بهلول
12-07-2006, 05:57 PM
أبو البنات.. أبواب الجنة وأبواب جهنم؟
الجزائر: نسيم لكحل
في هذا العصر او الزمان الذي انقلبت فيه كل الموازين والمفاهيم، يمكن جدا ان تتحول النعمة الى نقمة ويمكن بكل سهولة ايضا ان تتحول الافراح الى اتراح والعكس هنا في الجزائر ليس بالضرورة صحيحا.
كثيرون هم الآباء الذين يرزقهم الله بالبنات، ويحولون حياتهم الى جحيم لا لشيء الا لان الله لم يرد الا ان يخلق هؤلاء لاطفال اناثا.. وقليلون هم من كان الايمان عندهم اقوى فارتضوا ما قسم الله لهم من قسم الاولاد بل منهم من تجده اشد فرحا حتى من بقية الآباء الذين رزقوا بالذكور او اولياء العهد كما يصطلح على تسميتهم.. والسؤال الكبير المطروح هنا هل يمكن ان في مقدور الانسان معرفة من اين يأتيه الخير اومن أن يأتيه الشر، هل من الذكور ام من الاناث؟
عودة إلى الجاهلية
في الجزائر الكثير من القصص التي تتحدث عن ابو البنات تصلح لان تكون قصصا او سيناريوهات لافلام او مسلسلات مبكية، رغم انها في الحقيقة قصص واقعية تكشف عن الوجه الآخر للمعاناة المتعددة الاطراف، معاناة الزوج ومعاناة الزوجة ومعاناة للبراءة كذلك، انها وقائع واحداث تعيدنا الى العصر الجاهلي حيث كانت الاناث تدفن وهن احياء لا لشيء الا لان ذنبهن الوحيد انهن ولدن اناثا قبل ان يأتي الاسلام ويخلص البشرية من هذه الجاهلية العمياء..
لكن من يخلص العالم مرة اخرى من هذه الجاهلية العمياء التي عادت باشكال واوجه جديدة ومختلفة، لا تقل خطورة وألما عن الجاهلية الاولى، وحتى وان لم تعد البنت تدفن وهي حية فان وأدها في هذا الزمان اصبح يتم باشكال وطرق مختلفة، قد لا نبالغ اذا قلنا ان واد الجاهلية الاولى قد يكون ارحم في بعض الحالات من وأد الجاهلية الجديدة، وخاصة عندما يقع هذا في مجتمع مسلم، يدين بالاسلام ويحتكم للقرآن الذي جاء فيه قول الله تعالى : 'يهب لمن يشاء اناثا ويهب لمن يشاء الذكور او يزوجهم ذكرانا واناثا ويجعل من يشاء عقيما'.
من الجنة الى جهنم؟!
ولا يزال الكثيرون في هذا الوقت الذي انقلبت فيه كل المفاهيم، اذا بشر احدهم بالانثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به، هذا بالنسبة للانثى الاولى او البنت الاولى، اما اذا تعدى الامر الى البنت الثانية ثم الثالثة او الرابعة فما اكثر دون ان يكون بين الفريق ذكر او ذكور فهنا الكارثة قد تقع على رأس الكثير من العائلات التي تشتتت وعاشت الجحيم وطرقت ابواب جهنم من حيث تدري او لا تدري، وفي غالب الاحيان يكون المتسبب هو رب الاسرة او الوالد الذي لا يقبل ان يكون ابا للبنات، وذلك نتيجة لعدة عوامل مجتمعة تارة ومتفرقة تارات اخرى، منها ما له علاقة بعادات وتقاليد قاسية في المجتمع ومنها ما له علاقة بالجهل ومنها ما له علاقة بالضعف وعدم القدرة على قبول القضاء والقدر..
