جليل
12-10-2006, 10:02 AM
في دراسة قانون بعنوان 'الزكاة والضريبة لا يلتقيان'
http://www.alqabas.com.kw/Final/NewspaperWebsite/NewspaperBackOffice/ArticlesPictures/10-12-2006//226304_380006_small.jpg
المحامي عبدالعزيز طاهر
10/12/2006
أكد المحامي عبدالعزيز طاهر أن قانون الزكاة لا يحقق فريضة الزكاة ولا يبرئ الذمة منها ولا ينخدع المواطن فهي في حقيقتها ضريبة دخل مرصودة على صافي ارباح الشركات، فلا نقره كقانون للزكاة حيث انه قانون ضريبي فحسب.
واضاف ظاهر في دراسة قانون بعنوان 'الزكاة والضريبة لا يلتقيان' قائلا: إن الضريبة مقبولة باعتبارها واجبا وطنيا ولا تفرض إلا بقانون، كما ينص الدستور، والزكاة فرض على كل مسلم ومسلمة. وفيما يلي نص الدراسة.
قدم اقتراح بقانون في شأن الزكاة ومساهمة الشركات المساهمة العامة والمقفلة في ميزانية الدول الى مجلس الأمة، وأوجد هذا الاقتراح خلطا معيبا بين فريضة الزكاة والضريبة التي تفرضها الدولة بقانون، فالأولى فريضة دينية إسلامية قوامها الجانب العقيدي إرادي يلتزم بها الإنسان الطبيعي وفق شروط محددة، والأخيرة إلزام قانوني ذو أثر اقتصادي يمكن الدولة من القيام بمهامها تجاه شعبها. وقد يسعى بعض الخاضعين له إلى ترك عمله أو مشروعه لتأثير الضريبة على ارباحه، وقد يفر بعضهم من الضريبة لعدم رغبته في دفعها الأمر الذي يقتضي وضع أحكام تكفل تحصيلها جبرا، وهذا ما يجعل الضريبة تختلف اختلافا كاملا عن الزكاة، إذ ان للزكاة معنى لغويا وآخر شرعيا، والمعنى اللغوي زكا الشيء نما وزاد، والمعنى الشرعي هي حصة مقدرة من المال يفرضها الله سبحانه وتعالى في مال من يملك للمستحقين، ففيها البركة والنمو والصلاح والطهارة، وهي في الاسلام فريضة مشددة تكررت في القرآن الكريم ثلاثين مرة منها سبعة وعشرون مرة مقترنة بالصلاة.
الزكاة في المذاهب الأربعة:
أوجبت المذاهب الإسلامية الزكاة في مال المسلم البالغ العاقل، ولم يوجبوا الزكاة على غير المسلم، فلا يطالب بها على الذمي والكافر، ولكنهم اختلفوا في مال الصبي والمجنون، والمال لغة هو كل ما يرغب الناس في اقتنائه وامتلاكه من الأشياء، والمال مختلف في تحديده شرعا، لذلك وضع الفقهاء شروطا للمال الذي تجب فيه الزكاة، إذ ليس كل ما يملكه الإنسان تجب فيه الزكاة، وهذه الشروط هي تمام الملك وهو الاختصاص والانفراد بالشيء، بمعنى انها السلطة التي يمكن صاحبها من استعمال الشيء والإفادة منه بجميع الفوائد التي يمكن الحصول عليها على نحو مؤبد وقاصر على المالك. بجانب تمام الملك يجب أن يكون المال حلالا طيبا فلا زكاة لمال اكتسب بطريق خبيث 'لا يقبل الله صدقة من غلول' فالمال الحرام غير مملوك للمتصدق ولا يعتبر غنيا به مهما بلغ. وأن يكون المال في حوزة المالك فلا زكاة على الدين، ثم أن يكون المال الذي تؤخذ منه الزكاة ناميا او قابلا للنماء أي من شأنه ان يدر على صاحبه إيرادا او ربحا او فائدة مثل عروض التجارة، ولم يشترط الإسلام الزكاة في المال على اطلاقه بل اشترط ان يبلغ المال مقدارا يسمى النصاب على ألا يستغرقه دين او تنقص منه، وأن يكون المال فاضلا عن الحاجة الاصلية للمالك حتى يتحقق معه وصف الغنى، وأخيرا أن يمر على الملك في ملك المالك إثنا عشر شهرا عربيا وهو ما يسمى الحول، عدا الثمار والمعادن والكنوز والأعمال المستفادة فلا تستلزم الحول.
