المهدى
10-19-2003, 08:36 AM
ضابط احتياط إسرائيلي سيبادله «حزب الله» كان صديقا لفلسطيني «استدرجه» للأسر في لبنان
قيس عبيد كان يعرف الحنان تننباوم وشقيقه يحدّث «الشرق الأوسط» عن ملابسات خطفه وإمكانية محاكمته في إسرائيل بعد إطلاق سراحه
لندن: كمال قبيسي
الحلقة المفقودة في عملية خطف غامضة قام بها «حزب الله» اللبناني في أكتوبر (تشرين الأول) العام 2000 وأدت الى اسر ضابط الاحتياط الاسرائيلي، الحنان تننباوم، المتوقع الافراج عنه بعد أيام ضمن صفقة تبادل أسرى مع اسرائيل، هو الفلسطيني قيس عبيد، الذي أتم منذ أيام 30 سنة من العمر «وهو مجهول مكان الاقامة، لأننا لم نره منذ 3 أعوام» وفق ما قاله شقيقه لـ«الشرق الأوسط» أمس من حيث يقيم في شمال اسرائيل.
وروى كامل عبيد الكثير عن شقيقه قيس وعن ملابسات رحيله المفاجئ من بلدة الطيبة، ونفى معظم تفاصيل الرواية الاسرائيلية حول دوره في «اصطياد» ضابط الاحتياط وتسليمه الى حزب الله.
وفي الرواية أن قيس عبيد يقيم الآن في فيللا بلبنان «حيث أصبح الذراع اليمنى لأمين عام حزب الله، حسن نصر الله» كما تزعم اسرائيل، التي تروي أنه استدرج تننباوم الى أوروبا بعد أن أغراه بصفقة تجارية، ومن هناك سافرا معا الى أبو ظبي، ثم الى لبنان، حيث «باعه» لحزب الله بمبلغ 150 ألف دولار، لذلك أرادت اسرائيل الضغط عليه ليسلم نفسه لأجهزتها الأمنية، فمارست سلسلة اعتقالات بعد أشهر من عملية الخطف بحق أفراد أسرته، المقيمين في الطيبة بالجليل الأعلى، حيث معظم عرب اسرائيل، لعل وعسى يكشفون لها على الأقل عن مكان وجوده ذلك الوقت.
فعلت اسرائيل ذلك، لأن أجهزتها الأمنية كانت، وما تزال، تؤكد أن عبيد هو الذي استدرج تننباوم، 55 سنة الآن، برغم أنها كانت قد حذرت مواطنيها من الوقوع في «حبائل حزب الله» الذي أسس «وحدة خطف» خاصة، للاستدراج والخطف في لبنان، ثم مبادلة ما «تصطاده» بأسرى لبنانيين وعرب معتقلين لدى اسرائيل، كالصفقة التي يقومون بها الآن بواسطة ألمانيا، وشارفت على الانتهاء بسفر رئيس طاقم المفاوضات الاسرائيلي، اللواء احتياط إيلان بيران، الى برلين أمس حيث يعقد اليوم اجتماعا حاسما مع الوسيط الألماني، أرنست أورلاو، للاتفاق على آخر البنود، ومنها قيام حزب الله بتزويد تل أبيب بأسماء أسرى لبنانيين وعرب يرغب في أن تفرج عنهم اسرائيل لقاء افراجه عن تننباوم وجثث 3 جنود أسرتهم «وحدة الخطف» بأواخر العام 2000 على الحدود مع لبنان، وهم العقيد آدي أفيتان والجنديان بني ابراهام وعمر سويّد. وكانت تل أبيب قد اتهمت الحزب قبل 3 سنوات بوضع خطة استدراجات، سلاحها عرب 48 في اسرائيل، كقيس حسن عبيد، الذي تزعم أنه مر بضائقة مالية من تجارته بالذهب في الطيبة، فغادرها بأواسط العام 2000 لينضم الى الحزب الذي وضعه في نقطة على الحدود مع اسرائيل، كما الصياد المتربص بالطرائد، بوصفه يجيد العبرية، وهناك كانت وظيفته أن «يدردش» مع اسرائيليين يصلون كفضوليين أو للنزهة، فيقيم معهم علاقات ويبدأ باستدراجهم للعودة ثانية، ومن بعدها كان يحاول اغراءهم بالمال وسواه لكي يعبروا الحدود الى حيث المغريات المتنوعة في لبنان، لكنه لم يوقع بالفخ أحدا على الاطلاق.
