سياسى
03-13-2007, 12:38 AM
كلهن غريماتها وإن كن أقرب الناس إليها
بيروت: سناء الجاك
«فاشلة لم تستطع المحافظة على بيتها» أو «مسكينة طعنت في السن ولم تعد ترضي زوجها» أو «عنيدة هرب منها زوجها الى أخرى» أو «تستحق ما جرى لها، لو كانت تملك المقومات اللازمة لما نظر زوجها الى امرأة أخرى».. هذه بعض من التعليقات، التي تصدر غالبا عن فئة من النساء، اللواتي يعتبرن ان الرجل الذي يقدم على زواج ثان، انما يفعل ذلك لعلة في زوجته، او لتقصير منها كونها لم تتمكن من تحصين مؤسسة الزواج بالحكمة والسترة والبراعة والحيلة والخضوع، وغير ذلك من الوسائل الانثوية المفترض توفرها في «الزوجة الصالحة»، وفق المفهوم التقليدي. في المقابل نادرا ما تتناول الملاحظات الرجل، كأن المجتمع يسلم بانسياقه الى اشباع غرائزه وعواطفه مهما كان عمره ووضعه العائلي.
وقد ينظر البعض اليه على انه ضحية امرأة «شاطرة» عرفت كيف تلعب بعواطفه وتخدعه وتسوقه الى الارتباط بها، لا سيما اذا كان قد تجاوز الاربعين من عمره وصار على عتبة الكهولة، أي يحتاج أكثر من السابق الى استعادة ثقته برجولته وجاذبيته، من خلال علاقة تكسر روتين حياته الزوجية. في الحالتين المرأة هي الملامة، واللائمة في أغلب الأحيان تكون امرأة مثلها.
تبين الدراسات ان صورة المرأة التقليدية مطلب نسائي، وكل من تحاول كسر الاطار الاجتماعي التقليدي الذي ينمط النساء وفق تقاليد معينة، تتحول الى خطر يهدد غيرها. ربما لأنها تجذب الرجل أكثر مما تجذبه المرأة التقليدية، او لأنها «صاحبة خبرة» لا تملكها «المستورة» القابعة في منزلها. من هنا ترتبط صفة «الشطارة» بمثل هذه المرأة التي تحظى بمن تريد، بغض النظر عن وضعه العائلي ومن دون التوقف عند نتائج تصرفاتها، ومدى الضرر الذي سيلحق بأسرة الزوج الذي «تصطاده». قسوة المرأة في حكمها على ابنة جنسها عندما يتعلق الامر بتعدد الزوجات، تعكس انذارا مسبقا في غالب الاحيان.
يقول استاذ علم الاجتماع، الدكتور عبدو قاعي، لـ «الشرق الاوسط»: «ردة الفعل القاسية التي تصدرها امرأة، انما هي ناتجة عن خوف ضمني من الرجل، لذا تلجأ الى اسقاط هذا الخوف على حالة غيرها من النساء، وكأنها تحذر نفسها من الوقوع في المصيبة نفسها. والنساء قاسيات على انفسهن بشكل عام نتيجة تحكم المجتمع الذكوري في مصائرهن، لذا ما ان تشعر المرأة بتقدمها في السن حتى ينتابها الضعف وتسارع الى عمليات التجميل ومحاولات ترميم ما افسده الدهر».
استاذة علم الاجتماع، الدكتورة دولت خنافر، تعود بالمشكلة الى التنشئة في المجتمع العربي. فالرجل يربى على انه صاحب السلطة والسيادة والكلمة الاخيرة، في حين تربى الفتاة على انها الجميلة والمهذبة واللطيفة لتعجب الرجل الذي يبقى الفاعل وتبقى التابعة له، وتقول: «من هنا نلاحظ ان هدف الفتاة العربية في الحياة يبقى الزواج والانجاب والاحتفاظ بالزوج، مهما تعلمت وتثقفت وانخرطت في ميدان العمل وعرفت النجاح الاجتماعي، لأن الصورة التي رسمها لها الآخرون ترسخت في عقلها.