الزكاة في الفقه الجعفري:
الزكاة ركن من أركان الاسلام ووجوبها من ضروريات الدين بجانب الأركان الأخرى كالشهادتين والصلاة والصيام والحج. وقد قرنها الله سبحانه وتعالى بالصلاة، وبعض الروايات ترى أن الصلاة لا تقبل من مانعها، ولثبوت الزكاة شروط عامة في من تجب عليه وهي الملكية الشخصية، فلا زكاة في الأموال غير المملوكة لأحد أو مملوكة لجهة أو للمسجد.
وأن يكون المالك بالغا عاقلا ولا تثبت الزكاة إذا كان المالك صبيا أو مجنونا. وأن يكون حرا فلا زكاة على أموال الرق. ان يتمكن المالك من التصرف، فلا زكاة في المال الغائب الذي لم يصل الى المالك. وايضا بلوغ النصاب ولكل نوع من المال نصابه. وأخيرا ان يمضي عليها حول الزمان جامع للشرائط. وهناك تحديد فيما تجب فيه الزكاة، لذلك فهي تجب في الأنعام الثلاث الإبل والبقر والغنم، كذلك في النقدين الذهب والفضة والغلات الأربع الحنطة والشعير والتمر والزبيب، ولا تجب فيما عدا ذلك وإن كانت تستحب في بعض الأموال الأخرى ولا تستحب في بعضها الآخر.
وتجب النية في الزكاة شأنها شأن العبادات الأخرى وذلك بتعيين الزكاة والقربة لله تعالى فيجب التعيين إذا كان الدفع لأكثر من غرض والأحوط دفع الزكاة الى الفقيه في عصر الغيب، وخاصة إذا طلبها لمصلحة المسلمين وتبرأ بذلك ذمة المالك، ومن كان في تركته زكاة وأدركه الموت يجب عليه الإيصاء بإخراجها من تركته.
المستحقون للزكاة ثمانية أصناف، الفقير وهو من لا يملك مؤونة سنته اللاحقة بحاله وحال عياله، والمسكين من لا يملك قوته اليومي وقوت عياله، والعاملون عليها وهم المكلفون بأخذ الزكاة وضبطها وحساباتها وايصالها. والمؤلفة قلوبهم وهم المسلمون الذين يضعف اعتقادهم بالمعارف الدينية وتدفع لهم الزكاة ليحسن اسلامهم، ثم الرقاب وهم العبيد الذين يعتقون بالدفع عنهم من أموال الزكاة. والغارمون وهم الذين ركبتهم الديون وعجزوا عن أدائها.
