زهير
02-20-2007, 09:47 AM
المصري اليوم
الدكتور محمد عمارة في حوار مع مجدي مهنا في «في الممنوع»
إعداد - محاسن السنوسي
أثار كتاب «فتنة التكفير ما بين الشيعة والوهابية والصوفية» للدكتور محمد عمارة ضجة كبيرة في الأسابيع الماضية وصل مداها إلي إقامة دعاوي قضائية من جانب قيادات ومرجعيات قبطية ضد عمارة بسبب بعض الاقتباسات التي لجأ إليها المؤلف من التراث وهي تُكفر المسيحيين، واضطر عمارة للاعتذار فيما قامت وزارة الأوقاف، التي كانت إحدي هيئاتها قد طبعت الكتاب من قبل، بجمعه وحرقه.
المفكر محمد عمارة كان ضيفاً علي الكاتب الصحفي مجدي مهنا من خلال برنامجه «في الممنوع» الذي تذيعه فضائية «دريم»، وفي الأسبوع الماضي خاض عمارة في هذه الأزمة وقصة «الكتاب المحروق»،
أما في الحلقة الثانية التي تمت إذاعتها أمس فركز علي محنة التكفير بين السنة والشيعة، ودعا عمارة خلال الحلقة، وبصراحة إلي تنقية التراث الإسلامي بشكل كامل ولو علي طريقة «ألف ليلة وليلة»، التي تم تهذيبها وإزالة اللغة الفاحشة منها، كما تحدث بصراحة عن الدولة الدينية وحزب الإخوان، وبدايته الماركسية وظروف تحوله الفكري ليصبح مرجعية إسلامية بارزة.. وإلي نص الحوار:
.. لماذا اخترت فكرة «فتنة التكفير ما بين الشيعة والوهابية والصوفية» ولم تطرح فكرة التكفير ما بين الشيعة والسنة؟
- أولاً، آفة التكفير ما بين صفوف المسلمين فُحش فكري، والمسلمون السنة يشكلون ٩٠% من تعداد الأمة الإسلامية ولا يكفرون أحداً ينطق الشهادتين، أما الـ١٠% الباقية من المسلمين نجد منهم البعض يُكّفِر ابن تيمية مثل الصوفية، وأخص بالذكر الطريقة العزمية، والذين يقولون إن ابن تيمية أدخل التثليث بدلاً من التوحيد في العقيدة الإسلامية،
وأنه أشد كفراً من اليهود كما يُكفرون السلفية وغيرهم، أما الوهابية فإنهم يصنعون نفس البؤس الفكري فيكفرون الأشعرية والصوفية والشيعة، أما الشيعة فيكفرون الصحابة ويتحدثون عن عمر وأبي بكر بأنهما صنما قريش ويصفونهما بالجبت والطاغوت بل يكفرون أيضاً الأمة الإسلامية.
.. لكن هناك بعض الكتابات أكدت عدم صحة ذلك؟
- أرحب بأي شيعي يراجع التراث، في عام ١٩٨٥ ظهر كتاب للشيخ جعفر رسوليان بعنوان «أكذوبة تحريف القرآن بين الشيعة والسنة»، وقمت بكتابة مقدمة هذا المؤلف، كما أعدنا نشره ورحبت به أيضاً السفارة الإيرانية.
.. أفهم من حديثك أنك تتفق مع الشيخ يوسف القرضاوي في أن هناك خطراً علي السنة من الشيعة؟
- هذا الخطر مبالغ فيه بمعني، عندما بدأت حرب لبنان في يونيو الماضي، بعض البلاد كفرت حزب الله ورفضت الوقوف بجانبه، وأنا هاجمت هذه الفتوي وقلت إن الشيعة ليسوا سواء.
.. هل التراث وحده يحمل نقاط الخلاف بين الشيعة والسنة؟
- التراث القديم به ألغام تكفيرية، ومنذ زمن أنادي بحوار مغلق للحكماء بعيداً عن العامة والإعلام يحدد ماهية الحظر في التراث.
.. نقاط الاختلاف هي الأكثر أم الاتفاق بين الشيعة والسنة؟
- بالعكس نقاط الاتفاق هي الأكثر بينهما وأقول هنا: مع حرب لبنان الأخيرة بعض الشباب من السنة اتصلوا بي و أعربوا عن رغبتهم في التحول إلي الشيعة وناقشتهم في ذلك وأوضحت لهم إذا كان الشيعة يسبون عمر بن الخطاب، إذن من الذي نشر الإسلام ومن هزم التتار ومن قام بمعارك التحرير.
.. يعني هذا أن هناك خطراً من الشيعة علي السنة في مصر؟
- خطر محدود، وهذا ما أوضحته في مقالاتي.
.. لكن من يحارب الأمريكان في العراق الآن هم من الشيعة؟
- وفي المقابل، من يقاتل الأمريكان في كشمير وأفغانستان ومن يقاتل الإسرائيليين في فلسطين؟ إنهم السنة، أما حزب الله فهو يدافع عن عدد محدود من القري المقيمين بها، والواقع أننا بحاجة إلي توضيح المفاهيم علي مر التاريخ، ونؤكد أن من نشر الإسلام هم السنة.
.. الخلاف الظاهر ما بين السنة والشيعة في العراق ولبنان ودول الخليج.. هل هو خلاف مذهبي أم خلاف سياسي؟
- الخلاف الحالي بالدرجة الأولي هو خلاف سياسي، أمريكا تفجر المنطقة تحت شعار «الفوضي الخلاقة» وبلغ الأمر بنا أننا نحتاج إلي الدواء الأمريكي وهو المخطط الأمريكي، وكما نشرت في أحد مؤلفاتي عن الإسلام والأقليات أن أحد المستشرقين اليهود يدعو إلي تكوين ٣٢ كياناً سياسياً جديداً للعالم الإسلامي بهدف ضمان الأمن الإسرائيلي في المنطقة،
كما شدد بن جوريون في مذكراته عام ١٩٥٤ علي تثبيت وتقوية الميول الانعزالية للأقليات في العالم العربي، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل قال شارون في محاضرة عام ١٩٨١ إن هذه الأقليات هي شريكة لإسرائيل في المصير ولابد من أن تقف إسرائيل في مواجهة الإسلام والقومية العربية.
