فاطمي
12-07-2006, 07:41 AM
وصل إلى الكويت 1908 وأصبح إماما لمسجد المزيدي
http://www.alqabas.com.kw/Final/NewspaperWebsite/NewspaperBackOffice/ArticlesPictures/7-12-2006//225321_050005_small.jpg
المرحوم محمد مهدي القزويني
بقلم: منصور حاجي اسماعيل خالدي
سيد جليل، وعالم فاضل، وصل الى الكويت عام 1327ه ـ 1908م اي قبل مائة عام ـ وهو العلامة السيد محمد مهدي القزويني الذي عاش في الكويت لسبعة عشر عاما، وفي مرحلة مهمة وحساسة من تاريخ الكويت، وله الادوار المهمة والمواقف الطيبة خلال تلك الفترة.
السيد محمد مهدي بن السيد صالح بن السيد احمد الموسوي الكاظمي القزويني، ولد في الكاظمية في بغداد في عام 1282ه ـ 1865م، وعند بلوغه السابعة بدأ بتعلم قراءة القرآن الكريم والبعض من العلوم الاولية، على يد جماعة من اهل العلم، وفي سن العاشرة شرع في دراسة علوم النحو والمنطق والبيان وبعض فنون الفقه، درس بعدها بعض كتب اصول العقائد على يد كبار الفقهاء، ولما بلغ السابعة عشرة هاجر الى مدينة سامراء وكان ذلك في عام 1299ه ـ 1882م وبقي هناك مدة يواصل الدرس والتنقيب، بعدها سافر الى النجف الاشرف بهدف التوسع في العلوم الدينية الخاصة حتى نال درجة عالية من العلم، وتركها عائدا مرة اخرى الى سامراء كي يتفرغ للبحث في العلوم المنقولة والمعقولة على ايدي كبار العلماء المشهورين، كآية الله السيد محمد حسين الشيرازي (صاحب فتوى التنباك ضد بريطانيا) وآية الله الميرزا محمد تقي الشيرازي (قائد ثورة العشرين في العراق) والسيد محمد الهندي وغيرهم، وبقي في سامراء حتى عام 1314ه ـ 1896 م. عندما سافر الى ايران مارا بطهران وقم حتى مشهد التي مكث فيها ست سنوات، وتركها الى مصر والشام ومنها الى مكة المكرمة لاداء فريضة الحج.
بعد ان اتم حجه قصد المدينة المنورة كي يتشرف بزيارة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهناك اجتمع مع عدد كبير من علماء المسلمين، وبعدالمدينة قصد كربلاء ولم يبق فيها كثيرا وعاد الى النجف، وفيها اجتمع معه جماعة من علمائها الذين اشاروا عليه بان يسافر الى الكويت، وكان ذلك برجاء من بعض رجال الشيعة ساكني الكويت، وذلك لخلوها ـ يومئذ ـ من رجال الدين الشيعة، فأجابهم الطلب وتوجه الى الكويت في عام 1327ه ـ 1908م.
وفي الكويت وعظ وأرشد وعلم علوم الدين حتى اصبح زعيما للشيعة وإماما للجماعة في مسجد المزيدي.
وعندما قامت الحرب العالمية الاولى في عام 1332ه ـ 1914م، ودخلت الدولة العثمانية غمار الحرب، غادر السيد محمد مهدي القزويني الكويت قاصدا البصرة كي يحث الأهالي على مواصلة الجهاد ضد القوات البريطانية، لكن بعد احتلال البريطانيين البصرة عاد السيد الى الكويت.
السور الثالث
واهم مرحلة من مراحل وجوده في الكويت، تكمن عندما زاره الشيخ سالم المبارك في الحسينية الجديدة (الخزعلية) قبل حرب الجهراء، وعرض عليه ما يجري في الساحة من احداث، فأبلغه السيد بأن ارض الكويت مكشوفة للأعداء ولابد من اقامة سور منيع وحصين يحفظ البلد ويصد الاعداء عن دخولها، وبهذا يكون السيد محمد مهدي القزويني هو صاحب فكرة بناء السور الثالث، وقد اشرف بنفسه على التخطيط لبناء السور، فالتقى الأهالي وشجعهم وشحذ هممهم وبعث فيهم الروح القتالية، وبأن هذا هو وطنهم الذي يجب عليهم ان يدافعوا عنه صونا لعزته وكرامته وحريته.
