المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : في العراق.. مائة قبلة وقبلة لا تكفي



yasmeen
02-23-2007, 08:01 AM
المواطن لا يدري إن كان سيرى قريبه أو صديقه ثانية أم لا!

طفولة.. ووشائج قربى.. وخوف من المصير ومواجهة مشتركة لما يخبئه الدهر

بغداد - عبدالكريم محمد


لا بد ان يهرع ملايين العراقيين لتقبيل بعضهم بعضا يوميا.. قبلات في اول الصباح، واخرى في النهار، واخرى عند الغروب قبيل سريان قرار منع التجوال الليلي.

قبلات لا حصر لها في الشوارع والمقاهي والفنادق والنوادي والمكتبات والمطاعم وامام المستشفيات وفي داخل مشرحة الطب العدلي. وثمة قبلات في الدوائر والمهرجانات والملتقيات. وقبلات في داخل البيوت وعلى شاشات الفضائيات وعلى مقاعد سيارات الاجرة.

قبلات في الافراح واللقاءات ممزوجة بالزغاريد. وهناك قبل في الاحزان يعلوها النحيب والصراخ واللطم على الرؤوس.. افراط في اداء التحية العراقية 'الجديدة' يبرره الدكتور نجاح كبة استاذ علم النفس في معهد الفنون بأنه انعكاس لا شعوري لحالات الشد النفسي التي يتعرض لها العراقيون طيلة الاربع والعشرين ساعة يوميا..

يقول كبه 'الاحساس بالخطر من لحظة نهوضنا من اسرتنا، وحتى عودتنا المفترضة اليها يولد المزيد من القلق تجاه هذا الموت المجاني الذي يستعرض سطوته في كل مكان، ولا ندري في اي لحظة سيجرفنا، ولذلك نجد انفسنا - داخل هذا النفق - وكأننا مخلوقات تبحث عن يقين على استمرارها في الحياة، رغم اننا نتحول، شئنا ام ابينا الى كرات يدفعها القلق لتصطدم مع بعضها البعض، وهذا الاصطدام برأيي يظهر في موجات القبلات اليومية التي تؤكد لنا اننا مازلنا احياء ويقبل بعضنا البعض بهذه الحميمة المفرطة'.

واضاف كبة 'القبلة هي نوع من التقديس للذات المتمثلة بالجسد، ويفرضها واقع مأزوم لتبديد شبح الموت 'والحفاظ على حصتنا المتبقية من الحياة' ولا يمكن ان يجد العراقي اليوم ما هو اكثر وضوحا من القبلة لمنازعة القلق والانتصار 'المزعوم' عليه. وبقدر ما نقبل بعضنا البعض فاننا في الواقع نحاول ان نصل بذلك التقديس الى اعلى مراحل الاحساس باليقين تجاه من نحب.

ويروي كبة بألم مشهد استقبال سيدة عراقية لنبأ فقدان ولدها الوحيد في احد الانفجارات، يقول 'كانت ردة فعلها الوحيدة انها تساءلت بحزن 'من احضنة واقبله بعد اليوم!؟'

قبلات الوداع الأخير

يروي باسم غفوري، صحافي عراقي، عن مشهد قبلات غير مألوف عاش تفاصيله في داخل احد المعتقلات التابعة لوزارة الداخلية، التي دعت عددا من وسائل الاعلام الاجنبية والعربية والمحلية لتغطية اول مواجهة للمعتقلين العراقيين لذويهم حصلت قبل عام، قال: 'لقد طلب من العوائل ان تنتظم في مجاميع، ولكنها اقتحمت القاعة واحاطت كل عائلة بأحد المعتقلين وانهالت عليه بالقبل وسط بكاء جماعي صاخب جعلنا ننسى مهمتنا الصحفية ونرمي بالكاميرات والدفاتر لنشارك العائلات في معانقة المعتقلين وتقبيلهم'

