جمال
12-21-2006, 04:25 PM
سجال حول الجانب الأخلاقي للاعتصام في خيم بيروت
بيروت: سناء الجاك
رفض سائق سيارة أجرة نقل فتاة من أحد الشوارع مساء الى مكان الاعتصام في وسط بيروت، وعبر عن غضبه أمام الركاب الآخرين «لأن مثل هذه التجمعات تسمح بانفلات أخلاقي وتغطيه بمعزل عن الهدف المعلن لها». وابدى السائق سخطه على الاهل الذين يتساهلون مع بناتهم، «لاسيما المراهقات غير المحصنات بالحكمة اللازمة»، وقال: «لا أفهم كيف يسمح الوالد لابنته الصبية بقضاء الليل خارج منزلها بحجة اعتصام أو غيره لتواعد أحد الشبان وتسهر معه حتى وقت متأخر، فالاختلاط من دون حسيب او رقيب سيورط حتما هذه الصبية في مواقف لا لزوم لها».
هذا الجانب الاخلاقي للاعتصام بدأ التداول به بأصوات خافتة ما لبثت ان اصبحت مسموعة. وكان البطريرك الماروني نصر الله صفير قد اشار، اول من امس، في عظته الاسبوعية الى أن «للعائلة أهمية كبرى في بناء كل مجتمع سليم، وحيثما انفرط عقد العائلة تفكك المجتمع وغابت عنه القيم والاخلاق الفاضلة. ونخشى ان ينال العائلة سوء من هذه التجمعات المختلطة غير المنضبطة، وقد عرفنا ان فريقا من المعتصمين يمنع بناته من الاستمرار في المخيمات ليلا، وهذا تدبير حكيم». وكانت الانتقادات على مبدأ الاعتصام قد برزت في العام الماضي اثر بقاء مجموعة من الشباب والصبايا في ساحة الشهداء، وسط بيروت، بعد جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري. آنذاك صرح أكثر من سياسي موال للنظام السوري بأن الخيم تخفي فسادا اخلاقيا جراء الاختلاط بين الجنسين بعيدا عن مراقبة الاهل، ومعظم الذين ادانوا هذه التجمعات التي كانت محسوبة على خصومهم السياسيين لم يجدوا فيها اليوم أية علة تستوجب الاستنكار، حتى أن الوزير السابق وئام وهاب وبعد نقد لاذع لمخيمي فريق «14 آذار» اعتبر بعد زيارته البطريرك صفير امس «ان البطريرك قس قليل على المعتصمين، وخصوصا انهم يعبرون عن رأي سياسي في بلد ديمقراطي».
وقد استغرب بعض المعتصمين ما قاله البطريرك صفير في هذا الاعتصام تحديدا، وسألوا: «لماذا لم يدل بمثل هذه التصريحات قبل عام؟». فيما اعتبر البعض الآخر أن لا لزوم لطرح الموضوع. واشار الى أن نسبة الفتيات اللواتي يمضين الليل في الخيم ليست عالية، موضحاً أن السبب هو الحول دون تعريض الجنس اللطيف للخطر لدى وقوع أي حادث أمني، «فالشبان أقدر على التصرف في مثل هذه المواقف». لكن فراس فرنسيس، المسؤول عن التنظيم في الحزب السوري القومي الاجتماعي، أشار الى «ان الوضع مستقر والأمن مستتب، ونحن كحزب علماني لا نفصل بين المرأة والرجل، وأكثر من ذلك نثمن دور المرأة في النضال، والفتيات المخيمات هن أخوات لنا».
هدى فرنجية من «تيار المردة» الذي يرأسه الوزير والنائب السابق سليمان فرنجية، اعتبرت «ان الاعتصام شكل مناسبة نادرة للتعرف الى شباب لبنانيين من طوائف أخرى. وقد أثمر حتى الآن تعاونا وتكاتفا وتضامنا. وأتمنى ان تتطور هذه المناسبة لتؤدي الى زيجات بين المسلمين والمسيحيين بحيث نوطد أكثر فأكثر أسس الوحدة الوطنية».
إحدى الامهات رفضت مبدأ الزواج المختلط، وقالت: «صحيح اني أسمح لابنتي بالمشاركة في الاعتصام ليلا، لكني لا أقبل مطلقا بأن تتعرف الى شاب من غير طائفتها وترتبط به، فلبنان بعد ما حدث مفتوح دائما على الصراعات الطائفية». وانطلاقا من مبدأ «اعقل وتوكل» قالت احدى المعتصمات ان امها نبهتها الى ضرورة ضبط أي ميل خارج اطار المعقول. وهي لا تستبعد أن يأتي النصيب في مثل هذه التجمعات التي تفتح الباب واسعا على «النصيب». وتضيف: «في ظل أزمة الزواج التي نعيشها بسبب الاوضاع الاقتصادية المتردية وهجرة الشباب الى الخارج للعمل، قد تشكل هذه المناسبة اطارا اجتماعيا مقبولا للتعارف لا سيما ان حزب الله هو المنظم والمراقب. وثقتي كبيرة باهتمام شبابه بالجانب الاخلاقي».