وبالفعل بوشر بالعمل، وكان ذلك في شهر رمضان 1338ه ـ 1919م وكان يجول بنفسه متفقدا اعمال البناء، ويوجه البنائين بملاحظاته حول العمل.
في معركة الجهراء
وعندما توجه الشيخ سالم المبارك الى الجهراء لقيادة الجيش، كان القزويني من بين المكلفين بالبقاء في البلاد والاهتمام بشؤونها اثناء وجوده في ارض المعركة في الجهراء، فقام يحث الناس على مواصلة القتال وحراسة المدينة، حيث كان يقوم بمشاركة الاهالي في اعمالهم كالحراسة عند السور وبعث الروح الوطنية، وإلقاء الخطب الحماسية ضد المعتدين، ولا يخفى ان آل الصباح كانوا يستشيرونه في الكثير من الامور ويآخذون برأيه، خصوصا ايام الحرب وكان الشيخ سالم المبارك عند خروجه الى الجهراء، قد عهد الى ابن اخيه الشيخ احمد الجابر ان يستشير رجال الدين والاعيان والتجار في حال الخطر والضرورة.. ومع اشتداد الحصار في القصر الاحمر استطاع اثنان من الفرسان هما مرزوق المتعب ومرشد الشمري ان يصلا الى مدينة الكويت ويخبرا الشيخ احمد الجابر ان الشيخ سالم يطلب النجدة والمؤونة والسلاح، وبوصولهما استدعى الشيخ احمد اهالي الكويت فهبوا متحمسين للأمر، فبلغ ذلك السيد محمد مهدي القزويني فذهب للقاء الشيخ احمد الجابر كي يخبره باستعداده لحمل السلاح والخروج الى الجهراء مع جماعته، فاجابه الشيخ احمد بانه يفضل ان يكون السيد وجماعته يعملون للمحافظة على مدينة الكويت وحراستها اذا ما هاجمنا العدو على حين غرة.. هذا الى جانب ان الشيخ احمد قال له ايضا 'يا سيد.. انك تعلم ان الاخوان يكفروننا ونحن على مذهب اهل السنة، واذا ما علموا بخروجكم الى قتالهم وانتم على مذهب الشيعة فسيزيد ذلك من الازمة وتتعقد وتتشدد..'.
فتم الاتفاق بينهما على ان تتولى جماعة السيد حراسة المدينة ويذهب الاخرون للقتال وكانت المجالس الدينية التي يعقدها السيد القزويني لا تخلو من المترددين لاستماع الوعظ والارشاد الديني، مع ذكر سيرة سيد الشهداء الامام الحسين (عليه السلام) وفاجعة مقتله.. وصادف ان احد الملتزمين بحضور مجلسه ويدعى الشيخ حسن التبريزي، وكان ملبسه ملبس رجال الدين، والحقيقة انه كان عينا لبريطانيا ينقل ما يقوله السيد ويقوم بنقل اخباره للحكومة البريطانية في البصرة، ويبدو انه نقل لأسياده ان السيد يشوش افكار اهل الكويت ضد بريطانيا، مما حدا الحاكم السياسي في البصرة ان يكتب للمعتمد البريطاني في الكويت يطلب منه توضيح الأمر، فقام المعتمد بسؤال الشيخ سالم المبارك عن ذلك، فرد عليه بتاريخ 12 فبراير 1918 انه يستبعد وقوع مثل هذا، لكن المعتمد طلب من الشيخ سالم ان يجتمع مع السيد القزويني، وفعلا اجتمع المعتمد مع السيد بحضور الشيخ سالم في قصر السيف، وتم اجراء التحقيق، فلم يثبت لديه ما يدينه فاعتذر إليه وأكرمه وكتب للحاكم السياسي في البصرة نافيا تلك التهم.
معرفة الطب
وكان السيد محمد مهدي القزويني يحتفظ بعلاقة طيبة وحميمة مع الشيخ سالم المبارك والشيخ احمد الجابر لأنهما عرفا هذا السيد خير المعرفة في السراء والضراء، واكتشفا معدنه الأصيل، وكانا يزورانه بين فترة وأخرى، ولطالما كان الشيخ سالم المبارك يردد هذه المقولة امام السيد بقوله: ان النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إذا رأيتم الملوك على ابواب العلماء.. فقولوا: نعم الملوك ونعم العلماء.
