منصور
02-16-2007, 01:06 AM
سطح المريخ. اين اتجاه القبلة؟
المطوع و عبد الشيطان
كان يوسف و هو في سن المراهقة ثائر على كل شيئ و كان يقضي ساعات في غرفته يستمع الى موسيقى الروك الصاخبة و يضع حلقات في اذنه و لسانه! (بوادر مبكرة لعبادة الشيطان؟) لكنه في نفس الوقت كان طالب متفوق و درجاته دائما مرتفعة في المدرسة. هذا وضع اهله في حيرة من امرهم، فشكل يوسف و سماعه لهذه الموسيقى المزعجة يوحيان انه "رايح فيها" لكن ادائه المدرسي يقول عكس ذلك، فتركوه و شأنه على انها مرحلة و ستعدي. والده بالذات كان دئما يردد مقولة: "طالما انه متفوق في الدراسة فلا احد يكلمه". الى ان جاء اليوم الذي تفتقت عبقرية احدهم في الأسرة و قرر ان يبعث له ابن خال والده "بو عبد الرحمن".
بو عبد الرحمن هذا رجل مطوع، دشداشته قصيرة و ملتحي لكنه انسان طيب جدا و رقيق في التعامل مع الناس لذلك قررت الأسرة ان تدعوه ليكلم يوسف "لعل الله يهديه". طرق بو عبد الرحمن باب غرفة يوسف فلم يسمعه بسبب الموسيقي الصاخبة، فما كان منه الا ان اذن لنفسه بالدخول. حالما حطت عينا يوسف على "بو حمني" قال في نفسه: "اوهوو، وليه. هذا شيايبه هني؟؟ حدي ما لي خلق مجاملات عائلية و انا مندمج مع ميتاليكا".
المهم، فهم يوسف "القمندة" قبل ان يقول بو عبد الرحمن السلام عليكم. دردش بو عبد الرحمن مع المراهق و كان قمة في اللطف و "الذرابة" في حواره. حاول ان يجر الحديث نحو الهداية فقال له يوسف: توقف! انا مستعد ان اكمل هذا الحديث معك لكن بشرط ان تجيب عن سؤال واحد. ديل؟ فقال تفضل. فجائه السؤال كالتالي: "انت تقول ان المسلمين سيذهبون الى الجنة و سواهم الى النار الا من رحم ربي. على اي اساس الله سيرحم فلان و يطنش فلنتان؟" فرد: ماذا؟ بتوتر طفيف. فأردف يوسف: "على سبيل المثال، ماذا سيحل بقبائل الأمازون الذين لم يسمعوا بالمسيحية دع عنك الإسلام؟" نظر بو عبد الرحمن الى يوسف و كأنه صفعه على خده الأيسر و تنحنح و قال: "اعطني يومين و سأرجع لك بالرد الشافي ان شاء الله". لم يرى يوسف بو عبد الرحمن ثانية الى اليوم.
المؤمن بالعقائد الدينية دائما يجد نفسه في حالة من الشك الذي يجب ان يتعامل معه بشكل أو بآخر خصوصا اذا كان هذا الإنسان ذكي و يستخدم عقله، لكن معظمهم ليسوا كذلك. غالبية المؤمنين يأخذون القصص الغابره كما هي و يعتبرونها من المسلمات المقدسة. لذلك عندما تسأل المؤمن عن شيئ خارج سياق القصة المحفوظة "يتوهق" و لا يستطيع الرد، كأن تسأله عن الوضع الإيماني لقبائل الكوروبو في حوض الأمازون في منتصف سرده لقصة هجرة الرسول الى يثرب.
