فاطمي
12-08-2006, 01:56 PM
مع وصول رئيس الائتلاف العراقي الموحد عبدالعزيز الحكيم - بعدد هائل من اقتراحات حل الأزمة العراقية، إلا أن الحصة الكبرى من هذه الاقتراحات تمزج عمداً بين اعتبارات السياسة الداخلية في الولايات المتحدة والمتطلبات الفعلية لحل أزمة العراق. فضلاً عن ذلك فإن استقبال ما تبقى من اقتراحات يخضع أيضاً لهذه الاعتبارات على نحو فج أحياناً ودونما اهتمام يذكر بقدرتها على أن تساهم حقاً في حل الأزمة العراقية. من ذلك مثلاً هذا القصف المتواصل من المحافظين الجدد لما تسرب من تقرير لجنة بيكر - هاملتون، ثم تسريب وزير الدفاع المستقيل دونالد رامسفيلد - بنفسه - رسالة قدمها قبيل استقالته، أي بعد "خراب مالطا" كما يقولون، لحل الأزمة التي ساهم في صنعها. بعبارة أخرى تحولت اقتراحات إنقاذ العراق إلى ذخيرة تتبادلها الفرق المتصارعة في واشنطن لإحراج بعضها البعض دون أي إحساس مشترك بأن صعوبة اللحظة في العراق والدم الذي يراق هناك كل يوم يتطلب من الجميع موقفاً موحداً يرقى إلى تحمل مسؤولية ما فعلته الولايات المتحدة بالعراق.
وإذا كان "تسريب" رامسفيلد مضحكاً، من حيث مصدره ومن حيث ترحيب مستشار الأمن القومي ستيفن هارلي - على الرغم من معارضة الإدارة منهاجاً لتسريب الوثائق السرية - فإن النقمة التي يصبها المحافظون الجدد على جيمس بيكر الآن تبدو غير مفهومة إلا لأن بيكر ربط بين الأزمة العراقية وضرورة إحلال السلام في الشرق الأوسط بصفة عامة. وتشكل أية دعوة لاستقرار المنطقة نقيضاً موضوعياً لبرنامج المحافظين الجدد بأكمله. ولعل ذلك ما دفع بيكر قبل عودته إلى منزله في تكساس إلى التساؤل ساخراً "أسئلة كثيرة توجه إلي، ولكن لا أحد يسألني هذه الأيام لماذا رفضنا أن ندخل بغداد عام 1991". وكان المحافظون الجدد قد قلبوا الدنيا على رأس إدارة بوش الأب لأنها لم "تكمل المهمة" عام 1991 واكتفت بتحرير الكويت.
وفي كل الأحوال فإن سحب الكلام التي تخيم على سماء واشنطن هذه الأيام تُظهر - على الرغم من كثافتها - ملمحاً أساسياً هو أن الرئيس بوش لن يقبل بتوصيات لجنة بيكر - هاملتون التي ستسلم للإدارة والكونجرس غداً على هيئة كتيب يقع في نحو مئة صفحة. بدلاً من ذلك فإن البيت الأبيض يتجه إلى تبني مجموعة من الخطوات التي أتت من مصادر مختلفة، قد يكون منها أقسام متجزأة من تقرير بيكر - هاملتون وذلك بعد القول بأن الأولوية أعطيت لتقرير رامسفيلد. ويسعى رئيس الوزراء البريطاني توني بلير بوصوله إلى واشنطن يوم إعلان تقرير بيكر غداً، إلى أمور كثيرة منها معرفة موقف الرئيس بوش الحقيقي من هذا التقرير، وربما محاولة التأثير في ذلك الموقف.
أما في حالة زيارة الحكيم، وبعدها نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي، فإن الأرجح أن تهدف الزيارة إلى "تأسيس علاقة" وإلى بحث بعض النقاط التي يوشك الرئيس أن يتبناها كاستراتيجية جديدة في العراق. وفيما تناولت الصحف بعض تلك النقاط، من خفض تدريجي للقوات الأمريكية إلى دعم قوات الأمن العراقية فإن كل الاقتراحات - على تباينها - تعرضت لانتقادات من هذا الجانب أو ذاك. إلا أن الأمر يظل واضحاً، فثمة انفلات أمني مروع في العراق. ولن يعود الأمن إلا إذا أعادته الدولة. وحتى تعيده الدولة يتعين وجود أداة بيدها لتفعيل ذلك، كما يتعين ألا تكون هذه الأداة سبباً في العبث بالأمن بدلاً من إقراره.
وإذا كان "تسريب" رامسفيلد مضحكاً، من حيث مصدره ومن حيث ترحيب مستشار الأمن القومي ستيفن هارلي - على الرغم من معارضة الإدارة منهاجاً لتسريب الوثائق السرية - فإن النقمة التي يصبها المحافظون الجدد على جيمس بيكر الآن تبدو غير مفهومة إلا لأن بيكر ربط بين الأزمة العراقية وضرورة إحلال السلام في الشرق الأوسط بصفة عامة. وتشكل أية دعوة لاستقرار المنطقة نقيضاً موضوعياً لبرنامج المحافظين الجدد بأكمله. ولعل ذلك ما دفع بيكر قبل عودته إلى منزله في تكساس إلى التساؤل ساخراً "أسئلة كثيرة توجه إلي، ولكن لا أحد يسألني هذه الأيام لماذا رفضنا أن ندخل بغداد عام 1991". وكان المحافظون الجدد قد قلبوا الدنيا على رأس إدارة بوش الأب لأنها لم "تكمل المهمة" عام 1991 واكتفت بتحرير الكويت.
وفي كل الأحوال فإن سحب الكلام التي تخيم على سماء واشنطن هذه الأيام تُظهر - على الرغم من كثافتها - ملمحاً أساسياً هو أن الرئيس بوش لن يقبل بتوصيات لجنة بيكر - هاملتون التي ستسلم للإدارة والكونجرس غداً على هيئة كتيب يقع في نحو مئة صفحة. بدلاً من ذلك فإن البيت الأبيض يتجه إلى تبني مجموعة من الخطوات التي أتت من مصادر مختلفة، قد يكون منها أقسام متجزأة من تقرير بيكر - هاملتون وذلك بعد القول بأن الأولوية أعطيت لتقرير رامسفيلد. ويسعى رئيس الوزراء البريطاني توني بلير بوصوله إلى واشنطن يوم إعلان تقرير بيكر غداً، إلى أمور كثيرة منها معرفة موقف الرئيس بوش الحقيقي من هذا التقرير، وربما محاولة التأثير في ذلك الموقف.
أما في حالة زيارة الحكيم، وبعدها نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي، فإن الأرجح أن تهدف الزيارة إلى "تأسيس علاقة" وإلى بحث بعض النقاط التي يوشك الرئيس أن يتبناها كاستراتيجية جديدة في العراق. وفيما تناولت الصحف بعض تلك النقاط، من خفض تدريجي للقوات الأمريكية إلى دعم قوات الأمن العراقية فإن كل الاقتراحات - على تباينها - تعرضت لانتقادات من هذا الجانب أو ذاك. إلا أن الأمر يظل واضحاً، فثمة انفلات أمني مروع في العراق. ولن يعود الأمن إلا إذا أعادته الدولة. وحتى تعيده الدولة يتعين وجود أداة بيدها لتفعيل ذلك، كما يتعين ألا تكون هذه الأداة سبباً في العبث بالأمن بدلاً من إقراره.