yasmeen
12-29-2006, 07:18 AM
القبس الكويتية
علي محمد الهاشم ـ القبس
التخفي عن الأنظار .. رغبة لطالما راودت الكثيرين، إنها قدرة رهيبة لو تم التمكن من تحقيقها، فالخفي عن الأنظار قادر على التحكم بقواعد اللعبة و قلب الأمور لصالحه، فهو يرى الآخرين بينما هم لا يتمكنون من رؤيته، بل حتى الشعور به، و منذ بدء الصراع البشري، انهمك الكثير من الناس و على مر العصور في تطوير قدرة تجعلهم غير ظاهرين أو خفيين بالنسبة لخصومهم لكن الخفاء عن الأنظار بصورة تامة لم يتحقق. أما اليوم فإن العالم على موعد مع تقنية قيد التطوير لـ 'عباءة' قادرة على جعل من يرتديها، خفيا عن الأنظار كليا والفضل يرجع لتكنولوجيا 'ما بعد المادة' Metamaterials. لغز اختفاء السفينة الحربية!
في أثناء الحرب العالمية الثانية وتحديدا في العام 1943 أجرى مركز الأبحاث التابع للبحرية الأميركية ـ كما ذكر بعض العاملين بالمركز ـ تجربة مثيرة لمحاولة إخفاء المدمرة 'يو إس إس إلدريغ' عن الأنظار بمعنى لا ينبغي رؤيتها بصريا، من خلال تطبيق إحدى نظريات العالم الفيزيائي 'ألبرت أينشتاين' والمتعلقة بفيزياء الكم المعروفة بنظرية 'المجال الموحد - Unified field theory'، حيث تم تركيب جهاز توليد لحقل كهرومغناطيسي أو شيء من هذا القبيل (بسبب شدة سرية التجربة) بالمدمرة المذكورة، فكانت النتيجة إخفاء المدمرة بصريا بالكامل، وأصبحت غير مرئية لمدة قصيرة من الزمن، ثم ظهرت للعيان مرة أخرى، لكن خطبا أصاب طاقمها البشري. فقد عانى الطاقم من أعراض مرضية متفاوتة فمنهم من أصيب بحالة إعياء شديد ما لبث أن تعافى منها و منهم من أغمي عليه بالكامل، وآخرون أصيبوا بلوثة عقلية و أخذوا يهلوسون، و هناك عدد لم يروا بعدها أبدا بمعنى آخر.. اختفوا و لم يعد لهم وجود إلى اليوم.
لقد نجحت عملية الاختفاء بصريا لكن النتائج جاءت كارثية على الطاقم و بالتالي توقفت البحرية عن مواصلة الأبحاث و التجارب بهذه التكنولوجيا و أخفت كل ما يدل على هذه التجربة ونتائجها و نفت ادعاءات من يتحدث عن وجود مثل هذه التجربة المثيرة.
مشروع 'ياهودي'
أيضا وبعام 1943 نفسه الذي أجريت فيه تجربة إخفاء المدمرة البحرية الأميركية آنذاك كان هناك مشروع مثير آخر أيضا يدار من قبل مركز الأبحاث التابع للبحرية الأميركية لكنه يختلف في التطبيق عن تجربة إخفاء المدمرة 'يو إس إس إلدريغ'، حيث كان سلاح طيران البحرية يبحث عن طريقة تسمح له بتمويه طائرات 'آفنغر' المضادة للغواصات وإخفائها عن الأنظار حتى لا يتم كشفها بسهولة وإسقاطها، فكان هناك مشروع سري آخر أطلق عليه 'ياهودي' YEHUDI يتمحور حول عملية الخفاء البصري من مسافة بعيدة، بحيث يتم تثبيت عدة مصابح إنارة عالية الفاعلية على الأجزاء الأمامية للقاذفة 'آفنغر' (قاذفة الطوربيدات) تضاء جميعها أثناء تحليق الطائرة في النهار، فتساعد على تصعيب رؤية الطائرة في السماء من مسافة بعيدة. لأن أي طائرة تحلق في السماء ترى كنقطة سوداء مهما بلغت من بعد للمسافة عن الهدف وبالتالي يسهل كشفها والتعامل معها.
