على
02-18-2007, 01:28 AM
الأموال الأجنبية تتدفق على الصين، وتتراكم بالبلايين. والآن تتأهب بكين لتصحيح التوازن بالسماح لأبناء شعبها بحرية نقل تلك الأموال إلى الخارج
كتب: ميلندا لوو
تزدهر أسواق الأسهم في الصين، وتتدفق الأموال الذكية على البلاد» فقد بلغت قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة العام الماضي نحو 70 بليون دولار. أضف إلى ذلك فائضا تجاريا لعام 2006 قدره 177.5 بليون دولار، أي بزيادة قدرها 74 بالمائة عن العام الذي سبقه، وموجة عاتية من الأموال التي يتم تحويلها من عملة لأخرى لتحقيق أرباح سريعة(أو استثمارات المضاربة قصيرة الأجل). وعلى وجه الإجمال، فقد خلق هذا المحيط المؤلف من النقد احتياطات هائلة من العملة الأجنبية داخل الصين» أكثر من تريليون دولار، وهو هدف عريض بالنسبة إلى المنتقدين الذين يقولون إن شهية الصين الشرهة تهدد الاقتصاد العالمي.
وحتى وقت قريب، كان كل ذلك المال عالقا إلى حد كبير في المملكة الوسطى. فعلى مدى عقود، لم تسمح الصين الشيوعية بنقل الأموال إلى الخارج، لأنها كانت تملك القليل منه في أرض الوطن. وعندما فتحت أبوابها في أوائل الثمانينات من القرن الماضي، كانت الصين خائفة من أن يحول تدفق الأموال المتقلبة نموها الاقتصادي المتسارع إلى مسار متأرجح ينفلت زمامه أشبه بعربات السكك الملتوية في الملاهي.
وعندما رأت بكين هروب رأس المال وهو يقوض أركان اقتصاد الدول المجاورة إبان الأزمة المالية الآسيوية في عام1997، باتت مؤمنة بشكل أكثر قوة حتى بالسيطرة على تدفق الأموال الخارجية، وبمقاومة الضغط الرامي إلى جعل عملتها قابلة للتحويل بشكل كامل. ولكن بما أن ما تكتنزه من مال يثير جدلا عالميا الآن، ويقدم قدرا كبيرا جدا من المال للاستثمار في اقتصاد داخلي مفرط النمو على نحو محفوف بالمخاطر، فإن الصين تغير مسارها.
ويقول هوانغ يانفين، وهو خبير مالي في جامعة رنمين: "إذا استمرت احتياطات العملة الأجنبية في النمو... فسيشهد اقتصاد الصين نموا مفرطا". وهكذا تحركت بكين في الأشهر الأخيرة لتحرير رأسمالها المتجه إلى أرض الوطن، مما يتيح للمؤسسات والأفراد على حد سواء أمر نقل الأموال إلى الخارج بمستويات غير مسبوقة.
ويمكن للأجانب أن يتوقعوا موجة كبيرة من النقود الصينية متجهة نحوهم في وقت قريب. وإذا أضافت الصين مصادر رأس المال المختلفة لديها، والتي تسيطر عليها صناديق التقاعد وشركات التأمين والمستثمرون في القطاع الخاص الأثرياء، فإنها ربما تمتلك زهاء 75 بليون دولار لكي تستثمرها فيما وراء البحار في العامين المقبلين، وذلك وفقا لما يقوله الخبير الاقتصادي البارز ستيفن غرين من ستاندارد تشارترد بانك الذي يتخذ من شنغهاي مقرا له. وعلى فرض أن البيروقراطيين الصينيين قادرون على تطبيق التوجيهات الصادرة من المستويات العليا، فإن ذلك قد يعني زهاء خمسة بلايين دولار ستتجه إلى خارج الصين كل شهر خلال العام المقبل أو ما إلى ذلك. وقد تزداد هذه المبالغ إذا استمرت بكين في تحرير قواعدها الاستثمارية.