وتعتبر المرأة التي لا تتزوج، فاشلة لم تعجب أحدا من الرجال، والمتزوجة يجب أن تحتفظ بزوجها بالوسائل الانثوية المتاحة وعبر أساليب مسرحية، إذا اقتضى الامر. فهي تؤدي دور المتفانية والمريضة احيانا، وتستخدم الخداع والرياء أحيانا أخرى، كما تحاسب نفسها بقسوة وتظلم غيرها من النساء، لأن اولويتها هي الحصول على رجل والاحتفاظ به، وبالتالي تأتي ردة فعلها على امرأة لم تستطع تحقيق هذه الاهداف وكأنها طالعة من تراكمات هذا الواقع الذي يتحكم بها ويعطيها جواز مرورها الاجتماعي».
ويعتبر قاعي أن «السبب الثاني لقسوة المرأة على بنات جنسها، يعود الى طبيعتها العاطفية مقارنة بطبيعة الرجل العقلانية، لذا لا تتحكم كثيرا في ردات فعلها، فتتسرع وتعطي ما هو موجود في ذاتها. وغالبا ما تقودها الغيرة التي تطبع العاطفة لديها».
ويشير الى «ترابط عقدة الرجل المتحكمة بالمرأة مع غريزتها الدفاعية. فهي تغار من كل امرأة سعيدة وتتشفى بشكل او بآخر في لا وعيها عندما تخسر امرأة غيرها زوجها فتصنفها فاشلة». لكن خنافر توضح «أن النساء يمارسن العقاب الذاتي في هذا الاطار. فالمرأة تسامح الرجل الذي يخون وتتساهل مع طباع شريكها الشرسة واحيانا سوء معاملته، لكنها لا تسامح المرأة التي تخون او حتى تطالب بحقها من العدل اذا اسيئت معاملتها. حتى انها تحاسب امرأة تعرضت الى الاعتداء وكأنها هي التي شجعت الرجل عبر سلوكها وتصرفاتها، والا لما بادر الرجل الى مضايقتها».
فشل المرأة التي يهملها زوجها ليقع في احضان أخرى، يصبح مؤكدا اذا كان الزوج ميسور الحال ويتبوأ مركزا اجتماعيا مرموقا، وإن كان كهلا في الخميسنات او الستينات. وفي ظل الصعوبات الناتجة عن الوضع الاقتصادي، التي تعيق اقدام الشباب على الزواج ومن ثم ارتفاع نسبة العنوسة، يصبح «اصطياد» القادرين على الاقتران بزوجة أخرى خطرا محتمل الحدوث، تقول خنافر:
«نلاحظ ان المرأة تحمل دائما في داخلها خوفا من خسارة زوجها على يد امرأة أخرى. فكل امرأة هي غريمتها وإن كانت صديقتها. وحتى عندما تعيش المرأة حياة طبيعية في الظاهر، فالاضطراب الداخلي يتملكها، لا سيما عندما تتقدم في العمر، حينها تخاف من صغيرات السن اللواتي قد ينجذب الزوج اليهن». ويبرر قاعي إقدام الرجال بعد سن الاربعين على مغامرات عاطفية قد تقود الى الزواج، بقوله: «السبب يعود الى رجولته التي تشكل عامل جذب، فتفتش عنه المرأة أكثر مما يفتش عنها. كذلك هناك العامل البيولوجي، فسن اليأس لدى الرجال أقل وطأة من سن اليأس لدى النساء. صحيح أن قدرة الرجل الذكورية تضعف، لكن قدرته على الانجاب تستمر حتى الثمانين احيانا».
والانجراف الى الاغراءات، كما يراه قاعي، سببه «أن الزواج مقبرة الحب، حيث يزول الخيال ويكتشف كل طرف شريكه. وغالبا ما تقتصر نسبة ايجابية هذا الكشف على 20 في المائة، فتزيد حرارة الحب بين الزوجين.
لكن الاكتشاف يبقى سلبيا بنسبة 80 في المائة، لأن الانسان ضعيف بطبيعته وعاجز عن تطوير قدرته على الحب». اما خنافر فتقول: «يشعر الرجل بأنه مرغوب من قبل النساء عندما يكون شابا، ويطيب له ان يوصم بصفة دونجوان، وبعد الاربعين يصبح هاجسه اثبات رجولته وفحولته، لذا يحاول جذب انتباه صغيرات السن ليبرهن لنفسه انه لا يزال مرغوبا، بل ويلجأ الى المقويات الجنسية، وكأن وجوده ينحصر في هذا المنحى مهما كان مركزه الاجتماعي ومستواه العلمي والفكري. فهو قد يقبل بالتقاعد عن العمل لكنه يرفض رفضا مطلقا أن يتقاعد عن رجولته وفحولته».
