jameela
02-25-2007, 07:46 AM
ثريا الشهري - الشرق الاوسط
السؤال الذي يتكرر بعد حرب 12 تموز وما تبعها من تبادلات وتطاولات إعلامية بين الفرقاء إنما يتناول الشيعة في لبنان، ومع هذا فقد أخذني البحث إلى تناول الآيديولوجيات الشيعية خارج لبنان وبالتحديد في كندا والولايات المتحدة، وهل لمرجعيتهم الدينية مصدر واحد أم أكثر! فإن وجد فهل للاختلاف علاقة بالصراعات السياسية في الشرق الأوسط!
فمن الثابت أن الجالية المسلمة في أمريكا تضم عدداً غير متناسب من المسلمين الشيعة المهاجرين من مناطق عربية متفرقة، وقبل المضي في الكلام من المهم التركيز هنا على أن التباين الذي نقصده في الغرب بين أنصار سماحة السيد محمد حسين فضل الله من لبنان والمشار إليهم بأصحاب الدعوة نسبة إلى حزب الدعوة الإسلامية في العراق لمؤسسه السيد محمد باقر الصدر الذي ترك اغتياله عام 1980 فراغاً لا يستهان به وبالذات في أوساط الشيعة الشباب، وبين المؤيدين لآية الله الخميني في إيران (من أتباع حزب نصر الله)، لهي اختلافات تتمحور حول دور العلماء في المرجعية تحديداً، فبينما يرى حزب الله المحافظ أن المرجع هو قائد معصوم تجب طاعته في جميع الأمور الدينية والدنيوية، يرى من يرتبط بالدعوة بالإضافة إلى احترام المرجع لقيادته في الإصلاحات الدينية الاجتماعية والتوفيق ما بين العلم والدين وإيجاد السمات المشتركة بين المذهب السني والشيعي، انه إجماع لا يمنع من القول بمحدودية دور المرجع وبمراجعته، والذي ينبغي أن يصدر فتواه في أمور الشريعة وليس في كل الشؤون التي تستلزم الخبرة في مجالات تخصص أخرى.
فماذا عن طبيعة الشخصية المرجعية؟ تاريخياً، اقتصرت مهام المرجع وقبل الثورة الإيرانية على توجيه الناس في أمور واجباتهم وشعائرهم الدينية، ولكنه تقليد اكتسب منذ الثورة دوراً أكبر في قيادة الشيعة الروحية والسياسية معاً، وباعتبار كل من إيران والعراق مركزا للفكر الشيعي ومصدره، كان لظروفهما السياسية تأثير مباشر في توجيه الزعامة الدينية الشيعية، نشأت على إثره آيديولوجيات جديدة حاولت بدورها التعديل في اتجاه الفكر الشيعي، يرافقها تنافس العلماء الأعلى منزلة وفي كلا البلدين على تولي المرجعية التقليدية للعالم الشيعي، الصراع الذي تدخل في طبيعة المؤسسات الدينية التابعة للجالية العربية الشيعية في أمريكا الشمالية، وعلى الرغم من أنه كان لآية الله أبي القاسم الخوئي، غير الميال إلى السياسة، والذي عاش في النجف أغلب سنوات عمره، أتباع متفرقون يفوق عددهم أتباع الإمام الخميني، إلا أن مقلدي الخميني ونظراً لنهجهم السياسي إزاء الدين، قد لقوا اهتماماً أكبر على المستويين المحلي وغير المحلي، كمثل حزب نصر الله في لبنان، ليبقى الشيعة العرب ومن يؤمن منهم بانفصال السياسة عن الدين يتبعون في مرجعيتهم أبا القاسم الخوئي، ومن ثم المرجع المعتدل آية الله السيستاني الذي يعتبر خليفة السيد الخوئي في النجف، ومن يميل كثير من الشيعة خارج إيران اليوم إلى تقليده واتباعه. أما المرجع الذي بقي خارج نطاق الحكومتين الإيرانية والعراقية فهو السيد محمد حسين فضل الله في لبنان، الداعي إلى عصرنة الفكر الشيعي منذ وفاة الصدر، ومن يرى ضرورة أن يكون للآراء قاعدة فقهية، حتى شُبه أتباعه في الغرب بأهل السنة الذين لا يترددون في مناقشة مقولات علمائهم والاختلاف معهم، وهو موقف يقود مؤيديه أحياناً إلى بعض النزاعات مع إخوتهم في حزب الله، وعلى الرغم من أن السيد فضل الله يعد نموذجاً للعالِم المسيّس والمؤيد لإيران في لبنان، غير أنه قد حصل وأيد الخوئي صراحة حتى قبل رحيل الخميني، كما أعلن تأييده لآية الله السيستاني مما أغضب حزب الله اللبناني منه، حيث تقول بعض الأوساط المقربة أن مجرد تأييده الصريح للخميني وخامنئي كمرجعين معناه استقرار المرجعية في إيران تحت سيطرة الحكومة الإيرانية، وحيث أن وصوله إلى مركز «المرجع» المرموق والهام والذي يمكنه من خلاله أن يؤثر في العالم الشيعي بحاله، ولعلمه التام بوجود مرجعيات في إيران ستعمل ضد ما سيخطط له في النهاية، تظل مواقفه في أغلبها غامضة ولها حساباتها الدقيقة.