ثمة مؤشرات بالفعل على التغير، كبيرة وصغيرة على حد سواء. ففي الأسبوع الماضي فقط، وُضًعت موضع التنفيذ أنظمة رفعت من مقادير العملة المحلية التي يسمح للأفراد الصينيين بتحويلها إلى أموال أجنبية من 20000 إلى 50000 دولار. وفي حين أن الأثر المترتب على هذا التغير على الصورة الكبيرة لن يكون بسيطا، كما يقول الاقتصادي كسيا يليانغ في جامعة بكين، فقد كان الغرض من الخطوة هو حث الصينيين العاديين على البدء في الاستثمار في الخارج، فضلا عن السفر إلى بلدان أخرى وحتى العيش فيها، وهو أمر يساور الصين الأمل في أنه سيحسن من علاقاتها الثنائية وسيعالج الفوائض التجارية العصيبة.
وتستند الإصلاحات جميعها إلى التزام بكين بالسماح بالتعامل بالرنمينبي بحرية» وفقا لخطوات مرحلية. وفي غضون ذلك، قامت الصين بتغييرات أخرى، بما فيها تطبيق برنامج العام الماضي منح أكثر من 10 بنوك حصصا بقيمة تربو على 12 بليون دولار للاستثمار في الخارج. وقبل ذلك بعام، أجازت بكين لبعض شركات التأمين، مثل زعيمة الصناعة "بينغ آن"، أمر نقل بعض الأموال إلى الخارج. ويقول غرين إن قطاع التأمين في الصين تغمره الأموال، مع وجود ما يقدر بنحو 200 بليون دولار من الأصول القابلة للاستثمار: "إذا أخذوا خمس [هذا المبلغ الإجمالي] إلى الخارج... فسيشكل ذلك ما قيمته 44 بليون دولار من التدفق المالي إلى الخارج".
ثم هنالك الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. ويمثل هذا الصندوق، الذي أسس عام 2000، الاحتياطي الاستراتيجي لبكين، وقد أقيم للإسهام في درء أزمة في معاشات التقاعد كانت تلوح في الأفق. وقد منح أخيرا أول تفويضاته لمديري الصناديق المالية الدولية، مما أدى إلى توجيه نحو بليون دولار إلى الأسهم والسندات الأجنبية. وهذا مبلغ معتدل، ولكن من المتوقع لأصول الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أن تنمو بشكل أسي. وتقدر "سترلينغ فاينانس"،
وهي شركة قدمت استشارات للحكومة الصينية بشأن مسائل معاشات التقاعد، أن رأسمال الصندوق، إلى جانب أكوام من معاشات التقاعد العائدة للمقاطعات تحت إدارة الصندوق، ربما يمثل مبلغا إضافيا يتراوح بين 17 بليون و22 بليون دولار من التدفق المالي إلى الخارج في العامين الحالي والمقبل.
لماذا يتوق المستثمرون الصينيون بهذا القدر إلى نقل أموالهم إلى الخارج؟ هذا سؤال جيد، بالنظر إلى مدى حسن أداء الأسهم الصينية أخيرا» ففي عام 2006، ارتفعت أسواق البلاد بمعدل 130 بالمائة. لكن هذه التقلبات في حد ذاتها وولع الحكومة بتنفيس الفقاعات قبيل انفجارها» حملت بعض الصينيين على البحث عن فرص في الخارج، وكانت بكين قد أعلنت الأسبوع الماضي عن إجراءات لكبح جماح المضاربات في السوق، مما أدى إلى انخفاض مؤشر شنغهاي وشينزين لأكبر 300 شركة بمعدل 7 بالمائة.
بيد أن ذلك لا يعني أن الصين فككت بالكامل الحواجز القائمة أمام الاستثمارات الخارجة منها. حيث لا يزال يتعين ترجمة الكثير من سياساتها الجديدة إلى ممارسات، وفي غضون ذلك يقيد الروتين الإداري بعضا من رأس المال المتجه إلى الخارج. فلا يزال يتعين على بينغ آن، على سبيل المثال، الانتظار لكي تدخل القواعد الجديدة حيز التنفيذ قبل أن تتمكن من الاستفادة بشكل كامل من حصتها من الاستثمارات الخارجية البالغة بليوني دولار. وليس من المرجح أن تواكب عملية تحرير الصين لاقتصادها النقد الذي يرجح أنه سيتدفق إلى البلاد في العام الحالي أو العام القادم. وهكذا فإن من المرجح لاحتياطات النقد الأجنبي أن تواصل نموها، مما يعني أن بكين ستحتاج إلى طرق جديدة للتعامل مع ما تنطوي عليه الثروة من إحراج.
