء إلى الله، من ذلك مثلا:
1 ـ عيسى يشفي المريض المتوسل به بإذن الله * ﴿وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ آل عمران / 48 ـ 49. ﴿وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ﴾ الأنبياء / 81. ـ (يجري الريح بأمر سليمان) فتوسل الناس إلى عيسى إنما كان لاعتقادهم بأن الله قد حباه قدرة تمكنه من شفاء المرضى. أي أنهم يعتقدون بأنه كان نبي الله وعبده المخلص وأنه قد حصل له لأجل هذه العبودية علم كذاك وقدرة كتلك. وهذا ما لا يمكن عده شركا أبدا إذا لم نقل إنه عين التوحيد. بل الشرك فقط لو كان الناس قد اعتقدوا بأن لعيسى قدرة مستقلة عن قدرة الله تعالى، ولن يقول أحد من المسلمين بذلك.
فتحصل أن توسل الأمم بالأنبياء لشفاء مرضاهم أو قضاء بعض حوائجهم كان لاعتقادهم بأن الله قد حباهم قدرة شفاء المريض أو قضاء هذه الحاجة كما يتوسلون بهم ليدعوا لهم عند الله لأنهم مخلصون ومقربون ولهم عند الله مقام محمود وجاه عظيم فيقبل الله دعاء أوليائه سواء كان الدعاء لأنفسهم أو لمن توسل بهم كما يأتي في توسل أبناء يعقوب به ليستغفر لهم عند الله أو مجيء الصحابة إلى النبي ليستغفر لهم أو يدعو لهم عند الله لنزول المطر أو يشفع لهم يوم القيامة أو... آل عمران / 45 ـ 47: ﴿عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ﴾ الأنفال / 33: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ ـ آية ـ ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً﴾ النساء / 64
2ـ توسل أبناء يعقوب به، ليستغفر لهم، قال تعالى: ﴿قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا﴾ يوسف / 97.
وهم قد طلبوا المغفرة من الله تعالى لا من يعقوب، إلا أنهم وسطوا لذلك يعقوب، لأنه كان مقربا وذا جاه عند الله يقتضي أن لا يرد الله دعاءه إذا دعاه. والأمر يتضح بجلاء من جواب يعقوب لأبنائه، يقول تعالى: ﴿قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ يوسف / 98.
كذا مقبولية استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسلمين التائبين لأن لرسول الله جاه عند الله في قوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً﴾ النساء / 64، دلت الآية على حث الأمة على المجيئ إليه ليستغفر لهم.
ما ورد في القرآن الكريم حول التبرك:
قوله تعالى حول قصة يعقوب مع أبنائه كيف ارتد بصيرا ببركة قميص يوسف * ﴿اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ﴾ يوسف / 93.
علاوة على ما أوردنا فهناك أيضا العديد من الروايات التي تدل على أن صحابة الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم قد لجأوا إليه صلى الله عليه وسلم في الكثير مما كانوا يواجهونه من ابتلاءات كالقحط والابتلاء بالمعاصي وشفاء المرضى، كما تدل على أنهم كانوا يتبركون بماء وضوئه وما تساقط من شعر رأسه بقصد التبرك ولم يعترض الرسول صلى الله عليه وسلم على ذلك، بل إنه صلى الله عليه وسلم كان يصرح بأنهم سيشفون نتيجة ذلك.
وأما ما ورد في «الأحاديث الشريفة» حول التوسل بالرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم فكثير، نورد منه ما يلي:
1 ـ صحيح البخاري / كتاب صلاة الجمعة / باب الاستسقاء في الخطبة يوم الجمعة:
عن أنس بن مالك: قال: أصابت الناس سنة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فبينا النبي يخاطبنا في يوم جمعة قام أعرابي فقال يا رسول الله: هلك المال، وجاع العيال، فادع الله لنا فرفع يديه وما نرى في السماء من قزعة، فوالذي نفسي بيده ما وضعها حتى ثار السحاب أمثال الجبال، ثم لم ينزل من منبره حتى رأيت المطر يتحادر على لحيته صلى الله عليه وسلم فمطرنا يومنا ذلك، ومن الغد، وبعد الغد، والذي يليه، حتى الجمعة الأخرى.

وقام ذلك الأعرابي أو قام غيره فقال: «يا رسول الله تهدم البناء وغرق المال، فادع الله لنا، فرفع يديه فقال: اللهم حوالينا ولا علينا. فما يشير بيده إلى ناحية من السحاب إلا انفرجت وصارت المدينة مثل الجوبه، وسال الوادي قناة شهرا ولم يجئ أحد من ناحية إلا حدّث بالجود». (وهذه الرواية تدل بأن لرسول الله عند الله مقام محمود وجاه عظيم) ولذا كان الصحابة يجعلونه وسطا بينهم وبين الله جل وعلا. كذلك توسل الأمم السالفة بأنبيائهم مثلا: الأعراف / 160، البقرة / 60: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً...﴾.
وقريب منه في مسند أحمد (مسند أنس بن مالك) ج 3 / ص 271 وفي صحيح البخاري، باب الاستسقاء وخروج النبي وفي باب علامات النبوة أيضا.

2 ـ صحيح البخاري / باب الاستسقاء وخروج النبي صلى الله عليه وسلم وكذا في باب مناقب قرابة النبي صلى الله عليه وسلم وكتاب مجموعة الرسائل والمسائل «لابن تيمية» طبع بيروت المجلد 1 ص 17 عن أنس بن مالك "أن عمر بن الخطاب"، كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب فقال: «اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا. قال: فيسقون».


أما في كتاب الإستيعاب لابن عبد البر / فيما نقل حول العباس، عن ابن عباس وأنس بن مالك «أن عمر بن الخطاب كان إذا قحط أهل المدينة استسقى بالعباس. قال أبو عمر وكان سبب ذلك أن الأرض أجدبت إجدابا شديدا على عهد عمر زمن الرمادة سنة سبع عشرة فقال كعب: يا أمير المؤمنين إن بني إسرائيل كانوا إذا أصابهم مثل هذا استسقوا بعصبة الأنبياء. فقال عمر: هذا عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصنو أبيه وشكا إليه ما فيه الناس من القحط ثم صعد المنبر ومعه العباس فقال: اللهم إنا قد توجهنا إليك بعم نبينا وصنو أبيه فاسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين. ثم قال: يا أبا الفضل، قم فادع (فدعا العباس دعاء كثيرا) فسقوا والحمد لله، فأرخت السماء عزاليها...
قال أبو عمر هذه والله الوسيلة إلى الله».

fadel
03-25-2007, 03:35 PM
وهذه الرواية صريحة في أن التوسل سيرة ثابتة حتى في الأمم السابقة أيضا كبني إسرائيل وأنها سيرة شرعية ثابتة وأن لأولياء الله و ذوي القربى جاهاً عند الله.

3ـ مسند أحمد (في مسند حذيفة بن اليمان) ج 5 / ص 391:
«... فقلت لها (لأمه) دعيني فإني آتي النبي صلى الله عليه وسلم فأصلي معه المغرب ثم لا أدعه حتى يستغفر لي ولك.
قال: فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فصليت معه المغرب، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم العشاء، ثم انفتل فتبعته، فعرض له عارض فناجاه ثم ذهب فاتبعته فسمع صوتي فقال من هذا؟ فقلت: حذيفة، قال: مالك؟ فحدثته بالأمر، فقال: غفر الله لك ولأمك. ثم قال: أما رأيت العارض الذي عرض لي...؟ قلت: بلى، قال فهو ملك من الملائكة لم يهبط الأرض قبل هذه الليلة، فاستأذن ربه أن يسلم علي ويبشرني أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة – الحديث».

4 ـ روى الترمذي عن أنس أنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم أن يشفع لي يوم القيامة فقال أنا فاعل... سنن الترمذي ج 4 ص 42 (وفي الصحيحين البخاري ومسلم وغيرهما أحاديث صحيحة في شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة).

وأما الروايات حول التبرك:
1ـ صحيح مسلم / المجلد السابع / باب قرب النبي بالناس وتبركهم به:

عن أنس بن مالك:... إذا صلى الغداة جاء خدم المدينة بآنيتهم فيها الماء، فما يؤتى بإناء إلا غمس يده فيها، فربما جاءوه في الغداة الباردة فيغمس يده فيها... الحديث.

ومثله في مسند أحمد (وفي مسند أنس) ج 3 / ص 137
2ـ صحيح مسلم / المجلد السابع / باب قرب النبي بالناس وتبركهم به:

«عن أنس قال: لقد رأيت رسول الله والحلاق يحلقه، وقد أطاف به أصحابه، فما يريدون أن تقع شعرة إلا في يد رجل... الحديث».