ووصف عباس فاضل، ضابط برتبة ملازم في الشرطة العراقية، مدة خدمته في سلك الشرطة التي مضى عليها اكثر من عام ونصف العام بأنها مسلسل يومي طويل من القبل. يقول 'كلما ذهبنا لتنفيذ احد الواجبات يودعنا زملاؤنا بالعناق، وكلما عدنا يحضنوننا ويقبلوننا كثيرا. وهذا المشهد، يضيف عباس، يتكرر على مدار الساعة، في المعسكر والشارع، وحين اعود لبيتي في اجازة تستقبلني امي بمئات القبل، وكذلك يفعل اشقائي واقاربي'. ويصف عباس هذا الافراط بأنه 'يوازي حجم المخاطر التي يتعرض لها افراد الشرطة يوميا بسبب استهدافهم من بعض الجماعات المسلحة'.
مخاوف الأمهات:

قد أرى ولدي جثة

وتعد الامهات من اشهر رموز موجة القبلات التي طغت على المشهد العراقي بسبب الضغوط النفسية الشديدة التي يتعرضن لها من لحظة خروج ازواجهن وابنائهن وبناتهن وحتى عودتهم. وتقول ام حمادة، وهي ام لخمسة اطفال انها تحضن اطفالها التلاميذ وتقبلهم كثيرا قبل ذهابهم الى المدرسة لانها لا تعرف ان كانوا سيعودون اليها سالمين ام ترى جثثهم من على شاشات الفضائيات في احد الانفجارات. واضافت 'اعانق اطفالي واقبلهم وكأنني اودعهم للمرة الأخيرة. فمن يدري؟ هل سأتمكن من رؤيتهم مرة اخرى ام سيتصل بنا احد الخاطفين مطالبا 'بعشر دفاتر' - لقاء الافراج عنهم كما حصل للعديد من العوائل.؟'

ام سلام تشارك جارتها ام حمادة في الحديث عن افراط الامهات العراقيات في تقبيل الاولاد، تقول 'تبحث الام التي فقدت احد ابنائها لعدة اعوام، فقط لتقبل جثته وتبني له قبرا لتزوره وتقبل شاهدته'.

وتعزو الصحافية عواطف هاشم هذه الظاهرة الى الاحباط الذي اصيب به المواطنون جراء تدهور الوضع الامني وتفشي مظاهر العنف. تقول 'كأم لثلاث بنات، لابد ان اقبل بناتي قبل ان نفترق في كل صباح. وابقى طيلة فترة عملي اترقب حصول انفجار في اي لحظة. ولطالما - تضيف عواطف - اختلقت المزيد من الاعذار لمنع بناتي من الذهاب الى الجامعة من حين لاخر، وهو الامر الذي ربما سيدفعني الى التضحية بهذا العام الدراسي حفاظا على سلامتهن، اسوة بما اقدم عليه الكثير من اقاربي وجيراني بمنع ابنائهم وبناتهم من التوجه الى الجامعات والمدارس بسبب تردي الاوضاع الامنية.

'بوسة' واحدة لا تكفي

للعراقيين تاريخ طويل مع القبلات واستخداماتها المتناقضة، وما يروى عن السومريين الذين سكنوا في جنوب العراق قبل آلاف السنين انهم كانوا يقبلون زوجاتهم في الشوارع، ويعتبرون الاختلاء بهن في البيوت نوعا من الخطيئة! ولطالما تغنى العراقيون بالقبلة وجعلوها اثمن وسام للتقدير والاشادة، وما زال الكثير منهم يردد اغنيات عراقية تتحدث عن القبلة (البوسة) كما يطلق عليها في اللهجة العراقية، تقول كلمات احدى الاغاني القديمة انطي للمبشرين بوسة من العيون' وتقول كلمات اغنية اخرى 'بوسة من وجنتك وانت ومروتك' وتظهر 'البوسة' في اغنية اخرى كأعلى مظهر للتودد 'بوسني كم مرة بستك حبيبي' ولكن العراقي سرعان ما يجعلها رمزا للاذلال والاهانة في ساعة غضبه فيقول متوعدا خصمه 'سأجعله يقبل حذائي من اسفله' او يجزم قائلا 'سيقبل يدي وقدمي'.

