سلسبيل
01-30-2007, 01:05 AM
ربيع كلاس - الرأي العام الكويتية
وصف مفتي جبل لبنان الشيخ الدكتور محمد علي الجوزو ما يحصل حاليا في لبنان بـ «مؤامرة، إذ انهم يريدون اعادتنا الى اجواء الحرب التي لم نصدق كيف تحرر لبنان منها ومن الوصاية السورية (...)»، معتبرا ان «الحاصل حاليا هو تعطيل للشرعية وتمزيق للوحدة الوطنية».
وفي حوار خص به «الراي» خلال وجوده في الكويت، اعتبر الجوزو ان «اغلاق الطرقات امر مرفوض»، متسائلا عن السبب للأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله لاسقاط رئيس الحكومة فؤاد السنيورة «الذي اعتبره اشرف انسان عرفته في هذا الجو السياسي». واذ اعتبر ان رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري «صار زعيما للشيعة وليس رئيسا لمجلس النواب»، رأى ان الرئيس اميل لحود «عميل لسورية ولا يريد الخروج من هذه العمالة»، واصفا في الوقت نفسه السيد حسن نصر الله بأنه «تحوّل من زعيم يريد محاربة اسرائيل الى رئيس ميليشيا يحارب شعب لبنان ويحاول تدمير لبنان».الجوزو الذي شدد على ان «كلامي ضد المذهبية وضد الطائفية»، حمّل مسؤولية اشعال الفتنة المذهبية الى «مشايخ الشيعة ومشايخ حزب الله لانهم كلهم يصطفون حول الحزب وينفذون كل ما يأمرهم به الحزب».
وفي ما يلي نص الحوار:
• كان لبنان يوم «الثلاثاء الاسود» على موعد مع احداث خطيرة، كيف نظرتم الى ما حدث؟
- يريدون محاربة المحكمة ذات الطابع الدولي(التي تنظر في جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري) ولا يريدونها ان تنجح في الوصول الى قتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري... وما زاد الطين بلّة، عندما تسببوا بقتل 5 مواطنين لبنانيين، اضافة الى اصابة مئات الجرحى... وهذه يجب ان تضاف الى لائحة الاغتيالات.
لبنان خرج من حرب استمرت 17 سنة ودمر، واعدنا بناءه بصعوبة، وتكبد خسائر كبيرة وديونا هائلة، وهم دائما يشتكون من هذه الديون ويحمّلون المسؤولية الى الرئيس الحريري رحمه الله، مع ان المسؤولية هي لاصحاب الميليشيات والعصابات التي كانت ترتبط بالوصاية السورية، إذ انهم كانوا يقتسمون الغنائم.
والمعروف ان سورية لم تكن في لبنان فقط للنزهة، بل كانت تعتبر لبنان «بيضة من ذهب». وما حدث يوم الثلاثاء، مؤامرة على لبنان، إذ انهم يريدون اعادتنا الى اجواء الحرب التي لم نصدق كيف تحررنا منها وتخلصنا منها وانتهينا منها. قلنا أننا سنبدأ بداية جديدة بعد مقتل الرئيس الحريري، وتحرر لبنان من الوصاية السورية ويلتقي الجميع على كلمة واحدة، وتلتقي كل الطوائف على كلمة واحدة، ونذيب هذه الفوارق الطائفية، فاذا بهم يجددون هذه الاجواء، ليس على اساس طائفي فقط، بل على اساس مذهبي ايضا.
المفروض ان يتمسك رجل العلم بالشرعية السياسية والشرعية الدينية والشرعية الخلقية، فلا يثور عليها، ويحاول ان يدمرها والحاصل حاليا، ان هناك تعطيلا للشرعية... تعطيلا لشرعية رئاسة الجمهورية، ولشرعية النواب، والان يريدون تعطيل الحكومة وإلغاءها... إذاً دعني أسأل: هل يريدون إلغاء لبنان نهائيا؟ هل يريدون الا يكون هناك لبنان؟ هل هي فعلا فكرة انشاء حكومة وحدة وطنية؟! اين الوحدة الوطنية الآن؟ لقد تمزقت هذه الوحدة وطعنت.