ومثله في مسند أحمد (مسند أنس) ج 3 / ص 137
3ـ صحيح مسلم / المجلد السابع / باب قرب النبي بالناس وتبركهم به ومسند أحمد عن أنس بن مالك (ج 3 ص 226):
«أنس بن مالك قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدخل بيت أم سليم فينام على فراشها وليست فيه، قال: وجاء ذات يوم فنام على فراشها، فأتت فقيل لها: هذا النبي صلى الله عليه وسلم نام في بيتك على فراشك. قال فجاءت وقد عرق واستنقع عرقه على قطيعة أديم على الفراش، ففتحت عتيدتها فجعلت تنشف ذلك العرق فتعصره في قواريرها، ففزع النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما تصنعين يا أم سليم؟ فقالت: يا رسول الله نرجو بركته لصبياننا. قال صلى الله عليه وسلم أصبت».
4ـ صحيح البخاري / كتاب اللباس / باب القبة الحمراء من أدم / حول تبرك الصحابة بالأشياء المتعلقة بالرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم «قال أبو جحيفة: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في قبة حمراء من أدم، ورأيت بلالا أخذ وضوء النبي والناس يتبادرون الوضوء، فمن أصاب شيئا مسح به، ومن لم يصب منه شيئا أخذ من بلل يد صاحبه».
وقد تهافت ابن تيمية في كلامه حيث صحح هذه الأحاديث في «رسالة الاستغاثة» من مجموعة الرسائل الكبرى، وعد منكرها ضالا، إلا أنه عاد فأنكرها في ذيل قوله الأول وكذا في مواضع أخرى من كلامه.
«مجموعة الرسائل الكبرى» لابن تيمية (في رسالة الاستغاثة) طبع بيروت ج 1 / ص 481 ـ 482.
والحال أننا رأينا كيف كان صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم في أمثال هذه الأمور يتوسلون ويستشفعون ويتبركون بالرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم وذلك بالروايات الصحيحة التي يقبلها ابن تيمية نفسه. وما أوردنا منها إلا غيض من فيض من الأحاديث التي أوردتها الكتب المعتبرة.
وتجد الإشارة في ختام هذا البحث إلى أن إنكار فضائل الأنبياء وإنكار التوسل بهم من صفات المنافقين لقوله تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ﴾ سورة المنافقون / 5.
أخيرا: أود الإشارة إلى أن طلب أبناء يعقوب منه ـ عليه السلام ـ استغفار الله لهم، وتوسل الصحابة بالرسول صلى الله عليه وسلم وطلبهم إليه أن يدعو الله بنزول المطر وغير ذلك كان لاعتقادهم أن الأنبياء والأولياء مستجابو الدعوة عند الله لما لهم من الوجاهة عنده تعالى. لذا فهم يلتمسونهم للاستغفار لهم أو قضاء مختلف حاجاتهم فدعاؤهم مستجاب عند الله تعالى أسرع من عامة الناس ممن حجبتهم الذنوب، وفي بعض الأحيان فإن الإنسان لا يستجاب دعاؤه دون التوسل بهؤلاء الكرام كتوسل أمة موسى به ـ عليه السلام ـ لإرواء ظمأهم وإنقاذهم من سطوة فرعون، إذ أنه ـ عليه السلام ـ ضرب بعصاه الحجر فتفجر منه الماء، أو ضرب الماء فانفلق إلى نصفين تاركا طريقا يبسا لأمته للعبور منه وهكذا إحضار عرش بلقيس ملكة سبأ في لحظة واحدة من قبل عفريت أو من قبل من عنده علم من الكتاب الذي لم يكن نبيا بل كان وليا من أولياء الله فقط.
﴿قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ * قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ...﴾ سورة النمل / 38 ـ 40.
وكذلك ارتزاق مريم من عند الله: ﴿كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ...﴾ آل عمران / 3.
فإن هذه الأمور قد حدثت بشكلها ذاك لنبي أو ولي للياقة أهلته لأن يستجاب دعاؤه من قبل الباري جل وعلا. في حين لو أننا (ممن لا نملك الوجاهة عند الله و...) دعونا الله وضربنا الصخرة مرات عديدة وأهلكنا العطش فلن تنبجس الأرض متفجرة بالماء ولا نقدر على إحضار عرش ملك من الملوك. لذا فينبغي بنا أن لا نتكبر كالمنافقين ونبتعد عن التوسل بأنبياء الله وأوليائه، بل إن الأفضل لنا، الدعاء إلى الله تعالى لغفران ذنوبنا وأن نجعل الرسول والأولياء شفعاء لنا ونطلب منهم الشفاعة والتوسل.


استماع أرواح الأموات كلام الأحياء فضلا عن الشهداء والنبي الأعظم صلى الله عليه وسلم:
هل ترى وتسمع روح الميت زيارة زائريه أم أنها لا ترى ولا تسمع كما يقوله الوهابيون؟ فنقول: إنها ترى وتسمع كما ورد في الصحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم:

1 ـ صحيح البخاري / باب غزوة بدر وباب الجنائزـ وكتاب «مختصر سيرة النبي» لمحمد بن عبد الوهاب في باب غزوة بدر: قال عمر يا رسول الله كيف تكلم أجسادا لا أرواح فيها؟ ! قال: «ما أنتم بأسمع لما أقول منهم» غير أنهم لا يستطيعون أن يردوا علي شيئا...

كذلك في صحيح مسلم في باب الجنة وصفة نعيمها وأهلها في الحديث 76 و 77.

وكذلك في مسند أحمد (في مسند عبد الله بن عمر) ج 2 ص 131.
2 ـ في صحيحي البخاري ومسلم ومسند أحمد وغيرها:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: العبد إذا وضع في قبره وتولى وذهب أصحابه حتى أنه ليسمع قرع نعالهم .
3 ـ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
إن الميت يعرف من يحمله ومن يغسله ومن يدليه في قبره .
4 ـ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقنوا موتاكم لا إله إلا الله. صحح ابن تيمية رواية التلقين في كتابه الفتاوي الكبرى باب تلقين الميت وجواز مخاطبة أهل القبور.
5 ـ عن عبد الله بن عمر: من مر على هؤلاء الشهداء فسلم عليهم لم يزالوا يردون عليه إلى يوم القيامة .
6 ـ صحيح مسلم / كتاب الجنائز / باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها: (خطاب لأهل القبور) السلام عليكم دار قوم مؤمنين وأتاكم ما توعدون غدا مؤجلون وإنا إن شاء بكم لاحقون اللهم اغفر لأهل البقيع....
ومثله في مسند أحمد بن حنبل (في مسند أبي هريرة) ج 2 ص 200، 205 و 408 وقريب منه روايات أخرى في صحيح مسلم باب الجنائز وباب ما يقال عند دخول القبور ومسند أحمد (في مسند أبي هريرة) ج 2 ص 300 و 375. (وفي مسند بريده من مسند أحمد) ج 5 ص 353:
تعليم النبي عائشة زيارة القبور وما يخاطب به أهلها: السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون .
7ـ أخيرا نود أن نشير هنا إلى ما صح من الأحاديث المباركة الواردة في الصحاح وبناء على فتاوى فقهاء المذاهب الإسلامية المختلفة، وعلى إجماع المسلمين، فإن على كل مسلم أينما كان أن يسلم في صلاته على الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم بصيغة المخاطب الحاضر وليس بصيغة الغائب يقوله «السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته». وهذا إن دل على شئ إنما يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم كالشمس الطالعة، فهو في مكانه صلى الله عليه وسلم إلا أن أشعة وجوده تفيض على العالم. لذا فإن على الجميع مخاطبته بالسلام بصيغة الحاضر.
أما الشهداء الذين قتلوا في سبيل الله فقد قال الله فيهم: ﴿وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ﴾ البقرة / 154.

الصحابة والخلفاء والأئمة كانوا يطلبون الدعاء من النبي ويتوسلون به صلى الله عليه وسلم بعد موته:
أبوبكر ـ قال أحمد بن زيني دحلان في كتابه الدرر السنية في الرد على الوهابية طبع مصر صفحة 36، أن أبا بكر بعدما توفي رسول الله، قال «اذكرنا يا محمد عند ربك ولنكن من بالك».
وعن الحافظ أبي سعيد السمعاني عن علي بن أبي طالب، أنه قال: قدم علينا أعرابي بعدما دفنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاثة أيام، فرمى بنفسه على قبر النبي صلى الله عليه وسلم وحثا من ترابه على رأسه، وقال: يا رسول الله، قلت فسمعنا قولك، ووعيت عن الله سبحانه ووعينا عنك، وكان فيما أنزل عليك (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله) الآية، وقد ظلمت وجئتك تستغفر لي، فنودي من القبر: إنه قد غفر لك .
وروى هذا أيضا «ابن حجر» في كتاب الجوهر المنتظم.
الإمام الشافعي ـ ذكر أحمد بن زيني دحلان في كتابه في صفحة 30 أن العلامة «ابن حجر» ذكر في كتابه:
«الصواعق المحرقة في الرد على أهل البدع والزندقة»
أن الإمام الشافعي توسل بأهل البيت النبوي حيث قال:
عثمان بن حنيف الصحابي: ـ روى ابن تيمية في كتاب مجموعة الرسائل والمسائل (طبع بيروت المجلد 1 صفحة 18) أن النسائي والترمذي رويا حديثا صحيحا أن النبي علّم رجلا أن يدعو فيسأل الله ثم «يخاطب النبي فيتوسل به» ثم يسأل الله قبول شفاعته: اللهم إني أسئلك وأتوسل إليك بنبيك نبي الرحمة، «يا محمد يا رسول الله إني أتوسل بك إلى ربي في حاجتي لتقضى لي» اللهم فشفعه في.
وروى السمهودي في كتاب وفاء الوفاء المجلد الرابع في باب توسل الزائر (طبع بيروت ص 1373) عن الطبراني في المعجم الكبير:
أن رجلا توسل بهذا الدعاء بالنبي صلى الله عليه وسلم عند قبره في زمن عثمان بن عفان فقضى الله حاجته، وكان عثمان بن حنيف قد علمه إياه وهو:
ـ اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنينا محمد نبي الرحمة «يا محمد إني أتوجه بك إلى ربك أن تقضي حاجتي» ـ
وهذا الدعاء معروف بدعاء الضرير وعلم عثمان بن حنيف في زمن عثمان بن عفان هذا الرجل وبهذا يتضح أن التوسل بالنبي كان سيرة للصحابة في زمن حياة النبي وبعد وفاته أيضا.
قال أحمد بن زيني دحلان في كتابه الرد على الوهابية، إن البخاري ذكر هذا الحديث في تاريخه وابن ماجة في سننه ج 1 ص 441 والسيوطي في الجامع الكبير والصغير والحاكم في المستدرك بإسناد صحيح. وفي مسند أحمد بن حنبل عن عثمان بن حنيف (ج 4 ص 138).
أبو جعفر المنصور والإمام مالك ـ روى السمهودي أيضا جواب الإمام مالك عند سؤال أبي جعفر المنصور: أستقبل القبلة وأدعو، فقال الإمام مالك: لم تصرف وجهك عنه وهو وسيلة أبيك آدم، بل استقبله «واستشفع به». (فقد أمر الإمام مالك أبا جعفر المنصور بالتوسل بالنبي والاستشفاع به صلى الله عليه وسلم.


