جمال
02-10-2007, 07:19 AM
كتب:جابر سيد خلف البهبهاني
استضافت الكويت في الاسبوع الماضي ضيفين من بلد عزيز الا وهما د.ابراهيم الجعفري ود.طارق الهاشمي، وقد سعدنا بلقائهما بلقاءين منفصلين ومحاورتهما في ديوان د.يوسف الزلزلة. والجميل في هذه اللقاءات انها اخذت الطابع الشعبي الذي يبتعد عن تكلف قيود البروتوكولات وتسهل من عملية تبادل وجهات النظر والتفاعل الشعبي معها، وهذا ما تمتاز به الكويت عن غيرها من البلدان العربية. وقد طرح في هذين اللقاءين كل حسب وجهة نظر ما يجري في العراق من احداث امنية وتطورات سياسية التي لم تكن خافية عنا، وقد اعجبتني كلمة للدكتور الهاشمي «نحن دعاة وليس قضاة نكفر هذا ونزكي ذاك».
وهذا ما يجب ان نكون عليه ايضا نحن ككويتيين يهمنا مستقبل العراق «دعاة وليس قضاة». فلا يمكن ان نقول نحن لسنا معنيين لتحترق العراق ومن فيها، وذلك لان اولا اهل العراق هم اهلنا تربطنا معهم صلة القرابة والنسب والدين والجيرة، وثانيا ان الكل في الكويت بات مقتنعا بأن مستقبل العراق سواء كان ايجابيا أو سلبيا سينعكس علينا. كيف نكون دعاة خير؟
وذلك بتقديم النصح والمشورة لجميع الفرقاء العراقيين على حد سواء والمساعدة على تقريب وجهات النظر بينهم واعتقد ان هذه احد الاهداف الاساسية للزيارتين، وهذا يتطلب منا ان نبدأ بتعلم ضبط الاعصاب وكبح المشاعر في التفاعل مع ما يجري في العراق. اما اذا اتخذ كل منا دور القاضي يحكم بالحق على كل ما يطرحه فريق ويدافع عنه وبالباطل على كل ما يطرحه الفريق الآخر ويهاجمه، فسيكون الدخول في اتون الاحداث الامنية والتطورات السياسية التي تجري في العراق هو مصيرنا.
العراق وعلى الرغم من ظروفه الامنية الساخنة تمكن من تحقيق انجازات سياسية محورية وفي فترة قياسية، ولولا الفوضى الامنية لاتجهت الازمة السياسية الى الانفراج بخطى اسرع ولاستطاع الفرقاء العراقيون من تقريب وجهات نظرهم والتفاهم فيما بينهم بصورة اشمل. ففي خلال اقل من سنتين شارك الشعب العراقي في انتخابين واستفتاء عام على الدستور وتشكيل حكومة منتخبة، وان كانت هذه الانجازات لم تخل من مثالب الا انها حددت اسس واركان وهيكلية النظام السياسي الحاكم للعراق.
والنصيحة التي نقدمها للاخوة العراقيين ومن واقع الحياة الدستورية التي عاشتها الكويت مع الاخذ في الاعتبار الحالة الامنية المستقرة التي تسودها، هو عليكم التمسك بهذه الانجازات التي حققتموها. فالازمة السياسية لا انفراج لها الا بالممارسة الدستورية، والفوضى الامنية لا تنتهي الا بالالتزام بالقوانين وانتظام عمل مؤسسات الدولة. فالحياة الدستورية الكويتية تقول ان العمل بالدستور يحتاج الى وقت حتى يفهمه الشعب ويتعود على العمل به والاحتكام اليه، فخلال الخمس والاربعين سنة ماضية حصل شد وجذب ومد وجزر الى ان استقر الدستور ولم يستقر بعد الاستقرار الكامل، فقد تم حل مجلس الامة اكثر من اربع مرات وتعطيل الحياة الدستورية مرتين والحياة الدستورية تقول ان المشاكل والازمات السياسية لا تنحل ولا تنفرج الا من خلال القنوات الدستورية، وتجاوزها يدفع بالمشاكل والازمات الى الاختناق والاصطدام، فأزمة الحكم التي عاشتها الكويت في اعقاب وفاة المغفور له الشيخ جابر الاحمد رحمه الله لم تحل لا بالدبابات ولا بالصدامات بل بالقنوات الدستورية وكان مجلس الامة هو الفيصل فيها. والحياة الدستورية تقول انه لا يوجد دستور كامل يلبي طموحات كل مكونات الشعب، لكنه يظل الحد الادنى الذي تتفق عليه هذه المكونات، ففي الكويت هناك قوى تطمح بتعديل دستوري يجعل من الاسلام هو المصدر الرئيسي للتشريع وقوى اخرى تطمع بتعديل دستوري يعطي لمجلس الامة دورا حقيقيا وفعالا في تشكيل الحكومة، والسلطة التنفيذية تطمح بتعديل دستوري يكفل لها زيادة عدد الوزراء.
والحياة الدستورية تقول ان القرار للاكثرية وهو مبدأ اساسي في النظام الديموقراطي، ولكن بشرط ان يراعي القرار مبادئ العدالة والمساواة والحريات المختلفة، فلم يتوافق الشعب الكويتي على قرار واحد ولكنه قبل بقرار الاكثرية.