• الا تعتقد انه كان من الاجدر ترك المعارضة تعبر عن موقفها من خلال الاضراب الذي دعت اليه؟
- اغلاق الطرقات مرفوض، فليس من حقهم اغلاقها وليس من حقهم ان يعطلوا الحياة السياسية والاقتصادية، لا يوجد بلد ديموقراطي في العالم يضرب فيه الناس لمدة 60 يوما... اين الديموقراطية في ما يفعلونه؟ هذه وقاحة، وهذا تطاول على القانون وعلى الديموقراطية، لماذا يريد حسن نصر الله اسقاط الرئيس فؤاد السنيورة؟ لماذا؟ ما هذه العداوة بينهما.
قتلوا الحريري واسقطوا نهائيا الزعامة الاسلامية السنية في لبنان، والان يريدون اسقاط السنيورة، فلماذا هذا الاستهداف.
هذا استهداف مذهبي 100 في المئة وليس كما يدّعون بانها قضية وحدة وطنية على الاطلاق.
• قتلوا الحريري... من هم الذين قتلوا رفيق الحريري؟
- جميعهم مشاركون في هذه الجريمة.... جميعهم مشاركون... الذي يؤيد سورية يكون مشاركا لسورية في ما ارتكبته... هل قوى «14 مارس» هي التي قتلت زعماء «14 مارس»؟
لماذا قتلوا الصحافيين جبران التويني وسمير قصير؟ اليس من اجل الكلمة ومن اجل القلم، اليس من اجل رأيهم... فهل يقتل انسان من اجل رأيه؟ هذا بشع جدا.
نحن القينا جانبا كل ما ترتب على الحرب الماضية من مواقف وقلنا سامح الله كل زعماء لبنان ولنبدأ من جديد، واذا بنا نحاسب بعض الناس ونقتلهم...
يقول «انت مين كي تنتقدنا»... (في اشارة الى كلمة سابقة استخدمها السيد حسن نصر الله في أحد خطاباته قال فيها: انت مين... انت شو تاريخك)... وانا اقول ان من حق اي انسان ان ينتقد اي انسان... لا يوجد انسان فوق الناس ابدا، ولا توجد مرجعية في الدنيا تستطيع ان تنسب الى نفسها القدسية.
انا مرجعية اسلامية ويتم انتقادي، وفي بعض الاحيان أُشْتَمْ... وقد شتمني هذا الرخيص المعروف الذي يسلطونه على كل شريف في هذا البلد، والذي يعمل لمصلحتهم دائما ووظيفته السب والشتم، ويتطاول على الكبار دائما...
• من تقصد بـ «الرخيص المعروف» سماحتك؟
-... لا أريد ان اسميه، لأن تسميته تلوث لساني، ولا أريد للساني إلا ان يكون لسانا نظيفا طاهرا ونقيا، وعيب ان ننزل الى مستوى هؤلاء الرعاع الصغار الذين أتت بهم المخابرات السورية لكي يسبوا ويشتموا الكبار فقط، لذلك ما أريد قوله: ماذا يريد حسن نصرالله من رؤساء الوزراء؟
رفيق الحريري لم يعطوه الثقة في أي يوم من الايام على الاطلاق، بل انهم كذبوا علينا، وقالوا بعد موته انه كان صديقا لنا وكان حبيبا لنا، أما في حياته، فلم يكن إلا عدواً لدوداً، ونحن نعرف رأي «حزب الله» في رفيق الحريري قبل موته، ورأي «حزب الله» الآن في الحريري. لا يحاول انسان ان يتبرأ من مواقفه القديمة ويبدلها فجأة...
• ألا تعتقد ان من المبالغة القول ان لبنان يواجه خطر الحرب والفتنة، خصوصا بعدما أكد السيد حسن نصرالله رفضه لذلك؟
- أنا لا أريد رفضا في الكلام فقط... أنحن دولة ديموقراطية أم لا؟ أنؤمن بهذه الديموقراطية أم لا؟ الوسائل المشروعة فقط هي التي تُقبل. أنا أسأل: أين هي الشرعية؟ هل هي في مجلس النواب؟ إذاً فلنعد الى مجلس النواب وليس الى شارع النواب، اذ لا يوجد شارع للنواب ولا شارع للشرعية، الشارع للشارع وخطاب الشارع يختلف عن خطاب مجلس النواب... أنتم كنواب تم انتخابكم وأنتم بدوركم انتخبتم، وكان لكم دور في مجلس النواب، فلماذا تتمردون الآن على مجلس النواب؟
أكبر غلطة تم ارتكابها، ان الرئيس نبيه بري أصبح زعيما للشيعة وليس رئيسا لمجلس النواب... هو بنفسه انزل نفسه من مستواه الكبير، لذلك لا يجوز أبدا وبأي شكل من الاشكال ان نحوّل القضايا الى قضايا مذهبية وطائفية، كادت تقع مجازر بين المسيحيين انفسهم، فهل هذا من مصلحة لبنان؟
قال السيد حسن وأعلن السيد حسن... لقد قال كثيرا السيد حسن نصرالله، ولكن ما يحدث على الارض ليس كما يقوله السيد حسن، والذين لبسوا الاقنعة الثلاثاء الماضي، أليسوا ميليشيات وقراصنة؟
ففي مصر، ولمجرد وضع بعض الشباب في الازهر أقنعة وقاموا بعرض قتالي رياضي، تم تحويلهم على المحكمة واعتبروا متطرفين... ليست هذه هي الصورة الحقيقية لانسان يقول شيئا ويفعل شيئا آخر.