لا هوية
الضريبة مقبولة باعتبارها واجبا وطنيا، ولا تفرض إلا بقانون كما ينص الدستور الكويتي. والزكاة فرض على كل مسلم ومسلمة أساسه طاعة الله سبحانه وتعالى، حيث أمر بأن للفقراء قدرا معلوما في مال الأغنياء، وكلا الأمرين يختلفان مرجعا ومصدرا وأحكاما. والمسلمون يدفعون الزكاة وجد القانون أم لم يوجد، ويدفعونه وفق ما أمر به الله وحسب مذاهبهم الفقهية، وترتبط هذه الفريضة بعقائدهم التي يعتنقونها، لذلك لا يتساوى الناس في تطبيق هذه الفريضة كما هو حادث من اختلافات في بعض من الجوانب العبادية الأخرى. وقانون الزكاة مسخ لا هوية له وعنوان القانون يشهد على ذلك حيث يسمى 'قانون الزكاة ومساهمة الشركات المساهمة العامة والمقفلة في ميزانية الدولة' فهو خلط غير مدروس وغير مؤسس على أسس فقهية وقانونية، فهذا القانون ليس سوى ضريبة مغلفة أو معنونة بالزكاة وليس للزكاة كفريضة علاقة بها. والزكاة والضريبة يقبل بهما المواطن كل على أسسه وقواعده بصورتيهما الصحيحة ما دامتا في طاعة الله ولصالح وطنه. وهو أمر غير متوافر في هذا القانون على النحو التالي:
أولا: أركان الإسلام العبادية ومن بينها الزكاة مخاطب بها الإنسان العاقل وهو الشخص الطبيعي الذي يعقل دينه، والقانون أوجد شخوصا أخرى بجانب الشخص الطبيعي والمسمى قانونا 'الشخص الاعتباري' الذي يتكون من كيان مادي مستقل لجماعة من الأشخاص أو الأموال ووجود قانون ينظم وينشئ الشخص الاعتباري ويحدد نشاطه. ومن البدهي أن مثل هذه الكيانات لا تخاطب بالفروض التي يفرضها دين أو عقيدة، إذا كان فريضة الزكاة توجه للإنسان الطبيعي، ولا يمكن عقلا مخاطبة الشركات وهي أشخاص اعتبارية أيا كان نوعها بهذه العبادة.
ثانيا: المذكرة التفسيرية لهذا القانون تبين أنه صدر في ظل غياب مطلق لأي من ضرائب الدخل التي تفرض بنسب كبيرة من صافي الارباح السنوية للشركات في البلدان الغنية والنامية على حد سواء، ألا تدل هذه العبارة على أن المشروع يقصد بوضوح فرض ضريبة قانونية وليس فريضة الزكاة ولا تبرأ ذمة الناس من هذه الفريضة لا جزئيا ولا كليا، ويجب رغم ذلك اخراج الزكاة. مع الأخذ في الاعتبار ما سبق ذكره من ان الشركة غير مقصودة باعتبارها شخصا اعتباريا بالزكاة.
ثالثا: هناك اختلاف فقهي بين المذاهب الإسلامية في ما تجب فيه الزكاة وطريقة احتسابها وشروط ثبوتها وشروط المكلف بها، ومعاملة أفراد المجتمع رغم اختلافهم العقائدي وفق رأي أحد هذه المذاهب فيه تجن وإخلال بالأمور العقدية وخروج على النص الدستوري الذي ينص على أن حرية الاعتقاد مطلقة وتحمي الدولة حرية القيام بشعائر الأديان طبقا للعادات المرعية.
اتفاق
رابعا: اتفق فقهاء الشريعة من واقع ما تواتر عليه العمل في احتساب الزكاة وعلى تحديدها على أساس ربع العشر، وبطبيعة الحال لا تبرأ ذمة مخرج الزكاة إلا بهذه النسبة، فعلى أي أساس يتم تحديدها سواء بالزيادة أو النقص وإلزام الناس بها؟ وهل تحديد نسبة 1% من صافي ارباح الشركات تحقق مقصود الشارع في فريضة الزكاة؟ ثم هل هي متروكة للناس لتحديدها وفق هواهم؟ إذا فالتحديد الحالي لا يعطي دلالة على أنها فريضة زكاة.
خامسا: قد يقال ان فرض الزكاة بهذه الكيفية على الشركات يقصد به الشركاء لا الشخصية الاعتبارية، إلا أن هذا القول لا يصدق إذ ان الزكاة بجانب أنها تجب على الإنسان الطبيعي يجب أن يكون مالك الشيء المحمل بالزكاة متمكنا من التصرف في هذاالمال، فهل يستطيع كائنا من كان أن يتصرف في أموال الشركات حتى لو كانت صافي الارباح إلا بعد تسليمها ؟ أليس من اللغو القول ان الأموال في الشركات ملكا للشخصية المعنوية ثم تعامل وكأنها ملك لأشخاص الشركاء؟
قواعد
سادسا: كيف يمكن القول ان الشركة هي التي تحدد القدر الذي يمثل زكاة أموالها ما قد لا يمثل الواقع على ضوء نظم الميزانيات الدولية التي تراعي بالتأكيد هذا الجانب والتي قد يترتب على تطبيقاتها وجود ارباح من عدمه وفق رغبة ادارة الشركة وهو أمر يتعارض مع القواعد الفقهية للزكاة من حيث احتسابها والأموال التي تفرض فيها وينافيها.
