المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كينيدي والجميّل ... عائلتان تلاحقهما «لعنة» واحدة!



بهلول
11-30-2006, 12:43 AM
بيروت - باسم البكور

الحياة - 29/11/06//

فيما كان مؤسس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب والوزير السابق بيار الجميّل (الجد) يحتفل مع عائلته وأصدقائه بالذكرى العشرين لاستقلال لبنان، مساء 22 تشرين الثاني (نوفمبر) 1963، كان لي هارفي أوزوالد يصوّب نيران بندقيته الى قلب الرئيس الأميركي جون كينيدي في مدينة دالاس (ولاية تكساس) الأميركية، ويضغط على الزناد ... ليخرّ كينيدي مضرجاً بدمائه، في حادثة الاغتيال الأولى التي تصوّرها كاميرات التلفزيون.

بعد 43 سنة على ذلك اليوم التاريخي، وفيما كان الرئيس اللبناني السابق أمين الجميّل يستعيد ذكريات والده الراحل والحزب عشية الذكرى الـ 63 للاستقلال الأول، وهو أحد رجالات الاستقلال الثاني للبنان (2005)، كان أحدهم يصوّب نيران مسدسه المزود بكاتم للصوت الى قلب نجله البكر النائب والوزير بيار الجميّل، حفيد بيار الأول.

أكثر من مفارقة تجمع بين الحدثين لدى العائلتين: الجميّل اللبنانية وكينيدي الأميركية.

وإذا كان أكثر الرؤساء الأميركيين شباباً وإثارة للجدل لم يُمتّع بالرئاسة، فإن «شيخ شباب» آل الجميل لم يُمتع بالشباب. الأول قتل وهو في عزّ شعبيته التي لم يعرفها رئيس أميركي قبله أو بعده، والثاني اغتيل وهو في عزّ اندفاعه وحماسته وعطائه وطموحه، بعدما جمع في شخصه دهاء جده بيار وصلابة والده أمين وأسلوب عمّه بشير في مخاطبة الأنصار.

ومثلما كان جون أول رئيس تقدمه عائلة كينيدي الديموقراطية للولايات المتحدة، فقتل قبل ان يهنأ بولايته الرئاسية الأولى، كذلك كان بشير أول رئيس لبناني يخرج من عائلة الجميّل التي دفعت غالياً ثمن مواقفها وخياراتها السياسية، فاغتيل في 14 أيلول (سبتمبر) 1982، قبل احتفائه بتسلّم مقاليد الحكم في البلاد بعد 21 يوماً فقط على انتخابه رئيساً للجمهورية، وهو في الرابع والثلاثين من عمره.

تبدو أقدار آل الجميّل في بلاد الأرز قريبة الشبه من أقدار عائلة كينيدي في بلاد العم سام.

وإذا كانت «لعنة كينيدي» أثارت حيرة الأميركيين في تفسير ظاهرة تعرّض العائلة السياسية الأشهر في الولايات المتحدة لخسائر عدة في أرواح أبرز وجوهها، فإن كثيرين من اللبنانيين باتوا يخشون من إمكان إصابة العائلة المسيحية الأكثر عراقة في العمل السياسي في لبنان بـ «لعنة كينيدي». وهذه الخشية مشروعة –ربما- وواقعية، لأن كلا العائلتين أصيبتا في الصميم، إما عن طريق القتل المتعمد (الاغتيال) أو العَرَضي، مرات متتالية… الى درجة تحولها ظاهرة تلاحق أفراد العائلة جيلاً بعد آخر. ولعل سرد تاريخ العائلتين باختصار، يعزّز تلك الفرضية في نظر كثيرين.

فقبل اغتيال كينيدي، الرئيس الـ 35 للولايات المتحدة، وهو في السادسة والأربعين من عمره، قتل شقيقه جوزيف (مرشح العائلة الأول للرئاسة الأميركية) ابن الـ 29 في حادث تحطم طائرة عام 1944. وفي العام 1948 قتلت شقيقته كاثلين في حادث تحطم طائرة مماثل، وهي في ربيعها الـ 28. وفي العام 1968، اغتيل شقيقه الآخر روبرت (42 سنة) وهو في عز استعداده لخوض معركة الرئاسة الأميركية. ثم كانت آخر نكبات العائلة عام 1999، عندما قتل جون كينيدي جونيور (ابن الرئيس المقتول نفسه) وزوجته إثر سقوط طائرته الخاصة فوق المحيط الأطلسي، عن 38 عاماً، في حادث مازال كثيرون من الأميركيين يعتبرونه «مدبّراً».

أما في لبنان، فكانت أولى الفواجع التي منيت بها عائلة الجميّل عندما قتل الشاب أمين الأسود، حفيد بيار الجميل (الجد) لابنته ماديس في الحرب اللبنانية عام 1976. وبعدها بثلاث سنوات نجا الجد نفسه من محاولة اغتيال بعبوة ناسفة فجّرت لاسلكياً لدى مروره على مفرق بلدة عجلتون في منطقة كسروان، فأصيب بجروح في رأسه. وفي العام نفسه (1979) نجا نجله أمين من محاولة مماثلة على طريق بلدة العائلة: بكفيا. وفي مطلع العام التالي، تعرّض ابنه الثاني بشير، قائد «القوات اللبنانية»، لمحاولة اغتيال بسيارة مفخخة قتلت فيها ابنته الطفلة مايا ابنة الـ 18 شهراً، قبل أكثر من سنتين على اغتيال رئيس الجمهورية بشير الجميّل بعبوة ناسفة خلال ترؤسه اجتماعاً في مقر حزب «الكتائب» في العاصمة بيروت، لينتخب شقيقه أمين خلفاً له في سدة الرئاسة. ولم يحل ذلك دون تعرض الرئيس الجديد ووالده لمحاولات اغتيال فاشلة. ثم مرت سنوات طويلة قبل ان تصاب العائلة المنكوبة في صميمها مرة أخرى باستهداف ابنها الشاب بيار الجميّل الحفيد، وهو في الـ 34، أي في السن ذاتها التي قتل فيها عمه بشير.

كينيدي والجميّل عائلتان من طينتين مختلفتين، لكن أقدارهما متشابهة.