لم يكتب لمشروع 'ياهودي' الاستمرار حيث ساعد تزويد طائرات 'آفنغر' برادارات من أن تتعامل مع الهدف من مسافة آمنة، وعلى الرغم من النتائج الجيدة التي حققها ذلك المشروع، حيث مكن من طمس الطائرة عن الأنظار وتأخير اكتشافها من مسافة 20 كلم إلى 3 كلم فقط.
لكن هذا الإجراء استخدم بصورة محدودة خلال حرب فيتنام، عندما تم تزويد مقاتلات 'الفانتوم' بتلك المصابيح كي يتم تأخير كشفها بصريا نظرا لمقطعها الكبير من قبل مقاتلات 'الميغ - 21' الفيتنامية الأكثر رشاقة والأصغر منها مقطعا.
ميكانيكا الكم و 'ما بعد المواد'
أما اليوم فإن تقنية جديدة تعتمد على مصطلح ما بعد المواد/ Metamaterials المنبثقة من الميكانيكا الكمية التي تعنى بالإلكترونات والفوتونات (الجسيمات التي يتألف منها الضوء) و سواها من الجسيمات الدقيقة، يمكنها حسب زعم العلماء من تحقيق الخفاء الكامل لأي جسم يحاط بها.
إن مصطلح 'ما بعد المواد/ Meta materials' عبارة عن جسم يكتسب خصائص مواده الكهرومغناطيسية من خلال تركيبته لا من مواده المكونة له، ولذلك يرى العلماء اليوم أنه إذا ما تم هندسة 'ما بعد المواد' تلك بقياسات نانومترية (النانومتر = جزء من المليون من المليمتر) و هي أصغر درجات القياس المعروفة، يمكن معها التحكم في تفاعلها مع الضوء بمعنى آخر يمكن مع هندسة 'ما بعد الجزيئات/ Metamolecules ' للمادة أن نحرف (نميل) الضوء الساقط على أي جسم نريد حجبه عن الأنظار من خلال توليد حقل مغناطيسي حوله قادر على إمالة الضوء و حرفه عن مساره، حيث أن الضوء يمكنه أن يتخذ صفة موجية كما تنص نظرية أينشتاين وبالتالي يمكن التحكم في زاوية سقوطه على الأجسام و حجبها عن الأنظار تماما، وبالتالي يصبح الجسم خفيا عن البصر و بصورة كاملة فيتحقق معه عنصر الخفاء البصري المطلوب.
هذه الأبحاث تجري الآن في المختبرات التابعة لكلية 'إمبريال كوليج' البريطانية تحت إشراف علماء مخضرمين منهم عالم الفيزياء النظرية 'سير جون بندري' وزميله أيضا العالم 'كريس فيليبس' اللذين يعملان في مجال تطوير علم هندسة 'ما بعد الجزيئات/ Meta molecules' للمادة.
آلية عمل جهاز الخفاء
عندما يسقط الضوء على مادة منفذة كالزجاج أو الماء تنفذ معظم الأشعة الساقطة عبر تلك المادة، و لذلك تسمى مواد شفافة حيث يمكن رؤية الأجسام من خلالها. أما المواد الأخرى التي لا تسمح للضوء بالمرور عبرها فتسمى اللاشفافة أو اللامنفذة أو المعتمة والتي تمتص الضوء وتعكس إذا ما كان لها لون معين بقية الألوان و تمتص اللون المكون لها (حمراء، زرقاء أيا كانت). وكما نعلم فإن الضوء الأبيض يتكون من سبعة ألوان أساسية هي ألوان الطيف . وعندما يرتد الضوء عن سطح ما نقول إنه انعكس، و هو ما يحدث عندما ننظر في المرآة من انعكاس لصورتنا، فتسمى تلك المادة عاكسة .
أما الحالة الثانية فتعود إلى بعض المواد المنفذة التي أشرنا إليها في بداية هذه الفقرة وهي المواد المنفذة للضوء و التي عندما تكون شفافة وسائلة كالماء تعمل على مرور الضوء خلالها لكنها تحرف من اتجاهه بصورة معينة فتسمى تلك الحالة بانكسار الضوء.