الى جانب ذلك، فإن المغفور له الشيخ عبدالله الجابر الصباح كان ممن عاصره، وكان يحدث اصحابه في مجالسه الخاصة عن سيرته الحسنة وتاريخه المشرف.
إضافة الى ذلك، فان السيد القزويني كان ملما وعارفا بالطب القديم، فقد برع في هذا المجال، وكانت له اليد الطولى في اكتشاف الادوية الشعبية والعقاقير لعلاج الكثير من الامراض المستعصية، وكان ينقل عن المغفور له الشيخ محمد الاحمد الجابر الصباح ان الشفاء كتب لي على يد السيد مهدي وذلك اثر داء ألم به لفترة فعجز الاطباء عن علاجه، وبلغ ذلك السيد، فأعد له دواء جهزه بنفسه، ولم تمض ايام معدودة حتى شافاه الله من مرضه وأعاد له صحته وعافيته.
في البصرة
وبعد ان اقام في الكويت لسبعة عشر عاما، اراد السيد محمد مهدي القزويني زيارة العتبات المقدسة في العراق في عام 1343ه - 1925م، فاغتنم اهل البصرة فرصة مروره بمدينتهم وطلبوا اليه ان يبقى عندهم، فلبى الطلب وسكن البصرة، وارسل الى الكويت اخاه السيد جواد القزويني.
وفي 8 ذي القعدة 1358 ه الموافق 19 ديسمبر 1940م لبى نداء ربه ووافاه الاجل عن ستة وسبعين عاما قضاها عالما عاملا مجاهدا، ونقل جثمانه من البصرة الى النجف ليوارى الثرى هناك، تاركا ما يقارب سبعين مصنفا في مختلف علوم الدين، وقد رثاه الاديب المرحوم الشيخ علي البازي مؤرخا عام وفاته قائلا:
بكى الدين الحنيف وناح شجوا
إماما عيلما علما منقب
وأثكلت المحافل مذ نعاه
له التاريخ نور المهدي غيب
256 +90 + 1012 = 1358 ه
اما اخوه السيد جواد، فقد اقام في الكويت اماما لجامع المزيدي وواعظا ومرشدا، وله اياد بيضاء وسيرة حسنة وتاريخ حافل حتى انتقل الى جوار ربه في الكويت في 2 ربيع الآخر 1369 ه الموافق 21 يناير 1950م.
وبعد وفاة الشيخ احمد الجابر في 10 ربيع الآخر 1369 ه الموافق 29 يناير 1950م، واستلام الشيخ عبدالله السالم زمام الحكم، سافر المرحوم يوسف شيرين بهبهاني الى البصرة واصطحب معه المرحوم السيد امير محمد نجل المرحوم السيد محمد مهدي القزويني كي يلتقي بالشيخ عبدالله السالم الذي استقبله احسن استقبال وثمن دور والده الكبير في تلك الظروف الصعبة والمهمة من تاريخ الكويت.
الهوامش
1 ـ تأسس مسجد المزيدي في عام 1310 ه ـ 1892 م، والسيد محمد مهدي القزويني هو ثاني إمام للمسجد بعد المرحوم الشيخ محمد المزيدي.
2 ـ مقابلة شخصية لكاتب المقال مع العم الحاج علي ملا محمد لطفي.
3 ـ حسين خلف الشيخ خزعل: تاريخ الكويت السياسي.
4 ـ الفارسان هما: مرزوق المتعب ومرشدالشمري.
5 ـ حسين خلف الشيخ خزعل: تاريخ الكويت السياسي.
6ـ المصدر ذاته.
7 ـ كتاب الغرر الحسينية والدرر الدينية للمرحوم السيد محمد مهدي القزويني، مقدمة الكتاب ترجمة للسيد بقلم نجله السيد أمير علي.
