المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يهود روس يهربون من "جحيم الفقر والحروب والتمييز" الإسرائيلي



موالى
12-09-2006, 11:54 PM
قالوا إنهم يشعرون بيهوديتهم أكثر في روسيا


موسكو - مازن عباس

تسببت الأوضاع المضطربة في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 وحرب اسرائيل الأخيرة مع حزب الله اللبناني بالإضافة إلى تدهورالحالة الاقتصادية في اسرائيل بتغيير نظرة المهاجرين اليهود اليها، اذ أصبحوا يعتبرونها مكانا غير جذاب، الأمر الذي أدى الى اتساع الهجرة العكسية وبالتالي تخوف الدوائر السياسية في تل ابيب من ارتفاع وتيرتها، كما أن بعضهم اكتشف أنه يعاني من تمييز عنصري رغم أنه يهودي مثل يهود الفلاشا وشرائح واسعة من اليهود الروس.

وفي هذا الإطار، أشارت معطيات نشرتها دوائر رسمية فى الحكومة الأسرائيلية الى ان عدد المهاجرين من مختلف الدول للاستيطان في اسرائيل بلغ العام الماضي 24 ألف و652 شخص. في المقابل، بلغت أعداد الوافدين عام 1991 الى 170 ألف و650 شخصا. وثمة اجماع على ان انحسار نسبة المهاجرين يعود بالدرجة الاولى الى تقلص عدد المهاجرين اليهود من روسيا الذين باتوا يفضلون السفر الى المانيا أو اميركا.

ويكشف المراقبون فى اسرائيل عن أن حكومة اولمرت بدأت تحاول اجتذاب مهاجرين من غرب الهند، تقدر أعدادهم بحوالى 399 الف مهاجر، كما انها تكثف جهودها فى أوساط المواطنات الروسيات، فى محاولة لإدخالهم فى الديانة اليهودية بالرغم من تعقيدات ومحاذير هذا السلوك، إلا انه على ما يبدو سبيل لزيادة النفوذ الديمغرافي.

لم تعد "بلدا جذابا"

واعترف العديد من المسؤولين الإسرائيليين فى احاديث مع وسائل الإعلام الروسية بأنه يصعب وصف اسرائيل مع كل النزاعات التي تدور على أراضيها خلال السنوات الأخيرة بأنها بلد جذاب، فالعمليات الحربية وما يرافقها من ازمة اقتصادية لن تغري احدا بالهجرة إلى اسرائيل، بالاضافة الى تدني المعونات الاجتماعية، وهو ما يضعف الاستيطان، اضافة الى وجود 300 ألف من العاطلين عن العمل أي 11% من سكان اسرائيل.

كما يصعب العثور في اسرائيل على عمل يتناسب مع التحصيل الدراسي، وهذا الوضع جعل مؤشر الهجرة سلبيا، أي ان اعداد المهاجرين من اسرائيل اكثر من القادمين للاستيطان فيها. ومن المعروف أن أكثر من 50 الف يهودي من الناطقين بالروسية الذين يبلغ عددهم في اسرائيل زهاء مليون نسمة، يحتفظون بمواطنتهم الروسية ويفضلون العيش والعمل في روسيا.

من جانب آخر، بدأت المعابد اليهودية فى موسكو منذ اوائل العام الماضى بتنظيم لقاءات خاصة لليهود العائدين تستهدف قبولهم الروحى لفكرة أزمات ارض الميعاد، وتكيفهم على الحياة فى روسيا من جديد، فى تصريح لـ"العربية.نت" اعتبر حاخام كنيس "السلينكا" أن جيل المهاجرين الأول لابد وأن يعاني من مشاكل وهو بالضرورة لن يكون الركيزة لدولة اسرائيل، وانما تكمن الأهمية فى الجيل الثانى الذى يولد فى اسرائيل ولايعرف وطنا آخر غيرها.


طلق زوجته ليهاجر

وفى اطار استطلاع رأى أجرته "العربية.نت" فى أوساط المهاجرين العائدين، قال سيرجى (مالك سيارة أجرة) أنه يحمل الجنسية الإسرئيلية بعد أن هاجر إلى اسرائيل فى منتصف الثمانينات من القرن الماضى، "وقبل ذلك عملت محققا فى الشرطة فى عدد من اقاليم روسيا، عشت فى اسرائيل 15 عاما، ولكنى لم أتحمل فكرة البقاء هناك، نحن نختلف عنهم، انهم يهود ونحن روس، لقد نشأت فى مدينة فارونج مع اقرانى من المسحيين الروس والمسلمين من مواطنى اوزبكستان واذربيجان، ولم أتعود أن افرق بينهم، وتعلمت منذ طفولتى أن الدين أو القومية ليس مبررا للتفريق بين الناس".

