لمياء
12-23-2006, 11:32 AM
5 مليارات جنيه إسترليني قيمتها.. وفريق من متخصصي إدارة المحافظ يشرف عليها
لندن: فيصل عباس
لم يكن مستغربا أن تعلن شركة الخطوط الجوية البريطانية (بريتيش إيروايز) أواخر الشهر الماضي نيتها «مراجعة» سياستها المتعلقة بأزياء موظفيها عندما تسلمت رسالة من «الكنيسة الانغليكانية» (تشيرتش اوف انغلاند) ذات صلة بالجدل الذي يدور منذ اكتوبر الماضي حول اصرار احدى موظفات «كاونتر» الشركة في مطار هيثرو بلندن، على ارتداء صليب في قلادة حول عنقها خلال فترة عملها في حين ان سياسة الشركة تقضي بمنع ارتداء الشعارات الدينية.
إلا أن اللافت فيما يخص هذه القضية، هو انه لـ«كنيسة انجلترا» صفتان تخاطب بهما شركة الطيران البريطانية العملاقة... الأولى هي صفة الكنيسة الأم والراعية للطائفة الانغليكانية حول العالم، لذلك فكان من البديهي ان يقلقها الأمر.
أما الصفة الثانية، والتي قد لا يعلم عنها كثيرون، فهي ان الكنيسة هي في الواقع أحد كبار المستثمرين في «بريتيش ايروايز».. وقيمة أسهمها تقدر بـ 10.25 مليون جنيه استرليني.
وما قد لا يعلم عنه كثيرون كذلك، هو أن الكنيسة الانغليكانية (كما هو الحال مع الفاتيكان) هي في الواقع أحد كبار المستثمرين بشكل عام في بريطانيا وحول العالم، وأنّها في العام الماضي حققت نتائج مبهرة، حيث اظهر تقريرها المالي السنوي للعام 2005 ارتفاعا في قيمة املاك واسهم الكنيسة خلال 2005 بنحو 800 مليون جنيه استرليني عن العام 2004 ليصل اجمالي القيمة الى نحو 5 مليارات جنيه استرليني (نحو 10 مليارات دولار)، ما وضعها على قائمة «انجح مديري الأموال في بريطانيا» بحسب ما ذكرت صحيفة «الغارديان» البريطانية. هنا يطرح سؤال بديهي نفسه خصوصا في ظل الفكرة المسبقة أن الكنيسة تعتمد في تمويلها على الدعم المالي من اتباعها أو من الحكومة (البريطانية في هذه الحالة)... أو من الجهتين معا.
اضافة الى ما قد يفسره البعض على انه يتضارب بين تعاليم المسيحية المتعلقة بـ«شر» كنوز الأرض. إلا أن للكنيسة أملاكا تاريخية، والفكرة من وراء الاستثمار هي انه يساعد في عمل الكنيسة في تلبية المحتاجين وتمويل نفسها. ويعود تكوين الذراع الاستثماري للكنيسة الانجليزية الى العام 1948 حيث تم تأسيس هيئة «مفوضي الكنيسة» Church Commissioners بعد أن دمجت فيها كل من هيئتي «مَكرمة الملكة آن» Queen Ann"s Bounty التي أسست عام 1704 لتحسين دخل القساوسة وتوفير المساكن في الأحياء الفقيرة، و«مفوضي القساوسة» Ecclesiastical Commissioners الذين منحهم البرلمان عام 1840 حق اعادة توزيع الموارد التاريخية للكنيسة لغرض زيادة امكانية مساعدة المحتاجين.
ومنذ ذلك الوقت حتى يومنا هذا، توسعت استثمارات الكنيسة حيث لم تعد تشمل العقار فحسب، بل اسهما في شركات عملاقة في مختلف المجالات كالنفط والبنوك والاتصالات والإعلام والمنتجات الاستهلاكية. يعلق المدير التنفيذي لهيئة «مفوضي الكنيسة»، اندرو براون، بقوله «وظيفتنا كمؤتمنين على ممتلكات تاريخية هي ادارتها والحفاظ عليها اليوم.. وللمستقبل» إلا أن براون يشير خلال حديثه مع «الشرق الأوسط» الى أن الدخل الذي يأتي للكنيسة من أرباح اسهمها وممتلكاتها وإن بدا كبيرا (نحو 170 مليون جنيه سنويا) فإنه لا يغطي أكثر من 18% من تكاليف ادارة الكنيسة وتوابعها، التي تبلغ 1000 مليون جنيه استرليني بحسب تقرير المفوضين السنوي.
