المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حسن العلوي لـ «الحياة»: اقتتال الكتل المتجانسة بدأ... وإيران قَبلتنا «هدية» من العرب



سلسبيل
02-03-2007, 02:14 AM
المفكر العراقي و »هيكل صدّام» سابقاً يشخّص مستقبل العراق ...

الرياض - مصطفى الأنصاري - الحياة

رأى المفكر العراقي حسن العلوي أن المرحلة التي يعيشها العراق حالياً ستفضي إلى «الصوملة»، ويعقبها تفكيك الكتل المتجانسة، الذي بدأ باختلاف السنة مع السنة والشيعة مع الشيعة والأكراد مع الأكراد.

وقال العلوي، الذي صُنّف سابقاً على أنه «هيكل صدام»، في حديث الى «الحياة»، أن إيران حالت دون اقتتال الشيعة في ما بينهم، أما السنة فإنهم بدأوا يتقاتلون، ويُتوقع المزيد.

وأبدى أسفه «لتقديم الدول العربية شيعة العراق هدية إلى إيران، على رغم أن عددهم يماثل عدد خمس دول أعضاء في الجامعة العربية». أما البقية من الشيعة العرب الذين استعصوا على المغازلة الإيرانية فقال إن تأثيرها «تحت الصفر».

واعتبر كتابه "عمر والتشيّع" الصادر حديثاً، «مشروعاً سياسياً»، أراد به إطفاء النيران المشتعلة في العراق، وبعث الشيعة العرب ليجمعهم خطاب مستقل.

وامتدح "شطارة إيران" وقال إنها مكّنت لنفسها في العراق وليست أميركا هي التي مكّنت لها كما يتردد. وعاتب العرب السنة في تأخرهم عن القيام بدور مماثل، وإن تفهّم أن «فاقد الشيء لا يعطيه».

وعن مستقبل العراق، وسط الصراع الطائفي المرير قال ان طرد الاحتلال في ظل تقاتل أهل الوطن «مستبعد»، مضيفاً أن الصراع لم يعد ضد الاحتلال، وإنما على المحتلين الأميركيين. وفي ما يأتي نص الحديث:


تنبأت بأن العراق الأميركي قادم، وأن له رجالاً محددين، فصاروا كما توقعت، سؤالي: ماذا بقي حتى الآن مما توقعت حدوثه ولا تزال تجزم بقدومه؟

- بقيت «الصوملة»، وأعني بها أن يصبح العراق كالصومال، العراق الآن مثل كرة تتدحرج من جبل، ومن الصعوبة إيقاف الانهيار لأنه لا توجد مصدات، كطوفان يجري من دون سدود ولا حواجز، دائماً أنا أتوقع الأسوأ، نحن الآن في المرحلة الرابعة.


> وهل هناك مرحلة خامسة تليها أيضاً؟

- تليها مرحلة تفكيك الكتل المتجانسة بعد حل الدولة وحل السلطة، ولو اكتفى الأميركيون بحل السلطة واستبدال سلطة عراقية عادلة بها لكان من الممكن ان يستقيم الامر، لأن هناك عدم ارتياح من سلوك النظام العراقي السابق من جانب الجوار الاقليمي، بسبب تورطه في اشكالات كثيرة مع العرب والمسلمين على حد سواء، فحل السلطة لم يكن يحزن العرب أبداً، ولكن الذي فاجأ الناس هو حل الدولة، الذي حدث في التزامن مع حل الشعب، أي تفكيك الشعب، فكّكوا السلطة، وفكّكوا معها وحدة البلاد الوطنية، وساعدهم في ذلك أن الشعب نفسه غير متجانس، فالعراق يعاني من عدم التجانس الاجتماعي، فهو شعب تعددي، وهذا ليس خطراً في أصله، حتى إن شاعراً عراقياً شبّه العراق بالبستان فيه مجموعة من الألوان والزهور ذات ألوان وروائح حلوة، لكن مع تحوّل هذه الألوان الى رماح والى صواريخ حل الخطر، وهذا ما حدث.


> وبأي شيء ينتهي نفق مرحلة «الصوملة»؟

- تنتهي إلى لا شيء. إلى «اللادولة»، فنحن الآن في فترة ما بعد الفيديرالية أو ما تحتها، على غرار قول أدباء ما بعد الحداثة، فحتى الفيديرالية قد تُشكّل فيها كتل متجانسة كردية، شيعية، سنية، هذه الآن غير موجودة ما عدا الكتلة الكردية التي لا تزال متجانسة، وان كنت أتوقع صداماً في المستقبل لأي سبب، فالكتلة السنية الآن في حال صدام في الأنبار.