معضلة الإيمان انه قائم على الغيبيات الغير ملموسه و لزيادة الطين بله هذه الغيبيات منقولة من عشرات الأشخاص عبر مئات السنين. هنا عقل المؤمن سيضغط عليه للقيام بشيئ ما ليبرر ايمانه عقلانيا، فيدخل في متاهات مثل خلط المعلوم بغير المعلوم أو لخبطة العلم بالدين، كأن يقول انظر كيف الكون منظم فلا بد ان يكون له خالق. طيب، لو قلنا جدلا ان هذا الكلام صحيح، لماذا الخالق هو خالقك؟ لماذا الخالق هو الله؟ لماذا لا يكون بوذا او كريشنان او البقرة الضاحكة؟ و ما ذنب من لا يؤمنون بخالقك لتصب جام غضبه عليهم و تلعنهم الى ابد الآبدين؟
هل يوجد خالق ام نحن على وجه الأرض بالصدفة؟
لنسأل انفسنا، هل يمكن ان وجودنا هنا هو مجرد صدفه عشوائية؟ هل نحن مجرد خطأ مطبعي في مدونة الطبيعة؟ صدق او لا تصدق، علميا، هذا هو اكبر احتمال! لأنه لولا وجودنا هنا لما كنا انا و انت نتناقش حول اذا ما كان وجودنا هو صدفه! شوشت افكارك؟ لا بأس. خذ نفس عميق، ركز معي و اسأل نفسك: هل يوجد ناس في المريخ يتناقشون عن اذا ما كان وجودهم صدفه او بفعل فاعل؟ الجواب بالطبع هو كلا! لماذا؟ لأنه لا يوجد ناس هناك ليتناقشون اذا ما كان وجودهم هو صدفه. وجودنا هو الذي خلق هذا السؤال و ليس العكس. هل وصلت الفكرة؟
انظر الى الكواكب في المجموعة الشمسية. و لا واحد فيهم يظهر اي مؤشرات للحياة، و لا حتى بكتيريا، مما يعزز فكرة ان الكرة الأرضية هي صدفة احصائية بقدر 1 على عدد الكواكب في الكون. كنت اؤمن بوجود حياة في الفضاء الخارجي في السابق، لكن مع مرور الوقت فقدت ايماني هذا بسبب ضعف الإحتمالات. تكرار ظروف طبيعية كما هو موجود على كوكب الأرض شبه مستحيل احصائيا. لذلك اميل الى تفسير ما يحدث في الأرض من وجود كائنات حيه و ذكية انه صدفة احصائية صعبة التكرار مثل الفوز بجائزة حساب الجوهرة الكبرى ثلاث مرات على التوالي، نظريا يمكن ان تحدث لكن الإحتمالات ضئيلة جدا.
بإختصار، يمكن القول اننا هنا بدون سبب او هدف معين. هي مجموعة من الظروف الطبيعية التي تظافرت فكنا و انتقلنا من البلانكتونات الى السمك الى الضفادع الى الزواحف... الى البشر! و هذا شيئ صعب استيعابه من قبل الإنسان الذي يصرعلى وجود سبب و هدف سامي لوجوده لكي يرضي غروره و تعاليه على الكائنات الأخرى مثل القطط و الكلاب و الذباب التي ستختفي عندما تموت بينما هو ستظهر له اجنحة تجعله يخترق الرمال المدفون تحتها في مقبرة الصليبيخات و يحلق فوق الغيوم الى مكان اسمه الفردوس حيث يعاشر الحسناوات و يشرب النبيذ. يعني يتحول الإنسان من جثة هامدة يأكلها دود الصحراء الى زير نساء فوق الغيوم، هكذا! تستحق جائزة نوبل في خداع الذات يا مسكين.
يا للهول! رابعة العدوية تطير بدون أجنحة!
اتذكر اني شاهدت فيلم مصري بالأبيض و الأسود عندما كنت طفلا عن رابعة العدوية. مثلت دورها ليلى مراد على ما اعتقد. المهم، في نهاية الفيلم تموت رابعة و فجأه تخرج من جسدها صورة اخرى منها (تمثل روحها) و تشرع بالتحليق في السماء و هي تغني بصبحة نساء اخريات (يفترض انهم ملائكة يتبعون قانون منع الإختلاط). لم استوعب ما حدث. كيف تطير ليلى مراد بدون أجنحة؟ افهم ان سوبرمان يطير بدون اجنحه لأن قواه خارقة لكن ليلى مراد؟؟ قد يبدوا هذا شيئ سخيف لك لكن عقل الطفل يريد اسباب لما يراه فلا يمكن ان يحدث شيئ بدون سبب*. هكذا يفكر المؤمن. نحن هنا ، اذن لا بد من وجود سبب و هدف لذلك و بما اننا اقوياء و قادرين على الفهم و البناء و التدمير اذن السبب لا بد و ان يكون شيئ خارق اعظم منا مثل سوبرمان! فيأتيك الدين بالإجابه "المنطقية" نعم يا مؤمن سؤالك في محله. هناك سبب عظيم لوجودك هنا. هذا السبب اسمه الله او بوذا او كريشنا او النمر الوردي حسب مقر اقامتك و الاسم المدون في بطاقتك الشخصية.