وبحسب موقع الكنيسة الرسمي على الانترنت فإن ثلاثة أرباع التمويل (نحو 750 مليون جنيه استرليني) يأتي من تبرعات أتباعها، هذا بالإضافة الى مداخيل متفرقة تأتي من رسوم اجراء المراسم وتأجير صالات الكنيسة وحملات جمع التبرعات.
من جهته، يرى الصحافي الاقتصادي في صحيفة «الغارديان» باتريك كولنسن أن في نجاح الكنيسة نقطتين لافتتين، فبداية تعتمد الكنيسة سياسة «الاستثمار الأخلاقي» ما يحد من المجالات والشركات التي تستطيع الاستثمار بها، فهي لا تستطيع ضخ المال في قطاعات السلاح والتبغ والكحول والقمار على سبيل المثال (الأمر الذي جعل قيمة محفظتها أقل بقيمة 0.7% مما كانت ستكون عليه لو أنها استثمرت بحرية تامة بحسب ما جاء في تقرير هيئة المفوضين). النقطة الثانية، بحسب ما يقول كولنسن لـ«الشرق الأوسط»، هي بمقارنة حجم أعمال الكنيسة بكبار المستثمرين عالميا فإنّ مديري الاستثمارات العاملين فيها يتقاضون أجرا أقل بكثير من ذلك الذي يتقاضاه نظراؤهم في الشركات العملاقة والدولية التي لديها «بورتفوليو» مقارب من ناحية الحجم.
ويعلل الصحافي البريطاني ذلك باعتقاده بأنّ العاملين في مكان مثل الكنيسة تكون لديهم اهتمامات بأمور غير الأجر المادي، موضحا «لا بد أن يتوقع المرء انه حين يتقدم أحدهم بطلب للعمل في الكنيسة تكون المعتقدات الدينية لديه قوية».
سؤال آخر يطرح نفسه هنا، وهو هل للكنيسة مصلحة أخرى في هذه الاستثمارات إلى جانب الفائدة المادية، خصوصا انها كمالك اسهم تتمتع بحق أي صاحب حصة كبيرة في أي شركة بإملاء رغباته عليها؟
يرى كولنسن أن ما فعلته مع «بريتيش ايروايز» يمكن ان يعتبر «اقرب الى تصرف الناشطين من تصرف الشركات ذات الاستثمار الاخلاقي». فيما يرى ان النفوذ مستبعد في حالة الشركات الاعلامية التي تملك فيها الكنيسة اسهما (مثل «رويترز» و«تايم وارنر» ـ الشركة المالكة لشبكة «سي ان ان» الإخبارية)، ويضيف «بداية تكون استثمارات الكنيسة في مثل هذه الشركات صغيرة، ثانيا بالتأكيد يتجنبون أي تدخل في التحرير لأنه ثبت انهم فعلوا فسينتج عن الامر جدل عام كبير للغاية». هذا فيما يقول أندرو براون من هيئة المفوضين «اذا اردنا استخدام قضية الخطوط البريطانية والموظفة التي ارادت ارتداء الصليب كمثال، نحن لم نفرض عليهم أي أمر.. كل ما فعلناه هو ان مجموعة مستشاري الاستثمار الاخلاقي التابعة لنا ارسلت خطابا الى الشركة لطلب الاجتماع بهم، وما فعلوه هو أنهم اعلنوا انهم سيعيدون درس سياستهم المتعلقة بأزياء الموظفين». ويضيف «لم نهدد» موضحا «ربما جعلت بعض وسائل الاعلام الامر يبدو كذلك ولكننا لم نفعل». إلا أن الصحافي باتريك كولنسن يعتبر ان ذلك (ارسال رسالة وليس التهديد بسحب الاستثمار صرفا) يعد «تصرفا انجليزيا بامتياز»،