لكن النتيجة تبقى واحدة وهي الجحيم، على الرغم من ان المواليد الاناث يفتحن ابواب الجنة امام الآباء الذين يحسنون تربيتهن ويقبلون بما انعم الله عليهم وذلك كما جاء في السنة النبوية الشريفة، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم :'من عال جاريتين دخلت انا وهو الجنة كهاتين' واشار باصبعيه السبابة والتي تليها.. ومع هذا هناك كثيرون من يغلقون ابواب الجنة التي فتحت امامهم ويفتحون ابواب جهنم عليهم وعلى عائلاتهم.
العقاب الإلهي!
في الحقيقة فكرة هذا التحقيق ظلت تراودني بسبب حادثة أليمة جدا وقعت منذ شهور فقط في احدى ولايات الجنوب الجزائري، وبالضبط وقعت خلال الصائفة الماضية، والقصة بطلها رجل متزوج وله خمس بنات جميلات جدا البنت الكبرى تبلغ من العمر 17 سنة، وكلما ولدت واحدة منهن كان يتمناها ذكرا، لكن تشاء الاقدار ان يكون ابناؤه الخمسة اناثا، ورغم ذلك فإنه بقي متمسكا بحبل رفيع من الامل لعل وعسى يرزقه الله بولد ذكر او ولي العهد كما يسمى.. فصول الكارثة بدأت عندما حملت منه زوجته مرة اخرى وهنا بدأ يهددها ويتوعدها بالطلاق والطرد من المنزل ان هي انجبت له البنت السادسة.. وبدأت الشهور تمر وتمر وموعد الوضع يقترب شيئا فشيئا وتهديدات الوالد تزيد من يوم لآخر.. انه مصر على ان يكون قدره السادس ولدا ذكرا، ولكن هل بيده ام بيد زوجته تحقيق هذا الحلم المجنون ؟
وجاء اليوم الموعود والمشهود لقد حان وقت خروج المولود السادس الى الوجود، الزوجة تنقل الى المستشفى وقلبها لم يكن متعلقا بالجنين بقدر ما كان يخفق ويخفق خوفا من الزوج الذي ودعها على عبارة ان كانت بنتا فلا تعودي الى هذا البيت بل اذهبي الى بيتك ولا تفكري ابدا في العودة هكذا كانت عبارات الوداع واي قلب يملكه هذا الرجل الذي يحمل زوجته مسؤولية ذنب لم تقترفه؟!
.. لكن وعلى عكس حالة الوالدة المتخوفة من الزوج اكثر من خوفها من مخاض الولادة، وعلى العكس من الوالد الذي كان يترقب ولي العهد رغم انف الاقدار، فان البنات الخمس وهم ببراءة الطفولة بعد ذهاب امهم الى المستشفى لم يكن احد منهن يدرك ان هذا الذهاب هو لحظة الفراق الابدي بينهن وبين امهن وحتى مع والدهن.. ولم يدركن ان الطوفان قادم.
بدأت البنات الخمس بلهفة ممزوجة بالفرح في ترتيب البيت تحضيرا لعودة الام من المستشفى وفرحا بالمولود القادم ذكرا كان ام انثى لا يهم بالنسبة للبراءة، وفي هذه الاثناء حصل ما لم يكن في الحسبان وما سيبقى في الاذهان لكل انسان يسمع بهذه القصة الواقعية، واقسم بالله انها واقعية كي لا يحسب البعض انها من نسج الخيال..