أنت تريد ان تواجهني، فواجهني بطريقة شرعية، لكن عندما تخرج عن الشرعية، فلا أقيم لك أي وزن على الاطلاق، فالانسان غير الشرعي هو الذي يضرب الشرعية.
الرجل الوحيد الذي يحافظ الآن على الشرعية هو السنيورة والرجل الوحيد الذي يحافظ على الديموقراطية هو السنيورة، وهذا ليس تحيزا له، لكن هذا هو الواقع... السنيورة هو أشرف انسان عرفته في هذا الجو السياسي لأنه انسان مستقيم. السنيورة لم تتلوث يداه في دماء الناس ولم تتلوث يداه بسرقة الناس كما يدّعون، بل السارقون هم الذين سرقوا أرض الجناح وأرض الاوزاعي وسرقوا طريق المطار وسرقوا منطقة الرمل العالي (مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية).
لا يجوز ان نجر لبنان الى هاوية الدمار من جديد. بنى الرجل (الحريري) رحمه الله، بنى لبنان بناء رائعا جدا، وصنع ما لم يصنعه أي سياسي، وأنا قلت للعماد ميشال عون: أي شارع أنت شققت، وأي بناء بنيت؟ أنت دمرت فقط...
ألم تكن كل اعمال عون خلال توليه السلطة في لبنان دمارا، بينما الحريري بنى؟ وعون يرجم الحريري ويقول ان الحريري كذا وكذا... فاللص الذي يسرق موازنة الدولة ويأخذها من الخزينة ويذهب يصبح شريفا (في اشارة الى مغادرة العماد ميشال عون عام 1991 لبنان الى منفاه في فرنسا، بعدما كان رئيسا للحكومة العسكرية وقائدا للجيش واتهم وقتها انه استولى على أموال طائلة واخذها معه) والرجل الذي بنى ووزع من جيبه وعلّم آلاف الطلبة، تم اتهامه ورجمه.
هل يحق لأي انسان ان يضع يده على أي قطعة أرض في لبنان ليست له؟ أليست هذه قرصنة؟
هم اغتصبوا أراضي الاوزاعي، هذا الحي النظيف الذي كان منتزها لبيروت، ماذا اصبح حاليا؟ صار حيا عشوائيا، فيه أبنية متراكمة مبنية في طريقة غير شرعية وغير قانونية ولا تحتوي على أي خدمات، وكل ما أرادوا فعله من خلال هذه الاحياء العشوائية في الاوزاعي، هو الاساءة الى بيروت، ونجحوا في ذلك، اذ ان كل مسافر قادم الى لبنان، ينظر تحته ولا يرى من الطائرة سوى احياء عشوائية.
هناك فرق كبير ما بين رؤية حسن نصرالله ورؤية رفيق الحريري. فرؤية الحريري كانت البناء والحضارة والتقدم وتقديم لبنان على انه بلد مدني، انما السيد حسن نصرالله، فمنع بناء جسر في منطقة الاوزاعي واطلق نظرية: البشر قبل الحجر...
رفيق الحريري، رحمه الله، دفع من جيبه الخاص وعلّم لكم 36 ألف طالب... لا أريد التحدث مذهبيا، لكنه ارسل من الطلاب الشيعة أكثر من الطلاب السنة، وكانوا يدرسون في فرنسا وفي الولايات المتحدة وكنت أراهم يتعلمون ويدرسون على حسابه ثم يشتمونه، فقط كانوا يسبونه لأنه رجل قوي ورجل لديه امكانات ضخمة، ويبدو ان لديهم عقدة، ولا يريدون رجلاً نظيفا في لبنان ولا يريدون رجلا قويا، لأنهم لا يحبون الاقوياء بل يحبون الضعفاء، لذلك، هم يريدون اضعاف الدولة وليس تقويتها.