مضيفا فيما يوضح انه لم يطلع على محتوى الرسالة التي تحدث عنها براون، انه يعتقد ان المقصود ضمنيا كان بالفعل التلويح بإمكانية سحب الاستثمار. ويأتي كلام كولنسن متوافقا مع ما ذكرته صحيفة «الغارديان» بإن خطاب مجموعة استشاريي الاستثمار الاخلاقي أرسلت بعد ساعات من انتقاد «بريتيش إيروايز» على لسان كبير اساقفة كانتربيري (ورأس الكنيسة الانغليكانية)، د. روان وليامز، خلال لقائه البابا في روما آواخر نوفمبر المنصرم، وقوله ان هناك استشارات تجري لسحب الاستثمار من شركة الطيران، الأمر الذي أقلق «بريتيش إيروايز» اضافة الى الخوف من اعلان حملة مقاطعة للخطوط من قبل الطائفة الانغليكانية، التي يصل أتباعها الى نحو 73 مليون شخص حول العالم... وهو أمر إن وقع فعلا فسيكون له تأثير سلبي على شركة الطيران البريطانية هذه، فسحب الاستثمار قد يعني سحب «المباركة» سيما أن الكثير من أتباع الطائفة يؤمنون حتما بأنه «حيث يكون كنزك، هناك يكون قلبك أيضا» ( متى ـ 21:6). استثمارات «مثيرة للجدل»
* أثارت استثمارات الكنيسة الانغليكانية في شركة «كاتربيلر» الأميركية لمعدات البناء الكثير من الجدل مطلع العام الجاري بعد أن تبين أن الآلات التي تصنعها الشركة تستخدم من قبل الاسرائيليين لهدم بيوت الفلسطينيين، ما دفع بهيئات عدة إلى مطالبة الكنيسة سحب استثمارها. وعندما أعلنت الكنيسة انها تدرس القيام بذلك فعلا، ثارت عليها الهيئات والجمعيات الداعمة لإسرائيل، واصفين مثل هذا التصرف بأنه «معاد للسامية». وبعد نقاشات طويلة كانت النتيجة أن الكنيسة لم تسحب استثماراتها اثر توصية مجموعة استشاريي الاستثمار الاخلاقي التابعة لها،
وإنما قررت إبقاء المسألة تحت الرقابة المكثفة. وذكرت هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) انه لم يتم التمكن من ايجاد ادلة جامدة بخرق «كاتربيلر» لحقوق الانسان، ونقلت «بي بي سي» عن متحدث باسم «كاتربيلر» قوله إن منتجاتها تباع للحكومة الأميركية التي بدورها تبيعها لإسرائيل، مضيفا «من الواضح انه ليس لدينا الحق او القدر للتحكم بكيفية استخدام المستهلكين لآلاتهم». وكذلك تعتبر الكنيسة من كبار المستثمرين في الشركات النفطية (مثل «شل» و«بريتيش بتروليوم» و«توتال») على الرغم من الجدل البيئي الدائر حولها ما دفع الكثيرين الى الاشارة الى التناقض في مواقف الكنيسة سيما ان كبير اساقفة كانتربيري روان ويليامز حذر أخيرا من مخاطر الاحتباس الحراري. إضافة الى ذلك، تم انتقاد الكنيسة حول استثماراتها العقارية،
واتهامها بانها «تسعى وراء الربح وحسب» عقب اعلانها عن نيتها ثلاثة مساكن لذوي الدخل المحدود جنوب لندن لملاك عاديين (ما قد يعني رفع قيمة الايجار)، اضافة لجدل اثير حول استثمارات سابقة في جنوب افريقيا، وفي شركات مرتبطة بالهندسة الجينية، وشركة «موناسنتو» الأميركية التي كانت احد مطوري مادة «ايجينت اورانج» التي استخدمها الأميركيون كسلاح في حرب فيتنام، بحسب ما ذكرت صحيفة الـ«انديبندنت». ويعلق المدير التنفيذي لهيئة «مفوضي الكنيسة»، اندرو براون، حول الموضوع بقوله «لدينا مجموعة استشاريين خاصة بما يتعلق بالاستثمار الأخلاقي، وهؤلاء يجلسون مع مسؤولين على اعلى المستويات في الشركات التي نستثمر بها، وهو ما جرى مع كاتربيلر وشركات النفط وفي حالات أخرى، وتمت مناقشة ما قد يثير قلقنا».