> كأنك تقول إن النتيجة النهائية أن »لا حل»؟

- نعم لا حل للعراق، لأن عناصر الحل غير قائمة، كما أن إرادته أيضاً غير متوافرة، التصالح الذي تسمع عنه مجرد استهلاك وكسب للوقت، إذ انه ليس ناتجاً من نية صادقة.


> ولكن هل «صوملة» العراق شيء مخطط له أميركياً، أم حدث نتيجة لفشل غير متوقع؟

- في بعض الأحيان ليس شرطاً ان يكون الناتج من جنس المقدمة، نحن كما سقطنا في فخ المؤامرة سقطنا في فخ آخر، وهو انه لا مؤامرة، أنا أعتقد أن الواقع شيء بين الاثنين، إذا ما نزلنا قليلاً عن مصطلح المؤامرة ونفي المؤامرة، فسنجد شيئاً آخر اسمه خطط الدول. هل يعقل أن دولة مثل أميركا لا يوجد لديها برنامج عمل. الشركة الصغيرة تضع لها برنامجاً مرحلياً أو أكثر من مرحليّ، فأميركا لها برنامج محدد، ومخطط خاص، أنت قد تسميه مؤامرة، لكني قد لا أسميه مؤامرة، هو خطط الدولة.


> أفهم من ذلك أن أميركا خططت لأن يكون العراق صومالاً، مثلاً؟

- أنا لا أقول بهذا، ولكن قلت لك ان الناتج قد لا يكون من طبيعة المقدمة، كيف أن بلداً يحتل بلداً ويخضعه لسيطرته، ثم يُطالب دولة اخرى بتقديم حل، إما لتأييد الاحتلال أو نفيه، فدعوة خطاب (الرئيس الأميركي جورج) بوش أخيراً، أن تكف إيران أو سورية عن كذا، معناه أن الاحتلال غير قادر على إدارة البلد.


> ولكن ثمة دولاً ترى أن أميركا هي التي مكّنت لإيران في العراق؟

- لم يحدث ذلك بالطريقة المباشرة التي يتحدث عنها البعض، لا توجد دولة تحتل بلداً وتمكّن دولة أخرى منافسة فيه، فالأميركيون يعرفون أن ايران التي ستدخل العراق هي المسلحة لا العزلاء ، وهو ما يتناقض مع مبدأ أميركا في بداية احتلال العراق، فهم لا يريدون إلا قوة واحدة، ولذلك سرّحوا الجيش والأمن العراقيين، ورفضوا اقامة شرطة عراقية وأمن عراقي لمدة طويلة، على اعتبار ان أي سلاح سيصطدم مع سلاحهم، وحتى هذه اللحظة هم يخشون أن يسلحوا قوات الداخلية العراقية والجيش العراقي بجدية.


> على هذا إيران مكّنت لنفسها؟

- نعم، إيران شاطرة، ونحن نخشى ان نواجه طاقاتها بعجزنا وفشلنا كعرب في كل مرة، بالضبط كخطابنا إزاء إسرائيل بأن الصهاينة عملوا كذا وكذا، ونتجه إلى تحميلهم أي شيء يستفز العرب، نحن الآن نحمّل ايران الشيء نفسه، لماذا لا نقوم نحن بالعمل الذي تقوم به ايران، أو الذي تقوم به اسرائيل، من الذي منع العرب؟


> برأيك، هل العراقيون الذين باتوا الضحية، وقعوا في فخ الاحتلال، وربما إيران أيضاً؟

- لا، الوضع في العراق هو نتيجة لتراكمات طويلة، نتيجة لأخطاء في بناء السلطة العراقية الأولى التي أقامها الملك فيصل الأول على مبدأ قومية السلطة في بلد متعدد، فكان من المفترض ان تقام وطنية السلطة على الطراز المصري لا على قومية السلطة، لأنه في وطنية السلطة يلتقي السني والشيعي والتركماني والكردي والعربي، أما قومية السلطة فهي مشروع انقسامي، والملك فيصل انتبه إلى أخطائه فحاول تصحيحها، وقام بتوزيع مذكرة ضد قومية السلطة، ومرت ستة اشهر على توزيع هذه المذكرة في تداول محدود ثم رحل، وهناك عوامل أخرى أدت إلى ظهور العراق بالصورة الحالية، أبرزها المكبوت الطائفي الذي انفجر، بعضهم يتصرف كمن يرى أن الوقت حان لتصفية الحساب مع الآخرين بعد 1400 سنة!