ويتابع سيرجي: "عندما وصلت إلى اسرائيل اكتشفت أن هذا المفهوم غير موجود فى عقلية المجتمع، بل إنه مرفوض وغير مقبول. وبعد انفتاح روسيا تعودت أن التقي فى العطل التى أزور فيها موسكو مع اصدقائى القدامى ونستعيد الذكريات، وهو ما شجعنى على العودة.. لقد طلقت زوجتى لكى أذهب لإسرائيل، والآن اعيش مع ابنتى، واكسب رزقى من تأجير سيارتى، واستطيع العيش فى روسيا دون أن تمنحنى ادارة الهجرة والجنسية حق الإقامة المؤقت لأننى اضطررت عندما هاجرت للتخلى على الجنسية السوفيتية، ولكننى لن أعود لإسرائيل".


معاناة من التمييز

أما اليج خايت مدرس اللغات الذى يبلغ 43 عاما، فكتب فى أحد مواقع الانترنت الروسية يقول.. كنت أحلم بالأمن والاستقرار والحياة الكريمة، وهاجرت إلى اسرائيل لهذا السبب فى عام 1990، ولكنى حققت حلمى عندما عدت إلى روسيا بعد هجرتى الطويلة، لقد كانت عودتنا إلى الوطن قرارا اتخذه كل فرد فى أسرتى ولم أفرضه عليهم.

ويضيف أليج: "اسرائيل بلد جميل، ولكن نحن هناك نتحول إلى مواطنين خارج التركيبة القائمة. وبالرغم من حوادث الأرهاب التى يتعرض لها أحيانا سكان المدن الروسية، وتودى بحياة العشرات منهم".

ولم يكن يوسف كارانجاوز مستشار، أحد شركات البناء الإسرائيلية، يتوقع عندما هاجر إلى اسرائيل عام 1995أن يعاني من نظرات التمييز من بقية الإسرائيليين بعد أن كان يظن أنه "نجا من معاداة السامية"، وبعد 3 أعوام عاد يوسف كارانجاوز إلى موسكو، ليجد وظيفة فى انتظاره بمساعدة اصدقائه، وقال انه يشعر بسعادة غامرة لأنه عاد.

ويعترف زينوفي كوجان حاخام المعبد اليهودى فى حي جبال لينين بالعاصمة موسكو أن الكثيرين من اولئك الذين هاجروا إلى اسرائيل عادوا إلى روسيا، واصبحوا يترددون على المعبد، وأن بعضهم يعتبر انه يشعر بأنه يهودى فى روسيا أكثر من أي مكان،
ويضيف الحاخام أن هؤلاء المهاجرين غادروا روسيا كيهود، واستقبلتهم إسرائيل كروس، واليوم عادوا ويجب أن يتكيفوا مرة أخرى على حقيقة أنهم يهود فى روسيا.


"روسية" وليست "يهودية"

وتؤكد الصيدلانية ألة تشودنوفسكيا انها تشعر بانتمائها كيهودية فى روسيا أكثر مما كان عليه الحال فى إسرائيل، حيث كانوا يلقبونها بالروسية.

ويعتقد العديد من المحللين أن التركيبة السكانية لإسرائيل بدأت تتغير فى اتجاهات تهدد الملامح الأساسية لهذا المجتمع، حيث أن وجود مليون مهاجر من دول الاتحاد السوفيتى السابق، خلق كتلة سكانية لم تنصهر فى المجتمع الإسرائيلى، وانما تعيش هذه الكتلة خلف متاريس تعيق اندماجها مع المجتمع، حيث تتردد على مطاعم خاصة بها، وتتسوق فى محلات خاصة بها، وقد أدى هذا الوضع لظهور حزبين سياسيين يمثلان المهاجرين من دول الاتحاد السوفيتى السابق، والذين يتم التعامل معهم كروس حتى لو كانوا يهودا من جورجيا أو اذربيجان.

وتشكل هذه الكتلة السكانية حوالى 15% من أصوات الناخبين فى اسرائيل. وبالمقابل تتزايد اعداد العرب من مواطنى اسرائيل، حيث يشكل تعداد السكان العرب 25% من سكان إسرائيل، ومن المتوقع أن يصل إلى 30% فى عام 2025.
ويعتبر بعض المحللين الإسرائيليين المعادين للصهيونية أن تغيرات التركيبة السكانية تسير باتجاه تصفية السلطة الصهيونية التى تدمر مستقبل البلاد، ويدعو الكاتب إسرائيل شامير- الذى هاجر إلى اسرائيل من روسيا فى منتصف السبعينات- إلى توحيد الجماعات السلافية مع سكان إسرائيل العرب، باعتبار أن هذا التحالف هو صاحب المصلحة فى القضاء على الصهيونية، وبناء نظام ديمقراطي يؤمن بحقوق كافة القوميات والطوائف الدينية المتواجدة فى المجتمع الإسرائيلى.

ويعتبر شامير أن سياسات "البطش الصهيونية" هي السبب المباشر فى عودة الآلاف من المهاجرين من دول الاتحاد السوفيتى السابق إلى روسيا، بعد أن اكتشفوا زيف الحلم الصهيونى، وممارسة السلطة العنصرية ليس فقط تجاه العرب، وانما ايضا تجاه اليهود الشرقيين.