المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تعدد الزوجات في أمريكا... والحرية الدينية



سياسى
12-01-2006, 11:05 AM
العم سام ينافس الحاج متولي! تعدد الزوجات في أمريكا


تقرير واشنطن - كارا بنتلي


في الوقت الذي تعاني العديد من المجتمعات العربية من ظاهرة تعدد الزوجات، نجد أن بعض رجال الدين المسيحي في الولايات المتحدة يرتبون مثل هذه الزيجات، لا بل يمارسونها بأنفسهم، ولو حتى عن طريق الإغتصاب.
فلقد ألقت السلطات الأمريكية على المدعو (وارن جيفس)، زعيم طائفة مسيحية انشقت عن طائفة المورمون، بعد أن رفضوا مبدأ تعدد الزوجات في ولايات كلورادو، ووجهت له تهمة ممارسة الجنس مع قاصرات، وتهمة الاغتصاب، وترتيب زيجات بين قاصرات ورجال عجائز يكبرونهن بعشرات السنين.

تعدد الزوجات في أمريكا... والحرية الدينية

يمكن تعريف تعدد الأزواج عموما بأنه الجمع بأكثر من زوج أو زوجة فى وقت واحد، ورغم وجود هذه الظاهرة فى تاريخ العديد من الثقافات، فإن تعدد الزوجات فى أمريكا اليوم ليس مجرد شيئ من الماضي، حيث ينتشر فى غرب أمريكا ما يقدر بنحو 20000 إلى 40000 من متعددى الزوجات معظمهم ينتمون إلى طائفة دينية تعرف باسم الكنيسة الأصولية للقديسين العصريين. وتأسست كنيسة المسيح الأصلية للقديسين العصريين فى عام 1830 على يد كاهن الكنيسة جوزيف سميث. وفى عام 1831 ادعى جوزيف سميث نزول الوحى عليه، ودعوته لممارسة تعدد الزوجات أو"الزواج السماوي"، وواصل جهوده لنشر هذه الممارسة فى الكنيسة والتى ظلت سرا حتى عام 1852. ورأت الكنيسة أن دستور الولايات المتحدة سوف يحمى هذه الممارسة بوصفها حرية دينية يمكن الدفاع عنها... ولكن لم يكن ذلك صحيحا.

ورغم أن ممارسة تعدد الزوجات داخل الكنيسة لم يتم الإعلان عنه حتى عام 1852، فإن اضطهاد المجتمع لأعضاء الكنيسة لا يمكن تحمله. وتم ارسال كثير من هؤلاء القديسين والمعروفين أيضا باسم "المورمونيون" إلى مناطق مختلفة بعيدا عن الاضطهاد. وبعد موت مؤسس الكنيسة جوزيف سميث، قاد القس بريجام يونج هجرة المورمونيون من عام 1846 إلى 1848 وراقب تأسيس ونمو الكنيسة فى ولاية يوتا. ومع الإفصاح عن ممارسة الكنيسة لتعدد الزوجات زاد الاضطهاد مما أدى إلى تدخل الحكومة الفيدرالية. وفى عام 1862 أصبح ممارسة تعدد الزوجات داخل أراضى الولايات المتحدة غير قانونى بموجب "قانون موريل" المناهض لتعدد الزوجات الصادر عن الكونغرس.

وزاد المدافعون عن تعدد الزوجات داخل الكنيسة من صعوبة العلاقات مع باقى الولايات المتحدة، وكانت ولاية يوتا في أمس الحاجة إلى الانضمام للإتحاد الأمريكي. واستغل المعارضون تعدد الزوجات فى تأجيل انضمام الولاية حتى عام 1896. وأخيرا ارتدت الكنيسة عن ممارسة تعدد الزوجات فى عام 1890، ومنذ ذلك الحين قررت الكنيسة أن تحرم كنسيا أى عضو ممن يمارسون تعدد الزوجات أو يدافعون عنه علنا. ورغم سياسة وقوانين الكنيسة ضد تعدد الزوجات، ما يزال تعدد الزوجات يمارس بين جماعات الأصوليين اليوم الذين نادرا ما ترفع دعاوى ضدهم رغم سهولة التعرف عليهم.

تعدد الزوجات فى أمريكا اليوم

وكما أشير من قبل، هناك ما يقدر بنحو 20000 إلى 40000 ممن يمارسون تعدد الزوجات فى الولايات المتحدة اليوم. وتوجد جماعات الأصوليين هذه فى مناطق متفرقة، ولكن أكثرية مستعمرات متعددى الزوجات تتركز فى غرب الولايات المتحدة وبالدرجة الأولى فى ولاية يوتا التي تكثر بها طائفة المورمون.