.. وما مدي أهمية هذه الندوة؟
- تؤكد هذه الندوة أن هناك مخططاً غربياً لتفجير المنطقة بواسطة الأقليات سواء كانت أقليات إسلامية متمثلة في الشيعة أوغيرهم.
.. كيف يكون هناك دور للشيعة وهم الذين يتصدون لهذا المخطط؟
- نعود مرة أخري ونقول ليس كل الشيعة سواء.
.. لكن نوري المالكي أعلن: إذا كانت أمريكا تخطط لضرب إيران فلن نسمح بذلك؟
- رغم التناقضات بين أمريكا وإيران فإن مصالحهما تقاطعت في أفغانستان متمثلة في الاتفاق علي كراهية طالبان، كما تقاطعت مصالح أمريكا وإيران في العراق أيضاً، لأن إيران لا تريد بلداً قوياً في الخليج.
.. هل يعيب إيران تحديداً أو الشيعة، أن لهم استراتيجية وفكراً ومشروعاً يواجه المشروع الاستعماري الأمريكي؟
- إبان حرب إسرائيل علي لبنان ادعي البعض أن إيران لها أجندة في المنطقة، وأنا قلت علي الفضائيات أين إذن الدول العربية؟! ومن الذي صنع الفراغ الذي تتمدد فيه إيران؟!، ومنذ متي كان لها نفوذ في لبنان؟!، وأعتقد أن هذا يحدث في غياب الدور المصري في لبنان، بل غياب الإسلام الوسطي المصري أتاح الفرصة للوهابية والشيعة للانتشار في أفريقيا.
.. أليست الوهابية والشيعة إسلاماً أيضاً؟
- إسلام، ولكن نقول هناك مذاهب متشددة ومذاهب معتدلة، وأن أهل السنة يمثلون التيار المعتدل الوسطي.
.. عودة لكتاب «فتنة التكفير» ما الذي خلصت إليه وأردت قوله؟
- أردت أن أقول إن منهج أهل السنة هو التحذير من التكفير ويقول في ذلك أبو حامد الغزالي: «لا يسارع إلي التكفير إلا الجهلاء، وأن الخطأ في ترك ألف كافر أهون من إراقة دم مسلم»، ويقول «نحن لا نكفر أهل السنة».
.. ومع ذلك وافق الغزالي علي تكفير غير المسلم؟
- هذه قصة أخري إذا اعتبرونا مؤمنين، والإسلام له ضوابط أهمها «لكم دينكم ولي دين».
.. في نقاط محددة، ما الذي خلصت إليه؟
- خلصت إلي تحديد موقع بؤر وألغام الخلاف الموجود في التراث وهي فكرة التكفير داخل مذاهب المسلمين.
.. في أحد فصول الكتاب جاء عنوان «ما العمل» وذكرت تحت هذا مطلبين الأول هو إصدار فتوي جماعية بين السنة والشيعة والسلفية بعدم تكفير أي من المذاهب الأخري لكل من ينطق بالشهادتين، أما المطلب الثاني فهو تهذيب كتب التراث بتطهيرها من أحكام التكفير.
- طالبت بأشياء عدة أهمها، دعوت منظمة المؤتمر الإسلامي بعقد مؤتمر لكل مفتيي العالم الإسلامي بإصدار فتوي «لا للتكفير»، أما المطلب الثاني وهو تهذيب التراث كما يحدث في تهذيب «ألف ليلة وليلة» من الفحش والأدب المكشوف وفقاً لحكم قضائي يقضي بحذف ما يتعارض مع الآداب كي نتمكن من تدريسها بالمدارس.
.. لكن هذا تراث كيف تحذف أجزاء منه، وهل من حق أحد أن يحذف جزءاً من مؤلفاتك بعد ٥٠٠ عام؟
- لدينا موثقون لتحقيق التراث ويطلق علي هذه الدراسات «تهذيب التراث»، وهناك فرق بين التهذيب والتحريف، وعندما نقول إن لدينا كتباً تصف الصحابيين الجليلين عمر وأبابكر بالجبت والطاغوت هل نترك ذلك يدرس في الحوزات العلمية أم نحذفه من التراث.
.. أليس من الأفضل أن نترك هذا التراث ونرفض ما هو كاذب أم نشير إليه؟
- أذكر هنا عندما جاء الخوميني إلي الحكم في إيران حذف هذا الإفك من الثقافة العامة والإعلام والجامعة، وهناك فرق بين خريجي الجامعة وخريجي الحوزة العلمية.
.. إذن ما دور الأزهر الشريف؟
- الأزهر له دور كبير ولكنه يمر بمرحلة ضعف منذ سنوات ويعود ذلك إلي آفة النظم المستبدة في العالم العربي والتي طوعت المؤسسات الدينية، وأتساءل هنا: لماذا يلجأ الشباب إلي مفت جاهل يطل عليه من الفضائيات؟! ببساطة، لأنه فقد ثقته في المؤسسة الدينية، وأقول إن الحاكم العاقل بإمكانه أن يجعل للمؤسسة الدينية هيبة ومصداقية بدلا من أن يستخدمها مطية في الأغراض السياسية.
.. إذن أنت تطالب بإبعاد المؤسسة الدينية عن العمل السياسي، فكيف يتحقق ذلك؟
- أن يكون لها مصادرها التمويلية أو وقفها الخاص بها ولا تمد يدها لأحد، فمنذ عهد محمد علي يتم تحجيم أوقاف الأزهر.
.. هل تعني أن يكون شيخ الأزهر بالانتخاب؟
- مشكلة الأزهر ليست في مشيخته ولكن المشكلة الحقيقية في التطويع الذي تم له وجعل منه مؤسسة ضعيفة، مثال ذلك، عندما ظهرت مشكلة وفاء قسطنطين وأعلنت إسلامها وجدنا شباباً من الكنيسة يستغيثون بشارون من أجل حمايتهم واتهام الأمن بالعنف ضدهم، وتم القبض علي هؤلاء الشباب ووضعهم في السجون، وجدنا رد الفعل من البابا شنودة الذي أعلن صومه لحين الإفراج عن هؤلاء الشباب المحتجزين، وفي المقابل عندما قدم طلبة الأزهر عرضاً فنياً في ساحة جامعتهم قامت قيادة الجامعة بوضعهم في السجون وحرمانهم من الجامعة.