والعجب أن الوهابين كيف يستحلون دماء المسلمين لتوسلهم بالنبي صلى الله عليه وسلم مع ورود هذه الأحاديث الصحاح وسيرة الصحابة والأئمة والخلفاء والعلماء.
لقد كفر الوهابيون المتوسلين والمستشفعين بالنبي صلى الله عليه وسلم ولم يستثنوا الصحابة والخلفاء والأئمة.
قال أحمد بن زيني دحلان في كتاب (الدرر السنية في الرد على الوهابية) صفحة 50:
والظاهر من حال محمد بن عبد الوهاب أنه يدعي النبوة إلا أنه ما قدر على إظهار التصريح بذلك وكان في أول أمره مولعا بمطالعة أخبار من ادعى النبوة كاذبا كمسيلمة الكذاب وسجاح والأسود العنسي وطليحة الأسدي وأضرابهم وكأنه يضمر في نفسه دعوى النبوة ولو أمكنه إظهار هذه لأظهرها وكان يقول لأتباعه إني أتيتكم بدين جديد ويظهر ذلك من أقواله وأفعاله.
ولهذا كان يطعن في مذاهب الأئمة وأقوال العلماء ولم يقبل من دين نبينا صلى الله عليه وسلم إلا القرآن ويأوله على حسب مراده مع أنه إنما قبله ظاهرا لئلا يعلم الناس حقيقة أمره فينكشفوا عنه بدليل أنه هو وأتباعه إنما يأولونه على حسب ما يوافق أهواءهم لا بحسب ما فسره به النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والسلف الصالح وأئمة التفسير فإنه كان لا يقول بذلك ولا يقول بما عدا القرآن من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وأقاويل الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين ولا بما استنبطه الأئمة من القرآن والحديث ولا يأخذ بالإجماع ولا بالقياس الصحيح.
وكان يدعي الانتساب إلى مذهب الإمام أحمد ـ رضي الله عنه ـ كذبا وتسترا وزورا والإمام أحمد برئ منه ولذلك انتدب كثير من اعلماء الحنابلة المعاصرين له للرد عليه والّفوه في الرد عليه رسائل كثيرة حتى أخوه سليمان بن عبد الوهاب ألف رسالة في الرد عليه وتمسك (محمد بن عبد الوهاب) في تكفير المسلمين (جماعة المسلمين وأهل السنة) بآيات نزلت في المشركين فحملها على الموحدين وقد روى البخاري عن عبد الله بن عمر في وصف الخوارج أنهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها في المؤمنين.
وفي رواية أخرى عن ابن عمر أنه صلى الله عليه وسلم قال: ـ أخوف ما أخاف على أمتي رجل متأول للقرآن يضعه في غير موضعه ـ فهذا وما قبله صادق على محمد بن عبد الوهاب ومن تبعه.
وقد كان قتل كثيرا من العلماء والصالحين وغيرهم من المسلمين لكونهم لم يوافقوه على ما ابتدعه وكان يقسم الزكاة على ما يأمره به شيطانه وهواه وكان أصحابه لا يتخذون مذهبا من المذاهب بل يجتهدون كما أمرهم ويتسترون ظاهرا بمذهب الإمام أحمد ويلبسون بذلك على العامة.
وقد تصدى كثير من العلماء من أهل المذاهب الأربعة للرد عليه في كتب مبسوطة عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا ظهرت البدع وسكت العالم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.
***

3
السفر لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم

تحريم الوهابيين
السفر لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم
ورد في كتاب الرد على الاخنانى لابن تيمية (المطبعة السلفية ومكتبتها) صفحة 24 ما يلي:
لا يقصد السفر إلى القبر (قبر النبي) دون المسجد إلا جاهل أو كافر.
وفي كتاب «مجموعة الرسائل الكبرى» في الرسالة الثالثة في زيارة بيت المقدس، طبعة بيروت، المجلد الثاني، صفحة 59 ورد قوله:
«لو نذرناذر زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم لم يجب عليه، لأن السفر لزيارة قبر النبي صلى‌الله عليه وسلم منهي عنه».
وقد تبعه في ذلك عبد العزيز بن عبد الله بن باز في كتابه «التحقيق والإيضاح» صفحة 69.
والدكتور ناصر عبد الرحمن بن محمد الجديع الأستاذ المساعد
بكلية أصول الدين بالرياض جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في كتابه الموسوم بـ‍: «التبرك» صفحة 324.
السنة وسيرة الصحابة والخلفاء تردّان الوهابية:
لقد حرم الوهابيون وعلى رأسهم إمامهم ابن تيمية زيارة قبره صلى الله عليه وسلم مع أنه ورد الأمر من النبي صلى الله عليه وسلم بزيارة قبور المؤمنين كأمره بزيارة الأحياء من الأقرباء والمؤمنين وأجمعت الأمة والأئمة على جوازهما بل مطلوبيتهما سواء من القريب أو البعيد مضافا إلى سيرة الصحابة والخلفاء بل مضافا إلى سيرة النبي على زيارة القبور ومخاطبته أهلها، قوله صلى الله عليه وسلم فزوروا القبور ـ وزوروها، عن صحيح مسلم باب الأضاحي وكذا عن مسند أحمد بن حنبل عن أبي سعيد الخدري (ج 3 ص 38).
وكذا في أبواب الجنائز من سنن الترمذي وابن ماجة والنسائي وأبو داود، وإطلاق أمره صلى الله عليه وسلم بزيارة القبور يشمل الزيارة عن القريب والبعيد وسيرة الخلفاء وحجاج بيت الله الحرام حيث يسافرون لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم قبل مراسم الحج أو بعدها تؤيد ذلك.
نعم السفر بقصد زيارة المساجد لا معني له، لأن المساجد للصلاة وكلها في الفضيلة من حيث الصلاة سواء إلا المساجد الثلاثة أعني المسجد الحرام ومسجد النبي وبيت المقدس، ولذا فقد ورد في صحيح البخاري باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة أحاديث بأن الصلاة في مسجد الحرام أفضل من الصلاة في مسجد النبي.
قال ناصر بن عبد الرحمن:
«لما أن القول بشرعية شد الرحال لزيارة قبره صلى الله عليه وسلم يفضي إلى اتخاذه عيدا وهو ما نهى عنه صلى الله عليه وسلم» كتاب التبرك ـ ص 324.

ونقول للرد على هذا الادعاء: بأن زيارة القبور لا تصبح عيدا سواء قام بها القريب أو البعيد، (فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يزور قبر أمه وقبور الشهداء مرة أو عدة مرات في العام كما وردت الإشارة في كتب السير والتاريخ إلى قيام فاطمة بنت رسول الله بزيارة قبر حمزة وقد نحى الصحابة والتابعون هذا المنحى) فقد ورد أن هارون الرشيد والمنصور وغيرهما من الخلفاء كانوا يسافرون لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم.
أما ادعاء الوهابين بأن سفر المنصور وهارون الرشيد وكل من كان يحج البيت إلى المدينة لم يكن بقصد زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وإنما كان لإصابة فضيلة الصلاة في مسجده صلى الله عليه وسلم فهو ادعاء واضح البطلان لما هو معروف من أفضلية الصلاة في المسجد الحرام على الصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم والعاقل لا يمكن أن يستبدل الذي هو خير بما هو أدنى ! (أن يترك الصلاة في المسجد الحرام ليصل في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم) بل يريد الحاج بعد حجه عند السفر الى المدينة زيارة قبر النبي (صلى الله عليه وسلم).
كما أنهم لو سئلوا عن قصدهم من السفر من مكة إلى المدينة لأجابوا حتما بأنهم يريدون زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم.
فمعنى جعل القبور عيدا أن يجعلها متروكة الزيارة إلا في الأعياد ومعنى الحديث الوارد في النهي عن جعل قبره صلى الله عليه وسلم عيدا أن لا تترك زيارته في أيام السنة حتى تصير زيارته مختصة بيوم العيد لما ورد من زيارة النبي القبور وفاطمة في الأسبوع مرتين وكذلك أصحابه وسيرة الخلفاء والمسلمين على السفر لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم في أيام الحج وغيره)
﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً﴾ النساء 115.

