المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فيصل القاسم: لست غوغائيا ومازلت الرقم واحد



سياسى
03-24-2007, 07:15 AM
هل انتهى برنامج 'الاتجاه المعاكس' ؟

أجرى الحوار: حسان الزين


لا يمكن الحديث عن قناة 'الجزيرة' التي يظهر على شاشاتها العديد من مقدمي البرامج والنشرات الإخبارية المخضرمين وأصحاب الحضور اللافت، إلا ويذكر اسم فيصل القاسم، وأحيانا 'يختصر' اسم هذه المؤسسة الإعلامية التي شكلت ومازالت تجربة مهمة في الإعلام العربي والسياسة والثقافة الشعبية. وبعد، إن هذا المقدم بات رمزا لهذا النوع من 'السجال' الذي يسمى، في أحيان كثيرة، 'جدل طرشان'.
بعد عشرة أعوام من انطلاق 'مهرجانه' الكلامي الأسبوعي، مازال يدافع عن برنامجه، 'الاتجاه المعاكس'، ويرفض مقولة أنه انتهى، وأنه صار لزاما عليه التغيير، لاسيما في أسلوب إدارة الندوة. لكن، في الوقت ذاته، يعترف بأن 'الضوضاء' باتت تزعجه.

هنا حوار معه:

لعل فيصل القاسم هو الأقدر، لا على الدفاع عن برنامجه وحسب، وإنما على الوقوف في 'الاتجاه والاتجاه المعاكس' أيضا. فهل يعرف مشاهد موقفه من موضوع ما خصص بحلقة ما؟
يجيب:

أعتقد أن برنامجي، 'الاتجاه المعاكس'، ما زال مشاهدا على نطاق واسع، بشهادة الاستفتاءات كلها التي أجريت في الآونة الأخيرة. وأسأل ما البرنامج السياسي الذي ظهر في التلفزيونات العربية واستطاع أن يزيح 'الاتجاه المعاكس' عن عرشه. مازلت الرقم واحد، ومن يقول لي أنت غوغائي أسأله: من منا يأتي بمشاهدين أكثر، فلنتحد.
لنضع الاستفتاءات جانبا، ولا حاجة إلى التذكير بأنها مزاجية، ما الذي يجعلك واثقا؟
نعم، وأنا أسأل: ما معيار نجاح برنامج؟ أعتقد أن نسبة المشاهدة أساسية، في هذا الإطار. التلفزيون هو مشاهد، وعلى الرغم من ذلك فإن المشاهد مهم وغير مهم في آن واحد.
لنتناول الموضوع من زاوية أخرى: قناة 'الجزيرة' عندما انطلقت قبل عشرة أعوام كانت تحكي عن رفع الصوت في المجتمعات العربية، لكن اليوم اختلفت الظروف؟
أعتقد أن هذه الطريقة في تناول الموضوعات ليست مقتصرة على فترة معينة، أي أن الجمهور يلتهمها ثم يمل منها. أنا أحيلك على التلفزيونات الغربية، هناك برامج مشابهة مستمرة من عقود على الهواء. تتحدث عن ثلاثين سنة، ومازالت تحتفظ بالصفات ذاتها. وأسألك: هل غير السياسيون الغربيون طريقة خوضهم الانتخابات؟ نحن نعلم كيف تخاض المعارك في الولايات المتحدة، إنها تقوم على التحدي الصارخ و'الشو بزنس'؟ فإذا كانت السياسة والحملات تدار بهذه الطريقة فهل من العبث أن تستمر البرامج التلفزيونية هكذا؟ مادام لديك قضايا جدلية في العالم العربي، وهي في ازدياد مستمر بسبب الأزمات التي تمر بها المنطقة، أعتقد أن 'الاتجاه المعاكس' سيبقى مشاهدا.
تشويش
لكن 'الاتجاه المعاكس' لا يعالج القضايا والموضوعات، هو يأتي بممثلين متحمسين للأطراف المتخاصمة والمتصارعة ويجعلهم في مواجهة بعضهم البعض.
أخالفك الرأي، أنا أدعو ضيوفي إلى الحوار للتمكن من معالجة الموضوعات، أدعوهم إلى عدم المقاطعة والتشويش، وهذا أكثر ما أركز عليه، شاهد البرنامج وستجد أن هناك حوارا حادا لكن مسموعا.
تبدو في أوقات كثيرة منزعجا من الصراخ، وها أنت تؤكد أنك مع الحوار؟
هذا صحيح، يجب أن نتجاوز الصراخ إلى الحوار. إنما أنا ضد الحوار الأكاديمي، لأن التلفزيون ليس للفلاسفة والمفكرين. ما الجدوى من تقديم برنامج نسبة مشاهدته 4%؟!
لكن ما الذي يبعد برنامجك، كل حلقة، من الحوار، إلى ما يشبه المسرحية الصاخبة؟
طبعا، البرنامج ليس كله صراخا. الحلقات التي فيها صراخ قليلة جدا. 94% فيها حوار. وأنا أكون سعيدا في الحلقات التي فيها حوار لأنها تتضمن أفكارا. لكن الطبيعة العامة توحي بعكس ذلك. مشكلة الإنسان العربي أنه مقموع. وماذا تتوقع من شخص كان سجينا لخمسين عاما وفجأة تتوافر له فرصة التعبير عن رأيه ونفسه، ماذا سيفعل؟ سينفجر. لا بأس في أن نسمح له بالصراخ. أعتقد أن طبيعة الموضوعات وطبيعة القضايا أحيانا تفرض طريقة التناول. لا يمكن مناقشة موضوع ملتهب بطريقة هادئة.
بغض النظر عن المسؤولية، ما معنى أن برنامجا مثل 'الاتجاه المعاكس' يتماهى مع ما يحصل في الشارع وربما يغذي غوغائية ما؟
أحترم هذا الطرح. لذا، لا أخفيك، ويمكنك أن تلاحظ، أنني أحاول في الآونة الأخيرة التقليل من الصراخ والمقاطعات، لكن مع الحفاظ على روح البرنامج القائمة على التحدي والسخونة والإثارة.
أنا معك أن العراق يشتعل، ولبنان وفلسطين، لكن لا تلومونا. بصراحة، للمقاطعة في بعض الأحيان هدف سياسي، وأنا أريد أن يكون هناك حوار أكثر وتصفية حسابات أقل.
لكن النيات الحسنة لا تكفي؟
مؤكد، وأوضح أن المقاطعة في بعض الأحيان لا علاقة لها بالبرنامج والمذيع، إنما بمواقف سياسية.
توحي إجابتك هذه أنك لا تريد أن تخوض معركتك؟
على العكس، هذه حقيقة، ويمكن أن أروي الكثير من الأحداث لتفسير الأمر: هناك حلقة تجمع ممثلا لإحدى الحكومات وممثلا للمعارضة، 90% منها لا يمكن فهمها. وتبين أن هدف الحكومة كان التشويش، لا أن تقول شيئا أو حتى أن تسمع. وهل تعرف ماذا حصل بعد الحلقة مع الضيف الذي يدافع عن الحكومة؟ صار وزير إعلام.
ومرة أخرى، بعدما خرجنا من الاستديو قلت لضيف يدافع عن نظام الحكم في بلده: كان في الامكان أن تنتظر وترد وتفند بصراحة، كنت مزعجا! فهل تعلم ماذا رد علي: 'أتريد مني أن أتركه، أروح في داهية! ولو كان في بلدنا لكنا اعتقلناه'. هل تعلم أن الأنظمة العربية تحب البرامج التي فيها صراخ لأن الحوار يخيفها!
هل شاركت في مؤامرات من هذا النوع؟
طبعا لا، برنامجي معارض للاستبداد والدكتاتورية والأنظمة الشمولية ومندفع لتحقيق الديمقراطية وحماية حقوق المضطهدين وتخليص العالم العربي من براثن الاضطهاد والقمع. وفي السنوات الخمس الأولى من عمر البرنامج كانت أولوياتي تتمحور حول القضاء على الفساد والأنظمة الطاغية.
أدافع عن الطغاة
ما الذي تغير؟
لقد بت مترويا أكثر. بعد غزو العراق والعدوان الإسرائيلي على لبنان والحصار على فلسطين، تغيرت أولوياتي. ما عاد همي أن أفتح نقاشا بين حزب الله ومعارضيه في لبنان، ولا أن أنكأ الجروح بين سني وشيعي في العراق، ولا أن أسبب خصاما أو فتنة بين حماس وفتح. أخاف أن تكون سياسة الإدارة الأميركية قد جعلتنا مضطرين إلى الدفاع عن المستبدين والطغاة، لا لأننا نحبهم بل لأننا نحب أوطاننا.
ماذا عن 'الجزيرة'، في هذا الخصوص؟
'الجزيرة' كما أعتقد تتماهى مع الرأي العام، مع مشاعر المواطن العربي. وهذا سر نجاحها، مع تقديري لما يراه البعض بأنها نجحت لأنها توفر مساحة حرية، أو لأن لديها كادرا محترفا. هناك قنوات تلفزيونية حاولت الخروج عن الرأي العام ما الذي حصل بها؟
لكن، هذا يناقض شعار 'الرأي والرأي الآخر'؟
في ما يخصني أؤكد أنني كنت أبذل جهدا لأجد مخالفين للرأي العام، إلا أنهم لا يحظون باهتمام المشاهد. وهذا مؤثر.
هذا كلام خطير، فماذا عن ديموقراطية البرنامج إذا كان المعيار تارة شعبويا وأخرى نسبة المشاهدة؟ ـ صدقا، حاولت في برنامجي أن أفسح المجال للجميع، بما في ذلك الذين يمثلون مجموعات لا ترى في المجهر.
هل يعني هذا أن نسبة مشاهدة برنامجك تراجعت فعدلت، أم أنك تلتزم سياسة المحطة؟
لا برنامج إلا وتتأرجح نسبة مشاهدته، لكنني واثق بأن برنامجي مازال في المقدمة، وتشاهده ربات البيوت ورجال الاستخبارات أيضا، الناس جميعا. أما الكلام على الحرية الإعلامية فكذبة كبيرة. لا وجود لأمر اسمه حرية مطلقة. الحرية مثل القطارة، البعض يعطيك نقطة وهناك من يعطيك أكثر أو أقل.
أنت وبرنامجك واحد، لكن من ينافس فيصل القاسم؟
لا أتنافس مع أحد.
ما هذا الغرور؟
لنقل إن رأيي قائم على دلائل واقعية. ولكي أكون صريحا: المشاهد هو الحكم.