تاريخ النشر: السبت 10/2/2007
استضافت الكويت في الاسبوع الماضي ضيفين من بلد عزيز الا وهما د.ابراهيم الجعفري ود.طارق الهاشمي، وقد سعدنا بلقائهما بلقاءين منفصلين ومحاورتهما في ديوان د.يوسف الزلزلة. والجميل في هذه اللقاءات انها اخذت الطابع الشعبي الذي يبتعد عن تكلف قيود البروتوكولات وتسهل من عملية تبادل وجهات النظر والتفاعل الشعبي معها، وهذا ما تمتاز به الكويت عن غيرها من البلدان العربية. وقد طرح في هذين اللقاءين كل حسب وجهة نظر ما يجري في العراق من احداث امنية وتطورات سياسية التي لم تكن خافية عنا، وقد اعجبتني كلمة للدكتور الهاشمي «نحن دعاة وليس قضاة نكفر هذا ونزكي ذاك».
وهذا ما يجب ان نكون عليه ايضا نحن ككويتيين يهمنا مستقبل العراق «دعاة وليس قضاة». فلا يمكن ان نقول نحن لسنا معنيين لتحترق العراق ومن فيها، وذلك لان اولا اهل العراق هم اهلنا تربطنا معهم صلة القرابة والنسب والدين والجيرة، وثانيا ان الكل في الكويت بات مقتنعا بأن مستقبل العراق سواء كان ايجابيا أو سلبيا سينعكس علينا. كيف نكون دعاة خير؟
وذلك بتقديم النصح والمشورة لجميع الفرقاء العراقيين على حد سواء والمساعدة على تقريب وجهات النظر بينهم واعتقد ان هذه احد الاهداف الاساسية للزيارتين، وهذا يتطلب منا ان نبدأ بتعلم ضبط الاعصاب وكبح المشاعر في التفاعل مع ما يجري في العراق. اما اذا اتخذ كل منا دور القاضي يحكم بالحق على كل ما يطرحه فريق ويدافع عنه وبالباطل على كل ما يطرحه الفريق الآخر ويهاجمه، فسيكون الدخول في اتون الاحداث الامنية والتطورات السياسية التي تجري في العراق هو مصيرنا.
العراق وعلى الرغم من ظروفه الامنية الساخنة تمكن من تحقيق انجازات سياسية محورية وفي فترة قياسية، ولولا الفوضى الامنية لاتجهت الازمة السياسية الى الانفراج بخطى اسرع ولاستطاع الفرقاء العراقيون من تقريب وجهات نظرهم والتفاهم فيما بينهم بصورة اشمل. ففي خلال اقل من سنتين شارك الشعب العراقي في انتخابين واستفتاء عام على الدستور وتشكيل حكومة منتخبة، وان كانت هذه الانجازات لم تخل من مثالب الا انها حددت اسس واركان وهيكلية النظام السياسي الحاكم للعراق.
والنصيحة التي نقدمها للاخوة العراقيين ومن واقع الحياة الدستورية التي عاشتها الكويت مع الاخذ في الاعتبار الحالة الامنية المستقرة التي تسودها، هو عليكم التمسك بهذه الانجازات التي حققتموها. فالازمة السياسية لا انفراج لها الا بالممارسة الدستورية، والفوضى الامنية لا تنتهي الا بالالتزام بالقوانين وانتظام عمل مؤسسات الدولة. فالحياة الدستورية الكويتية تقول ان العمل بالدستور يحتاج الى وقت حتى يفهمه الشعب ويتعود على العمل به والاحتكام اليه، فخلال الخمس والاربعين سنة ماضية حصل شد وجذب ومد وجزر الى ان استقر الدستور ولم يستقر بعد الاستقرار الكامل، فقد تم حل مجلس الامة اكثر من اربع مرات وتعطيل الحياة الدستورية مرتين والحياة الدستورية تقول ان المشاكل والازمات السياسية لا تنحل ولا تنفرج الا من خلال القنوات الدستورية، وتجاوزها يدفع بالمشاكل والازمات الى الاختناق والاصطدام، فأزمة الحكم التي عاشتها الكويت في اعقاب وفاة المغفور له الشيخ جابر الاحمد رحمه الله لم تحل لا بالدبابات ولا بالصدامات بل بالقنوات الدستورية وكان مجلس الامة هو الفيصل فيها. والحياة الدستورية تقول انه لا يوجد دستور كامل يلبي طموحات كل مكونات الشعب، لكنه يظل الحد الادنى الذي تتفق عليه هذه المكونات، ففي الكويت هناك قوى تطمح بتعديل دستوري يجعل من الاسلام هو المصدر الرئيسي للتشريع وقوى اخرى تطمع بتعديل دستوري يعطي لمجلس الامة دورا حقيقيا وفعالا في تشكيل الحكومة، والسلطة التنفيذية تطمح بتعديل دستوري يكفل لها زيادة عدد الوزراء.
والحياة الدستورية تقول ان القرار للاكثرية وهو مبدأ اساسي في النظام الديموقراطي، ولكن بشرط ان يراعي القرار مبادئ العدالة والمساواة والحريات المختلفة، فلم يتوافق الشعب الكويتي على قرار واحد ولكنه قبل بقرار الاكثرية.
تاريخ النشر: السبت 10/2/2007