لذلك «طور» الخطة، فقام يحصل على أرقام هواتف لاسرائيليين ويتصل بهم لاغرائهم بالسفر الى الخارج، من دون الافصاح عن هدفه تماما، فما اصطاد أحدا منهم بهذه الوسيلة أيضا.
من بعدها عاد الى الطيبة، وفق مزاعم اسرائيل، وفيها رتب عملية تجارية ما مع تننباوم في أوروبا، فغادر قيس الى ألمانيا حيث يقيم شقيق له هناك، ثم غادرها بعد يومين، في حين كان تننباوم قد سافر الى بلجيكا، وفيها اختفى له كل أثر، الى حين أعلن حزب الله اللبناني عن اعتقاله في بيروت بعد أيام. الا أن الرواية الاسرائيلية تقول إن الرجلين سافرا معا بجوازين مزورين الى الامارات، وهناك اجتمعا الى عدد من اللبنانيين لاتمام صفقة تجارية غامضة، قد تكون مشتملة على تهريب المخدرات، وان اللبنانيين هددوا في احدى اللحظات بالتخلي عن الصفقة إن لم يتم ترتيبها على الأرض في بيروت، فما وجد تننباوم حلا الا بالسفر الى لبنان، وهناك وقع في فخ حزب الله ووحدته الخاصة.
ولأن رئيس الوزراء الاسرائيلي، ارييل شارون، قال قبل ايام إن تننباوم قد يحتجز في اسرائيل ليحاكم فيها عن بعض ذيول سفره الى الامارات ولبنان، كما وبتهمة ارتباطه بنوع من العلاقات المريبة مع قيس عبيد، لذلك قامت كيرن تننباوم، وهي ابنة ضابط الاحتياط الأسير لدى حزب الله، بالطلب من القضاء عبر محاميها باستصدار أمر ألزم الصحف الاسرائيلية بعدم نشر أي معلومات عن عملية أسر والدها «خشية أن يسبب ذلك عرقلة عملية اطلاق سراحه المرتقبة». لذلك اتصلت «الشرق الأوسط» بشقيق قيس عبيد في بلدة الطيبة، لعله يروي الممنوع على صحف اسرائيل أن ترويه. ومن هاتف بيته في البلدة، التي يعمل فيها بتجارة الأدوات المنزلية، روى كامل عبيد إن تننباوم كان يعرف شقيقه قيس، المالك ذلك الوقت محلا للصرافة وبيع المجوهرات والذهب في البلدة. وذكر أيضا أن والده، حسن عبيد، كان أيضا صديقا لتننباوم منذ بداية الثمانينات «والسبب في تلك الصداقة أن والدي احتاج لعلبة حليب مجفف للأطفال من نوع معيّن، ولأن تننباوم يتاجر بالأدوية وعلب الحليب، فقد أمنها له، وصارت بينهما صداقة، انتقلت في ما بعد لتصبح تجارية بين أخي قيس وتننباوم» كما قال.
وعائلة عبيد شهيرة في الطيبة وبين عرب 48 في اسرائيل، فجده كان دياب عبيد، النائب بين 1961 و1973 عن «القائمة العربية» بالكنيست الاسرائيلي، ووالده حسن كان قبل وفاته في 1994 نائبا لرئيس بلدية البلدة طوال الثمانينات. وله شقيق شهير عالميا، هو الدكتور أيمن المتزوج من فلسطينية له منها ابنتان، ويتولى بمدينة هانوفر الألمانية منصب رئيس قسم الجراحة وزراعة الكلى والكبد والرئة بمستشفى معروف دوليا هناك.
