المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إعدام صدام: موزاييك الطغاة.......عطاء الله مهاجراني



المهدى
01-11-2007, 04:10 PM
عطاء الله مهاجراني

سياسي ايراني


يبدو أن الشعب العراقي والعالمين العربي والإسلامي منقسمان إلى مجموعتين: الأولى تدين إعدام صدام حسين والثانية تعتقد انها العدالة الإلهية.

فسنة العراق أعلنوا أن إعدام صدام كان عملا شيعيا انتقاميا، وبعض القنوات التلفزيونية العربية مثل «الجزيرة» ركزت على الهتافات ضد صدام خلال إعداده للإعدام، مثل «إلى جهنم» و«يعيش محمد باقر الصدر،» ويعيش «مقتدى الصدر».

وتركز وسائل الإعلام، هذه الأيام، على هذا الموضوع، ويفسرون تفاصيل الهتافات. وأدانوا الإعدام، ودافعوا وأيدوا صدام، وشبهوا صدام بالحلاج، وقدموه كبطل عربي وشهيد عظيم. بينما تعتقد الجماعات الأخرى أن صدام هو عمر المختار، وفي ليبيا تريد الحكومة إقامة تمثال لصدام مثل البطل القومي الليبي عمر المختار.

وفي الناحية الأخرى، ويوم الثلاثاء 2 يناير، ذكرت الشرطة في بغداد أنها عثرت على 45 جثة في أنحاء عديدة من المدينة، لأناس بعضهم معصوبو الأعين، ومقيدو الأيدي.. أي من هذه الأحداث أكثر أهمية؟ كانت كل الجثث معصوبة الأعين. إذا كان الضحايا على قيد الحياة عندما عصبت أعينهم، فلا بد أنهم كانوا سيشعرون بالألم. والأسئلة هنا: هل عصبت أعينهم بعدما قتلوا. وما هي أسماء هؤلاء الأبرياء؟

وخلال العام الماضي، قتل أكثر من 16 ألف عراقي، والعديد من هؤلاء تعرض للتعذيب، وذبحوا وعصبت أعينهم. ويمكننا مقارنة هؤلاء الضحايا بصدام. ومرة أخرة فالسؤال هنا: لماذا لم تركز وسائل الإعلام على هؤلاء الضحايا؟

قال الأمين العام الجديد للأمم المتحدة بون كي مون: «لقد كان صدام مسؤولا عن ارتكاب جرائم فظيعة ومجازر لا توصف، ويجب ألاننسى ضحايا تلك الجرائم».

هل هناك شكوك حول هذا الحكم؟ لقد ناقشت المحكمة قضيتين فقط، الدجيل والأنفال، ولم تناقش مقتل العديد من العراقيين الذين أعدمهم نظام صدام. ففي ابريل عام 1980، دعت الحكومة العراقية أسرة الصدر لتسليمهم جثة آية الله العظمى الصدر وشقيقته بنت الهدى، وفي تلك الليلة قطع النظام العراقي الكهرباء عن النجف، وفي الظلام الحالك تسلمت الأسرة جثة محمد باقر الصدر التي تعرضت للتعذيب. وكانت يده نظيفة. لأنه لم يقتل أي شخص.

أما صدام فقتل آلاف وآلاف الأبرياء.

ففي عام 1990 بعد احتلال الكويت، وصل عزة إبراهيم وسعدون حمادي إلى إيران. وكانت زيارتهم الأولى. وقلت يومها لحمادي: «هل يمكنك إبلاغ صدام انه تكتيكي عبقري، ولكنه مجنون استراتيجيا!»

ورد قائلا: «اذا ما قلت له ذلك فسأعدم».

وكان محقا، ففي نظم الطغاة، يجب أن تكون ظلا ضعيفا للرئيس».

ما أقصده هو انه ليس من المهم مناقشة تفاصيل إعدام صدام. فمن الواضح أن الهتافات ضد صدام في هذا الموقف الخاص غير مقبولة. والسؤال الرئيسي هو من الذي درب صدام ودعمه كديكتاتور.

من الذي اختار صدام للمشاركة في عملية اغتيال عبد الكريم قاسم؟ عندما قتل سائق سيارة قاسم، فقد كانت هذه هي المرة الأولى التي يشارك فيها في قتل شخص برئ.

وعندما شاهد صدام محمد باقر الصدر، سأله: ما اسمك؟ ورد: الصدر. وقال صدام: الرجل.

وهذا الشخص الذي قال لصدام «إلى جهنم،» تدرب وتعلم في مناخ الاستبداد. والاستبداد يقضي أولا على الروح ثم يحول الإنسان إلى وحش.

واعتقد ان الجبل يبدأ بالحجر الأول، وتبدأ الديكتاتورية بالقتل أولا. ومثل الماء، الذي يغلي عند درجة حرارة 100 مئوية، فإن الديكتاتور يحتاج إلى فترة طويلة للوصول إلى قمة السلطة، والى قتل كل شخص وتدمير كل شيء. وهذه الأيام عندما نشاهد بعض الأشخاص يصفقون لصدام ويقدرونه، فهم في الواقع يدعمون الاستبداد، فعندما غزا صدام بعض الأراضي الإيرانية، ادعى انه يدافع عن البوابة الشرقية للعالم العربي. وفي ذلك الوقت بدلا من تأييده، ادين صدام. وعندما شاهد صدام أن الجميع يقدرونه، بدا الأمر له انه على حق وان دوره مثل صلاح الدين. وقد ادعى، بعض الأحيان، انه نبوخذنصر! وسلوك وشخصية الديكتاتور متشابهة للغاية للموزاييك، فهي تتشكل من عدة قطع، وكل جريمة وقتل برئ هو جزء من هذا الموزاييك. ومع ذلك ولسوء الحظ نشاهد دائما تقدير العديد من الناس للنظم الديكتاتورية.

واعتقد أن الفرق الأساسي بين الغرب والشرق هو دور القانون وإشراف الحكومة. ولذا شاهدنا الرئيس الاميركي نيكسون يستقيل، وهكذا. وشاهد القول هنا هو أن الطريق إلى الديكتاتورية مغلق. وبالطبع فإن الغرب يفضل لبلادنا الخضوع لنظم ديكتاتورية، لأنهم في حاجة إلى دعم الغرب. ومع أن الطغاة يحكمون بقبضة من حديد في بلادهم، نجدهم على العكس، في غاية الرقة أمام الولايات المتحدة وباقي الدول الغربية. الغرب يصنع النظم الديكتاتورية ويحطمها. ولهذا السبب، يصح قول تشرشل الذي أوضح أنهم ليس لديهم أعداء أو أصدقاء للأبد، ولكن لديهم مصالح دائمة.