بيروت: سناء الجاك
«فاشلة لم تستطع المحافظة على بيتها» أو «مسكينة طعنت في السن ولم تعد ترضي زوجها» أو «عنيدة هرب منها زوجها الى أخرى» أو «تستحق ما جرى لها، لو كانت تملك المقومات اللازمة لما نظر زوجها الى امرأة أخرى».. هذه بعض من التعليقات، التي تصدر غالبا عن فئة من النساء، اللواتي يعتبرن ان الرجل الذي يقدم على زواج ثان، انما يفعل ذلك لعلة في زوجته، او لتقصير منها كونها لم تتمكن من تحصين مؤسسة الزواج بالحكمة والسترة والبراعة والحيلة والخضوع، وغير ذلك من الوسائل الانثوية المفترض توفرها في «الزوجة الصالحة»، وفق المفهوم التقليدي. في المقابل نادرا ما تتناول الملاحظات الرجل، كأن المجتمع يسلم بانسياقه الى اشباع غرائزه وعواطفه مهما كان عمره ووضعه العائلي.
وقد ينظر البعض اليه على انه ضحية امرأة «شاطرة» عرفت كيف تلعب بعواطفه وتخدعه وتسوقه الى الارتباط بها، لا سيما اذا كان قد تجاوز الاربعين من عمره وصار على عتبة الكهولة، أي يحتاج أكثر من السابق الى استعادة ثقته برجولته وجاذبيته، من خلال علاقة تكسر روتين حياته الزوجية. في الحالتين المرأة هي الملامة، واللائمة في أغلب الأحيان تكون امرأة مثلها.
تبين الدراسات ان صورة المرأة التقليدية مطلب نسائي، وكل من تحاول كسر الاطار الاجتماعي التقليدي الذي ينمط النساء وفق تقاليد معينة، تتحول الى خطر يهدد غيرها. ربما لأنها تجذب الرجل أكثر مما تجذبه المرأة التقليدية، او لأنها «صاحبة خبرة» لا تملكها «المستورة» القابعة في منزلها. من هنا ترتبط صفة «الشطارة» بمثل هذه المرأة التي تحظى بمن تريد، بغض النظر عن وضعه العائلي ومن دون التوقف عند نتائج تصرفاتها، ومدى الضرر الذي سيلحق بأسرة الزوج الذي «تصطاده». قسوة المرأة في حكمها على ابنة جنسها عندما يتعلق الامر بتعدد الزوجات، تعكس انذارا مسبقا في غالب الاحيان.
يقول استاذ علم الاجتماع، الدكتور عبدو قاعي، لـ «الشرق الاوسط»: «ردة الفعل القاسية التي تصدرها امرأة، انما هي ناتجة عن خوف ضمني من الرجل، لذا تلجأ الى اسقاط هذا الخوف على حالة غيرها من النساء، وكأنها تحذر نفسها من الوقوع في المصيبة نفسها. والنساء قاسيات على انفسهن بشكل عام نتيجة تحكم المجتمع الذكوري في مصائرهن، لذا ما ان تشعر المرأة بتقدمها في السن حتى ينتابها الضعف وتسارع الى عمليات التجميل ومحاولات ترميم ما افسده الدهر».
استاذة علم الاجتماع، الدكتورة دولت خنافر، تعود بالمشكلة الى التنشئة في المجتمع العربي. فالرجل يربى على انه صاحب السلطة والسيادة والكلمة الاخيرة، في حين تربى الفتاة على انها الجميلة والمهذبة واللطيفة لتعجب الرجل الذي يبقى الفاعل وتبقى التابعة له، وتقول: «من هنا نلاحظ ان هدف الفتاة العربية في الحياة يبقى الزواج والانجاب والاحتفاظ بالزوج، مهما تعلمت وتثقفت وانخرطت في ميدان العمل وعرفت النجاح الاجتماعي، لأن الصورة التي رسمها لها الآخرون ترسخت في عقلها.