في اثناء عملية تحضير البيت تقدمت البنت الكبرى ذات السبعة عشر ربيعا لتشغيل المكيف الهوائي وكانت يداها مبللتين بالماء فالتصقت بعد ان لامست التيار الكهربائي ثم لحقت بها اخواتها لنجدتها فكن يلتصقن الواحدة تلو الاخرى من شدة قوة التيار الكهربائي، حيث ماتت الزهور الخمس احتراقا وسقطن في المكان جثثا مفحمة، انه القدر الذي عبر عن الغضب الالهي من محاولات المخلوق التدخل في شؤون الخالق من خلال اصراره على رفض الانثى وطلب الذكر والاكثر من ذلك تهديد الزوجة بالطلاق في حال انجبت له انثى سادسة وكانها ستنجبها له من صلب غيره،
وتشاء الاقدار ان تموت الزهور الخمس، ويصاب هذا الوالد الجاحد بالجنون بعدما علم انه عوقب من السماء، وتشاء الاقدار ان تلد تلك الزوجة المسكينة بنتا سادسة لكن اصبحت بعد هذه الواقعة المأساوية البنت الوحيدة، وقد انتقلت الزوجة الى بيت اهلها وهي الى اليوم في حالة نفسية وجسدية يرثى لها ورفضت رفضا قاطعا العودة الى بيت زوجها الذي اعتبرته سبب مصيبتها في فلذات اكبادها، وقد فجع السكان بهذا القصة التي تبقى عبرة لمن يعتبر ولكل من يحاول ان يتدخل في الاقدار.. فهل من معتبر؟!
أنا أربي وغيري يأخذ!
الوجه الآخر من غرائب ابو البنات نلمسه في قصة رجل آخر من الجزائر انعم الله عليه بسبع بنات وولد ذكر كان الثاني في الترتيب، لكن هذا الولد الوحيد لم يكن يكفي ليخلص البيت الصغير من جحيم النار التي اشعلها الوالد، الذي اخذ ينغص على زوجته حياتها وكان يعيب عليها بمناسبة وبدون مناسبة الى درجة انه كان يتلفظ بعبارات تدخل في دائرة الكفر والجحود، وهذا الرجل انعم الله عليه بثروة طائلة وهو الى اليوم من اغنياء المنطقة التي يسكن فيها باحدى ولايات الشرق الجزائري، لكن رغم ذلك فهو يقول في كل مرة بانه ليس سعيدا بهذه الثروة وبهذا المال ما دام سيرثني غيري حتى اشتهر بعبارة 'انا اربي وغيري يأخذ'.. وقصة هذا الرجل تكشف في الحقيقة عن الجهل الذي ما زال يسيطر على بعض الناس في هذا الزمن، ممن يعتقدون ان البنت هي رمز العار وان الولد هو رمز الرجولة، ولهذا فهم يكرهون ان يسميهم احد بصفة البنات ويهربون من المجتمع الى درجة الانعزال تماما، كما حدث مع صاحبنا هذا الذي ابتلاه الله اخيرا بالوسواس فاصبح لا يبارح الطبيب او الراقي الى ان اصيب بداء السكري من شدة القلق والحقد على الجنس الانثوي.
انتقام جنسي
في الموضوع ايضا قصة رجل آخر يئس من زوجته التي انجبت له خمس بنات دون ان يكون معهم ذكر واحد، فانتقم من نفسه ومن زوجته بطريقته الخاصة بأن لجأ الى اقامة علاقة جنسية غير شرعية مع فتاة اخرى، وعندما اكتشفت زوجته امره صارحها بالحقيقة وقال لها انه يفعل ذلك انتقاما من زوجته (ام البنات)، التي تمنت ان يقرر زوجها الزواج من ثانية كاخف الاضرار من ممارسة علاقة غير شرعية قد تجلب العار لبناته الخمسة الذين ليس لهن من ذنب سوى انهن ولدن اناثا.
ابو البنات
كثيرون هم من كتبوا حول هذه الظاهرة وحاولوا ان يفهموا ما يحيط بابي البنات من ظروف وعوامل نفسية واجتماعية تتحكم فيه او تؤثر في مسار حياته، لكن من بين المساهمات البارزة والاروع في هذا الموضوع ما كتبه الروائي المصري الكبير نجيب الكيلاني الذي توفي عام 1995، حيث ابدع في تصوير ووصف صديقه اسماعيل الذي تحولت حياته الى ماساة لا لشيء الا لكونه حاول الا يكون ابا للبنات فحوله القدر الى اب لليتيمات، وهذه هي قصته كما يرويها.