لندن: فيصل عباس
لم يكن مستغربا أن تعلن شركة الخطوط الجوية البريطانية (بريتيش إيروايز) أواخر الشهر الماضي نيتها «مراجعة» سياستها المتعلقة بأزياء موظفيها عندما تسلمت رسالة من «الكنيسة الانغليكانية» (تشيرتش اوف انغلاند) ذات صلة بالجدل الذي يدور منذ اكتوبر الماضي حول اصرار احدى موظفات «كاونتر» الشركة في مطار هيثرو بلندن، على ارتداء صليب في قلادة حول عنقها خلال فترة عملها في حين ان سياسة الشركة تقضي بمنع ارتداء الشعارات الدينية.
إلا أن اللافت فيما يخص هذه القضية، هو انه لـ«كنيسة انجلترا» صفتان تخاطب بهما شركة الطيران البريطانية العملاقة... الأولى هي صفة الكنيسة الأم والراعية للطائفة الانغليكانية حول العالم، لذلك فكان من البديهي ان يقلقها الأمر.
أما الصفة الثانية، والتي قد لا يعلم عنها كثيرون، فهي ان الكنيسة هي في الواقع أحد كبار المستثمرين في «بريتيش ايروايز».. وقيمة أسهمها تقدر بـ 10.25 مليون جنيه استرليني.
وما قد لا يعلم عنه كثيرون كذلك، هو أن الكنيسة الانغليكانية (كما هو الحال مع الفاتيكان) هي في الواقع أحد كبار المستثمرين بشكل عام في بريطانيا وحول العالم، وأنّها في العام الماضي حققت نتائج مبهرة، حيث اظهر تقريرها المالي السنوي للعام 2005 ارتفاعا في قيمة املاك واسهم الكنيسة خلال 2005 بنحو 800 مليون جنيه استرليني عن العام 2004 ليصل اجمالي القيمة الى نحو 5 مليارات جنيه استرليني (نحو 10 مليارات دولار)، ما وضعها على قائمة «انجح مديري الأموال في بريطانيا» بحسب ما ذكرت صحيفة «الغارديان» البريطانية. هنا يطرح سؤال بديهي نفسه خصوصا في ظل الفكرة المسبقة أن الكنيسة تعتمد في تمويلها على الدعم المالي من اتباعها أو من الحكومة (البريطانية في هذه الحالة)... أو من الجهتين معا.
اضافة الى ما قد يفسره البعض على انه يتضارب بين تعاليم المسيحية المتعلقة بـ«شر» كنوز الأرض. إلا أن للكنيسة أملاكا تاريخية، والفكرة من وراء الاستثمار هي انه يساعد في عمل الكنيسة في تلبية المحتاجين وتمويل نفسها. ويعود تكوين الذراع الاستثماري للكنيسة الانجليزية الى العام 1948 حيث تم تأسيس هيئة «مفوضي الكنيسة» Church Commissioners بعد أن دمجت فيها كل من هيئتي «مَكرمة الملكة آن» Queen Ann"s Bounty التي أسست عام 1704 لتحسين دخل القساوسة وتوفير المساكن في الأحياء الفقيرة، و«مفوضي القساوسة» Ecclesiastical Commissioners الذين منحهم البرلمان عام 1840 حق اعادة توزيع الموارد التاريخية للكنيسة لغرض زيادة امكانية مساعدة المحتاجين.
ومنذ ذلك الوقت حتى يومنا هذا، توسعت استثمارات الكنيسة حيث لم تعد تشمل العقار فحسب، بل اسهما في شركات عملاقة في مختلف المجالات كالنفط والبنوك والاتصالات والإعلام والمنتجات الاستهلاكية. يعلق المدير التنفيذي لهيئة «مفوضي الكنيسة»، اندرو براون، بقوله «وظيفتنا كمؤتمنين على ممتلكات تاريخية هي ادارتها والحفاظ عليها اليوم.. وللمستقبل» إلا أن براون يشير خلال حديثه مع «الشرق الأوسط» الى أن الدخل الذي يأتي للكنيسة من أرباح اسهمها وممتلكاتها وإن بدا كبيرا (نحو 170 مليون جنيه سنويا) فإنه لا يغطي أكثر من 18% من تكاليف ادارة الكنيسة وتوابعها، التي تبلغ 1000 مليون جنيه استرليني بحسب تقرير المفوضين السنوي.