سابعا: مصارف الزكاة ايضا محددة فقها وشرعا وتختلف باختلاف المذاهب ورغم ذلك تقوم الشركة بتحديد الجهة التي يوجه إليها المبلغ فهل هذا يعبر عن نية الشركاء في الشركة في هذا الاختيار؟ ثم ان الخدمات العامة لا يحددها الناس في المشاريع العامة بل تكون وفق ضوابط وخطط تضعها الدولة مسبقا تراعي فيها الحاجة وإيرادات الدولة.
التهاتف
ثم لماذا هذا التهافت لإصدار هذا القانون، والمسلمون في هذا البلد دأبهم منذ زمن العسرة في هذه الفريضة كل وفق معتقده، ولماذا الحرص على حشر هذا القانون في ثوب الزكاة، رغم ان ذلك لا يحقق الجانب العبادي المقصود من فريضة الزكاة؟ فلنكن أكثر وضوحا فنقول ان المقصود من إصداره بما يحطيه من هالة إعلامية دون أن تستقي علوم الفقه والشريعة في محاولة لإثارة الجانب الإيماني لدى الناس لايجاد دعم شعبي فيه استغلال لعامة الناس الذين قد لا ترقى معلوماتهم الى المعرفة الفقهية الصحية لمثل هذا القانون في مواجهة الفريضة الإسلامية. ناهيك عن ان القصد هو استعراض للعضلات السياسية وإظهار القدرة على التأثير في المجتمع وتحقيق كسب سياسي في خضم الصراعات السياسية والتنافسية داخل المجتمع.
الخلاصة أن هذا القانون لا يحقق فريضة الزكاة ولا يبرئ الذمة منها ولا ينخدع المواطن، فهي في حقيقتها ضريبة دخل مرصودة على صافي ارباح الشركات فلا نقره كقانون للزكاة حيث انه قانون ضريبي فحسب.
http://www.alqabas.com.kw/Final/NewspaperWebsite/NewspaperBackOffice/ArticlesPictures/10-12-2006//226304_380006_small.jpg
المحامي عبدالعزيز طاهر
10/12/2006
أكد المحامي عبدالعزيز طاهر أن قانون الزكاة لا يحقق فريضة الزكاة ولا يبرئ الذمة منها ولا ينخدع المواطن فهي في حقيقتها ضريبة دخل مرصودة على صافي ارباح الشركات، فلا نقره كقانون للزكاة حيث انه قانون ضريبي فحسب.
واضاف ظاهر في دراسة قانون بعنوان 'الزكاة والضريبة لا يلتقيان' قائلا: إن الضريبة مقبولة باعتبارها واجبا وطنيا ولا تفرض إلا بقانون، كما ينص الدستور، والزكاة فرض على كل مسلم ومسلمة. وفيما يلي نص الدراسة.
قدم اقتراح بقانون في شأن الزكاة ومساهمة الشركات المساهمة العامة والمقفلة في ميزانية الدول الى مجلس الأمة، وأوجد هذا الاقتراح خلطا معيبا بين فريضة الزكاة والضريبة التي تفرضها الدولة بقانون، فالأولى فريضة دينية إسلامية قوامها الجانب العقيدي إرادي يلتزم بها الإنسان الطبيعي وفق شروط محددة، والأخيرة إلزام قانوني ذو أثر اقتصادي يمكن الدولة من القيام بمهامها تجاه شعبها. وقد يسعى بعض الخاضعين له إلى ترك عمله أو مشروعه لتأثير الضريبة على ارباحه، وقد يفر بعضهم من الضريبة لعدم رغبته في دفعها الأمر الذي يقتضي وضع أحكام تكفل تحصيلها جبرا، وهذا ما يجعل الضريبة تختلف اختلافا كاملا عن الزكاة، إذ ان للزكاة معنى لغويا وآخر شرعيا، والمعنى اللغوي زكا الشيء نما وزاد، والمعنى الشرعي هي حصة مقدرة من المال يفرضها الله سبحانه وتعالى في مال من يملك للمستحقين، ففيها البركة والنمو والصلاح والطهارة، وهي في الاسلام فريضة مشددة تكررت في القرآن الكريم ثلاثين مرة منها سبعة وعشرون مرة مقترنة بالصلاة.
