جمال
12-18-2006, 04:34 PM
كتب جيمي كارتر- الرئيس الامريكي الاسبق : بتاريخ 17 - 12 - 2006
كنت قد وقعت قبل عامين عقدا مع دار سايمون وشوستر للنشر يتضمن قيامي بوضع كتاب عن الشرق الاوسط، يستند الى ملاحظاتي الشخصية اثناء قيام مركز كارتر بمراقبة ثلاثة انتخابات جرت في فلسطين كما يستند الى مشاوراتي مع الزعماء السياسيين الاسرائيليين وناشطي السلام في اسرائيل.
في الاعوام 1996 و 2005 و 2006 عندما انتخب للرئاسة ياسر عرفات ومن بعده محمود عباس الى جانب انتخاب اعضاء البرلمان الفلسطيني، قمنا في المركز بتغطية جميع المناطق الفلسطينية وكانت الانتخابات تقرب من الكمال حيث لم تكد تشوبها شائبة وكان الاقبال على صناديق الاقتراع عاليا باستثناء القدس الشرقية حيث حالت التقييدات الاسرائيلية المشددة دون وصول اكثر من 2 بالمئة من الناخبين المسجلين الى الصناديق.
بين الاسرائيليين وبين دول اخرى يدور الجدل بكثافة حول القضايا الخلافية العديدة المتعلقة بموضوع فلسطين وطريق السلام الذي يمكن ان تسلكه اسرائيل. لكن مثل هذا الجدل غير موجود في الولايات المتحدة. فعلى مدى الثلاثين عاما الماضية توفر لي ان اشهد واجرب القيود المشددة المفروضة على اية مناقشة حرة ومتوازنة لهذه الحقائق. ويعود هذا الامتناع عن انتقاد اي من المواقف السياسية التي تتخذها الحكومة الاسرائيلية الى الجهود الاستثنائية التي تبذلها لجنة العمل السياسي الامريكية الاسرائيلية »أيباك« والى غياب الاصوات المهمة المعاكسة.
ان اتخاذ المواقف المتوازنة من اسرائيل وفلسطين، او الاشارة الى ان على اسرائيل ان تلتزم بالقانون الدولي، او التحدث دفاعا عن العدالة او حقوق الانسان الفلسطيني يكاد ان يكون انتحارا سياسيا لاعضاء الكونغرس الامريكي، وقلة قليلة منهم فقط تتنازل لتزور المدن الفلسطينية مثل رام الله، او نابلس، او الخليل، او غزة، او حتى بيت لحم وتتحدث الى سكانها المنكوبين.
ومما يصعب فهمه ان تمارس الصحف والمجلات الرئيسية في الولايات المتحدة وصفحات الرأي فيها مثل هذا الامتناع الذاتي المناقض للآراء الخصوصية التي يعبر عنها بقوة ملحوظة مراسلو تلك الصحف في الاراضي المقدسة.
انطلقت الى وضع الكتاب بدرجة من التحفظ وبشيء من عدم التأكد من نوع الاستقبال الذي سوف يحظى به. استخدمت الخرائط والوثائق والنص المكتوب لاعطاء وصف دقيق للموقف ولبحث السبيل الوحيد الممكن الى السلام وهو ان يعيش الاسرائيليون والفلسطينيون جنبا الى جنب داخل حدودهم المعترف بها دوليا. ان هذا الاختيار ينسجم مع القرارات الدولية المهمة التي لاقت القبول من قبل كل من الولايات المتحدة واسرائيل، والمواقف الامريكية الرسمية منذ عام ،1967 والاتفاقيات الموقع عليها من قبل الزعماء الاسرائيليين وحكوماتهم في عام 1978 و 1993 »والتي نالوا عليها جوائز نوبل للسلام«، ومبادرة الجامعة العربية الى عرض الاعتراف باسرائيل عام ،2002 وخطة »خارطة الطريق الى السلام« التي وضعتها اللجنة الرباعية والتي قبلت من جانب منظمة التحرير الفلسطينية ورفضت معظم فقراتها من قبل اسرائيل.
ان الكتاب مكرس للاحداث والظروف التي تخص فلسطين وليس اسرائيل حيث تسود الديمقراطية ويعيش المواطنون جنبا الى جنب ويتمتعون قانونيا بالمساواة.
