مجاهدون
02-09-2007, 08:03 AM
ما أحوجنا معشر المسلمين إلى قراءة تاريخ أمتنا لنتعرف على مكانة آل البيت الأطهار في نفوس الصحابة الأبرار
/ وصلتنا رسائل كثيرة من داخل وخارج الكويت يعرب اصحابها عن شكرهم وتقديرهم لوزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية لاعدادها خطبة خاصة بيوم الجمعة الموافق 7 محرم 1428 ه¯- 26-1-2007م بمناسبة شهر المحرم الحرام, وما يتضمنه هذا الشهر المبارك من ذكرى عاشوراء المجيدة.
وقد لاقت هذه الخطبة التي اذيعت في وسائل الاعلام المختلفة ووزعت على خطباء الجمعة في كل مساجد الكويت.. لاقت رضا واستحسان الجميع لانها عمقت جانبا من روح التآخي والمحبة والاحترام المتبادل بين السنة والشيعة ونزولاً على رغبة الكثيرين نقوم بنشر نص هذه الخطبة سائلين الله تعالى ان يجمع كلمة المسلمين ويوفقهم لما فيه رضاه..
الحمد لله الكبير المتعال الموصوف بأوصاف الجمال والمنعوت بنعوت الجلال, فضل بعض خلقه على بعض بالانعام والافضال, وجعل بيت النبي »صلى الله عليه وسلم« خير بيت وآل احمد ربي حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه وهو المحمود على كل حال, واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له شديد المحال المنزه عن الشركاء والنظراء والامثال, واشهد ان نبينا محمدا عبد الله ورسوله اصدق البرية لهجة في جميل الاقوال, واتقاهم واخشاهم لربه في جليل الافعال ارسله الله رحمة للعالمين ليضع عنهم الاصار والاغلال, فصلى الله وسلم عليه وعلى آله وازواجه واصحابه الراشدين المهدين في الحال والمقال, صلاة وسلاماً متعاقبين ما تعاقبت الايام والليال.
اما بعد فأوصيكم بتقوى الكبير المتعال فقابلوا اوامره بالامتثال وسارعوا الى مغفرة من ربكم وتزلفوا اليه بصالح الاعمال, وحافظوا على الفرائض فانها وسيلة الى بلوغ الامال واتقوا يوما ترجعون فيه الى الله لا بيع فيه ولا خلال واعلموا رحمني الله واياكم ان الله تعالى هو مولاكم وهو جل جلاله يخلق ما يشاء ويختار, ما كان لاحد في ذلك من اختيار وان من جملة من اختارهم الرب تبارك وتعالى وفضلهم على كثير ممن خلق تفضيلا, وجعل نسلهم خير نسل العالمين محتدا وقبيلاً: آل النبي »صلى الله عليه وسلم« الذين هدوا في شرف النسب سبيلا وجعلت شمس فضلهم في سماء العالمين دليلاً.
عباد الله الاخيار
اعلموا رحمني الله واياكم ان روض شرعكم المعطار قد فاح منه عبق الثناء على آل نبينا المختار »صلى الله عليه وسلم« فقد سطرت نصوص الوحي فضل الآل تسطيرا كما في قوله تعالى: »انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا« »الاحزاب-33« فقد تضمنت هذه الاية المحكمة بلا التباس, فضل آل البيت وانهم مطهرون من الارجاس, ومن هذه الفضائل الكثيرة والمناقب الوفيرة, ما اخرجه مسلم في صحيحه من حديث زيد بن ارقم قال: قام رسول الله »صلى الله عليه وسلم« يوما فينا خطيبا بماء يدعى خما بين مكة والمدينة فحمد الله واثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال: اما بعد الا ايها الناس فانما انا بشر يوشك ان يأتي رسول ربي فأجيب وانا تارك فيكم ثقلين: اولهما كتاب الله فيه الهدى والنور, فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به فحث على كتاب الله ورغب فيه.