معقولة؟ نحن هنا بالخطأ! مستحيل! كل هؤلاء على خطأ!
مشكلة المؤمن انه يحتاج ان يذكر نفسه دائما ان ايمانه صحيح لذلك لديه طقوس تذكيريه مثل الصلاة و الصيام و الحج. لاحظ ، جميع طقوس المؤمنين العلنية تؤدى بشكل جماعي. السبب هو تمكين المؤمن من الطبطبة على كتف اخيه المؤمن ليهنئه بإيمانه و يجعله يقول لنفسه: "لا يعقل ان كل هؤلاء على خطأ، أكيد انا صح"، اذ ان زيادة العدد في عقل المؤمن تعني صحة الفكرة. هذا بالنسبة للمؤمن العادي البسيط، لكن ماذا عن المؤمن الذكي المتعلم؟ هذا مشكلته عويصة لأن الطقوس التذكيرية و كثرة العدد لا تكفيه فلديه عقل نشط و يلح عليه بشكل دائم لدرجة انه انهكه من كثرة ترديد "أعوذ بالله من الوسواس الخناس". الحل الأمثل للمؤمن الذكي هو البحث عن من يمثل نقيض عقيدته ليحاول ان يثبت خطأه "بالعقل" مما يعزز ايمانه بصحة عقيدته. اذن، لا بد من معارك مع طواحين الهواء الملحده ليخرس عقله و الحاحه المستمرعلى تأكيد صحة العقيدة و سلامتها.
فتش عن الملحد
لذلك تجد المؤمن الذكي يلهث وراء الملحدين و اللادينين ليدخل في جدل معهم لكي يثبت لنفسه خطأ أفكارهم و صحة معتقده. لاحظ الخطاب ليس موجه للملحدين بقدر ما هو موجه للمؤمن نفسه. فهو يقول لهم اتحداكم ان تثبتوا اني على خطأ! طيب، اذا انت مقتنع بإيمانك لماذا تلهث ورائهم ليثبتوا صحة ما تقوله من خطأه؟ ليش حاسدهم، اتركهم و شأنهم و كفا الله المؤمنين شر القتال. الجواب: انت بنفسك تشك في ايمانك و تحتاج الى معركة فكرية توهم نفسك انك انتصرت فيها لتقل لنفسك: أرأيتم؟ ايماني صحيح و الدليل "المادي" هو اني انتصرت على هذا الملحد بالعقل و المنطق. ليرد عليه مؤيديه الأقل ذكاء منه: "بارك الله فيك و كثر من امثالك. بصراحه افحمته و اثبت له ان الإسلام هو دين العلم و العقل، بلا بلا بلا. جعلها الله في ميزان حسناتك و حساباتك و قصورك و جواريك و غلمانك و خمرك في الجنه".
لكن، من هو الخالق و من هو المخلوق بالضبط؟
يعرف عالم النفس سيجموند فرويد مفهوم "النظرة الى العالم" كالتالي: "هي بناء فكري لحل كل مشاكل وجودنا بشكل موحد عن طريق فرضية عامة و شاملة". و بناء على ذلك يقول فرويد ان الله هو بناء فكري طوره الإنسان على مر العصور لإعطاء حياته معنى و هدف مقبول. و عندما سأل فرويد: "هل هناك معنى للحياة؟" أجاب: "علميا، لا معنى للحياة على الإطلاق، بل ان السؤال نفسه لا معنى له". و عندما سأل: "لكن ماذا عن القيم الإنسانية و الأخلاق؟" رد فرويد: "انها موجوده لتسهيل الحياة بالضبط مثل قوانين المرور و التي اخترعها الإنسان لتسهل حركة السيارات". الإنسان من منظور فرويد يعمل وفق "مبدأ المتعة" و القاضي ان الإنسان بشكل عام يسعى الى ما يجلب له المتعة و يتجنب ما يجلب له الألم."