4
بناء حرم النبي صلى الله عليه وسلم
وذوي القربى
بأيدي الصحابة والخلفاء
ولقد هدم الوهابيون في سنة 1344 ه‍البناء الموجود حول مزار ذوي القربى وشباكه، لكن لم يقدروا على هدم قبة رسول الله و شباكه، بل إحدى الأمور الهامة التي اتخذها الوهابيون شعارا لهم هي دعوتهم لتخريب «البيوت والجدران المقامة على حريم مزار قبور النبي صلى الله عليه وسلم وذوو القربى التي أوصى النبي وذوو القربى بالدفن فيها أو بناها الصحابة والخلفاء» لزعمهم حرمة تحويط مزار القبور بجعلها في غرفة لصيرورة المزار بذلك عندهم مشرفا ومسجدا وقد نهى رسول الله عن إشراف القبور وجعلها مساجد.
لكن الدليل على ابتداعهم وعدم صيرورة القبر بذلك مشرفا و مسجدا أمور:
أ: وصية النبي صلى الله عليه وسلم بدفنه في غرفته وكذلك وصية الصحابة والخلفاء وعملهم بذلك دلائل واضحة على جواز جعل القبر في الغرفة:
ففي «طبقات ابن سعد» في المجلد الثاني باب ذكر موضع قبره، وكتاب مختصر سيرة الرسول لمحمد بن عبد الوهاب باب ذكر غسله وتكفينه ودفنه:
كان المسلمون قد اختلفوا في دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما مات نبي إلا دفن حيث يقبض» فرفع فراش النبي صلى الله عليه وسلم الذي توفي عليه ثم حفر له تحته.
* وكذلك أوصى عمر بن الخطاب بدفنه في غرفة النبي صلى الله عليه وسلم فدفنه الصحابة فيها، ودفن علي بن أبي طالب فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم في غرفتها أو في دار عقيل، جنب البقيع يعني في قبة العباس (قبة ذوي القربى) ودفن هارون الرشيد في داره وروي أن المأمون بنى حول مزاره هذا البناء الذي دفن فيه أيضا علي بن موسى الرضا، راجع تاريخ ابن الأثير وتاريخ المدينة المنورة لابن شبة وغيرهما.
ب: تحويط الصحابة والخلفاء مزار النبي صلى الله عليه وسلم، دليل على جواز تحويط المزار:
روى ابن زبالة عن عائشة أنها قالت:
ما زلت أضع خماري وأتفضل في ثيابي حتى دفن عمر، فلم أزل متحفظة في ثيابي حتى «بنيت» بيني وبين القبور جدارا.
قال ابن سعد في «الطبقات»:

لم يكن على عهد رسول الله على بيت النبي صلى الله عليه وسلم ـ الذي كان مزاره بعد موته ـ حائط وكان «أول من بنى عليه جدارا عمر بن الخطاب»، (13 ـ 23 ه‍(
«طبقات ابن سعد».

كان ابن الزبير قد زاد في ارتفاع الحائط الذي بنى على قبر الرسول صلى الله عليه وسلم قال عبيد الله بن أبي زياد: كان جداره قصيرا ثم بناه عبد الله بن الزبير (64 ـ 73).
وروى في صحيح البخاري أنه بعد سقوط الحائط، بناه الوليد بن عبد الملك الأموي:
«لما سقط عليهم الحائط في زمان الوليد بن عبد الملك أخذوا في بنائه» (78 ـ 79) .