ثم قال: واهل بيتي اذكركم الله في اهل بيتي اذكركم الله في اهل بيتي اذكركم الله في اهل بيتي فقد تضمنت هذه الوصية النبوية الشريفة وهذه الخطبة المصطفوية المنيفة حب آل البيت وتعزيزهم وموالاتهم وتوقيرهم لذا فقد امر المسلم ان يدعو الله تعالى لهم في جميع الصلوات, وان يسأله ان يذكرهم في الملا الاعلى وينزل عليهم البركات كما اخرج الشيخان من حديث عبد الرحمن بن ابي ليلى رحمه الله تعالى قال: »لقيني كعب بن عجرة فقال: ألا اهدي لك هدية سمعتها من النبي »صلى الله عليه وسلم«? فقلت: بلى فأهدها لي:
قال: سالنا رسول الله »صلى الله عليه وسلم« فقلنا: يا رسول الله كيف الصلاة عليكم اهل البيت? فان الله قد علمنا كيف نسلم عليكم? قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد, اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد.
يا محبي الحق وطلابه: اعلموا هداني الله وإياكم السداد والاصابة: أن جميع الصحابة رضي الله عنهم, كانوا يبجلون قرابة النبي صلى الله عليه وسلم.
فقد رعوا واجباتهم أكمل الرعاية, واعتنوا بحرماتهم انبل العناية, قالت عائشة رضي الله عنها:
»فاضت عينا أبي بكر رضي الله عنه فتكلم وقال: »والذي نفسي بيده, لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب الي أن أصل من قرابتي« (أخرجه البخاري ومسلم), وقال عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: قال أبو بكر رضي الله عنه: »ارقبوا محمداً في أهل بيته« (أخرجه البخاري), فهذا تعظيم آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يدين الله تعالى به أبو بكر الصديق رضي الله عنه, وأما إجلالهم الذي كان يظهره عمر الفاروق رضي الله عنه, فيتجلى في ما اخرجه البخاري في صحيحه من حديث انس بن مالك رضي الله عنه: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان اذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب رضي الله عنه فقال: »اللهم إنا كنا نتوسل اليك بنبينا فتسقينا, وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا فيسقون«.
فهذا التعظيم والإجلال, خلق متبادل بين الصحب والآل, فكما ان الصحابة كانوا يقدرون القرابة القدر العلي, فكذا كان القرابة يجلون الصحابة الإجلال الجلي, فكان علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: »كنت اذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً نفعني الله بما شاء منه, وإذا حدثني عنه غيري استحلفته, فإذا حلف لي صدقته, وإن أبا بكر رضي الله عنه حدثني, وصدق ابو بكر, قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
»ما من رجل يذنب ذنباً ثم يقوم فيتطهر, ثم يصلي, ثم يستغفر الله: إلا غفر له, ثم قرأ هذه الآية: »والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله« (آل عمران: 135) إلى آخر الآية أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه, فهذا تقدير ابي السبطين لأبي بكر الصديق رضي الله عنهما, وأما توقيره لعمر الفاروق رضي الله عنهما, فنور مشكاة الاقتباس, يضيء من حديث ابن عمه عبد الله بن عباس, وهو يروي حديث استشهاد امير المؤمنين عمر بن الخطاب, فيقول رضي الله عنهما: وضع عمر بن الخطاب على سريره, فتكنفه الناس يدعون ويثنون, ويصلون عليه قبل ان يرفع وأنا فيهم, فلم يرعني إلا برجل قد أخذ بمنكبي من ورائي, فالتفت اليه فإذا هو علي, فترحم على عمر وقال: ما خلفت احداً أحب الي أن القى الله بمثل عمله منك, وايم الله ان كنت لأظن ان يجعلك الله مع صاحبيك, وذاك اني كنت كثيراً أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: جئت أنا وأبو بكر وعمر, ودخلت انا وأبو بكر وعمر, وخرجت أنا وأبو بكر وعمر, فإن كنت لأرجو أو لأظن ان يجعلك الله معهما« (أخرجه البخاري ومسلم) هذان الحديثان وما في معناهما كذلك: يكاد سنا برقهما يذهب بأبصار من أورد نفسه المهالك, فظن بالآل والأصحاب خلاف ذلك, وهذا محمد بن الحنفية, يسأل أباه علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن خير البرية, بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من البشرية, فيقول: قلت لأبي: اي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم? قال: أبو بكر, قلت ثم من? قال: ثم عمر, وخشيت أن يقول: عثمان, قلت: ثم أنت, قال: ما أنا إلا رجل من المسلمين« (أخرجه البخاري), وهيهات هيهات ان نحصي في هذه العجالة ما لآل البيت من الفضل الجلي, والقدر العلي, ولكن حسبنا ما استحضرناه من مكارمهم الكثيرة, وما استذكرناه من مناقبهم الوفيرة.