> إذاً، أصبحت العملية أخذ كل طائفة الثأر من الأخرى؟

- نعم، وهذا الذي حدث في محاكمة (الرئيس العراقي السابق) صدام حسين، بدت ثأراً من السنّة وليست محاكمة، هذا ما قلته بعد تنفيذ الاعدام بأربع ساعات، إذ قلت إن صداماً السنّي هو الذي أعدم وليس صدام الديكتاتور الذي لم يحاكم أصلاً، والذي أوحى بهذا الشعور هو عملية الاعدام، هذا المشهد لم يكن اختراع الذهن العربي اوالذهن السني، وانما المشهد هو الذي اوحى بهذا الانطباع.


> في تقديرك، من الذي اختار التوقيت الذي استفز كثيرين؟

- الأميركيون وشيعة السلطة، حتى أبرئ شيعة الشعب.


> وما موقف الشيعة المعتدلين من المشهد؟

- أين هم الشيعة المعتدلون؟ اذا كان الخطاب العربي يعتبر الشيعة العرب عجماً ويخاطبهم كصفويين! الخطاب العربي يقدم كذا مليون عربي شيعي هدية لإيران باعتبارهم عجماً، ما موقع هؤلاء المعتدلين اذا كانوا بين أضراس وأنياب التكفير والتعجيم من جانب، وسيطرة الإسلاميين ذوي النزعة الايرانية على القرار السياسي من جانب آخر.


> وهل لم يعد للشيعة العرب تأثير في التركيبة العراقية؟

- الآن درجة تأثيرهم تحت الصفر.


> وكيف يُبعثون؟

- يُبعثون بخطاب عربي وليس بخطاب طائفي، ولا بخطاب يطعن في عروبة القبائل العربية التي جاءت امتداداً لنجد في بادية السماوة والفرات الأوسط، هذه القبائل هي التي حافظت على عروبة العراق كي لا يستعجم، هؤلاء لا ينبغي الحديث عنهم كصفويين أو عجم. هذه اللغة ناتجها أننا نقدم هذه العشائر العربية هدية لإيران.


> وإيران هل ستقبل تلك الهدية؟

- بالتأكيد، وهؤلاء العرب الشيعة مجموعهم يساوي خمس دول عربية أعضاء في الجامعة العربية، فأنت تقدم لايران خمس دول عربية حين تتنازل عن الشيعة العرب، وعندئذ تتنازل عن العروبة في العراق عموماً!



> وما دورك أنت في تغيير هذه النظرة وأنت الآن في العاصمة السعودية (الرياض)؟

- أسعى الى تغيير هذا الخطاب، أسعى لمصالحة تبدأ من التاريخ. وكتابي »عمر والتشيع» هو مشروعي.


> هذا المشروع ثقافي، والعراق يحتاج إلى مشروع سياسي؟

- بل مشروع سياسي يبدأ بالتصالح مع التاريخ، هذا نداء الى الشيعة العرب ان ينفصلوا عن الخطاب الايراني، مثلما يُنادي السنّة العرب بأن ينفصلوا عن خطاب التعجيم، لأن هناك شيعة عرباً متورطين في الخطاب الإيراني، في الوقت الذي يمثل الشيعة في العالم العربي 10 في المئة، فهم جزيرة في محيط اسلامي سني، وبالتالي لا توجد لهم فرص طيبة، فالفرص الطيبة تأتي من التجانس والمشاركة وليس من القطيعة، ولهذا عنوان الكتاب »القطيعة والمشاركة»، لأن الناس الذين يدعون الى القطيعة يعتقدون بأن علياً لم يتشارك مع الصحابة وانما قاطعهم، ولهذا انا اسعى الى تشكيل تيار أسميه »تيار المتعربين الشيعة»، والمتعرب هو وصف أتى في كتاب الجاحظ حين قال: كان عمر متعرباً. والمتعرب ليس الذي اصبح عربياً وانما العربي الذي يدافع عن مصالح العرب، وشرف العرب، فأنا افضّل كلمة المتعرب على العربي، أنا من أتباع عمر بن الخطاب فكراً ووجداناً.


