كويتى
02-23-2007, 09:05 AM
محمد عبدالقادر الجاسم المحامي
بصرف النظر عن تقييم استجواب وزير الصحة ورد الوزير وتداعيات تقديم طلب طرح الثقة، فإن العلة هي في "بطن الشيوخ" لا في مكان آخر. نعلم أن البرلمان هو الآخر "منقع فساد" ونعلم أن لغالبية النواب أجندة خاصة لا صلة لها بالمصلحة العليا للبلاد، لكن يبقى أساس "الخراب" هو في أجندة شيوخ الفساد. فإن كانت الأسرة الحاكمة تفكر في كيفية التصرف حيال تقديم طلب طرح الثقة بوزير الصحة، وإن كان هناك من يعتبر تقديم الطلب ضد أحد شيوخ ذرية مبارك تطاول وتمادي من البرلمان، فليعلم من يردد هذا القول أن هذا الاستجواب كان برعاية من أحد شيوخ ذرية مبارك ضد "ولد عمه"، فإن كان هناك ما يحتاج إلى وقفة فهو وضع الشيوخ أنفسهم قبل أي شيء آخر.
ما حدث في جلسة استجواب وزير الصحة، وفي اليومين السابقين بين الحركة الدستورية ورئاسة مجلس الوزراء من ترتيبات وصفقات، كشف عن أمور ثلاثة. الأول ضعف الحكومة وسذاجتها، والثاني، وإن كان "مو جديد" هو انتهازية الحركة الدستورية. كانت هناك صفقة بينهما من بين مكوناتها "تثبيت" الدكتور اسماعيل الشطي في منصبه الوزاري في حال حدوث تعديل مقابل امتناع الحركة عن طرح الثقة بوزير الصحة. إلا أن مجريات الجلسة أحرجت الحركة الدستورية، إذ بعد أن حصل اقتراح طرح الثقة على العدد المطلوب لم يكن أمام الحركة الدستورية سوى المشاركة فيه والنكوص عن تعهداتها للحكومة والاكتفاء "بالمقابل" الذي حصلت عليه قبل الجلسة وهو، كحد أدنى، تمرير معاملات لنوابها. وقد علمت شخصيا أنه تم تمرير أكثر من 2400 معاملة في وزارة الصحة "توسط" بها نواب أغلبهم تعهدوا للحكومة بمساندة الوزير لكنهم لم يفعلوا!
أما الأمر الثالث وهو الأهم، فيبدو أن "مصارعة الشيوخ" قد بدأت والله يستر من نهايتها.
إن مصارعة الشيوخ خطرة، وليس لدي ما أكتبه سوى إعادة نشر ما سبق أن نشرته في شأن "مصارعة الشيوخ".
قلت "... وهذا الوضع سوف يشجع على ظهور "معادلة المحاور" داخل الأسرة الحاكمة وهي المعادلة البديلة "لمعادلة الفروع" التي قضت عليها تنحية الشيخ سعد وما أعقب تلك التنحية من تعيينات لولاية العهد ورئاسة مجلس الوزراء من فرع واحد هو (فرع آل جابر)".
كما قلت " أن اندثار معادلة الفروع وبروز معادلة المحاور سوف يؤدي إلى تفكك أكثر في بنية الأسرة الحاكمة التي سوف تفتقد دور "الكبار" ليحل محل ذلك الدور رعونة وضيق أفق".
وقلت أيضا " إن بروز معادلة المحاور على أنقاض معادلة الفروع ومن رحم الفرع الواحد يعني في الواقع التجزئة.. وحين تتجزأ العائلة ينفتح الباب على مصراعيه لتسلق التيارات الإسلامية المنتشرة أو العائلات التجارية التي تمكنت في السنوات الثلاث الأخيرة من اختراق مركز النظام السياسي".
وقلت أيضا " وبعد أن استقرت أمور الخلافة، برز الهدف الثاني من أهداف فريق الشيوخ الشباب وهو استكمال بناء النفوذ الخاص وضمان البقاء السياسي في مرحلة ولي العهد الحالي الشيخ نواف الأحمد الصباح، غير أن ملعب الأسرة الحاكمة وإن أصبح تحت سيطرة فرع واحد من فروع الأسرة، فإن التنافس بين أعضاء الفرع الواحد بدأ يطفو على السطح بقوة، ومن غير المعروف الآن المدى الذي سيبلغه هذا التنافس،كما يصعب توقع نتائجه حاليا".
