المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل سيحاكم صدام ؟



الدكتور عادل رضا
07-03-2004, 08:33 PM
أن معرفة الخبر ليست الشيء الوحيد المطلوب الالمام به من المحللين السياسيين و الاشخاص الحركيون, بل أن الامر الاهم و الاكثر أهمية هو العلم بما وراء الخبر , و الهدف من الخبر, و من هوالمصدر الناقل للخبر , و الخلفيات التنظيمية و الفكرية و الاهداف الاستراتيجية لمن بث الخبر الي العالم .

أن هناك قول بأن هناك محاكمة للوحش صدام بن أبيه الديكتاتور القاتل , أن هذا خبر جميل , و أن كان لا يحقق العدالة النهائية بأعتقادي , لان هذا المجرم قد تسبب في قتل الملايين و دمر حياة ملايين أخريين ممن ظلوا علي قيد الحياة , لذلك نحن نعتقد أن العدالة الحقيقية للطاغوت صدام ستكون في يوم القيامة , و أعتقد أن ما قاله الامام روح الله الخميني هو شيء صحيح , حين ذكر بما معناه :

أن العدالة ليست أن تقتل من قتل الالاف أو الملايين مرة واحدة فقط , فهناك أختلال في الميزان , أن ذلك الامر الاخير في وجوب تحقيق العدالة المنصفة , تلهمنا و تعطينا أحد الادلة علي وجود يوم أخر سيتواجد به البشر لتحقيق العدالة الكاملة , و هو المعاد الاخروي للبشر ( كتاب الكوثر للامام روح الله الخميني )

أذن ليست هناك عدالة كاملة حتي بالحكم علي أعدام صدام , و أيضا ليس هناك تعويض لمن فقد سنون كثيرة من عمره في غياهب المعتقلات و السجون البعثية , ومن تدمرت شخصيته , و تحطمت أنسانيته تحت التعذيب الوحشي للآزلام صدام و زبانيته, فكيف نعيد أحلي سنين العمر المفقودة ؟و كيف نصلح الجرح النفسي الموجود في الروح ؟ و.......... كيف؟...... و كيف ؟

أن صدام و نظامه قد خلق ألآما لا تندمل و جروحا لا تطيب , مهما كان العقاب و مهما كان التعويض المادي .

فلماذا المحاكمة ؟

أن صدام بن أبيه , و هو المهووس بالتاريخ سيحاول أن يسجل عدة نقاط كلامية , ليسجلها التاريخ له أثناء سير المحاكمة ,و أزلامه في الخارج كما هي العادة , سيحاولون أثارة الاعلام لصالحه من ناحية و من ناحية أخري سيسعون ألي تدويل القضية , لمنع أصدار حكم الاعدام , لضمان تحقيق نصر شكلي في بقاء الطاغية المقبور حيا علي قيد الحياة علي الاقل بالمقارنة مع أعدامه أذا تمت محاكمته في العراق , ليتسني له تسجيل نقاط للتاريخ من خلال كتابة المذكرات أو التنظير الايديولوجي , في سجن دولي أقرب الي الفندق ذو الخمسة نجوم , مع وجود مجال للاعلام الدولي للدخول و الخروج علي الطاغية ليمارس هوايته في صناعة التاريخ المزيف و التنظير المتناقض مع حركة صدام علي أرض الواقع .

هذا من جهة أنصار الشر الاسود لصدام و اتباعه الاوغاد المنحطين السفلة , أما من جهة اباء صدام و الوريد الذي ظل يغذي صدام و نظامه طيلة الخمسة و الثلاثين عاما بالدم الصانع للحياة و البقاء , في مقابل ضمان نظام البعث , لقلقلة الساحة العربية و خلق التوتر و القلاقل الخادمة لاسرائيل الصهيونية ( أنظر كتاب العراق لحنا بطاطو , و كتاب الكوثر للامام الخميني , و مذكرات قادة و رموز أنقلاب البعث الثاني , ومصادر أخري تثبت تلك النقطة الاخيرة )

أن هؤلاء أمرهم غريب , فلماذا المحاكمة من طرفهم و هذه المحاكمة ستكشف عن مقدار الوساخة و القذارة التي تعمل بها القوي الغربية في الشرق , و مقدار التناقض بين ما يقال علي وسائل الاعلام الغربي من حرية و ديمقراطية و الموقف الاستخباراتي و العملي المتخذ و المطبق علي أرض الواقع المتناقض مع ما يقال في الاعلام الغربي المزور للحقائق .