على الرغم من انني لم انفق سوى اسبوع واحد في جولات الترويج للكتاب، فقد توفر لدي ما يكفي للحكم على ردة فعل الجمهور واجهزة الاعلام. لقد كانت مبيعات الكتاب نشيطة، واجريت معي مقابلات شيقة على التلفزيون بضمنها الظهور في برنامج »لاري كينغ على الهواء« و»هارد بول« و»قابل الصحافة« و»الساعة الخبرية مع جيم ليهرير« وبرنامج »شارلي روز« وغيرها. لكني لم ار الا عددا قليلا من التغطيات الصحافية لكتابي في الصحف الرئيسية.
ما نشر في الصحف الكبرى من مراجعة للكتاب كتبه في معظم الحالات ممثلو المنظمات اليهودية الذين لا يحتمل ان يكونوا قد زاروا الاراضي المحتلة، وكان انتقادهم الابتدائي للكتاب هو انه معاد لاسرائىل. من جانب آخر اعلن اثنان من اعضاء الكونغرس انتقادهما للكتاب. اولهما نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب القادمة، التي اصدرت بيانا ظهر قبل صدور الكتاب جاء فيه »ان المؤلف لا يتكلم باسم الحزب الديمقراطي فيما يخص اسرائىل«. وقد نعتتني بعض المراجعات التي نشرت على موقع امازون الالكتروني بانني »معاد للسامية« فيما اتهم آخرون الكتاب باحتوائه على »الاكاذيب« و»التشويهات«. وقد انضم الى هؤلاء عضو سابق في مركز كارتر، في حين وصف آلان درشويتز عنوان الكتاب بانه »غير محتشم«.
لكن ردة الفعل على الكتاب كانت كاسحة على صعيد التعاطي الفعلي بعيدا عن اجهزة الاعلام. وقد قمت بتوقيع النسخ المباعة في خمسة مخازن كان في كل منها اكثر من الف مشتر. ولم استمع خلال ذلك الا لملاحظة سلبية واحدة قال فيها قائلها انني يجب ان احاكم بتهمة الخيانة، كما وصفني احد المتحدثين عبر الهاتف بمعاداة السامية.
وكانت التجربة التي ازعجتني اكثر من غيرها هي رفض عروضي للتحدث، دون مقابل مادي، في المواقع الجامعية التي يكثر فيها عدد الطلاب اليهود وان ارد على الاسئلة التي يطرحها الطلاب والاساتذة. وقد لاقيت تشجيعا خاصا من عدد من اليهود بينهم بعض المواطنين البارزين واعضاء في الكونغرس الذين شكروني بعيدا عن الاضواء لما قدمته من حقائق وافكار جديدة.
يتناول الكتاب القهر والاضطهاد غير المألوفين السائدين في الاراضي الفلسطينية المحتلة التي يقسمها نظام صارم يتطلب استصدار موافقات واذون خاصة للانتقال من مكان الى آخر والتي يفرض فيها العزل الحاد بين المواطنين الفلسطينيين والمستوطنين اليهود في الضفة الغربية. ويجري حاليا بناء جدار حبس ضخم يتلوى كالافعى عبر ما تبقى من فلسطين على النحو الذي يخصص المزيد من الاراضي للمستوطنين الاسرائيليين.
وهذا اضطهاد يفوق في كثير من جوانبه الاضطهاد الذي عرفه السود في جنوب افريقيا ايام الحكم العنصري. وقد اوضحت في كتابي ان الدافع في هذه الحالة ليس العنصرية انما رغبة اقلية من الاسرائيليين في الاستحواذ على مناطق مختارة من فلسطين واستعمارها ثم استخدام القوة في خنق اي اعتراض يمكن ان يصدر عن المواطنين الذين شردوا.
من الواضح انني ادين كل عمل من اعمال العنف او الارهاب ضد المدنيين الابرياء، وقد قمت بتقديم المعلومات عن الخسائر الفادحة في الارواح لدى الجانبين.
ان الغاية النهائية لكتابي هي تقديم الحقائق حول الشرق الاوسط، وهي الحقائق التي يعتبر اغلبها غير معروف لدى الامريكيين كما يرمي الكتاب الى تصعيد الجدل والمساعدة في استئناف محادثات السلام (المتوقفة منذ ست سنوات) والتي يمكن ان تقود الى سلام دائم لكل من اسرائيل وجيرانها ولدي امل آخر بان يشكل كتابي دافعا لليهود ولغيرهم من الامريكيين الذين يشاركونني الغاية نفسها كي يعبروا عن وجهات نظرهم علنا وبشكل جماعي ومنسق ان امكن وسوف اكون مسرورا للمساعدة في مثل هذا المجهود.
