فاتن
01-12-2007, 08:06 AM
دراسة سجلت ولادته وتطوره قدم لها المؤرخ سلمان آل طعمة
لندن- من نضير الخزرجي*
/ يكتنز نهر الأدب العربي في ضفة الشعر منه, بروائع كثيرة ومتنوعة, تخبرك عن ثراء هذا النهر وقوة جريانه بين أنهر الآداب العالمية, ويتعاظم هذا الرقي الأدبي مع تشعب فروعه وتشقق قنواته.
ولا يستطيع أحد أن يزايد على شأنية الشعر العربي, فهو كان يشكل احد الأضلاع الثلاثة التي يقوم عليها مثلث حياة القبيلة العربية الى جانب ضلعي رئيس العشيرة وحامل راية العشيرة, فهذه الأضلاع كانت تسير معا, وبها تعرف القبيلة والعشيرة, صغر عدد أفرادها او كثر. فالشاعر يمثل قوة للعشيرة ويشكل مهابة في وجوه العشائر الأخرى, فهو الى جانب إنشاد الشعر ونظمه خطيب عشيرته ورب السلطة الإعلامية, فيها يدافع عنها ويكافح لاجلها وهذا المثلث لا يزال قائما, لاسيما في البلدان التي تحتفظ الى يومنا هذا بنمطية العشيرة وتركيبتها مثل العراق ومصر ودول الخليج.
ففي العراق, حيث التمسك بأعراف العشيرة ظاهرة قائمة, يشكل الشعر احد شرايين هذا النهر الجاري, ولكن الشرايين اتخذت بمرور الزمن اسماء مختلفة تبعا لاختلاف نمطية نظم الشعر, وبخاصة النظم باللهجة المحلية او الدارجة التي تتيح للناظم القدرة على تطويع الكلمة العربية بعد إخراجها من قيود قواعد اللغة, وهذا ما حمل البعض على تنظيم معاجم لمفردات اللغة العربية الدارجة, وقد يصعب إرجاع الكلمة الدارجة الى جذرها العربي إن لم تكن هناك معاجم خاصة.
و»الموال« واحد من أنواع الشعر العربي الدارج, وهو فرع من فروع النهر الممتد على طول الساحة الأدبية العربية, ويعد من إبداعات الأدب الذي يربط بين المفردة العربية الفصحى والمحلية, كما في نشأته الأولى, ثم تطور الى النظم بالدارجة او الفصحى او بالجمع بينهما.
ولكن ما معنى الموال ومن أين جاء هذا الطور من النظم, وما هي البيئة التي نشأ فيها ثم انتقل اليها, ومن هم رواده? هذه الأسئلة وأخرى كثيرة يناقشها العلامة الشيخ محمد صادق محمد الكرباسي في المقدمة التي وضعها لديوان »الموال« الذي تناول عبر 607 صفحات, ما تم نظمه في الامام الحسين »ع« من شعر الموال, ورأى الأديب والمؤرخ العراقي سلمان هادي آل طعمة, إعداد المقدمة في طبعة مستقلة تحت عنوان "الموال في دراسة معمّقة" صدر عن بيت العلم للنابهين في بيروت, في 134 صفحة من القطع المتوسط.
والموال بفتح الميم وتخفيف الواو او تشديدها, من أنماط الشعر الذي اختلفت الآراء في نسبتها ووصلت الى نحو عشرة آراء, وهو ما يبحثه المصنف تحت عنوان "آراء ونظريات",
بقراءة نقدية وتاريخية للآراء والنظريات التي تضمنتها كتب الماضين, وقد اشتهر أن الموال يرجع بتاريخه الى العصر العباسي, خصوصاً عهد هارون بن محمد المهدي العباسي »148-193 ه¯« الذي حكم من العام 170 ه¯ حتى وفاته, وقد حدده البعض بمقتل الوزير العباسي جعفر بن يحيى البرمكي في العام 187, حيث رثته إحدى جواريه, وبعضهم يرجعه الى نهاية العصر الأموي, ولكن الثابت أن هذا النمط من الشعر هو من نتاج المدرسة الشعرية العراقية, ثم انتقل الى باقي البلدان, ووقع الخلاف ما اذا كان واسطي المنشأ او بغداديا او حويزيا »من مدن ايران العربية في الوقت الحاضر«, وقد أعمل المحقق الكرباسي جهده في مناقشة الآراء كلها مناقشة علمية وتراثية, معرجا على بلد المنشأ وتاريخ النشأة والشخصية المنتسبة اليها والمفردات المستخدمة ولهجة النشأة وبيئتها وأغراضها. كما ناقش المصنف بعض المغالطات التي أوردها بعض الكتاب حين تناولهم لشعر الموال, مستعرضا بعض التعليقات التي قيلت في الموال, وخلص الى أن الموال نشأ في بغداد للرثاء ثم استخدم في واسط للتسلية, ثم شاع في البلدان العربية وباستخدامات عدة.