وتعتبر المرأة التي لا تتزوج، فاشلة لم تعجب أحدا من الرجال، والمتزوجة يجب أن تحتفظ بزوجها بالوسائل الانثوية المتاحة وعبر أساليب مسرحية، إذا اقتضى الامر. فهي تؤدي دور المتفانية والمريضة احيانا، وتستخدم الخداع والرياء أحيانا أخرى، كما تحاسب نفسها بقسوة وتظلم غيرها من النساء، لأن اولويتها هي الحصول على رجل والاحتفاظ به، وبالتالي تأتي ردة فعلها على امرأة لم تستطع تحقيق هذه الاهداف وكأنها طالعة من تراكمات هذا الواقع الذي يتحكم بها ويعطيها جواز مرورها الاجتماعي».
ويعتبر قاعي أن «السبب الثاني لقسوة المرأة على بنات جنسها، يعود الى طبيعتها العاطفية مقارنة بطبيعة الرجل العقلانية، لذا لا تتحكم كثيرا في ردات فعلها، فتتسرع وتعطي ما هو موجود في ذاتها. وغالبا ما تقودها الغيرة التي تطبع العاطفة لديها».
ويشير الى «ترابط عقدة الرجل المتحكمة بالمرأة مع غريزتها الدفاعية. فهي تغار من كل امرأة سعيدة وتتشفى بشكل او بآخر في لا وعيها عندما تخسر امرأة غيرها زوجها فتصنفها فاشلة». لكن خنافر توضح «أن النساء يمارسن العقاب الذاتي في هذا الاطار. فالمرأة تسامح الرجل الذي يخون وتتساهل مع طباع شريكها الشرسة واحيانا سوء معاملته، لكنها لا تسامح المرأة التي تخون او حتى تطالب بحقها من العدل اذا اسيئت معاملتها. حتى انها تحاسب امرأة تعرضت الى الاعتداء وكأنها هي التي شجعت الرجل عبر سلوكها وتصرفاتها، والا لما بادر الرجل الى مضايقتها».
فشل المرأة التي يهملها زوجها ليقع في احضان أخرى، يصبح مؤكدا اذا كان الزوج ميسور الحال ويتبوأ مركزا اجتماعيا مرموقا، وإن كان كهلا في الخميسنات او الستينات. وفي ظل الصعوبات الناتجة عن الوضع الاقتصادي، التي تعيق اقدام الشباب على الزواج ومن ثم ارتفاع نسبة العنوسة، يصبح «اصطياد» القادرين على الاقتران بزوجة أخرى خطرا محتمل الحدوث، تقول خنافر:
«نلاحظ ان المرأة تحمل دائما في داخلها خوفا من خسارة زوجها على يد امرأة أخرى. فكل امرأة هي غريمتها وإن كانت صديقتها. وحتى عندما تعيش المرأة حياة طبيعية في الظاهر، فالاضطراب الداخلي يتملكها، لا سيما عندما تتقدم في العمر، حينها تخاف من صغيرات السن اللواتي قد ينجذب الزوج اليهن». ويبرر قاعي إقدام الرجال بعد سن الاربعين على مغامرات عاطفية قد تقود الى الزواج، بقوله: «السبب يعود الى رجولته التي تشكل عامل جذب، فتفتش عنه المرأة أكثر مما يفتش عنها. كذلك هناك العامل البيولوجي، فسن اليأس لدى الرجال أقل وطأة من سن اليأس لدى النساء. صحيح أن قدرة الرجل الذكورية تضعف، لكن قدرته على الانجاب تستمر حتى الثمانين احيانا».
والانجراف الى الاغراءات، كما يراه قاعي، سببه «أن الزواج مقبرة الحب، حيث يزول الخيال ويكتشف كل طرف شريكه. وغالبا ما تقتصر نسبة ايجابية هذا الكشف على 20 في المائة، فتزيد حرارة الحب بين الزوجين.
لكن الاكتشاف يبقى سلبيا بنسبة 80 في المائة، لأن الانسان ضعيف بطبيعته وعاجز عن تطوير قدرته على الحب». اما خنافر فتقول: «يشعر الرجل بأنه مرغوب من قبل النساء عندما يكون شابا، ويطيب له ان يوصم بصفة دونجوان، وبعد الاربعين يصبح هاجسه اثبات رجولته وفحولته، لذا يحاول جذب انتباه صغيرات السن ليبرهن لنفسه انه لا يزال مرغوبا، بل ويلجأ الى المقويات الجنسية، وكأن وجوده ينحصر في هذا المنحى مهما كان مركزه الاجتماعي ومستواه العلمي والفكري. فهو قد يقبل بالتقاعد عن العمل لكنه يرفض رفضا مطلقا أن يتقاعد عن رجولته وفحولته».