fadel
03-25-2007, 03:37 PM
روى السمهودي:
أنه كان حول ما يوازي حجرة النبي صلى الله عليه وسلم في سطح المسجد حظير مقدار نصف قامة مبنيا بالأجر تمييزا للحجرة الشريفة عن بقية سطح المسجد كما ذكره ابن النجار وغيره (وفاء الوفاء ج 2 ص 608).
ج: جعل القبر في الغرفة لا يصيره مشرفا ولا مسجدا، إذ كان قبر النبي في غرفته غير مشرف ولا لاطئ .
روي أبو داود والحاكم من طريق القاسم بن محمد بن أبي بكر أنه قال:
«دخلت على عائشة فقلت لها يا أمه اكشفي لي عن قبر النبي وصاحبيه، فكشفت لي عن ثلاثة قبور لا مشرفة ولا لاطئة مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء» .
«صحيح البخاري» في كتاب جنائزه، وكذلك في كتاب «مجموعة الرسائل الكبرى» لابن تيمية في الرسالة الثالثة زيارة بيت المقدس:
عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في مرضه الذي مات فيه:
لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مسجدا،
قالت: ولولا ذلك (القول من النبي) لأبرزوا قبره غير إني أخشى أن يتخذ مسجدا (تعني لم يكن مبرزا حتى يصير مسجدا مع أنه في الغرفة) .
د: بناء قبة حمزة بن عبد المطلب بمعونة الخلفاء العباسيين:
قال السمهودي في «وفاء الوفاء»:
إن على مزاره قبة عالية حسنة متقنة وبابه مصفح كله بالحديد، بنته أم الخليفة العباسي الناصر لدين الله (سنة 575 ـ 622 ه‍) أبي العباس أحمد بن المستضئ.
كما قاله ابن النجار وذلك في سنة تسعين وخمس مأة قال:
وجعلت على القبر ملبنا من ساج وحوله حصباء وباب المشهد من حديد يفتح كل يوم خميس وقريب منه مسجد يذكر أنه موضع مقتله.
ـ «وواضح من النص السابق أن القبة المشار إليها في الحديث لم تكن قبة مسجد، بل قبة مزار حرم حمزة، وأن الحرم كان قريبا من المسجد على مسافة قصيرة.
وبعبارة أخرى فإن الحديث يشير إلى وجود مبنيين متقاربين منفصلين بعضهما عن البعض أحدهما حريم قبر حمزة والآخر المسجد وقد بنيت هذه القبة تحت إشراف الخلفاء وأن من قام بتهديمها، هم الوهابيون، ولو أن الوهابين استطاعوا لخربوا مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بحجة أنه قرن قبره صلى الله عليه وسلم إذ سطح المسجد وسطح مزار النبي متصلان وإن كانا مميزين بالحظار كما عزموا عليه سابقا ولم يقدروا عليه»
ذكر ابن شبة في تاريخ المدينة المنورة أن فاطمة بنت رسول الله كانت تزور قبر حمزة «ترمه وتصلحه».
ه‍ـ تعمير قبة ذوي القربى بأيدي الخلفاء:
وهي المعروفة ب‍«قبة العباس» التي هي من بيت عقيل كما روى ابن شبة في تاريخ المدينة المنورة .
وقال ابن الأثير:
«إنه قد عمر قبة ذوي القربى الخليفة العباسي الناصر لدين الله».
ويبدو أن قبة العباس المشار إليها هي من بيت عقيل في الأصل، وكأنه جعلها محلا لدفن بني هاشم وذوي القربى، حيث دفن فيها على حياة عقيل العباس بن عبد المطلب و فاطمة بنت أسد وأبو سفيان الهاشمي وغيرهم، وكأن عقيلا قد وقف بيته لدفن ذوي القربى.
وبذا وما سبق ذكره يتضح أن وجود الجدران والحرم حول الأماكن المقصود بالزيارة خاصة مكان زيارة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقربائه، أمر غير منهي عنه، بل إنه من السنن الحسنة التي أوصى رسول الله بالدفن فيها وعمل بها وزاد في بنائها أصحابه والتابعون والخلفاء كما هو كذلك في بناء مزار ذوي القرباء التي كانت قبل ذلك بيت عقيل.
مضافا إلى أن الوهابيون قد قاموا ببناء جدار حول مقبرة البقيع، التي تعد مزارا للمؤمنين وجعلوا لها بابا كما عمروا سقف مزار النبي وقبته أخيرا خلافا لبدء تسلطهم على المدينة حيث أرادوا تهديمه ولم يقدروا عليه وهذا يناقض اعتقاداتهم بحرمة البناء حول المزار.
وأن اتخاذ القرار من مثل الوهابيين المشركين بتهديم هذه الأماكن على «أساس أن هذا الأمر شرك وأن من قام ببنائها وأوصى بالدفن فيها مشرك» يعد إهانة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والخلفاء.
البكاء على الميت
إن في القرآن الكريم والسنة المتواترة شواهد جليلة على جواز البكاء على الفقيد. وأوضح ما ورد في القرآن الكريم وصفه تعالى حالة يعقوب ـ عليه السلام ـ بعد ضياع يوسف ـ عليه السلام ـ منه وانقطاع أخباره، إذ يقول تعالى: ﴿وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ * قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ * قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾ .
كما ورد في الحديث أن «النبي صلى الله عليه وسلم زار قبر أمه وأبكى من حوله» .
وورد أنه صلى الله عليه وسلم قال مخاطبا رقية بعد موتها: الحقي بسلفنا الخير عثمان ابن مظعون قال: وبكى النساء فجعل عمر يضربهن بسوطه. فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيده وقال: دعهن يا عمر وقال: وإياكن ونعيق الشيطان فإنه مهما يكن من العين والقلب فمن الله ومن الرحمة. ومهما يكن من اللسان ومن اليد فمن الشيطان.
قال: فبكت فاطمة على شفير القبر فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يمسح الدموع عن عينها بطرف ثوبه .
وكذلك روي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال بعد استشهاد حمزة: «حمزة لا بواكي له، فجاء نساء الأنصار إلى باب رسول الله فبكين على حمزة فدعا لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم» .
كذلك فقد أوردت كتب الحديث أبياتا ندبت فاطمة بها أباها إذ قالت:
يا أبتاه أجاب ربا دعاه
يا أبتاه جنة الفردوس مأواه
يا أبتاه إلى جبريل ننعاه
يا أبتاه من ربه ما أدناه
وفي «صحيح البخاري» باب الجنائز وفي «سنن البيهقي»، الجزء الرابع أن «رسول الله بكى في موت إبراهيم، فقالوا: يا رسول الله تبكي وأنت رسول الله؟ قال: إنما أنا بشر تدمع العين ويخشع القلب ولا نقول ما يسخط الرب.»
وواضح أنه لا حد للبكاء على الفقيد لا كما ولا كيفا وإنما هو يرتبط بشدة أو ضعف الحزن على الفقيد، لهذا نرى أن بكاء يعقوب وحزنه على يوسف استمرسنوات طوال وأدى إلى كف بصر يعقوب.
كما ورد في صحيح مسلم أن عائشة «ذكر لها أن عبد الله بن عمر يقول إن الميت ليعذب ببكاء الحي فقالت عائشة يغفر الله لأبي عبد الرحمن، أما أنه لم يكذب ولكنه نسي أو أخطأ، إنما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على يهودية يبكى عليها فقال: إنهم يبكون عليها وإنها لتعذب في قبرها» المجلد الثاني من صحيح مسلم وذكرها الإمام مالك في موطئه في كتاب الجنائز.
ـ كذلك تجدر الإشارة إلى تواتر الأحاديث الدالة على إخبار جبرئيل بشهادة الحسين من أهل البيت وذوي القربى وبكاء الرسول صلى الله عليه وسلم عليه وقد أحصينا منها ما يقارب مائتي حديث، منها ما ورد في «أسد الغابة» لابن الأثير ج 1 / ص 349، الكامل لابن الأثير 4 / ص 93، البداية والنهاية ج 6 / ص 230، المعجم الكبير للطبراني ج 3 / ص 113، وج 4 / ص 115، فرائد السمطين للجويني، ومسند أحمد (عن علي بن أبي طالب ج 1 / ص 85) وغيرها...
ومن جملة تلك الأحاديث حديث أسماء بنت عميس حيث تقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ابني هذا يا أسماء تقتله الفئة الباغية لا أنالهم الله شفاعتي».
وحديث عائشة: «بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم راقد إذ جاء الحسين يحبو إليه فنحيته عنه ثم قمت لبعض أمري فدنا منه، فاستيقظ رسول الله وهو يبكي ! فقلت: ما يبكيك؟ قال: إن جبرئيل أراني التربة التي يقتل عليها الحسين فاشتد غضب الله على من سفك دمه...»
والملفت للنظر أن ابن تيمية يعترف بظلم يزيد بن معاوية وخروجه على حدود الدين فيقول في كتابه «الوصية الكبرى» ما نصه:
«وجرت في إمارة يزيد أمور عظيمة: أحدها مقتل الحسين، وأما الأمر الثاني: فإن أهل المدينة النبوية نقضوا بيعته وأخرجوا نوابه فبعث إليهم جيشا وأمره إذا لم يطيعوه بعد ثلاث أن يدخلها بالسيف ويبيحها ثلاثا فصار عسكره يقتلون وينهبون ويفتضون الفروج المحرمة، ثم أرسل جيشا إلى مكة... » إلى أن يقول «وهذا من العدوان والظلم الذي فعل بأمره».
فلا نعلم بعد هذا كيف لا يحزن الوهابيون على مقتل الحسين وعلى ما ظهر من ظلم يزيد وأمثاله وحكمه بغير ما أنزل الله من افتضاض الفروج المحرمة وقتل النفوس المحترمة بل والاسراف في القتل وقد قال الله تعالى:
﴿... فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً﴾ الإسراء / 33.
وقال: ﴿... أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ سورة هود / 18.
﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ سورة المائدة / 44.
كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الأمراء من قريش الأمراء من قريش الأمراء من قريش لي عليهم حق ولهم عليكم حق ما فعلوا ثلاثا:
ما حكموا فعدلوا واسترحموا فرحموا وعاهدوا فوفوا فمن لم يفعل ذلك منهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين». راجع مسند أحمد بن حنبل عن أبي برزة ج 4 ص 424.
سئل النبي صلى إليه عليه وسلم أي الجهاد أفضل؟
فقال صلى الله عليه وسلم كلمة حق عند إمام جائر، راجع سنن النسائي الجزء السابع طبع مصر.
قال أبو سعيد الخدري سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
«من رآى منكم منكرا فاستطاع أن يغيره فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان»، راجع سنن ابن ماجة في كتاب الفتن.
فتحصل أن يزيد بن معاوية هو الذي حكم بغير ما أنزل الله وبقتل الصحابة من أهل المدينة حتى الحسين بن علي من أهل بيت النبي (الذين أذهب الله عنهم الرجس وأوجب مودتهم) ظلما وعدوانا وافتضاض الفروج المحرمة فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لما وردت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في لعن الأمراء الظلمة.
وكان على معاصريه أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر كما عمل بها الحسين بن علي واستشهد في سبيل الله لذلك فمن بكى للحسين كان متأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم في بكائه للحسين عند إخبار جبرئيل بقتله ـ مسند أحمد في مسند عائشة ومسند أم سلمة.
أسد الغابة عن أنس بن حارث بن أبيه عن أبيه:
سمعت رسول الله والحسين في حجره يقول: ابني هذا يقتل في أرض يقال لها العراق «فمن أدركه فلينصره».
5
عدم شرعيّة
حكومة الوهابيين
عدم شرعية
حكـومة الوهابيين
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية .
ولمعرفة الإمام «ولي الأمر» ينبغي الرجوع أولا إلى القرآن الكريم:
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً﴾ .
ويستفاد من هذه الآية الكريمة أعلاه أن من تجب إطاعته بعد الله والرسول، هم «أولو الأمر»، وأن المسلمين إذا اختلفوا في مسألة أو في تشخيص من هم أولو الأمر، فعليهم بالرجوع إلى القرآن والسنة أفضل مرجعين للتفسير وأن هذا الرجوع هو قرين الإيمان بالله و
رسوله، أي أن عدم الرجوع إلى القرآن والسنة في تحديد أولي الأمر يعني عدم وجود الإيمان بالله وبالقيامة.
القرآن الكريم: ماذا نرى لو رجعنا الى القرآن للتعرف على «أولي الأمر»؟
نرى أن الله سبحانه وتعالى في جوابه لإبراهيم ـ عليه السلام ـ الذي سأله أن يجعل الإمامة في ذريته: ﴿قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ فأعطى بذلك قانونا عاما يشير إلى منع الإمامة عن الظالمين أي أن «أولي الأمر» ينبغي أن‌يكونوا عادلين قال تعالى ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ البقرة / 125.
السنة النبوية: وقد تواترت الأحاديث الشريفة التي تشير إلى أن حق الإمارة والولاية على المسلمين مشروط بشروط ثلاثة هي: «العدالة، والرحمة بالرعية، والوفاء بعهودهم» كما يتضح بجلاء من حديث أحمد عن أبي برزة إذ يقول: قال رسول الله: «الأمراء من قريش ! الأمراء من قريش ! الأمراء من قريش، لي عليهم حق «ولهم عليكم حق ما فعلوا ثلاثا:
ما حكموا فعدلوا واسترحموا فرحموا وعاهدوا فوفوا فمن لم يفعل ذلك منهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين». مسند أحمد ابن حنبل عن أبي برزة (ج 4 ص 424) (ويبدء الحديث بلفظ «الأئمة من قريش» في صفحة 421)
وقد روى أحمد بن حنبل عن أنس وأبي برزة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الأئمة من قريش «إن لهم عليكم حقا ولكم عليهم حق مثل ذلك، ما أن استرحموا فرحموا وإن عاهدوا فوفوا وإن حكموا عدلوا» فمن لم يفعل ذلك منهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين .
مسند أحمد بن حنبل (في مسند أبي سعيد الخدري) ج 3 ص 129.
مسند أحمد بن حنبل (في مسند أنس) ج 3 ص 183.
مسند أحمد بن حنبل (في مسند أبي برزة) ج 4 ص 421.
وقد خالف هذه الأحاديث محمد بن عبد الوهاب في كتابه الموسوم بمسائل الجاهلية في الرسالة الأولى في المسألة الثانية بأنه يجب ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالنسبة إلى السلطان الجائر الحاكم بغير ما أنزل الله بل يجب الصبر على حكمه بغير ما أنزل الله بل يجب إطاعته وإن بلغ ما بلغ.