والموال كما يقرر المصنف وكما هو الظاهر: "يعتمد بالدرجة الأولى على الجناس, والتورية في حالات أخرى, وأقل تركيبته يكون من أربعة أشطر بشكل عام, ويحتوي بيت الموال على فكرة متكاملة كما هو الحال في الأبوذية, ولأجل ذلك جاء المثل الشعبي فلان غنى مواله, أي أنه أدى ما يريد قوله", واشتهر في المدرسة العراقية احتواء الموال: "على سبعة أشطر كل ثلاثة منها متحدة الجناس, ويطلق على كل ثلاثة أشطر منها بنداً, وأما الشطر السابع فيقال له الربّاط »القفلة« ويتحد الرباط في الجناس مع البند الأول دائما كما يتحد مع الشطر الأول من البند في دخول العلة وعدمها على تفعيلته الأخيرة, ولكن لابد ان يختلف محتوى جناسه عن جناسها برغم اتحاده معها في اللفظ". وإذا نظم على خمسة اشطر سمي »الخمس« او »الأعرج« لانفراد الشطر الرابع بقافية مختلفة, ومثله مثل الانسان الأعرج الذي يختل توازنه عند الحركة.
والملاحظ في الموال انه نظم ابتداء بالفصحى الملحون ثم نظم بالدارج, وفيما بعد نظم بالفصحى او بالجمع بين الاثنين, ويرد المصنف الكرباسي على قول البعض أن اللحن الذي ورد على لسان جارية جعفر البرمكي او عموم من نظم في رثائه, يعود الى عامل الخوف من بطش السلطة العباسية بعد »نكبة البرامكة«, والصحيح عنده: "إن اللحن إنما وقع بسبب أنهن كن أعجميات, كما إن البرامكة أنفسهم كانوا من »بلخ" في أفغانستان, وقد يعود سبب اللحن الى الأمرين الخوف والعجمة. كما رأى المصنف أن شعر الموال خرج من إطار الرثاء الى استخدامات أخرى كالغزل والمدح, وقلّ في الهجاء, كما إن المصريين طوروا الموال بعد ما ولد
وانتشر في العراق, كما انتشر الى الخليج عبر الأنباط ومنه الى الشام وغيرها من البلدان العربية, وقد عرف الموال العراقي باسم »زهيري«: "دون أن يتخلى عن تسميته بالموال, وأما الموال الشائع في بلاد الشام الكبرى وشمال أفريقيا فلم يطلق عليه اسم آخر, ولكن عرف عند العراقيين ب¯»النايل«". كما إن "كل قطر من الأقطار العربية اتخذ لنفسه طابعا معينا, فأبناء مصر وبلاد الشام ينظمونه على أربعة اشطر أو خمسة, والعراقيون ومن في فلكهم من أبناء الخليج وعرب الساحل الإيراني ينظمونه على سبعة أشطر, وأما في شمال افريقيا فلم نعرف انتشار الموال فيها ويقال أن هناك ما يشبه الموال ويسمى بالعروبي".
ويستعرض المصنف نصوصا قديمة من نظم الموال, مبينا التطور الذي حصل في نظمه على مر العصور في هذا البلد او ذاك, فيأخذ من الموال العراقي واللبناني والمصري والسوري والخليجي, نماذج لبيان أوجه الشبه والاختلاف من حيث عدد الأشطر والمفردات المستخدمة, كما يستعرض نماذج من الموال بالفصحى, من ذلك قول الشاعر اللبناني جورج رجي:
حُبي الذي غابَ عن ذكراكَ يهواك
أطلتَ بُعدك أم عاودتَ نجواك
يا من نسيتَ الأماني أين ألقاك
إني أضعتُكَ واللوعات إن وُجدت
في الحبيب المُعنّى ما أنا شاك
ويناقش المصنف تحت عنوان "أغراض الموال واستخداماته", استعمالات الموال في البلدان العربية, وتأثر نظم الموال ولحنه وغرضه وطريقة إلقائه بتراث كل بلد وما اشتهر به: "فالخليجيون مثلاً لارتباطهم بالبحر والغوص والسفينة والتجارة فكثيرا ما يأتي أداؤه بشكل جماعي ويغنى بما يناسب حالهم, بينما استخدمه غير الخليجي كالعراقيين مثلاً واخص منهم البغداديين في الغزل والمدح, كما استخدمه غيرهم في الاعتذار والرثاء والشكوى, وغلب في العراق استخدامه بشكل فردي كما استخدم بشكل جماعي,
وشاع استخدامه في حفلات الفرح وميادين الرياضة التي كانت تسمى الزورخانة »بيت القوة والمنازلة«, وقد استخدمه المصريون وغيرهم في المناسبات الدينية كالمولد النبوي مثلاً.