.. لكن قراءة الموقفين مختلفة ولا يجوز المقارنة بينهما من وجهة نظري؟
- لك أن تختلف معي، ولكن ماذا تقول، هناك بعض أقباط المهجر أرسلوا ببرقية إلي شارون يطلبون منه حماية أقباط مصر كما حمي أجدادنا سيدنا يوسف وهذا ما نشر في الجرائد.
.. نتحدث عن أولويات الخطاب الديني، الشيخ القرضاوي له كتاب عن فقه أولويات الخطاب الديني، من وجهة نظرك ما تلك الأولويات؟
- أولاً: يجب أن تكون أولويات الخطاب الديني هي أولويات الأمة والتحرر الوطني والاستقلال.
ثانياً: التنوير التفكيري بدأ في الستينيات، وأنا قدمت مشروع الجمع والتحقيق والدراسة للأعمال الكاملة لرموز الفكر الوسطي الإسلامي أمثال محمد عبده وشلتوت والدكتور مصطفي عبدالرازق.
ثالثاً: العدل الاجتماعي لا سيما أننا نعيش في ظل نظام رأسمالي متوحش في بلاد يموت فيها ناس من التخمة وناس من الجوع.
رابعاً: وحدة الأمة وتكاملها فنحن أمة وحدتها فريضة دينية وحياتية.
.. ما علاقة هذه الأولويات بموضوع الدولة المدنية والدينية المثار حالياً؟
- كلمة الدولة الدينية خرافة لا علاقة لها بتراث الإسلام وتاريخه، وأتحدي من يتحدثون عن الدولة الدينية بأن يأتوا لي بحكومة فقهاء كانت في بلادنا باستثناء الشيعة كان لديهم دولة دينية.
.. البعض يخلطون ما بين السياسة والدين، ألا يؤدي ذلك إلي دولة دينية؟
- أنا قدمت نظرية توافقت مع كتابات عبدالرازق السنهوري باشا ونشرت إسلاميات السنهوري في مجلد أكدت فيها الفرق بين وحدة الدين والدولة والدولة الدينية وبين فصل الدين عن الدولة وهي الدولة العلمانية، فالإسلام يميز بين الدين والدولة.
.. ماذا تقصد بهذا التمييز؟
- بمعني أن الشوري مبدأ إسلامي، ولكن نظام الشوري يحدد بمجلس أو مجلسين وتحديد المدة يعود ذلك للنظام، كما لدينا مبدأ العدل وهو اسم من أسماء الله، ويطبق من خلال نظام الدولة سواء كان قطاعاً عاماً أو خاصاً أو تعاونياً نختلف فيه، كما أن العدل القضائي قد يتمثل في محكمة درجة واحدة أو اثنتين، إذن المؤسسات والآليات والنظم كلها مدنية يصنعها البشر ويطورونها، أما الأمر الآخر، وهو الأهم أن أهل السنة علي مر تاريخهم السياسي يعتبرونها من الفروع وليست من أصول العقيدة التي يحكمها الخطأ والصواب والنفع والضرر.
.. إذن ما الحد الفاصل بين الدولة الدينية والدولة المدنية؟
- الدولة الدينية تكون فيها الحكومة نائبة عن السماء ولا تُسأل عما تفعل وهو ما جسدته الدولة الكنسية، لا سلطة فيها للأمة، أما الدولة العلمانية هي الأمة والدولة ولا وجود فيها للشريعة، أما الدولة الإسلامية التي مرجعيتها الإسلام فهي دولة مدنية الشريعة، والأمة فيها وليس الحاكم نائبة عن السماء، وفيها الشريعة والأمة مصدرا السلطات والشريعة لها السيادة.
والبعض يقول إن هذا يتعارض مع المادة الثانية من الدستور التي تنص علي أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع.
الشريعة جاءت بمبادئ كلية، وقبل الإسلام كانت شرائع تأتي بالتفصيل.
.. ولكن الأمة مصدر السلطات ينطبق علي كل المواطنين سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين؟
- الإسلام بالنسبة للمسلم عقيدة وحضارة وقانون ولغير المسلم حضارة وقانون وأن الفقه الإسلامي قانون وضعي في إطار الشريعة وهذا لا يتعارض مع ما جاء في عقائد غير المسلمين.
.. بما أنك تتحدث عن الدولة الدينية والمدنية قلت في دفاعك عن الإخوان المسلمين إنهم يمثلون الاعتدال والوسطية بينما الدولة تري أنهم يشكلون خطراً علي الأمن القومي فما تعليقك؟
- أولاً لا علاقة لي بالمنظمات السياسية ولا الجمعيات .. الإخوان المسلمون في العالم الإسلامي يمثلون مدرسة الاعتدال والوسطية، أما مشكلتهم مع الحكومة فهي مشكلة سياسية.
.. لكن الإخوان قوة أخذت أكبر من حجمها الحقيقي؟
- موضوع الحجم يقوله صندوق الاقتراع.
.. هل توافق علي تأسيس حزب سياسي للإخوان؟
- نعم أوافق لأن الإخوان حركة دعوية وتربوية عريضة، لكن العمل السياسي من الفروع.
.. كيف تكون دعوية وسياسية في آن واحد؟
- لأن السياسة جزء من الإسلام، بمعني أن يكون لها جزء أخلاقي. ونجد في الغرب وفقاً للنظرة الميكيافيلية أن الغاية تبرر الوسيلة بينما يعرفها ابن تيمية في الإسلام بأنها هي التدابير التي يكون الناس معها أقرب إلي الصلاح وأبعد عن الفساد.
إذن السياسة مربوطة بضوابط أخلاقية.
.. قد يكون البداية لدولة دينية هي الخلط مابين الدين والسياسة؟
- الدولة الدينية أمر محسوم وأنا أول من يحاربها والإخوان لا ينادون بدولة دينية.
.. ترد الحكومة دائماً بأن ما يقوم به الإخوان هو دولة دينية؟
- هذه محاكمة للنوايا لو أن الإخوان بحاجة إلي تكوين حزب سياسي فليعلنوا أن مرجعيتهم الدستور المصري ولا نريد أكثر من ذلك، وأذكر هنا شجاعة الرئيس أنور السادات عندما أطلق مقولته «أنا حاكم مسلم لدولة مسلمة» وهي الحقيقة.
.. لكن التيار الإسلامي هو من قتل السادات في النهاية؟
- هناك فرق بين تيار العنف الذي قتل السادات وبين الإخوان.
