المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : غضب واسع بين الصحفيين المصريين من "مكرمة" ملك البحرين لرؤساء تحرير الصحف القومية



زوربا
12-19-2006, 09:49 AM
كتب عمر القليوبي وصبحي عبد السلام ومجدي محمد (المصريون) : بتاريخ 18 - 12 - 2006


فجرت عملية "تسفير" مجموعة كبيرة من رؤساء تحرير الصحف القومية والمستقلة لمقابلة عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة ، موجة انتقادات واسعة النطاق من جانب قيادات صحفية مصرية، ربطت بين اللقاء وبين ما اعتبرته عملية "تدجين" للصحافة وإفساد لرسالتها ، متسائلة عن القيمة المهنية التي تجعل عشرة من رؤساء تحرير الصحف المصرية القومية والمستقلة يسافرون في "قفة" واحدة ، على حد تعبير قيادة صحفية كبيرة ، من أجل الاستماع إلى بعض الآراء السياسية لقيادة عربية غير محورية ، ثم تخصيص مساحات كبيرة من الصحف لكيل المديح المفرط للعاهل البحريني وإنجازاته بشكل مثير للدهشة ، وكانت نقابة الصحفيين المصريين قد تلقت مذكرة أمس تطالب بالتحقيق في الواقعة وجلاء الأمر أمام الرأي العام فيما يخص الجهة التي تحملت نفقات السفر وفق الأعراف الصحفية المتبعة والهدايا التي قدمت وهل آلت إلى المؤسسات أم الأشخاص ، وأضافت المذكرة التي تسلمت المصريون نسخة منها ما نصه: (سيادة النقيب : من منطلق الحرص على الشفافية داخل الجماعة الصحفية ، والحرص على نقاء سمعة وصورة الصحافة المصرية داخل الوطن وخارجه ، فإني أرجو من سيادتكم التحقيق في واقعة سفر مجموعة من رؤساء تحرير الصحف المستقلة والقومية إلى البحرين ، لمدة يومين ، بدعوى إجراء حوار صحفي مع ملك البحرين ، بحيث تتعرف الجماعة الصحفية على طبيعة الدعوة ، والأسس المهنية والأخلاقية التي تم على أساسها اختيار هذه الأسماء دون غيرها ، وتحديد الطرف الذي تحمل نفقات السفر و"نفقات الجيب" وخلافه .
سيادة النقيب ، إن الجماعة الصحفية المصرية تأذت كثيرا من الاتهامات التي تلاحقها في المحيط العربي بتلقي هدايا وأموال من زعامات سياسية رسمية وصلت إلى حد الحصول على سيارة "مرسيدس" لكل صحفي كما حدث في لقاء الرئيس العراقي صدام حسين ، ولذلك من حقنا كجمعية عمومية على مجلس النقابة أن يزيل أي لبس في أي واقعة مستجدة ).