الجزائر: نسيم لكحل
في هذا العصر او الزمان الذي انقلبت فيه كل الموازين والمفاهيم، يمكن جدا ان تتحول النعمة الى نقمة ويمكن بكل سهولة ايضا ان تتحول الافراح الى اتراح والعكس هنا في الجزائر ليس بالضرورة صحيحا.
كثيرون هم الآباء الذين يرزقهم الله بالبنات، ويحولون حياتهم الى جحيم لا لشيء الا لان الله لم يرد الا ان يخلق هؤلاء لاطفال اناثا.. وقليلون هم من كان الايمان عندهم اقوى فارتضوا ما قسم الله لهم من قسم الاولاد بل منهم من تجده اشد فرحا حتى من بقية الآباء الذين رزقوا بالذكور او اولياء العهد كما يصطلح على تسميتهم.. والسؤال الكبير المطروح هنا هل يمكن ان في مقدور الانسان معرفة من اين يأتيه الخير اومن أن يأتيه الشر، هل من الذكور ام من الاناث؟
عودة إلى الجاهلية
في الجزائر الكثير من القصص التي تتحدث عن ابو البنات تصلح لان تكون قصصا او سيناريوهات لافلام او مسلسلات مبكية، رغم انها في الحقيقة قصص واقعية تكشف عن الوجه الآخر للمعاناة المتعددة الاطراف، معاناة الزوج ومعاناة الزوجة ومعاناة للبراءة كذلك، انها وقائع واحداث تعيدنا الى العصر الجاهلي حيث كانت الاناث تدفن وهن احياء لا لشيء الا لان ذنبهن الوحيد انهن ولدن اناثا قبل ان يأتي الاسلام ويخلص البشرية من هذه الجاهلية العمياء..
لكن من يخلص العالم مرة اخرى من هذه الجاهلية العمياء التي عادت باشكال واوجه جديدة ومختلفة، لا تقل خطورة وألما عن الجاهلية الاولى، وحتى وان لم تعد البنت تدفن وهي حية فان وأدها في هذا الزمان اصبح يتم باشكال وطرق مختلفة، قد لا نبالغ اذا قلنا ان واد الجاهلية الاولى قد يكون ارحم في بعض الحالات من وأد الجاهلية الجديدة، وخاصة عندما يقع هذا في مجتمع مسلم، يدين بالاسلام ويحتكم للقرآن الذي جاء فيه قول الله تعالى : 'يهب لمن يشاء اناثا ويهب لمن يشاء الذكور او يزوجهم ذكرانا واناثا ويجعل من يشاء عقيما'.
من الجنة الى جهنم؟!
ولا يزال الكثيرون في هذا الوقت الذي انقلبت فيه كل المفاهيم، اذا بشر احدهم بالانثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به، هذا بالنسبة للانثى الاولى او البنت الاولى، اما اذا تعدى الامر الى البنت الثانية ثم الثالثة او الرابعة فما اكثر دون ان يكون بين الفريق ذكر او ذكور فهنا الكارثة قد تقع على رأس الكثير من العائلات التي تشتتت وعاشت الجحيم وطرقت ابواب جهنم من حيث تدري او لا تدري، وفي غالب الاحيان يكون المتسبب هو رب الاسرة او الوالد الذي لا يقبل ان يكون ابا للبنات، وذلك نتيجة لعدة عوامل مجتمعة تارة ومتفرقة تارات اخرى، منها ما له علاقة بعادات وتقاليد قاسية في المجتمع ومنها ما له علاقة بالجهل ومنها ما له علاقة بالضعف وعدم القدرة على قبول القضاء والقدر..
