حيدري
10-22-2003, 05:08 PM
علّق على مؤتمر القمة الوزارية لمنظمة المؤتمر الإسلامي:
فضل الله:العالم الإسلامي تعب من لغة البيانات الاستعراضية للقمم العربية والإسلامية
وهو يحتاج إلى خطة نهوض حقيقية وإلى مواجهة جدية للتحديات الخطيرة الواهمة
سئل آية الله العظمى، السيد محمد حسين فضل الله، في ندوته الأسبوعية: برأيكم ما هو المطلوب من منظمة المؤتمر الإسلامي؟ وهل يمكن للشعوب الإسلامية التعويل عليها في قضاياها الراهنة والمستقبلية؟
فأجاب: "كنا نتطلع، كما يتطلع الكثيرون، إلى أن تكون القضايا الإسلامية محور حركة منظمة المؤتمر الإسلامي في شكل فاعل، وأن يكون المؤتمر كالإتحاد الأوروبي من حيث سعي هذا الإتحاد للحفاظ على الشخصية الأوروبية مع ما تتضمنه هذه الشخصية من اختلافات في الفكر والانتماء وهو ما ليس موجوداً في واقع الدول الإسلامية... وأن يتابع المؤتمر هذه القضايا على أساس الاهتمام بقوة الأمة وعنفوانها ومستقبلها، ولا يكون مجرد مؤتمر احتفالي لا يلتزم أفراده بمقرراته حيث نلاحظ أن الكثيرين من أعضاء المؤتمر الإسلامي لا يلتزمون بما وقعوا عليه، بل إنهم يتحركون في خط السياسة الأميركية لتكون المقررات هي بمثابة وسائل التخدير من طريق تزييف القضايا وتمييعها بشرط أن تلحظ الشعوب الإسلامية اهتمام هذه الأنظمة بالقضية الإسلامية في الدائرة الإعلامية والسياسية المفرغة.
إن المطلوب من هذا المؤتمر بمن يتمثل فيه أن يسأل نفسه: هل أن الصفة الإسلامية التي تشمل كل دوله وشعوبه تعني لهم شيئاً؟ وهل أن العالم الإسلامي الذي يواجه في هذه الأيام التحديات الكبرى لجهة السعي لإلغائه أو إضعاف حركته السياسية والأمنية وتهميش دوره الثقافي والاقتصادي ليبقى خاضعاً للسياسة الامبراطورية الأميركية... هل يمثل عنوان العالم الإسلامي للمؤتمرين شيئاً؟ أو أن كل واحد يرجع بعد إطلاق المقررات إلى قواعده القطرية والوطنية والقومية سالماً، ولتكون المسألة مجرد مسألة احتفالية تعتبر بعدها الدول المشاركة بأنها وفّت قسطها للعلى، بينما تستمر عذابات الفلسطينيين ويستمر الاحتلال الأميركي للعراق وتستمر معه الضغوط والتهديدات الأميركية لكل الدول العربية والإسلامية المجاورة؟!
إن دور المؤتمر لا ينحصر في الحديث عن رفض إلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام فحسب، بل في تحذير الإدارة الأميركية وإسرائيل من الاستمرار في سياسة العدوان والإرهاب ليتعرف العالم، وإن من خلال بعض المواقف إلى الإرهاب الحقيقي، ثم ليصار إلى دراسة جذور الإرهاب وهل تنحصر في بعض الذهنيات الثقافية التي تعتبر أن العنف هو الحل للمشاكل السياسية الموجودة في العالم الإسلامي، وكيف تتغذى هذه الذهنيات من القهر والقمع والاضطهاد الأميركي والإسرائيلي للشعوب العربية والإسلامية، ومن هذه المصادرة المتواصلة لقضاياها، وأن الكثير من ألوان العنف تتصل بالمسألة الدولية وسيطرة المستكبرين على مقدرات المسلمين وأوضاعهم... وأن لا نندفع اندفاعه الخائف المذعور من الاتهام بالإرهاب الذي أطلقته أمريكا لتخويف من يُراد تخويفه وإرهاب من يراد إرهابه في هذه الدولة وتلك، بل أن تٌدرس الأمور على أساس الأمن الإسلامي الداخلي لا على أساس أن أمريكا أو بعض المحاور السياسية الدولية تريد منا ذلك.
إننا نحذر من أن القضية التي تلوح في الأفق والتي بدأ العمل فيها على أكثر من صعيد هي أن أميركا تريد الحفاظ على الأمن الأمريكي الذي يتسع نطاقه ومفهومه باتّساع نطاق المصالح الأميركية، لتتحول دول العالم الإسلامي إلى شرطة أو فريق أمني يعمل للحفاظ على أمن أمريكا في العالم، وخصوصاً أن أمريكا تريد من خلال كل هذه الضغوط والاتهامات أن تجعل العالم الإسلامي موظفاً في دائرة مصالحها الأمنية والاقتصادية والسياسية. ونحن لا نطلق الكلام هنا بالطريقة الارتجالية الانفعالية، فالوقائع تشير إلى أن الكثير من المسؤولين في البلاد الإسلامية ـ وتحت ضغوط التهديد والتهويل ـ يعملون بكل طاقتهم للحصول على صكوك البراءة من أمريكا في محاربتهم للإرهاب، كما أن المسألة بدأت تتصل بالثقافة الإسلامية والتربية الإسلامية والمشاريع الخيرية التي أصبحت الحملة الأميركية تستهدفها تحت عنوان أنها تدعم الإرهاب لتتفاقم المعاناة الاجتماعية، ولتتوسع دائرة الفقر في العالم الإسلامي ولتنطلق كلمات التوسل لأمريكا أن ساعدونا في حل مشاكلنا الاجتماعية ولتأتي الحلول التخفيفية لهذه المشاكل على حساب القضايا الأساسية الكبرى.