ـ وقد عاد محمد بن عبد الوهاب فخالف قوله هذا في نفس الكتاب فقال في الرسالة السابعة:
«الطاغوت الذي يجب أن يكفروا به» خمسة الأول الشيطان، الثاني الحاكم الجائر المغير لأحكام الله، الثالث الجائر الذي يحكم بغير ما أنزل الله، الرابع المدعي علم الغيب، الخامس العابد لغير الله.

وفي صحيح مسلم / كتاب الإمارة / باب أن الناس تبع لقريش والخلافة في قريش،

وكذا في مسند أحمد بن حنبل (عن عبد الله بن عمر)،
وكذا في صحيح البخاري / كتاب الأحكام / باب الأمراء من قريش:

«لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي من الناس اثنان» .
مضافا إلى ما سبق في الحديث السابق من أن الأمراء من قريش وحيث إنه بعد بني العباس مضت على المسلمين أزمنة لم تكن لقريش حكومة على الأمة فيها فلا يكون مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرواية الإخبار عن بقاء حكومة قرشي إلى القيامة بل إخبار بأن الإمارة والإمامة خاصة لقريش شرعا، وهذا الحق مستمر إلى يوم القيامة كما صرح بذلك من الصحابة كثيرون بل صرح محمد بن عبد الوهاب بانعقاد الإجماع عليه.

والطامة الكبرى هي أن الناس لم يرجعوا لمعرفة أولي الأمر، لا إلى كتاب الله ولا إلى سنة نبيه، فكان إما أن خرجت الإمارة من قريش بعد انقراض حكومة بني العباس، أو أصبحت كما في سابق العهد مفوضة إلى حكام ظلمة، لا وفاء لهم بعهدهم ولا رحمة في قلوبهم على الناس «كيزيد ابن معاوية، الذي أمر بقتل أهل بيت النبي المطهر وبإباحة المدينة لجيشه فأوقع جيشه في قتل النفوس المحترمة وافتضاض الفروج المحرمة فيها» ، مما أشعل نيران الفتن بين المسلمين وجعلهم أضعف الأمم يتخطفهم الناس من كل جانب.

خلاصة الأمر: ما ورد من الأحاديث عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم وما استدل به الشيخان في سقيفة بني ساعدة، وما أجمع عليه السلف من الصحابة والتابعين وأئمة المذاهب الأربعة هو أن إمام المسلمين (ولي الأمر) ينبغي أن يكون عادلا من قريش، «وأن أية حكومة غير قرشية أو غير عادلة ليست حكومة شرعية ولا تجب طاعتها».

لذلك فقد صرح ابن تيمية ـ في آخر المجلد الثاني من منهاج ألسنة صفحة 360 بقوله: «لا ريب أنه قد ثبت اختصاص قريش بحكم شرعي وهو كون الامامة فيهم دون غيرهم».

كما أيد ذلك محمد بن عبد الوهاب في رسالته «الرد على الرافضة» حيث اعترف بوجود نصوص لخلافة قريش في ذيل مطلب «انحصار الخلافة في اثني عشر» (كما ورد في مسند أحمد ـ يكون بعدي اثنا عشر خليفة «كلهم من قريش» مسند أحمد بن حنبل ج 5 ص 87 ـ إلى 107 وفي صحيح بخاري، آخر كتاب الأحكام. صحيح مسلم، باب الإمارة، مسند أحمد بن حنبل، ج 5 ص 90، 92، 93، 98، 99، 101، 107، 108: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون بعدي اثني عشر أميرا... «كلهم من قريش»).

fadel
03-25-2007, 03:37 PM
وعليه فإن حكومة الوهابين ـ التي يترأسها ويقودها من هو ليس بقرشي عادل ـ لا مشروعية لها على الإطلاق ! خصوصا إذا علمنا أنهم اليوم ليسوا سوى أدوات في أيدي المستكبرين تستخدم لظلم المسلمين وهذا ما لا يريده الله تعالى ﴿ لن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ﴾. سورة النساء / 141.
وورد في صحيح البخاري في كتاب الفتن في باب قول النبي صلى الله عليه وسلم «الفتنة من قبل المشرق» عن عبد الله بن عمر، قال: ذكر النبي صلى الله عليه وسلم:
اللهم بارك لنا في شامنا
اللهم بارك لنا في يمننا
قالوا: وفي نجدنا
قال: اللهم بارك لنا في شامنا
اللهم بارك لنا في يمننا
قالوا: يا رسول الله وفي نجدنا
فأظنه قال صلى الله عليه وسلم في الثالثة:
هناك الزلازل والفتن وبها يطلع «قرن الشيطان».
وتجدر الإشارة إلى أن الوهابيين خرجوا من (نجد) على سلطان المسلمين واتحدوا مع الكفار المحاربين المستكبرين وأفسدوا في الأرض وراحوا يقتلون المسلمين حتى الطفل الرضيع منهم، وساهموا بدور كبير في تجزئة الإمبراطورية العثمانية وكانوا لذلك سببا في إذلال المسلمين ووقوعهم تحت سلطة الصهاينة والمستعمرين الكفار ولذا سميت الوهابية ب‍«قرن الشيطان».
وإليك بعض النماذج الأخرى على أنهم أداة في أيدي المستكبرين:
في النصف الثاني من شهر ربيع الثاني عام 1414 هجري قمري، أعلنت بعض وسائل الإعلام الغربية عن انهيار الاقتصاد السعودي، منها صحيفة نيويورك تايمز التي ادعت بأن السعودية كانت تمتلك احتياطيا من العملة الصعبة (خلال النصف الثاني من عقد الثمانينات) يقدر بمبلغ 121 ميليارد دولار وأوضحت الصحيفة ان كل ذلك الاحتياطي قد نفد الآن عن آخره وأن السعودية تتجه نحو الانهيار الاقتصادي.
وقد أدلى وزير المالية السعودي وعدد آخر من المسؤولين الحكوميين بجملة من التصريحات في هذا الصدد، ومنهم فاروق اختر رئيس مؤسسة البحوث الاقتصادية في الرياض، والذي كان يشغل قبل ذلك منصب المدير العام في اللجنة الملكية ـ جبيل وينبو ـ، فقد كتب مقالة في صحيفة [mees] اتضح من خلالها مدى عمالة الحكومة السعودية وحجم التنازلات والخدمات التي قدمتها وتقدمها للاستكبار العالمي الغربي .
كما نلفت أنظاركم فيما يلي إلى بعض أقوال فاروق اختر، ونشير إلى أن الكلمات المحصورة بين قوسين هي توضيحات منا: يقول فاروق اختر:
«... لو أننا كنا لم نفكر بمصالح الغرب (الكفار
المحاربين حماة الصهاينة والصرب) ولم نكن قد رفعنا انتاجنا من النفط بعد احتلال الكويت إلى هذا الحد، حتى
نخفض أسعار النفط إلى مستويات هابطة (جدا)، لكانت قيمة البرميل من النفط قد بلغت مأة أو ستين دولار ولكنا قد
حصلنا (نحن المسلمون أكبر مصدري النفط في العالم) على ثروات هائلة (وخرجنا من معضلاتنا الاقتصادية)،
ولكان اقتصادكم (أنتم حماة الصهاينة والصرب) قد تعرض للانهيار».
وبهذا يصير الوهابيون من أولياء الأمريكان والصهاينة ومن حماتهم مع أن الله تعالى يقول:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾.
﴿فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ﴾ سورة المائدة ـ 52 – 53.
تأمل في: ﴿... وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ...﴾ .
سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الجهاد أفضل؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلمة حق عند
إمام جائر، راجع سنن النسائي في الجزء السابع طبع
مصر.
ـ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من رأى منكم منكرا فاستطاع أن يغيره فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه وإن لم يستطيع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان. ـ عن سنن ابن ماجة في كتاب الفتن.
6
الوهابيون كالخوارج