> أنت تدعو إلى تجمع عربي أكثر من كونه طائفياً، والذي نراه الآن ان صوت الطائفية تتهاوى أمامه كل الأصوات الأخرى؟

- العامل الطائفي هو اقوى العوامل في العراق، ولهذا كان العراق البريطاني سنياً والعراق الاميركي شيعياً، ووضعت كتاباً في هذا الموضوع اسمه »العراق الاميركي».


> اذاً، هل يمكن لمشروعك النجاح في ظل هذا الهيجان الطائفي وإمساك رجال الدين الطائفيين من السنة والشيعة بزمام الامور؟

- هذه لغة تجارية، أما أصحاب المشاريع الفكرية كهذه، فحسبهم ان ينشروا الافكار مثلما ينشر الأوكسجين ويتنفسه الناس، ولا يفكرون في الربح والخسارة، انا شخصياً خاسر مئة في المئة، أخسر عندما اترك سفارتي ودولتي وامتيازات دولتي، سأخسر كثيراً من الجمهور العراقي الذي سيسيء فهم كتابي هذا »عمر والتشيع»، ولا يدرك انه مثل كتابي الآخر »الشيعة والدولة القومية»، في ذاك أتكلم عن حقوق مدنية، وفي هذا أتكلم عن حقوق مدنية، في ذلك الكتاب كان الشيعة مذهباً مقموعاً فدافعت عنه، وفي هذا الكتاب أصبحت السنة هي المذهب المقموع فدافعت عنه.


> ألا ترى ان العراق الآن في حاجة الى مبادرات إطفاء سياسية، وليس إلى مشاريع فكرية لا يظهر نتاجها الا بعد وقت؟

- لا، هو مشروع سياسي، وقلت إنه محاولة لإطفاء النيران، فهو طفّاية حريق.


> أنت ذكرت في إحدى أطروحاتك الفكرية ان عيد الاستقلال ربما يثير جدلاً بين العراقيين، واقترحت اكثر من مقترح، فما الذي تراه الآن بعد اعدام صدام؟ هل سيأتي من يقول ان يوم إعدام صدام سيكون...؟

- (غاضباً)، لا تتسطّح الى هذه الدرجة. هذا أمر مستبعدتماماً.


> سؤالنا عن عيد الاستقلال، أي يوم تراه مناسباً ليكون عيد الاستقلال؟ أو الأصلح ليوفّق بين العراقيين؟

- بالنسبة إلى الملكيين كانوا يعتبرون يوم 23 آب (أغسطس) من كل عام عيداً للاستقلال، لأنه اليوم الذي تأسس فيه العراق الملكي، ومنهم من اعتبر يوم 14 تموز (يوليو) يوماً وطنياً للجمهورية، ومنهم من يعتبر يوم سقوط صدام حسين عيداً، ولا احد يحتفل بيوم الاحتلال عيداً له! أنا اقترحت وكتبت رسائل لزعماء العراق لكي لا يتأخروا في الاعلان عن اليوم الوطني، واكتشفت في دراستي لتاريخ العراق أن هناك يوماً سيلقى القبول لدى جميع العراقيين، وهو يوم إعلانه عضواً مستقلاً في عصبة الأمم المتحدة في جنيف، في تاريخ 3 تشرين الاول (أكتوبر)1932.


> وهل تعتقد ان هذا اليوم سيرضي الجميع؟

- نعم نعم، لأنه يوم استقلال، ولم يكن لا ملكياً ولا جمهورياً، بل العراق الذي اصبح دولة مستقلة في العالم.


> في حوار لك ذكرت أن لك مؤلفاً، سميته «الفتوحات السفيانية»، وأشرت إلى أن هذا الكتاب لن ينشر إلا بعد مماتك، ما فكرة الكتاب حتى تراه في هذه الخطورة؟

- «الفتوحات السفيانية» كتاب قررت ألا أنشره في حياتي، وبالتالي أيضاً لا أستطيع الحديث عنه، ولكن ما أقوله لك أن كتاب »عمر والتشيع» كان من نتائج »الفتوحات السفيانية»، كان فصلاً صغيراً فيه اشتغلت عليه إلى أن أصبح كتاباً.