إن المرتبطين بحزب الله في أمريكا الشمالية باتباعهم خامنئي، يؤكدون اعترافهم بأسلمة الحكم والمجتمع، وبسبب نفورهم من القيم والتقاليد الغربية لا يشعرون بالضيق من دعم من يتضح أنه لا يتوافق مع الحكومة الأمريكية، صحيح أن أنصار الدعوة يشتركون في بعض النشاطات المعادية للغرب، غير أن لهم بشكل إجمالي منظوراً أوسع وأكثر واقعية، حيث يدركون مدى الحاجة إلى العمل مع الآخرين لتحقيق التغيير، ومع ذلك، وإن بدا الأمر وكأنه انقسام بين العراقيين واللبنانيين بارتباط العراقيين بالدعوة واللبنانيين بحزب الله، فإنه تصور مبالغ في التبسيط، فالصلات الوثيقة ما بين الحزبين في الولايات المتحدة لتمثل الامتداد بين انتماءاتهما المتجذرة في الشرق الأوسط.
فماذا عن تحمس الشيعة للانضمام إلى السنة في الولايات المتحدة؟ في الحقيقة هناك من الأسباب ما يحول دون ذلك ولا علاقة له بتقارب وجهات النظر، وإنما بواقع محاولة إبقاء التقليد الديني حياً في مجتمع يميل إلى مجانسة الأديان، فالجمع بين السنة والشيعة في شؤون المساجد يعني اضطرار الشيعة إلى قبول الحلول الوسط التي قد تطال الشعائر الدينية ولاسيما المتعلقة بالإمام الحسين وشهر محرم، تلك الطقوس التي لن تجد من يستعد للتنازل عنها حتى وإن كان من أنصار حزب الدعوة.
كلمة أخيرة: للآراء الإيديولوجية المختلفة في أمريكا الشمالية تجاه القيادة الشيعية فرصة للتوحد حول مرجع واحد يسهم في التقريب المذهبي وفي التغلب على الفوضى الطائفية، ولا يكون ذلك بغير الإقرار بأي مرجع يتبع، وبحجم الدور الذي ينبغي أن يتولاه المرجع في تحديد الأبعاد الدينية والسياسية، وهل تكون رمزية أم أساسية، مناهضة للحداثة، حصرية في منهجها، أم متكيفة مع المحيط تدعم نظاماً عقائدياً يسمح بتجاوز حدوده بغرض التفاهم والتواصل!
السؤال الذي يتكرر بعد حرب 12 تموز وما تبعها من تبادلات وتطاولات إعلامية بين الفرقاء إنما يتناول الشيعة في لبنان، ومع هذا فقد أخذني البحث إلى تناول الآيديولوجيات الشيعية خارج لبنان وبالتحديد في كندا والولايات المتحدة، وهل لمرجعيتهم الدينية مصدر واحد أم أكثر! فإن وجد فهل للاختلاف علاقة بالصراعات السياسية في الشرق الأوسط!
فمن الثابت أن الجالية المسلمة في أمريكا تضم عدداً غير متناسب من المسلمين الشيعة المهاجرين من مناطق عربية متفرقة، وقبل المضي في الكلام من المهم التركيز هنا على أن التباين الذي نقصده في الغرب بين أنصار سماحة السيد محمد حسين فضل الله من لبنان والمشار إليهم بأصحاب الدعوة نسبة إلى حزب الدعوة الإسلامية في العراق لمؤسسه السيد محمد باقر الصدر الذي ترك اغتياله عام 1980 فراغاً لا يستهان به وبالذات في أوساط الشيعة الشباب، وبين المؤيدين لآية الله الخميني في إيران (من أتباع حزب نصر الله)، لهي اختلافات تتمحور حول دور العلماء في المرجعية تحديداً، فبينما يرى حزب الله المحافظ أن المرجع هو قائد معصوم تجب طاعته في جميع الأمور الدينية والدنيوية، يرى من يرتبط بالدعوة بالإضافة إلى احترام المرجع لقيادته في الإصلاحات الدينية الاجتماعية والتوفيق ما بين العلم والدين وإيجاد السمات المشتركة بين المذهب السني والشيعي، انه إجماع لا يمنع من القول بمحدودية دور المرجع وبمراجعته، والذي ينبغي أن يصدر فتواه في أمور الشريعة وليس في كل الشؤون التي تستلزم الخبرة في مجالات تخصص أخرى.