تجليات الجسد العراقي.. الشارع والبيت والخندق
وازاء هذه الظاهرة شديدة التطرف، للقبلة وتعاملها المتناقض مع الذات المتمثلة بالجسد يرى احمد عبدالحسين (باحث عراقي)، ان تقديس الذات ما عادت تنفعه قبلة، لانني حين اقول 'انا' فأنا لا اشير الى جسدي، ففي الحقيقة ان كل اشارة الى الذات باتت تتضمن نحوا من استبعاد الجسد، كأننا 'انا' وجسدي شيئان متناقضان، او ان هذا الجسد الذي يحملني ربما انا من يحمله، لانه فائض عن حاجة الذات لتتكون'.

ويبرر احمد هذا الفصل المروع الى ظواهر المنع والقسر والاكراه التي مورست على الجسد العراقي في الشارع والبيت والخندق، ويضيف 'لطالما عمل الاشهار الفضائي الذي كرس تنميطا للجسد العراقي فأظهره بصورة جثث ممددة وحولها اجساد منكسرة تحني عليه 'وتقبله' اوجسد امرأة مغطى بسواد الفجائع وفي فترة قريبة، كان رمز الجسد العراقي هو جسد الطفل المريض مرفوعا كعلامة ادانة للحصار'.

ويرى احمد سعداوي، (كاتب عراقي) ان تقديم 'الذات - الجسد' والتعبير عن سلامته يتجلى بأوضح صورة في اقدام الامهات على تقبيل ابنائهن بهذا الشكل المفرط، وتبين 'ان الجسد العراقي انتقل عبر 'بوابة التاسع من ابريل' عام 2003 من حظيرة الراعي الى الغابة، ومن انفتاح ناقص غير اصيل في التعامل الثقافي مع الجسد، الى انغلاق اكثر اصالة، ومن الجسد كهدف للاستعمالات السلطة الى الجسد كهدف لنيران السلطات،. ومن الجسد كوعاء للايديولوجيا الواحدة، الى الجسد كسجن، وحاجز كونكريتي امام تجارب الايديولوجيات، فيما بينها، واضاف 'ان تقديس جسدي وحمايته الاولية في ظل هذه الصور المرعبة هي ان يكون جسدا عموميا غير شخصي يشبه اجساد الآخرين لا ميزة له ولا فارق!

غلو العواطف

واصر وجيه عباس، (شاعر عراقي) على ان الشعب العراقي الممتلئ حياء دخل مرغما الى حضارة 'الحب العذري'، بافراطه في القبلات، واضاف 'اعتقد ان العراقيين مغالون في كل شيء، وهناك الكثير من الوقائع التاريخية تدعم هذه المغالاة، وروى وجيه حادثة حصلت في عهد الخلفاء الراشدين قال 'يروى ان عبدالله بن عمر، 'رضي الله عنهما'، مر بعمال يبنون مسجدا، وكان كل عامل يحمل لبنة واحدة، باستثناء عامل واحد كان ينوء بحمل لبنتين، فسأله عبدالله: أأنت عراقي، فأجابه العامل: نعم، فقال عبدالله 'سبحان الله، مغالون حتى في طاعتكم!'.