> ذكرت في جواب سابق أن الطائفية تتناقض مع الاجتماع على العروبة، ولكن في لبنان تكوّنت الدولة على أساس طائفي، وهي المثل العربي الأعلى في غناها الثقافي؟

- لبنان ليس دولة طائفية، وإنما الدولة الطائفية هي التي فيها طوائف عدة، وتوزع فيها الامتيازات بطريقة منحازة غير عادلة، كأن تكون شيعية وتحرم السني، أو مسلمة وتحرم المسيحي... ولهذا فالإسلام لم يكن طائفياً لأنه أعطى حقوق الكل كاملة. العراق مثلاً كان طائفياً لأن القرار سني، وأصبح الحكم فيه الآن طائفياً كذلك، لأن القرار شيعي بالطريقة نفسها، لم يتغير شيء سوى أن استبدلوا طائفية معينة بطائفية أخرى، والفارق بين الطائفيتين في حكم العراق ان الحكم في العراق في المرحلة السنية لم يكن ثقيلاً على الناس، لأن الحاكم لم يكن يلبس العمامة السنية، أي أن الطائفة السنية لم تحكم العراق بمذهب او بدين وانما حكمت كحزب قومي... حزب ليبرالي، حكمت كهاشمية، وحكمت كجمهورية، ولهذا فالناس لم يكونوا يشعرون بأن هذا الحاكم سني لأنه لم يكن يحكم بشكل ديني، أي انه لم يكن مثلاً يفضل أبا حنيفة على أبي جعفر الصادق، ولا يظهر على التلفزيون يمسّ علي بن أبي طالب بشيء.

وفي كل عصور الدولة العراقية السنية، لم يُسمّ شارع واحد باسم أحد من بني أمية، لان هناك شيعة، ولا يوجد في العراق شارع ولا مبنى ولا منتدى ولا مؤسسة باسم أي شخص أموي!


> اذاً، على أي اساس ترى طائفة في العراق ان ما يجري الآن ضد السنة في العراق مبرر، لان النظام العراقي السابق فعل بالشيعة الشيء نفسه؟

- هذا منطق الثأر السياسي، والثأر موجود بين القبائل، وأية سياسة مبنية على الثار لا يمكن أن تصدق!


> نعود إلى العراق الأميركي، هل النظام القائم الآن في العراق هو «العراق الأميركي»، بحسب رؤية حسن علوي؟

- في نظري انهم يريدون ان يجعلوا العراق هونغ كونغ، ولكن ليس في الصين، وأن يفتحوا له تجارة، ولكن لن يوجدوا فيه صناعة، لانه منذ ان يصبح صناعياً فانه سيهدد أميركا، لأن الدول الصناعية لا تكون عميلة، وهذا قانون معروف.

نحن كنا نتصور ان المشروع الأميركي سيساعد على تغيير السلطة وحلها، والدول المجاورة كلها كانت تتمنى ان يزول هذا النظام ولم يحزن احد عليه. لكن كيف يتغير؟ هذه نقطة، ومن الذي يغيّره؟ هذه نقطة. وكيف سيصبح؟ هذه هي النقطة الثالثة. وهذه كلها جاءت على غير المتوقع، لأن الأميركيين لم يكتفوا بحل السلطة وانما حلوا الشعب وفككوا الوحدة الوطنية، والآن بدأوا في تفكيك الكتل المتجانسة بتأجيج الصراع بين السني والسني، والشيعي والشيعي، والكردي والكردي، والسنة بدأوا بهذا المشروع، وإيران تحول دون ان يقتتل الشيعة بعضهم مع بعض، بينما السنة لم يخضعوا لقوة تمنعهم من الاقتتال.


> ماذا يمكن لدول الخليج العربي المحيطة ان تفعل لتحول دون الوصول إلى هذه المرحلة التي ستكون الأسوأ إذا حدثت؟

- فاقد الشيء لا يعطيه!


> بما أنك قسمت التاريخ العراقي إلى أميركي وبريطاني، فأيهما سيكون الأطول عمراً؟

- العراق الأميركي سيكون الأقصر عمراً، ومن الغرائب أن يكون الاحتلال عنواناً لبقاء العراق، كما يرى »الحزب الإسلامي» والشيعة معاً. هناك اتفاق سني - شيعي في السلطة العراقية، على أن ذهاب الأميركيين سيؤدي إلى الاقتتال.