وقد حرمت الكنيسة تعدد الزواج منذ أكثر من قرن، إلا أن هذا لم يحول دون تكون الجماعات الرافضة لهذا التحريم في ولاية يوتا والولايات المجاورة. ورغم عدم انتماء بعض أعضاء هذه الجماعات للديانة المورمونية، فإنهم ينادون أنفسهم بالأصوليين المرمونيين. ويحصل الرجال فى هذه الجماعات على تراخيص الزواج للزوجة الأولى فقط مما يجعل مقاضاة متعددى الزوجات أمرا صعبا، أما الزيجات اللاحقة فتتم سرا ونادرا ما تتحدث الزوجة الثانية عن زواجها حيث تقدم نفسها للمجتمع على أنها امرأة غير متزوجة.

وإلى وقت قريب كانت ولاية يوتا تتخذ موقفا شديد التسامح تجاه تعدد الزوجات حيث يتغاضى القضاه عنه ويتبعون سياسة عدم التدخل مما زاد من متعددى الزوجات. إلا أنه فى مايو 2006 حكمت محكمة ولاية يوتا العليا في قضية جديدة ضد تحريم الظاهرة بمنع تعدد الزوجات، كما بدأ موظفى تنفيذ القوانبن بولاية يوتا باتخاذ إجراءات أشد حزما ضد الجماعات التى تمارس تعدد الزوجات. وكان زعيم كنيسة المسيح الأصولية للقديسين العصريين وارين ستيد جيفس قد تم إدراج اسمه فى قائمة العشرة المطلوبين من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالى FBI في مايو 2006. وكان مطلوب القبض علية لقيامه بعدم المثول أما السلطات لتفادى اتخاذ الإجراءات القانونية ضده، وتم القبض عليه لاحقا فى نيفادا فى 28 أغسطس 2006 واتهم بالتهرب من الشرطة وإقامة علاقات جنسية مع قاصر.

الإعلام الأمريكي وتعدد الزوجات

في مارس 2006 أعدت المذيعة كيمبرلى تروبى تقريرا عن تعدد الزوجات كما أجرت مقابلة مع المحامى الوطنى للدفاع عن تعدد الزوجات ومؤسس منظمة تعدد الأزواج المسيحية مارك هنكل، وسألته عن رأيه في إيجابيات تعدد الزوجات. بدأ هنكل بالحديث تفصيلا عن المنظمة قائلا" أولا نحن مسيحيون" نحن ندرس الإنجيل ونرى أن هناك تعارض كبير بين ما قاله الزعماء وما يقوله الإنجيل صراحة عن الزواج. شعارنا الصليب. نحن ندعم الأفراد والقساوسة الذين يدركون أن الإنجيل لا يدعم الاختراع الكاثوليكى"رجل واحد وامرأة واحدة" كمبدأ.

ثم سألت تروبى عن رأيه فى التأثير الإيجابى لتعدد الزوجات على المجتمع ككل. يقول هنكل أن تعدد الزوجات هو الحل الأمثل لكثير من المشاكل التى تواجه مجتمعنا اليوم مثل مشكلة تزايد عدد الأمهات غير المتزوجات فى أمريكا، ويرى أن الحل هو إلحاق هؤلاء الأمهات بعائلات متعددى الزوجات للعناية بهم وبأطفالهم. ويستمر قائلا هل سمعت العبارة التى تقول بأن كل الرجال الصالحين لم يبقى منهم أحد؟ إنها عبارة شائعة فهناك ندرة فى الرجال الصالحين ونحن بصدد الرجال الصالحين الذين يرعون ويشجعون النساء ليحققن ما يتمنون لأنفسهن. بعض النساء يفضلن البقاء بالمنزل مع الأبناء والبعض يفضلن العمل. إنها مسألة اختياروتعدد الزوجات يوفر هذا الخيار كما يعطى الحافز للرجال على النضوج والرعاية بدلا من ثقافة" الذكور الصامتون" واًلصبية الذين يعانون من فوبيا الزواج و"الآباء الأطفال"، ويجعلهم قادرين على جذب ورعاية ومساعدة أكثر من امرأة واحدة.