8 ـ الشيخ محمد الأحمد الجابر الصباح، ثاني انجال الشيخ أحمد الجابر من الذكور، اول وزير للدفاع بين يناير 1962 وديسمبر ،1964 توفي في 14 أبريل .1975
9 ـ المصدر رقم 7
10 ـ المصدررقم 2
http://www.alqabas.com.kw/Final/NewspaperWebsite/NewspaperBackOffice/ArticlesPictures/7-12-2006//225321_050005_small.jpg
المرحوم محمد مهدي القزويني
بقلم: منصور حاجي اسماعيل خالدي
سيد جليل، وعالم فاضل، وصل الى الكويت عام 1327ه ـ 1908م اي قبل مائة عام ـ وهو العلامة السيد محمد مهدي القزويني الذي عاش في الكويت لسبعة عشر عاما، وفي مرحلة مهمة وحساسة من تاريخ الكويت، وله الادوار المهمة والمواقف الطيبة خلال تلك الفترة.
السيد محمد مهدي بن السيد صالح بن السيد احمد الموسوي الكاظمي القزويني، ولد في الكاظمية في بغداد في عام 1282ه ـ 1865م، وعند بلوغه السابعة بدأ بتعلم قراءة القرآن الكريم والبعض من العلوم الاولية، على يد جماعة من اهل العلم، وفي سن العاشرة شرع في دراسة علوم النحو والمنطق والبيان وبعض فنون الفقه، درس بعدها بعض كتب اصول العقائد على يد كبار الفقهاء، ولما بلغ السابعة عشرة هاجر الى مدينة سامراء وكان ذلك في عام 1299ه ـ 1882م وبقي هناك مدة يواصل الدرس والتنقيب، بعدها سافر الى النجف الاشرف بهدف التوسع في العلوم الدينية الخاصة حتى نال درجة عالية من العلم، وتركها عائدا مرة اخرى الى سامراء كي يتفرغ للبحث في العلوم المنقولة والمعقولة على ايدي كبار العلماء المشهورين، كآية الله السيد محمد حسين الشيرازي (صاحب فتوى التنباك ضد بريطانيا) وآية الله الميرزا محمد تقي الشيرازي (قائد ثورة العشرين في العراق) والسيد محمد الهندي وغيرهم، وبقي في سامراء حتى عام 1314ه ـ 1896 م. عندما سافر الى ايران مارا بطهران وقم حتى مشهد التي مكث فيها ست سنوات، وتركها الى مصر والشام ومنها الى مكة المكرمة لاداء فريضة الحج.
بعد ان اتم حجه قصد المدينة المنورة كي يتشرف بزيارة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهناك اجتمع مع عدد كبير من علماء المسلمين، وبعدالمدينة قصد كربلاء ولم يبق فيها كثيرا وعاد الى النجف، وفيها اجتمع معه جماعة من علمائها الذين اشاروا عليه بان يسافر الى الكويت، وكان ذلك برجاء من بعض رجال الشيعة ساكني الكويت، وذلك لخلوها ـ يومئذ ـ من رجال الدين الشيعة، فأجابهم الطلب وتوجه الى الكويت في عام 1327ه ـ 1908م.
وفي الكويت وعظ وأرشد وعلم علوم الدين حتى اصبح زعيما للشيعة وإماما للجماعة في مسجد المزيدي.
وعندما قامت الحرب العالمية الاولى في عام 1332ه ـ 1914م، ودخلت الدولة العثمانية غمار الحرب، غادر السيد محمد مهدي القزويني الكويت قاصدا البصرة كي يحث الأهالي على مواصلة الجهاد ضد القوات البريطانية، لكن بعد احتلال البريطانيين البصرة عاد السيد الى الكويت.
السور الثالث
واهم مرحلة من مراحل وجوده في الكويت، تكمن عندما زاره الشيخ سالم المبارك في الحسينية الجديدة (الخزعلية) قبل حرب الجهراء، وعرض عليه ما يجري في الساحة من احداث، فأبلغه السيد بأن ارض الكويت مكشوفة للأعداء ولابد من اقامة سور منيع وحصين يحفظ البلد ويصد الاعداء عن دخولها، وبهذا يكون السيد محمد مهدي القزويني هو صاحب فكرة بناء السور الثالث، وقد اشرف بنفسه على التخطيط لبناء السور، فالتقى الأهالي وشجعهم وشحذ هممهم وبعث فيهم الروح القتالية، وبأن هذا هو وطنهم الذي يجب عليهم ان يدافعوا عنه صونا لعزته وكرامته وحريته.
