صائب الحق14
10-27-2003, 04:16 PM
العبيد والأحرار
قال الإمام علي (ع): "الدنيا دار ممر لا دار مقر، والناس فيها رجلان: رجل باع نفسه فأوبقها ورجل ابتاع نفسها فأعتقها".
إن هذه العبارة على قصرها لتزخر بالمعاني العميقة التي لا تترشح إلاّ من روح مضيئة بنور الله؛ أجل إن خلاصة عمر أغلب الناس ـ ومع الأسف ـ هي العبودية وبيع النفس وهدر الشخصية الإنسانية والخسران بتعبير القرآن الكريم، العبودية للشهوات والغضب والحقد والوقوع في أسر العادات والتقاليد الجاهلية التي تتناقض ومنطق العقل، واللهاث وراء الصرعات.
إن البعض من الناس يظنون أنفسهم أحراراً لأنهم ليسوا عبيداً لدى الآخرين، غافلين عن آلاف الحقائق الدقيقة التي هي أدق من الشعر، غافلين عن أن العبودية لها ألف شكل وشكل، وأن الأسر له ألف شكل وشكل، غافلين عن أن الطمع هو ضرب من العبودية، وأن العادات الجاهلية هي ضرب من الأسر، وأن عبادة المال هي نوع من العبودية.
كان يوسف الصديق يُعامل كعبد سنوات طويلة، وكان يباع ويشترى في الاسواق وتتلاقفه الأيدي كبضاعة وينتقل من بيت لآخر، ولم يكن يملك من الدنيا شيئاً، حتى الطعام الذي يتناوله والثياب التي يرتديها كانت هي الأخرى ملكاً لأسياده، بل حتى ثمار عمله التي يحصل عليها بعد جهدٍ جهيد.
لقد كان يوسف من وجهة نظر مادية عبداً، غير أنه أثبت العكس في قصته مع أجمل نساء مصر عندما رفض جميع الاغراءات بل وجميع التهديدات، وبالرغم من كونه عبداً فقد أعلن بأن روحه حرة وأنه ليس عبداً للشهوات قائلاً: إني عبد الله وإن (السجن أحب إليّ مما يدعونني إليه). [يوسف: 33]
إن التاريخ ليزخر بالأمثلة العديدة عن بعض الأفراد الذين كانوا يُعاملون وبحكم القانون على أنهم عبيد أرقاء ولكنهم كانوا أحراراً بنفوسهم وعقولهم وأفكارهم. أليس لقمان الحكيم الذي سميت به إحدى سور القرآن الكريم كان عبداً؟ ولكنه كان في قمة الحرية بأخلاقه وروحه.
في مقابل ذلك توجد أمثلة عديدة لأشخاص يُعتبرون أحراراً من وجهة نظر القانون ولكنهم أسرى وعبيد، فعقولهم مستعبدة وأرواحهم وقلوبهم مستعبدة وأخلاقهم وشهامتهم مستعبدة (اولئك الذين خسروا أنفسهم). [هود: 21] بتعبير القرآن الكريم.
فليس مهماً أن يخسر الإنسان في مسرح الحياة حلته أو يخسر منزله أو يخسر ماله وثروته، أو يخسر منزلته الاجتماعية. الخسران الحقيقي هو خسران النفس وخسران الحرية والشهامة والشجاعة، وخسران المحبة والعاطفة الإنسانية، خسران العقل والإيمان والقناعة.
الناس فريقان كما عبر عن ذلك علي (ع): فريق "باع نفسه فأوبقها" وفريق "ابتاع نفسه فأعتقها"، فريق يلهث وراء المال والثروة والمقام والهوى والرغبات وزينة الحياة، وفريق يسعى لتحقيق شخصيته الإنسانية وبناء نفسه على اساس من العزة والكرامة والاستقامة والتقوى والعدالة والإيمان. إن القرآن الكريم ليؤكد ذلك ويشير إلى عدم وجود شيء في الحياة له قيمة تجعل الإنسان يبيع نفسه من أجله.