نستنتج مما سبق أن أشعة الضوء تسير في خطوط مستقيمة ولا تنحني عند المنعطفات، وظاهرة استقامة أشعة الضوء هذه تساعد في تفسير ظاهرتي الانعكاس والانكسار لكن بما أن الضوء هو اشعاع كهرومغناطيسي فإنه قابل للانحناء، كما تنص نظرية أينشتاين و هذا هو محور عمل آلية الخفاء بتقنية هندسة 'ما بعد الجزيئات/ Metamolecules' للمادة .
فتتلخص آلية الخفاء في إحاطة (لبس) المادة (الجسم أو الشخص) المراد إخفاؤه عن الأنظار بغطاء مكون من مواد معدنية خاصة ك'الكروم' مصغرة تقوم بتوليد حقل مغناطيسي أو مجال طاقة ممغنط حول ذلك الجسم تعمل على إمالة (حرف) الضوء الساقط عليه بحيث يمر حوله و لا يصطدم به وبالتالي ينقل الصورة الخلفية له مما يجعله كأنه غير موجود تماما.
مجالات واسعة للتطبيق
مما لا شك فيه أن تطبيقات علم الخفاء، ستكون أولا في الميدان العسكري ولا نخفي هنا على أن وكالة الأبحاث والمشاريع الدفاعية المتقدمة الأميركية 'داربا' DARPA هي أول المستفيدين من تلك التقنية، حيث تجري أبحاثا في الوقت الحالي حول تطبيق التقنية على الجنود و حتى الطائرات المقاتلة و القاذفات و الدبابات، و كما نعرف أنه عندما ترى العدو و هو لا يراك يعني أنك تملك زمام المبادرة والتحكم في مقاييس الأمور.
وهناك قدرة أخرى يمكن الاستفادة منها من تقنية هندسة ما بعد الجزيئات/ Metamolecules للمادة تتمثل في استخدام خاصية إمالة أشعة الضوء (إذا ما تم التحكم في تلك العملية) فإننا سنتمكن من رؤية الأجسام خلف المنعطفات أو الممرات الملتوية والحواجز دون تسليط الضوء مباشرة عليها وهو ما ينبئ به الضوء الكمومي بقدرة كشف الأجسام دون الحاجة إلى إسقاط ضوء عليها.
ولعل العقد المقبل سيشهد ظهور مثل تلك التقنية، فلا تجزع إذا ما سمعت صوت مركبة تسير بالقرب منك و لم تتمكن من رؤيتها، فحتما ستكون متخفية لتمارس عملها.
نظرية المجال الموحد لأينشتاين
تعتبر نظرية المجال الموحد محاولة لتوحيد كل القوى الأساسية والتفاعلات التي تتم ما بين جسيمات العناصر ووضعها في هيكل نظري واحد. و قد أطلق عليها أينشتاين هذا اللقب في محاولة منه للتوفيق ما بين النظرية الأساسية للنسبية والكهرومغناطيسية، وقد اتسم بحثه في هذا المجال بالغموض ولا يزال يحير العلماء في مجال الفيزياء.
إن نظرية المجال الموحد بات يطلق عليها أيضا نظرية 'كل شيء'، فهي ترتبط بطبيعة القوى الرابطة ما بين المواد و التي تسمى بالوسائط أو المجالات (الحقول) حيث تنص النظرية على أن تلك المجالات الموجودة في ما دون الذرات التي تتفاعل طبقا لقوانين ميكانيكا الكم و لذلك باتت تعرف بمجالات الكم والتي تتأثر بالقوى الاساسية الأربع:
- النووية القوية (المترابطة).
- النووية الضعيفة (المشعة).
- الكهرومغناطيسية.
- الجاذبية.
المصادر
- الموسوعة العلمية الميسرة - مكتبة لبنان - الطبعة الاولى، 1984.
- مجلة القوات الجوية، السنة ،18 العدد ،173 نوفمبر 2003.
- مجلة 'فوكس' FOCUS العدد 168 خريف 2006.
- مجلة POPULAR SCIENCE، مايو 1997.
-¹ويكيبيديا - الموسوعة الحرة
- مجلة العلوم - مؤسسة الكويت للتقدم العلمي المجلد 13 - العدد 3 مارس 1997.