ويحقق المصنف في عناوين مستقلة, في "تركيبة الموال" و"وزن الموال وزحافاته وعلله" كما يستعرض "فنون من الموال" لشعراء أبدعوا في مثل هذا النمط من النظم مثل الشاعر العراقي هادي عبد القصاب »1340-1401 ه¯«, والشاعر جابر جليل الكاظمي, كما أبدع بعضهم في نظم روضة من الموال وهي قصيدة كاملة يضم كل بيت حرفا من حروف الهجاء العربية الثمانية والعشرين الى جانب حرف الجيم المثلثة »ج« والكاف الفارسية »ك«.
وأدرج المصنف في نهاية المقدمة جدولا معجميا بأسماء الذين نظموا على الموال بعامة, من الماضين والمعاصرين, وجدولا معجميا بمن نظم على الموال في الامام الحسين »ع« بخاصة.
ولما كان أهل مكة أدرى بشعابها, فان الشعراء أدرى بما جاء به الدكتور الشيخ محمد صادق محمد الكرباسي من جديد في دراسة الشعر عموماً والموال خصوصاً, ولذلك يصح من المعد المؤرخ والأديب والشاعر سلمان هادي آل طعمة القول: "واني أجد الديوان رغم اختصاصه بريحانة الرسول الأعظم »ص« أول دراسة موضوعية في شعر الموال«.
*إعلامي وباحث عراقي
alrayalakhar@hotmail.com
لندن- من نضير الخزرجي*
/ يكتنز نهر الأدب العربي في ضفة الشعر منه, بروائع كثيرة ومتنوعة, تخبرك عن ثراء هذا النهر وقوة جريانه بين أنهر الآداب العالمية, ويتعاظم هذا الرقي الأدبي مع تشعب فروعه وتشقق قنواته.
ولا يستطيع أحد أن يزايد على شأنية الشعر العربي, فهو كان يشكل احد الأضلاع الثلاثة التي يقوم عليها مثلث حياة القبيلة العربية الى جانب ضلعي رئيس العشيرة وحامل راية العشيرة, فهذه الأضلاع كانت تسير معا, وبها تعرف القبيلة والعشيرة, صغر عدد أفرادها او كثر. فالشاعر يمثل قوة للعشيرة ويشكل مهابة في وجوه العشائر الأخرى, فهو الى جانب إنشاد الشعر ونظمه خطيب عشيرته ورب السلطة الإعلامية, فيها يدافع عنها ويكافح لاجلها وهذا المثلث لا يزال قائما, لاسيما في البلدان التي تحتفظ الى يومنا هذا بنمطية العشيرة وتركيبتها مثل العراق ومصر ودول الخليج.
ففي العراق, حيث التمسك بأعراف العشيرة ظاهرة قائمة, يشكل الشعر احد شرايين هذا النهر الجاري, ولكن الشرايين اتخذت بمرور الزمن اسماء مختلفة تبعا لاختلاف نمطية نظم الشعر, وبخاصة النظم باللهجة المحلية او الدارجة التي تتيح للناظم القدرة على تطويع الكلمة العربية بعد إخراجها من قيود قواعد اللغة, وهذا ما حمل البعض على تنظيم معاجم لمفردات اللغة العربية الدارجة, وقد يصعب إرجاع الكلمة الدارجة الى جذرها العربي إن لم تكن هناك معاجم خاصة.
و»الموال« واحد من أنواع الشعر العربي الدارج, وهو فرع من فروع النهر الممتد على طول الساحة الأدبية العربية, ويعد من إبداعات الأدب الذي يربط بين المفردة العربية الفصحى والمحلية, كما في نشأته الأولى, ثم تطور الى النظم بالدارجة او الفصحى او بالجمع بينهما.