كتب: ميلندا لوو
تزدهر أسواق الأسهم في الصين، وتتدفق الأموال الذكية على البلاد» فقد بلغت قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة العام الماضي نحو 70 بليون دولار. أضف إلى ذلك فائضا تجاريا لعام 2006 قدره 177.5 بليون دولار، أي بزيادة قدرها 74 بالمائة عن العام الذي سبقه، وموجة عاتية من الأموال التي يتم تحويلها من عملة لأخرى لتحقيق أرباح سريعة(أو استثمارات المضاربة قصيرة الأجل). وعلى وجه الإجمال، فقد خلق هذا المحيط المؤلف من النقد احتياطات هائلة من العملة الأجنبية داخل الصين» أكثر من تريليون دولار، وهو هدف عريض بالنسبة إلى المنتقدين الذين يقولون إن شهية الصين الشرهة تهدد الاقتصاد العالمي.
وحتى وقت قريب، كان كل ذلك المال عالقا إلى حد كبير في المملكة الوسطى. فعلى مدى عقود، لم تسمح الصين الشيوعية بنقل الأموال إلى الخارج، لأنها كانت تملك القليل منه في أرض الوطن. وعندما فتحت أبوابها في أوائل الثمانينات من القرن الماضي، كانت الصين خائفة من أن يحول تدفق الأموال المتقلبة نموها الاقتصادي المتسارع إلى مسار متأرجح ينفلت زمامه أشبه بعربات السكك الملتوية في الملاهي.
وعندما رأت بكين هروب رأس المال وهو يقوض أركان اقتصاد الدول المجاورة إبان الأزمة المالية الآسيوية في عام1997، باتت مؤمنة بشكل أكثر قوة حتى بالسيطرة على تدفق الأموال الخارجية، وبمقاومة الضغط الرامي إلى جعل عملتها قابلة للتحويل بشكل كامل. ولكن بما أن ما تكتنزه من مال يثير جدلا عالميا الآن، ويقدم قدرا كبيرا جدا من المال للاستثمار في اقتصاد داخلي مفرط النمو على نحو محفوف بالمخاطر، فإن الصين تغير مسارها.
ويقول هوانغ يانفين، وهو خبير مالي في جامعة رنمين: "إذا استمرت احتياطات العملة الأجنبية في النمو... فسيشهد اقتصاد الصين نموا مفرطا". وهكذا تحركت بكين في الأشهر الأخيرة لتحرير رأسمالها المتجه إلى أرض الوطن، مما يتيح للمؤسسات والأفراد على حد سواء أمر نقل الأموال إلى الخارج بمستويات غير مسبوقة.
ويمكن للأجانب أن يتوقعوا موجة كبيرة من النقود الصينية متجهة نحوهم في وقت قريب. وإذا أضافت الصين مصادر رأس المال المختلفة لديها، والتي تسيطر عليها صناديق التقاعد وشركات التأمين والمستثمرون في القطاع الخاص الأثرياء، فإنها ربما تمتلك زهاء 75 بليون دولار لكي تستثمرها فيما وراء البحار في العامين المقبلين، وذلك وفقا لما يقوله الخبير الاقتصادي البارز ستيفن غرين من ستاندارد تشارترد بانك الذي يتخذ من شنغهاي مقرا له. وعلى فرض أن البيروقراطيين الصينيين قادرون على تطبيق التوجيهات الصادرة من المستويات العليا، فإن ذلك قد يعني زهاء خمسة بلايين دولار ستتجه إلى خارج الصين كل شهر خلال العام المقبل أو ما إلى ذلك. وقد تزداد هذه المبالغ إذا استمرت بكين في تحرير قواعدها الاستثمارية.