الزكاة في المذاهب الأربعة:
أوجبت المذاهب الإسلامية الزكاة في مال المسلم البالغ العاقل، ولم يوجبوا الزكاة على غير المسلم، فلا يطالب بها على الذمي والكافر، ولكنهم اختلفوا في مال الصبي والمجنون، والمال لغة هو كل ما يرغب الناس في اقتنائه وامتلاكه من الأشياء، والمال مختلف في تحديده شرعا، لذلك وضع الفقهاء شروطا للمال الذي تجب فيه الزكاة، إذ ليس كل ما يملكه الإنسان تجب فيه الزكاة، وهذه الشروط هي تمام الملك وهو الاختصاص والانفراد بالشيء، بمعنى انها السلطة التي يمكن صاحبها من استعمال الشيء والإفادة منه بجميع الفوائد التي يمكن الحصول عليها على نحو مؤبد وقاصر على المالك. بجانب تمام الملك يجب أن يكون المال حلالا طيبا فلا زكاة لمال اكتسب بطريق خبيث 'لا يقبل الله صدقة من غلول' فالمال الحرام غير مملوك للمتصدق ولا يعتبر غنيا به مهما بلغ. وأن يكون المال في حوزة المالك فلا زكاة على الدين، ثم أن يكون المال الذي تؤخذ منه الزكاة ناميا او قابلا للنماء أي من شأنه ان يدر على صاحبه إيرادا او ربحا او فائدة مثل عروض التجارة، ولم يشترط الإسلام الزكاة في المال على اطلاقه بل اشترط ان يبلغ المال مقدارا يسمى النصاب على ألا يستغرقه دين او تنقص منه، وأن يكون المال فاضلا عن الحاجة الاصلية للمالك حتى يتحقق معه وصف الغنى، وأخيرا أن يمر على الملك في ملك المالك إثنا عشر شهرا عربيا وهو ما يسمى الحول، عدا الثمار والمعادن والكنوز والأعمال المستفادة فلا تستلزم الحول.
الزكاة في الفقه الجعفري:
الزكاة ركن من أركان الاسلام ووجوبها من ضروريات الدين بجانب الأركان الأخرى كالشهادتين والصلاة والصيام والحج. وقد قرنها الله سبحانه وتعالى بالصلاة، وبعض الروايات ترى أن الصلاة لا تقبل من مانعها، ولثبوت الزكاة شروط عامة في من تجب عليه وهي الملكية الشخصية، فلا زكاة في الأموال غير المملوكة لأحد أو مملوكة لجهة أو للمسجد.
وأن يكون المالك بالغا عاقلا ولا تثبت الزكاة إذا كان المالك صبيا أو مجنونا. وأن يكون حرا فلا زكاة على أموال الرق. ان يتمكن المالك من التصرف، فلا زكاة في المال الغائب الذي لم يصل الى المالك. وايضا بلوغ النصاب ولكل نوع من المال نصابه. وأخيرا ان يمضي عليها حول الزمان جامع للشرائط. وهناك تحديد فيما تجب فيه الزكاة، لذلك فهي تجب في الأنعام الثلاث الإبل والبقر والغنم، كذلك في النقدين الذهب والفضة والغلات الأربع الحنطة والشعير والتمر والزبيب، ولا تجب فيما عدا ذلك وإن كانت تستحب في بعض الأموال الأخرى ولا تستحب في بعضها الآخر.
وتجب النية في الزكاة شأنها شأن العبادات الأخرى وذلك بتعيين الزكاة والقربة لله تعالى فيجب التعيين إذا كان الدفع لأكثر من غرض والأحوط دفع الزكاة الى الفقيه في عصر الغيب، وخاصة إذا طلبها لمصلحة المسلمين وتبرأ بذلك ذمة المالك، ومن كان في تركته زكاة وأدركه الموت يجب عليه الإيصاء بإخراجها من تركته.