.. كنت تمثل أي تيار ماركسي في فترة من فترات حياتك؟
- أنا كنت مسلماً أرسلني ربي في بعثة لدراسة الآخر وكتاباتي في ذلك التاريخ نشرتها الآن.
.. لكن في وقت من الأوقات كنت ماركسياً؟
- قلت إنني درست الغرب في قمته من الوجودية إلي الماركسية وفي فترة الدراسة بالجامعة كانت تصاحبها ثورة برز فيها المعسكر الاشتراكي، أما فترة النضج الفكري ومنذ بدأت التفرغ للمشروع الفكري في منتصف الستينيات كان مشروعي الإسلامي هو الدفاع عن الوسطية الإسلامية وتقديم هذا الفكر.
.. ما نقطة الضوء التي نقلتك من جانب إلي آخر؟
- مرجعيتي دائماً كانت هي الفكر الإسلامي ودخلت فترة إلي التفكير السياسي من خلال الحزب الاشتراكي ولم يكن في ذلك الوقت من يمثل السياسة سوي الفكر اليساري وكنت زعيماً وكان لي كتب وموقف ودخلت السجن.
.. لماذا ترفض كلمة الإسلام السياسي؟
- الكلمة تحمل معنيين الإسلام فيه سياسة، وهي مقبولة أما اختزال الإسلام في السياسة فهذا المعني مرفوض.
.. طرحت في أحد كتبك تعبيراً عن «الإسلام هو الحل» أليس هذا التعبير سياسياً؟
- طبعاً، ومن قال إن الإسلام ليس به سياسة، ولي مؤلف في هذا الشأن.
.. ما معني أن الإسلام هو الحل؟
- الماركسي يقول الماركسية هي الحل، وأيضاً القومي يقول عنده الحل، والليبرالي كذلك، كل هذا حلال، وعندما يقول المسلم إن الإسلام هو الحل يصبح هذا حراماً؟ المقصود بذلك هو المرجعية الإسلامية نصوغها في سياسات عامة ومشروع حضاري وكل هذا جهد بشري.
.. ما دخل الحلال والحرام في السياسة؟
- في السياسة سرقة وسلب ونهب وهذا كله حرام كل شيء به حلال وحرام.
.. الحلال والحرام له علاقة بالسلوك والممارسات والدين والعبادات؟
- هذا كلام في المسيحية مملكة المسيح ليست في هذا العالم بينما الإسلام دين ودولة سياسة واجتماع واقتصاد. والحلال والحرام يجعلاني أمشي علي الصراط المستقيم. فالشريعة
الإسلامية هي معالم طريقه.
.. لكن في الغرب يسيرون علي الصراط المستقيم فيما يتعلق بالأخلاق؟
- الغرب علماني، ويشكو الآن من العلمانية التي قتلت المسيحية.
.. لكن نحن نكذب ونسرق ونحن مسلمون والغرب عكس ذلك؟
- هم أكبر كذابين في العالم بوش كذب أكبر كذبة في التاريخ عندما قال إن العراق به أسلحة نووية، وقتل الغرب ٦٠ مليوناً في الحرب العالمية وفي فيتنام والعراق أليسوا هم المجرمون؟
.. كلمة المواطنة، البعض يري أن هناك تعارضاً بين كلمة المواطنة والمادة الثانية من الدستور التي تتحدث عن الشريعة الإسلامية.
- هذا موقف المتغربين ممن يأخذون النموذج الغربي مرجعية لهم، فالغرب لم يعرف المواطنة إلا علي أنقاض المسيحية والكنيسة ونحن من علمناهم المواطنة فالرسول عليه الصلاة والسلام عندما أسس دولة المدينة قال في دستورها: اليهود والمؤمنون أمة، المواطنة هي تفاعل بين المواطن والوطن حقوقاً وواجبات، وهي جزء من الشريعة الإسلامية وليس هناك تعارض مع الشريعة كما هو في الغرب وهذا ما تؤكده المادة الثانية من الدستور.
.. لجنة الحوار ما بين الأديان ماذا قدمت وما النتائج المترتبة عليها؟
- النتائج صفر، وحوار الأديان هو حوار الطرشان الحوار في الرؤية الإسلامية ليس مجرد فضيلة بل هو فريضة وله شروط تبادل المعرفة بين الطرفين، نحن نعترف بالآخر وهو لا يعترف بنا، والمحاورون حين يذهبون للتحاور مع الآخر نجدهم «طور الله في برسيمه» لا داري ولا فاهم بالآخر.
.. ما الذي يدور إذن في هذه اللجان؟
- يجلسون في فنادق خمس نجوم وأكل كويس ووفودنا تجلس مع الديانات الوضعية وليست الأديان السماوية لأن الآخر لا يعترف بأن الإسلام هو دين سماوي.
.. قلت إنك ترفض هذا الحوار ووصفته بأنه دعوة شيطانية؟
- لم أقل هذا التعبير إطلاقاً إنما قلت إن الحوار فريضة وليس فضيلة وله شروط ونستجمع هذه الشروط ونحاور كل الدنيا. فالقرآن كتاب حواري.
.. ألم تقل إن هذا الحوار يهدف إلي التأثير علي المسلمين؟
- هذا نص موجود في مؤتمر كولورادو عام ١٩٧٨ وهناك مقولة شهيرة للأمريكان إن الحوار لا يلغي الإجبار علي التحويل عن الدين.
.. هل تربط ما بين موقفك أو تحفظك علي مؤتمر كولورادو وما بين الحملة ضدك؟
- محتمل أن يكون هذا صحيحاً وأنا رددت علي البابا في ٣٠ حلقة تليفزيونية في القناة الثقافية .. وأنا مرابط علي ثغور الإسلام.
.. من أعطاك هذا الحق أو المرابطة؟
- هذا فريضة وليس حقاً، هذا الدين يحمله من كل جيل عدوله.
.. هل نحن بحاجة إلي فقه جديد في صياغة وصفة المرأة في الإطار الإسلامي.
- كتبت مؤلفاً في التحرير الإسلامي للمرأة وذكرت أن تحرر المرأة بالإسلام وراء تحررها من الإسلام؟
.. رغم ما يجري الآن من حديث حول تمكين المرأة من مكانة جديدة في القضاء والبرلمان؟
- البوتيكات الممولة من الخارج بما فيها البوتيك الذي قدم بلاغاً ضدي للنائب العام يعمل بأجندة ممولة من الخارج.