إن القضية التي تطرح نفسها هي أن العالم الإسلامي يواجه حرباً متصاعدة من خلال التحالف الأميركي الإسرائيلي الذي يعمل على إبادة الشعب الفلسطيني بطريقة وأخرى، كما حدث بالأمس في رفح، وكما يسعى من خلال احتلاله للعراق للتهويل على كل الدول التي تقف في مواجهته، ونحن عندما ندرس الموقف الأميركي من إيران وسوريا ولبنان نعرف بأن ما تريده واشنطن من هذه الدول هو أن تساعدها لتثبيت احتلالها للعراق وحفظ أمن جنودها وتحويل الحدود السورية واللبنانية إلى مواقع لحراسة الاحتلال الأميركي للعراق، ولن يكون لأميركا ذلك.
إن المرحلة الراهنة التي يمر بها العالم الإسلامي هي من أخطر المراحل، وعلى المؤتمر الإسلامي أن يتحمل المسؤولية كاملة أمام هذه المرحلة وما يليها، وخصوصاً لجهة العمل على إيجاد قاعدة التوازن من خلال رصد ما يُحاك ضد المسلمين من الخارج والعمل في مواجهة أمراض الداخل من إثارة للعصبيات المذهبية والطائفية... وإلا فإن الشعوب الإسلامية ستعمل أكثر على نسيان هذه المنظمة بعدما فقدت اهتمامها بها، وبعدما تحولت اجتماعاتها إلى لقاءات احتفالية واستعراضية لا تنفع معها بيانات الإدانة وخطابات الاستنكار، لأن العالم الإسلامي يحتاج إلى خطة للنهوض وآلية للمواجهة بعدما تعب من الاستماع للغة الاستعراضية في البيانات التي تتكرر في القمم التي لا ينتج منها إلا الكلام ولا تتلمس الطريق للعمل فضلاً عن أنها لا تريد ذلك أو تسعى إليه".
فضل الله:العالم الإسلامي تعب من لغة البيانات الاستعراضية للقمم العربية والإسلامية
وهو يحتاج إلى خطة نهوض حقيقية وإلى مواجهة جدية للتحديات الخطيرة الواهمة
سئل آية الله العظمى، السيد محمد حسين فضل الله، في ندوته الأسبوعية: برأيكم ما هو المطلوب من منظمة المؤتمر الإسلامي؟ وهل يمكن للشعوب الإسلامية التعويل عليها في قضاياها الراهنة والمستقبلية؟
فأجاب: "كنا نتطلع، كما يتطلع الكثيرون، إلى أن تكون القضايا الإسلامية محور حركة منظمة المؤتمر الإسلامي في شكل فاعل، وأن يكون المؤتمر كالإتحاد الأوروبي من حيث سعي هذا الإتحاد للحفاظ على الشخصية الأوروبية مع ما تتضمنه هذه الشخصية من اختلافات في الفكر والانتماء وهو ما ليس موجوداً في واقع الدول الإسلامية... وأن يتابع المؤتمر هذه القضايا على أساس الاهتمام بقوة الأمة وعنفوانها ومستقبلها، ولا يكون مجرد مؤتمر احتفالي لا يلتزم أفراده بمقرراته حيث نلاحظ أن الكثيرين من أعضاء المؤتمر الإسلامي لا يلتزمون بما وقعوا عليه، بل إنهم يتحركون في خط السياسة الأميركية لتكون المقررات هي بمثابة وسائل التخدير من طريق تزييف القضايا وتمييعها بشرط أن تلحظ الشعوب الإسلامية اهتمام هذه الأنظمة بالقضية الإسلامية في الدائرة الإعلامية والسياسية المفرغة.
إن المطلوب من هذا المؤتمر بمن يتمثل فيه أن يسأل نفسه: هل أن الصفة الإسلامية التي تشمل كل دوله وشعوبه تعني لهم شيئاً؟ وهل أن العالم الإسلامي الذي يواجه في هذه الأيام التحديات الكبرى لجهة السعي لإلغائه أو إضعاف حركته السياسية والأمنية وتهميش دوره الثقافي والاقتصادي ليبقى خاضعاً للسياسة الامبراطورية الأميركية... هل يمثل عنوان العالم الإسلامي للمؤتمرين شيئاً؟ أو أن كل واحد يرجع بعد إطلاق المقررات إلى قواعده القطرية والوطنية والقومية سالماً، ولتكون المسألة مجرد مسألة احتفالية تعتبر بعدها الدول المشاركة بأنها وفّت قسطها للعلى، بينما تستمر عذابات الفلسطينيين ويستمر الاحتلال الأميركي للعراق وتستمر معه الضغوط والتهديدات الأميركية لكل الدول العربية والإسلامية المجاورة؟!