لكن النتيجة تبقى واحدة وهي الجحيم، على الرغم من ان المواليد الاناث يفتحن ابواب الجنة امام الآباء الذين يحسنون تربيتهن ويقبلون بما انعم الله عليهم وذلك كما جاء في السنة النبوية الشريفة، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم :'من عال جاريتين دخلت انا وهو الجنة كهاتين' واشار باصبعيه السبابة والتي تليها.. ومع هذا هناك كثيرون من يغلقون ابواب الجنة التي فتحت امامهم ويفتحون ابواب جهنم عليهم وعلى عائلاتهم.
العقاب الإلهي!
في الحقيقة فكرة هذا التحقيق ظلت تراودني بسبب حادثة أليمة جدا وقعت منذ شهور فقط في احدى ولايات الجنوب الجزائري، وبالضبط وقعت خلال الصائفة الماضية، والقصة بطلها رجل متزوج وله خمس بنات جميلات جدا البنت الكبرى تبلغ من العمر 17 سنة، وكلما ولدت واحدة منهن كان يتمناها ذكرا، لكن تشاء الاقدار ان يكون ابناؤه الخمسة اناثا، ورغم ذلك فإنه بقي متمسكا بحبل رفيع من الامل لعل وعسى يرزقه الله بولد ذكر او ولي العهد كما يسمى.. فصول الكارثة بدأت عندما حملت منه زوجته مرة اخرى وهنا بدأ يهددها ويتوعدها بالطلاق والطرد من المنزل ان هي انجبت له البنت السادسة.. وبدأت الشهور تمر وتمر وموعد الوضع يقترب شيئا فشيئا وتهديدات الوالد تزيد من يوم لآخر.. انه مصر على ان يكون قدره السادس ولدا ذكرا، ولكن هل بيده ام بيد زوجته تحقيق هذا الحلم المجنون ؟
وجاء اليوم الموعود والمشهود لقد حان وقت خروج المولود السادس الى الوجود، الزوجة تنقل الى المستشفى وقلبها لم يكن متعلقا بالجنين بقدر ما كان يخفق ويخفق خوفا من الزوج الذي ودعها على عبارة ان كانت بنتا فلا تعودي الى هذا البيت بل اذهبي الى بيتك ولا تفكري ابدا في العودة هكذا كانت عبارات الوداع واي قلب يملكه هذا الرجل الذي يحمل زوجته مسؤولية ذنب لم تقترفه؟!
.. لكن وعلى عكس حالة الوالدة المتخوفة من الزوج اكثر من خوفها من مخاض الولادة، وعلى العكس من الوالد الذي كان يترقب ولي العهد رغم انف الاقدار، فان البنات الخمس وهم ببراءة الطفولة بعد ذهاب امهم الى المستشفى لم يكن احد منهن يدرك ان هذا الذهاب هو لحظة الفراق الابدي بينهن وبين امهن وحتى مع والدهن.. ولم يدركن ان الطوفان قادم.
بدأت البنات الخمس بلهفة ممزوجة بالفرح في ترتيب البيت تحضيرا لعودة الام من المستشفى وفرحا بالمولود القادم ذكرا كان ام انثى لا يهم بالنسبة للبراءة، وفي هذه الاثناء حصل ما لم يكن في الحسبان وما سيبقى في الاذهان لكل انسان يسمع بهذه القصة الواقعية، واقسم بالله انها واقعية كي لا يحسب البعض انها من نسج الخيال..