قبلات صدامية: ممنوع أحمر الشفاه للزائرات

واشار ضابط سابق في الجيش العراقي المنحل الى ان مصافحة وتقبيل الرئيس العراقي الاسبق صدام حسين، التي كانت تشاهد من على شاشات التلفزيون خضعت على ما يبدو الى ضوابط وتعليمات خاصة، يقول الضابط السابق 'كلنا يتذكر ان كوادر اتحاد نساء العراق السابق كن يمتنعن عن وضع احمر الشفاه ليتمكن من تقبيل 'الريس' كما ان الوزراء السابقين وقادة الفيالق والفرق والالوية والشخصيات السياسية والادبية ورؤساء العشائر والاهالي كانوا يتبعون تعليمات خاصة في اداء التحية والمصافحة والعناق' .
ويضيف الضابط 'كانت فئة محدودة جدا تقبل الرئيس الاسبق، وهناك فئة اخرى يسمح لها بتقبيل كتفه الايسر لمرة واحدة فقط، اما الفئة الثالثة فيسمح لها بتقبيل صدره، وهناك فئة تقبله في اسفل صدره، وهنا العديد من الرجال والنساء والاطفال كان يقبل يده'.

.. وقبلة هوائية للفنانين

الفنانون العراقيون مولعون بالقبل، ويعتبرون الاكثار منها جزءا من مظهر ثقافتهم الخارجي، وكثيرا ما يقبل الفنان زميله امام الحضور، بل ويعانقه احيانا، وفي حال فوز احدهم بجائزة ما، فسوف يتعرض الى سيل من القبلات.. اما الفنانات فقد طغى على تحيتهن نوع جديد من القبل، حيث تلصق الفنانة خدها بخد زميلتها، ثم ينغمرن بموجة من القبلات الهوائية.

وكثيرا ما عبر الفنانون من على خشبة المسرح عن شكرهم للجمهور من خلال تقبيل اصابع يدهم ورمي القبلة على الجمهور ويرى حسين السلمان (كاتب مسرحي عراقي) ان المبالغة في القبلات عند الفنانين لا تخلو من الرياء بل ان اغلبها تبدو مزيفة، واضاف 'ان تقييم المنجز الفني وابداء الاعجاب به تحدده الكتابات النقدية وليس دزينة من القبلات الكاذبة على حد وصفه.

ويبدو ان اداء التحية الممزوجة بالقبلات في العراق عموما قد اكتسب تقليلا 'قبلاتيا' ثابتا، وباتت التحية المقتصرة على المصافحة تضمر نوعا من البرود، مما ابعدها عن المدلولات الدينية والتراثية للتحية العربية والاسلامية على حد زعم سعدون الحسيني، امين عام رابطة الامام والرسالة المحمدية، الذي وصف هذا الافراط بأنه تقليد غير محبذ فرضه هاجس الخوف من فقدان الناس أحبابهم في ظل الانفجارات الدموية اليومية، واضاف 'كانت التحية في عهد الرسول محمد، صلى الله عليه وآله وسلم، وفي عهد الخلفاء الراشدين هي تحية شفاهية في اغلبها، وكانت تقتصر احيانا على العناق ولكن بلا قبلات'.

والملاحظ ان عددا من العراقيين بدأوا يبدون انزعاجهم من اصرار البعض على تقبيلهم يوميا. ويقول خالد، (طالب جامعي) 'انه يعاني من حساسية تجاه رائحة الفم، وكثيرا ما يشعر زملاؤه بذلك، ولكن من دون جدوى، وقد عمد في الآونة الاخيرة الى مد يده اثناء المصافحة وعدم ثنيها لصد الآخر ومنعه من التقبيل. غير ان تلك الطريقة المبتدعة جلبت له الكثير من الاتهامات الباطلة على حد قوله.
وبنظر حسين علاوي، (كاتب وباحث عراقي)، فإن الذي يرفض التقبيل اثناء المصافحة هو اما مريض او 'شرير'، ولا ينبغي له ان يعبث بهذا التقليد ويقلل من اشراقاته الروحية والنفسية، ويرى علاوي 'ان القبلات هي صورة خارجية للتعبير عن المودة والمحبة في زمن اشباح الموت التي تترصد كل عراقي وبدون رحمة'.