أما في خاتمة كتابي "آخر شيوخ الهيبة" فقد قلت "المهم في الأمر أن عمليتي الإحلال والاستبدال في أفكار مؤسسة الحكم، وكذلك التنافس والصراع على الحكم قبل وفاة المرحوم الشيخ جابر الأحمد، والتنافس الحالي بين أفراد الفرع الواحد، وانغماس بعض الشيوخ الشباب في الفساد والتطاول على المال العام، وتخريب البرلمان... كل ذلك أدى إلى تشويه كامل لمعالم الوضع السياسي في الكويت، وهو تشويه أتوقع أن يتسبب في اهتزاز مركز الأسرة الحاكمة في الكويت، وسيظهر بوضوح قبل أن تنتهي فترة حكم الشيخ صباح الأحمد، وسيتعاظم في بداية فترة حكم ولي العهد الحالي الشيخ نواف الأحمد".
استجواب وزير الصحة لم يكن يستهدف إصلاح الخدمات الصحية، وإنما كانت تحركه أصابع خفية تريد خلق حالة من الفوضى السياسية في البلاد. أي أن الاستجواب كان بنكهة شيوخ الفساد الذين يقفون وراءه.
الحكومة سعت إلى حماية وزيرها من خلال عقد صفقات سياسية "فاسدة" تضر بالمصلحة العليا للوطن وتسلم جزء من السلطة للحركة الدستورية سواء عبر منصب وزاري أو مناصب أدني، وعبر انتهاك "أبو القانون" وتمرير معاملات للنواب.
تقديم طلب طرح الثقة كان "لعبة" شيوخ الفساد، الذين يتردد أنهم بدأوا في الانتقام من "عيال عمهم" على أثر إبعادهم من مراكزهم.
بمعنى آخر فإن كل ما يتصل بهذا الاستجواب يتراوح بين الفساد والإفساد واللعب في بدايته وفي نهايته، لذلك لا نقول إلا "الله يخلف علينا".
20/2/2007
بصرف النظر عن تقييم استجواب وزير الصحة ورد الوزير وتداعيات تقديم طلب طرح الثقة، فإن العلة هي في "بطن الشيوخ" لا في مكان آخر. نعلم أن البرلمان هو الآخر "منقع فساد" ونعلم أن لغالبية النواب أجندة خاصة لا صلة لها بالمصلحة العليا للبلاد، لكن يبقى أساس "الخراب" هو في أجندة شيوخ الفساد. فإن كانت الأسرة الحاكمة تفكر في كيفية التصرف حيال تقديم طلب طرح الثقة بوزير الصحة، وإن كان هناك من يعتبر تقديم الطلب ضد أحد شيوخ ذرية مبارك تطاول وتمادي من البرلمان، فليعلم من يردد هذا القول أن هذا الاستجواب كان برعاية من أحد شيوخ ذرية مبارك ضد "ولد عمه"، فإن كان هناك ما يحتاج إلى وقفة فهو وضع الشيوخ أنفسهم قبل أي شيء آخر.
ما حدث في جلسة استجواب وزير الصحة، وفي اليومين السابقين بين الحركة الدستورية ورئاسة مجلس الوزراء من ترتيبات وصفقات، كشف عن أمور ثلاثة. الأول ضعف الحكومة وسذاجتها، والثاني، وإن كان "مو جديد" هو انتهازية الحركة الدستورية. كانت هناك صفقة بينهما من بين مكوناتها "تثبيت" الدكتور اسماعيل الشطي في منصبه الوزاري في حال حدوث تعديل مقابل امتناع الحركة عن طرح الثقة بوزير الصحة. إلا أن مجريات الجلسة أحرجت الحركة الدستورية، إذ بعد أن حصل اقتراح طرح الثقة على العدد المطلوب لم يكن أمام الحركة الدستورية سوى المشاركة فيه والنكوص عن تعهداتها للحكومة والاكتفاء "بالمقابل" الذي حصلت عليه قبل الجلسة وهو، كحد أدنى، تمرير معاملات لنوابها. وقد علمت شخصيا أنه تم تمرير أكثر من 2400 معاملة في وزارة الصحة "توسط" بها نواب أغلبهم تعهدوا للحكومة بمساندة الوزير لكنهم لم يفعلوا!