كل انسان لديه "نظرة للعالم" و المسلم لديه نظرة تقول ان الله هو الخالق و محمد هو رسوله. اذن كل ما يأتي بعد ذلك من متعة و ألم مبني على هذه الفرضية الشاملة و نفس الشيئ بالنسبه للمسيحي و البوذي ...الخ. حياة المسلم تأخذ معناها من فكرة وجود الله و التي بدونها تصبح حياته عديمة المعنى. المسلم يحتاج الى فكرة الله لذلك سيقول فرويد ان المسلم خلق الله ليعطي معنى لحياته، اذ من الصعب عليه تصديق ان حياته ليس لها معنى و انه كما جاء سيرحل، أي من لا شيئ الى لا شيئ!
ختاما، يقول سفر التكوين ان الله خلق الإنسان في صورته لذلك نجد ان الرسومات التي تصور الله في العالم المسيحي تظهره على شكل رجل مسن لكنه مفتول العضلات و له لحية بيضاء. الصفة الأولى هي رمز للحكمة و الثانية هي تعبيرعن الجبروت. و مع ان الدين الإسلامي يحرم الرسم الا ان صفات الله في القرآن هي انسانية بحتة مثل القوة و البصر و استخدام اليد و الصبر و الغضب و الجلوس، كلها صفات انسانية اسقطت على الله لكن بشكل مضخم. هذا يطرح التساؤل: "هل خلق الله الإنسان بصورته أم ان الإنسان هو من خلق الله بصورته؟" لاحظ صور بوذا، على سبيل المثال، بوذا الصيني سمين و ملامحه صينية بينما بوذا الهندي نحيف و ملامحه هندية. نفس الشيئ بالنسبة لآله الهندوس فشكله هندي خالص لأن الدين الهندوسي هو دين هندي 100%.
هل هناك احتمال ان الدين الإسلامي حرم رسم الرسول لأنه لا يريد محمد عربي و آخر فارسي و ثالث اندونيسي و رابع زنجي أفريقي و هكذا. اعتقد ان الأمر وارد لأن الرسومات القليلة للرسول من وسط آسيا تصوره بملامح آسيويه منغولية! الخلاصة، لكل انسان ربه الذي يحتاجه لإعطاء معنى للحياة و هذا الرب عادة له ملامح و لغة متطابقة تماما مع ملامح و لغة من يعبده، فمن هو الخالق و من هو المخلوق؟
نوافكو
©2006
المطوع و عبد الشيطان
كان يوسف و هو في سن المراهقة ثائر على كل شيئ و كان يقضي ساعات في غرفته يستمع الى موسيقى الروك الصاخبة و يضع حلقات في اذنه و لسانه! (بوادر مبكرة لعبادة الشيطان؟) لكنه في نفس الوقت كان طالب متفوق و درجاته دائما مرتفعة في المدرسة. هذا وضع اهله في حيرة من امرهم، فشكل يوسف و سماعه لهذه الموسيقى المزعجة يوحيان انه "رايح فيها" لكن ادائه المدرسي يقول عكس ذلك، فتركوه و شأنه على انها مرحلة و ستعدي. والده بالذات كان دئما يردد مقولة: "طالما انه متفوق في الدراسة فلا احد يكلمه". الى ان جاء اليوم الذي تفتقت عبقرية احدهم في الأسرة و قرر ان يبعث له ابن خال والده "بو عبد الرحمن".
بو عبد الرحمن هذا رجل مطوع، دشداشته قصيرة و ملتحي لكنه انسان طيب جدا و رقيق في التعامل مع الناس لذلك قررت الأسرة ان تدعوه ليكلم يوسف "لعل الله يهديه". طرق بو عبد الرحمن باب غرفة يوسف فلم يسمعه بسبب الموسيقي الصاخبة، فما كان منه الا ان اذن لنفسه بالدخول. حالما حطت عينا يوسف على "بو حمني" قال في نفسه: "اوهوو، وليه. هذا شيايبه هني؟؟ حدي ما لي خلق مجاملات عائلية و انا مندمج مع ميتاليكا".