ويقول كامل عن شقيقه قيس إنه كان على صلة بالرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وتجمعهما صورة كانت على جدار بيته في البلدة، لكنه لم يمر بأي ضائقة مالية كما تزعم اسرائيل «فوضعه كان جيدا. أما عن اختفائه في أكتوبر (تشرين الأول) العام 2000 فيعود سببه الى أن اسرائيل قالت وقتها إنه وراء استدراج تننباوم، ولأنه كان في الخارج ذلك الوقت، فقد خشي أن يعود، ومن بعدها بشهر رحلت زوجته وطفلتاه عن البلدة أيضا، ولا ندري منذ ذلك الحين أين يقيمون حقيقة» على حد تعبيره.
وذكر كامل، 41 سنة، أن أجهزة الأمن الاسرائيلية اعتقلته 4 مرات، وكذلك اعتقلت شقيقه أكرم، الذي كان مديرا لفرع «بنك العمال» في الطيبة، ومعهما اعتقلت شقيقته منى، وهي مديرة مدرسة عربية في البلدة، وكذلك ابن عم له «اعتقلونا ومروا بنا على عدد من السجون استجوبونا فيها كل مرة طوال أشهر، وكله للضغط على قيس بهدف أن يعود ويسلم نفسه.. ولكن كيف يسلم الانسان نفسه عن جرم لم يفعله»؟
وقال كامل إن شقيقه أكرم «تفاهم» مع ادارة البنك بعد أن مارسوا عليه ضغوطات يومية، فخرج من عمله وراح يهتم بمحل المجوهرات والصرافة الذي كان لأخيه قيس في البلدة. أما شقيقته منى فأوقفوها عن عملها كمديرة للمدرسة، مع استمرارها بتسلم راتبها كل شهر «بذريعة أن بقاءها في المدرسة يشكل خطرا على الطلاب» وفق ما نقل كامل عن ألسنة المحققين الاسرائيليين، ممن أدت تأكيداتهم أن شقيقه كان وراء استدراج تننباوم الى سحب الجنسية الاسرائيلية عنه قبل عامين.
ويعترف كامل عبيد بأن شقيقه قيس دخل السجون الاسرائيلية في 1996 لعام كامل بسبب اتهامه بتهريب أسلحة الى الفلسطينيين، وأن علاقة ما كانت تربطه بالرئيس الفلسطيني ياسر عرفات «لكنها كانت من بعيد، وسطحية». ويذكر أن قيس كان شابا طموحا ويسعى لتحسين تجارته، فيسافر الى الخارج كثيرا «ولكنه لم يعمل بتهريب المخدرات ولا مرة في حياته. ولا أدري أيضا اذا كان تننباوم يتاجر بها» كما قال.
وروى كامل أنه كان يرى تننباوم مع أخيه قيس في الطيبة وغيرها أحيانا، وكان يراه أيضا مع والده الراحل «الا أنه لم يقم بزيارتنا في البيت أبدا». ونفى أن يكون قيس قد أقام في لندن أو الولايات المتحدة في السابق، وقال: «كل هذا هراء فدائما كان مقيما في الطيبة، الى أن فر خشية اعتقاله في اسرائيل بتهمة ليس له فيها لا ناقة ولا جمل».
واعترف كامل أيضا بأن بعض الناس يخبرون والدته عن أحوال أخيه قيس، بأنه بخير مع زوجته وابنتيه في بلد بالخارج «لكن أحدا منهم لا يؤكد لنا أين هم تماما الآن» كما قال. وذكر أنه رأى قيس آخر مرة قبل 3 سنوات في الطيبة «كان ذلك بأواخر سبتمبر (أيلول) العام 2000، وكانت عندنا زوجة أخي أيمن، المقيم في ألمانيا، وكانت حاملا بشهرها الثامن، ولم ترغب في أن تعود الى هانوفر بمفردها ومعها ابنتاها الوحيدتان، فسافر معها قيس، وهناك بقي عند أيمن يوما أو يومين ثم غادر.. بعدها بأسبوعين سافر تننباوم الى بروكسل، ولا أدري اذا اجتمعا معا هناك، ولكننا لم نعد نرى أخي قيس، فيما أصدر حزب الله اعلانا قال فيه أنه أسر تننباوم، واتهمه بأنه عميل للموساد جاء الى لبنان ليتجسس» .