علي محمد الهاشم ـ القبس
التخفي عن الأنظار .. رغبة لطالما راودت الكثيرين، إنها قدرة رهيبة لو تم التمكن من تحقيقها، فالخفي عن الأنظار قادر على التحكم بقواعد اللعبة و قلب الأمور لصالحه، فهو يرى الآخرين بينما هم لا يتمكنون من رؤيته، بل حتى الشعور به، و منذ بدء الصراع البشري، انهمك الكثير من الناس و على مر العصور في تطوير قدرة تجعلهم غير ظاهرين أو خفيين بالنسبة لخصومهم لكن الخفاء عن الأنظار بصورة تامة لم يتحقق. أما اليوم فإن العالم على موعد مع تقنية قيد التطوير لـ 'عباءة' قادرة على جعل من يرتديها، خفيا عن الأنظار كليا والفضل يرجع لتكنولوجيا 'ما بعد المادة' Metamaterials. لغز اختفاء السفينة الحربية!
في أثناء الحرب العالمية الثانية وتحديدا في العام 1943 أجرى مركز الأبحاث التابع للبحرية الأميركية ـ كما ذكر بعض العاملين بالمركز ـ تجربة مثيرة لمحاولة إخفاء المدمرة 'يو إس إس إلدريغ' عن الأنظار بمعنى لا ينبغي رؤيتها بصريا، من خلال تطبيق إحدى نظريات العالم الفيزيائي 'ألبرت أينشتاين' والمتعلقة بفيزياء الكم المعروفة بنظرية 'المجال الموحد - Unified field theory'، حيث تم تركيب جهاز توليد لحقل كهرومغناطيسي أو شيء من هذا القبيل (بسبب شدة سرية التجربة) بالمدمرة المذكورة، فكانت النتيجة إخفاء المدمرة بصريا بالكامل، وأصبحت غير مرئية لمدة قصيرة من الزمن، ثم ظهرت للعيان مرة أخرى، لكن خطبا أصاب طاقمها البشري. فقد عانى الطاقم من أعراض مرضية متفاوتة فمنهم من أصيب بحالة إعياء شديد ما لبث أن تعافى منها و منهم من أغمي عليه بالكامل، وآخرون أصيبوا بلوثة عقلية و أخذوا يهلوسون، و هناك عدد لم يروا بعدها أبدا بمعنى آخر.. اختفوا و لم يعد لهم وجود إلى اليوم.
لقد نجحت عملية الاختفاء بصريا لكن النتائج جاءت كارثية على الطاقم و بالتالي توقفت البحرية عن مواصلة الأبحاث و التجارب بهذه التكنولوجيا و أخفت كل ما يدل على هذه التجربة ونتائجها و نفت ادعاءات من يتحدث عن وجود مثل هذه التجربة المثيرة.
مشروع 'ياهودي'
أيضا وبعام 1943 نفسه الذي أجريت فيه تجربة إخفاء المدمرة البحرية الأميركية آنذاك كان هناك مشروع مثير آخر أيضا يدار من قبل مركز الأبحاث التابع للبحرية الأميركية لكنه يختلف في التطبيق عن تجربة إخفاء المدمرة 'يو إس إس إلدريغ'، حيث كان سلاح طيران البحرية يبحث عن طريقة تسمح له بتمويه طائرات 'آفنغر' المضادة للغواصات وإخفائها عن الأنظار حتى لا يتم كشفها بسهولة وإسقاطها، فكان هناك مشروع سري آخر أطلق عليه 'ياهودي' YEHUDI يتمحور حول عملية الخفاء البصري من مسافة بعيدة، بحيث يتم تثبيت عدة مصابح إنارة عالية الفاعلية على الأجزاء الأمامية للقاذفة 'آفنغر' (قاذفة الطوربيدات) تضاء جميعها أثناء تحليق الطائرة في النهار، فتساعد على تصعيب رؤية الطائرة في السماء من مسافة بعيدة. لأن أي طائرة تحلق في السماء ترى كنقطة سوداء مهما بلغت من بعد للمسافة عن الهدف وبالتالي يسهل كشفها والتعامل معها.