> وأنت ماذا ترى؟

- الشيعة والسنة إذا تصالحوا هم من سيطرد الأميركيين، ولكنهم الآن في عراك وصراع دموي، وهذا الواقع المر هو الذي يوصلهم الى نتيجة انه إذا ذهب الاحتلال ذهب العراق، وطالما أن الأطراف العراقية هي التي تشعل الاقتتال، فلينهوا هذا الاقتتال لكي لا يجد الأميركيون ذريعة للبقاء.


> وهل المحتلون أنفسهم يريدون مغادرة العراق حقاً؟

- مفهوم العراق الأميركي المتصل بالاحتلال قد ينتهي مثلما حدث للعراق البريطاني، ففي 3 تشرين 1932 انتهى الاحتلال البريطاني وأعلن استقلال العراق، لكن كانت هناك قاعدتان بريطانيتان، بهذا المعنى يبقى العراق الآن أميركياً وبرضا الأطراف جميعها. وفي بعض الأحيان لا يكون الصراع ضد أميركا، وإنما عليها، انظر الى هؤلاء الذين كانوا يتصارعون، الآن كل منهم يقول إن أميركا لابد من أن تبقى، لأن كلاً منهم يود خطب ود الأميركيين، هناك صراع بين السني العربي والسني العراقي. السني العربي مسكين جاء الى العراق لا ليطلب دفتر اقامة ولا اجازة عمل ولا جاء للسياحة، بل جاء ليموت، فأمامه »الجنة الخضراء»، أما السني العراقي فإنه يريد الاستيلاء على »المنطقة الخضراء»، ويفكر كيف يصل إليها ويأخذ حقوقه مثل الشيعة.


> هل يعني هذا أن »المقاومة» الباقية تتكون من السنة العرب فقط؟

- ... وقليل من السنة العراقيين، وبعض الشيعة كأفراد، أما العشائر العربية فلا توجد داخل التيار الصدري ولا غيره، هي الآن في دور السبات، ليس لها دور في السلطة ولا في المعارضة.


> نشر لك رأي تؤكد فيه أن مشايخ الشيعة امرهم رجراج، وفقهاء السنة هائجون مائجون، ماذا تقصد بهذا؟

- الشيعة مثل المشتهية المستحية، أتوا بالاميركيين معاونين لهم، ومع ذلك يحاولون إخفاء ذلك، لكن هذا لم يحدث مع السنة في العراق البريطاني، كان موقفهم واضحاً.


> وذكرت أيضاً ان الشيعة أثناء معارضتهم كانوا أرأف بالسنة، على عكس السنة حينما صاروا في العراق الأميركي، على حد اصطلاحك، محكومين؟

- وما زلت أقول، إلى حين ضرب سامراء.


> وبعدها ماذا كنت تقول؟

- بعدها بدأ الشيعة ينتقمون، وقبل هذا كان دورهم سلمياً، أثناء وجود سيادة سنية لم يقتل محافظ ولا اغتيل رئيس مركز لأنه سنّي، ولا اغتصبت فتاة سنية من شيعي.


> كأنك تقول إن الشيعة أكثر تسامحاً من السنة؟

- نعم كانوا كذلك في العراق البريطاني، عند مقارنتهم بالسنة في العراق الأميركي، واستمرت الحال إلى حدٍ ما في العراق الأميركي إلى أن ضربت سامراء، بعد ضرب سامراء تنمّر الشيعة وبدأوا في إحراق مساجد السنة، وبدأ القتل على الهوية بصورة لم يشهدها العراق من قبل!


> أخيراً إلى أي شيء انتهيت في كتابك »عمر والتشيع» الذي أعادك إلى الأضواء مجدداً؟

- من الأخطاء الكبرى أن ينظر إلى عمر على أنه نصف الاسلام، والنصف الآخر علي. عمر ليس نصف الاسلام بل هو كل الإسلام ناقصاً خمسة!


> ومن هم الخمسة؟

- أصحاب القطيعة، وبالتالي لا توجد مناصفة، وللأسف حتى الطرف السني خضع لهذه المناصفة الخاسرة، عمر لم يتطفف نصفاً، عمر هو كل العرب ناقصاً خمسة، عمر هو كل التاريخ ناقصاً خمسة في المئة، خذ مؤلفي التشيع القدامى المسعودي والأصفهاني واليعقوبي، تجد أن رأيهم في عمر مثل رأي حسن العلوي.


> وكيف كانت ردود الفعل بعد الكتاب؟

- الكتاب لم يُوزّع بعد.