يأتي ذلك فيما انتشرت "أقاويل" في الأوساط الصحفية عن هدايا كبيرة قدمت للشخصيات التي شاركت في الزيارة ، وهو ما يعيد إلى الأذهان الهدايا التي قدمها الرئيس العراقي السابق صدام حسين لوفد رؤساء التحرير المرافق للرئيس مبارك أثناء حضوره الاجتماع التأسيسي لمجلس التعاون العربي الذي كان يضم مصر والأردن والعراق واليمن في عام 1988م، والتي كانت عبارة عن سيارة مرسيدس لكل عضو من الوفد المرافق للرئيس، الذي أمر بنقل ملكيتها للمؤسسات القومية والحزبية بعد "الفضيحة" التي أحدثتها في ذلك الحين وحتى لا تتهم الصحف المصرية بأنها مخترقة من نظم عربية.
وفيما أبدت أوساط صحفية بالغ استغرابها من استدعاء رؤساء تحرير صحف "مستقلة" ضمن الوفد ، وهما الأستاذان مجدي الجلاد ومصطفى بكري ، متسائلة عن الأسباب والخلفيات التي تم على أساسها "انتقاء" الاثنين دون غيرهما من الصحف المستقلة والحزبية ، حيث تم تجاهل رؤساء تحرير العديد من الصحف المستقلة مثل "الدستور" و"صوت الأمة" و"الفجر" ، وصحف حزبية أخرى مثل "العربي" و"الكرامة" و"الوفد" .
من جهته قال الكاتب الصحفي الكبير فهمي هويدي أن سفر رؤساء تحرير الصحف المصرية كلهم في "قفة" واحدة ـ بحسب وصفه ـ إلى البحرين بغض النظر على حساب من ومن تحمل نفقة سفرهم هو شيء مهين للصحافة المصرية ومخالف للتقاليد الصحفية مؤكدا أن شأن الصحافة وقدرها أصبح صغيرا أسوة بكل شيء في مصر تعرض للتقزيم وأصبح صغيرا.
ولفت هويدي إلى أن ما يقال عن حجم الهدايا التي يتلقونها ، يظل مجرد تكهنات ولا يستطيع أحد إثبات إن كافة رؤساء التحرير قد حصلوا على هدايا من ملك البحرين ، وأضاف : غير أني أؤكد من جديد أن أي صحفي محترم في صحيفة محترمة لا يقبل أن يسافر على حساب أحد أو يتلقى أي شيء من أي جهة وأردف متسائلا ما هو سر هذه السفرية خاصة وأن ملك البحرين ليس جورج بوش وفي تقديري أن محافظ القاهرة أهم من منصب ملك في بلد صغير كالبحرين.
وقال هويدي أن فساد الصحافة هو جزء من فساد السياسة والفساد العام الذي يسود المجتمع المصري وتابع قائلا : كنت أتمني أن يرفض واحد من رؤساء التحرير أو أي صحفي دعوة للسفر على حساب أحد كما أتمني أن أجد بين الصحفيين من هو محصن ضد الشراء والأغراء ، ولكننا فوجئا أن الكل قبل الدعوة بدءا من " أتخن" جورنال كالأهرام وانتهاء بأصغر جورنال أنت تعرفه وهذا شيء محزن.
الجدير بالذكر أن الكاتب الصحفي فهمي هويدي سبق وأن أثار ضجة بعدما نشر في جريدة الوفد منذ سنوات عن الفضائح والزيس والفساد في الوسط الصحفي.
من جانبه، اعتبر عبد الحليم قنديل رئيس التحرير التنفيذي لصحيفة "الكرامة"، مثل هذه "الاستدعاءات" تعكس الخلل الذي تعيشه الصحافة المصرية منذ فترة، لكنه رأى أن الجديد هو ظهور صحف تطلق على نفسها مسمى صحف مستقلة تسير في ركب الحكومة والنظام وأصبحت تعامل معاملة الصحف الرسمية الحكومية ويعامل رؤساؤها نفس معاملة رؤساء صحف الحكومة.
وقال إن هذا الأمر يضعنا بين نوعين من الصحف الحكومية وهما: صحف تصدر عن الحكومة بصفة رسمية وصحف تصدر بصفة شكلية ورؤساء تحرير يرافقون رئيس الجمهورية في زياراته الخارجية، مستشهدا بكل من مصطفى بكري ومجدي الجلاد وأحيانًا عادل حمودة رئيس تحرير صحيفة "الفجر".
ولفت إلى أن عددًا من رؤساء تحرير هذه الصحف يشاركون في مشاورات حول اختيار مكرم محمد أحمد نقيبًا للصحفيين وعقد أكثر من اجتماع بدعوى تطهير الصحافة من السياسة، وكأنه من غير المعروف أن الصحافة تلتصق بالسياسة.
ورأى أن مثل هذه الدعوات تأتي في سياق سياسة الاستقطاب التي يتبعها النظام لهذه الصحف، وتطرح أسئلة حول الجهة التي ستتحمل ثمن تذاكر السفر والإقامة هناك، مشيرًا إلى أنه إذا كانت البحرين هي التي تتكفل بالنفقات، فإن الأمر يعني حصول أعضاء الوفد الصحفي على رشوة مقنعة، إضافة إلى الهدايا والعطايا التي لا تخلو منها مثل هذه اللقاءات.
وأضاف أن هذه اللقاءات تعد أيضًا مساهمة من جانب تلك الصحف في تلميع الأنظمة الخليجية والبحرينية على وجه الخصوص متسائلا عن "الثمن". ومن جانب آخر نفى عبد الله السناوي رئيس تحرير صحيفة "العربي" وبضحكة ساخرة ومعبرة ، تلقيه أي دعوة من هذا النوع التي تتم وفق ترتيبات رئاسة الجمهورية وجهات أمنية لمجاملة ملوك الخليج عبر رؤساء تحرير.
وقلل السناوي من أهمية مثل هذه الزيارات واللقاءات، ووصفها بأنها بلا أي أهمية أو فائدة، مذكرًا في الوقت ذاته بلقاء تم منذ ستة أشهر بين ملك البحرين وعدد من رؤساء تحرير هذه الصحف.
جدير بالذكر أن الوفد الصحفي المصري الذي سافر لمقابلة ملك البحرين ضم كلاً من أسامة سرايا رئيس تحرير "الأهرام" ومحمد بركات رئيس تحرير "الأخبار" ومحمد الشماع رئيس تحرير "آخر ساعة" ومحمد علي إبراهيم رئيس تحرير "الجمهورية" وعبد الله كمال رئيس تحرير "روزاليوسف" وخالد إمام رئيس تحرير "المساء" وعبد الله على حسن رئيس تحرير وكالة أنباء "الشرق الأوسط" وممتاز القط رئيس تحرير "أخبار اليوم" ومصطفى بكري رئيس تحرير "الأسبوع" ومجدي الجلاد رئيس تحرير "المصري اليوم".
وكشفت مصادر سياسية مطلعة لـ "المصريون" أن رئاسة الجمهورية وأحد الأجهزة الأمنية رفيعة المستوى لعبا الدور الأساسي في اختيار رؤساء تحرير الصحف القومية والمستقلة طبقًا لمعايير تتعلق بمدى الولاء للقيادة السياسية واعتبارات "الملف" المهني وبعض الاعتبارات الشخصية .