• غالبا ما تتعرض الى انتقادات غير مباشرة من قيادات «حزب الله» على خلفية مواقفك الحادة، الا تعتقد ان من المفيد تغليب الخطاب المعتدل؟
- ليُغلّب الآخرون أولا... أنا لا أملك السلاح، وليس عندي ميليشيات... أنا أملك الكلمة فقط وأقول كلمة الحق لأنني أرى باطلا ينتشر على الساحة اللبنانية وأرى تزويرا للحقائق، وأنا لا أستطيع السكوت عن التزوير أنا حر، واعتز ان لبنان هو بلد الحرية، في حين انهم يريدونه بلدا للعبيد وبلدا للمخابرات السورية، يريدون ان نبقى ملتحقين بالمخابرات السورية ويحكمنا رستم غزالة ويحكمنا غازي كنعان...هل هذه كرامة لبنان؟ لماذا يريد ان يعيدنا الى عصر التبعية؟ لماذا يريدون الآن اعادة سورية الى الساحة اللبنانية؟ هذه كلها مؤامرات كي تشتعل النار في لبنان، ثم يقولون: فلتأت سورية لتضبط الموقف لأن الشعب اللبناني لا يستحق ان يعيش حرا ويحتاج الى وصاية وهذا هو الملخص الآن.
• يؤخذ عليك مقاربتك المباشرة كرجل دين للملفات السياسية - الامنية، خصوصا تلك المتعلقة بـ «حزب الله»... أليس من الأجدى ابتعاد رجال الدين عن السياسة؟
- رجال الدين ليسوا بشرا؟ ليسوا مواطنين؟ أليس من حقهم ان يمارسوا أبسط أمور الديموقراطية؟
حسن نصرالله يعمل الآن رئيسا لميليشيا وأنا لا أسميه زعيم حزب، لأن حسن نصرالله تحوّل من زعيم يريد محاربة اسرائيل الى رئيس ميليشيا يحارب شعب لبنان ويحاول ان يدمر لبنان... واذا لم أتكلم أنا، فمن الذي سيتكلم؟ هل نسكت جميعا ونترك حسن نصرالله و(نائبه) نعيم قاسم الذي ينط (يقفز) من خلف المنابر ويهدد... جميعهم يتحدثون بلغة فوقية واملائية... هل هذا كلام يجوز؟
ذهب غازي كنعان ورستم غزالة وجاء حسن نصرالله ونعيم قاسم ليمليا علينا ما يريدان؟ نحن لسنا عبيدا على الاطلاق، نحن أحرار وسندافع عن حرية اللبناني وكرامته... فليفسروا كلامي كيفما يشاؤون، أنا كلامي ضد المذهبية وضد كل الطائفية، أنا مع جمع كل الطوائف في لبنان على قدم المساواة، أنا مع إلغاء الطائفية السياسية، أنا مع ان ينتخب أي لبناني من أي طائفة، حتى للرئاسات الثلاث... لا نريد هذا التصنيف. ماذا فعلت فينا المذهبية والطائفية؟ الرئاسة تعطلت، فأُسيء للموارنة جميعا عندما استمر هذا الرئيس (العماد إميل لحود) للاسف الشديد بالتعامل مع الناس وكأنهم عبيد، هو عميل لسورية ولا يريد الخروج من هذه العمالة... اساء الى الموارنة قبل ان يسيء الى غيرهم، وكذلك الامر بالنسبة الى مجلس النواب، الاستاذ نبيه بري هو صديقي، لكنني لا أوافق على موقفه لأنه ضيّع الامانة الملقاة على عاتقه. فلو انه فتح ابواب مجلس النواب وناقش كل القضايا داخل المجلس، لكان حلّ الكثير من الامور، لكنه يعقّدها، وهو يعقدها لمصلحة من؟ لمصلحتي انا؟ لمصلحتك انت؟ لمصلحة الشعب اللبناني؟ ابدا، هذه لمصلحة (الرئيس السوري) بشار الاسد، لمصلحة (الرئيس الايراني محمود) احمدي نجاد لمصلحة (آية الله علي) الخامنئي الذي يتدخل في شؤوننا الداخلية.