ولكن ما معنى الموال ومن أين جاء هذا الطور من النظم, وما هي البيئة التي نشأ فيها ثم انتقل اليها, ومن هم رواده? هذه الأسئلة وأخرى كثيرة يناقشها العلامة الشيخ محمد صادق محمد الكرباسي في المقدمة التي وضعها لديوان »الموال« الذي تناول عبر 607 صفحات, ما تم نظمه في الامام الحسين »ع« من شعر الموال, ورأى الأديب والمؤرخ العراقي سلمان هادي آل طعمة, إعداد المقدمة في طبعة مستقلة تحت عنوان "الموال في دراسة معمّقة" صدر عن بيت العلم للنابهين في بيروت, في 134 صفحة من القطع المتوسط.
والموال بفتح الميم وتخفيف الواو او تشديدها, من أنماط الشعر الذي اختلفت الآراء في نسبتها ووصلت الى نحو عشرة آراء, وهو ما يبحثه المصنف تحت عنوان "آراء ونظريات",
بقراءة نقدية وتاريخية للآراء والنظريات التي تضمنتها كتب الماضين, وقد اشتهر أن الموال يرجع بتاريخه الى العصر العباسي, خصوصاً عهد هارون بن محمد المهدي العباسي »148-193 ه¯« الذي حكم من العام 170 ه¯ حتى وفاته, وقد حدده البعض بمقتل الوزير العباسي جعفر بن يحيى البرمكي في العام 187, حيث رثته إحدى جواريه, وبعضهم يرجعه الى نهاية العصر الأموي, ولكن الثابت أن هذا النمط من الشعر هو من نتاج المدرسة الشعرية العراقية, ثم انتقل الى باقي البلدان, ووقع الخلاف ما اذا كان واسطي المنشأ او بغداديا او حويزيا »من مدن ايران العربية في الوقت الحاضر«, وقد أعمل المحقق الكرباسي جهده في مناقشة الآراء كلها مناقشة علمية وتراثية, معرجا على بلد المنشأ وتاريخ النشأة والشخصية المنتسبة اليها والمفردات المستخدمة ولهجة النشأة وبيئتها وأغراضها. كما ناقش المصنف بعض المغالطات التي أوردها بعض الكتاب حين تناولهم لشعر الموال, مستعرضا بعض التعليقات التي قيلت في الموال, وخلص الى أن الموال نشأ في بغداد للرثاء ثم استخدم في واسط للتسلية, ثم شاع في البلدان العربية وباستخدامات عدة.
والموال كما يقرر المصنف وكما هو الظاهر: "يعتمد بالدرجة الأولى على الجناس, والتورية في حالات أخرى, وأقل تركيبته يكون من أربعة أشطر بشكل عام, ويحتوي بيت الموال على فكرة متكاملة كما هو الحال في الأبوذية, ولأجل ذلك جاء المثل الشعبي فلان غنى مواله, أي أنه أدى ما يريد قوله", واشتهر في المدرسة العراقية احتواء الموال: "على سبعة أشطر كل ثلاثة منها متحدة الجناس, ويطلق على كل ثلاثة أشطر منها بنداً, وأما الشطر السابع فيقال له الربّاط »القفلة« ويتحد الرباط في الجناس مع البند الأول دائما كما يتحد مع الشطر الأول من البند في دخول العلة وعدمها على تفعيلته الأخيرة, ولكن لابد ان يختلف محتوى جناسه عن جناسها برغم اتحاده معها في اللفظ". وإذا نظم على خمسة اشطر سمي »الخمس« او »الأعرج« لانفراد الشطر الرابع بقافية مختلفة, ومثله مثل الانسان الأعرج الذي يختل توازنه عند الحركة.