أحد الشباب الملتزمين في الحزب، يرفض الفكرة جملة وتفصيلا. لذا لا يسمح لخطيبته بالاعتصام مطلقا «لأني لا اضمن عدم وجود شبان عديمي الاخلاق. ولا ضرورة لتعريض خطيبتي لمثل هذا الاختلاط. أنا أقوم بواجبي واعتقد ان مشاركتي كافية».
ياسر لديه فتاتان في سن المراهقة، يشعر بالعجز حيال ما يحصل. لعن السياسة والسياسيين الذين يستخدمون الشعب لتحقيق اهدافهم بعد شحن تستحيل مقاومة ردود الفعل عليه. وقال: «لم استطع ان امنع ابنتيّ من الذهاب كل مساء الى خيم الاعتصام. وكأن لديهما دواما كاملا هناك. وما يزيد من حنقي انهما تعتبران الامر حقا من حقوقهما او تكليفا شرعيا. مع انهما غير ملتزمتين فعلا بحزب الله. لكنهما تستغلان هذه المناسبة، كما استغلتا في السابق غيرها، للخروج من المنزل، والحجة تنبع دائما من صراع السياسيين».
أحمد حل المشكلة وأراح باله، فهو يصطحب ابنته الى الاعتصام عندما تريد وبعد ان تكون قد انهت واجباتها المدرسية، وهكذا لا يواجه اي وضع صعب يرفضه كوالد. جورج خوري يجد ان طرح الامر سياسي بامتياز، ويقول: «إن رافضي فكرة الاعتصام يحاولون تشويه سمعة المعتصمين. ولا علاقة للقيم والأخلاق في الامر. فالمناسبات والظروف التي تؤدي الى خلل في القيم اكثر من ان تحصى. ولا لزوم لاعتصام او غيره للمواعدة بين الجنسين. فهذه الامور بدأت منذ خلق الله الرجل والمرأة. ومجرد طرح الموضوع ونحن في القرن الحادي والعشرين يبدو ساذجا».
بيروت: سناء الجاك
رفض سائق سيارة أجرة نقل فتاة من أحد الشوارع مساء الى مكان الاعتصام في وسط بيروت، وعبر عن غضبه أمام الركاب الآخرين «لأن مثل هذه التجمعات تسمح بانفلات أخلاقي وتغطيه بمعزل عن الهدف المعلن لها». وابدى السائق سخطه على الاهل الذين يتساهلون مع بناتهم، «لاسيما المراهقات غير المحصنات بالحكمة اللازمة»، وقال: «لا أفهم كيف يسمح الوالد لابنته الصبية بقضاء الليل خارج منزلها بحجة اعتصام أو غيره لتواعد أحد الشبان وتسهر معه حتى وقت متأخر، فالاختلاط من دون حسيب او رقيب سيورط حتما هذه الصبية في مواقف لا لزوم لها».
هذا الجانب الاخلاقي للاعتصام بدأ التداول به بأصوات خافتة ما لبثت ان اصبحت مسموعة. وكان البطريرك الماروني نصر الله صفير قد اشار، اول من امس، في عظته الاسبوعية الى أن «للعائلة أهمية كبرى في بناء كل مجتمع سليم، وحيثما انفرط عقد العائلة تفكك المجتمع وغابت عنه القيم والاخلاق الفاضلة. ونخشى ان ينال العائلة سوء من هذه التجمعات المختلطة غير المنضبطة، وقد عرفنا ان فريقا من المعتصمين يمنع بناته من الاستمرار في المخيمات ليلا، وهذا تدبير حكيم». وكانت الانتقادات على مبدأ الاعتصام قد برزت في العام الماضي اثر بقاء مجموعة من الشباب والصبايا في ساحة الشهداء، وسط بيروت، بعد جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري. آنذاك صرح أكثر من سياسي موال للنظام السوري بأن الخيم تخفي فسادا اخلاقيا جراء الاختلاط بين الجنسين بعيدا عن مراقبة الاهل، ومعظم الذين ادانوا هذه التجمعات التي كانت محسوبة على خصومهم السياسيين لم يجدوا فيها اليوم أية علة تستوجب الاستنكار، حتى أن الوزير السابق وئام وهاب وبعد نقد لاذع لمخيمي فريق «14 آذار» اعتبر بعد زيارته البطريرك صفير امس «ان البطريرك قس قليل على المعتصمين، وخصوصا انهم يعبرون عن رأي سياسي في بلد ديمقراطي».