المهم، فهم يوسف "القمندة" قبل ان يقول بو عبد الرحمن السلام عليكم. دردش بو عبد الرحمن مع المراهق و كان قمة في اللطف و "الذرابة" في حواره. حاول ان يجر الحديث نحو الهداية فقال له يوسف: توقف! انا مستعد ان اكمل هذا الحديث معك لكن بشرط ان تجيب عن سؤال واحد. ديل؟ فقال تفضل. فجائه السؤال كالتالي: "انت تقول ان المسلمين سيذهبون الى الجنة و سواهم الى النار الا من رحم ربي. على اي اساس الله سيرحم فلان و يطنش فلنتان؟" فرد: ماذا؟ بتوتر طفيف. فأردف يوسف: "على سبيل المثال، ماذا سيحل بقبائل الأمازون الذين لم يسمعوا بالمسيحية دع عنك الإسلام؟" نظر بو عبد الرحمن الى يوسف و كأنه صفعه على خده الأيسر و تنحنح و قال: "اعطني يومين و سأرجع لك بالرد الشافي ان شاء الله". لم يرى يوسف بو عبد الرحمن ثانية الى اليوم.
المؤمن بالعقائد الدينية دائما يجد نفسه في حالة من الشك الذي يجب ان يتعامل معه بشكل أو بآخر خصوصا اذا كان هذا الإنسان ذكي و يستخدم عقله، لكن معظمهم ليسوا كذلك. غالبية المؤمنين يأخذون القصص الغابره كما هي و يعتبرونها من المسلمات المقدسة. لذلك عندما تسأل المؤمن عن شيئ خارج سياق القصة المحفوظة "يتوهق" و لا يستطيع الرد، كأن تسأله عن الوضع الإيماني لقبائل الكوروبو في حوض الأمازون في منتصف سرده لقصة هجرة الرسول الى يثرب.
معضلة الإيمان انه قائم على الغيبيات الغير ملموسه و لزيادة الطين بله هذه الغيبيات منقولة من عشرات الأشخاص عبر مئات السنين. هنا عقل المؤمن سيضغط عليه للقيام بشيئ ما ليبرر ايمانه عقلانيا، فيدخل في متاهات مثل خلط المعلوم بغير المعلوم أو لخبطة العلم بالدين، كأن يقول انظر كيف الكون منظم فلا بد ان يكون له خالق. طيب، لو قلنا جدلا ان هذا الكلام صحيح، لماذا الخالق هو خالقك؟ لماذا الخالق هو الله؟ لماذا لا يكون بوذا او كريشنان او البقرة الضاحكة؟ و ما ذنب من لا يؤمنون بخالقك لتصب جام غضبه عليهم و تلعنهم الى ابد الآبدين؟
هل يوجد خالق ام نحن على وجه الأرض بالصدفة؟
لنسأل انفسنا، هل يمكن ان وجودنا هنا هو مجرد صدفه عشوائية؟ هل نحن مجرد خطأ مطبعي في مدونة الطبيعة؟ صدق او لا تصدق، علميا، هذا هو اكبر احتمال! لأنه لولا وجودنا هنا لما كنا انا و انت نتناقش حول اذا ما كان وجودنا هو صدفه! شوشت افكارك؟ لا بأس. خذ نفس عميق، ركز معي و اسأل نفسك: هل يوجد ناس في المريخ يتناقشون عن اذا ما كان وجودهم صدفه او بفعل فاعل؟ الجواب بالطبع هو كلا! لماذا؟ لأنه لا يوجد ناس هناك ليتناقشون اذا ما كان وجودهم هو صدفه. وجودنا هو الذي خلق هذا السؤال و ليس العكس. هل وصلت الفكرة؟
انظر الى الكواكب في المجموعة الشمسية. و لا واحد فيهم يظهر اي مؤشرات للحياة، و لا حتى بكتيريا، مما يعزز فكرة ان الكرة الأرضية هي صدفة احصائية بقدر 1 على عدد الكواكب في الكون. كنت اؤمن بوجود حياة في الفضاء الخارجي في السابق، لكن مع مرور الوقت فقدت ايماني هذا بسبب ضعف الإحتمالات. تكرار ظروف طبيعية كما هو موجود على كوكب الأرض شبه مستحيل احصائيا. لذلك اميل الى تفسير ما يحدث في الأرض من وجود كائنات حيه و ذكية انه صدفة احصائية صعبة التكرار مثل الفوز بجائزة حساب الجوهرة الكبرى ثلاث مرات على التوالي، نظريا يمكن ان تحدث لكن الإحتمالات ضئيلة جدا.