الدكتور محمد عمارة في حوار مع مجدي مهنا في «في الممنوع»
إعداد - محاسن السنوسي
أثار كتاب «فتنة التكفير ما بين الشيعة والوهابية والصوفية» للدكتور محمد عمارة ضجة كبيرة في الأسابيع الماضية وصل مداها إلي إقامة دعاوي قضائية من جانب قيادات ومرجعيات قبطية ضد عمارة بسبب بعض الاقتباسات التي لجأ إليها المؤلف من التراث وهي تُكفر المسيحيين، واضطر عمارة للاعتذار فيما قامت وزارة الأوقاف، التي كانت إحدي هيئاتها قد طبعت الكتاب من قبل، بجمعه وحرقه.
المفكر محمد عمارة كان ضيفاً علي الكاتب الصحفي مجدي مهنا من خلال برنامجه «في الممنوع» الذي تذيعه فضائية «دريم»، وفي الأسبوع الماضي خاض عمارة في هذه الأزمة وقصة «الكتاب المحروق»،
أما في الحلقة الثانية التي تمت إذاعتها أمس فركز علي محنة التكفير بين السنة والشيعة، ودعا عمارة خلال الحلقة، وبصراحة إلي تنقية التراث الإسلامي بشكل كامل ولو علي طريقة «ألف ليلة وليلة»، التي تم تهذيبها وإزالة اللغة الفاحشة منها، كما تحدث بصراحة عن الدولة الدينية وحزب الإخوان، وبدايته الماركسية وظروف تحوله الفكري ليصبح مرجعية إسلامية بارزة.. وإلي نص الحوار:
.. لماذا اخترت فكرة «فتنة التكفير ما بين الشيعة والوهابية والصوفية» ولم تطرح فكرة التكفير ما بين الشيعة والسنة؟
- أولاً، آفة التكفير ما بين صفوف المسلمين فُحش فكري، والمسلمون السنة يشكلون ٩٠% من تعداد الأمة الإسلامية ولا يكفرون أحداً ينطق الشهادتين، أما الـ١٠% الباقية من المسلمين نجد منهم البعض يُكّفِر ابن تيمية مثل الصوفية، وأخص بالذكر الطريقة العزمية، والذين يقولون إن ابن تيمية أدخل التثليث بدلاً من التوحيد في العقيدة الإسلامية،
وأنه أشد كفراً من اليهود كما يُكفرون السلفية وغيرهم، أما الوهابية فإنهم يصنعون نفس البؤس الفكري فيكفرون الأشعرية والصوفية والشيعة، أما الشيعة فيكفرون الصحابة ويتحدثون عن عمر وأبي بكر بأنهما صنما قريش ويصفونهما بالجبت والطاغوت بل يكفرون أيضاً الأمة الإسلامية.
.. لكن هناك بعض الكتابات أكدت عدم صحة ذلك؟
- أرحب بأي شيعي يراجع التراث، في عام ١٩٨٥ ظهر كتاب للشيخ جعفر رسوليان بعنوان «أكذوبة تحريف القرآن بين الشيعة والسنة»، وقمت بكتابة مقدمة هذا المؤلف، كما أعدنا نشره ورحبت به أيضاً السفارة الإيرانية.
.. أفهم من حديثك أنك تتفق مع الشيخ يوسف القرضاوي في أن هناك خطراً علي السنة من الشيعة؟
- هذا الخطر مبالغ فيه بمعني، عندما بدأت حرب لبنان في يونيو الماضي، بعض البلاد كفرت حزب الله ورفضت الوقوف بجانبه، وأنا هاجمت هذه الفتوي وقلت إن الشيعة ليسوا سواء.
.. هل التراث وحده يحمل نقاط الخلاف بين الشيعة والسنة؟
- التراث القديم به ألغام تكفيرية، ومنذ زمن أنادي بحوار مغلق للحكماء بعيداً عن العامة والإعلام يحدد ماهية الحظر في التراث.
.. نقاط الاختلاف هي الأكثر أم الاتفاق بين الشيعة والسنة؟
- بالعكس نقاط الاتفاق هي الأكثر بينهما وأقول هنا: مع حرب لبنان الأخيرة بعض الشباب من السنة اتصلوا بي و أعربوا عن رغبتهم في التحول إلي الشيعة وناقشتهم في ذلك وأوضحت لهم إذا كان الشيعة يسبون عمر بن الخطاب، إذن من الذي نشر الإسلام ومن هزم التتار ومن قام بمعارك التحرير.
.. يعني هذا أن هناك خطراً من الشيعة علي السنة في مصر؟
- خطر محدود، وهذا ما أوضحته في مقالاتي.
.. لكن من يحارب الأمريكان في العراق الآن هم من الشيعة؟
- وفي المقابل، من يقاتل الأمريكان في كشمير وأفغانستان ومن يقاتل الإسرائيليين في فلسطين؟ إنهم السنة، أما حزب الله فهو يدافع عن عدد محدود من القري المقيمين بها، والواقع أننا بحاجة إلي توضيح المفاهيم علي مر التاريخ، ونؤكد أن من نشر الإسلام هم السنة.
.. الخلاف الظاهر ما بين السنة والشيعة في العراق ولبنان ودول الخليج.. هل هو خلاف مذهبي أم خلاف سياسي؟
- الخلاف الحالي بالدرجة الأولي هو خلاف سياسي، أمريكا تفجر المنطقة تحت شعار «الفوضي الخلاقة» وبلغ الأمر بنا أننا نحتاج إلي الدواء الأمريكي وهو المخطط الأمريكي، وكما نشرت في أحد مؤلفاتي عن الإسلام والأقليات أن أحد المستشرقين اليهود يدعو إلي تكوين ٣٢ كياناً سياسياً جديداً للعالم الإسلامي بهدف ضمان الأمن الإسرائيلي في المنطقة،
كما شدد بن جوريون في مذكراته عام ١٩٥٤ علي تثبيت وتقوية الميول الانعزالية للأقليات في العالم العربي، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل قال شارون في محاضرة عام ١٩٨١ إن هذه الأقليات هي شريكة لإسرائيل في المصير ولابد من أن تقف إسرائيل في مواجهة الإسلام والقومية العربية.
.. وما مدي أهمية هذه الندوة؟
- تؤكد هذه الندوة أن هناك مخططاً غربياً لتفجير المنطقة بواسطة الأقليات سواء كانت أقليات إسلامية متمثلة في الشيعة أوغيرهم.
