المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بريطانيا مكان مشجع ليعيش فيه المسلمون



سلسبيل
01-16-2007, 01:30 AM
روث كيلي*

*وزيرة الجاليات والحكومة المحلية في بريطانيا


أفتخر بشدة لكوني أعيش في مجتمع عميق في تنوعه ومنتعش بتعدد ثقافاته وانه لشرف عظيم لي ان ينطوي دوري في منصبي على بناء الثقة ما بين الجاليات المختلفة وخلق مجتمع اكثر ترابطاً.

ورغم انه من الصعب في بعض الاحيان جعل هذه الرسائل مسموعة, إلا اننا نحتاج لتسليط الضوء على الفوائد الكثيرة والحقيقية التي يجلبها التنوع الثقافي بالمجتمع, وهو امر له تأثير هائل على رخاء مجتمعنا وطاقته الابداعية. ورغم ان هناك جدلا دائراً في شأن الهجرة الى بريطانيا, فان الكثير من التغطية الصحافية في بريطانيا دارت منذ عهد قريب حول الاسلام والاجيال الاولى والثانية والثالثة للجاليات المسلمة التي تعيش هنا ليس من المعتاد سماع »بريطانيا مكان مشجع ليعيش فيه المسلمون« تقال علنا لكنها عبارة اسمعها بشكل فردي من الكثير من المسلمين, بالتأكيد تبين من استطلاع للرأي جرى اخيرا بان 12 في المئة فقط من المواطنين البيض يشعرون بالقلق ان تزوج احد اقاربهم من شخص اسود البشرة او اسيوي الاصل, منذ ثلاث سنوات فقط كان ذلك الرقم 33 في المئة,

حبذا لو يشار الى مثل هذه الحقائق المعبرة عن تسامح بريطانيا المتأصل بها بوضوح ليسمعها الجميع.
لماذا تعتبر المملكة المتحدة مكانا مشجعا ليعيش فيه المسلمون? استقر الكثير من المسلمين وبنوا حياتهم هنا لان لديهم هنا بشكل خاص حرية ممارسة ومناقشة امور دينهم على نحو غير متاح لهم في اماكن اخرى لدينا هنا قوانين صارمة تحظر تماما التحيز ضد اي فرد على اساس اصله العرقي او دينه , وهناك امثلة في كل مكان على اهتمام بريطانيا بدعم الحريات الدينية سواء كان ذلك بتوفير غرف للصلاة في اماكن العمل,

او المدارس الدينية او تقديم المأكولات الحلال في اماكن العمل والمستشفيات والمدارس, كما ان الاطفال من غير المسلمين يتلقون تعليما حول الاسلام والاديان الاخرى بموجب منهاجنا الدراسي الوطني وتنتعش في المملكة المتحدة سوق التمويل وفق الشريعة الاسلامية حيث تقدم بنوك اساسية كبنك اتش اس بي سي مثل هذه الخدمات هذا كله يقع ضمن محاولة المجتمع والحكومة لتشجيع ودعم مفهوم الفرص المتساوية والحرية الاقتصادية والتنمية والتحصيل العلمي.

هناك نحو مليوني مسلم يجعلون الدين الاسلامي ثاني اكبر دين في المملكة المتحدة ونتباهى بأن عدد المسلمين من الاعضاء في مجلسي البرلمان البريطاني هو اكبر من عددهم في برلمانات اخرى في الدول الاوروبية الغربية وهناك فعليا الآلاف من الجمعيات والمنظمات والهيئات الخيرية الاسلامية في بريطانيا, كما ان هناك مسلمين ممن يساهمون في حياتنا الثقافية عبر الفنون والرياضة على سبيل المثال.

إن القيم الجوهرية التي تمثل المعتقدات الاساسية في الدين الاسلامي قيم كالزكاة والرحمة هي الى حد كبير نفس القيم التي نتمسك بها في المجتمع البريطاني, علينا فقط ان ننظر الى كوارث كالزلزال المدمر الذي اصاب باكستان او التسونامي الذي اصاب آسيا والاستجابة الهائلة لحملة التبرعات من قبل المواطنين البريطانيين -حيث كان المسلمون والآسيويون البريطانيون قدوة للجميع - لنتعرف على مدى عمق هذه القيم الاسلامية - البريطانية المشتركة. ولننظر للاموال التي تقدمها بريطانيا حاليا على هيئة مساعدات بما فيها مبالغ كبيرة ومتزايدة مقدمة للدول الاسلامية. فقد ارتفعت المعونات المقدمة لباكستان من 28 مليونا إلى 97 مليونص جنيه استرليني, وتلك المقدمة لبنغلادش ارتفعت من 39 مليونا الى 123 مليون جنيه استرليني, وكل هذه الزيادة تمت خلال اقل من عقد من الزمان.