> وما توقعك لردود الفعل؟

- رد الفعل معروف عندي منذ سميت ابني عمراً قبل 43 سنة، ويتوافد علي أناس لم ينطق أحد منهم في حياته باسم عمر، فجلسوا يقترحون علي أن أسميه عماراً، بحثاً عن أي تحريف لاسم عمر، والبعض منهم يسألني: أي عمر تقصد؟ فأقول عمر في التاريخ واحد، هو عمر بن الخطاب، وما سميت ابني عمراً إلا حباً في عمر بن الخطاب، وسيأتي يوم أكتب فيه كتاباً عن عمر. خمسون عاماً مضت وأنا أبشر نفسي بكتاب أخطه عن عمر، فكتابي هذا ابن خمسين سنة، جمعت فيه عواطف خمسة عقود!


> عبدالعزيز السويد: إنني معك عام 1992 وكنا نتحدث عن عمر، وأنا أشهد أن شخصية عمر منذ عهد بعيد كانت مسيطرة على أبي عمر حسن العلوي.

- أنا لست متحولاً أبداً، كتابي هذا هو أنا منذ خُلقت.


> هناك من سيشكك في صدقية نهجك هذا، وسيفسره بنظرة تآمرية، من ذلك وجدت صحيفة عراقية تقول إنك شيعي في المغنم، ومتبرئ من المذهب في الملمات؟

- (غاضباً) إذا كان المغنم أن الدولة الحاكمة في العراق الآن شيعية وأنا من بُناتها، إذ كنت زعيم المـــعارضة الإعلامية منذ 23 سنة، فالمفترض مني على رأي من يقول هذا، أن أقبل بكل العـــروض التي جاءتني منها، وأتمـــتع بكل الامتيازات التي يتمتع بها أمثالي، أو أكون تاجراً أعقد الصفقات ويصير عندي ملايين. أنا الخاسر. تركت بلدي ومــواقعي ومــناصبي، والــرواتب التي تدرها، والصفقات التي تدرها السلطة، وأعرّض حياتي للتهديد... هل هذا مغنم؟ أأحد يترك كل ذلك ويقال إنه طالب مغنم، لا يقول هذا إلا السفلة من الشيعة والسنة!


> هذا ظننا فيك، ولكن هذه تهم طبيعي أن تتردد، فسامحنا؟

- عبد العزيز السويد: من البديهي أن يكون لمثلك أعداء من السنة والشيعة، فكل المصلحين عانوا.

- العلوي: تأليفي لهذا الكتاب يعني أنني غامرت بروحي، ووظيفتي تركتها، وبلدي الذي يقتل على الهوية قاطعته، فأي شيء يمكن أن يعوضني عن الذي خسرته؟ وأية دولة سنية تستطيع أن تعوضني عن حياتي وعن خسائري؟

عبد العزيز السويد كرر مواساته للضيف. وكان الله في عون حسن.




دستور العراق ... تشويه للفيديرالية

الدستور الحالي ليس اكثر ليبرالية من الدستور الملكي، لقد كان لدينا دستور ملكي تأسس عام 1925، وكان نموذجاً يحتذى به، لكن طراز الحياة السياسية لجم هذا الدستور. الدستور الحالي فيه هوامش ليبرالية واضحة، تجعله دستوراً ليبرالياً، لكن فيه أخطاء واضحة أضعفت المركزية أكثر مما ينبغي، وأعطت الأقاليم الصغرى حقاً في القرارات الكبرى، في صورة لا توجد في نظام الولايات والفيديراليات العالمية.

في أميركا، وهي دولة فيديرالية، هل تسمع صوتاً غير صوت بوش؟ أين صوت حاكم كاليفورنيا؟ هل سمعت أن حاكم كاليفورنيا ذهب ليعقد اتفاقاً مع المكسيك مثلا؟! بينما في العراق يذهب محافظ البصرة ليعقد اتفاقاً مع ايران! الدستور هو الذي أعطاه هذا الحق. الدستور العراقي أعطى الحق للمحافظة في أن تنفصل عن الإقليم، إذاً، دستور العراق الحالي لا يؤمّن القدر المطلوب للوحدة الوطنية، ويعتبر تشويهاً للنظام الفيديرالي في العالم الذي يوصف بالليبرالية. الليبراليات في العالم تقوم على مركزية القضاء والخارجية والدفاع، ولا تعطي أي حق للولايات في أن تخرج عن حدودها وتبرم معاهدات كما نرى في العراق!