وبالفعل بوشر بالعمل، وكان ذلك في شهر رمضان 1338ه ـ 1919م وكان يجول بنفسه متفقدا اعمال البناء، ويوجه البنائين بملاحظاته حول العمل.
في معركة الجهراء
وعندما توجه الشيخ سالم المبارك الى الجهراء لقيادة الجيش، كان القزويني من بين المكلفين بالبقاء في البلاد والاهتمام بشؤونها اثناء وجوده في ارض المعركة في الجهراء، فقام يحث الناس على مواصلة القتال وحراسة المدينة، حيث كان يقوم بمشاركة الاهالي في اعمالهم كالحراسة عند السور وبعث الروح الوطنية، وإلقاء الخطب الحماسية ضد المعتدين، ولا يخفى ان آل الصباح كانوا يستشيرونه في الكثير من الامور ويآخذون برأيه، خصوصا ايام الحرب وكان الشيخ سالم المبارك عند خروجه الى الجهراء، قد عهد الى ابن اخيه الشيخ احمد الجابر ان يستشير رجال الدين والاعيان والتجار في حال الخطر والضرورة.. ومع اشتداد الحصار في القصر الاحمر استطاع اثنان من الفرسان هما مرزوق المتعب ومرشد الشمري ان يصلا الى مدينة الكويت ويخبرا الشيخ احمد الجابر ان الشيخ سالم يطلب النجدة والمؤونة والسلاح، وبوصولهما استدعى الشيخ احمد اهالي الكويت فهبوا متحمسين للأمر، فبلغ ذلك السيد محمد مهدي القزويني فذهب للقاء الشيخ احمد الجابر كي يخبره باستعداده لحمل السلاح والخروج الى الجهراء مع جماعته، فاجابه الشيخ احمد بانه يفضل ان يكون السيد وجماعته يعملون للمحافظة على مدينة الكويت وحراستها اذا ما هاجمنا العدو على حين غرة.. هذا الى جانب ان الشيخ احمد قال له ايضا 'يا سيد.. انك تعلم ان الاخوان يكفروننا ونحن على مذهب اهل السنة، واذا ما علموا بخروجكم الى قتالهم وانتم على مذهب الشيعة فسيزيد ذلك من الازمة وتتعقد وتتشدد..'.
فتم الاتفاق بينهما على ان تتولى جماعة السيد حراسة المدينة ويذهب الاخرون للقتال وكانت المجالس الدينية التي يعقدها السيد القزويني لا تخلو من المترددين لاستماع الوعظ والارشاد الديني، مع ذكر سيرة سيد الشهداء الامام الحسين (عليه السلام) وفاجعة مقتله.. وصادف ان احد الملتزمين بحضور مجلسه ويدعى الشيخ حسن التبريزي، وكان ملبسه ملبس رجال الدين، والحقيقة انه كان عينا لبريطانيا ينقل ما يقوله السيد ويقوم بنقل اخباره للحكومة البريطانية في البصرة، ويبدو انه نقل لأسياده ان السيد يشوش افكار اهل الكويت ضد بريطانيا، مما حدا الحاكم السياسي في البصرة ان يكتب للمعتمد البريطاني في الكويت يطلب منه توضيح الأمر، فقام المعتمد بسؤال الشيخ سالم المبارك عن ذلك، فرد عليه بتاريخ 12 فبراير 1918 انه يستبعد وقوع مثل هذا، لكن المعتمد طلب من الشيخ سالم ان يجتمع مع السيد القزويني، وفعلا اجتمع المعتمد مع السيد بحضور الشيخ سالم في قصر السيف، وتم اجراء التحقيق، فلم يثبت لديه ما يدينه فاعتذر إليه وأكرمه وكتب للحاكم السياسي في البصرة نافيا تلك التهم.
معرفة الطب
وكان السيد محمد مهدي القزويني يحتفظ بعلاقة طيبة وحميمة مع الشيخ سالم المبارك والشيخ احمد الجابر لأنهما عرفا هذا السيد خير المعرفة في السراء والضراء، واكتشفا معدنه الأصيل، وكانا يزورانه بين فترة وأخرى، ولطالما كان الشيخ سالم المبارك يردد هذه المقولة امام السيد بقوله: ان النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إذا رأيتم الملوك على ابواب العلماء.. فقولوا: نعم الملوك ونعم العلماء.