الوهابيون كالخوارج
يستحلون دماء المسلمين ! !
الوهابيون يكفرون المسلمين، ويستحلون دمائهم، وذريعتهم في ذلك أن المسلمين لا يعتقدون بأن الله جسم ولا ينكرون شيئا من فضائل الأنبياء، بل يسافرون (كالصحابة والخلفاء) إلى زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم ويتوسلون به صلى الله عليه وسلم ويتبركون بقبره، بل بكل ما يتعلق به صلى الله عليه وسلم، ويقبلون قبره وشباكه بل وبناء حرمه صلى الله عليه وسلم محبة منهم به صلى الله عليه وسلم:
فتاوى أئمتهم في ذلك:
ورد في كتاب الرد على الاخناني لابن تيمية (المطبعة السلفية ومكتبتها) صفحة 24 ما يلي:
لا يقصد السفر إلى القبر (قبر النبي) دون المسجد إلا جاهل أو كافر.
ـ وفي تاريخ المملكة السعودية لصلاح الدين المختار (الوهابي)، طبع بيروت في الجزء الثاني، الصفحة 344:
أصدر العلماء (الوهابيون) بيانا منه: «من جعل بينه وبين الله وسائط فهذا كافر، يستتاب ثلاثا، وإلا قتل».
وورد في كتاب «العقيدة الصحيحة ونواقض الإسلام» لعبد العزيز بن عبد الله بن باز:
«من سأل النبي وطلب منه الشفاعة فقد نقض إسلامه». يعني ارتد عن الإسلام وكفر.
وفي كتاب كشف الشبهات في التوحيد لمحمد بن عبد الوهاب، طبع القاهرة، الصفحة 6:
«إذا قال لك بعض المشركين (يعني: المسلمين غير الوهابيين) ﴿ ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ﴾ أو استدل بالشفاعة أنها حق، أو أن الأنبياء لهم جاه عند الله، أو ذكر كلاما للنبي يستدل به على شئ من باطله، وأنت لا تفهم (أي لا تقدر على جوابه (فجاوبه بقولك: إن الله ذكر في كتابه إن الذين في قلوبهم زيغ يتركون المحكم ويتبعون المتشابه.»
(والملفت أن محمد بن عبد الوهاب وأمثاله يستدلون بالمتشابهات دون المحكمات).
وقد وجه سليمان بن عبد الوهاب الحنبلي النجدي (المعروف بأنه أخو محمد بن عبد الوهاب) في كتابه المسمى ب‍«الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية» (طبع استانبول سنة 1399) خطابا للوهابيين في الصفحة 5 ـ 15 منه:
أنكم الآن تكفرون من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأقام الصلاة وأتى الزكاة وصام وحج والتزم جميع شعائر الإسلام وتجعلونهم كفارا وبلادهم بلاد حرب... «والذين تكفرونهم اليوم وتستحلون دمائهم، عقائدهم عقائد أهل السنة والجماعة».
وأيضا قد نصح الشيخ محمد بن سليمان الكردي أستاذ محمد بن عبد الوهاب فقال له:
يا بن عبد الوهاب فإني أنصحك لله تعالى أن تكف لسانك عن المسلمين، ولا سبيل لك إلى تكفير السواد الأعظم من المسلمين وأنت شاذ عن السواد الأعظم، فنسبة الكفر إلى من شذ عن السواد الأعظم أقرب، لأنه اتبع غير سبيل المؤمنين ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً﴾ سورة النساء / 115.
(عن كتاب الرد على الوهابية لأحمد بن زيني دحلان مفتي مكة المتوفى 1304 طبع مصر الصفحة 39.
شهادة التاريخ:
أما التاريخ فيشهد بأن الوهابيين في سنة 1217 قد شنوا هجوما على مدينة الطائف الواقعة على بعد اثني عشر فرسخا عن مكة، وارتكبوا المجازر الوحشية، وعاثوا في الأرض الفساد وقتلوا مجموعة كانت قدخرجت من‌المدينة وبعد ذلك نهبوا المدينة، وحطموا المنازل.
لقد ترك الوهابيون طائفة من المسلمين رجالا ونساءا عرايا في الصحراء، مخالفين لما دل على احترام المسلم وعرضه، ثم اشترطوا عليهم بعد ثلاثة عشر يوما أن يعتنقوا الوهابية حتى يعرضوا عن قتلهم.
كتب جميل صدقي الزهاوي حول مذبحة شعب الطائف ما يلي:
من أشنع أعمال الوهابيين المجازر الجماعية، حيث لم ينل استرحامهم صغير ولا كبير، فقد ذبحوا الرضيع في حجر أمه بل حتى أولئك الذي كانوا مشغولين بقراءة وتعلم القرآن.
ولأن الناس لم يبقوا في المنازل فقد اقتحموا الدكاكين والمساجد، وقتلوا كل من كان هناك، حتى أولئك الذين كانوا في حالة الركوع والسجود ثم رموا بالكتب والمصاحف وبعض الصحاح كصحيح البخاري ومسلم التي كانت في حوزتهم بالأزقة ووطؤوها بأقدامهم لقد حدثت هذه الواقعة في سنة 1217 قمري.
وقال أحمد زيني دحلان:
أراد الوهابيون بعد فتح الطائف أن يتجهوا لمكة ولكن التفتوا إلى وجود الحجاج في مكة وحجاج مصر والشام كانوا في الطريق واحتملوا أن يدخل معهم هؤلاء في حرب، ولهذا السبب تريّثوا حتى انقضاء شهر ذي الحجة آنذاك بدأوا تمردهم ضد دولة المسلمين ثانية.
ـ احتلال مكة المكرمة بأيدي الوهابيين المفسدين في الأرض:
أرسل علماء نجد رسالة إلى علماء مكّة ليجيبوا عليها، ذلك بعد المجزرة التي حدثت لأهل الطائف، وبينما كان علماء مكة منهمكين في كتابة جواب الرسالة دخلت فرقة من منكوبي الطائف، ثم رووا مسألة احتلال الطائف والبلايا التي صبت على رؤوسهم ورعب الناس بحيث كأن القيامة قد قامت عليهم.
فحكم علماء مكة بكفر الوهابيين ثم أوجبوا على أمير مكة مواجهتهم وبأسرع وقت ثم حثوا المسلمين على شد أزره في مقاتلتهم، وعدم إعذار المتخلف، حيث اعتبروا مقاتلتهم جهادا، ومن يقتل بأيديهم شهيدا.
كتب أحمد زيني دحلان مفتي مكة:
أن شريف غالب أمير مكة ما كان يجد في نفسه القدرة على مقاتلة الوهابيين، لذا خرج من مكة ليذهب إلى جده، ثم استخلف مكانه أخاه شريف عبد المعين الأمر الذي جعل أهل مكة يشعرون بالهلع من أن يفعل بهم الوهابيون ما فعلوه بأهل الطائف، لذا طلبوا منهم أن يمنحوهم الأمان، وسعود أيضا أمّنهم.
تمرد سعود بن عبد العزيز على الدولة العثمانية وهجم على مكة في أواخر سنة 1217 ثم احتل مكة عام 1218 في الثامن من محرم الحرام.
لقد خاطب سعود أهل مكة قائلا: لقد أعددت نفسي هذا العام لقتال أهل العراق، ولكن عندما سمعت أن المسلمين (يعني الوهابيين المشركين) قاتلوا أهل الطائف وأرادوا أن يأتوا إليكم خفت من هجوم الأعراب البدو عليكم، احمدوا الله الذي هداكم للإسلام (يعني شرك الوهابيين) وأنقذكم من الشرك (يعني من التوحيد). وقد أرعب مفتي مكة رعبا شديدا قائلا:
هكذا يقول الأمير سعود!!
على أثر ذلك أمر سعود العامة والخاصة بتعلم بدع محمد بن عبد الوهاب وعقائده التي طرحت في كتاب «كشف الشبهات» ولم يكن يملك هؤلاء غير السمع والطاعة.
ـ هجوم على ميناء جدة:
يقول ابن بشر الوهابي في كتاب تاريخ نجد:
بقي سعود قرابة عشرين يوماً وفي نقل آخر أربعة وعشرين يوما في مكة، ثم خرج من مكة بغية الاستيلاء على جدة وإلقاء القبض على الشريف غالب والمتنفّذين هناك، لذلك حاصرها ثمانية أيام، ولكن إطلاق القذائف من المرتفعات وشطاياها أدت إلى تشتت عدد من الوهابيين خارج المدينة وفنائهم، الأمر الذي صرفه وأفقده الأمل في احتلال جدة، ورجع إلى نجد بعد أن اطلع أن الإيرانيين جاؤوا بأمر «فتح علي شاه» لاحتلالها.
ـ نجاة مكة من أيدي الوهابيين:
خرج الشريف غالب من جدة قاصدا مكة مع عسكر كبير يتقدمهم مدفع ثقيل لغرض فتح مكة وقد تمكن من تحرير مكة وبدخولهم انهزم الوهابيون المحاربون الذين كانوا في المدينة.
وعلى أثر هذه الهزيمة هجم الوهابيون على القبائل المتواجدة في أطراف مكة وقتلوهم وعروا النساء وتركوهن بين الرجال وبعد ما طلبوا منهم الأمان اشترطوا عليهم أن ينخرطوا في الوهابية.
ـ قتل عبد العزيز الأول بأيدي المسلمين:
كان عبد العزيز ظالما وطاغياً ومحاربا وبأمره احتلت مكة وغيرها في سنة 1216 و 1218 وفي شهر رجب لسنة 1218 قد قتل، بالنحو الآتي: كان عبد العزيز في مدينته درعية فجائه رجل مؤمن من أهل الموصل أو العمارة هناك لأجل قتله، ثم هجم عليه بخنجر فطعنه طعنة أدت إلى قتله واستشهد هذا الرجل على يد عبد الله أخي عبد العزيز.
بعض جرائم سعود بن عبد العزيز المتمرد المحارب المفسد:
بعد قتل عبد العزيز تربع ابنه سعود (الذي كان قائدا للجيش) على العرش، كان سعود بن عبد العزيز شخصا مقتدرا ومتمردا، ما كان يهدأ له بال في توسيع المسلك الوهابي، سواء في زمان والده أو بعده، لذا قام بعدة حروب، وارتكب عدة جرائم، وشن الغارات المروعة.
تتلمذ سعود سنتين على يد محمد بن عبد الوهاب، وهو أيضا كان يعقد الاجتماعات وكان يعتدي بصورة متواصلة ويتجاوز على المناطق المقدسة في الحجاز والعراق ويهجم من جانب إلى جانب آخر، حيث كان يسعى لإسقاط القدرات الإسلامية، واستبدالها بآل سعود ومذهب الوهابية.
ـ الهجوم على جدة وينبع:
لقد حاصر الوهابيون مرة أخرى مدينة جدة في سنة 1219 قمرية ولكن لم يظفروا هذه المرة بشئ، وانسحبوا على أثر قذائف المدفعية. وأيضا في نفس هذه السنة هجموا على ينبع وسيطروا عليها، ولكن تمكن الشريف غالب ـ وبعد حرب وقتل عظيمين ـ من أن يستردها.
ـ الهجوم على مكة المكرمة أي الحرم الإلهي الآمن وفسادهم فيها:
مرة أخرى في سنة 1219 حوصرت مكة المكرمة بأمر سعود بن عبد العزيز وقاموا بأعمال وحشية ضد المسلمين، فاضطر المسلمون الأبرياء ومن شدة الجوع والقحط أن يأكلوا لحوم القطط والكلاب والحيوانات الأخرى بينما مات الكثير، وقتل البعض الأخر بيد الوهابيين أثناء هروبهم من المدينة وأخيرا لم يبق في مكة إلا قلائل، إلى درجة أن الصف الأول في صلاة الجماعة التي كانت تقام في المسجد الحرام ما كان يملأ إلا بشق الأنفس وكانت الحوانيت مقفلة.
ـ الهجوم على المدينة الطيبة، أي حرم رسول الله الآمن، وقتلهم زوار النبي صلى الله عليه وسلم:
في سنة 1220 أو 1221 وفي إطار تجاوزه على المدينة المنورة وخروجه على دولة المسلمين تمكن سعود من الاستيلاء على المدينة المقدسة بعد أن حاصرها سنة ونصف سنة وسلب ونهب كل الجواهر النفيسة التي كانت في حرم النبي صلى الله عليه وسلم وطرد حاكم مكة والمدينة المعين من قبل دولة المسلمين ومنع الناس من زيارة المرقد المطهر النبوي صلى الله عليه وسلم وأخرج عمال الدولة، ثم ألغى ذكر دولة المسلمين من الخطب.
ـ هجومهم على حوران الشام وإهلاكهم الحرث والنسل:
في سنة 1225 وبأمرة سعود بن عبد العزيز زحف الوهابيون على أراضي حوران الواقعة في سورية ونهبوا أموال المسلمين، وحرقوا محاصيلهم، وقتلوا الأبرياء ثم سبوا النساء، وقتلوا الأطفال، وعاثوا في الأرض الفساد، وتقدر المفاسد التي ارتكبت هناك بنحو ثلاثة ملايين درهم.
﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ﴾ سورة البقرة / 204 – 205.
ـ وصول الوهابيين إلى السلطة بأيدي الكفار المحاربين:
سعت آنذاك الدولة العثمانية لتقوية نفوذ آل الرشيد الذين كانوا يسيطرون أيضا على ذهاب وإياب الحجاج والذين تمكنوا من أن يهزموا عبد الله بن سعود في حرب ثم قبضوا عليه وأعدموه وعلى أثر هذه الهزيمة اتجه عبد الرحمان الابن الرابع لفيصل بن تركي مع ابنه الشاب عبد العزيز (والد ملك فهد، الملك الحالي وهو ابن عبد العزيز الثاني) إلى الكويت لعدم شعورهم بالأمن في نجد.
وقد بقي عبد الرحمان في الكويت إلى سنة 1919 م وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وهزيمة المسلمين على أيدي المحاربين الكفرة أعلن الإنجليز عن استقلال نجد ونصبوا عليها عبد العزيز ملكا لنجد وأرصد له سنويا مبلغا من المال نحو أربعين ألف ليرة إنجليزية واستمر هذا ستة سنوات من سنة 1917 حتى 1923.
وخلاصة القول: أنه بهزيمة المسلمين استطاع الكفار المحاربون (الإنجليز) أن يأتوا بفئتين وأجلسوهما على عرش السلطة، وهما الوهابية والصهاينة وهاتان الفئتان في الحقيقة راعيتان لمصالح أولئك الكفار المحاربين الفاتحين.
وما من ريب فإن قبول هذه المعادة من جانب الوهابية هو في الواقع قبول لحكومة الكفار الحربيين على المسلمين، والذي نهى الله عنه في القرآن حيث قال ﴿لن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا﴾ وسياسة الصداقة مع الكفار ـ خاصة الكفار الحربيين ـ والحرب مع المسلمين هي سياسة ضد الإسلام ومخالفة صريحة للقرآن حيث يقول الله: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين﴾ سورة المائدة / 52 – 53.
ـ إن الوهابيين من وجهة نظر الفقه الإسلامي بغاة ومفسدون في الأرض، وذلك لخروجهم أولا على حكومة المسلمين ولاتحادهم مع الكفار المحاربين ثانيا، إضافة إلى مقاتلتهم المسلمين وارتكابهم أفظع الجرائم كحرق المزارع وقتل النساء والأطفال والله يقول في كتابه حول المفسدين: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيم﴾ سورة المائدة / 32 ـ 33.
خاتمة المطاف
إن المسلمين مدعوون ـ على أساس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ـ أن يأخذوا بيد الوهابيين إلى التوحيد ويبعدوهم عن الشرك ويذكروهم بآيات التوحيد وبسجايا ومناقب أنبياء وأولياء الله، وأن يطلعوهم على الأحاديث النبوية الشريفة وسيرة الصحابة والسلف الصالح خاصه روايات الاستشفاء والتبرك لكي لا يوغلوا في الشرك أكثر من هذا، ولا ينكروا فضائل نبي الله ولا يشذوا عن الجماعة ويكفوا أيديهم عن إيجاد الاختلاف بين المسلمين، والاستهانة بالمقام السامي لرسول الله وأصحابه الكرام وأن يتمسكوا كبقية المسلمين بحبل الوحدة والأخوة واتباع القرآن والسنة وسيرة الصحابة وما عليه إجماع المسلمين.
وإذا لم ينتبه المسلمون ـ وخاصة علماءهم وحجاج بيت الله الحرام ـ إلى إرشاد هذه الفئة الضالة المشركة فإن هناك عواقب وخيمة بانتظار العالم الإسلامي.
اللهم أصلح كل فاسد من أمور المسلمين.