إن دور المؤتمر لا ينحصر في الحديث عن رفض إلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام فحسب، بل في تحذير الإدارة الأميركية وإسرائيل من الاستمرار في سياسة العدوان والإرهاب ليتعرف العالم، وإن من خلال بعض المواقف إلى الإرهاب الحقيقي، ثم ليصار إلى دراسة جذور الإرهاب وهل تنحصر في بعض الذهنيات الثقافية التي تعتبر أن العنف هو الحل للمشاكل السياسية الموجودة في العالم الإسلامي، وكيف تتغذى هذه الذهنيات من القهر والقمع والاضطهاد الأميركي والإسرائيلي للشعوب العربية والإسلامية، ومن هذه المصادرة المتواصلة لقضاياها، وأن الكثير من ألوان العنف تتصل بالمسألة الدولية وسيطرة المستكبرين على مقدرات المسلمين وأوضاعهم... وأن لا نندفع اندفاعه الخائف المذعور من الاتهام بالإرهاب الذي أطلقته أمريكا لتخويف من يُراد تخويفه وإرهاب من يراد إرهابه في هذه الدولة وتلك، بل أن تٌدرس الأمور على أساس الأمن الإسلامي الداخلي لا على أساس أن أمريكا أو بعض المحاور السياسية الدولية تريد منا ذلك.
إننا نحذر من أن القضية التي تلوح في الأفق والتي بدأ العمل فيها على أكثر من صعيد هي أن أميركا تريد الحفاظ على الأمن الأمريكي الذي يتسع نطاقه ومفهومه باتّساع نطاق المصالح الأميركية، لتتحول دول العالم الإسلامي إلى شرطة أو فريق أمني يعمل للحفاظ على أمن أمريكا في العالم، وخصوصاً أن أمريكا تريد من خلال كل هذه الضغوط والاتهامات أن تجعل العالم الإسلامي موظفاً في دائرة مصالحها الأمنية والاقتصادية والسياسية. ونحن لا نطلق الكلام هنا بالطريقة الارتجالية الانفعالية، فالوقائع تشير إلى أن الكثير من المسؤولين في البلاد الإسلامية ـ وتحت ضغوط التهديد والتهويل ـ يعملون بكل طاقتهم للحصول على صكوك البراءة من أمريكا في محاربتهم للإرهاب، كما أن المسألة بدأت تتصل بالثقافة الإسلامية والتربية الإسلامية والمشاريع الخيرية التي أصبحت الحملة الأميركية تستهدفها تحت عنوان أنها تدعم الإرهاب لتتفاقم المعاناة الاجتماعية، ولتتوسع دائرة الفقر في العالم الإسلامي ولتنطلق كلمات التوسل لأمريكا أن ساعدونا في حل مشاكلنا الاجتماعية ولتأتي الحلول التخفيفية لهذه المشاكل على حساب القضايا الأساسية الكبرى.
إن القضية التي تطرح نفسها هي أن العالم الإسلامي يواجه حرباً متصاعدة من خلال التحالف الأميركي الإسرائيلي الذي يعمل على إبادة الشعب الفلسطيني بطريقة وأخرى، كما حدث بالأمس في رفح، وكما يسعى من خلال احتلاله للعراق للتهويل على كل الدول التي تقف في مواجهته، ونحن عندما ندرس الموقف الأميركي من إيران وسوريا ولبنان نعرف بأن ما تريده واشنطن من هذه الدول هو أن تساعدها لتثبيت احتلالها للعراق وحفظ أمن جنودها وتحويل الحدود السورية واللبنانية إلى مواقع لحراسة الاحتلال الأميركي للعراق، ولن يكون لأميركا ذلك.
إن المرحلة الراهنة التي يمر بها العالم الإسلامي هي من أخطر المراحل، وعلى المؤتمر الإسلامي أن يتحمل المسؤولية كاملة أمام هذه المرحلة وما يليها، وخصوصاً لجهة العمل على إيجاد قاعدة التوازن من خلال رصد ما يُحاك ضد المسلمين من الخارج والعمل في مواجهة أمراض الداخل من إثارة للعصبيات المذهبية والطائفية... وإلا فإن الشعوب الإسلامية ستعمل أكثر على نسيان هذه المنظمة بعدما فقدت اهتمامها بها، وبعدما تحولت اجتماعاتها إلى لقاءات احتفالية واستعراضية لا تنفع معها بيانات الإدانة وخطابات الاستنكار، لأن العالم الإسلامي يحتاج إلى خطة للنهوض وآلية للمواجهة بعدما تعب من الاستماع للغة الاستعراضية في البيانات التي تتكرر في القمم التي لا ينتج منها إلا الكلام ولا تتلمس الطريق للعمل فضلاً عن أنها لا تريد ذلك أو تسعى إليه".