المستحقون للزكاة ثمانية أصناف، الفقير وهو من لا يملك مؤونة سنته اللاحقة بحاله وحال عياله، والمسكين من لا يملك قوته اليومي وقوت عياله، والعاملون عليها وهم المكلفون بأخذ الزكاة وضبطها وحساباتها وايصالها. والمؤلفة قلوبهم وهم المسلمون الذين يضعف اعتقادهم بالمعارف الدينية وتدفع لهم الزكاة ليحسن اسلامهم، ثم الرقاب وهم العبيد الذين يعتقون بالدفع عنهم من أموال الزكاة. والغارمون وهم الذين ركبتهم الديون وعجزوا عن أدائها.
لا هوية
الضريبة مقبولة باعتبارها واجبا وطنيا، ولا تفرض إلا بقانون كما ينص الدستور الكويتي. والزكاة فرض على كل مسلم ومسلمة أساسه طاعة الله سبحانه وتعالى، حيث أمر بأن للفقراء قدرا معلوما في مال الأغنياء، وكلا الأمرين يختلفان مرجعا ومصدرا وأحكاما. والمسلمون يدفعون الزكاة وجد القانون أم لم يوجد، ويدفعونه وفق ما أمر به الله وحسب مذاهبهم الفقهية، وترتبط هذه الفريضة بعقائدهم التي يعتنقونها، لذلك لا يتساوى الناس في تطبيق هذه الفريضة كما هو حادث من اختلافات في بعض من الجوانب العبادية الأخرى. وقانون الزكاة مسخ لا هوية له وعنوان القانون يشهد على ذلك حيث يسمى 'قانون الزكاة ومساهمة الشركات المساهمة العامة والمقفلة في ميزانية الدولة' فهو خلط غير مدروس وغير مؤسس على أسس فقهية وقانونية، فهذا القانون ليس سوى ضريبة مغلفة أو معنونة بالزكاة وليس للزكاة كفريضة علاقة بها. والزكاة والضريبة يقبل بهما المواطن كل على أسسه وقواعده بصورتيهما الصحيحة ما دامتا في طاعة الله ولصالح وطنه. وهو أمر غير متوافر في هذا القانون على النحو التالي:
أولا: أركان الإسلام العبادية ومن بينها الزكاة مخاطب بها الإنسان العاقل وهو الشخص الطبيعي الذي يعقل دينه، والقانون أوجد شخوصا أخرى بجانب الشخص الطبيعي والمسمى قانونا 'الشخص الاعتباري' الذي يتكون من كيان مادي مستقل لجماعة من الأشخاص أو الأموال ووجود قانون ينظم وينشئ الشخص الاعتباري ويحدد نشاطه. ومن البدهي أن مثل هذه الكيانات لا تخاطب بالفروض التي يفرضها دين أو عقيدة، إذا كان فريضة الزكاة توجه للإنسان الطبيعي، ولا يمكن عقلا مخاطبة الشركات وهي أشخاص اعتبارية أيا كان نوعها بهذه العبادة.
ثانيا: المذكرة التفسيرية لهذا القانون تبين أنه صدر في ظل غياب مطلق لأي من ضرائب الدخل التي تفرض بنسب كبيرة من صافي الارباح السنوية للشركات في البلدان الغنية والنامية على حد سواء، ألا تدل هذه العبارة على أن المشروع يقصد بوضوح فرض ضريبة قانونية وليس فريضة الزكاة ولا تبرأ ذمة الناس من هذه الفريضة لا جزئيا ولا كليا، ويجب رغم ذلك اخراج الزكاة. مع الأخذ في الاعتبار ما سبق ذكره من ان الشركة غير مقصودة باعتبارها شخصا اعتباريا بالزكاة.