أما الأمر الثالث وهو الأهم، فيبدو أن "مصارعة الشيوخ" قد بدأت والله يستر من نهايتها.
إن مصارعة الشيوخ خطرة، وليس لدي ما أكتبه سوى إعادة نشر ما سبق أن نشرته في شأن "مصارعة الشيوخ".
قلت "... وهذا الوضع سوف يشجع على ظهور "معادلة المحاور" داخل الأسرة الحاكمة وهي المعادلة البديلة "لمعادلة الفروع" التي قضت عليها تنحية الشيخ سعد وما أعقب تلك التنحية من تعيينات لولاية العهد ورئاسة مجلس الوزراء من فرع واحد هو (فرع آل جابر)".
كما قلت " أن اندثار معادلة الفروع وبروز معادلة المحاور سوف يؤدي إلى تفكك أكثر في بنية الأسرة الحاكمة التي سوف تفتقد دور "الكبار" ليحل محل ذلك الدور رعونة وضيق أفق".
وقلت أيضا " إن بروز معادلة المحاور على أنقاض معادلة الفروع ومن رحم الفرع الواحد يعني في الواقع التجزئة.. وحين تتجزأ العائلة ينفتح الباب على مصراعيه لتسلق التيارات الإسلامية المنتشرة أو العائلات التجارية التي تمكنت في السنوات الثلاث الأخيرة من اختراق مركز النظام السياسي".
وقلت أيضا " وبعد أن استقرت أمور الخلافة، برز الهدف الثاني من أهداف فريق الشيوخ الشباب وهو استكمال بناء النفوذ الخاص وضمان البقاء السياسي في مرحلة ولي العهد الحالي الشيخ نواف الأحمد الصباح، غير أن ملعب الأسرة الحاكمة وإن أصبح تحت سيطرة فرع واحد من فروع الأسرة، فإن التنافس بين أعضاء الفرع الواحد بدأ يطفو على السطح بقوة، ومن غير المعروف الآن المدى الذي سيبلغه هذا التنافس،كما يصعب توقع نتائجه حاليا".
أما في خاتمة كتابي "آخر شيوخ الهيبة" فقد قلت "المهم في الأمر أن عمليتي الإحلال والاستبدال في أفكار مؤسسة الحكم، وكذلك التنافس والصراع على الحكم قبل وفاة المرحوم الشيخ جابر الأحمد، والتنافس الحالي بين أفراد الفرع الواحد، وانغماس بعض الشيوخ الشباب في الفساد والتطاول على المال العام، وتخريب البرلمان... كل ذلك أدى إلى تشويه كامل لمعالم الوضع السياسي في الكويت، وهو تشويه أتوقع أن يتسبب في اهتزاز مركز الأسرة الحاكمة في الكويت، وسيظهر بوضوح قبل أن تنتهي فترة حكم الشيخ صباح الأحمد، وسيتعاظم في بداية فترة حكم ولي العهد الحالي الشيخ نواف الأحمد".
استجواب وزير الصحة لم يكن يستهدف إصلاح الخدمات الصحية، وإنما كانت تحركه أصابع خفية تريد خلق حالة من الفوضى السياسية في البلاد. أي أن الاستجواب كان بنكهة شيوخ الفساد الذين يقفون وراءه.
الحكومة سعت إلى حماية وزيرها من خلال عقد صفقات سياسية "فاسدة" تضر بالمصلحة العليا للوطن وتسلم جزء من السلطة للحركة الدستورية سواء عبر منصب وزاري أو مناصب أدني، وعبر انتهاك "أبو القانون" وتمرير معاملات للنواب.
تقديم طلب طرح الثقة كان "لعبة" شيوخ الفساد، الذين يتردد أنهم بدأوا في الانتقام من "عيال عمهم" على أثر إبعادهم من مراكزهم.
بمعنى آخر فإن كل ما يتصل بهذا الاستجواب يتراوح بين الفساد والإفساد واللعب في بدايته وفي نهايته، لذلك لا نقول إلا "الله يخلف علينا".
20/2/2007