كلّ المسلمين يردّون على الوهابيّة، وهذه بعض كتبهم:
1ـ شفاء السقام لتقيّ الدين السبكي، المتوفى 756ه‍.
2ـ وفاء الوفاء للسمهوري، المتوفى عام 911هـ.
3ـ المواهب اللدنّية لأبي العباس القسطلاني، المتوفى 932ه‍.
4ـ شرح المواهب اللدنّية للزرقاني المالكي، المتوفى عام 1122.
5ـ الصواعق الالهيّة في الردّ على الوهّابيّة، لسليمان بن عبد الوهّاب الحنبلي النجدي.
6ـ كتاب للشيخ محمّد بن سليمان الكردي، أُستاذ محمّد بن عبد الوهّاب.
7ـ الصواعق والرعود، لعفيف الدين عبد الله بن داوود الحنبلي.
8ـ السيوف الصقال في أعناق من أنكر من الأولياء، لأحد علماء بيت المقدس.
9ـ الانتصار للأولياء الأبرار، للشيخ طاهر الحنفي.
10ـ النقول الشرعيّة في الرد على الوهابيّة، للشيخ حسن بن عمر الشطّي الحنبلي.
11ـ التوسّل بالنبي (ص) وجهلة الوهابيين، لابن حامد بن المرزوق.
12ـ تطهير الفؤاد من أُنس الاعتقاد، للشيخ محمد بن نجيب مطبعي الحنفي.
13ـ سيف الأبرار المسلول على الفجّار لمحمّد عبد الرحمان الحنفي من علماء الأزهر.
14ـ ازهاق الباطل في الردّ على الفرقة الوهّابيّة، لإمام الحرمين محمد بن داوود الهمداني.
15ـ الدرر السنيّة في الردّ على الوهّابيّة، لأحمد زيني دحلان مفتي مكّة المكرّمة، المتوفى عام 1304.
16ـ الوهّابيّة كفر والحاد، للعلاّمة الشيخ عبد المجيد شاهين الذي طبع بالاسكندرية عام 1955.
17ـ الوهّابيّة والصهيونيّة لمحمد بن عبد القادر الفتحي، طبع عام 1930.
18ـ كتاب يهوداً لا حنابلة.
19ـ الأزهر والسياسة لإمام الأزهر عام 1925م.
20ـ يهود الدونمة والأُصول السعوديّة الوهّابيّة، للشيخ رفعت سليم كبّار، طبع في تركيا.