ثالثا: هناك اختلاف فقهي بين المذاهب الإسلامية في ما تجب فيه الزكاة وطريقة احتسابها وشروط ثبوتها وشروط المكلف بها، ومعاملة أفراد المجتمع رغم اختلافهم العقائدي وفق رأي أحد هذه المذاهب فيه تجن وإخلال بالأمور العقدية وخروج على النص الدستوري الذي ينص على أن حرية الاعتقاد مطلقة وتحمي الدولة حرية القيام بشعائر الأديان طبقا للعادات المرعية.
اتفاق
رابعا: اتفق فقهاء الشريعة من واقع ما تواتر عليه العمل في احتساب الزكاة وعلى تحديدها على أساس ربع العشر، وبطبيعة الحال لا تبرأ ذمة مخرج الزكاة إلا بهذه النسبة، فعلى أي أساس يتم تحديدها سواء بالزيادة أو النقص وإلزام الناس بها؟ وهل تحديد نسبة 1% من صافي ارباح الشركات تحقق مقصود الشارع في فريضة الزكاة؟ ثم هل هي متروكة للناس لتحديدها وفق هواهم؟ إذا فالتحديد الحالي لا يعطي دلالة على أنها فريضة زكاة.
خامسا: قد يقال ان فرض الزكاة بهذه الكيفية على الشركات يقصد به الشركاء لا الشخصية الاعتبارية، إلا أن هذا القول لا يصدق إذ ان الزكاة بجانب أنها تجب على الإنسان الطبيعي يجب أن يكون مالك الشيء المحمل بالزكاة متمكنا من التصرف في هذاالمال، فهل يستطيع كائنا من كان أن يتصرف في أموال الشركات حتى لو كانت صافي الارباح إلا بعد تسليمها ؟ أليس من اللغو القول ان الأموال في الشركات ملكا للشخصية المعنوية ثم تعامل وكأنها ملك لأشخاص الشركاء؟
قواعد
سادسا: كيف يمكن القول ان الشركة هي التي تحدد القدر الذي يمثل زكاة أموالها ما قد لا يمثل الواقع على ضوء نظم الميزانيات الدولية التي تراعي بالتأكيد هذا الجانب والتي قد يترتب على تطبيقاتها وجود ارباح من عدمه وفق رغبة ادارة الشركة وهو أمر يتعارض مع القواعد الفقهية للزكاة من حيث احتسابها والأموال التي تفرض فيها وينافيها.
سابعا: مصارف الزكاة ايضا محددة فقها وشرعا وتختلف باختلاف المذاهب ورغم ذلك تقوم الشركة بتحديد الجهة التي يوجه إليها المبلغ فهل هذا يعبر عن نية الشركاء في الشركة في هذا الاختيار؟ ثم ان الخدمات العامة لا يحددها الناس في المشاريع العامة بل تكون وفق ضوابط وخطط تضعها الدولة مسبقا تراعي فيها الحاجة وإيرادات الدولة.
التهاتف
ثم لماذا هذا التهافت لإصدار هذا القانون، والمسلمون في هذا البلد دأبهم منذ زمن العسرة في هذه الفريضة كل وفق معتقده، ولماذا الحرص على حشر هذا القانون في ثوب الزكاة، رغم ان ذلك لا يحقق الجانب العبادي المقصود من فريضة الزكاة؟ فلنكن أكثر وضوحا فنقول ان المقصود من إصداره بما يحطيه من هالة إعلامية دون أن تستقي علوم الفقه والشريعة في محاولة لإثارة الجانب الإيماني لدى الناس لايجاد دعم شعبي فيه استغلال لعامة الناس الذين قد لا ترقى معلوماتهم الى المعرفة الفقهية الصحية لمثل هذا القانون في مواجهة الفريضة الإسلامية. ناهيك عن ان القصد هو استعراض للعضلات السياسية وإظهار القدرة على التأثير في المجتمع وتحقيق كسب سياسي في خضم الصراعات السياسية والتنافسية داخل المجتمع.
الخلاصة أن هذا القانون لا يحقق فريضة الزكاة ولا يبرئ الذمة منها ولا ينخدع المواطن، فهي في حقيقتها ضريبة دخل مرصودة على صافي ارباح الشركات فلا نقره كقانون للزكاة حيث انه قانون ضريبي فحسب.