بارك الله لي ولكم في الفرقان والذكر الحكيم, ووفقنا للاعتصام به وبما كان عليه النبي الكريم, عليه افضل الصلاة وأزكى التسليم, من الهدي القويم, والصراط المستقيم, اقول ما تسمعون واستغفر الله الغفور الحليم, لي ولكم من كل ذنب وحوب فتوبوا اليه واستغفروه إنه هو التواب الرحيم.
عباد الله: ان المحبة بين القرابة والصحابة بلغت أسمى المطالب, وذلك يتجلى في توقير أبي بكر وعمر في نفس علي بن ابي طالب, حيث سمى بعض أبنائه باسميهما كما هو مثبت في كتب جميع أهل المذاهب, فأما أبو بكر بن علي بن أبي طالب: فأمه ليلى بنت مسعود, وكان من جملة الشهداء الذين استشهدوا مع أخيهم الحسين رضي الله عنه في كربلاء, وأما عمر بن علي بن أبي طالب فأمه أم حبيب الصهباء, ومما يدل على تعانق الآل والصحب معانقة الابدان للأرواح, ما وقع بينهما من النكاح, فقد تزوج سبط رسول لله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي بن أبي طالب حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهم أجمعين, وأما ام كلثوم بنت علي بن أبي طالب وأمها فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد تزوجها عمر بن الخطاب فولدت له زيداً رضي الله عنهم أجمعين, فما أحوجنا معشر الإخوة الاخيار الى قراءة تاريخ امتنا المعطار, لنتعرف على مكانة آل البيت الاطهار, في نفوس الصحابة الأبرار, لتلهج السنتنا بقول العزيز الغفار: »ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم« (سورة الحشر 10).
مسك الختام
وليكن مسك الختام, معشر الاخوة الكرام ترطيب السنتكم بالصلاة والسلام على خير الانام, امتثالاً لأمر الملك القدوس السلام, حيث قال في أصدق قيل وأحسن حديث وخير كلام: »إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما« (الاحزاب 56), اللهم صل على محمد وعلى آل محمد, كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد, وبارك على محمد وعلى آل محمد, كما باركت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد, وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الراشدين, والأئمة الحنفاء المهديين, أولي الفضل الجلي, والقدر العلي, أبي بكر الصديق, وعمر الفاروق, وذي النورين عثمان, وأبي السبطين علي وارض اللهم عن عمي نبيك حمزة والعباس, وريحانتيه الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة بلا التباس, وآله وأزواجه المطهرين من الأرجاس, وصحابته الصفوة الأخيار من الناس.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات, الأحياء منهم والأموات, ربنا آتنا في الدنيا حسنة, وفي الآخرة حسنة, وقنا عذاب النار, اللهم وفق أميرنا وولي عهده لهداك, واجعل عملهما في رضاك, اللهم احفظهما بحفظك, واكلأهما برعايتك, والبسهما ثوب الصحة والعافية والإيمان, ياذا الجلال والإكرام, اللهم اجعل هذا البلد آمنا مطمئناً سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين, تقبل اللهم شهداءنا وشهداء المسلمين أجمعين, وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.