وصف مفتي جبل لبنان الشيخ الدكتور محمد علي الجوزو ما يحصل حاليا في لبنان بـ «مؤامرة، إذ انهم يريدون اعادتنا الى اجواء الحرب التي لم نصدق كيف تحرر لبنان منها ومن الوصاية السورية (...)»، معتبرا ان «الحاصل حاليا هو تعطيل للشرعية وتمزيق للوحدة الوطنية».
وفي حوار خص به «الراي» خلال وجوده في الكويت، اعتبر الجوزو ان «اغلاق الطرقات امر مرفوض»، متسائلا عن السبب للأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله لاسقاط رئيس الحكومة فؤاد السنيورة «الذي اعتبره اشرف انسان عرفته في هذا الجو السياسي». واذ اعتبر ان رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري «صار زعيما للشيعة وليس رئيسا لمجلس النواب»، رأى ان الرئيس اميل لحود «عميل لسورية ولا يريد الخروج من هذه العمالة»، واصفا في الوقت نفسه السيد حسن نصر الله بأنه «تحوّل من زعيم يريد محاربة اسرائيل الى رئيس ميليشيا يحارب شعب لبنان ويحاول تدمير لبنان».الجوزو الذي شدد على ان «كلامي ضد المذهبية وضد الطائفية»، حمّل مسؤولية اشعال الفتنة المذهبية الى «مشايخ الشيعة ومشايخ حزب الله لانهم كلهم يصطفون حول الحزب وينفذون كل ما يأمرهم به الحزب».
وفي ما يلي نص الحوار:
• كان لبنان يوم «الثلاثاء الاسود» على موعد مع احداث خطيرة، كيف نظرتم الى ما حدث؟
- يريدون محاربة المحكمة ذات الطابع الدولي(التي تنظر في جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري) ولا يريدونها ان تنجح في الوصول الى قتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري... وما زاد الطين بلّة، عندما تسببوا بقتل 5 مواطنين لبنانيين، اضافة الى اصابة مئات الجرحى... وهذه يجب ان تضاف الى لائحة الاغتيالات.
لبنان خرج من حرب استمرت 17 سنة ودمر، واعدنا بناءه بصعوبة، وتكبد خسائر كبيرة وديونا هائلة، وهم دائما يشتكون من هذه الديون ويحمّلون المسؤولية الى الرئيس الحريري رحمه الله، مع ان المسؤولية هي لاصحاب الميليشيات والعصابات التي كانت ترتبط بالوصاية السورية، إذ انهم كانوا يقتسمون الغنائم.
والمعروف ان سورية لم تكن في لبنان فقط للنزهة، بل كانت تعتبر لبنان «بيضة من ذهب». وما حدث يوم الثلاثاء، مؤامرة على لبنان، إذ انهم يريدون اعادتنا الى اجواء الحرب التي لم نصدق كيف تحررنا منها وتخلصنا منها وانتهينا منها. قلنا أننا سنبدأ بداية جديدة بعد مقتل الرئيس الحريري، وتحرر لبنان من الوصاية السورية ويلتقي الجميع على كلمة واحدة، وتلتقي كل الطوائف على كلمة واحدة، ونذيب هذه الفوارق الطائفية، فاذا بهم يجددون هذه الاجواء، ليس على اساس طائفي فقط، بل على اساس مذهبي ايضا.
المفروض ان يتمسك رجل العلم بالشرعية السياسية والشرعية الدينية والشرعية الخلقية، فلا يثور عليها، ويحاول ان يدمرها والحاصل حاليا، ان هناك تعطيلا للشرعية... تعطيلا لشرعية رئاسة الجمهورية، ولشرعية النواب، والان يريدون تعطيل الحكومة وإلغاءها... إذاً دعني أسأل: هل يريدون إلغاء لبنان نهائيا؟ هل يريدون الا يكون هناك لبنان؟ هل هي فعلا فكرة انشاء حكومة وحدة وطنية؟! اين الوحدة الوطنية الآن؟ لقد تمزقت هذه الوحدة وطعنت.