المصدر : المركز الدولي لدراسات أمريكا والغرب
كنت قد وقعت قبل عامين عقدا مع دار سايمون وشوستر للنشر يتضمن قيامي بوضع كتاب عن الشرق الاوسط، يستند الى ملاحظاتي الشخصية اثناء قيام مركز كارتر بمراقبة ثلاثة انتخابات جرت في فلسطين كما يستند الى مشاوراتي مع الزعماء السياسيين الاسرائيليين وناشطي السلام في اسرائيل.
في الاعوام 1996 و 2005 و 2006 عندما انتخب للرئاسة ياسر عرفات ومن بعده محمود عباس الى جانب انتخاب اعضاء البرلمان الفلسطيني، قمنا في المركز بتغطية جميع المناطق الفلسطينية وكانت الانتخابات تقرب من الكمال حيث لم تكد تشوبها شائبة وكان الاقبال على صناديق الاقتراع عاليا باستثناء القدس الشرقية حيث حالت التقييدات الاسرائيلية المشددة دون وصول اكثر من 2 بالمئة من الناخبين المسجلين الى الصناديق.
بين الاسرائيليين وبين دول اخرى يدور الجدل بكثافة حول القضايا الخلافية العديدة المتعلقة بموضوع فلسطين وطريق السلام الذي يمكن ان تسلكه اسرائيل. لكن مثل هذا الجدل غير موجود في الولايات المتحدة. فعلى مدى الثلاثين عاما الماضية توفر لي ان اشهد واجرب القيود المشددة المفروضة على اية مناقشة حرة ومتوازنة لهذه الحقائق. ويعود هذا الامتناع عن انتقاد اي من المواقف السياسية التي تتخذها الحكومة الاسرائيلية الى الجهود الاستثنائية التي تبذلها لجنة العمل السياسي الامريكية الاسرائيلية »أيباك« والى غياب الاصوات المهمة المعاكسة.
ان اتخاذ المواقف المتوازنة من اسرائيل وفلسطين، او الاشارة الى ان على اسرائيل ان تلتزم بالقانون الدولي، او التحدث دفاعا عن العدالة او حقوق الانسان الفلسطيني يكاد ان يكون انتحارا سياسيا لاعضاء الكونغرس الامريكي، وقلة قليلة منهم فقط تتنازل لتزور المدن الفلسطينية مثل رام الله، او نابلس، او الخليل، او غزة، او حتى بيت لحم وتتحدث الى سكانها المنكوبين.
ومما يصعب فهمه ان تمارس الصحف والمجلات الرئيسية في الولايات المتحدة وصفحات الرأي فيها مثل هذا الامتناع الذاتي المناقض للآراء الخصوصية التي يعبر عنها بقوة ملحوظة مراسلو تلك الصحف في الاراضي المقدسة.
انطلقت الى وضع الكتاب بدرجة من التحفظ وبشيء من عدم التأكد من نوع الاستقبال الذي سوف يحظى به. استخدمت الخرائط والوثائق والنص المكتوب لاعطاء وصف دقيق للموقف ولبحث السبيل الوحيد الممكن الى السلام وهو ان يعيش الاسرائيليون والفلسطينيون جنبا الى جنب داخل حدودهم المعترف بها دوليا. ان هذا الاختيار ينسجم مع القرارات الدولية المهمة التي لاقت القبول من قبل كل من الولايات المتحدة واسرائيل، والمواقف الامريكية الرسمية منذ عام ،1967 والاتفاقيات الموقع عليها من قبل الزعماء الاسرائيليين وحكوماتهم في عام 1978 و 1993 »والتي نالوا عليها جوائز نوبل للسلام«، ومبادرة الجامعة العربية الى عرض الاعتراف باسرائيل عام ،2002 وخطة »خارطة الطريق الى السلام« التي وضعتها اللجنة الرباعية والتي قبلت من جانب منظمة التحرير الفلسطينية ورفضت معظم فقراتها من قبل اسرائيل.
ان الكتاب مكرس للاحداث والظروف التي تخص فلسطين وليس اسرائيل حيث تسود الديمقراطية ويعيش المواطنون جنبا الى جنب ويتمتعون قانونيا بالمساواة.