وبحسب موقع الكنيسة الرسمي على الانترنت فإن ثلاثة أرباع التمويل (نحو 750 مليون جنيه استرليني) يأتي من تبرعات أتباعها، هذا بالإضافة الى مداخيل متفرقة تأتي من رسوم اجراء المراسم وتأجير صالات الكنيسة وحملات جمع التبرعات.
من جهته، يرى الصحافي الاقتصادي في صحيفة «الغارديان» باتريك كولنسن أن في نجاح الكنيسة نقطتين لافتتين، فبداية تعتمد الكنيسة سياسة «الاستثمار الأخلاقي» ما يحد من المجالات والشركات التي تستطيع الاستثمار بها، فهي لا تستطيع ضخ المال في قطاعات السلاح والتبغ والكحول والقمار على سبيل المثال (الأمر الذي جعل قيمة محفظتها أقل بقيمة 0.7% مما كانت ستكون عليه لو أنها استثمرت بحرية تامة بحسب ما جاء في تقرير هيئة المفوضين). النقطة الثانية، بحسب ما يقول كولنسن لـ«الشرق الأوسط»، هي بمقارنة حجم أعمال الكنيسة بكبار المستثمرين عالميا فإنّ مديري الاستثمارات العاملين فيها يتقاضون أجرا أقل بكثير من ذلك الذي يتقاضاه نظراؤهم في الشركات العملاقة والدولية التي لديها «بورتفوليو» مقارب من ناحية الحجم.
ويعلل الصحافي البريطاني ذلك باعتقاده بأنّ العاملين في مكان مثل الكنيسة تكون لديهم اهتمامات بأمور غير الأجر المادي، موضحا «لا بد أن يتوقع المرء انه حين يتقدم أحدهم بطلب للعمل في الكنيسة تكون المعتقدات الدينية لديه قوية».
سؤال آخر يطرح نفسه هنا، وهو هل للكنيسة مصلحة أخرى في هذه الاستثمارات إلى جانب الفائدة المادية، خصوصا انها كمالك اسهم تتمتع بحق أي صاحب حصة كبيرة في أي شركة بإملاء رغباته عليها؟
يرى كولنسن أن ما فعلته مع «بريتيش ايروايز» يمكن ان يعتبر «اقرب الى تصرف الناشطين من تصرف الشركات ذات الاستثمار الاخلاقي». فيما يرى ان النفوذ مستبعد في حالة الشركات الاعلامية التي تملك فيها الكنيسة اسهما (مثل «رويترز» و«تايم وارنر» ـ الشركة المالكة لشبكة «سي ان ان» الإخبارية)، ويضيف «بداية تكون استثمارات الكنيسة في مثل هذه الشركات صغيرة، ثانيا بالتأكيد يتجنبون أي تدخل في التحرير لأنه ثبت انهم فعلوا فسينتج عن الامر جدل عام كبير للغاية». هذا فيما يقول أندرو براون من هيئة المفوضين «اذا اردنا استخدام قضية الخطوط البريطانية والموظفة التي ارادت ارتداء الصليب كمثال، نحن لم نفرض عليهم أي أمر.. كل ما فعلناه هو ان مجموعة مستشاري الاستثمار الاخلاقي التابعة لنا ارسلت خطابا الى الشركة لطلب الاجتماع بهم، وما فعلوه هو أنهم اعلنوا انهم سيعيدون درس سياستهم المتعلقة بأزياء الموظفين». ويضيف «لم نهدد» موضحا «ربما جعلت بعض وسائل الاعلام الامر يبدو كذلك ولكننا لم نفعل». إلا أن الصحافي باتريك كولنسن يعتبر ان ذلك (ارسال رسالة وليس التهديد بسحب الاستثمار صرفا) يعد «تصرفا انجليزيا بامتياز»،