الرعب والحب والعودة إلى الطفولة

يعتقد حميد المختار، قاص وروائي عراقي، ان جذور هذه الظاهرة تعود الى اكثر من نصف قرن، وتحديدا مع توافد القبائل الجنوبية الى العاصمة، ابان عهد الاقطاع، حيث جلبت معها هذا التقليد، وبدأ ينتشر بين الرجال والنساء.
واضاف 'بعد اضطراب الوضع الامني وتأجيج الصراع الطائفي بين شرائح الشعب، عمد العراقيون على ما يبدو الى الافراط في تقبيل بعضهم البعض، ليس بسبب الرعب المتفشي في كل مرافق الحياة وحسب، وانما للتأكيد على الحب المتبادل بين الافراد، ولإثبات صورته الجميلة للعالم اجمع'.

واعاد المختار الى الاذهان صورة مشابهة حصلت في الجزائر ابان الاحتلال الفرنسي، في بداية القرن الماضي، قال 'كان المواطن الجزائري يصر على مناداة اي مواطن آخر لا يعرف اسمه بكلمة واحدة 'يا محمد'، في محاولة منهم للحفاظ على هويتهم العربية والاسلامية'.

حميد يؤكد ايضا 'ان العراقيين بدأوا يؤسسون لهويتهم الوطنية العراقية من خلال الافراط في القبل فيما بينهم، لإظهار تكاتف شرائحهم المختلفة، رغم ما يعتريها من تشويه وتقتيل'.

وصنف الدكتور راسل كاظم، من كلية الفنون - جامعة بغداد، هذه الظاهرة العراقية الى صنفين، قال: 'كانت القبلات قديما تظهر المودة والاشتياق والتكريم بين الافراد، خصوصا في المناسبات، في حين اخذت تعبر الآن عن كل صور المواساة المتبادلة بين العراقيين.

ويرى راسل 'ان العراقي الذي يواسي صاحبه انما يواسي نفسه ايضا، ويواسي الحياة العراقية التي فقدت كل مباهجها ورونقها القديم. واضاف 'ارى ان مؤثرات واشتراطات (القبلة العراقية) قد تضاعفت في الآونة الاخيرة، وباتت سمة شائعة من سمات الشارع العراقي، وكثيرا ما اشعر وانا ارى مئات العراقيين وهم يقبلون بعضهم بعضا، اننا نعود الى طفولتنا، كوننا نلوذ بعضنا ببعض الآخر مع اشتداد المصائب والمخاطر من حولنا، تماما مثلما يهرع الاطفال الى احضان امهاتهم حال شعورهم بالخطر'.


كراج النهضة.. واحة القبلات

كراج النهضة الشهير وسط العاصمة بغداد هو ملتقى العراقيين جميعا، من شماله الى جنوبه، ففيه تجد العرب والكرد والمسلمين بكل مذاهبهم، اضافة الى عراقيين من اديان اخرى، وتجد على ارضيته المليئة بالنفايات، يقف ابن المدينة الى جانب ابن الريف، والمتعلم الى جانب الامي والشيخ الطاعن في السن الى جانب طفل مأخوذ بهذا الجمع الغفير من المسافرين والسيارات الصغيرة والكبيرة.

واذا كان المسافر 'قديما' يكتفي بتلويحة قصيرة من يده، تبادلها تلويحة صغيرة من ايادي موديعه، فهو اليوم يبدو نهما في اغراق مودعيه بالقبلات الحارة قبل ان يغرق هو بقبلاتهم. حتى غدت ارضية الكراج واحة من القبلات الحارة المختلطة بدموع المسافرين ومودعيهم. وما عادت نداءات السائقين وترويجهم لحداثة سياراتهم وخطوط رحلاتهم مسموعة وسط صخب المسافرين وذويهم الذين كانوا يودعون المسافرين وكأنهم مقادون الى حبل المشنقة.

هنا في كراج النهضة تظهر القبلات في انقى واشهر صورها، وتغدو تحية الوداع مؤلفة من الف قبلة وقبلة، وسط هاجس القلق من انفجار سيارة مفخخة ربما تحيل كل تلك القبلات الى اشلاء في ذاكرة الكراج المتخمة بذكريات لا تنسى منذ ما يقرب من نصف قرن.