أعايش من خلال تجوالي في الجانب الشرقي من لندن وجميع المطاعم البنغالية قرب مقر اقامتي في لندن ذلك التنوع الثقافي والديني والتسامح بأفضل صوره في بريطانيا. ويمكن ان نعذرك ان ظننت بأنك في قلب مدينة لاهور أو دكا, حيث توجد المتاجر التي تعرض مختلف الأطعمة من جميع انحاء جنوب آسيا ومن العالم, وحيث يمكنك سماع الأذان للصلاة خمس مرات في اليوم. وبالطبع يعيش في لندن اكثر من 300 جالية يتحدثون اكثر من 300 لغة. هناك جدل دائر في بريطانيا حول مخاطر وجود مجتمع مقسم وموزع. هدفنا هو الحفاظ على درجة من التواصل بين الجاليات المختلفة وفيما بينها - لكن هذا لا يعني بأننا نبدي احتراما اقل للثقافات المختلفة وللمساهمات التي يقدمها العديدون ممن اتوا من جميع الخلفيات.


يقول البعض بأنه يجب ان تكون هوية بريطانيا بأنها بلد مسيحي بحت بسبب تراثها وتاريخها المسيحي, لكن في ذلك تجاهل للدور الذي لعبه الاسلام والاديان والثقافات الاخرى في تشكيل هذه الهوية التي تحدد ملامح مجتمعنا اليوم هذه الهوية ليست ظاهرة برزت للوجود مؤخراً, بل هي نتاج قرون طويلة من تبادل الثقافات والمعتقدات. فقد استفادت بريطانيا من التبادل التجاري والثقافي مع العالم الاسلامي طوال الالفية السابقة من السنين, ولعبت الحضارات الاسلامية دوراً رئيسياً في نقل الافكار الفلسفية والعلمية التي ندين لها بشدة الى اوروبا.

الموقف الرائد للتعايش السلمي رغم تعدد المعتقدات الدينية المساندة ورثناه عن المجتمعات الاسلامية القديمة. فبينما كانت العديد من الدول الاوروبية لا تبدي اي تسامح ومنخرطة في تطهير الاقليات الدينية في ذلك الوقت, كانت الحضارة الاسلامية نموذجاً حيث كان يعيش اليهود والمسيحيون بسلام جنبا الى جنب مع المسلمين ولعبوا ادوارا ادارية وثقافية كبيرة في المجتمعات الاسلامية.

أكد ولي العهد البريطاني الامير تشارلز في خطاب ألقاه مؤخراً في مصر على القيم المشتركة بين الدين المسيحي والاسلامي, مشيراً الى الدور الذي لعبه العلماء المسلمون في انتشال اوروبا من العصور المظلمة. واكد على كيفية ان الانسانية ككل تزدهر وتتطور بوجود التعاون والانسجام ما بين الثقافات والاديان, لكن التغلب على سوء فهم وانعدام ثقة لا داعي لهما يتطلب بذل الجهود من قبل جميع الاطراف.
لا يمكن ابدا تخيل بريطانيا دون المسلمين فيها - حيث انها ستكون عندئذ مختلفة تماما, واقل حيوية, وافقر ثقافيا, واقل نجاحا الى حد كبير اقتصاديا, وبالتالي فإنني اشعر بالفخر بأن باستطاعتنا ان ندعي بكل حق - بوجود العديد من الجاليات المختلفة هنا - بأننا بلد لشعب بريطاني واحد بغض النظر عن الاصل العرقي او الديني او الثقافي للمواطنين. فقد تشاركنا نفس القيم, واننا امة يلعب بها المسلمون البريطانيون دوراً حيوياً لا يتجزأ في مجتمعنا.