الى جانب ذلك، فإن المغفور له الشيخ عبدالله الجابر الصباح كان ممن عاصره، وكان يحدث اصحابه في مجالسه الخاصة عن سيرته الحسنة وتاريخه المشرف.
إضافة الى ذلك، فان السيد القزويني كان ملما وعارفا بالطب القديم، فقد برع في هذا المجال، وكانت له اليد الطولى في اكتشاف الادوية الشعبية والعقاقير لعلاج الكثير من الامراض المستعصية، وكان ينقل عن المغفور له الشيخ محمد الاحمد الجابر الصباح ان الشفاء كتب لي على يد السيد مهدي وذلك اثر داء ألم به لفترة فعجز الاطباء عن علاجه، وبلغ ذلك السيد، فأعد له دواء جهزه بنفسه، ولم تمض ايام معدودة حتى شافاه الله من مرضه وأعاد له صحته وعافيته.
في البصرة
وبعد ان اقام في الكويت لسبعة عشر عاما، اراد السيد محمد مهدي القزويني زيارة العتبات المقدسة في العراق في عام 1343ه - 1925م، فاغتنم اهل البصرة فرصة مروره بمدينتهم وطلبوا اليه ان يبقى عندهم، فلبى الطلب وسكن البصرة، وارسل الى الكويت اخاه السيد جواد القزويني.
وفي 8 ذي القعدة 1358 ه الموافق 19 ديسمبر 1940م لبى نداء ربه ووافاه الاجل عن ستة وسبعين عاما قضاها عالما عاملا مجاهدا، ونقل جثمانه من البصرة الى النجف ليوارى الثرى هناك، تاركا ما يقارب سبعين مصنفا في مختلف علوم الدين، وقد رثاه الاديب المرحوم الشيخ علي البازي مؤرخا عام وفاته قائلا:
بكى الدين الحنيف وناح شجوا
إماما عيلما علما منقب
وأثكلت المحافل مذ نعاه
له التاريخ نور المهدي غيب
256 +90 + 1012 = 1358 ه
اما اخوه السيد جواد، فقد اقام في الكويت اماما لجامع المزيدي وواعظا ومرشدا، وله اياد بيضاء وسيرة حسنة وتاريخ حافل حتى انتقل الى جوار ربه في الكويت في 2 ربيع الآخر 1369 ه الموافق 21 يناير 1950م.
وبعد وفاة الشيخ احمد الجابر في 10 ربيع الآخر 1369 ه الموافق 29 يناير 1950م، واستلام الشيخ عبدالله السالم زمام الحكم، سافر المرحوم يوسف شيرين بهبهاني الى البصرة واصطحب معه المرحوم السيد امير محمد نجل المرحوم السيد محمد مهدي القزويني كي يلتقي بالشيخ عبدالله السالم الذي استقبله احسن استقبال وثمن دور والده الكبير في تلك الظروف الصعبة والمهمة من تاريخ الكويت.
الهوامش
1 ـ تأسس مسجد المزيدي في عام 1310 ه ـ 1892 م، والسيد محمد مهدي القزويني هو ثاني إمام للمسجد بعد المرحوم الشيخ محمد المزيدي.
2 ـ مقابلة شخصية لكاتب المقال مع العم الحاج علي ملا محمد لطفي.
3 ـ حسين خلف الشيخ خزعل: تاريخ الكويت السياسي.
4 ـ الفارسان هما: مرزوق المتعب ومرشدالشمري.
5 ـ حسين خلف الشيخ خزعل: تاريخ الكويت السياسي.
6ـ المصدر ذاته.
7 ـ كتاب الغرر الحسينية والدرر الدينية للمرحوم السيد محمد مهدي القزويني، مقدمة الكتاب ترجمة للسيد بقلم نجله السيد أمير علي.
8 ـ الشيخ محمد الأحمد الجابر الصباح، ثاني انجال الشيخ أحمد الجابر من الذكور، اول وزير للدفاع بين يناير 1962 وديسمبر ،1964 توفي في 14 أبريل .1975
9 ـ المصدر رقم 7
10 ـ المصدررقم 2