أن القوي الغربية تخاف أن يتحول التوثيق الاكاديمي الموجود و المعروف لدي النخبة السياسية و الثورية, المخلصة لقضايا الانسانية و تحرير البشر من الظلم , أن تلك القوي الغربية مرعوبة من أنتقال حالة المعرفة الحقيقية الموجودة لدي النخب الحركية الانقلابية عن الغرب و حقيقته القذرة , من أنتقالها ألي حالة أعلامية فضائحية علي مستوي جماهير الامة الواعية و الغير الواعية ( الغوغائية ) , فيكون الاحراج الكبير لتلك الدول , و توثيق أكبر علي نطاق شعبي لجرائم الغرب الاستكباري ضد الانسانية المعذبة , مما سينتج عنه غير مسألة التوثيق التاريخي و الفضح التاريخي الواسع , منتوجات ثانوية تتعلق بأهتزاز العلاقات الدولية و المصالح الاقتصادية , و تأخير مسيرة الامبريالية الجديدة( العولمة ) و أهتزاز أكثر من مشروع مضاد لمواقع التحرر في العالم الشرقي ( الجمهورية الاسلامية و كوبا كمثال ) مما سيخدم أستمرار بقاء هذه المواقع و تقوية وجودها و أمور أخري .

أذن لماذا يعلن الغرب عن النية لمحاكمة صدام ؟ و في هذه المحاكمة الضرر الاكبر للغرب .

هناك أراء كثيرة , و منها هو أن الغرب يريد أن يحاكم صدام دون السماح له بالتحرك الاعلامي و الكلامي مما يؤدي الي فضح أسرار التعاون بين أنظمة الغرب و حكم البعث , أما عن طريق ألية المحاكمة نفسها , و أما عن طريق أعطاء صدام أحد أنواع الحقن التي تسبب , قتل جزئي للذاكرة , و خلق أنواع من الهذيان عند الكلام , مما سيخلق حالة من الضحك عند المتلقين لاجوبة الشيطان صدام عند المحاكمة , و هذا الراي الاخير يستند ألي مسألة أنه الاعلام الغربي بدأ بتهيأة الراي العام العالمي بتلك المسألة عن طريق بث تصريحات غريبة لصدام أثناء التحقيق , مما يعطي المتلقي الاعلامي نوعا من الاشارة الغير مباشرة علي عدم أتزان صدام العقلي , فبالتالي عدم مسئوليته عن أقواله , من ثم غض الطرف عن ما يقول ,و أيضا عن طريق تلك الادوية المعينة , التي تفقد الذاكرة تدريجيا , يمكن أرغام صدام علي السكوت عن تفاصيل مزعجة كثيرة و كبيرة تزعج الغرب و تكشف أجرامه .

هذا كان أحد الاراء و هو رأي بوليسي قصصي سخيف برأيي , و أعتقد أنا شخصيا أن الغرب لن يسمح بمحاكمة صدام بأي حال من الاحوال للاسباب التي ذكرناها أعلاه و لا حاجة للتكرار , لذلك أعتقد أن مسألة تصفيته بشكل أو باخر قبل المحاكمة , هو ما سيكون , و الله أعلم .

و هناك رأي غريب و لكنه رأي مهم أيضا ؟!

و يقول هذا الرأي ان الولايات المتحدة الامريكية ستسعي الي التوصل الي أتفاق مقايضة سري مع صدام , يتيح له العيش الكريم المرفه أو تسوية سياسية معينة له , بمقابل القول أن أسلحة الدمار الشامل غير الموجودة بالعراق قد تم نقلها ألي أيران أو سوريا أو الدولتين معا , ليتسني للولايات المتحدة و حلفائها الحصول علي عذر للتدخل العسكري في هذه الدول و القضاء علي قلاع المقاومة الصامدة الوحيدة في المنطقة ضد الصهيونية و الكيان السرطاني أسرائيل الخبيثة .

و هذا رأي يستحق المناقشة و التحليل .

و هناك الطرف الاخير ممن يريد المحاكمة و هم أهل الخير , هم من ظلموا من الشيطان صدام ومن أباء صدام ( الغرب الاستعماري الاستكباري المجرم ), أن هؤلاء يريدون العدالة الجزئية في هذه الدنيا الفانية علي الاقل , مع فضح أشرار العالم و أباليسه , ممن غذوا الظلم و الاضطهاد و القتل و التعذيب , طوال السنين , لاجل مصالحهم الخاصة , دون النظر الي الانسانية المعذبة , التي عانت و عانت من صدام و أزلام صدام بن أبيه علي مدي خمسة و ثلاثين عاما .

أن هذا الطرف الاخير هو الطرف الذي نتمني له النصرة و الانتصار في معركته القديمة الجديدة .