لم يكتب لمشروع 'ياهودي' الاستمرار حيث ساعد تزويد طائرات 'آفنغر' برادارات من أن تتعامل مع الهدف من مسافة آمنة، وعلى الرغم من النتائج الجيدة التي حققها ذلك المشروع، حيث مكن من طمس الطائرة عن الأنظار وتأخير اكتشافها من مسافة 20 كلم إلى 3 كلم فقط.
لكن هذا الإجراء استخدم بصورة محدودة خلال حرب فيتنام، عندما تم تزويد مقاتلات 'الفانتوم' بتلك المصابيح كي يتم تأخير كشفها بصريا نظرا لمقطعها الكبير من قبل مقاتلات 'الميغ - 21' الفيتنامية الأكثر رشاقة والأصغر منها مقطعا.
ميكانيكا الكم و 'ما بعد المواد'
أما اليوم فإن تقنية جديدة تعتمد على مصطلح ما بعد المواد/ Metamaterials المنبثقة من الميكانيكا الكمية التي تعنى بالإلكترونات والفوتونات (الجسيمات التي يتألف منها الضوء) و سواها من الجسيمات الدقيقة، يمكنها حسب زعم العلماء من تحقيق الخفاء الكامل لأي جسم يحاط بها.
إن مصطلح 'ما بعد المواد/ Meta materials' عبارة عن جسم يكتسب خصائص مواده الكهرومغناطيسية من خلال تركيبته لا من مواده المكونة له، ولذلك يرى العلماء اليوم أنه إذا ما تم هندسة 'ما بعد المواد' تلك بقياسات نانومترية (النانومتر = جزء من المليون من المليمتر) و هي أصغر درجات القياس المعروفة، يمكن معها التحكم في تفاعلها مع الضوء بمعنى آخر يمكن مع هندسة 'ما بعد الجزيئات/ Metamolecules ' للمادة أن نحرف (نميل) الضوء الساقط على أي جسم نريد حجبه عن الأنظار من خلال توليد حقل مغناطيسي حوله قادر على إمالة الضوء و حرفه عن مساره، حيث أن الضوء يمكنه أن يتخذ صفة موجية كما تنص نظرية أينشتاين وبالتالي يمكن التحكم في زاوية سقوطه على الأجسام و حجبها عن الأنظار تماما، وبالتالي يصبح الجسم خفيا عن البصر و بصورة كاملة فيتحقق معه عنصر الخفاء البصري المطلوب.
هذه الأبحاث تجري الآن في المختبرات التابعة لكلية 'إمبريال كوليج' البريطانية تحت إشراف علماء مخضرمين منهم عالم الفيزياء النظرية 'سير جون بندري' وزميله أيضا العالم 'كريس فيليبس' اللذين يعملان في مجال تطوير علم هندسة 'ما بعد الجزيئات/ Meta molecules' للمادة.
آلية عمل جهاز الخفاء
عندما يسقط الضوء على مادة منفذة كالزجاج أو الماء تنفذ معظم الأشعة الساقطة عبر تلك المادة، و لذلك تسمى مواد شفافة حيث يمكن رؤية الأجسام من خلالها. أما المواد الأخرى التي لا تسمح للضوء بالمرور عبرها فتسمى اللاشفافة أو اللامنفذة أو المعتمة والتي تمتص الضوء وتعكس إذا ما كان لها لون معين بقية الألوان و تمتص اللون المكون لها (حمراء، زرقاء أيا كانت). وكما نعلم فإن الضوء الأبيض يتكون من سبعة ألوان أساسية هي ألوان الطيف . وعندما يرتد الضوء عن سطح ما نقول إنه انعكس، و هو ما يحدث عندما ننظر في المرآة من انعكاس لصورتنا، فتسمى تلك المادة عاكسة .
أما الحالة الثانية فتعود إلى بعض المواد المنفذة التي أشرنا إليها في بداية هذه الفقرة وهي المواد المنفذة للضوء و التي عندما تكون شفافة وسائلة كالماء تعمل على مرور الضوء خلالها لكنها تحرف من اتجاهه بصورة معينة فتسمى تلك الحالة بانكسار الضوء.