وقد استغرب بعض المعتصمين ما قاله البطريرك صفير في هذا الاعتصام تحديدا، وسألوا: «لماذا لم يدل بمثل هذه التصريحات قبل عام؟». فيما اعتبر البعض الآخر أن لا لزوم لطرح الموضوع. واشار الى أن نسبة الفتيات اللواتي يمضين الليل في الخيم ليست عالية، موضحاً أن السبب هو الحول دون تعريض الجنس اللطيف للخطر لدى وقوع أي حادث أمني، «فالشبان أقدر على التصرف في مثل هذه المواقف». لكن فراس فرنسيس، المسؤول عن التنظيم في الحزب السوري القومي الاجتماعي، أشار الى «ان الوضع مستقر والأمن مستتب، ونحن كحزب علماني لا نفصل بين المرأة والرجل، وأكثر من ذلك نثمن دور المرأة في النضال، والفتيات المخيمات هن أخوات لنا».
هدى فرنجية من «تيار المردة» الذي يرأسه الوزير والنائب السابق سليمان فرنجية، اعتبرت «ان الاعتصام شكل مناسبة نادرة للتعرف الى شباب لبنانيين من طوائف أخرى. وقد أثمر حتى الآن تعاونا وتكاتفا وتضامنا. وأتمنى ان تتطور هذه المناسبة لتؤدي الى زيجات بين المسلمين والمسيحيين بحيث نوطد أكثر فأكثر أسس الوحدة الوطنية».
إحدى الامهات رفضت مبدأ الزواج المختلط، وقالت: «صحيح اني أسمح لابنتي بالمشاركة في الاعتصام ليلا، لكني لا أقبل مطلقا بأن تتعرف الى شاب من غير طائفتها وترتبط به، فلبنان بعد ما حدث مفتوح دائما على الصراعات الطائفية». وانطلاقا من مبدأ «اعقل وتوكل» قالت احدى المعتصمات ان امها نبهتها الى ضرورة ضبط أي ميل خارج اطار المعقول. وهي لا تستبعد أن يأتي النصيب في مثل هذه التجمعات التي تفتح الباب واسعا على «النصيب». وتضيف: «في ظل أزمة الزواج التي نعيشها بسبب الاوضاع الاقتصادية المتردية وهجرة الشباب الى الخارج للعمل، قد تشكل هذه المناسبة اطارا اجتماعيا مقبولا للتعارف لا سيما ان حزب الله هو المنظم والمراقب. وثقتي كبيرة باهتمام شبابه بالجانب الاخلاقي».
أحد الشباب الملتزمين في الحزب، يرفض الفكرة جملة وتفصيلا. لذا لا يسمح لخطيبته بالاعتصام مطلقا «لأني لا اضمن عدم وجود شبان عديمي الاخلاق. ولا ضرورة لتعريض خطيبتي لمثل هذا الاختلاط. أنا أقوم بواجبي واعتقد ان مشاركتي كافية».
ياسر لديه فتاتان في سن المراهقة، يشعر بالعجز حيال ما يحصل. لعن السياسة والسياسيين الذين يستخدمون الشعب لتحقيق اهدافهم بعد شحن تستحيل مقاومة ردود الفعل عليه. وقال: «لم استطع ان امنع ابنتيّ من الذهاب كل مساء الى خيم الاعتصام. وكأن لديهما دواما كاملا هناك. وما يزيد من حنقي انهما تعتبران الامر حقا من حقوقهما او تكليفا شرعيا. مع انهما غير ملتزمتين فعلا بحزب الله. لكنهما تستغلان هذه المناسبة، كما استغلتا في السابق غيرها، للخروج من المنزل، والحجة تنبع دائما من صراع السياسيين».
أحمد حل المشكلة وأراح باله، فهو يصطحب ابنته الى الاعتصام عندما تريد وبعد ان تكون قد انهت واجباتها المدرسية، وهكذا لا يواجه اي وضع صعب يرفضه كوالد. جورج خوري يجد ان طرح الامر سياسي بامتياز، ويقول: «إن رافضي فكرة الاعتصام يحاولون تشويه سمعة المعتصمين. ولا علاقة للقيم والأخلاق في الامر. فالمناسبات والظروف التي تؤدي الى خلل في القيم اكثر من ان تحصى. ولا لزوم لاعتصام او غيره للمواعدة بين الجنسين. فهذه الامور بدأت منذ خلق الله الرجل والمرأة. ومجرد طرح الموضوع ونحن في القرن الحادي والعشرين يبدو ساذجا».