على الرغم من انني لم انفق سوى اسبوع واحد في جولات الترويج للكتاب، فقد توفر لدي ما يكفي للحكم على ردة فعل الجمهور واجهزة الاعلام. لقد كانت مبيعات الكتاب نشيطة، واجريت معي مقابلات شيقة على التلفزيون بضمنها الظهور في برنامج »لاري كينغ على الهواء« و»هارد بول« و»قابل الصحافة« و»الساعة الخبرية مع جيم ليهرير« وبرنامج »شارلي روز« وغيرها. لكني لم ار الا عددا قليلا من التغطيات الصحافية لكتابي في الصحف الرئيسية.
ما نشر في الصحف الكبرى من مراجعة للكتاب كتبه في معظم الحالات ممثلو المنظمات اليهودية الذين لا يحتمل ان يكونوا قد زاروا الاراضي المحتلة، وكان انتقادهم الابتدائي للكتاب هو انه معاد لاسرائىل. من جانب آخر اعلن اثنان من اعضاء الكونغرس انتقادهما للكتاب. اولهما نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب القادمة، التي اصدرت بيانا ظهر قبل صدور الكتاب جاء فيه »ان المؤلف لا يتكلم باسم الحزب الديمقراطي فيما يخص اسرائىل«. وقد نعتتني بعض المراجعات التي نشرت على موقع امازون الالكتروني بانني »معاد للسامية« فيما اتهم آخرون الكتاب باحتوائه على »الاكاذيب« و»التشويهات«. وقد انضم الى هؤلاء عضو سابق في مركز كارتر، في حين وصف آلان درشويتز عنوان الكتاب بانه »غير محتشم«.
لكن ردة الفعل على الكتاب كانت كاسحة على صعيد التعاطي الفعلي بعيدا عن اجهزة الاعلام. وقد قمت بتوقيع النسخ المباعة في خمسة مخازن كان في كل منها اكثر من الف مشتر. ولم استمع خلال ذلك الا لملاحظة سلبية واحدة قال فيها قائلها انني يجب ان احاكم بتهمة الخيانة، كما وصفني احد المتحدثين عبر الهاتف بمعاداة السامية.
وكانت التجربة التي ازعجتني اكثر من غيرها هي رفض عروضي للتحدث، دون مقابل مادي، في المواقع الجامعية التي يكثر فيها عدد الطلاب اليهود وان ارد على الاسئلة التي يطرحها الطلاب والاساتذة. وقد لاقيت تشجيعا خاصا من عدد من اليهود بينهم بعض المواطنين البارزين واعضاء في الكونغرس الذين شكروني بعيدا عن الاضواء لما قدمته من حقائق وافكار جديدة.
يتناول الكتاب القهر والاضطهاد غير المألوفين السائدين في الاراضي الفلسطينية المحتلة التي يقسمها نظام صارم يتطلب استصدار موافقات واذون خاصة للانتقال من مكان الى آخر والتي يفرض فيها العزل الحاد بين المواطنين الفلسطينيين والمستوطنين اليهود في الضفة الغربية. ويجري حاليا بناء جدار حبس ضخم يتلوى كالافعى عبر ما تبقى من فلسطين على النحو الذي يخصص المزيد من الاراضي للمستوطنين الاسرائيليين.
وهذا اضطهاد يفوق في كثير من جوانبه الاضطهاد الذي عرفه السود في جنوب افريقيا ايام الحكم العنصري. وقد اوضحت في كتابي ان الدافع في هذه الحالة ليس العنصرية انما رغبة اقلية من الاسرائيليين في الاستحواذ على مناطق مختارة من فلسطين واستعمارها ثم استخدام القوة في خنق اي اعتراض يمكن ان يصدر عن المواطنين الذين شردوا.
من الواضح انني ادين كل عمل من اعمال العنف او الارهاب ضد المدنيين الابرياء، وقد قمت بتقديم المعلومات عن الخسائر الفادحة في الارواح لدى الجانبين.
ان الغاية النهائية لكتابي هي تقديم الحقائق حول الشرق الاوسط، وهي الحقائق التي يعتبر اغلبها غير معروف لدى الامريكيين كما يرمي الكتاب الى تصعيد الجدل والمساعدة في استئناف محادثات السلام (المتوقفة منذ ست سنوات) والتي يمكن ان تقود الى سلام دائم لكل من اسرائيل وجيرانها ولدي امل آخر بان يشكل كتابي دافعا لليهود ولغيرهم من الامريكيين الذين يشاركونني الغاية نفسها كي يعبروا عن وجهات نظرهم علنا وبشكل جماعي ومنسق ان امكن وسوف اكون مسرورا للمساعدة في مثل هذا المجهود.
المصدر : المركز الدولي لدراسات أمريكا والغرب