قيس عبيد كان يعرف الحنان تننباوم وشقيقه يحدّث «الشرق الأوسط» عن ملابسات خطفه وإمكانية محاكمته في إسرائيل بعد إطلاق سراحه
لندن: كمال قبيسي
الحلقة المفقودة في عملية خطف غامضة قام بها «حزب الله» اللبناني في أكتوبر (تشرين الأول) العام 2000 وأدت الى اسر ضابط الاحتياط الاسرائيلي، الحنان تننباوم، المتوقع الافراج عنه بعد أيام ضمن صفقة تبادل أسرى مع اسرائيل، هو الفلسطيني قيس عبيد، الذي أتم منذ أيام 30 سنة من العمر «وهو مجهول مكان الاقامة، لأننا لم نره منذ 3 أعوام» وفق ما قاله شقيقه لـ«الشرق الأوسط» أمس من حيث يقيم في شمال اسرائيل.
وروى كامل عبيد الكثير عن شقيقه قيس وعن ملابسات رحيله المفاجئ من بلدة الطيبة، ونفى معظم تفاصيل الرواية الاسرائيلية حول دوره في «اصطياد» ضابط الاحتياط وتسليمه الى حزب الله.
وفي الرواية أن قيس عبيد يقيم الآن في فيللا بلبنان «حيث أصبح الذراع اليمنى لأمين عام حزب الله، حسن نصر الله» كما تزعم اسرائيل، التي تروي أنه استدرج تننباوم الى أوروبا بعد أن أغراه بصفقة تجارية، ومن هناك سافرا معا الى أبو ظبي، ثم الى لبنان، حيث «باعه» لحزب الله بمبلغ 150 ألف دولار، لذلك أرادت اسرائيل الضغط عليه ليسلم نفسه لأجهزتها الأمنية، فمارست سلسلة اعتقالات بعد أشهر من عملية الخطف بحق أفراد أسرته، المقيمين في الطيبة بالجليل الأعلى، حيث معظم عرب اسرائيل، لعل وعسى يكشفون لها على الأقل عن مكان وجوده ذلك الوقت.
فعلت اسرائيل ذلك، لأن أجهزتها الأمنية كانت، وما تزال، تؤكد أن عبيد هو الذي استدرج تننباوم، 55 سنة الآن، برغم أنها كانت قد حذرت مواطنيها من الوقوع في «حبائل حزب الله» الذي أسس «وحدة خطف» خاصة، للاستدراج والخطف في لبنان، ثم مبادلة ما «تصطاده» بأسرى لبنانيين وعرب معتقلين لدى اسرائيل، كالصفقة التي يقومون بها الآن بواسطة ألمانيا، وشارفت على الانتهاء بسفر رئيس طاقم المفاوضات الاسرائيلي، اللواء احتياط إيلان بيران، الى برلين أمس حيث يعقد اليوم اجتماعا حاسما مع الوسيط الألماني، أرنست أورلاو، للاتفاق على آخر البنود، ومنها قيام حزب الله بتزويد تل أبيب بأسماء أسرى لبنانيين وعرب يرغب في أن تفرج عنهم اسرائيل لقاء افراجه عن تننباوم وجثث 3 جنود أسرتهم «وحدة الخطف» بأواخر العام 2000 على الحدود مع لبنان، وهم العقيد آدي أفيتان والجنديان بني ابراهام وعمر سويّد. وكانت تل أبيب قد اتهمت الحزب قبل 3 سنوات بوضع خطة استدراجات، سلاحها عرب 48 في اسرائيل، كقيس حسن عبيد، الذي تزعم أنه مر بضائقة مالية من تجارته بالذهب في الطيبة، فغادرها بأواسط العام 2000 لينضم الى الحزب الذي وضعه في نقطة على الحدود مع اسرائيل، كما الصياد المتربص بالطرائد، بوصفه يجيد العبرية، وهناك كانت وظيفته أن «يدردش» مع اسرائيليين يصلون كفضوليين أو للنزهة، فيقيم معهم علاقات ويبدأ باستدراجهم للعودة ثانية، ومن بعدها كان يحاول اغراءهم بالمال وسواه لكي يعبروا الحدود الى حيث المغريات المتنوعة في لبنان، لكنه لم يوقع بالفخ أحدا على الاطلاق.