/ وصلتنا رسائل كثيرة من داخل وخارج الكويت يعرب اصحابها عن شكرهم وتقديرهم لوزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية لاعدادها خطبة خاصة بيوم الجمعة الموافق 7 محرم 1428 ه¯- 26-1-2007م بمناسبة شهر المحرم الحرام, وما يتضمنه هذا الشهر المبارك من ذكرى عاشوراء المجيدة.
وقد لاقت هذه الخطبة التي اذيعت في وسائل الاعلام المختلفة ووزعت على خطباء الجمعة في كل مساجد الكويت.. لاقت رضا واستحسان الجميع لانها عمقت جانبا من روح التآخي والمحبة والاحترام المتبادل بين السنة والشيعة ونزولاً على رغبة الكثيرين نقوم بنشر نص هذه الخطبة سائلين الله تعالى ان يجمع كلمة المسلمين ويوفقهم لما فيه رضاه..
الحمد لله الكبير المتعال الموصوف بأوصاف الجمال والمنعوت بنعوت الجلال, فضل بعض خلقه على بعض بالانعام والافضال, وجعل بيت النبي »صلى الله عليه وسلم« خير بيت وآل احمد ربي حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه وهو المحمود على كل حال, واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له شديد المحال المنزه عن الشركاء والنظراء والامثال, واشهد ان نبينا محمدا عبد الله ورسوله اصدق البرية لهجة في جميل الاقوال, واتقاهم واخشاهم لربه في جليل الافعال ارسله الله رحمة للعالمين ليضع عنهم الاصار والاغلال, فصلى الله وسلم عليه وعلى آله وازواجه واصحابه الراشدين المهدين في الحال والمقال, صلاة وسلاماً متعاقبين ما تعاقبت الايام والليال.
اما بعد فأوصيكم بتقوى الكبير المتعال فقابلوا اوامره بالامتثال وسارعوا الى مغفرة من ربكم وتزلفوا اليه بصالح الاعمال, وحافظوا على الفرائض فانها وسيلة الى بلوغ الامال واتقوا يوما ترجعون فيه الى الله لا بيع فيه ولا خلال واعلموا رحمني الله واياكم ان الله تعالى هو مولاكم وهو جل جلاله يخلق ما يشاء ويختار, ما كان لاحد في ذلك من اختيار وان من جملة من اختارهم الرب تبارك وتعالى وفضلهم على كثير ممن خلق تفضيلا, وجعل نسلهم خير نسل العالمين محتدا وقبيلاً: آل النبي »صلى الله عليه وسلم« الذين هدوا في شرف النسب سبيلا وجعلت شمس فضلهم في سماء العالمين دليلاً.
عباد الله الاخيار
اعلموا رحمني الله واياكم ان روض شرعكم المعطار قد فاح منه عبق الثناء على آل نبينا المختار »صلى الله عليه وسلم« فقد سطرت نصوص الوحي فضل الآل تسطيرا كما في قوله تعالى: »انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا« »الاحزاب-33« فقد تضمنت هذه الاية المحكمة بلا التباس, فضل آل البيت وانهم مطهرون من الارجاس, ومن هذه الفضائل الكثيرة والمناقب الوفيرة, ما اخرجه مسلم في صحيحه من حديث زيد بن ارقم قال: قام رسول الله »صلى الله عليه وسلم« يوما فينا خطيبا بماء يدعى خما بين مكة والمدينة فحمد الله واثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال: اما بعد الا ايها الناس فانما انا بشر يوشك ان يأتي رسول ربي فأجيب وانا تارك فيكم ثقلين: اولهما كتاب الله فيه الهدى والنور, فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به فحث على كتاب الله ورغب فيه.