• الا تعتقد انه كان من الاجدر ترك المعارضة تعبر عن موقفها من خلال الاضراب الذي دعت اليه؟
- اغلاق الطرقات مرفوض، فليس من حقهم اغلاقها وليس من حقهم ان يعطلوا الحياة السياسية والاقتصادية، لا يوجد بلد ديموقراطي في العالم يضرب فيه الناس لمدة 60 يوما... اين الديموقراطية في ما يفعلونه؟ هذه وقاحة، وهذا تطاول على القانون وعلى الديموقراطية، لماذا يريد حسن نصر الله اسقاط الرئيس فؤاد السنيورة؟ لماذا؟ ما هذه العداوة بينهما.
قتلوا الحريري واسقطوا نهائيا الزعامة الاسلامية السنية في لبنان، والان يريدون اسقاط السنيورة، فلماذا هذا الاستهداف.
هذا استهداف مذهبي 100 في المئة وليس كما يدّعون بانها قضية وحدة وطنية على الاطلاق.
• قتلوا الحريري... من هم الذين قتلوا رفيق الحريري؟
- جميعهم مشاركون في هذه الجريمة.... جميعهم مشاركون... الذي يؤيد سورية يكون مشاركا لسورية في ما ارتكبته... هل قوى «14 مارس» هي التي قتلت زعماء «14 مارس»؟
لماذا قتلوا الصحافيين جبران التويني وسمير قصير؟ اليس من اجل الكلمة ومن اجل القلم، اليس من اجل رأيهم... فهل يقتل انسان من اجل رأيه؟ هذا بشع جدا.
نحن القينا جانبا كل ما ترتب على الحرب الماضية من مواقف وقلنا سامح الله كل زعماء لبنان ولنبدأ من جديد، واذا بنا نحاسب بعض الناس ونقتلهم...
يقول «انت مين كي تنتقدنا»... (في اشارة الى كلمة سابقة استخدمها السيد حسن نصر الله في أحد خطاباته قال فيها: انت مين... انت شو تاريخك)... وانا اقول ان من حق اي انسان ان ينتقد اي انسان... لا يوجد انسان فوق الناس ابدا، ولا توجد مرجعية في الدنيا تستطيع ان تنسب الى نفسها القدسية.
انا مرجعية اسلامية ويتم انتقادي، وفي بعض الاحيان أُشْتَمْ... وقد شتمني هذا الرخيص المعروف الذي يسلطونه على كل شريف في هذا البلد، والذي يعمل لمصلحتهم دائما ووظيفته السب والشتم، ويتطاول على الكبار دائما...
• من تقصد بـ «الرخيص المعروف» سماحتك؟
-... لا أريد ان اسميه، لأن تسميته تلوث لساني، ولا أريد للساني إلا ان يكون لسانا نظيفا طاهرا ونقيا، وعيب ان ننزل الى مستوى هؤلاء الرعاع الصغار الذين أتت بهم المخابرات السورية لكي يسبوا ويشتموا الكبار فقط، لذلك ما أريد قوله: ماذا يريد حسن نصرالله من رؤساء الوزراء؟
رفيق الحريري لم يعطوه الثقة في أي يوم من الايام على الاطلاق، بل انهم كذبوا علينا، وقالوا بعد موته انه كان صديقا لنا وكان حبيبا لنا، أما في حياته، فلم يكن إلا عدواً لدوداً، ونحن نعرف رأي «حزب الله» في رفيق الحريري قبل موته، ورأي «حزب الله» الآن في الحريري. لا يحاول انسان ان يتبرأ من مواقفه القديمة ويبدلها فجأة...
• ألا تعتقد ان من المبالغة القول ان لبنان يواجه خطر الحرب والفتنة، خصوصا بعدما أكد السيد حسن نصرالله رفضه لذلك؟
- أنا لا أريد رفضا في الكلام فقط... أنحن دولة ديموقراطية أم لا؟ أنؤمن بهذه الديموقراطية أم لا؟ الوسائل المشروعة فقط هي التي تُقبل. أنا أسأل: أين هي الشرعية؟ هل هي في مجلس النواب؟ إذاً فلنعد الى مجلس النواب وليس الى شارع النواب، اذ لا يوجد شارع للنواب ولا شارع للشرعية، الشارع للشارع وخطاب الشارع يختلف عن خطاب مجلس النواب... أنتم كنواب تم انتخابكم وأنتم بدوركم انتخبتم، وكان لكم دور في مجلس النواب، فلماذا تتمردون الآن على مجلس النواب؟
أكبر غلطة تم ارتكابها، ان الرئيس نبيه بري أصبح زعيما للشيعة وليس رئيسا لمجلس النواب... هو بنفسه انزل نفسه من مستواه الكبير، لذلك لا يجوز أبدا وبأي شكل من الاشكال ان نحوّل القضايا الى قضايا مذهبية وطائفية، كادت تقع مجازر بين المسيحيين انفسهم، فهل هذا من مصلحة لبنان؟
قال السيد حسن وأعلن السيد حسن... لقد قال كثيرا السيد حسن نصرالله، ولكن ما يحدث على الارض ليس كما يقوله السيد حسن، والذين لبسوا الاقنعة الثلاثاء الماضي، أليسوا ميليشيات وقراصنة؟
ففي مصر، ولمجرد وضع بعض الشباب في الازهر أقنعة وقاموا بعرض قتالي رياضي، تم تحويلهم على المحكمة واعتبروا متطرفين... ليست هذه هي الصورة الحقيقية لانسان يقول شيئا ويفعل شيئا آخر.
