المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مهاترات العلماء



لا يوجد
02-07-2007, 04:57 PM
الخليج الاماراتية - أبو خلدون


أراهن على مليون دولار من أموال بيل جيتس أنه لو حاول أحد العلماء البارزين شرح نظرياته أمام مجموعة من الناس في ساحة إحدى القرى، فإن النتيجة ستكون واحدة من اثنتين: إما أن يجري نقله بالقوة إلى مستشفى الأمراض العصبية والعقلية، باعتبار أن هذا المستشفى أفضل مكان يمكن أن يتواجد فيه، أو ينهالوا عليه ضرباً بالعصي حتى يصبغوا جسمه بالكامل لأنهم سيظنون أنه يستخف بعقولهم ويسخر منهم.

وخذ مثلا علماء الفيزياء الكمية الذين يحاولون أن يقنعونا أن الإنسان يتواجد في عدة أمكنة في وقت واحد، فأنت عندما تكون في سيارتك متجها إلى مكتبك، تكون أيضا في منزلك تتنقل بين القنوات الفضائية، وفي مكتبك تستقبل المراجعين، وخذ ذلك العالم الذي يقول لك إن بروتون الذرة يحتوي على 3 كوارتز، ولو استخرجنا هذه الكوارتزات الثلاثة من البروتون لوجدنا أن وزن كل واحد منها يعادل 1000 ضعف وزن البروتون، ولو قلت له كيف يمكن أن يكون وزن الجزء 1000 ضعف وزن الكل، وكيف يكون وزن امرأة حامل بثلاثة توائم، 70 كيلوجراما مثلا، ولو استخرجنا التوائم الثلاثة بعملية قيصرية ووَزَنا كل واحد منهم على حدة فإننا سنجد أن وزنه يعادل 70 ألف كيلوجرام، بينما وزن المرأة لم ينخفض إلا عشرة كيلوجرامات، وكيف تكون هذه الكيلوجرامات العشرة تعادل 210 آلاف كيلوجرام؟ لدخل معك في مهاترات تفقدك ما تبقى لديك من منطق وعقل. وكل التلاميذ تعلموا في المدارس أن اسحق نيوتن اكتشف قانون الجاذبية عندما سقطت تفاحة فوق رأسه في حديقة منزله، وأن الجاذبية هي التي تحكم حركة الكون والأفلاك بأسرها، وبعد وفاة نيوتن لم يتوقف سقوط التفاح عن الأشجار، ويبدو أن حديقة البروفيسور مارك ماكوتشيون خالية من أشجار التفاح، ولذلك لم تسقط أية تفاحة فوق رأسه، مما دفعه إلى الخروج بنظرية جديدة تلقى تأييداً واسعاً في الأوساط العلمية تقول إن الجاذبية غير موجودة، وأن اسحق نيوتن مجرد واهم عندما تحدث عنها.

وقبل أيام نشر استاذان بارزان في علم النفس من جامعة هارفارد هما هاريسون بوب وجيمس هيدسون دراسة في مجلة الطب النفسي الالكترونية قالا فيها إن سيجموند فرويد كان يسبح في عالم الأوهام عندما قال إن العقل يكبت التجارب المؤلمة التي يمر بها الإنسان في حياته في مكان ما من اللاشعور، وينساها كليا، لتظهر في المستقبل على شكل عقد نفسية.

وقال العالمان في دراستهما إن هذا الكلام مجرد خرافات، فالعقل لا يكبت شيئا، والحديث عن الكبت في الأعمال الأدبية والشعرية بدأ بعد طرح نظرية فرويد، ولو كان الكبت صحيحا لوجدنا آثارا له في انتاج كبار الكتاب والشعراء والروائيين في العالم قبل القرن التاسع عشر الذي طرح فرويد فيه نظريته، ووضع العالمان جائزة 1000 دولار لكل من يدلهما على قصة أو رواية أو مسرحية تتحدث عن ذلك، وقالا في دراستهما إن الإنسان يتذكر التجارب المؤلمة التي يمر بها أكثر من التجارب الأخرى لأنها مهمة في صراعه من أجل البقاء، وإذا كان لا يتذكر تجربة ما فترة طويلة من الوقت فذلك لا يعني انها مكبوتة في عقله الباطن، وإنما لأنه لا يدرك أبعادها، أو أن متطلبات حياته لم تستوجب استدعاءها، ومثال على ذلك: طفلة تتعرض لتحرش جنسي من جانب أحد أقاربها: هذه المعلومة يحتفظ بها العقل في مكان ما، إلى جانب التجارب الأخرى التي تمر بها الطفلة في حياتها، ولا تتذكرها، وعندما تكبر تطفو هذه التجربة فوق السطح، ولكن ذلك لا يعني أنها كانت مكبوتة، وكل ما هنالك أن الطفلة لم تستوعب أبعادها إلا بعدما كبرت. وقبل القرن التاسع عشر تحدث العديد من الكتاب عن كبت الذكريات المؤلمة التي يمرون بها في اللاشعور بالطريقة التي تحدث عنها فرويد، ومثال على ذلك قصة “علاقات خطرة” التي كتبها الأديب الفرنسي شودرلو دي لا كلوس عام 1782 وأنتجتها هوليوود سينمائيا، وفي مسرحية “الملك لير” لشكسبير لا يتمكن الملك من التعرف إلى ابنته كورديليا عندما يجد نفسه في معسكر فرنسي، ولكنها مهاترات العلماء التي سحبت المصداقية من كل الأشياء.