نستنتج مما سبق أن أشعة الضوء تسير في خطوط مستقيمة ولا تنحني عند المنعطفات، وظاهرة استقامة أشعة الضوء هذه تساعد في تفسير ظاهرتي الانعكاس والانكسار لكن بما أن الضوء هو اشعاع كهرومغناطيسي فإنه قابل للانحناء، كما تنص نظرية أينشتاين و هذا هو محور عمل آلية الخفاء بتقنية هندسة 'ما بعد الجزيئات/ Metamolecules' للمادة .
فتتلخص آلية الخفاء في إحاطة (لبس) المادة (الجسم أو الشخص) المراد إخفاؤه عن الأنظار بغطاء مكون من مواد معدنية خاصة ك'الكروم' مصغرة تقوم بتوليد حقل مغناطيسي أو مجال طاقة ممغنط حول ذلك الجسم تعمل على إمالة (حرف) الضوء الساقط عليه بحيث يمر حوله و لا يصطدم به وبالتالي ينقل الصورة الخلفية له مما يجعله كأنه غير موجود تماما.
مجالات واسعة للتطبيق
مما لا شك فيه أن تطبيقات علم الخفاء، ستكون أولا في الميدان العسكري ولا نخفي هنا على أن وكالة الأبحاث والمشاريع الدفاعية المتقدمة الأميركية 'داربا' DARPA هي أول المستفيدين من تلك التقنية، حيث تجري أبحاثا في الوقت الحالي حول تطبيق التقنية على الجنود و حتى الطائرات المقاتلة و القاذفات و الدبابات، و كما نعرف أنه عندما ترى العدو و هو لا يراك يعني أنك تملك زمام المبادرة والتحكم في مقاييس الأمور.
وهناك قدرة أخرى يمكن الاستفادة منها من تقنية هندسة ما بعد الجزيئات/ Metamolecules للمادة تتمثل في استخدام خاصية إمالة أشعة الضوء (إذا ما تم التحكم في تلك العملية) فإننا سنتمكن من رؤية الأجسام خلف المنعطفات أو الممرات الملتوية والحواجز دون تسليط الضوء مباشرة عليها وهو ما ينبئ به الضوء الكمومي بقدرة كشف الأجسام دون الحاجة إلى إسقاط ضوء عليها.
ولعل العقد المقبل سيشهد ظهور مثل تلك التقنية، فلا تجزع إذا ما سمعت صوت مركبة تسير بالقرب منك و لم تتمكن من رؤيتها، فحتما ستكون متخفية لتمارس عملها.
نظرية المجال الموحد لأينشتاين
تعتبر نظرية المجال الموحد محاولة لتوحيد كل القوى الأساسية والتفاعلات التي تتم ما بين جسيمات العناصر ووضعها في هيكل نظري واحد. و قد أطلق عليها أينشتاين هذا اللقب في محاولة منه للتوفيق ما بين النظرية الأساسية للنسبية والكهرومغناطيسية، وقد اتسم بحثه في هذا المجال بالغموض ولا يزال يحير العلماء في مجال الفيزياء.
إن نظرية المجال الموحد بات يطلق عليها أيضا نظرية 'كل شيء'، فهي ترتبط بطبيعة القوى الرابطة ما بين المواد و التي تسمى بالوسائط أو المجالات (الحقول) حيث تنص النظرية على أن تلك المجالات الموجودة في ما دون الذرات التي تتفاعل طبقا لقوانين ميكانيكا الكم و لذلك باتت تعرف بمجالات الكم والتي تتأثر بالقوى الاساسية الأربع:
- النووية القوية (المترابطة).
- النووية الضعيفة (المشعة).
- الكهرومغناطيسية.
- الجاذبية.
المصادر
- الموسوعة العلمية الميسرة - مكتبة لبنان - الطبعة الاولى، 1984.
- مجلة القوات الجوية، السنة ،18 العدد ،173 نوفمبر 2003.
- مجلة 'فوكس' FOCUS العدد 168 خريف 2006.
- مجلة POPULAR SCIENCE، مايو 1997.
-¹ويكيبيديا - الموسوعة الحرة
- مجلة العلوم - مؤسسة الكويت للتقدم العلمي المجلد 13 - العدد 3 مارس 1997.