مضيفا فيما يوضح انه لم يطلع على محتوى الرسالة التي تحدث عنها براون، انه يعتقد ان المقصود ضمنيا كان بالفعل التلويح بإمكانية سحب الاستثمار. ويأتي كلام كولنسن متوافقا مع ما ذكرته صحيفة «الغارديان» بإن خطاب مجموعة استشاريي الاستثمار الاخلاقي أرسلت بعد ساعات من انتقاد «بريتيش إيروايز» على لسان كبير اساقفة كانتربيري (ورأس الكنيسة الانغليكانية)، د. روان وليامز، خلال لقائه البابا في روما آواخر نوفمبر المنصرم، وقوله ان هناك استشارات تجري لسحب الاستثمار من شركة الطيران، الأمر الذي أقلق «بريتيش إيروايز» اضافة الى الخوف من اعلان حملة مقاطعة للخطوط من قبل الطائفة الانغليكانية، التي يصل أتباعها الى نحو 73 مليون شخص حول العالم... وهو أمر إن وقع فعلا فسيكون له تأثير سلبي على شركة الطيران البريطانية هذه، فسحب الاستثمار قد يعني سحب «المباركة» سيما أن الكثير من أتباع الطائفة يؤمنون حتما بأنه «حيث يكون كنزك، هناك يكون قلبك أيضا» ( متى ـ 21:6). استثمارات «مثيرة للجدل»
* أثارت استثمارات الكنيسة الانغليكانية في شركة «كاتربيلر» الأميركية لمعدات البناء الكثير من الجدل مطلع العام الجاري بعد أن تبين أن الآلات التي تصنعها الشركة تستخدم من قبل الاسرائيليين لهدم بيوت الفلسطينيين، ما دفع بهيئات عدة إلى مطالبة الكنيسة سحب استثمارها. وعندما أعلنت الكنيسة انها تدرس القيام بذلك فعلا، ثارت عليها الهيئات والجمعيات الداعمة لإسرائيل، واصفين مثل هذا التصرف بأنه «معاد للسامية». وبعد نقاشات طويلة كانت النتيجة أن الكنيسة لم تسحب استثماراتها اثر توصية مجموعة استشاريي الاستثمار الاخلاقي التابعة لها،
وإنما قررت إبقاء المسألة تحت الرقابة المكثفة. وذكرت هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) انه لم يتم التمكن من ايجاد ادلة جامدة بخرق «كاتربيلر» لحقوق الانسان، ونقلت «بي بي سي» عن متحدث باسم «كاتربيلر» قوله إن منتجاتها تباع للحكومة الأميركية التي بدورها تبيعها لإسرائيل، مضيفا «من الواضح انه ليس لدينا الحق او القدر للتحكم بكيفية استخدام المستهلكين لآلاتهم». وكذلك تعتبر الكنيسة من كبار المستثمرين في الشركات النفطية (مثل «شل» و«بريتيش بتروليوم» و«توتال») على الرغم من الجدل البيئي الدائر حولها ما دفع الكثيرين الى الاشارة الى التناقض في مواقف الكنيسة سيما ان كبير اساقفة كانتربيري روان ويليامز حذر أخيرا من مخاطر الاحتباس الحراري. إضافة الى ذلك، تم انتقاد الكنيسة حول استثماراتها العقارية،
واتهامها بانها «تسعى وراء الربح وحسب» عقب اعلانها عن نيتها ثلاثة مساكن لذوي الدخل المحدود جنوب لندن لملاك عاديين (ما قد يعني رفع قيمة الايجار)، اضافة لجدل اثير حول استثمارات سابقة في جنوب افريقيا، وفي شركات مرتبطة بالهندسة الجينية، وشركة «موناسنتو» الأميركية التي كانت احد مطوري مادة «ايجينت اورانج» التي استخدمها الأميركيون كسلاح في حرب فيتنام، بحسب ما ذكرت صحيفة الـ«انديبندنت». ويعلق المدير التنفيذي لهيئة «مفوضي الكنيسة»، اندرو براون، حول الموضوع بقوله «لدينا مجموعة استشاريين خاصة بما يتعلق بالاستثمار الأخلاقي، وهؤلاء يجلسون مع مسؤولين على اعلى المستويات في الشركات التي نستثمر بها، وهو ما جرى مع كاتربيلر وشركات النفط وفي حالات أخرى، وتمت مناقشة ما قد يثير قلقنا».