أنت تريد ان تواجهني، فواجهني بطريقة شرعية، لكن عندما تخرج عن الشرعية، فلا أقيم لك أي وزن على الاطلاق، فالانسان غير الشرعي هو الذي يضرب الشرعية.
الرجل الوحيد الذي يحافظ الآن على الشرعية هو السنيورة والرجل الوحيد الذي يحافظ على الديموقراطية هو السنيورة، وهذا ليس تحيزا له، لكن هذا هو الواقع... السنيورة هو أشرف انسان عرفته في هذا الجو السياسي لأنه انسان مستقيم. السنيورة لم تتلوث يداه في دماء الناس ولم تتلوث يداه بسرقة الناس كما يدّعون، بل السارقون هم الذين سرقوا أرض الجناح وأرض الاوزاعي وسرقوا طريق المطار وسرقوا منطقة الرمل العالي (مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية).
لا يجوز ان نجر لبنان الى هاوية الدمار من جديد. بنى الرجل (الحريري) رحمه الله، بنى لبنان بناء رائعا جدا، وصنع ما لم يصنعه أي سياسي، وأنا قلت للعماد ميشال عون: أي شارع أنت شققت، وأي بناء بنيت؟ أنت دمرت فقط...
ألم تكن كل اعمال عون خلال توليه السلطة في لبنان دمارا، بينما الحريري بنى؟ وعون يرجم الحريري ويقول ان الحريري كذا وكذا... فاللص الذي يسرق موازنة الدولة ويأخذها من الخزينة ويذهب يصبح شريفا (في اشارة الى مغادرة العماد ميشال عون عام 1991 لبنان الى منفاه في فرنسا، بعدما كان رئيسا للحكومة العسكرية وقائدا للجيش واتهم وقتها انه استولى على أموال طائلة واخذها معه) والرجل الذي بنى ووزع من جيبه وعلّم آلاف الطلبة، تم اتهامه ورجمه.
هل يحق لأي انسان ان يضع يده على أي قطعة أرض في لبنان ليست له؟ أليست هذه قرصنة؟
هم اغتصبوا أراضي الاوزاعي، هذا الحي النظيف الذي كان منتزها لبيروت، ماذا اصبح حاليا؟ صار حيا عشوائيا، فيه أبنية متراكمة مبنية في طريقة غير شرعية وغير قانونية ولا تحتوي على أي خدمات، وكل ما أرادوا فعله من خلال هذه الاحياء العشوائية في الاوزاعي، هو الاساءة الى بيروت، ونجحوا في ذلك، اذ ان كل مسافر قادم الى لبنان، ينظر تحته ولا يرى من الطائرة سوى احياء عشوائية.
هناك فرق كبير ما بين رؤية حسن نصرالله ورؤية رفيق الحريري. فرؤية الحريري كانت البناء والحضارة والتقدم وتقديم لبنان على انه بلد مدني، انما السيد حسن نصرالله، فمنع بناء جسر في منطقة الاوزاعي واطلق نظرية: البشر قبل الحجر...
رفيق الحريري، رحمه الله، دفع من جيبه الخاص وعلّم لكم 36 ألف طالب... لا أريد التحدث مذهبيا، لكنه ارسل من الطلاب الشيعة أكثر من الطلاب السنة، وكانوا يدرسون في فرنسا وفي الولايات المتحدة وكنت أراهم يتعلمون ويدرسون على حسابه ثم يشتمونه، فقط كانوا يسبونه لأنه رجل قوي ورجل لديه امكانات ضخمة، ويبدو ان لديهم عقدة، ولا يريدون رجلاً نظيفا في لبنان ولا يريدون رجلا قويا، لأنهم لا يحبون الاقوياء بل يحبون الضعفاء، لذلك، هم يريدون اضعاف الدولة وليس تقويتها.