لذلك «طور» الخطة، فقام يحصل على أرقام هواتف لاسرائيليين ويتصل بهم لاغرائهم بالسفر الى الخارج، من دون الافصاح عن هدفه تماما، فما اصطاد أحدا منهم بهذه الوسيلة أيضا.
من بعدها عاد الى الطيبة، وفق مزاعم اسرائيل، وفيها رتب عملية تجارية ما مع تننباوم في أوروبا، فغادر قيس الى ألمانيا حيث يقيم شقيق له هناك، ثم غادرها بعد يومين، في حين كان تننباوم قد سافر الى بلجيكا، وفيها اختفى له كل أثر، الى حين أعلن حزب الله اللبناني عن اعتقاله في بيروت بعد أيام. الا أن الرواية الاسرائيلية تقول إن الرجلين سافرا معا بجوازين مزورين الى الامارات، وهناك اجتمعا الى عدد من اللبنانيين لاتمام صفقة تجارية غامضة، قد تكون مشتملة على تهريب المخدرات، وان اللبنانيين هددوا في احدى اللحظات بالتخلي عن الصفقة إن لم يتم ترتيبها على الأرض في بيروت، فما وجد تننباوم حلا الا بالسفر الى لبنان، وهناك وقع في فخ حزب الله ووحدته الخاصة.
ولأن رئيس الوزراء الاسرائيلي، ارييل شارون، قال قبل ايام إن تننباوم قد يحتجز في اسرائيل ليحاكم فيها عن بعض ذيول سفره الى الامارات ولبنان، كما وبتهمة ارتباطه بنوع من العلاقات المريبة مع قيس عبيد، لذلك قامت كيرن تننباوم، وهي ابنة ضابط الاحتياط الأسير لدى حزب الله، بالطلب من القضاء عبر محاميها باستصدار أمر ألزم الصحف الاسرائيلية بعدم نشر أي معلومات عن عملية أسر والدها «خشية أن يسبب ذلك عرقلة عملية اطلاق سراحه المرتقبة». لذلك اتصلت «الشرق الأوسط» بشقيق قيس عبيد في بلدة الطيبة، لعله يروي الممنوع على صحف اسرائيل أن ترويه. ومن هاتف بيته في البلدة، التي يعمل فيها بتجارة الأدوات المنزلية، روى كامل عبيد إن تننباوم كان يعرف شقيقه قيس، المالك ذلك الوقت محلا للصرافة وبيع المجوهرات والذهب في البلدة. وذكر أيضا أن والده، حسن عبيد، كان أيضا صديقا لتننباوم منذ بداية الثمانينات «والسبب في تلك الصداقة أن والدي احتاج لعلبة حليب مجفف للأطفال من نوع معيّن، ولأن تننباوم يتاجر بالأدوية وعلب الحليب، فقد أمنها له، وصارت بينهما صداقة، انتقلت في ما بعد لتصبح تجارية بين أخي قيس وتننباوم» كما قال.
وعائلة عبيد شهيرة في الطيبة وبين عرب 48 في اسرائيل، فجده كان دياب عبيد، النائب بين 1961 و1973 عن «القائمة العربية» بالكنيست الاسرائيلي، ووالده حسن كان قبل وفاته في 1994 نائبا لرئيس بلدية البلدة طوال الثمانينات. وله شقيق شهير عالميا، هو الدكتور أيمن المتزوج من فلسطينية له منها ابنتان، ويتولى بمدينة هانوفر الألمانية منصب رئيس قسم الجراحة وزراعة الكلى والكبد والرئة بمستشفى معروف دوليا هناك.