والملاحظ في الموال انه نظم ابتداء بالفصحى الملحون ثم نظم بالدارج, وفيما بعد نظم بالفصحى او بالجمع بين الاثنين, ويرد المصنف الكرباسي على قول البعض أن اللحن الذي ورد على لسان جارية جعفر البرمكي او عموم من نظم في رثائه, يعود الى عامل الخوف من بطش السلطة العباسية بعد »نكبة البرامكة«, والصحيح عنده: "إن اللحن إنما وقع بسبب أنهن كن أعجميات, كما إن البرامكة أنفسهم كانوا من »بلخ" في أفغانستان, وقد يعود سبب اللحن الى الأمرين الخوف والعجمة. كما رأى المصنف أن شعر الموال خرج من إطار الرثاء الى استخدامات أخرى كالغزل والمدح, وقلّ في الهجاء, كما إن المصريين طوروا الموال بعد ما ولد
وانتشر في العراق, كما انتشر الى الخليج عبر الأنباط ومنه الى الشام وغيرها من البلدان العربية, وقد عرف الموال العراقي باسم »زهيري«: "دون أن يتخلى عن تسميته بالموال, وأما الموال الشائع في بلاد الشام الكبرى وشمال أفريقيا فلم يطلق عليه اسم آخر, ولكن عرف عند العراقيين ب¯»النايل«". كما إن "كل قطر من الأقطار العربية اتخذ لنفسه طابعا معينا, فأبناء مصر وبلاد الشام ينظمونه على أربعة اشطر أو خمسة, والعراقيون ومن في فلكهم من أبناء الخليج وعرب الساحل الإيراني ينظمونه على سبعة أشطر, وأما في شمال افريقيا فلم نعرف انتشار الموال فيها ويقال أن هناك ما يشبه الموال ويسمى بالعروبي".
ويستعرض المصنف نصوصا قديمة من نظم الموال, مبينا التطور الذي حصل في نظمه على مر العصور في هذا البلد او ذاك, فيأخذ من الموال العراقي واللبناني والمصري والسوري والخليجي, نماذج لبيان أوجه الشبه والاختلاف من حيث عدد الأشطر والمفردات المستخدمة, كما يستعرض نماذج من الموال بالفصحى, من ذلك قول الشاعر اللبناني جورج رجي:
حُبي الذي غابَ عن ذكراكَ يهواك
أطلتَ بُعدك أم عاودتَ نجواك
يا من نسيتَ الأماني أين ألقاك
إني أضعتُكَ واللوعات إن وُجدت
في الحبيب المُعنّى ما أنا شاك
ويناقش المصنف تحت عنوان "أغراض الموال واستخداماته", استعمالات الموال في البلدان العربية, وتأثر نظم الموال ولحنه وغرضه وطريقة إلقائه بتراث كل بلد وما اشتهر به: "فالخليجيون مثلاً لارتباطهم بالبحر والغوص والسفينة والتجارة فكثيرا ما يأتي أداؤه بشكل جماعي ويغنى بما يناسب حالهم, بينما استخدمه غير الخليجي كالعراقيين مثلاً واخص منهم البغداديين في الغزل والمدح, كما استخدمه غيرهم في الاعتذار والرثاء والشكوى, وغلب في العراق استخدامه بشكل فردي كما استخدم بشكل جماعي,
وشاع استخدامه في حفلات الفرح وميادين الرياضة التي كانت تسمى الزورخانة »بيت القوة والمنازلة«, وقد استخدمه المصريون وغيرهم في المناسبات الدينية كالمولد النبوي مثلاً.
ويحقق المصنف في عناوين مستقلة, في "تركيبة الموال" و"وزن الموال وزحافاته وعلله" كما يستعرض "فنون من الموال" لشعراء أبدعوا في مثل هذا النمط من النظم مثل الشاعر العراقي هادي عبد القصاب »1340-1401 ه¯«, والشاعر جابر جليل الكاظمي, كما أبدع بعضهم في نظم روضة من الموال وهي قصيدة كاملة يضم كل بيت حرفا من حروف الهجاء العربية الثمانية والعشرين الى جانب حرف الجيم المثلثة »ج« والكاف الفارسية »ك«.
وأدرج المصنف في نهاية المقدمة جدولا معجميا بأسماء الذين نظموا على الموال بعامة, من الماضين والمعاصرين, وجدولا معجميا بمن نظم على الموال في الامام الحسين »ع« بخاصة.
ولما كان أهل مكة أدرى بشعابها, فان الشعراء أدرى بما جاء به الدكتور الشيخ محمد صادق محمد الكرباسي من جديد في دراسة الشعر عموماً والموال خصوصاً, ولذلك يصح من المعد المؤرخ والأديب والشاعر سلمان هادي آل طعمة القول: "واني أجد الديوان رغم اختصاصه بريحانة الرسول الأعظم »ص« أول دراسة موضوعية في شعر الموال«.
*إعلامي وباحث عراقي
alrayalakhar@hotmail.com