.. كيف يكون هناك دور للشيعة وهم الذين يتصدون لهذا المخطط؟
- نعود مرة أخري ونقول ليس كل الشيعة سواء.
.. لكن نوري المالكي أعلن: إذا كانت أمريكا تخطط لضرب إيران فلن نسمح بذلك؟
- رغم التناقضات بين أمريكا وإيران فإن مصالحهما تقاطعت في أفغانستان متمثلة في الاتفاق علي كراهية طالبان، كما تقاطعت مصالح أمريكا وإيران في العراق أيضاً، لأن إيران لا تريد بلداً قوياً في الخليج.
.. هل يعيب إيران تحديداً أو الشيعة، أن لهم استراتيجية وفكراً ومشروعاً يواجه المشروع الاستعماري الأمريكي؟
- إبان حرب إسرائيل علي لبنان ادعي البعض أن إيران لها أجندة في المنطقة، وأنا قلت علي الفضائيات أين إذن الدول العربية؟! ومن الذي صنع الفراغ الذي تتمدد فيه إيران؟!، ومنذ متي كان لها نفوذ في لبنان؟!، وأعتقد أن هذا يحدث في غياب الدور المصري في لبنان، بل غياب الإسلام الوسطي المصري أتاح الفرصة للوهابية والشيعة للانتشار في أفريقيا.
.. أليست الوهابية والشيعة إسلاماً أيضاً؟
- إسلام، ولكن نقول هناك مذاهب متشددة ومذاهب معتدلة، وأن أهل السنة يمثلون التيار المعتدل الوسطي.
.. عودة لكتاب «فتنة التكفير» ما الذي خلصت إليه وأردت قوله؟
- أردت أن أقول إن منهج أهل السنة هو التحذير من التكفير ويقول في ذلك أبو حامد الغزالي: «لا يسارع إلي التكفير إلا الجهلاء، وأن الخطأ في ترك ألف كافر أهون من إراقة دم مسلم»، ويقول «نحن لا نكفر أهل السنة».
.. ومع ذلك وافق الغزالي علي تكفير غير المسلم؟
- هذه قصة أخري إذا اعتبرونا مؤمنين، والإسلام له ضوابط أهمها «لكم دينكم ولي دين».
.. في نقاط محددة، ما الذي خلصت إليه؟
- خلصت إلي تحديد موقع بؤر وألغام الخلاف الموجود في التراث وهي فكرة التكفير داخل مذاهب المسلمين.
.. في أحد فصول الكتاب جاء عنوان «ما العمل» وذكرت تحت هذا مطلبين الأول هو إصدار فتوي جماعية بين السنة والشيعة والسلفية بعدم تكفير أي من المذاهب الأخري لكل من ينطق بالشهادتين، أما المطلب الثاني فهو تهذيب كتب التراث بتطهيرها من أحكام التكفير.
- طالبت بأشياء عدة أهمها، دعوت منظمة المؤتمر الإسلامي بعقد مؤتمر لكل مفتيي العالم الإسلامي بإصدار فتوي «لا للتكفير»، أما المطلب الثاني وهو تهذيب التراث كما يحدث في تهذيب «ألف ليلة وليلة» من الفحش والأدب المكشوف وفقاً لحكم قضائي يقضي بحذف ما يتعارض مع الآداب كي نتمكن من تدريسها بالمدارس.
.. لكن هذا تراث كيف تحذف أجزاء منه، وهل من حق أحد أن يحذف جزءاً من مؤلفاتك بعد ٥٠٠ عام؟
- لدينا موثقون لتحقيق التراث ويطلق علي هذه الدراسات «تهذيب التراث»، وهناك فرق بين التهذيب والتحريف، وعندما نقول إن لدينا كتباً تصف الصحابيين الجليلين عمر وأبابكر بالجبت والطاغوت هل نترك ذلك يدرس في الحوزات العلمية أم نحذفه من التراث.
.. أليس من الأفضل أن نترك هذا التراث ونرفض ما هو كاذب أم نشير إليه؟
- أذكر هنا عندما جاء الخوميني إلي الحكم في إيران حذف هذا الإفك من الثقافة العامة والإعلام والجامعة، وهناك فرق بين خريجي الجامعة وخريجي الحوزة العلمية.
.. إذن ما دور الأزهر الشريف؟
- الأزهر له دور كبير ولكنه يمر بمرحلة ضعف منذ سنوات ويعود ذلك إلي آفة النظم المستبدة في العالم العربي والتي طوعت المؤسسات الدينية، وأتساءل هنا: لماذا يلجأ الشباب إلي مفت جاهل يطل عليه من الفضائيات؟! ببساطة، لأنه فقد ثقته في المؤسسة الدينية، وأقول إن الحاكم العاقل بإمكانه أن يجعل للمؤسسة الدينية هيبة ومصداقية بدلا من أن يستخدمها مطية في الأغراض السياسية.
.. إذن أنت تطالب بإبعاد المؤسسة الدينية عن العمل السياسي، فكيف يتحقق ذلك؟
- أن يكون لها مصادرها التمويلية أو وقفها الخاص بها ولا تمد يدها لأحد، فمنذ عهد محمد علي يتم تحجيم أوقاف الأزهر.
.. هل تعني أن يكون شيخ الأزهر بالانتخاب؟
- مشكلة الأزهر ليست في مشيخته ولكن المشكلة الحقيقية في التطويع الذي تم له وجعل منه مؤسسة ضعيفة، مثال ذلك، عندما ظهرت مشكلة وفاء قسطنطين وأعلنت إسلامها وجدنا شباباً من الكنيسة يستغيثون بشارون من أجل حمايتهم واتهام الأمن بالعنف ضدهم، وتم القبض علي هؤلاء الشباب ووضعهم في السجون، وجدنا رد الفعل من البابا شنودة الذي أعلن صومه لحين الإفراج عن هؤلاء الشباب المحتجزين، وفي المقابل عندما قدم طلبة الأزهر عرضاً فنياً في ساحة جامعتهم قامت قيادة الجامعة بوضعهم في السجون وحرمانهم من الجامعة.