ثم قال: واهل بيتي اذكركم الله في اهل بيتي اذكركم الله في اهل بيتي اذكركم الله في اهل بيتي فقد تضمنت هذه الوصية النبوية الشريفة وهذه الخطبة المصطفوية المنيفة حب آل البيت وتعزيزهم وموالاتهم وتوقيرهم لذا فقد امر المسلم ان يدعو الله تعالى لهم في جميع الصلوات, وان يسأله ان يذكرهم في الملا الاعلى وينزل عليهم البركات كما اخرج الشيخان من حديث عبد الرحمن بن ابي ليلى رحمه الله تعالى قال: »لقيني كعب بن عجرة فقال: ألا اهدي لك هدية سمعتها من النبي »صلى الله عليه وسلم«? فقلت: بلى فأهدها لي:
قال: سالنا رسول الله »صلى الله عليه وسلم« فقلنا: يا رسول الله كيف الصلاة عليكم اهل البيت? فان الله قد علمنا كيف نسلم عليكم? قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد, اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد.
يا محبي الحق وطلابه: اعلموا هداني الله وإياكم السداد والاصابة: أن جميع الصحابة رضي الله عنهم, كانوا يبجلون قرابة النبي صلى الله عليه وسلم.
فقد رعوا واجباتهم أكمل الرعاية, واعتنوا بحرماتهم انبل العناية, قالت عائشة رضي الله عنها:
»فاضت عينا أبي بكر رضي الله عنه فتكلم وقال: »والذي نفسي بيده, لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب الي أن أصل من قرابتي« (أخرجه البخاري ومسلم), وقال عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: قال أبو بكر رضي الله عنه: »ارقبوا محمداً في أهل بيته« (أخرجه البخاري), فهذا تعظيم آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يدين الله تعالى به أبو بكر الصديق رضي الله عنه, وأما إجلالهم الذي كان يظهره عمر الفاروق رضي الله عنه, فيتجلى في ما اخرجه البخاري في صحيحه من حديث انس بن مالك رضي الله عنه: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان اذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب رضي الله عنه فقال: »اللهم إنا كنا نتوسل اليك بنبينا فتسقينا, وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا فيسقون«.
فهذا التعظيم والإجلال, خلق متبادل بين الصحب والآل, فكما ان الصحابة كانوا يقدرون القرابة القدر العلي, فكذا كان القرابة يجلون الصحابة الإجلال الجلي, فكان علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: »كنت اذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً نفعني الله بما شاء منه, وإذا حدثني عنه غيري استحلفته, فإذا حلف لي صدقته, وإن أبا بكر رضي الله عنه حدثني, وصدق ابو بكر, قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
»ما من رجل يذنب ذنباً ثم يقوم فيتطهر, ثم يصلي, ثم يستغفر الله: إلا غفر له, ثم قرأ هذه الآية: »والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله« (آل عمران: 135) إلى آخر الآية أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه, فهذا تقدير ابي السبطين لأبي بكر الصديق رضي الله عنهما, وأما توقيره لعمر الفاروق رضي الله عنهما, فنور مشكاة الاقتباس, يضيء من حديث ابن عمه عبد الله بن عباس, وهو يروي حديث استشهاد امير المؤمنين عمر بن الخطاب, فيقول رضي الله عنهما: وضع عمر بن الخطاب على سريره, فتكنفه الناس يدعون ويثنون, ويصلون عليه قبل ان يرفع وأنا فيهم, فلم يرعني إلا برجل قد أخذ بمنكبي من ورائي, فالتفت اليه فإذا هو علي, فترحم على عمر وقال: ما خلفت احداً أحب الي أن القى الله بمثل عمله منك, وايم الله ان كنت لأظن ان يجعلك الله مع صاحبيك, وذاك اني كنت كثيراً أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: جئت أنا وأبو بكر وعمر, ودخلت انا وأبو بكر وعمر, وخرجت أنا وأبو بكر وعمر, فإن كنت لأرجو أو لأظن ان يجعلك الله معهما« (أخرجه البخاري ومسلم) هذان الحديثان وما في معناهما كذلك: يكاد سنا برقهما يذهب بأبصار من أورد نفسه المهالك, فظن بالآل والأصحاب خلاف ذلك, وهذا محمد بن الحنفية, يسأل أباه علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن خير البرية, بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من البشرية, فيقول: قلت لأبي: اي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم? قال: أبو بكر, قلت ثم من? قال: ثم عمر, وخشيت أن يقول: عثمان, قلت: ثم أنت, قال: ما أنا إلا رجل من المسلمين« (أخرجه البخاري), وهيهات هيهات ان نحصي في هذه العجالة ما لآل البيت من الفضل الجلي, والقدر العلي, ولكن حسبنا ما استحضرناه من مكارمهم الكثيرة, وما استذكرناه من مناقبهم الوفيرة.