يقول الشاعر:
أمطري لؤلؤاً جبال سرنديب أو أفيضي آبار تكرور تبرا
همتي همة الملوك ونفسي نفس حر ترى المذلة كفرا
قال الإمام علي (ع): "الدنيا دار ممر لا دار مقر، والناس فيها رجلان: رجل باع نفسه فأوبقها ورجل ابتاع نفسها فأعتقها".
إن هذه العبارة على قصرها لتزخر بالمعاني العميقة التي لا تترشح إلاّ من روح مضيئة بنور الله؛ أجل إن خلاصة عمر أغلب الناس ـ ومع الأسف ـ هي العبودية وبيع النفس وهدر الشخصية الإنسانية والخسران بتعبير القرآن الكريم، العبودية للشهوات والغضب والحقد والوقوع في أسر العادات والتقاليد الجاهلية التي تتناقض ومنطق العقل، واللهاث وراء الصرعات.
إن البعض من الناس يظنون أنفسهم أحراراً لأنهم ليسوا عبيداً لدى الآخرين، غافلين عن آلاف الحقائق الدقيقة التي هي أدق من الشعر، غافلين عن أن العبودية لها ألف شكل وشكل، وأن الأسر له ألف شكل وشكل، غافلين عن أن الطمع هو ضرب من العبودية، وأن العادات الجاهلية هي ضرب من الأسر، وأن عبادة المال هي نوع من العبودية.
كان يوسف الصديق يُعامل كعبد سنوات طويلة، وكان يباع ويشترى في الاسواق وتتلاقفه الأيدي كبضاعة وينتقل من بيت لآخر، ولم يكن يملك من الدنيا شيئاً، حتى الطعام الذي يتناوله والثياب التي يرتديها كانت هي الأخرى ملكاً لأسياده، بل حتى ثمار عمله التي يحصل عليها بعد جهدٍ جهيد.
لقد كان يوسف من وجهة نظر مادية عبداً، غير أنه أثبت العكس في قصته مع أجمل نساء مصر عندما رفض جميع الاغراءات بل وجميع التهديدات، وبالرغم من كونه عبداً فقد أعلن بأن روحه حرة وأنه ليس عبداً للشهوات قائلاً: إني عبد الله وإن (السجن أحب إليّ مما يدعونني إليه). [يوسف: 33]
إن التاريخ ليزخر بالأمثلة العديدة عن بعض الأفراد الذين كانوا يُعاملون وبحكم القانون على أنهم عبيد أرقاء ولكنهم كانوا أحراراً بنفوسهم وعقولهم وأفكارهم. أليس لقمان الحكيم الذي سميت به إحدى سور القرآن الكريم كان عبداً؟ ولكنه كان في قمة الحرية بأخلاقه وروحه.
في مقابل ذلك توجد أمثلة عديدة لأشخاص يُعتبرون أحراراً من وجهة نظر القانون ولكنهم أسرى وعبيد، فعقولهم مستعبدة وأرواحهم وقلوبهم مستعبدة وأخلاقهم وشهامتهم مستعبدة (اولئك الذين خسروا أنفسهم). [هود: 21] بتعبير القرآن الكريم.
فليس مهماً أن يخسر الإنسان في مسرح الحياة حلته أو يخسر منزله أو يخسر ماله وثروته، أو يخسر منزلته الاجتماعية. الخسران الحقيقي هو خسران النفس وخسران الحرية والشهامة والشجاعة، وخسران المحبة والعاطفة الإنسانية، خسران العقل والإيمان والقناعة.
الناس فريقان كما عبر عن ذلك علي (ع): فريق "باع نفسه فأوبقها" وفريق "ابتاع نفسه فأعتقها"، فريق يلهث وراء المال والثروة والمقام والهوى والرغبات وزينة الحياة، وفريق يسعى لتحقيق شخصيته الإنسانية وبناء نفسه على اساس من العزة والكرامة والاستقامة والتقوى والعدالة والإيمان. إن القرآن الكريم ليؤكد ذلك ويشير إلى عدم وجود شيء في الحياة له قيمة تجعل الإنسان يبيع نفسه من أجله.
يقول الشاعر:
أمطري لؤلؤاً جبال سرنديب أو أفيضي آبار تكرور تبرا
همتي همة الملوك ونفسي نفس حر ترى المذلة كفرا