المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أسطورة النظام الذي هوى



المهدى
07-04-2004, 08:58 AM
عبدالله خلف التيلجى – كاتب كويتى

لم تعد الصحافة بالسلطة الرابعة كما أطلق عليها في القرن العشرين.. بل صارت السلطة المهيمنة على كل السلطات وصارت القوة الرهيبة التي تهدد رؤساء الدول والوزراء في امريكا والدول الاوروبية ولم تعد الصحافة فقط من السيوف المسلطة على القيادات السياسية في العالم بل تقدمتها منابر العصر الخطرة كالاذاعات والتلفزيونات وخاصة الفضائيات التي اخترقت حجب المسافات وعبرت المحيطات وسبقت الزمن.. صار أخيرا اي صحفي قادرا ان يمسخ بأي سياسي بان يطلق عليه تهمة فيهتز كيانه ان دافع عن نفسه بكل الوسائل القانونية فان اهتزاز صورته افقدته صفاء النظرة اليه..

بوب وود الصحفي البسيط الامريكي اطاح بالرئيس نيكسون اثر تفجيره فضيحة (وترجيت) وتصل ببعض المحاورين في التلفزيون الوقاحة بان ينال من رئيس وزراء اوروبي ويوجه له الشتائم والاتهامات ولا يملك ذلك الوزير كل الادلة الدفاعية، والجماهير دائما تقف ضد المسؤولين المستجوبين ويصدقون التهم وان كانت ملفقة في معظم الدول العربية، الدولة تملك الاعلام والشعب هو المستهدف والمطعون فيه حتى يخفض جناحيه..

النظام العراقي لعب بهذه الادوات مع ميزانية الشعب العراقي المنهوبة ومنذ ان صار صدام حسين نائبا للرئيس البكر، أسقط المؤسسات الرقابية على المال فلا برلمان ولا مجلس محاسبة ولا البنك المركزي يروي الاستاذ ابراهيم الزبيدي الشاعر والاذاعي العراقي المخضرم ان صدام حسين قبل ان يصير نائبا للرئيس بشهور كانت له مشكلة مع صاحب المنزل الذي استأجر منه منزله في بغداد وهدده بطرده بعد ان تراكمت عليه أجور المنزل وما ان صار نائبا حتى اغترف الاموال دون حساب.. وفي سنته الاولى وهو نائب للبكر ذهبت ساجدة ام عدي الى امريكا وطلبت من السفير العراقي انذاك السيد صلاح عمر العلي ان يتصل بأشهر محل للأثاث الفخم وهو (سيزر سيتي) على أن يتم اخلاءه من آلاف الزبائن لكي تتجول به منفردة مع السفير العلي.. حاول السفير فامتنعت الشركة وان دفعت عشرات الملايين سيدة العراق الاولى. ثم وجد سفيرها حلا بان طلب من الشركة ان تخصص لها ساعة واحدة في يوم الاحد حيث العطلة، واتفقت الشركة ان تكون الساعة بحضور الحرس والباعة بمائة الف دولار وافقت ساجدة فامضت عدة ساعات.

ومن غرائب علي بابا والاربعين حرامي في بغداد واكثر من هذه القصة الاسطورية تحققت مع ساجدة طلفاح، اتصلت يوما بعد ان آلت لزوجها الرئاسة وتربعه على عرش العراق.. اتصلت بمحافظ البنك المركزي (هاشم) وطلبت منه بالتلفون ان يحضر لها مليون دينار عراقي عندما كان الدينار بقوته الاقتصادية العالية هنا ارتبك المحافظ وقال لها ليس بمقدوري ان أصرف هذا المبلغ الا اذا استلم شيكا او امرا من السيد الرئيس فغادر مكتبه وركب سيارته لكي يأخذ الاذن من السيد الرئيس حتى يصرف المليون لسيدة القصر ساجدة وبينما هو في السيارة كان السائق قد فتح الراديو على اذاعة بغداد والا به يسمع خبر اقالته فعاد الى منزله، عندما امر صدام ان تفتح ادارة مالية في قصره فيها ملايين الدولارات والدنانير بل البلايين، وصار اغتراف المال بين يدي اهل القصر ساجدة وصدام وعدي وقصي.

وصارت الاموال تغدق على بعض رجال الصحافة العرب دون حساب بل بجنون العظمة التسلطية.
رؤساء تحرير في بلاد عربية سلمت لهم فلل سكنية فاخرة وسيارات «لموزين» وصحف أسست ودفعت لها الاموال الهائلة لكي تصقل صورة الرئيس ونظامه.. وقال الكثير من اصحاب الرؤية السطحية ان الاعلام العراقي قوي واعلام باقي الدول العربية ضعيف.
وهذه المقولة غير صائبة لان قوة الاعلام العراقي مستمدة من اموال الشعب العراقي المنهوبة وهناك جيوش من الصحفيين العرب وغيرهم من المرتزقة.. بهذا لمعت صورة صدام حسين.. قصة ساجدة والمليون الذي طلبته من المحافظ بالتلفون اوردها الدكتور جليل العطية في كتابه ) فندق السعادة، حكايات من عراق صدام حسين(

وهكذا صارت قصور صدام حسين فروعا من البنك المركزي وما ان سقطت بغداد في هذه الحرب حتى تبينت حقيقة هذه المهزلة فوجدت المليارات داخل القصور، وسلم صدام لمتعهد تركي اثني عشر مليارا من الدولارات لكي يخرجها من العراق بعمولة عالية.. والمليار والربع الذي اخرج من خزينة احدى القصور والمليار الا ربعاً من شاليه تابع لأحد القصور، والذهب الذي تحتويه القصور، والقصور المشيدة بأموال الشعب العراقي بالاضافة الى اموال اهدرت في اسلحة عجزت ان تدافع عن النظام عدة ايام وما ان سقط الرمز وتماثيله ونصبه حتى اختفى المرتزقة وسلم العديد من رموزه نفسه، واخرون توسلوا بالحلفاء لكي يقبضوا عليهم امثال وزير الاعلام السابق محمد سعيد الصحاف الذي اختبأ بمنزل خالته وكلما مرت شاحنة او مصفحة امريكية أشر لها لكي تلتقطه خوفا وفزعا من الشعب العراقي الذي ان قبض عليه فسيكون مصيره مصير نوري السعيد وعبدالاله وعبدالكريم قاسم.. السحل والتشهير والتعزير حتى الآن لم تسقط هالة العظمة من أعين بعض العرب نحو صدام حسين ما زالت شعوب تدافع عنه.. وما زال اعلاميون يتباكون على الرواتب التي انقطعت عنهم وهناك ادباء وشعراء واساتذة جامعات عربية انقطع عنهم مال الشعب المهدور ويحلمون بعودة صدام ليغدق عليهم اموال الشعب العراقي المسروق.

وهذه الشعوب لم تصدق بمآسي الشعب العراقي وعن المقابر الجماعية وبقطع آذان البشر وألسنتهم وجدع انوفهم ومصنع التماثيل الخاص بصدام والذي يحتوي على مئات العاملين فيه.. انها اسطورة النظام وغفلة شعوب عربية ومرتزقة في كل مكان.