.. لكن قراءة الموقفين مختلفة ولا يجوز المقارنة بينهما من وجهة نظري؟
- لك أن تختلف معي، ولكن ماذا تقول، هناك بعض أقباط المهجر أرسلوا ببرقية إلي شارون يطلبون منه حماية أقباط مصر كما حمي أجدادنا سيدنا يوسف وهذا ما نشر في الجرائد.
.. نتحدث عن أولويات الخطاب الديني، الشيخ القرضاوي له كتاب عن فقه أولويات الخطاب الديني، من وجهة نظرك ما تلك الأولويات؟
- أولاً: يجب أن تكون أولويات الخطاب الديني هي أولويات الأمة والتحرر الوطني والاستقلال.
ثانياً: التنوير التفكيري بدأ في الستينيات، وأنا قدمت مشروع الجمع والتحقيق والدراسة للأعمال الكاملة لرموز الفكر الوسطي الإسلامي أمثال محمد عبده وشلتوت والدكتور مصطفي عبدالرازق.
ثالثاً: العدل الاجتماعي لا سيما أننا نعيش في ظل نظام رأسمالي متوحش في بلاد يموت فيها ناس من التخمة وناس من الجوع.
رابعاً: وحدة الأمة وتكاملها فنحن أمة وحدتها فريضة دينية وحياتية.
.. ما علاقة هذه الأولويات بموضوع الدولة المدنية والدينية المثار حالياً؟
- كلمة الدولة الدينية خرافة لا علاقة لها بتراث الإسلام وتاريخه، وأتحدي من يتحدثون عن الدولة الدينية بأن يأتوا لي بحكومة فقهاء كانت في بلادنا باستثناء الشيعة كان لديهم دولة دينية.
.. البعض يخلطون ما بين السياسة والدين، ألا يؤدي ذلك إلي دولة دينية؟
- أنا قدمت نظرية توافقت مع كتابات عبدالرازق السنهوري باشا ونشرت إسلاميات السنهوري في مجلد أكدت فيها الفرق بين وحدة الدين والدولة والدولة الدينية وبين فصل الدين عن الدولة وهي الدولة العلمانية، فالإسلام يميز بين الدين والدولة.
.. ماذا تقصد بهذا التمييز؟
- بمعني أن الشوري مبدأ إسلامي، ولكن نظام الشوري يحدد بمجلس أو مجلسين وتحديد المدة يعود ذلك للنظام، كما لدينا مبدأ العدل وهو اسم من أسماء الله، ويطبق من خلال نظام الدولة سواء كان قطاعاً عاماً أو خاصاً أو تعاونياً نختلف فيه، كما أن العدل القضائي قد يتمثل في محكمة درجة واحدة أو اثنتين، إذن المؤسسات والآليات والنظم كلها مدنية يصنعها البشر ويطورونها، أما الأمر الآخر، وهو الأهم أن أهل السنة علي مر تاريخهم السياسي يعتبرونها من الفروع وليست من أصول العقيدة التي يحكمها الخطأ والصواب والنفع والضرر.
.. إذن ما الحد الفاصل بين الدولة الدينية والدولة المدنية؟
- الدولة الدينية تكون فيها الحكومة نائبة عن السماء ولا تُسأل عما تفعل وهو ما جسدته الدولة الكنسية، لا سلطة فيها للأمة، أما الدولة العلمانية هي الأمة والدولة ولا وجود فيها للشريعة، أما الدولة الإسلامية التي مرجعيتها الإسلام فهي دولة مدنية الشريعة، والأمة فيها وليس الحاكم نائبة عن السماء، وفيها الشريعة والأمة مصدرا السلطات والشريعة لها السيادة.
والبعض يقول إن هذا يتعارض مع المادة الثانية من الدستور التي تنص علي أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع.
الشريعة جاءت بمبادئ كلية، وقبل الإسلام كانت شرائع تأتي بالتفصيل.
.. ولكن الأمة مصدر السلطات ينطبق علي كل المواطنين سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين؟
- الإسلام بالنسبة للمسلم عقيدة وحضارة وقانون ولغير المسلم حضارة وقانون وأن الفقه الإسلامي قانون وضعي في إطار الشريعة وهذا لا يتعارض مع ما جاء في عقائد غير المسلمين.
.. بما أنك تتحدث عن الدولة الدينية والمدنية قلت في دفاعك عن الإخوان المسلمين إنهم يمثلون الاعتدال والوسطية بينما الدولة تري أنهم يشكلون خطراً علي الأمن القومي فما تعليقك؟
- أولاً لا علاقة لي بالمنظمات السياسية ولا الجمعيات .. الإخوان المسلمون في العالم الإسلامي يمثلون مدرسة الاعتدال والوسطية، أما مشكلتهم مع الحكومة فهي مشكلة سياسية.
.. لكن الإخوان قوة أخذت أكبر من حجمها الحقيقي؟
- موضوع الحجم يقوله صندوق الاقتراع.
.. هل توافق علي تأسيس حزب سياسي للإخوان؟
- نعم أوافق لأن الإخوان حركة دعوية وتربوية عريضة، لكن العمل السياسي من الفروع.
.. كيف تكون دعوية وسياسية في آن واحد؟
- لأن السياسة جزء من الإسلام، بمعني أن يكون لها جزء أخلاقي. ونجد في الغرب وفقاً للنظرة الميكيافيلية أن الغاية تبرر الوسيلة بينما يعرفها ابن تيمية في الإسلام بأنها هي التدابير التي يكون الناس معها أقرب إلي الصلاح وأبعد عن الفساد.
إذن السياسة مربوطة بضوابط أخلاقية.
.. قد يكون البداية لدولة دينية هي الخلط مابين الدين والسياسة؟
- الدولة الدينية أمر محسوم وأنا أول من يحاربها والإخوان لا ينادون بدولة دينية.
.. ترد الحكومة دائماً بأن ما يقوم به الإخوان هو دولة دينية؟
- هذه محاكمة للنوايا لو أن الإخوان بحاجة إلي تكوين حزب سياسي فليعلنوا أن مرجعيتهم الدستور المصري ولا نريد أكثر من ذلك، وأذكر هنا شجاعة الرئيس أنور السادات عندما أطلق مقولته «أنا حاكم مسلم لدولة مسلمة» وهي الحقيقة.
.. لكن التيار الإسلامي هو من قتل السادات في النهاية؟
- هناك فرق بين تيار العنف الذي قتل السادات وبين الإخوان.