بارك الله لي ولكم في الفرقان والذكر الحكيم, ووفقنا للاعتصام به وبما كان عليه النبي الكريم, عليه افضل الصلاة وأزكى التسليم, من الهدي القويم, والصراط المستقيم, اقول ما تسمعون واستغفر الله الغفور الحليم, لي ولكم من كل ذنب وحوب فتوبوا اليه واستغفروه إنه هو التواب الرحيم.
عباد الله: ان المحبة بين القرابة والصحابة بلغت أسمى المطالب, وذلك يتجلى في توقير أبي بكر وعمر في نفس علي بن ابي طالب, حيث سمى بعض أبنائه باسميهما كما هو مثبت في كتب جميع أهل المذاهب, فأما أبو بكر بن علي بن أبي طالب: فأمه ليلى بنت مسعود, وكان من جملة الشهداء الذين استشهدوا مع أخيهم الحسين رضي الله عنه في كربلاء, وأما عمر بن علي بن أبي طالب فأمه أم حبيب الصهباء, ومما يدل على تعانق الآل والصحب معانقة الابدان للأرواح, ما وقع بينهما من النكاح, فقد تزوج سبط رسول لله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي بن أبي طالب حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهم أجمعين, وأما ام كلثوم بنت علي بن أبي طالب وأمها فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد تزوجها عمر بن الخطاب فولدت له زيداً رضي الله عنهم أجمعين, فما أحوجنا معشر الإخوة الاخيار الى قراءة تاريخ امتنا المعطار, لنتعرف على مكانة آل البيت الاطهار, في نفوس الصحابة الأبرار, لتلهج السنتنا بقول العزيز الغفار: »ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم« (سورة الحشر 10).
مسك الختام
وليكن مسك الختام, معشر الاخوة الكرام ترطيب السنتكم بالصلاة والسلام على خير الانام, امتثالاً لأمر الملك القدوس السلام, حيث قال في أصدق قيل وأحسن حديث وخير كلام: »إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما« (الاحزاب 56), اللهم صل على محمد وعلى آل محمد, كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد, وبارك على محمد وعلى آل محمد, كما باركت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد, وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الراشدين, والأئمة الحنفاء المهديين, أولي الفضل الجلي, والقدر العلي, أبي بكر الصديق, وعمر الفاروق, وذي النورين عثمان, وأبي السبطين علي وارض اللهم عن عمي نبيك حمزة والعباس, وريحانتيه الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة بلا التباس, وآله وأزواجه المطهرين من الأرجاس, وصحابته الصفوة الأخيار من الناس.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات, الأحياء منهم والأموات, ربنا آتنا في الدنيا حسنة, وفي الآخرة حسنة, وقنا عذاب النار, اللهم وفق أميرنا وولي عهده لهداك, واجعل عملهما في رضاك, اللهم احفظهما بحفظك, واكلأهما برعايتك, والبسهما ثوب الصحة والعافية والإيمان, ياذا الجلال والإكرام, اللهم اجعل هذا البلد آمنا مطمئناً سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين, تقبل اللهم شهداءنا وشهداء المسلمين أجمعين, وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.