وفى المقابل، فى برنامج أوبرا ونفيرى في خريف 2003 ظهرت ثلاث نساء من ضحايا تعدد الزوجات يحكين تجاربهن عن العيش وسط مجتمعات تعدد الأزواج. بينى شابة هربت من كولورادو سيتى وهى فى سن الرابعة عشر حتى تتفادى الزواج من رجل عمره 48. وتقول أن الرجال متعددى الزوجات يتحرشون بالأطفال. وتقول أن تعدد الزوجات موجود على الرغم من أنه غير قانونى، لماذا؟ إنه موضوح محرم. إنه قنبلة سياسية لا أحد يريد أن يقترب منها.

امرأة أخرى تدعى لينور فى الأربعين من عمرها ولديها أربعة عشر طفلا، أجبرت كمراهقة على الدخول فى علاقة تعددية زوجية برجل، وزوجاته الأخريات. وتقول إن تعدد الزوجات يؤذى المرأة ويسهل التحرش بالأطفال. هى الآن تنتمى لجماعة تعمل على إنقاذ الفتيات الصغار من مثل هذه الزيجات، وترى أوبرا أن تزويج فتاه فى الرابعة عشرة من عمرها يعتبر تحرش.

أما الفتاة لوان فقد تم إنقاذها من الزواج من متعددى الزوجات، وهى في سن العشرين وكانت قبل خمس سنوات قد أجبرت على الزواج من ابن عمها لتكون الزوجة الرابعة. أنجبت منه طفلان وتقول أن مجتمعها كان يرى أن سفاح القربى ضروريا للحفاظ على نقاء السلالة لأنهم يعتقدون أنهم ينحدرون من سلالة المسيح. وتقول لوان أنها حين تزوجت شعرت أن حياتى قد انتهت وشعرت أننى قد سرقت من طفولتى حيث طلب منى أن أكون أما بأسرع ما يمكن.
هذه النماذج مجرد أمثلة على الجوانب السيئة لتعدد الزوجات ، فما زال هناك عدد مهول من الأسر فى الولايات المتحدة تجبر فيها الفتيات الصغار على الزواج من رجال يكبروهن بكثير وفى معظم الأحيان من متعددى الزوجات. وغالبا ما تكن الفتيات فى سن الرابعة عشرة فى وقت الزواج وينتظر أن ينجبن العشرات.

هذا هو أسلوب حياة كثير من هذه الطوائف الدينية السرية وعلى من يريد أن يتركهم الهرب.

"الحب الكبير" هو اسم مسرحية جديدة عرضت لأول مرة قى مارس 2006 ، وتحكى عن أسرة متعدد الزوجات. الزوج يكافح لتلبية احتياجات زوجاته وأطفالهم السبع. وتناولت التغطية الإخبارية لقناة سى.بى. إس CBS القضايا التي ظهرت نتيجة للبرنامج التليفزيونى الجديد المثير للجدل. وكانت الكنيسة قلقة من أن تؤدى السلسلة إلى انتاج أنماط ثابتة بينما يرى الآخرون أن النتاج أكثلر إيجابية كانخفاض معدلات جرائم الإساءة للأطفال. ويرى متعددى الزوجات أن العرض لن يمثل أبدا الحقيقة المملة لحياتهم.

حينما تم بث العرض أخيرا كان لبول ميرو بعض التعليقات على الموضوع. لقد انتقد السلسلة الجديدة نقدا شديدا لأنها تقدم صورة غير دقيقة عن الحقائق القاسية لتعد الزوجات د. لقد أخطأت هوليود لأن متعددى الزوجات ليسوا صالحين لهذه الدرجة، وإذا كانوا كذلك لكان قد أجيزتعدد الأزواج منذ عدة سنوات. إن تعدد الزوجات الحديث ليس جميلا بل كئيب وخانق، إنه يخرج الروح من الناس، إنه يؤدى إلى سفاح القربى والتراخى والجهل ويلزم بالأشغال الشاقة. إنه يجعل الاتحاد السوفيتى القديم يبدو كالجنة!.

إن فصائل تعدد الزوجات فى غرب الولايات المتحدة تواصل الانتشاروتناضل القوانين المناهضة لتعدد الزوجات من أجل أن تنفذ. وتتفاوت آراء الشعب الأمريكى بشأن هذه القضية المثيرة للجدل. البعض يرى تعدد الزوجات حل لمشاكل مثل "مأساة المرأة غير المتزوجة"، بينما يرى البعض اللآخر أن الناس فى هذه الطوائف الدينية السرية يعيشون حياة العبودية والحيلة والخداع.

المصدر: تقرير واشنطن