• غالبا ما تتعرض الى انتقادات غير مباشرة من قيادات «حزب الله» على خلفية مواقفك الحادة، الا تعتقد ان من المفيد تغليب الخطاب المعتدل؟
- ليُغلّب الآخرون أولا... أنا لا أملك السلاح، وليس عندي ميليشيات... أنا أملك الكلمة فقط وأقول كلمة الحق لأنني أرى باطلا ينتشر على الساحة اللبنانية وأرى تزويرا للحقائق، وأنا لا أستطيع السكوت عن التزوير أنا حر، واعتز ان لبنان هو بلد الحرية، في حين انهم يريدونه بلدا للعبيد وبلدا للمخابرات السورية، يريدون ان نبقى ملتحقين بالمخابرات السورية ويحكمنا رستم غزالة ويحكمنا غازي كنعان...هل هذه كرامة لبنان؟ لماذا يريد ان يعيدنا الى عصر التبعية؟ لماذا يريدون الآن اعادة سورية الى الساحة اللبنانية؟ هذه كلها مؤامرات كي تشتعل النار في لبنان، ثم يقولون: فلتأت سورية لتضبط الموقف لأن الشعب اللبناني لا يستحق ان يعيش حرا ويحتاج الى وصاية وهذا هو الملخص الآن.
• يؤخذ عليك مقاربتك المباشرة كرجل دين للملفات السياسية - الامنية، خصوصا تلك المتعلقة بـ «حزب الله»... أليس من الأجدى ابتعاد رجال الدين عن السياسة؟
- رجال الدين ليسوا بشرا؟ ليسوا مواطنين؟ أليس من حقهم ان يمارسوا أبسط أمور الديموقراطية؟
حسن نصرالله يعمل الآن رئيسا لميليشيا وأنا لا أسميه زعيم حزب، لأن حسن نصرالله تحوّل من زعيم يريد محاربة اسرائيل الى رئيس ميليشيا يحارب شعب لبنان ويحاول ان يدمر لبنان... واذا لم أتكلم أنا، فمن الذي سيتكلم؟ هل نسكت جميعا ونترك حسن نصرالله و(نائبه) نعيم قاسم الذي ينط (يقفز) من خلف المنابر ويهدد... جميعهم يتحدثون بلغة فوقية واملائية... هل هذا كلام يجوز؟
ذهب غازي كنعان ورستم غزالة وجاء حسن نصرالله ونعيم قاسم ليمليا علينا ما يريدان؟ نحن لسنا عبيدا على الاطلاق، نحن أحرار وسندافع عن حرية اللبناني وكرامته... فليفسروا كلامي كيفما يشاؤون، أنا كلامي ضد المذهبية وضد كل الطائفية، أنا مع جمع كل الطوائف في لبنان على قدم المساواة، أنا مع إلغاء الطائفية السياسية، أنا مع ان ينتخب أي لبناني من أي طائفة، حتى للرئاسات الثلاث... لا نريد هذا التصنيف. ماذا فعلت فينا المذهبية والطائفية؟ الرئاسة تعطلت، فأُسيء للموارنة جميعا عندما استمر هذا الرئيس (العماد إميل لحود) للاسف الشديد بالتعامل مع الناس وكأنهم عبيد، هو عميل لسورية ولا يريد الخروج من هذه العمالة... اساء الى الموارنة قبل ان يسيء الى غيرهم، وكذلك الامر بالنسبة الى مجلس النواب، الاستاذ نبيه بري هو صديقي، لكنني لا أوافق على موقفه لأنه ضيّع الامانة الملقاة على عاتقه. فلو انه فتح ابواب مجلس النواب وناقش كل القضايا داخل المجلس، لكان حلّ الكثير من الامور، لكنه يعقّدها، وهو يعقدها لمصلحة من؟ لمصلحتي انا؟ لمصلحتك انت؟ لمصلحة الشعب اللبناني؟ ابدا، هذه لمصلحة (الرئيس السوري) بشار الاسد، لمصلحة (الرئيس الايراني محمود) احمدي نجاد لمصلحة (آية الله علي) الخامنئي الذي يتدخل في شؤوننا الداخلية.