بإختصار، يمكن القول اننا هنا بدون سبب او هدف معين. هي مجموعة من الظروف الطبيعية التي تظافرت فكنا و انتقلنا من البلانكتونات الى السمك الى الضفادع الى الزواحف... الى البشر! و هذا شيئ صعب استيعابه من قبل الإنسان الذي يصرعلى وجود سبب و هدف سامي لوجوده لكي يرضي غروره و تعاليه على الكائنات الأخرى مثل القطط و الكلاب و الذباب التي ستختفي عندما تموت بينما هو ستظهر له اجنحة تجعله يخترق الرمال المدفون تحتها في مقبرة الصليبيخات و يحلق فوق الغيوم الى مكان اسمه الفردوس حيث يعاشر الحسناوات و يشرب النبيذ. يعني يتحول الإنسان من جثة هامدة يأكلها دود الصحراء الى زير نساء فوق الغيوم، هكذا! تستحق جائزة نوبل في خداع الذات يا مسكين.
يا للهول! رابعة العدوية تطير بدون أجنحة!
اتذكر اني شاهدت فيلم مصري بالأبيض و الأسود عندما كنت طفلا عن رابعة العدوية. مثلت دورها ليلى مراد على ما اعتقد. المهم، في نهاية الفيلم تموت رابعة و فجأه تخرج من جسدها صورة اخرى منها (تمثل روحها) و تشرع بالتحليق في السماء و هي تغني بصبحة نساء اخريات (يفترض انهم ملائكة يتبعون قانون منع الإختلاط). لم استوعب ما حدث. كيف تطير ليلى مراد بدون أجنحة؟ افهم ان سوبرمان يطير بدون اجنحه لأن قواه خارقة لكن ليلى مراد؟؟ قد يبدوا هذا شيئ سخيف لك لكن عقل الطفل يريد اسباب لما يراه فلا يمكن ان يحدث شيئ بدون سبب*. هكذا يفكر المؤمن. نحن هنا ، اذن لا بد من وجود سبب و هدف لذلك و بما اننا اقوياء و قادرين على الفهم و البناء و التدمير اذن السبب لا بد و ان يكون شيئ خارق اعظم منا مثل سوبرمان! فيأتيك الدين بالإجابه "المنطقية" نعم يا مؤمن سؤالك في محله. هناك سبب عظيم لوجودك هنا. هذا السبب اسمه الله او بوذا او كريشنا او النمر الوردي حسب مقر اقامتك و الاسم المدون في بطاقتك الشخصية.
معقولة؟ نحن هنا بالخطأ! مستحيل! كل هؤلاء على خطأ!
مشكلة المؤمن انه يحتاج ان يذكر نفسه دائما ان ايمانه صحيح لذلك لديه طقوس تذكيريه مثل الصلاة و الصيام و الحج. لاحظ ، جميع طقوس المؤمنين العلنية تؤدى بشكل جماعي. السبب هو تمكين المؤمن من الطبطبة على كتف اخيه المؤمن ليهنئه بإيمانه و يجعله يقول لنفسه: "لا يعقل ان كل هؤلاء على خطأ، أكيد انا صح"، اذ ان زيادة العدد في عقل المؤمن تعني صحة الفكرة. هذا بالنسبة للمؤمن العادي البسيط، لكن ماذا عن المؤمن الذكي المتعلم؟ هذا مشكلته عويصة لأن الطقوس التذكيرية و كثرة العدد لا تكفيه فلديه عقل نشط و يلح عليه بشكل دائم لدرجة انه انهكه من كثرة ترديد "أعوذ بالله من الوسواس الخناس". الحل الأمثل للمؤمن الذكي هو البحث عن من يمثل نقيض عقيدته ليحاول ان يثبت خطأه "بالعقل" مما يعزز ايمانه بصحة عقيدته. اذن، لا بد من معارك مع طواحين الهواء الملحده ليخرس عقله و الحاحه المستمرعلى تأكيد صحة العقيدة و سلامتها.