في اثناء عملية تحضير البيت تقدمت البنت الكبرى ذات السبعة عشر ربيعا لتشغيل المكيف الهوائي وكانت يداها مبللتين بالماء فالتصقت بعد ان لامست التيار الكهربائي ثم لحقت بها اخواتها لنجدتها فكن يلتصقن الواحدة تلو الاخرى من شدة قوة التيار الكهربائي، حيث ماتت الزهور الخمس احتراقا وسقطن في المكان جثثا مفحمة، انه القدر الذي عبر عن الغضب الالهي من محاولات المخلوق التدخل في شؤون الخالق من خلال اصراره على رفض الانثى وطلب الذكر والاكثر من ذلك تهديد الزوجة بالطلاق في حال انجبت له انثى سادسة وكانها ستنجبها له من صلب غيره،
وتشاء الاقدار ان تموت الزهور الخمس، ويصاب هذا الوالد الجاحد بالجنون بعدما علم انه عوقب من السماء، وتشاء الاقدار ان تلد تلك الزوجة المسكينة بنتا سادسة لكن اصبحت بعد هذه الواقعة المأساوية البنت الوحيدة، وقد انتقلت الزوجة الى بيت اهلها وهي الى اليوم في حالة نفسية وجسدية يرثى لها ورفضت رفضا قاطعا العودة الى بيت زوجها الذي اعتبرته سبب مصيبتها في فلذات اكبادها، وقد فجع السكان بهذا القصة التي تبقى عبرة لمن يعتبر ولكل من يحاول ان يتدخل في الاقدار.. فهل من معتبر؟!
أنا أربي وغيري يأخذ!
الوجه الآخر من غرائب ابو البنات نلمسه في قصة رجل آخر من الجزائر انعم الله عليه بسبع بنات وولد ذكر كان الثاني في الترتيب، لكن هذا الولد الوحيد لم يكن يكفي ليخلص البيت الصغير من جحيم النار التي اشعلها الوالد، الذي اخذ ينغص على زوجته حياتها وكان يعيب عليها بمناسبة وبدون مناسبة الى درجة انه كان يتلفظ بعبارات تدخل في دائرة الكفر والجحود، وهذا الرجل انعم الله عليه بثروة طائلة وهو الى اليوم من اغنياء المنطقة التي يسكن فيها باحدى ولايات الشرق الجزائري، لكن رغم ذلك فهو يقول في كل مرة بانه ليس سعيدا بهذه الثروة وبهذا المال ما دام سيرثني غيري حتى اشتهر بعبارة 'انا اربي وغيري يأخذ'.. وقصة هذا الرجل تكشف في الحقيقة عن الجهل الذي ما زال يسيطر على بعض الناس في هذا الزمن، ممن يعتقدون ان البنت هي رمز العار وان الولد هو رمز الرجولة، ولهذا فهم يكرهون ان يسميهم احد بصفة البنات ويهربون من المجتمع الى درجة الانعزال تماما، كما حدث مع صاحبنا هذا الذي ابتلاه الله اخيرا بالوسواس فاصبح لا يبارح الطبيب او الراقي الى ان اصيب بداء السكري من شدة القلق والحقد على الجنس الانثوي.
انتقام جنسي
في الموضوع ايضا قصة رجل آخر يئس من زوجته التي انجبت له خمس بنات دون ان يكون معهم ذكر واحد، فانتقم من نفسه ومن زوجته بطريقته الخاصة بأن لجأ الى اقامة علاقة جنسية غير شرعية مع فتاة اخرى، وعندما اكتشفت زوجته امره صارحها بالحقيقة وقال لها انه يفعل ذلك انتقاما من زوجته (ام البنات)، التي تمنت ان يقرر زوجها الزواج من ثانية كاخف الاضرار من ممارسة علاقة غير شرعية قد تجلب العار لبناته الخمسة الذين ليس لهن من ذنب سوى انهن ولدن اناثا.
ابو البنات
كثيرون هم من كتبوا حول هذه الظاهرة وحاولوا ان يفهموا ما يحيط بابي البنات من ظروف وعوامل نفسية واجتماعية تتحكم فيه او تؤثر في مسار حياته، لكن من بين المساهمات البارزة والاروع في هذا الموضوع ما كتبه الروائي المصري الكبير نجيب الكيلاني الذي توفي عام 1995، حيث ابدع في تصوير ووصف صديقه اسماعيل الذي تحولت حياته الى ماساة لا لشيء الا لكونه حاول الا يكون ابا للبنات فحوله القدر الى اب لليتيمات، وهذه هي قصته كما يرويها.