فماذا عن طبيعة الشخصية المرجعية؟ تاريخياً، اقتصرت مهام المرجع وقبل الثورة الإيرانية على توجيه الناس في أمور واجباتهم وشعائرهم الدينية، ولكنه تقليد اكتسب منذ الثورة دوراً أكبر في قيادة الشيعة الروحية والسياسية معاً، وباعتبار كل من إيران والعراق مركزا للفكر الشيعي ومصدره، كان لظروفهما السياسية تأثير مباشر في توجيه الزعامة الدينية الشيعية، نشأت على إثره آيديولوجيات جديدة حاولت بدورها التعديل في اتجاه الفكر الشيعي، يرافقها تنافس العلماء الأعلى منزلة وفي كلا البلدين على تولي المرجعية التقليدية للعالم الشيعي، الصراع الذي تدخل في طبيعة المؤسسات الدينية التابعة للجالية العربية الشيعية في أمريكا الشمالية، وعلى الرغم من أنه كان لآية الله أبي القاسم الخوئي، غير الميال إلى السياسة، والذي عاش في النجف أغلب سنوات عمره، أتباع متفرقون يفوق عددهم أتباع الإمام الخميني، إلا أن مقلدي الخميني ونظراً لنهجهم السياسي إزاء الدين، قد لقوا اهتماماً أكبر على المستويين المحلي وغير المحلي، كمثل حزب نصر الله في لبنان، ليبقى الشيعة العرب ومن يؤمن منهم بانفصال السياسة عن الدين يتبعون في مرجعيتهم أبا القاسم الخوئي، ومن ثم المرجع المعتدل آية الله السيستاني الذي يعتبر خليفة السيد الخوئي في النجف، ومن يميل كثير من الشيعة خارج إيران اليوم إلى تقليده واتباعه. أما المرجع الذي بقي خارج نطاق الحكومتين الإيرانية والعراقية فهو السيد محمد حسين فضل الله في لبنان، الداعي إلى عصرنة الفكر الشيعي منذ وفاة الصدر، ومن يرى ضرورة أن يكون للآراء قاعدة فقهية، حتى شُبه أتباعه في الغرب بأهل السنة الذين لا يترددون في مناقشة مقولات علمائهم والاختلاف معهم، وهو موقف يقود مؤيديه أحياناً إلى بعض النزاعات مع إخوتهم في حزب الله، وعلى الرغم من أن السيد فضل الله يعد نموذجاً للعالِم المسيّس والمؤيد لإيران في لبنان، غير أنه قد حصل وأيد الخوئي صراحة حتى قبل رحيل الخميني، كما أعلن تأييده لآية الله السيستاني مما أغضب حزب الله اللبناني منه، حيث تقول بعض الأوساط المقربة أن مجرد تأييده الصريح للخميني وخامنئي كمرجعين معناه استقرار المرجعية في إيران تحت سيطرة الحكومة الإيرانية، وحيث أن وصوله إلى مركز «المرجع» المرموق والهام والذي يمكنه من خلاله أن يؤثر في العالم الشيعي بحاله، ولعلمه التام بوجود مرجعيات في إيران ستعمل ضد ما سيخطط له في النهاية، تظل مواقفه في أغلبها غامضة ولها حساباتها الدقيقة.
إن المرتبطين بحزب الله في أمريكا الشمالية باتباعهم خامنئي، يؤكدون اعترافهم بأسلمة الحكم والمجتمع، وبسبب نفورهم من القيم والتقاليد الغربية لا يشعرون بالضيق من دعم من يتضح أنه لا يتوافق مع الحكومة الأمريكية، صحيح أن أنصار الدعوة يشتركون في بعض النشاطات المعادية للغرب، غير أن لهم بشكل إجمالي منظوراً أوسع وأكثر واقعية، حيث يدركون مدى الحاجة إلى العمل مع الآخرين لتحقيق التغيير، ومع ذلك، وإن بدا الأمر وكأنه انقسام بين العراقيين واللبنانيين بارتباط العراقيين بالدعوة واللبنانيين بحزب الله، فإنه تصور مبالغ في التبسيط، فالصلات الوثيقة ما بين الحزبين في الولايات المتحدة لتمثل الامتداد بين انتماءاتهما المتجذرة في الشرق الأوسط.
فماذا عن تحمس الشيعة للانضمام إلى السنة في الولايات المتحدة؟ في الحقيقة هناك من الأسباب ما يحول دون ذلك ولا علاقة له بتقارب وجهات النظر، وإنما بواقع محاولة إبقاء التقليد الديني حياً في مجتمع يميل إلى مجانسة الأديان، فالجمع بين السنة والشيعة في شؤون المساجد يعني اضطرار الشيعة إلى قبول الحلول الوسط التي قد تطال الشعائر الدينية ولاسيما المتعلقة بالإمام الحسين وشهر محرم، تلك الطقوس التي لن تجد من يستعد للتنازل عنها حتى وإن كان من أنصار حزب الدعوة.
كلمة أخيرة: للآراء الإيديولوجية المختلفة في أمريكا الشمالية تجاه القيادة الشيعية فرصة للتوحد حول مرجع واحد يسهم في التقريب المذهبي وفي التغلب على الفوضى الطائفية، ولا يكون ذلك بغير الإقرار بأي مرجع يتبع، وبحجم الدور الذي ينبغي أن يتولاه المرجع في تحديد الأبعاد الدينية والسياسية، وهل تكون رمزية أم أساسية، مناهضة للحداثة، حصرية في منهجها، أم متكيفة مع المحيط تدعم نظاماً عقائدياً يسمح بتجاوز حدوده بغرض التفاهم والتواصل!