.. كنت تمثل أي تيار ماركسي في فترة من فترات حياتك؟
- أنا كنت مسلماً أرسلني ربي في بعثة لدراسة الآخر وكتاباتي في ذلك التاريخ نشرتها الآن.
.. لكن في وقت من الأوقات كنت ماركسياً؟
- قلت إنني درست الغرب في قمته من الوجودية إلي الماركسية وفي فترة الدراسة بالجامعة كانت تصاحبها ثورة برز فيها المعسكر الاشتراكي، أما فترة النضج الفكري ومنذ بدأت التفرغ للمشروع الفكري في منتصف الستينيات كان مشروعي الإسلامي هو الدفاع عن الوسطية الإسلامية وتقديم هذا الفكر.
.. ما نقطة الضوء التي نقلتك من جانب إلي آخر؟
- مرجعيتي دائماً كانت هي الفكر الإسلامي ودخلت فترة إلي التفكير السياسي من خلال الحزب الاشتراكي ولم يكن في ذلك الوقت من يمثل السياسة سوي الفكر اليساري وكنت زعيماً وكان لي كتب وموقف ودخلت السجن.
.. لماذا ترفض كلمة الإسلام السياسي؟
- الكلمة تحمل معنيين الإسلام فيه سياسة، وهي مقبولة أما اختزال الإسلام في السياسة فهذا المعني مرفوض.
.. طرحت في أحد كتبك تعبيراً عن «الإسلام هو الحل» أليس هذا التعبير سياسياً؟
- طبعاً، ومن قال إن الإسلام ليس به سياسة، ولي مؤلف في هذا الشأن.
.. ما معني أن الإسلام هو الحل؟
- الماركسي يقول الماركسية هي الحل، وأيضاً القومي يقول عنده الحل، والليبرالي كذلك، كل هذا حلال، وعندما يقول المسلم إن الإسلام هو الحل يصبح هذا حراماً؟ المقصود بذلك هو المرجعية الإسلامية نصوغها في سياسات عامة ومشروع حضاري وكل هذا جهد بشري.
.. ما دخل الحلال والحرام في السياسة؟
- في السياسة سرقة وسلب ونهب وهذا كله حرام كل شيء به حلال وحرام.
.. الحلال والحرام له علاقة بالسلوك والممارسات والدين والعبادات؟
- هذا كلام في المسيحية مملكة المسيح ليست في هذا العالم بينما الإسلام دين ودولة سياسة واجتماع واقتصاد. والحلال والحرام يجعلاني أمشي علي الصراط المستقيم. فالشريعة
الإسلامية هي معالم طريقه.
.. لكن في الغرب يسيرون علي الصراط المستقيم فيما يتعلق بالأخلاق؟
- الغرب علماني، ويشكو الآن من العلمانية التي قتلت المسيحية.
.. لكن نحن نكذب ونسرق ونحن مسلمون والغرب عكس ذلك؟
- هم أكبر كذابين في العالم بوش كذب أكبر كذبة في التاريخ عندما قال إن العراق به أسلحة نووية، وقتل الغرب ٦٠ مليوناً في الحرب العالمية وفي فيتنام والعراق أليسوا هم المجرمون؟
.. كلمة المواطنة، البعض يري أن هناك تعارضاً بين كلمة المواطنة والمادة الثانية من الدستور التي تتحدث عن الشريعة الإسلامية.
- هذا موقف المتغربين ممن يأخذون النموذج الغربي مرجعية لهم، فالغرب لم يعرف المواطنة إلا علي أنقاض المسيحية والكنيسة ونحن من علمناهم المواطنة فالرسول عليه الصلاة والسلام عندما أسس دولة المدينة قال في دستورها: اليهود والمؤمنون أمة، المواطنة هي تفاعل بين المواطن والوطن حقوقاً وواجبات، وهي جزء من الشريعة الإسلامية وليس هناك تعارض مع الشريعة كما هو في الغرب وهذا ما تؤكده المادة الثانية من الدستور.
.. لجنة الحوار ما بين الأديان ماذا قدمت وما النتائج المترتبة عليها؟
- النتائج صفر، وحوار الأديان هو حوار الطرشان الحوار في الرؤية الإسلامية ليس مجرد فضيلة بل هو فريضة وله شروط تبادل المعرفة بين الطرفين، نحن نعترف بالآخر وهو لا يعترف بنا، والمحاورون حين يذهبون للتحاور مع الآخر نجدهم «طور الله في برسيمه» لا داري ولا فاهم بالآخر.
.. ما الذي يدور إذن في هذه اللجان؟
- يجلسون في فنادق خمس نجوم وأكل كويس ووفودنا تجلس مع الديانات الوضعية وليست الأديان السماوية لأن الآخر لا يعترف بأن الإسلام هو دين سماوي.
.. قلت إنك ترفض هذا الحوار ووصفته بأنه دعوة شيطانية؟
- لم أقل هذا التعبير إطلاقاً إنما قلت إن الحوار فريضة وليس فضيلة وله شروط ونستجمع هذه الشروط ونحاور كل الدنيا. فالقرآن كتاب حواري.
.. ألم تقل إن هذا الحوار يهدف إلي التأثير علي المسلمين؟
- هذا نص موجود في مؤتمر كولورادو عام ١٩٧٨ وهناك مقولة شهيرة للأمريكان إن الحوار لا يلغي الإجبار علي التحويل عن الدين.
.. هل تربط ما بين موقفك أو تحفظك علي مؤتمر كولورادو وما بين الحملة ضدك؟
- محتمل أن يكون هذا صحيحاً وأنا رددت علي البابا في ٣٠ حلقة تليفزيونية في القناة الثقافية .. وأنا مرابط علي ثغور الإسلام.
.. من أعطاك هذا الحق أو المرابطة؟
- هذا فريضة وليس حقاً، هذا الدين يحمله من كل جيل عدوله.
.. هل نحن بحاجة إلي فقه جديد في صياغة وصفة المرأة في الإطار الإسلامي.
- كتبت مؤلفاً في التحرير الإسلامي للمرأة وذكرت أن تحرر المرأة بالإسلام وراء تحررها من الإسلام؟
.. رغم ما يجري الآن من حديث حول تمكين المرأة من مكانة جديدة في القضاء والبرلمان؟
- البوتيكات الممولة من الخارج بما فيها البوتيك الذي قدم بلاغاً ضدي للنائب العام يعمل بأجندة ممولة من الخارج.