فتش عن الملحد
لذلك تجد المؤمن الذكي يلهث وراء الملحدين و اللادينين ليدخل في جدل معهم لكي يثبت لنفسه خطأ أفكارهم و صحة معتقده. لاحظ الخطاب ليس موجه للملحدين بقدر ما هو موجه للمؤمن نفسه. فهو يقول لهم اتحداكم ان تثبتوا اني على خطأ! طيب، اذا انت مقتنع بإيمانك لماذا تلهث ورائهم ليثبتوا صحة ما تقوله من خطأه؟ ليش حاسدهم، اتركهم و شأنهم و كفا الله المؤمنين شر القتال. الجواب: انت بنفسك تشك في ايمانك و تحتاج الى معركة فكرية توهم نفسك انك انتصرت فيها لتقل لنفسك: أرأيتم؟ ايماني صحيح و الدليل "المادي" هو اني انتصرت على هذا الملحد بالعقل و المنطق. ليرد عليه مؤيديه الأقل ذكاء منه: "بارك الله فيك و كثر من امثالك. بصراحه افحمته و اثبت له ان الإسلام هو دين العلم و العقل، بلا بلا بلا. جعلها الله في ميزان حسناتك و حساباتك و قصورك و جواريك و غلمانك و خمرك في الجنه".
لكن، من هو الخالق و من هو المخلوق بالضبط؟
يعرف عالم النفس سيجموند فرويد مفهوم "النظرة الى العالم" كالتالي: "هي بناء فكري لحل كل مشاكل وجودنا بشكل موحد عن طريق فرضية عامة و شاملة". و بناء على ذلك يقول فرويد ان الله هو بناء فكري طوره الإنسان على مر العصور لإعطاء حياته معنى و هدف مقبول. و عندما سأل فرويد: "هل هناك معنى للحياة؟" أجاب: "علميا، لا معنى للحياة على الإطلاق، بل ان السؤال نفسه لا معنى له". و عندما سأل: "لكن ماذا عن القيم الإنسانية و الأخلاق؟" رد فرويد: "انها موجوده لتسهيل الحياة بالضبط مثل قوانين المرور و التي اخترعها الإنسان لتسهل حركة السيارات". الإنسان من منظور فرويد يعمل وفق "مبدأ المتعة" و القاضي ان الإنسان بشكل عام يسعى الى ما يجلب له المتعة و يتجنب ما يجلب له الألم."
كل انسان لديه "نظرة للعالم" و المسلم لديه نظرة تقول ان الله هو الخالق و محمد هو رسوله. اذن كل ما يأتي بعد ذلك من متعة و ألم مبني على هذه الفرضية الشاملة و نفس الشيئ بالنسبه للمسيحي و البوذي ...الخ. حياة المسلم تأخذ معناها من فكرة وجود الله و التي بدونها تصبح حياته عديمة المعنى. المسلم يحتاج الى فكرة الله لذلك سيقول فرويد ان المسلم خلق الله ليعطي معنى لحياته، اذ من الصعب عليه تصديق ان حياته ليس لها معنى و انه كما جاء سيرحل، أي من لا شيئ الى لا شيئ!
ختاما، يقول سفر التكوين ان الله خلق الإنسان في صورته لذلك نجد ان الرسومات التي تصور الله في العالم المسيحي تظهره على شكل رجل مسن لكنه مفتول العضلات و له لحية بيضاء. الصفة الأولى هي رمز للحكمة و الثانية هي تعبيرعن الجبروت. و مع ان الدين الإسلامي يحرم الرسم الا ان صفات الله في القرآن هي انسانية بحتة مثل القوة و البصر و استخدام اليد و الصبر و الغضب و الجلوس، كلها صفات انسانية اسقطت على الله لكن بشكل مضخم. هذا يطرح التساؤل: "هل خلق الله الإنسان بصورته أم ان الإنسان هو من خلق الله بصورته؟" لاحظ صور بوذا، على سبيل المثال، بوذا الصيني سمين و ملامحه صينية بينما بوذا الهندي نحيف و ملامحه هندية. نفس الشيئ بالنسبة لآله الهندوس فشكله هندي خالص لأن الدين الهندوسي هو دين هندي 100%.
هل هناك احتمال ان الدين الإسلامي حرم رسم الرسول لأنه لا يريد محمد عربي و آخر فارسي و ثالث اندونيسي و رابع زنجي أفريقي و هكذا. اعتقد ان الأمر وارد لأن الرسومات القليلة للرسول من وسط آسيا تصوره بملامح آسيويه منغولية! الخلاصة، لكل انسان ربه الذي يحتاجه لإعطاء معنى للحياة و هذا الرب عادة له ملامح و لغة متطابقة تماما مع ملامح و لغة من يعبده، فمن هو الخالق و من هو المخلوق؟
نوافكو
©2006