ويقول كامل عن شقيقه قيس إنه كان على صلة بالرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وتجمعهما صورة كانت على جدار بيته في البلدة، لكنه لم يمر بأي ضائقة مالية كما تزعم اسرائيل «فوضعه كان جيدا. أما عن اختفائه في أكتوبر (تشرين الأول) العام 2000 فيعود سببه الى أن اسرائيل قالت وقتها إنه وراء استدراج تننباوم، ولأنه كان في الخارج ذلك الوقت، فقد خشي أن يعود، ومن بعدها بشهر رحلت زوجته وطفلتاه عن البلدة أيضا، ولا ندري منذ ذلك الحين أين يقيمون حقيقة» على حد تعبيره.
وذكر كامل، 41 سنة، أن أجهزة الأمن الاسرائيلية اعتقلته 4 مرات، وكذلك اعتقلت شقيقه أكرم، الذي كان مديرا لفرع «بنك العمال» في الطيبة، ومعهما اعتقلت شقيقته منى، وهي مديرة مدرسة عربية في البلدة، وكذلك ابن عم له «اعتقلونا ومروا بنا على عدد من السجون استجوبونا فيها كل مرة طوال أشهر، وكله للضغط على قيس بهدف أن يعود ويسلم نفسه.. ولكن كيف يسلم الانسان نفسه عن جرم لم يفعله»؟
وقال كامل إن شقيقه أكرم «تفاهم» مع ادارة البنك بعد أن مارسوا عليه ضغوطات يومية، فخرج من عمله وراح يهتم بمحل المجوهرات والصرافة الذي كان لأخيه قيس في البلدة. أما شقيقته منى فأوقفوها عن عملها كمديرة للمدرسة، مع استمرارها بتسلم راتبها كل شهر «بذريعة أن بقاءها في المدرسة يشكل خطرا على الطلاب» وفق ما نقل كامل عن ألسنة المحققين الاسرائيليين، ممن أدت تأكيداتهم أن شقيقه كان وراء استدراج تننباوم الى سحب الجنسية الاسرائيلية عنه قبل عامين.
ويعترف كامل عبيد بأن شقيقه قيس دخل السجون الاسرائيلية في 1996 لعام كامل بسبب اتهامه بتهريب أسلحة الى الفلسطينيين، وأن علاقة ما كانت تربطه بالرئيس الفلسطيني ياسر عرفات «لكنها كانت من بعيد، وسطحية». ويذكر أن قيس كان شابا طموحا ويسعى لتحسين تجارته، فيسافر الى الخارج كثيرا «ولكنه لم يعمل بتهريب المخدرات ولا مرة في حياته. ولا أدري أيضا اذا كان تننباوم يتاجر بها» كما قال.
وروى كامل أنه كان يرى تننباوم مع أخيه قيس في الطيبة وغيرها أحيانا، وكان يراه أيضا مع والده الراحل «الا أنه لم يقم بزيارتنا في البيت أبدا». ونفى أن يكون قيس قد أقام في لندن أو الولايات المتحدة في السابق، وقال: «كل هذا هراء فدائما كان مقيما في الطيبة، الى أن فر خشية اعتقاله في اسرائيل بتهمة ليس له فيها لا ناقة ولا جمل».
واعترف كامل أيضا بأن بعض الناس يخبرون والدته عن أحوال أخيه قيس، بأنه بخير مع زوجته وابنتيه في بلد بالخارج «لكن أحدا منهم لا يؤكد لنا أين هم تماما الآن» كما قال. وذكر أنه رأى قيس آخر مرة قبل 3 سنوات في الطيبة «كان ذلك بأواخر سبتمبر (أيلول) العام 2000، وكانت عندنا زوجة أخي أيمن، المقيم في ألمانيا، وكانت حاملا بشهرها الثامن، ولم ترغب في أن تعود الى هانوفر بمفردها ومعها ابنتاها الوحيدتان، فسافر معها قيس، وهناك بقي عند أيمن يوما أو يومين ثم غادر.. بعدها بأسبوعين سافر تننباوم الى بروكسل، ولا أدري اذا اجتمعا معا هناك، ولكننا لم نعد نرى أخي قيس، فيما أصدر حزب الله اعلانا قال فيه أنه أسر تننباوم، واتهمه بأنه عميل للموساد جاء الى لبنان ليتجسس» .