ثمة مؤشرات بالفعل على التغير، كبيرة وصغيرة على حد سواء. ففي الأسبوع الماضي فقط، وُضًعت موضع التنفيذ أنظمة رفعت من مقادير العملة المحلية التي يسمح للأفراد الصينيين بتحويلها إلى أموال أجنبية من 20000 إلى 50000 دولار. وفي حين أن الأثر المترتب على هذا التغير على الصورة الكبيرة لن يكون بسيطا، كما يقول الاقتصادي كسيا يليانغ في جامعة بكين، فقد كان الغرض من الخطوة هو حث الصينيين العاديين على البدء في الاستثمار في الخارج، فضلا عن السفر إلى بلدان أخرى وحتى العيش فيها، وهو أمر يساور الصين الأمل في أنه سيحسن من علاقاتها الثنائية وسيعالج الفوائض التجارية العصيبة.
وتستند الإصلاحات جميعها إلى التزام بكين بالسماح بالتعامل بالرنمينبي بحرية» وفقا لخطوات مرحلية. وفي غضون ذلك، قامت الصين بتغييرات أخرى، بما فيها تطبيق برنامج العام الماضي منح أكثر من 10 بنوك حصصا بقيمة تربو على 12 بليون دولار للاستثمار في الخارج. وقبل ذلك بعام، أجازت بكين لبعض شركات التأمين، مثل زعيمة الصناعة "بينغ آن"، أمر نقل بعض الأموال إلى الخارج. ويقول غرين إن قطاع التأمين في الصين تغمره الأموال، مع وجود ما يقدر بنحو 200 بليون دولار من الأصول القابلة للاستثمار: "إذا أخذوا خمس [هذا المبلغ الإجمالي] إلى الخارج... فسيشكل ذلك ما قيمته 44 بليون دولار من التدفق المالي إلى الخارج".
ثم هنالك الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. ويمثل هذا الصندوق، الذي أسس عام 2000، الاحتياطي الاستراتيجي لبكين، وقد أقيم للإسهام في درء أزمة في معاشات التقاعد كانت تلوح في الأفق. وقد منح أخيرا أول تفويضاته لمديري الصناديق المالية الدولية، مما أدى إلى توجيه نحو بليون دولار إلى الأسهم والسندات الأجنبية. وهذا مبلغ معتدل، ولكن من المتوقع لأصول الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أن تنمو بشكل أسي. وتقدر "سترلينغ فاينانس"،
وهي شركة قدمت استشارات للحكومة الصينية بشأن مسائل معاشات التقاعد، أن رأسمال الصندوق، إلى جانب أكوام من معاشات التقاعد العائدة للمقاطعات تحت إدارة الصندوق، ربما يمثل مبلغا إضافيا يتراوح بين 17 بليون و22 بليون دولار من التدفق المالي إلى الخارج في العامين الحالي والمقبل.
لماذا يتوق المستثمرون الصينيون بهذا القدر إلى نقل أموالهم إلى الخارج؟ هذا سؤال جيد، بالنظر إلى مدى حسن أداء الأسهم الصينية أخيرا» ففي عام 2006، ارتفعت أسواق البلاد بمعدل 130 بالمائة. لكن هذه التقلبات في حد ذاتها وولع الحكومة بتنفيس الفقاعات قبيل انفجارها» حملت بعض الصينيين على البحث عن فرص في الخارج، وكانت بكين قد أعلنت الأسبوع الماضي عن إجراءات لكبح جماح المضاربات في السوق، مما أدى إلى انخفاض مؤشر شنغهاي وشينزين لأكبر 300 شركة بمعدل 7 بالمائة.
بيد أن ذلك لا يعني أن الصين فككت بالكامل الحواجز القائمة أمام الاستثمارات الخارجة منها. حيث لا يزال يتعين ترجمة الكثير من سياساتها الجديدة إلى ممارسات، وفي غضون ذلك يقيد الروتين الإداري بعضا من رأس المال المتجه إلى الخارج. فلا يزال يتعين على بينغ آن، على سبيل المثال، الانتظار لكي تدخل القواعد الجديدة حيز التنفيذ قبل أن تتمكن من الاستفادة بشكل كامل من حصتها من الاستثمارات الخارجية البالغة بليوني دولار. وليس من المرجح أن تواكب عملية تحرير الصين لاقتصادها النقد الذي يرجح أنه سيتدفق إلى البلاد في العام الحالي أو العام القادم. وهكذا فإن من المرجح لاحتياطات النقد الأجنبي أن تواصل نموها، مما يعني أن بكين ستحتاج إلى طرق جديدة للتعامل مع ما تنطوي عليه الثروة من إحراج.